< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الواحد والعشرون: المناقشة في أدلة المنع عن بيع العصير العنبي

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما الأدلة الخاصة فهي مسوقة للنهي عن بيعه بعد الغليان.[1]

كان الكلام في المسألة الثالثة وهي مسألة جواز بيع العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه، ذهب الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" إلى جواز بيع العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه ثم قال لم أجد مصرحا بخلاف ذلك ولم أجد من قال بعدم الجواز إلا صاحب مفتاح الكرامة وبعض المعاصرين، صاحب مفتاح الكرامة ذكر أربعة أدلة:

الدليل الأول التمسك بالعمومات، ما في تحف العقول أو شيء من وجوه النجس أو التمسك بالنبوي المشهور (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) وتم الجواب عليها وهي أنها ناظرة إلى الأعيان النجسة لا الأعيان المتنجسة وموطن بحثنا هو الأعيان المتنجسة وذكر روايات خاصة من هذه الروايات الخاصة مذكورة صفحة 63 [2] قوله "عليه السلام" (وإن غلا فلا يحل بيعه) تدل على عدم حلية بيع العصير العنب والرواية الأخرى مرسل بن الهيثم إذا تغير عن حاله وغلا فلا خير فيه.

الشيخ الأنصاري يقول هذه الروايات ليس النهي فيها نهياً تحريمياً بل النهي فيها نهي إرشادي، إرشاد إلى أن العصير العنبي إذا غلا ولم يذهب ثلثاه أصبح نجسا هذا من مثيل بيع الدبس والخل المتنجس من دون إعلام المشتري فحينما يقول الشارع لا تبع الزيت أو الخل فهنا ليس المراد حرمة بيع الدبس أو بيع الخل وإنما إشارة وإرشاد إلى اشتراط إعلام المشتري بنجاسة المبيع فهنا الرواية تقول وإن غلا فلا يحل بيعه، يعني لا يحل بيعه على من؟ لم يعلم بغليانه ولكن إذا أعلمت أنه غلا ولم يذهب ثلثاه وقبل أن يشتريه فهذا العصير العنبي الذي غلا ولم يذهب ثلثاه له مالية إذا له مالية تصح المعاوضة عليه وهكذا الرواية إذا تغير عن حاله وغلا فلا خير فيه يعني يصبح نجساً إذا أصبح نجس لابد من إعلام من تبيعه بنجاسته إذن هذه الروايات الخاصة لا تحمل على النهي التكليفي التحريمي بل تحمل على النهي الإرشادي هي من مثيل بيع النجس وجواز بيع النجس يعني بيع المتنجس، بشرط إعلام من يشتريه بأنه متنجس ينبغي تطهيره.

قال وفي الجميع نظر يعني في جميع الأدلة التي استدل بها صاحب مفتاح الكرامة على المنع نظر وتأمل، أما في العمومات فلما تقدم من أنها ناظرة إلى العنوانات النجسة والأعيان النجسة دون الأعيان المتنجسة فهي خارجة تخصصا عن مورد بحثنا وهو العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه، وأما الأدلة الخاصة يعبر عنها وخصوص بعض الأخبار مثل قوله "عليه السلام" وإن غلا فلا يحل بيعه، لا تحمل لا يحل بيعه يعني لا يجوز بيعه وإن غلا فلا يحل بيعه يعني لنجاسته، نعم لو أخبرت بنجاسته جاز يقول وأما الأدلة الخاصة فهي مسوقة للنهي عن بيعه ـ بيع العصير العنب ـ بعد الغليان يعني وقبل ذهاب الثلثين نظير ومثيل بيع الدبس والخل يعني المتنجسين ليس مطلق الدبس والخل، الدبس والخل المتنجسين وفي الحقيقة هذا النهي يعني في الروايات كناية عن عدم جواز الانتفاع بالعصير العنب ما لم يذهب ثلثاه فلا يشمل هذا النهي بيعه ـ بيع العصير العنب المغلي ـ لكن بقصد التطهير مع إعلام المشتري يعني بغليانه وتنجسه نظير بيع الماء النجس الذي يجوز بيعه بشرط إعلام المشتري بتنجسه.

شيخنا الأنصاري في النهاية يقول هذه الروايات يمكن التصرف فيها، يمكن مناقشتها سنداً ودلالة هذه الأدلة العامة والخاصة فيسقط الدليل الاجتهادي فيسقط الدليل المحرز فنرجع إلى الأصول العملية، أصول العملية ماذا عندنا هنا؟ عندنا استصحاب كنا على يقين من مالية العصير العنب قبل غليانه نشك في بقاء ماليته بعد غليانه لا تنقض اليقين بالشك نستصحب مالية العصير العنب بعد غليانه وعدم ذهاب ثلثيه فتكون النتيجة العصير العنب له مالية فيصح بذل المال في مقابله ولا يكون بذل المال في مقابله أكل للمال بالباطل.

قال وبالجملة بشكل عام فلو لم يكن يعني من أدلة جواز بيع العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه، إلا استصحاب ماليته ـ استصحاب مالية العصير العنب الذي غلا ولم يذهب ثلثاه ـ فلو لم يكن إلا استصحاب ماليته وجواز بيعه كفى يعني كفى في إثبات جواز بيعه يعني الأدلة المعارضة العامة والخاصة غير تامة والأصل أصيل حيث لا دليل فحيث قد قام الدليل فإلى الأصل لا نميل فإذا كان الدليل عليل فإلى الأصل لابد أن نميل بعد الاستصحاب يكون محكم لأن الاستصحاب دليل فقاهتي والروايات دليل اجتهادي، الاستصحاب أصل عملي والروايات دليل محرز ما تم الدليل المحرز نرجع إلى الأصل العملي.

يقول الشيخ الأنصاري لم أجد من تعرض لهذه المسألة بشكل صريح نعم المتأخرين مثل صاحب الجواهر والسيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة والشيخ احمد النراقي في مستند الشيعة تعرضوا إلى هذه المسألة بشكل صريح قال ولم أعثر على من تعرض للمسألة يعني جواز بيع العصير العنب بعد غليانه وعدم ذهاب ثلثيه صريحاً هذه صريحا في مقابل ماذا؟ هذه صريحاً السطر قبل الأخير من هذه الصفحة 63 [3] راجع السطر قبل الأخير من صفحة المقابلة 62[4] قال ويمكن أن ينسب جواز بيع العصير إلى كل من قيد الأعيان النجسة المحرم بيعها بعدم قابليتها للتطهير يعني هناك صريحاً يعني بالمدلول المطابقي هنا قال ويمكن أن ينسب هناك قال من قيد جواز بيع الأعيان النجسة بقبولها للتطهير يرى أنه يجوز بيع العصير العنب لأنه قابل للتطهير هناك من قال يحرم بيع الأعيان النجسة لأنها غير قابلة للتطهير وإذا صارت قابلة للتطهير مثل العصير العنب؟ يجوز لكن هذا يجوز لم يصرح بها هذا استنباط من عندنا هذا لازم ولذلك ناقشنا قلنا اللازم يكون حجة في كلام المعصوم أما في كلام الفقيه إذا كان ملتفتاً إليه يمكن أن نحتج عليه.

ولم أعثر على من تعرض للمسألة صريحا

أي مسألة؟ جواز بيع العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه، عدا جماعة من المعاصرين العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 12[5] الشيخ النجفي في جواهر الكلام الجزء 22 صفحة 8 [6] والشيخ احمد النراقي في المستند الجزء 2 صفحة 332[7] .

نعم قال المحقق الثاني الكركي في حاشية الإرشاد في ذيل قول المصنف ـ العلامة الحلي ـ ولا بأس ببيع ما عرض له التنجيس مع قبوله التطهير يعني بشرط أن يكون قابلاً للتطهير، هذا نص كلام العلامة الحلي في إرشاد الأذهان.

هنا أشكل عليه المحقق الثاني قال إذن يلزم أن الأصباغ المتنجسة لا يجوز بيعها لأن الصبغ لا يقبل التطهير لأن الصبغ ماء مضاف والماء المضاف ينجس بمجرد الملاقاة ولا يطهر إلا بذهاب حقيقته بأن يخرج من حقيقة الماء المضاف ويصبح ماء مطلقاً الصبغ ما دام صبغا فهو ماء مضاف ينجس بمجرد الملاقاة هذه من المسائل المستحدثة.

مثلا عامل يشتغل في بئر نفط جرحت يده وسقط الدم في البئر مقتضى الصناعة العلمية كل البئر نجس لأن النفط ماء مضاف والماء المضاف ينجس بمجرد الملاقاة ولا يقبل التطهير إلا إذا خرج عن حقيقته

فهل تلتزمون بذلك؟ المشهور هو هذا ولكن هناك رأي فقهي للسيد محسن الحكيم "رضوان الله عليه" والشيخ محمد أمين زين الدين في كلمة التقوى وفي تعليقته على العروة الوثقى يفصل في الماء المضاف يقول الماء المضاف إذا بلغ من الكثرة عرفا يعني كثرة كثيرة بحيث يرى العرف أنه لا ينفعل بمجرد الملاقاة وإنما ينفعل بالتغير فيلتزمون أنه بالنسبة إلى آبار النفط ما تتنجس بمجرد ملاقاتها للنجاسة وإنما تتنجس إذا حصل التغير الفعلي بأن تغيرت إحدى الصفات إما اللون أو الطعم أو الرائحة.

الآن المحقق الكركي يشكل على كلام العلامة الحلي إذا التزمت بهذا القيد قبوله التطهير يلزم أن الأصباغ بعد ما تطهر لأنها ما تقبل الطهارة بعد ما يجوز بيع الصبغ إلا إذا يابس وإذا يابس ما الفائدة من بيع الصبغ اليابس.

وفيه قيد العلماء قبوله التطهير يعني فيما يشترط فيه التطهير مثل الأمور المتوقفة على الأكل لا يجوز أكل النجس فبالنسبة إلى الماء والأكل يعني ما يشرب وما يؤكل هذا يشترط قبوله للتطهير وأما إذا لم يؤكل ولم يشرب ما المانع هذا صبغ نجس ونصبغ به البيت لا مانع من ذلك يعني يجوز بيع الصبغ المتنجس إذا لم يستخدم فيما يشترط فيه الطهارة، أحيانا تستخدمه تصبغ الطهارة وتصلي بها هذا مشكل لكن أنت لا تريد أن تصبغ الثياب تريد تصبغ لافتة إعلانات ما المانع من ذلك.

يقول العلامة الحلي ولا بأس ببيع ما عرض له التنجيس مع قبوله التطهير بعد الاستشكال يعني بعد استشكال المحقق الثاني على هذه العبارة للعلامة الحلي، ما هو إشكاله؟ قال بلزوم عدم جواز بيع الأصباغ المتنجسة بعدم يعني نظراً لعدم قبولها التطهير والحال أن هذا لا يلتزم به والحال أن الفقهاء يرون جواز بيع الأصباغ النجسة هذا إشكال نقضي ودفع ذلك محقق الكركي دفع الإشكال عن المحقق العلامة الحلي، ودفع ذلك الاستشكال بقبولها يعني بقبول الأصباغ المتنجسة، له يعني للتطهير بعد الجفاف يعني قبل الجفاف لا تقبل لأنها ماء مضاف بعد أن جفت تقبل التطهير.

نعم قال المحقق الثاني في حاشية الإرشاد ولو تنجس العصير، الآن الشاهد الشيخ الأنصاري يقول هذا العصير أي عصير، عصير المانكو الذي

يبيعونه في السوق؟ يقول لا الكركي مقصوده من العصير خصوص العصير العنب لقرينتين، قال المحقق الثاني في حاشية الإرشاد ولو تنجس العصير ونحوه فهل يجوز بيعه على من يستحله فيه إشكال

ما هو وجه الإشكال؟ النجاسة لأنه نجس ما يصح بيعه، ثم ذكر أن الأقوى العدم يعني عدم جواز البيع لعموم ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾[8]

سؤال شيخنا الأنصاري ما هو دليلك على أن المراد بالعصير هنا خصوص العصير العنب مع أن التعبير مطلق، العصير مطلق العصير كيف تحمل الـ على الـ العهدية العصير العنب؟ يقول قرينتين القرينة الأولى قال على من يستحله لو العصير منكه أو بطيخ ما يذكره على من يستحله فمن قوله على من يستحله واضح أنه ناظر إلى العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه فهو نجس عندنا ما نستحله لكن الكفار يستحلونه والقرينة الثانية الاستدلال﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

إذا عصير منكه تكون تستأنس كيف تقول ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾؟

الشيخ الأنصاري يريد أن يثبّت أن المحقق الكركي ليس من أنصار صاحب مفتاح الكرامة، صاحب مفتاح الكرامة يقول لا يجوز بيع العصير العنب إذا غلا ولم يذهب ثلثاه يريد أن يقول المحقق الكركي يرى الجواز لأن اشترط قابلية التطهير يعني يجوز البيع مع إعلام المشتري.

قال والظاهر أنه ـ أن الكركي ـ أراد يعني قصد بيع العصير للشرب من غير التثليث يعني ما يجوز بيع العصير إلى الشرب،

ما يجوز لماذا؟ من أجل التثليث يعني بسبب التثليث يعني لم يذهب ثلثاه، كما يظهر من قرينتين

القرينة الأولى الدالة على أن مراده العصير العنب كما يظهر من ذكر المشتري،

أين المشتري؟ حينما قال فهل يجوز بيعه على من يستحله يعني اشتراط أن يكون المشتري ممن يستحل العصير فهذا يدل على أن المراد بالعصير هو خصوص العصير العنب،

القيد الثاني والدليل، الدليل وهو ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ هذا يصدق على العصير العنب ولا يصدق على مطلق العصير، فلا يظهر منه يعني من كلام المحقق الكركي حكم بيعه يعني حكم بيع العصير العنب على من يطهره يعني على من يطهر العصير يعني الخلاصة عبارة المحقق الكركي ليست مؤيدة لكلام صاحب مفتاح الكرامة، صاحب مفتاح الكرامة يقول العصير العنب لا يجوز بيعه مطلقاً على من يطهره ومن لا يطهره بينما عبارة المحقق الكركي ناظرة إلى حكم العصير العنب مع عدم الإعلام أما مع من يطهره ساكتة هذه العبارة، هذا تمام الكلام في المسألة الثالثة، المسألة الرابعة المعاوضة على الدهن المتنجس يأتي عليها الكلام.

 


[8] سوره مائده آیه 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo