< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثامن عشر: بيع كلب الماشية والحائط

 

الثالث كلب الماشية والحائط وهو البستان والزرع والأشهر بين القدماء على ما قيل المن

لا زلنا نتكلم في المسألة الثانية التي ذكرها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في مستثنيات بيع الأعيان النجسة وهو الكلب.

الكلب على أقسام:

القسم الأول الكلب السلوقي واتضح أنه القدر المتيقن من الروايات ومعاقد الإجماع فهناك إجماع على جواز بيع الكلب السلوقي.

الثاني كلب الصيد مطلقاً وإن لم يكن سلوقياً واتضح أن الصحيح هو جواز بيع كلب الصيد.

يبقى الكلام في القسم الثالث وهو كلب الماشية يعني الذي يحرس الماشية يحرس الأغنام وكلب الحائط، حائط كناية عن البستان والفارق بين البستان والزرع أن البستان ما يحوط بحائط بخلاف الزرع قد لا يكون له حائط فيوجد كلب لحراسة هذا البستان وهذا الحائط فهل يجوز بيع كلب الماشية والبستان أو لا؟

الجواب منع بالنسبة إلى المتقدمين من محدثين ومجتهدين، عندنا محدثون كثقة الإسلام الكليني صاحب الكافي والصدوق الأب علي بن الحسين بن بابويه القمي والصدوق الابن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه والكتب الكثيرة فهؤلاء ومن تقدمهم أوردوا روايات هذه الروايات دلت على جواز بيع خصوص الكلب السلوقي فيفهم أن ما عدا الكلب السلوقي على المنع على مقتضى الأصل لأن الكلب من الأعيان النجسة لا يصح بيعه فيفهم من هذه الروايات المنع من بيع كلب الماشية وكلب الزرع وهكذا بالنسبة إلى المجتهدين كالشيخ المفيد "رحمه الله" والشيخ الطوسي، الشيخ المفيد والقاضي بن البراد والسيد بن زهرة والمحقق الحلي ويحيى بن سعيد الحلي فهم على المنع إذن القول الأول قول المتقدمين من محدثين ومجتهدين، المنع من بيع كلب الماشية، نعم ابتداء بالشيخ الطوسي ومن تأخر عنه قيل بالجواز فيجوز بيع كلب الماشية وكلب الحائط ثم بعد هؤلاء المتقدمين يأتي متأخر المتأخرين كالشيخ يوسف البحراني وغير ذلك أكثر المتأخرين على الجواز عدا ثلة قليلة كصاحب الحدائق هم على المنع.

إلى هنا ذكرنا الأقوال في المسألة ونقرأها يبقى الكلام في مقتضى الصناعة العلمية نقول قول المتقدمين وقول القدماء وهو المنع أوفق بعمومات الروايات لأن الروايات تقول الكلب الذي لا يصيد ثمنه سحت وهذا يصدق على كلب الماشية وكلب الحائط فتشمله العمومات الناهية عن بيع ما عدا الكلب السلوقي أو ما عدا الكلب الذي يصيد.

الثالث كلب الماشية والحائط وهو البستان والزرع والأشهر بين القدماء على ما قيل المنع،

من القائل؟ القائل الشيخ احمد النراقي في المستند والسيد المجاهد في المناهل صفحة 276[1] مستند الجزء الثاني صفحة 334 [2] ولعله استظهر ذلك يعني استظهر المنع من الأخبار الحاصرة لما يجوز بيعه في الصيود المشتهرة بين المحدثين يعني هذه الأخبار الحاصرة المشتهرة بين المحدثين كالكليني والصدوقين الأب والابن ومن تقدمهم لأنهم دونوا هذه الروايات في أصولهم وكتبهم فيفهم أن رأيهم هو هذا، الآن الشيخ الصدوق كتاب من لا يحضره الفقيه هذا عبارة عن كتاب فتاوى رسالة عملية للصدوق حينما بلغ بعض المدن في إيران فقالوا له جاءنا الرازي وحينما سافر كتب لنا كتاب من لا يحضره الطبيب، أنت فقيه وتسافر عنا فاكتب لنا كتاباً فكتب لهم من لا يحضره الفقيه وهنا نكتة وهي اسم الكتاب كتاب من لا يحضره الفقيه وليس اسم من لا يحضره الفقيه، لفظة كتاب جزء العنوان كتاب من لا يحضره الفقيه.

بل وأهل الفتوى الأصوليين كالمفيد والقاضي سيأتي التأمل في القاضي، المفيد في المقنعة القاضي إذا نراجع كلامهم في كتاب المهذب لا نجد ما يدل على المنع نعم العلامة الحلي في مختلف الشيعة نسب المنع إلى القاضي صفحة 341 [3] من نسخة الحجرية من المختلف وابن زهرة في الغنية وابن سعيد يحيى بن سعيد أبن عم المحقق الحلي صاحب الشرائع له كتاب اسمه نزهة الناظر والمحقق الحلي في الشرائع بل ظاهر الخلاف الشيخ الطوسي والغنية للسيد بن زهرة الإجماع عليه يعني على المنع من بيع الكلاب غير الكلاب المشهور جواز بيعها وهو خصوص الكلب السلوقي أو الصيود.

إلى هنا ذكر القول الأول وهو المنع من بيع كلب الماشية والحائط.

القول الثاني الجواز قول الشيخ الطوسي نعم المشهور بين الشيخ الطوسي ومن تأخر عنه الجواز يعني جواز بيع كلب الماشية والحائط وفاقا للمحكي عن ابن الجنيد "قدس"، ابن الجنيد من القدماء لما يقولون القديمان يعني العماني وتلميذه، حيث قال لا بأس بشراء الكلب الصائد هذا الصنف الأول، الثاني والحارس للماشية، الثالث والزرع يعني والحرس للزرع ذكر ثلاثة ثم قال لا خير في الكلب فيما عدا الصيود والحارس هذه العبارة لا خير في الكلب فيما عدى الصيود والحارس إذا كانت ناظرة إلى العبارة الأولى تصير مختصة بالأصناف الثلاثة وهم الكلب الصائد والحارس للماشية والحارس للزرع هذا إذا ناظر إلى نحمل الصيود والحارس على الصيود الكلب الصائد، الحارس يعني الحارس بخصوص الماشية والزرع وأما إذا العبارة الثانية غير ناظرة إلى العبارة الأولى يعني مطلق الحارس حتى لو يحرس بناية يشمله لذلك قال وظاهر الفقرة الأخيرة لو لم يحمل على الأولى يعني لو لم يحمل معناها على الفقرة الأولى ذات الأقسام الثلاثة الظاهر جواز بيع الكلاب الثلاثة الكلب الصائد والحارس للماشية والحارس للزرع وغيرها كحارس الدور وحارس الخيام وحكي الجواز أيضا عن الشيخ الطوسي والقاضي بن البراد في كتاب الإجارة من المبسوط للشيخ الطوسي والمهذب للقاضي بن البراد وعن سلّار في المراسم وأبي الصلاح الحلبي صاحب كتاب الكافي إذا نراجع كتاب الكافي كما في الحاشية لم يجدوا فتوى في الجواز بالكافي وابن حمزة في الوسيلة وابن إدريس في السرائر وأكثر المتأخرين كالعلامة وولده السعيد، العلامة الحلي جمال الدين يوسف بن المطهر وولده السعيد فخر المحققين صاحب إيضاح الفوائد في شرح القواعد ابن العلامة أقوى من أبوه في العقليات دقيق فخر المحققين في العقليات ولكن الأب أقوى في النقليات في الفقه هذا يحتاج إلى بحث وتتبع.

والشهيدين الشهيد الأول في الدروس الشرعية والشهيد الثاني في الروضة البهائية، الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي والشهيد الثاني زين الدين الجبل عاملي، والمحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي في جامع المقاصد وابن القطان في المعالم، كتابه معالم الدين في فقه آل ياسين مخطوط والصيمري في تلخيص الخلاف الجزء الثاني صفحة 79 [4] وابن فهد الحلي المدفون في كربلاء وغيرهم من متأخر المتأخرين مثل الفاضل الآبي في كشف الرموز الفاضل المقداد السيوري في التنقيح الرائع لمختصر الشرائع والمحقق الأردبيلي في كتاب مجمع الفائدة والبرهان، كل هؤلاء على جواز بيع كلب الماشية وكلب الزرع عدا قليل يعني قالوا بالمنع وافق المحقق صاحب الشرائع قليل من متأخر المتأخرين كالسبزواري في كتاب كفاية الأحكام والتقي المجلسي الأب والد صاحب البحار وصاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة والعلامة الطباطبائي في مصابيح الأحكام السيد محمد مهدي بحر العلوم وفقيه عصره في شرح القواعد الشيخ جعفر كاشف الغطاء إلى هنا أخذنا الأقوال.

شيخنا الأنصاري يقول هذا موافق للقواعد لأنه عندنا عمومات متقدمة أنه يجوز بيع السلوقي ولا يجوز بيع غير الصيود من الكلاب غير الصيود ينطبق على كلب الماشية وكلب الحائط، قال وهو يعني المنع عن بيع كلب الماشية والحائط هو الأوفق بالعمومات المتقدمة الروايات المتقدمة عامة المانعة يعني المانعة من بيع غير الصيود من الكلاب، إذ لن نجد مخصصاً لها نعم هذه الروايات وأقوال الفقهاء يمكن تخصيصها بثلاثة أمور ثلاثة أقوال

الأول عن الشيخ الطوسي "رحمه الله" في المبسوط

والثاني قول العلامة في التذكرة

والثالث المحكي عن الشهيد الأول في الحواشي.

إذ لم نجد مخصصاً لها سوى الأمر الأول ما أرسله الرواية المرسلة في المبسوط للشيخ الطوسي من أنه روي ذلك يعني روي المنع عن بيع الكلب الذي لا يصيد يعني جواز البيع في كلب الماشية والحائط هذا ما دام رواية مرسلة يعني ضعيفة السند ضعف السند وضعف الدلالة يجبر بعمل الأصحاب بهذه الرواية بناء على مسلك المشهور من أن عمل الأصحاب برواية يجبر ضعفه المنجبر قصور سنده، قصور سند ما أرسله وقصور دلالته لكن المنقول مضمون الرواية لا معناها ولا ترجمتها يعني نص الرواية ما مذكور أصلا مضمونها باشتهاره بين المتأخرين، قصور سنده ودلالته باشتهاره بين المتأخرين بل ظهور الاتفاق المستفاد من قول الشيخ الطوسي في كتاب الإجارة إن أحدا لم يفرق بين بيع هذه الكلاب وإجارتها ومن الواضح أن إجارة هذه الكلاب كلب الماشية جائز ما دام ما فرقوا بين الإجارة والبيع فيصير بيعها جائز بعد ملاحظة الاتفاق على صحة إجارتها ـ إجارة كلب الماشية والحائط ـ هذا الشاهد الأول.

الشاهد الثاني ومن قوله العلامة في التذكرة يجوز بيع هذه الكلاب عندنا يعني عند الإمامية والتذكرة فقه مقارن.

الثالث ومن المحكي عن الشهيد في الحواشي إن أحداً لم يفرق بين الكلاب الأربعة يعني الكلب السلوقي وكلب الصيد وكلب الماشية وكلب الحراسة فتكون هذه الدعاوي الثلاث دعوى الشيخ الطوسي في المبسوط ودعوى العلامة في التذكرة والدعوى التي حكيت عن الشهيد في الحواشي قرينة على حمل كلام من اقتصر على كلب الصيد على المثال المطلق يعني كلب الصيد كناية عن الكلب الذي له منفعة وبعبارة أصولية عنوان الصيد لم يؤخذ على نحو الموضوعية بل أخذ على نحو الطريقية فعنوان الصيد يراد به وجود فائدة ومنفعة محللة مقصودة عند العقلاء والمنفعة المحللة والمقصودة موجودة في الكلب السلوقي وفي كلب الصيد وكلب الماشية وكلب الحراسة فعنوان الصيود لا خصوصية فيه لذلك يقولون الأصل في العناوين هو الموضوعية لا الطريقية رفع اليد عن الموضوعية والحمل على الطريقية يحتاج إلى قرينة بالتالي كلب الصيد الأصل فيه الموضوعية يعني هناك خصوصية للصيد ولا يرفع اليد عن خصوصية الصيد إلى الطريقية يعني مطلق المنفعة المحللة المقصودة في الكلاب إلا بقرينة هذه القرينة الكلمات الثلاث للشيخ في المبسوط والعلامة في التذكرة والشهيد في الحواشي من أن الفقهاء لم يفرقوا بين الكلاب الأربعة فتكون هذه الدعاوى قرين على حمل كلام من اقتصر على كلب الصيد هذا تحمله على المثال لمطلق ما ينتفع به منفعة محللة مقصودة كما يظهر ذلك أن المراد من كلب الصيد الذي له منفعة محللة مقصودة من عبارة ابن زهرة في الغنية حيث اعتبر أولا في المبيع يعني اشترط أن يكون مما ينتفع به منفعة محللة مقصودة ثم قال واحترزنا بقولنا ينتفع به منفعة محللة عما يحرم الانتفاع به ويدخل في ذلك يعني فيما يحرم الانتفاع به نص على موردين:

الأول النجس إلا ما خرج بالدليل من الكلب المعلم للصيد.

الثاني والزيت النجس لفائدة الاستصباح تحت السماء ومن المعلوم بالإجماع والسيرة جواز الانتفاع بهذه الكلاب المعلمة للصيد لم يقل فقط بخصوصية الصيد ذكر نكتة عامة منفعة محللة مقصودة أهم من منفعة الصيد مثل الحراسة، الحراسة اليوم أهم من الصيد فيجوز بيعها ـ الكلاب ـ لوجود القيد الذي اعتبره فيها وهو الانتفاع بها فائدة محللة مقصودة وأن المنع من بيع النجس منوط بحرمة الانتفاع فينتفي بانتفائها يعني فينتفي المنع بانتفاء حرمة الانتفاع، هذا تمام الكلام في تنقيح هذا المطلب أن المدار في جواز بيع الكلب النجس العين على وجود فائدة محللة مقصودة هل هذا الكلام فيه تأييد من كلمات العلماء كالعلامة الحلي هذا ما نبحثه في الدرس القادم، ويؤيد ذلك كله ما في التذكرة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo