< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثانی: الجهة الثانية والثالثة من رواية تحف العقول التجارات و الاجارات

 

وأما تفسير التجارات في جميع البيوع ووجوه الحلال من وجه التجارات.[1]

كان الكلام في رواية تحف العقول التي صدر بها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" كتابه في بحث المكاسب المحرمة فقد صدر الكتاب بأربع روايات يستفاد منها ضوابط عامة في حلية وحرمة بعض المعاملات، رواية تحف العقول طويلة تطرقت إلى أربع جهات في المكاسب.

تطرقنا في الدرس السابق إلى الجهة الأولى وهي الولاية فولاية الوالي العادل من جهات مكاسب الحلال وولاية الوالي الجائر من جهات مكاسب الحرام، اليوم إن شاء الله نتطرق إلى الجهة الثانية من جهات المكاسب التي وردت في الرواية وهي التجارة والتجارات ثم بعد ذلك يقع الكلام في الجهة الثالثة الإجارات ثم الجهة الرابعة والأخيرة الصناعات.

في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام رواية تحف العقول وأما تفسير التجارات في جميع البيوع

فما المراد بالبيوع؟ توجد احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأول أن يراد خصوص البيع والشراء فالبيوع جمع بيع ويراد به معاوضة خاصة وهي خصوص معاوضة البيع المتقومة بالبيع والشراء وهذا هو المتبادر من لفظ البيوع.

الاحتمال الثاني أن يراد بلفظ البيوع مطلق المعاوضات لأنه سيذكر فيما بعد في الرواية عنوان الهبة ومن الواضح أن الهبة والهدية ليست بيعاً وإنما هي معاوضة متقومة بطرفين الواهب والموهوب.

الاحتمال الثالث ما يشمل غير المعاوضات أيضاً لأن الرواية سيذكر فيها فيما بعد عنوان العارية ومن الواضح أن العارية ليست معاوضة إذن هذه احتمالات ثلاثة إما خصوص البيع إما مطلق المعاوضات إما ما يعم غير المعاوضات والصحيح أن المراد بلفظ البيوع خصوص البيع والشراء والدليل على ذلك التبادر الذي هو علامة الحقيقة.

وأما ما ذكر من عارية أو هبة فإنما ذكر استطراداً وهذا تام في المحاورات العرفية فقد تشرع في موضوع خاص وهو البيع وفي مقام بيان الأحكام تتطرق إلى عناوين أخرى كعنوان الهبة أو عنوان العارية إذن يحمل لفظ البيوع على خصوص المعاملة الخاصة البيع والشراء.

يذكر الإمام عليه السلام في هذه الرواية عناوين محللة للتجارة وعناوين توجب حرمة هذه التجارة يذكر عنوانين للحلية:

العنوان الأول كل ما هو غذاء للناس وقوام للعباد في أمور معاشهم وصلاحهم من أكل وشرب ولبس فهذا يجوز بيعه وشراءه.

العنوان الثاني كل شيء يكون فيه الصلاح للعباد.

 

التجارة المحللة

قال وأما تفسير التجارات في جميع البيوع ووجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له أن يبيع وكذلك المشتري الذي يجوز له شراءه مما لا يجوز شراءه يعني وكذلك المشتري الذي يجوز له للمشتري شراءه يعني المبيع مما لا يجوز له أن يشتري.

البعض حمل لفظ المشتري المبنية للفاعل على المبني للمجهول قال المشترى إذا حمل هذا اللفظ على المشترى تنعدم المقابلة لأنه العدل الأول أن يبيع البائع العدل الثاني أن يشتري المشتري فإذا حملنا لفظ المشتري المبني للمعلوم على لفظ المشترى المبني للمجهول يلزم التكرار في العبارة يتكرر البائع مرتين، سوف نقرأ العبارة بناء على المبني للمجهول المشترى وسيتكرر البائع مرتين.

ووجوه الحلال من التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له أن يبيع هذا المورد الأول يجوز للبائع وكذلك المشترى الذي يجوز له يعني يجوز للبائع شراءه مما لا يجوز فتصير إذا حملنا اللفظ على المشترى المبني للمجهول يتكرر البائع مرتين إذن الاوفق بالعبارة المشتري وهو الأنسب لمكان المقابلة بين البائع والمشتري، الآن يتكلم عن الوجوه التي توجب صحة وجواز التجارة.

الوجه الأول فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد ليس المراد المأمور به يعني واجب عليك الله أوجب عليك وأمرك به، كل مأمور به يعني كل مباح كل جائز فكل مأمور به مما هو غذاء يعني كل الأمور التي تكون حلالاً بالعنوان الأولي هذا المراد كل مأمور به يعني كل ما هو مباح لك بالعنوان الأولي كل ما هو جائز لك بالعنوان الأولي مما هو غذاء للعباد وقوامهم به يعني قوام العباد به بالمأمور به في أمورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون من جميع المنافع يعني من سائر المنافع التي لا يقيمهم غيرها يعني لا يستطيعوا أن يعيشوا بغير هذه الأغذية كل بلد له أغذية معينة الآن في بلدان الخليج الأرز ولدان شمال أفريقيا ليس الأرز الجريش وغير ذلك بلدان أخرى الخبز بلدان أخرى البرغل، إذن هذا العنوان الأول الغذاء مما هو مباح بالعنوان الأولي.

العنوان الثاني وكل شيء يكون لهم العباد فيه الصلاح من جهة من الجهات يعني من جهات الصلاح فهذا كله هذا كله العنوانين المباح الذي يؤكل والمباح الذي لهم فيه الصلاح فهذا كله حل بيعه وشراءه وإمساكه يعني الاحتفاظ به وهبته وعاريته يعني تصح عليه هذه المعاوضات لوجود عنوان محلل هذا تمام الكلام في وجوه أو وجهي الحلال من التجارة ثم يتكلم عن ثلاثة وجوه لحرمة التكسب أو حرمة التجارة.

وأما وجوه الحرام من البيع والشراء:

الأمر الأول فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه مما هذه من بيانية مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه مثل بيع الأمة التي يحرم وطئها أو ملكه مثل ملكية الكافر للمسلم أو إمساكه يعني لا يجوز لك الاحتفاظ به مثل كتب الضلال يحرم الامساك بكتب الضلال والاحتفاظ بها أو هبته لا يجوز هبته مثل هبة العبد المسلم للكافر ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا﴾[2] كيف تهب هذا العبد المسلم إلى كافر، الكافر لا سلطنة له على العبد المسلم فلا تصح هذه الهبة.

وأما وجوه الحرام من البيع والشراء:

الأمر الأول فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو امسكاه أو هبته أو عاريته.

العنوان الثاني أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد، أو شيء هذا معطوف على قوله فكل أمر، العنوان الأول كل أمر يكون فيه الفساد العنوان الثاني كل شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد يعني تارة هذا الشيء فيه الفساد وأحياناً هذا الشيء فيه وجه من وجوه الفساد مثل أو شيء يعني أو كل شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا البيع ما فيه فساد البيع بالربا الذي فيه فساد العنوان الأول نفس الشيء فيه فساد بيع العبد المسلم على الكافر فيه فساد لكن العنوان الثاني البيع ليس فيه اشكال لكن البيع الذي فيه ربا البيع بالربا مشكل أو بيع الميتة أو بيع الدم إن كان الآن بيع الدم لغرض محلل سيأتي لا إشكال فيه، طبعاً أيام الشيخ الأنصاري لم يترتب على بيع الدم غرض محلل لكن في هذا الزمان تبيع الدم من أجل إنقاذ حياة الناس هذا أمر سائغ، أو بيع لحم الخنزير أو لحوم السباع تبيع لحوم السباع من صنوف سباع الوحش ذئب مثلاً أو الطير أو جلودها أو الخمر هذا كله فيه جهة من جهات الفساد.

العنوان الثالث أو شيء من وجوه النجس هذا أو شيء نفس ؟؟ ولذلك قلنا هذه الرواية أشبه بعبائر الفقهاء وأما وجوه الحرام من البيع والشراء واحد فكل أمر يكون فيه الفساد اثنين أو كل شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد ثلاثة أو كل شيء فيه وجه من وجوه النجس فهذا كله حرام محرم لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه، ما المراد بالتقلب فيه؟ استعماله، فجميع تقلبه يعني جميع استعماله في ذلك حرام، في ذلك يعني شتى أنحاء التقلب حتى البيع والشراء.

العنوان الرابع وكذلك كل مبيع ملهو به مثل آلات اللهو والفساد الغيتار وغيره الأدوات الموسيقية التي توجب اللهو هذا أيضاً لا يجوز التجارة بها.

العنوان الخامس وكل منهي عنه مما يتقرب به لغير الله "عز وجل" مثل بيع الصليب والأصنام، الأصنام والصليب يتقرب بها إلى غير الله "عز وجل" لا يجوز،

عنوان آخر أو يقوى بها الكفر والشرك في جميع وجوه المعاصي، عنوان آخر أو باب يوهن به الحق فهو حرام محرم بيعه وشرائه وإمساكه وملكه وهبته وعاريته وجميع التقلب فيه جميع الاستعمالات يوجد استثناء واحد إلا في حال تدعو الضرورة فيه إلى ذلك فالضرورات تبيح المحذورات.

 

هذا تمام الكلام في العنوان الثاني إذن الجهة الأولى الولاية الجهة الثانية التجارة.

الجهة الثالثة الإجارة هناك إجارة محللة وهناك إجارة محرمة، وأما تفسير الإجارات فإجارة الإنسان نفسه، يؤجر نفسه حمال مثلاً أو ما يملك أو يؤجر ما يملكه سيارة يؤجرها بيت يؤجره أو ما يلي أمره أو إجارة ما يلي أمره يعني الأمور التي يليها مثل من قرابته أبنه مثلاً أو دابته سيارته أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الإجارات.

وأما تفسير الإجارات فإجارة الإنسان نفسه أو ما يملك أو ما يلي أمره بوجه الحلال يعني من جهة الحلال من جهات الإجارات يعني من أقسام الإجارات أو يؤجر نفسه الآن ما الفرق بين إجارة الإنسان نفسه أو يؤجر نفسه؟ قالوا أو يؤجر نفسه يعني عقد يعمل عقد إجارة الإنسان نفسه لا يوجد عقد أو يؤجر نفسه يوجد عقد وإلا ستتكرر الآن بعض الأمور يؤجر نفسه أو داره أو ارضه أو شيء يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع أو العمل بنفسه وولده ومملوكه وأجيره من غير أن يكون وكيلاً للوالي أو والياً للوالي يعني تكون هذا المال الذي يحصل عليه من جهة الإجارة لا من جهة الوالي وكونه وكيل للوالي يقوم بهذا العمل كونه منصب من جهة الوالي أو وكيل من جهة الوالي فيحصل على المال فهنا حصل على المال من جهة الولاية لا من جهة الإجارة الوالي عين فلان والياً على المنطقة الفلانية محافظ عينه محافظ له راتب هذا الراتب على الولاية لكن أحياناً لا يكون أجير مثلاً يشتغل سائق عند الوالي هذه إجارة من غير أن يكون وكيلاً للوالي أو والياً للوالي فلا بأس أن يكون أجيراً يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته، خب الولد من القرابة ما الفرق بينهما؟ بعضهم قال إن المراد بالقرابة ولد الولد والأمر سهل هذا من باب عطف العام على الخاص ما فيه شيء أو ولده أو قرابته أو ملكه عنده ملك من الأملاك يؤجره سكن مثلاً يؤجره أو وكيله في إجارته ما المراد هنا في وكيله في الإجارة؟ يؤجر وكيله في الإجارة بعضهم يقول أن يستأجر أجيراً ثم يؤجره يعني هذا الخياط يقول أنا استأجرك للخياطة، خياطة يوم خياطة شهر ثم يؤجر هذا الخياط على الغير فيصير هذا الخياط وكيله في إجارته.

البعض فسرها هكذا يستأجر شخص أجير ثم يقوم بتأجيره لآخر لأنه ملك منافعه لأنهم وكلاء الأجير من عنده لأنهم الموارد المتقدمة كلهم الولد والقرابة وما يملكه ووكيله في الإجارة وكلاء الأجير من عنده يعني من قبل نفس الأجير ليس هم بولاة الوالي هم لا يكدحون بما هم عمال الوالي وولاة الوالي وإنما لأنهم أجراء أجرهم ولي النعمة الأب وغير ذلك نظير الحمال الذي يحمل شيئاً معلوماً بشيء معلوم فيحمل ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه أو بملكه يعني بمملوكه أو دابته أو يؤجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه أو بمملوكه أو قرابته أو بأجير من قبله يعني استأجر أجير ثم يؤجره فهذه وجوه من وجوه الإجارات حلال لمن كان من الناس ملكاً أو سوقة يعني سواء كان هذا الشخص ملكاً أو سوقة، ما المراد بالسوقة؟ الرعية ومن هم دون الملك يقال لهم سوقة أو كافراً أو مؤمناً فحلال إجارته وحلال كسبه من هذه الوجوه هذه العبارة مقطع يستفاد منه الحلية التكليفية ومقطع يستفاد منه الحلية الوضعية.

فحلال إجارته يستفاد منه الحلية التكليفية وحلال كسبه هذه الوجوه يستفاد منه الحلية الوضعية حلال كسبه يعني المعاملة صحيحة ولأن المعاملة صحيحة كان الكسب حلالاً هذا تمام الكلام في بيان وجوه الإجارة الحلال الآن يبين وجوه الإجارة المحرمة.

فأما وجوه الحرام من وجوه الإجارة نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله أو شربه، يؤجر نفسه يحمل خمر يحمل لحم خنزير أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء أو حفظه يستأجرونه لكي يعصر خمر أو يحتفظ بالخمور، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضراراً، قد تهدم المساجد لا ضراراً تهدم المسجد حتى تبنيه تهدم قسم من المسجد حتى ترممه ما فيه اشكال، الاشكال في هدم المساجد ضراراً أو قتل النفس بغير حق تشتغل سياف عند الظالم فلان محكوم بالإعدام أنت تطلق عليه الرصاص أو تضربه بالسيف هذا قتل النفس بغير حق، أحياناً قتل النفس بحق كالقصاص أو المحكوم بالإعدام بحق لكونه قاتلاً أو عمل التصاوير والأصنام، تصوير ذوات الأرواح يعمل العاب أطفال هذه الألعاب التي فيها مثلاً صورة بنت كامل ؟؟ مشكل، والمزامير والبرابط، مزامير جمع مزمار معروفة أدوات اللهو والبرابط والخمر والخنازير والميتة والدم أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرماً عليه من غير جهة الإجارة فيه.

يعني أحياناً يكون الشيء محرم في حد نفسه وأحياناً يكون هذا الشيء إجارته فيها إشكال وكل امير منهي عنه من جهة من الجهات فحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه مثلاً عصر الخمر أو له يعني يكون ليس إجارة فيه إجارة له يعني مقدمة له يعني يذهب يجلب العنب لكي يعصره هو ليس شغلته يعصر الخمر ولكن يشتري العنب له لعمل الخمر يعني مقدمة له هذا أيضاً حرام يؤجر نفسه له.

فمحرم على الإنسان أمر منهي عنه ما هو المنهي عنه؟ الخمر صناعة الخمر وشرب الخمر، وكل أمر منهي عنه من جهة من الجهات فمحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه صنع المسكر أو له يعني مقدمة لتحقق المسكر أو شيء منه يعني يؤجر نفسه على إيجاد جزء منه، هو لا يعصر الخمر لكن ينقع العنب هذا أيضاً حرام، أو له يعني يؤجر لمقدمة يقصد بها التوصل لجزء الحرام لا لكل الحرام يعني افترض هذه مادة إذا يضعونها في الوسكي أو الخمر تجعل طعمه يصير رائع أعاذنا الله وأجارنا فهو شغلته يذهب إلى السوق ويشتري هذه المادة إلا لمنفعة من استأجره كالذي يستأجر له الأجير ليحمل الميتة ينحيها عن اذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك إلى أن قال وكل من آجر نفسه أو ما يملك أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة على ما فسرنا مما تجوز للإجارة فيه يعني من الأشياء التي تجوز الإجارة فيه فحلال محلل فعله وكسبه، محلل فعله هذه حلية تكليفية وكسبه هذه حلية وضعية، هذا تمام الكلام في بيان الجهة الثانية والثالثة وأما تفسير الصناعات يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الكرام

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo