< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السادس والعشرون: اتمام الكلام في الإشكال الأول والدخول في الإشكال الثاني

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" نعم يشترط عدم اشتراط المنفعة المحرمة بأن يقول بعتك بشرط أن تأكله وإلا فسد العقد بفساد الشرط.[1] [2]

لازلنا نتكلم في حرمة الاكتساب بالدهن المتنجس وشرعنا في الأمر الأول من الأمور المشكلة في هذه المسألة وتطرقنا إلى أربعة أقوال:

القول الأول اشتراط ذكر الاستصباح في متن العقد.

﴿القول الثاني اشتراط قصد الاستصباح وإن لم يصرح به في متن العقد.﴾

القول الثالث لا يشترط ذكر الشرط الاستصباح في متن العقد ولا يشترط القصد.

القول الرابع التفصيل بينما إذا كان الاستصباح من المنافع النادرة فيشترط القصد وبينما إذا كان الاستصباح من المنافع الغالبة أو المساوية فلا يشترط القصد.

اليوم في نهاية هذه المسألة يتطرق الشيخ الأنصاري إلى مسألة مهمة وهي وجود شرط وهو عدم اشتراط المنفعة المحرمة فإذا اشترط البائع المنفعة المحرمة بطل العقد كما لو قال بعتك هذا الدهن المتنجس بشرط أن تأكله والحال إنه لا يجوز أكل المتنجس هنا نلتزم بالبطلان والفساد لأحد أمرين:

الأمر الأول التمسك بالمبنى القائل إن فساد الشرط مفسد للعقد فإذا فسد الشرط فسد العقد هنا يوجد شرط فاسد وهو أكل الدهن المتنجس فيفسد العقد يصير عقد البيع باطل عاطل.

الأمر الثاني لو التزمنا بأن الشرط الفاسد لا يفسد العقد يعني يبطل خصوص الشرط لكن العقد لا يبطل يبقى صحيحاً فساد الشرط لا يستلزم فساد العقد على الرغم من هذا القول أيضا نلتزم بالبطلان لأن الشرط في مورد بحثنا هو أكل الدهن المتنجس وأكل الدهن المتنجس ليس له مالية فيكون بذل المال في مقابل أكل الدهن المتنجس أكل المال بالباطل إذن نلتزم ببطلان المعاملة إما لأن فساد الشرط يوجب فساد المشروط وهو العقد وإما لأن نفس الشرط ما دام محرماً فهو باطل ولا مالية له فيكون بذل المال في مقابل ما لا مالية له أكل للمال بالباطل ففهم إشارة إلى خدشة في المطلب.

نعم يشترط يعني في صحة المعاملة عدم اشتراط المحرمة بأن المنفعة يقول بعتك بشرط أن تأكله وإلا يعني لو اشترط المنفعة المحرمة فسد العقد بفساد الشرط للقاعدة العامة فساد الشرط يوجب فساد المشروط فساد العقد هذا الوجه الأول.

الوجه الثاني بل يمكن أن يقال بل هذا للإضراب الترقي يعني حتى لو التزمنا بأن فساد الشرط لا يوجب فساد العقد رغم ذلك نقول هذا العقد باطل عاطل لأن الدهن المتنجس لا مالية له فيكون بذل المال في مقابله أكل للمال بالباطل بل يمكن الفساد وإن لم نقل الشرط بإفساد الفاسد للعقد لأن مرجع الاشتراط في هذا الفرض إلى تعيين المنفعة المحرمة عليه فيكون أكل الثمن أكلاً بالباطل لأنه لا مالية للدهن المتنجس إذا لوحظ أكله لأن حقيقة النفع العائد إلى المشتري بإزاء ثمنه هو النفع المحرم،

ما هو النفع المحرم؟ خصوص الأكل، ففهم

ما هو وجه الخدشة ففهم؟ لعله إشارة إلى أن المشتري بعلمه بحرمة العمل بالشرط لا يدفع المال في مقابل الشرط المحرم وهو الأكل بل يدفعه في مقابل منفعة محللة وهي الاستصباح فتصح المعاملة غاية ما في الأمر يبطل الشرط من البائع وتصح المعاملة بقصد المشتري هذا نفس الوجه الذي ذكره السلطان ولكن بتعديل بسيط، المشتري صحيح البائع قال أبيعك الدهن المتنجس بشرط أن تأكله المشتري لا يريد أن يأكله يريد يستصبح به ويعلم إن هذا الشرط باطل عاطل عندما يدفع المال لا يقصد يدفع المال مقابل أكل الدهن المتنجس حتى تشكل وتقول هذا أكل للمال بالباطل المشتري إذا التفت إلى حرمة العمل بالشرط يدفع المال في مقابل المنفعة المحللة الاستصباح وبالتالي نقول هكذا نلتزم بثبوت الحرمة التكليفية على البائع حينما قال بعتك بشرط أكل الدهن المتنجس يكون مأثوم لما اشترط ولا نلتزم بالحرمة الوضعية وهي فساد المعاملة فيصير المأثوم البائع فقط.

الخلاصة توجد حرمة تكليفية بالنسبة إلى البائع وقد تكون حتى للمشتري إذا قصد ولكن الحرمة التكليفية لا تستلزم فساد المعاملة، السيد القائد عنده مبنى هكذا في الربا يصير المعاملة الربوية فيها إثم لكن تترتب الملكية لا توجد حرمة وضعية إذا قلت فيها حرمة وضعية يعني نقل وانتقال لا يوجد.

هل الحرمة التكليفية في الربا الإثم تستلزم حرمة وضعية يعني لا يوجد نقل وانتقال أو لا؟ المشهور نعم حرمة التكليفية في خصوص الربا تستلزم الحرمة الوضعية وهناك قول بالتفكيك.

إلى هنا طرحنا المسألة بلحاظ الاشتراط أحياناً لم يشترط قصد البائع قصد بيع الدهن للأكل والمشتري أيضاً قصد شراء الدهن المتنجس للأكل هنا تبطل المعاملة العقود تابعة للقصود بل يمكن القول هنا ترقى ما هو وجه الإضراب والترقي؟ كان البطلان منحصر في الاشتراط اللفظي في متن العقد الآن عمم البطلان إلى القصد ولو من دون اشتراط في متن العقد بل يمكن القول بالبطلان بمجرد القصد يعني بسبب القصد وإن لم يشترط في متن العقد يعني وإن لم يشترط في متن العقد الفائدة المحرمة وهي أكل الدهن.

وبالجملة بشكل عام فكل بيع قصد فيه منفعة محرمة بحيث قصد أكل الثمن يعني كل الثمن أو بعضه يعني بعض الثمن بإزاء المنفعة المحرمة يعني في مقابل المنفعة المحرمة كان باطلاً هذه كان باطلاً جواب فكل بيع قصد فيه منفعة محرمة كان باطلاً كما يومئ إلى ذلك يعني يش[3] ير إلى ذلك ما ورد في تحريم شراء الجارية المغنية وبيعها ما ورد فيها، فيها روايتان في رواية عن الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه يقول له هذه جارية صوتها حلو الإمام يقول نعم يعني في قراءة القرآن والدعاء وليس في الغناء.

العلامة في التذكرة قال إذا كان هناكيوجد تفاوت يعني توجد مغنية وجارية غير مغنية الجارية غير المغنية بألف دينار الجارية المغنية بألف خمسمائة دينار هنا يعلم أنه الخمسمائة في مقابل الصوت الغناء.

ما أرسله الصدوق قال سأل رجل علي بن الحسين عليهما السلام عن شراء الجارية لها صوت فقال الإمام (ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة) يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور بقوله عليه السلام (فأما الغناء فمحظور).

وصرح العلامة في التذكرة بأن الجارية المغنية إذا بيعت بأكثر مما يرغب فيها لولا الغناء، لولا الغناء ألف دينار مع الغناء ألف وخمسمائة دينار فالوجه التحريم [4] لأنه بذل المال في مقابل الغناء.

الشيخ الأنصاري في ختام هذا الأمر الأول يقول إذا راجعنا الأخبار أغلب الأخبار خالية عن اعتبار قصد الاستصباح

فما هو السر في ذلك؟ ما هو السبب في خلو الروايات من اشتراط قصد الاستصباح؟ تشتري الدهن المتنجس بشرط أن تقصد الاستصباح، يقول أكثر الروايات واردة في الادهان التي عادة يستصبح بها ما وردت الروايات في دهن البنفسج أو دهن البندق أو إلى آخره من التي منافعها نادرة ونادراً ما يستصبح بها لذلك لا يشترط لا يحتاج أن تذكر القصد هذا واضح.

قال ثم إن الأخبار المتقدمة خالية عن اعتبار اشتراط قصد الاستصباح لأن موردها هذه الروايات مما يكون الاستصباح فيه منفعة مقصودة عند العقلاء منها كافية في ماليتها العرفية يعني تكفي في تحقق ماليتها العرفية.

وربما يتوهم من قوله "عليه السلام" في رواية الأعرج المتقدمة فلا تبعه إلا لمن تبين له فيبتاع للسراج، [5] نحن بالأمس تناولنا ما ذكره المحقق الكركي "رحمه الله" وقلنا إن القيد

هل يعود إلى يجوز كما يقول المحقق الكركي أو يعود إلى البيع؟ تقول يجوز بيع الدهن المتنجس للاستصباح هنا للاستصباح هل تعود إلى البيع؟ إذا عادت إلى البيع يعني البيع الصحيح ما قصد فيه الاستصباح يصير قصد الاستصباح شرط وأما إذا قلنا الاستصباح قيد يعود إلى يجوز، يجوز للاستصباح بيع الدهن المتنجس يعني يجوز من أجل منفعة الاستصباح بعد لا يشترط أن تقصد الاستصباح يكفي أن تصرف الدهن في الاستصباح هذا أخذناه بالأمس هنا الآن كلامنا في الأعلام تقول يجوز أن تبيع الدهن المتنجس بشرط أن تبين لمن اشتراه بشرط أن تعلم من اشتراه.

هنا يعني هذا الذي تبيعه الدهن المتنجس قل له خذه للسراج هذه خذه للسراج هل قيد راجع إلى البيع أو هو قيد راجع للإعلام إذا قلت الإسراج قيد راجع إلى البيع يعني البيع لا يصير صحيح إلا إذا قصدت الإسراج وأما إذا قلت الإسراج راجع إلى الإعلام راجع إلى التبيين في هذه الحالة معنى ذلك أنت أعلمه بالنجاسة لكي يسرج ولا يأكل فإذا أرجعنا قيد الإسراج إلى البيع صار القصد معتبر أما إذا أرجعنا الإسراج إلى الإعلام والتبيين ما صار قصد الإسراج معتبر وإنما صار الإسراج غاية إلى التبيين والإعلام أنت لماذا تعلمه أن هذا الدهن متنجس ما هي غايتك؟ غايتك أن يسرج به ولا يأكله.

وربما يتوهم من قوله "عليه السلام" في رواية الأعرج المتقدمة فلا تبعه هذا القيد الأول البيع إلا لمن تبين له هذا الثاني التبيين الإعلام فيبتاع للسراج يعني فيشتري للسراج هنا من قوله فيبتاع للسراج قد يفهم منها يشترط قصد السراج اعتبار القصد يعني اشتراط قصد المشتري للإسراج هذا الاشتراط متى يتم إذا أرجعت فيبتاع للسراج جعلته قيد في فلا تبعه فصار البيع مقيد بالإسراج يعني قصد الإسراج.

الشيخ الأنصاري يقول لا فيبتاع له هذه غاية لمن تبين له للإعلام قال اعتبار القصد ويدفعه أن الابتياع للسراج إنما جعل غاية للإعلام بمعنى أن المسلم إذا اطلع على نجاسته فيشتريه للإسراج نضير قوله عليه السلام في رواية معاوية بن وهب يبينه لمن اشتراه يعني يعلم من اشتراه ليستصبح به[6] يعني لكي يستصبح به، هذا تمام الكلام في الأمر، ما هو الأمر الأول؟ المشكل الأول.

المشكل الثاني في روايات الدهن المتنجس،

هل يجب الإعلام مطلقاً أو لا؟ يعني ماذا مطلقاً؟ ذكرنا ثلاثة أقوال تصح المعاملة بشرط ذكر الاستصباح في متن العقد، القول الثاني تصح المعاملة بشرط قصد المتبايعين للاستصباح،

القول الثالث تصح المعاملة من دون اشتراط القصد فضلاً عن التلفظ، بناء على هذه الأقوال الثلاثة هل يشترط أن يعلم البائع المشتري بأن الدهن متنجس أو لا فهل الإعلام واجب مطلقاً يعني بناء على الأقوال الثلاثة أو لا يجب بناء على أحد الأقوال هذا واحد.

اثنين الإعلام هل هو واجب نفسي أو واجب شرطي؟ يعني واجب بنفسه أو لا واجب لكي تصح المعاملة ويشترط في صحة المعاملة ثبوت هذا الشرط وهو الإعلام؟ يقول الثاني أن ظاهر بعض الأخبار [7] مثل ما تقدم من ذيل صحيحة معاوية بن وهب وموثقة أبي بصير ورواية إسماعيل بن عبد الخالق إن ظاهر بعض الأخبار وجوب الإعلام فهل يجب مطلقاً يعني يجب الإعلام مطلقاً على الأقوال الثلاثة أم لا؟ لا يجب الإعلام وهل وجوبه الإعلام نفسي يعني مطلوب بنفسه أو شرطي الآن يبين يعني ماذا شرطي،

لماذا هذا الوجوب شرطي؟ بمعنى اعتبار اشتراطه في صحة البيع يعني البيع ما يصير صحيح إلا إذا تم هذا الشرط وهو الإعلام.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يفصل يقول تارة نقول بالقول الأول وهو اشتراط ذكر الاستصباح في متن العقد أو إذا لم يذكر في متن العقد أن يكون المتبايعان قد تعاقدا عليه اتفقا عليه تبانيا عليه في هذه الحالة بلا شك يجب ذكر الشرط فيصير وجوب شرطي في هذه الحالة هذا كله بناء على القول الأول ولكن بناء على القول الثاني والثالث،

ما هو القول الثاني؟ ما يشترط الذكر، يكفي القصد والقول الثالث لا يشترط الذكر في متن العقد ولا يشترط القصد يصير الإعلام واجب بالوجوب النفسي لدلالة الروايات عليه إذن اتضح أنه هل يجب الإعلام مطلقاً أم لا نعم يجب الإعلام مطلقاً يعني على الأقوال الثلاثة.

السؤال الثاني هل وجوب الإعلام نفسي أو شرطي بناء على القول الأول الإعلام يكونوا واجباً شرطياً بناء على القول الثاني والثالث الإعلام يكون واجب بالوجوب النفسي.

قال الذي ينبغي أن يقال إنه لا إشكال في وجوب الإعلام الشق الأول إن قلنا باعتبار اشتراط الاستصباح في العقد هذا هو القول الأول أو تواطئهما عليه يعني اتفاقهما عليه يعني اتفاقهما عليه يعني على اشتراط الاستصباح في العقد من الخارج من خارج العقد مثل عقد النكاح أنكحتك موكلتي على ما اتفقتما عليه من المهر المعلوم لا يصرح في متن العقد يشير إلى الاتفاق خارجاً أو اتفاقهما أو تواطئهما عليه من الخارج يعني خارج متن العقد لتوقف القصد على العلم بالنجاسة لتوقف القصد يعني قصد الاستصباح على العلم بالنجاسة إذا ما علم بالنجاسة يمكن يأكل الدهن هذا الشق الأول هذا بناء على القول الأول يصير الوجوب شرطي لكن بناء على القول الثاني والثالث يصير الوجوب نفسي.

قال وأما إذا لم نقل باعتبار اشتراط الاستصباح في العقد هذا لم نقل يشمل القول الثاني والثالث، القول الثاني إذا قلنا يكفي القصد القول الثالث لا يشترط لا القصد ولا الذكر في متن العقد يجمعهما هذه العبارة وأما إذا لم نقل باعتبار اشتراط الاستصباح في العقد يعني لم نقل بالقول الأول فالظاهر وجوب الإعلام وجوباً نفسياً قبل العقد أو بعده لبعض الأخبار المتقدمة الدالة على لزوم الإعلام وفي قوله عليه السلام يبينه لمن اشتراه ليستصبح به[8] إشارة إلى وجوب الإعلام لئن لا يأكله فإن الغاية للإعلام ليس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بينهما شرعاً ولا عقلاً ولا عادة، هذا يشير إلى مطلب مهم الملازمة يقول الملازمة إما ملازمة شرعية إما ملازمة عقلية إما ملازمة عادية إذا تنجس في هذه الحالة لا يؤكل وإنما يستصبح به

هل هنا ملازمة عقلية موجودة؟ لا توجد ملازمة عقلية، هل توجد ملازمة عادية؟ لا توجد ملازمة عادية، هل توجد ملازمة شرعية؟ لا توجد ملازمة شرعية لذلك يقول وفي قوله عليه السلام يبينه لمن اشتراه ليستصبح به إشارة إلى وجوب الإعلام لئن لا يأكله فإن الغاية للإعلام ليس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بينهما يعني بين الإعلام وتحقق الاستصباح شرعاً ولا عقلاً ولا عادة يعني إذا أعلمه قال له هذا دهن متنجس هل يلزم أن يستصبح به كلا يمكن أن يأخذ الدهن ويكته لا توجد ملازمة شرعية بين الإعلام بالنجاسة وبين الاستصباح بالدهن المتنجس ولا توجد ملازمة عقلية بين الإعلام بالنجاسة وبين الاستصباح ولا توجد ملازمة عادية بين الإعلام إذن هو لما أعلم لا يقول له أذهب واستصبح به إذا أعلمه يقول له لا تأكله.

وفي قوله عليه السلام يبينه لمن اشتراه ليستصبح به إشارة إلى وجوب الإعلام لكي لا يأكله فإن الغاية للإعلام ليس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بينهما بين الإعلام والاستصباح شرعاً ولا عقلاً ولا عادة بل الفائدة حصر الانتفاع فيه يعني في الاستصباح بمعنى عدم الانتفاع به بالدهن المتنجس في غيره يعني في غير الاستصباح ففيه إشارة إلى وجوب إعلام الجاهل بما يعطى إذا كان الانتفاع الغالب به محرماً،

ما هو الانتفاع الغالب؟ الأكل، إذا كان الانتفاع الغالب محرماً بحيث يعلم عادة وقوعه في الحرام لولا الإعلام فكأنه قال أعلمه لئلا يقع في الحرام الواقعي وهو الأكل بتركك الإعلام، هذه القاعدة كثير من الروايات تشير إليها ويشير إلى هذه القاعدة كثير من الأخبار المتفرقة الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم أو الجاهل بالموضوع في المحرمات يعني إذا يلزم من كلامك التغرير تغرر به لا يجوز ما دام هو ما يعرف الحكم ما يعرف أن الدهن المتنجس لا يجوز أكله أو ما يعرف الموضوع يعرف أن الدهن المتنجس لا يجوز أكله لكن لا يعلم أن هذا الدهن قد تنجس، هنا تعطيه الدهن من دون أن تعلمه هذا تغرير إما لأنه جاهل في الحكم ما يدري أن الدهن المتنجس لا يؤكل أو لأنه جاهل بالموضوع يعلم أن الدهن المتنجس لا يؤكل ولكن يجهل أن هذا الدهن قد تنجس.

مثل ما دل على أن من أفتى بغير علم لحقه وزر من عمل بفتياه [9] فإن إثبات الوزر للمباشر من جهة فعل القبيح الواقعي وحمله على المفتي من حيث التسبيب والتغرير يعني عندنا سبب وعندنا مباشر، المباشر هو الآكل والسبب هو المفتي أحياناً يكون السبب أقوى من المباشر لولا فتوى هذا المفتي لما أكله.

من الأخبار الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم أو الموضوع ومثل قوله عليه السلام (ما من إمام صلى بقوم فيكون في صلاتهم تقصير إلا كان عليه أوزارهم)[10] وفي رواية أخرى (فيكون في صلاته وصلاتهم تقصير إلا كان إثم ذلك عليه)[11] وفي رواية أخرى (لا يضمن الإمام صلاتهم إلا أن يصلي بهم جنباً) [12] يعلم أنه يصلي بهم وهو مجنب يكون مأثوم غرر بهم لأنهم يرون أنه يتحمل عنهم القراءة إمامهم والحال إنه مجنب لا تصح صلاته، الصلاة شرط واقعي يعني صلاته باطلة قطعاً لأن الطهارة شرط واقعي وهو لم يغتسل.

ومثل رواية أبي بصير المتضمنة لكراهة أن تسقى البهيمة أو تطعم ما لا يحل للمسلم أكله أو شربه،[13] هذه إذا بهيمة أنت لا تأكلها حرام فهذا يشعر أنه ما يجوز أنت تؤكل المسلم والإنسان الذي له كرامة لا يجوز أن تأكله، فإذا البهيمة مكروه في الإنسان حرام، ومثل رواية أبي بصير المتضمنة لكراهة أن تسقى البهيمة أو تطعم ما لا يحل للمسلم أكله أو شربه فإن في كراهة ذلك في البهائم إطعامهم وتشريبهم إشعاراً بحرمته بالنسبة إلى المكلف أن تؤكله أو تشربه الحرام.

بل هناك قول أكثر من قال إنه أنت إذا تتسبب إليه قد يقال حتى لو ما تتسبب إليه لا يجوز أن تعطيه أكل متنجس الآن يأتي بمؤيد إذا تسبب ثم يترقى، ويؤيده أن أكل الحرام وشربه من القبيح ولو في حق الجاهل هذا قبيح ولذا يكون الاحتياط فيه في أكل الحرام وشربه مطلوباً مع الشك حتى إذا شكيت إذ لو كان للعلم دخل في قبحه لم يحسن الاحتياط وحينئذ فيكون إعطاء النجس للجاهل المذكور إغراء بالقبيح والإغراء بالقبيح وهو قبيح عقلاً.

هذا كلام فيه تأمل من قال هذه أمور متوقفة على العلم هناك بحث أنه الآن لو أنت تجهل أن هذا اللحم حرام أكلته من باب أنه من سوق المسلمين أمارة وتبين أنه لحم خنزير أو لحم حرام هنا تكويناً

هل يؤثر فيك أو لا؟ كثير من الناس في ذهنه يقول هذا مثل أكل السم، إذا أكلت السم يؤثر فيك علمت أو لم تعلم تموت، لا من قال هذا الكلام، من قال إن الله "عز وجل" جعل المفاسد على هذه الأمور التكوينية قد المفسدة تترتب على علمك بنجاسته وحرمته لذلك يلتزمون هذا السيد أبن طاووس عنده كلام في هذا المجال أنه لو أكلت ما كان حلال ظاهراً فاتضح أنه حرام واقعاً لا يؤثر.

بل قد يقال بوجوب الإعلام وإن لم يكن منه تسبيب كما لو رأى نجساً في يده يريد أكله، ذاك يريد أن يأكله وهو نجس يجب عليك أن تعلمه؟ في الرأي المشهور لا يجب عليك أن تعلمه، وهو الذي صرح به العلامة "رحمه الله" في أجوبة المسائل المهنائية حيث سأله السيد المهنا عمن رأى في ثوب المصلي نجاسة فأجاب بأنه يجب الإعلام لوجوب النهي عن المنكر [14] لكن إثبات هذا مشكل يقولون يجب إذا أنت تسببت، أنت يدك فيها دم ونجست ثوبه وهو قام للصلاة يجب عليك أن تعلمه لأن أنت السبب أما إذا رأيت ثوبه ملطخ بالدماء وأنت ليس السبب لا يجب عليك أن تعلمه، والحاصل إن هنا أمور أربعة أحدها يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo