< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/25

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثاني والثلاثون: ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك ومايتبعه من أبحاث

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفي المسالك في ذيل قول المحقق "قدس" وكل مائع نجس عدى الأدهان.[1]

كان الكلام في نقض الإجماع المدعى على أن الأصل هو حرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل وإثبات أن المتأخرين من الفقهاء يرون أن الأصل في المتنجس هو جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدليل فذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" كلمات المحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيد الأول في القواعد والذكرى والمحقق الثاني الشيخ بن عبد العال الكركي والشهيد الثاني وصلنا إلى الشهيد الثاني بقي مقطع للشهيد الثاني في كتابه مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام.

توجد عبارة للمحقق الحلي هكذا نصها وكل مائع نجس عدا الأدهان ففرق الشهيد الثاني بين الأعيان النجسة والأعيان المتنجسة أي فرق بين النجس بالذات وهو الأعيان النجسة العشرة وبين النجس بالعرض وهو ما لاقى إحدى النجاسات العشر فقال إن النجاسات العشر غير قابلة للتطهير نجاستها ذاتية بالتالي يحرم بيعها بخلاف النجس بالعرض يعني المتنجس الملاقي لإحدى النجاسات العشر مثل الزيت الذي تقع فيه الفأرة فإنه مائع متنجس دلت الروايات على عدم جواز الاستفادة منه إلا للاستصباح يقول لو لا الروايات لأرجعنا هذه المسألة إلى العموم ثم في أثناء الكلام يقول المدار على وجود منفعة محللة مقصودة لا على النجاسة فحرمة المعاملة وحرمة البيع ليست معلقة على كونه من الأعيان النجسة لأنه نحن ندرس الشق الثاني الأعيان المتنجسة وبالتالي إن وجدت منفعة محللة مقصودة جاز إن لم توجد لم يجز من هنا ذهب البعض إلى جواز استخدام الدهن المتنجس في صناعة الصابون فعمم وجه الانتفاع ولم يخصه بخصوص الاستصباح تحت السماء لأنه المدار على كونه نجس أو كونه ليس فيه منفعة إذا المدار على كونه نجس لا يجوز الاستصباح به ولا يجوز صناعته صابون خرجنا في خصوص الاستصباح عن حرمة الاستعمال وحرمة البيع ببركة وجود النص ويبقى الصابون على الحرمة هذا إذا التزمنا أن المدار هو في التحريم على النجاسة والتنجس وأما إذا كان المدار على وجود منفعة فلا مانع من ذلك.

إلى هنا تكلمنا في الدهن المتنجس هذا القدر المتيقن وفي الاستصباح جواز الاستصباح به هذا القدر المتيقن نذكر لكم تعديين

التعدي الأول نتعدى من الاستصباح إلى غيره من الاستعمالات الجائزة كصناعة الصابون لكن التعدي لا يكون إلا في الدهن المتنجس.

التعدي الثاني نتعدى حتى في غير الدهن المتنجس، البترول المتنجس يمكن الاستفادة منه كوقود للسيارات إذن من يقتصر على النص من دون أي تعدية يرى أنه لا يجوز بيع الأعيان المتنجسة يستثني منها مورد واحد خصوص الدهن المتنجس لخصوص الاستصباح به تحت السماء من يتعدى أكثر يقول في خصوص الدهن المتنجس يمكن التعدي فيه إلى كل ما فيه منفعة مقصودة فلا يختص الجواز بخصوص الاستصباح تحت السماء بل يشمل غيره مما ليس بأكل ولا شرب كصناعة الصابون ومن يتوسع أكثر يتعدى ويقول الحكم ليس خاص بخصوص الدهن المتنجس بل كل متنجس لكل منفعة لأن وجه الجواز هو وجود منفعة مقصودة عند العقلاء وهذا موطن بحثنا من أصل المسألة نحن بحثنا هل يجوز الاستفادة من الدهن المتنجس في غير الاستصباح كالصابون في كلمات صاحب المسالك.

وفي المسالك يعني وقال الشهيد الثاني في المسالك في ذيل يعني في نهاية قول المحقق الحلي "قدس" وكل مائع نجس عدا الأدهان، كل مائع نجس نفهم الأعيان النجسة من قوله عدى الأدهان نفهم الأعيان المتنجسة، قال الشهيد الثاني لا فرق في عدم جواز بيعها يعني بيع المائعات النجسة لماذا لا فرق؟ الآن ليس الكلام في الأدهان الكلام في المائعات النجسة عدى الأدهان

لماذا عدى الأدهان؟ لأن الأدهان فيها نص لأنه يجوز الاستصباح بها فتصير محرمة من جهة النجاسة إذا صارت محرمة من جهة النجاسة حرام بيعها أعلمت أو ما أعلمت حرام بيعها لأن العلة هي النجاسة أعلمت أو ما أعلمت يحرم بيعها، انتفعت بها أو لم تنتفع بها حرام لان علة الحرمة هي النجاسة.

قال الشهيد الثاني لا فرق في عدم جواز بيعها ـ المائعات النجسة ـ على القول بعدم قبولها للطهارة يعني إذا لم تقبل التطهير مثل الأعيان النجسة غير قابلة للتطهير والأعيان المتنجسة إذا تطهرها كالماء المضاف ربما يلزم سلب حقيقتها تصير ماء مطلق ما تصير ماء مضاف فلو قلنا بأنها لا تقبل الطهارة بعد نجسة لا فرق بين صلاحيتها للانتفاع على بعض الوجوه يعني يمكن الانتفاع بها ببعض الوجوه مثل الطلي، الصباغة، العلف، قال على بعض الوجوه يعني دون الوجوه الأخرى مثل الأكل، الشرب ثلاثة أمور قدر متيقن ما يجوز استخدامها الأكل والشرب وفي الصلاة وعدمه يعني وعدم صلاحيته للانتفاع يعني صارت صالحة للانتفاع أو غير صالحة لا فرق لأن المدار على النجاسة، ولا بين يعني ولا فرق بين الإعلام بحالها أنها نجسة وعدمه ـ وعدم الإعلام بحالها لأن المدار على النجاسة الواقعية لا النجاسة العلمية ـ على ما نص عليه الأصحاب.

إلى هنا الكلام في المقطع الأول وكل مائع نجس ثم يتكلم الشهيد الثاني على المقطع الثاني عدى الأدهان يقول وأما الأدهان المتنجسة بنجاسة عارضية كالزيت تقع فيه الفأرة إذن الأول تكلم عن الأعيان النجسة الآن اتكلم عن الأعيان المتنجسة فيجوز بيعها لفائدة الاستصباح بها، هذا أول شيء أول قيد يجوز لأنه مورد النص يجوز بيع الأدهان المتنجسة للاستصباح بها تحت السماء.

وإنما خرج هذا الفرد بالنص يعني وإنما خرج هذا الفرد الاستصباح بالادهان خرج عن عدم جواز بيعها خرج ببركة النص لأنه متنجس ما يجوز بيعه خرج عدم جواز البيع ببركة النص الشرعي الحديث فدل على جواز بيعه وإلا لو لا النص فكان ينبغي مساواتها يعني مساواة الأدهان المتنجسة لغيرها ـ لغير الأدهان ـ من المائعات المتنجسة التي يمكن الانتفاع بها في بعض الوجوه كسقي الدابة طلي الاجرب إلى آخره.

الآن يتوسع أكثر أول توسع في الاستصباح ببركة النص ثاني توسع في خصوص الادهان النجسة لكن ما يعم الاستصباح وعمله صابون، وقد ألحق بعض الأصحاب ببيعها للاستصباح ـ بيع الادهان النجسة للاستصباح ـ بيعها لتعمل صابوناً أو يطلى به الأجرب أما تقول يطلى الأجرُب جمع جوراب كيس المتاع أو يطلى به الأجرَب لأنه أحيانا الحيوان يصيده جرب فتطليه بهذا الدهن حتى يتخلص من الجرب فيمكن يطلى به الأجرب الحيوان الأجرب ونحو ذلك مثل سقي الدابة ويشكل أنه جواز البيع لتعمل صابون أو يطلى هذا خروج عن مورد النص

ما هو مورد النص؟ خصوص الاستصباح، هذا النص المخالف للأصل ما هو الأصل؟ الأصل عدم جواز الانتفاع بالمتنجس خرجنا عنه في خصوص الدهن المتنجس للاستصباح فنقتصر على ما خالف النص على موضع الوفاق اقتصاراً فيما خالف النص على موضع الوفاق ـ موضع اليقين ـ ما هو موضع اليقين؟ الاستصباح، ويشكل بأنه يعني جواز بيع الصابون أو الطلاء خروج عن مورد النص الذي جوز بيع الأدهان لخصوص الاستصباح هذا النص المخالف للأصل عدم جواز بيع الادهان.

موطن الشاهد الكلام الأخير هذا كله ليس موطن شاهدنا موطن الشاهد الكلام الأخير هذا كله مبني على أن علة الجواز وعدمه النجاسة ليس هذا المدار، المدار الانتفاع إذا المدار الانتفاع يجوز الاستصباح ويجوز الطلاء وبعد نتوسع أكثر ما نخصه بالادهان كل متنجس.

فإن جاز لتحقق المنفعة يعني فإن جاز بيع الدهن ليعمل صابوناً أو للطلاء لتحقق المنفعة يعني لوجود منفعة فينبغي مثله يعني ينبغي الجواز في المائعات النجسة التي ينتفع بها يعني غير الدهن الآن التزمنا في الدهن بجواز البيع لوجود منفعة كذلك في غير الدهن مثل الدبس المتنجس تعطيه للنحل يأتي لك بعسل على دبس.

فينبغي مثله يعني القول في الجواز، في المائعات النجسة التي ينتفع بها كالدبس يعني المتنجس يطعم النحل وغيره [2] حتى غير النحل تستفيد منه في تسميد الزرع إلى آخره، انتهى.

يقول الشيخ الأنصاري ولا يخفى ظهوره ـ ظهور كلام الشهيد الثاني في المسالك ـ في جواز الانتفاع بالمتنجس من قوله فإن جاز لتحقق المنفعة وكون المنع من بيعه لأجل النص يعني المانع من بيع الدهن المتنجس هو خصوص النص فيقتصر على مورده ـ على مورد النص ـ يعني لا يجوز بيع الدهن لغير الاستصباح أما في غير الدهن يجوز.

قال الشيخ الأنصاري من خلال تتبعي لكلمات المتقدمين والمتأخرين أظن أنه لا يوجد خلاف بينهما يقول لكن هذا ظني لا يفيدكم لا يغني من الحق شيئاً هذا ظني إذا أورثني الاطمئنان حجة علي وليس بحجة عليك وأما إذا ظن الشيخ الأعظم ما وصل إلى درجة الاطمئنان فهو أيضا ليس بحجة عليه إلا بناء على حجية الظن الانسدادي للميرزا القمي صاحب القوانين "أعلى الله مقامه الشريف".

كيف شيخنا الأنصاري متفقين؟ يقول المتقدمون في تحريم بيع النجس نظروا إلى خصوصية النجاسة ولم ينظروا إلى خصوصية الانتفاع وهذه مسألة مهمة تراجع كتب القدماء،

هل يجوز بيع الدم؟ لا يجوز لكونه من الأعيان النجسة في ذلك الزمان ما كان له منفعة محللة مقصودة في هذا الزمان بيع الدم له منفعة محللة تنقذ حياة الناس والأبرياء الآن أكثر الفقهاء يلتزمون بجواز بيع الدم لترتب منفعة مقصودة إذن هم ما اختلفوا نظروا إلى حيثية والمتأخرين نظروا إلى حيثية.

قال وكيف كان يعني وكيف كان رأي الشهيد الثاني المدار على جواز الانتفاع أو على النجاسة فالمتتبع في كلام المتأخرين يقطع بما استظهرناه من كلماتهم

ما الذي استظهره؟ أن الأصل جواز بيع المتنجس إلا ما خرج بالدليل والوجه في ذلك وجود منفعة محللة مقصودة عند العقلاء في بيع المتنجس.

ثم يقول والذي أظن وإن كان الظن لا يغني لغيري شيئا أن كلمات القدماء ترجع إلى ما ذكره المتأخرون من أنه يحرم إذا لا توجد منفعة ويجوز إذا توجد منفعة وأن المراد بالانتفاع في كلمات القدماء هم نظروا إلى الانتفاعات الذي في زمنهم كانت موجودة ماذا الانتفاعات التي كانت في زمنهم؟ أكل وشرب هذه الانتفاعات غير زمننا تحليل دم وانتقال دم لذلك يقول وإن المراد بالانتفاع في كلمات القدماء الانتفاعات الراجعة إلى الأكل والشرب واطعام الغير وبيعه على نحو بيع ما يحل أكله هذه كانت الاستخدامات السائدة والمتعارفة التي ترجع إلى الأكل والشرب.

المتقدمين يحرمون والمتأخرين يحللون يكفي كلام المتأخرين في خرق الإجماع أولا وفي معاضدة أصالة الحل وأصالة الإباحة ثانياً فما صار حاكم على أصالة الإباحة وأصالة الحل.

قال ثم لو فرضنا مخالفة القدماء يعني إلى المتأخرين كفى موافقة المتأخرين ـ موافقتهم إلى الأصل أصالة الحل وأصالة الإباحة ـ كفى في دفع الوهن يعني الضعف عن الأصل أصالة الإباحة والقاعدة أصالة الحل السالمين عما يرد عليهما يعني أصالة الحل وأصالة الإباحة أصلان عمليان والأصل أصيل حيث لا دليل وهنا لا يوجد دليل ثم الآن يتعدى يقول أنه بيع الأدهان لغير الاستصباح إلى هنا الانتفاع، يجوز الانتفاع أو لا يجوز هذه مسألة بعد ذلك البيع جواز البيع معلق على جواز الانتفاع.

قال ثم على تقدير جواز غير الاستصباح من الانتفاعات مثل عمل الصابون وطلي الأجرب فالظاهر جواز بيعه ـ بيع الدهن المتنجس ـ لهذه الإنتفاعات لكي يعمل صابوناً أو طلي الأجرب وفاقاً ـ من أجل الوفاق ـ للشهيد الأول والمحقق الثاني "قدس سرهما" الشيخ علي بن عبد العال الكركي.

قال الثاني في حاشية الارشاد في ذيل قول العلامة "رحمه الله" إلا الدهن للاستصباح إن في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد يعني الأول أن الفائدة لا تنحصر في ذلك يعني في الاستصباح توجد فوائد أخرى غير الاستصباح إذ مع فرض فائدة أخرى للدهن لا تتوقف على طهارته ـ طهارة الدهن ـ يمكن بيعها لها يعني للفائدة الأخرى أو نقول يمكن بيعها يعني الادهان لها ـ للفائدة ـ مثل لكي يعمل صابوناً، مثل ماذا هذه الفائدة قال لاتخاذ الصابون منه ـ من الدهن المتنجس ـ قال وهو مروي انه الفائدة الأخرى مروية وهي عمل الصابون ومثله طلي الدواب هذا طلي الدواب طلي الأجرب تصبغه، أقول لا بأس ـ هذا كلام المحقق الثاني ـ بالمصير إذا ما ذكره شيخنا ـ الشهيد الأول ـ وقد ذكر أن به رواية [3] عني أن ما يدل عليه رواية يعني ما يدل على جواز البيع لوجود منفعة أخرى غير الاستصباح كعمل الصابون توجد رواية ما هي هذه الرواية إلى هنا انتهى كلام المحقق الثاني.

اقول ـ كلام الشيخ الأنصاري ـ والرواية إشارة إلى ما عن الراوندي في كتاب النوادر بإسناده عن أبي الحسن موسى بن جعفر “عليه السلام” وفيه سئل “عليه السلام” ـ المراد الإمام علي ـ عن الشحم يقع فيه شيء له دم يعني ميتة نجسة لأن الذي له دم يعني له نفس سائلة يصير ميتة، يقع فيه شيء له دم فيموت قال “عليه السلام” تبيعه لمن يعمله صابوناً.

إذا نرجع إلى الرواية موجودة في مستدرك الوسائل جزء 13 صفحة 73 [4] لفظ الحديث أن علياً “عليه السلام” سئل عن الزيت يقع فيه إلى آخر الرواية.

إلى هنا كلامنا كله في الدهن المتنجس الآن من المصداق الخاص الدهن المتنجس إلى الكلي كل متنجس الكلام هو الكلام كل متنجس إما أن نلتزم أن الأصل هو الجواز لوجود منفعة مقصودة إلا ما خرج بالدليل وهذا مسلك المتأخرين أو نلتزم أن الأصل هو الحرمة.

الشيخ الأنصاري يرى أن المدار على وجود منفعة مقصودة فالمنفعة المقصودة جائزة والبيع للمنفعة المقصودة جائز.

يقول ثم لو قلنا بجواز البيع في الدهن لغير المنصوص من الانتفاعات المباحة مثل عمل الصابون ما هو المنصوص؟ الاستصباح ما هو غير المنصوص؟ الطلاء وعمل الصابون فهل يجوز بيع غيره يعني غير الدهن من المتنجسات المنتفع بها في المنافع المقصودة المحللة كالصبغ والطين ونحوهما الطلاء أم يقتصر على المتنجس المنصوص وهو الدهن غاية الأمر التعدي من حيث غاية البيع إلى غير الاستصباح يعني أنت تقتصر فقط على الزيت تتعدى في المستثنى وهو الاستصباح تقول الاستصباح لم يؤخذ على نحو الموضوعية أخذ على نحو الطريقية يعني كل فائدة تترتب على الزيت المتنجس، استصباح، طلاء، عمل صابون لكن كلها خاصة بالزيت فالتعدي يكون في خصوص المستثنى.

القول الثاني التعدي في المستثنى منه في الزيت ما نخص الجواز بخصوص الزيت المتنجس بل كل متنجس زيتا أو غير زيت.

إشكال يوجد وجه للمنع ووجه إلى الجواز

ما هو وجه المنع؟ إذا نراجع النصوص عندنا فقط الوارد في خصوص الزيت تعدية إلى غيره يحتاج إلى دليل وأما وجه الجواز أن المدار في الحل والتحريم ليس على النجاسة بل على وجود منفعة.

إشكال أولا يتطرق إلى وجه المنع،

ما هو وجه عدم جواز وجه المنع؟ من ظهور استثناء الدهن في كلام المشهور في عدم جواز بيع ما عداه يعني ما عدى الدهن المتنجس بل عرفت من المسالك [5] نسبة عدم الفرق بين ماله منفعة محللة وما ليست له منفعة محللة إلى نص الأصحاب لأن المدار على النجاسة إذا المدار على النجاسة لا فرق بين وجود منفعة وعدم وجود منفعة لا فرق بين إعلامهم وعدم إعلامهم إذن وجه المنع أن العلة هي النجاسة والاقتصار على النص وجه الجواز المدار على وجود منفعة.

وجه الجواز ومما تقدم في مسألة جلد الميتة من أن الظاهر من كلمات جماعة من القدماء والمتأخرين كالشيخ الطوسي في الخلاف وابن زهرة والعلامة وولده ـ فخر المحققين ـ والفاضل المقداد ـ السيوري ـ والمحقق الثاني[6] ـ الكركي ـ وغيرهم مثل جامع المقاصد المحقق الكركي دوران المنع عن بيع النجس مدار جواز الانتفاع به ـ النجس ـ وعدمه ـ وعدم الانتفاع بالنجس ـ يعني إذا انتفعت بالنجس يجوز بيعه ما انتفعت ما يجوز بيعه إلا ما خرج بالنص مثل كإليات الميتة[7] مثلا دل الدليل على جواز الانتفاع بها، الإلية المبانة من الخروف ممكن الاستفادة منها لوجود النص، أو مطلق نجس العين إلا ما خرج بالنص هذه كإليات الميتة مثلا هذه مثال إلى ما خرج بالنص.

يقول المدار على جواز الانتفاع وعدم الجواز إلا موردين نستثنيهم،

المورد الأول ما خرج بالنص،

المورد الثاني مطلق نجس العين على ما سيأتي من الكلام فيه لأن نجس العين كالكلب والخنزير غير قابل للتطهير وهذا هو الذي يقتضيه استصحاب الحكم قبل التنجس.

هذا من موارد الاستصحاب التعليقي الشيخ الأنصاري والآخوند الخراساني يرون جريان الاستصحاب التعليقي، المعاصرون كالسيد الخوئي والشهيد الصدر والميرزا النائيني يرون أن الاستصحاب التعليقي لا يجري، تقول هذا الدهن قبل ما تنجس كان طاهر أو نجس؟ كان طاهر،

كان يجوز بيعه أو لا يجوز؟ يجوز بيعه لما وقعت فيه النجاسة استصحب نقول نشك هل يجوز بيعه أو لا يجوز لا تنقض اليقين بالشك نستصحب بقاء جواز بيعه ونستصحب جواز الانتفاع به، هذا الاستصحاب معلق على عدم وقوع نجاسة هنا الموضوع قد تغير هذا زيد كان طاهر الآن زيد صار نجس تنجس، الشيخ الأنصاري يرى أنه الاستصحاب التعليقي يجري لذلك قال وهذا يعني جواز الانتفاع به هو الذي يقتضيه استصحاب الحكم قبل التنجس قبل ما يتنجس يجوز الانتفاع به بعد التنجس نشك لا تنقض اليقين بالشك نستصحب جواز الانتفاع وهي القاعدة المستفادة من تحف العقول من قوله “عليه السلام” (إن كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك كله حلال)[8] إذن هذه القاعدة أنه ما دام في جهة حلال يجوز للانتفاع ويجوز للبيع هذه القاعدة التي أخذناها من الاستصحاب التعليقي مأخوذة من روايتين أيضا الرواية الأولى تحف العقول الرواية الثانية دعائم الإسلام وما تقدم من رواية دعائم الإسلام من حل بيع كل ما يباع الانتفاع به.[9]

وهذا هو الذي يقتضيه استصحاب الحكم قبل التنجس وهي القاعدة المستفادة من شيئين الشيء الأول مستفادة من قوله في رواية تحف العقول ومستفادة مما تقدم من رواية دعائم الإسلام ما تقدم من الآيات الرجس والرُجز واضح أنهما يفيدنا في المقام لأن الرجس والرُجز بناء على أن الرُجز هو الرجس ناظر إلى الأعيان النجسة لا الأعيان المتنجسة بحثنا نحن في الانتفاع بالأعيان المتنجسة وبيع الأعيان المتنجسة لا الأعيان النجسة فالآيات خارجة تخصصا.

قال وأما قوله تعالى ﴿فاجتنبوه﴾[10] وقوله تعالى ﴿والرجز فاهجر﴾[11] فقد عرفت أنهما لا يدلان على حرمة الانتفاع بالمتنجس بل يدلان على حرمة الانتفاع بالنجس فإذا ما دلوا على حرمة الانتفاع من باب أولى بعد ما يدلون على حرمة البيع لأنه جواز البيع وعدمه مترتب على جواز الانتفاع وعدمه إذا جاز الانتفاع جاز البيع حرم الانتفاع حرم البيع لذلك قال لا يدلان على حرمة الانتفاع بالمتنجس فضلا عن حرمة البيع على تقدير يعني على فرض جواز الانتفاع، أحيانا يجوز الانتفاع لكن يحرم البيع هذا تقدم الكلام في جلد الميتة.

ومن ذلك يظهر عدم صحة الاستدلال فيما نحن فيه وهو بيع الأعيان المتنجسة لوجود منفعة فيها، في رواية تحف العقول عن بيع شيء من وجوه النجس بعد ملاحظة تعليل المنع فيها بحرمة الانتفاع،

أولا ذكرت الأعيان النجسة العناوين النجسة،

ثانيا هي ذكرت الضابطة،

ما هي الضابطة؟ وجود انتفاع أو عدمه فمع عدم وجود الانتفاع لا يجوز ومع وجود وجه للانتفاع يجوز.

في الختام إذا تراجع كلمات جملة من الأعلام كلماتهم مطلقة قالوا لا يجوز حرام ما فصلوا يوجد فيه نفع لا يوجد فيه نفع، كيف تحمل هذه المطلقات، هذا ما يأتي في الدرس القادم، ويمكن حمل كلام من أطلق المنع عن بيع النجس يأتي عليه الكلام.

 


[3] حاشیة الارشاد ص204.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo