< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/27

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثالث والثلاثون: توجيه كلام من أطلق المنع

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ويمكن حمل كلام من أطلق المنع عن بيع النجس إلا الدهن لفائدة الاستصباح على إرادة المائعات النجسة.[1]

كان الكلام في الاكتساب بغير الدهن من المتنجسات قلنا بالنسبة إلى الدهن المتنجس دلت الروايات الشريفة على أنه لا يجوز الاستفادة منه في الأكل والشرب ولكن يجوز الانتفاع به في خصوص الاستصباح تحت السماء ثم وقع الكلام هل يقتصر في الاستثناء على خصوص الاستصباح أم يشمل الفوائد الأخرى كصناعة الصابون وطلي الدواب مثلاً؟ اليوم نرجع إلى كلمات الأعلام القدماء لنرى أنها مطلقة.

تقول لا يجوز بيع النجس إلا الدهن المتنجس لفائدة الاستصباح فإذا اقتصرنا على هذه العبارة نقول لا نتعدى إلى غير الاستصباح من الفوائد ولكن لو أمعنا النظر سنجد أن العبارة لم تقل إلا الاستصباح وإنما قالت إلا لفائدة الاستصباح فالمستثنى ليس هو خصوص الاستصباح بل المستثنى الفائدة وأبرزها الاستصباح من هنا قد يقال يمكن حمل أطلاقات العلماء المانعة لبيع النجس على خصوص المائعات النجسة والمتنجسة فيما يتعلق بالأكل والشرب فمن منع لم يكن ناظراً إلى مطلق المنع وإنما ناظر إلى خصوص المائعات في فائدتها المتعارفة في ذلك الوقت وهو الأكل والشرب فتكون النتيجة أنه يجوز استخدام الدهن المتنجس في الاستصباح ويجوز استخدام الدهن المتنجس في صناعة الصابون بل يجوز استخدام حتى غير الدهن المتنجس يعني تارة أنت تعمم من جهة المستثنى وهو الاستصباح فتعممه إلى صناعة الصابون وأحيانا تعمم من جهة المستثنى منه وهو الدهن المتنجس فتعممه إلى مطلق المتنجس.

هذه عبارة العلامة الحلي وذكرها المحقق الكركي، إلا الدهن المتنجس لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة

أولا لفظ خاصة هل يعود إلى الاستصباح أو يعود إلى السماء إذا أرجعت خاصة إلى الاستصباح ففي هذه الحالة لا يجوز استعمال الدهن المتنجس في غير الاستصباح كصناعة الصابون وإما إذا قلت خاصة ترجع إلى أقرب المراجع وهو لفظ السماء تقول لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة يعني دون السقف يقولون في النحو الضمير يرجع إلى اقرب المراجع أقرب لفظة إلى خاصة هي لفظة السماء فتصير لفظة خاصة ناظرة إلى خصوصية السماء لنفي الاستصباح تحت السقف ولا نرجع لفظ خاصة إلى الاستصباح.

الأمر الثاني لا يجوز بيع النجس إلا الدهن المتنجس لتحقق فائدة الاستصباح لي هذه اللام هل هي لام التعليل أو لام الغاية إن قلت لام الغاية يعني أنت لا يجوز لك أن تبيع الدهن المتنجس لكن يجوز لك أن تبيع الدهن المتنجس إذا قصدت بيعه لكي يستصبح به وهكذا المشتري لا يجوز له يشتري الدهن المتنجس إلا إذا قصد من الشراء الاستصباح به تحت السماء فإذا اللام قد تكون لام الغاية يعني الغاية من بيع الدهن المتنجس الاستصباح به هذا احتمال.

الاحتمال الآخر اللام لام تعليل يعني أصلا الدهن المتنجس لا يجوز بيعه،

لماذا جاز بيعه؟ بعلة ترتب منفعة عليه وهي الاستصباح تحت السماء إذن اللام يدور أمرها بين لام التعليل وبين لام الغاية إن حملنا اللام على لام الغاية ثبتنا اشتراط القصد يعني البائع والمشتري إذا يقدم على بيع وشراء الدهن المتنجس لابد أن يقصد الغاية وهي الاستصباح تحت السماء فيصير القصد داخل في البيع قصد الاستصباح داخل في حق البيع وأما إذا قلنا اللام لام تعليل يصير هذا التعليل داخل في الجواز في الحكم وليس البيع الذي هو متعلق الحكم، يجوز البيع للاستصباح إذا اللام لام الغاية يصير الاستصباح والغاية دخيل في البيع الذي هو متعلق الجواز وإذا اللام لام تعليل يجوز البيع للاستصباح تصير اللام متعلقة بالحكم بـ يجوز.

إن قلنا إن اللام هي لام التعليل في هذه الحالة تكون علة إلى الحكم وهو الجواز وإن قلنا إن اللام لام الغاية تكون لها مدخلية في متعلق الحكم وهو البيع، الشيخ الأنصاري يأتي بمقيد ويقول هذه لام التعليل وليست لام الغاية، لو قال للاستصباح يمكن أن تقول لام الغاية ولكن لم يقل للاستصباح قال لفائدة الاستصباح فرق بين أن يقول للاستصباح يعني لغاية الاستصباح وبين أن يقول لفائدة الاستصباح يعني الفائدة هي العلة هذه حالها حال لا يجوز شرب الابوال البهائم إلا البعير للشرب يعني لفائدة الشرب أنت لا تحملها لغاية الشرب يعني لا يجوز شرب الابوال يعني هذه مائعات لا منفعة فيها وجاز شرب بول البعير لوجود فائدة وهي الاستشفاء، إذن هذا قرينة على أن اللام لام التعليل لأنها ذكرت العلة يعني يريد أن يقول هكذا من قال لا يجوز بيع النجس يعني هذا النجس ليس فيه أي فائدة النجس يعني المائعات النجسة والمتنجسة ليس فيها أي فائدة بعد ذلك تقول فيها فائدة الاستصباح تحت السماء في هذه الحالة يجوز بيعها فالذي اوجب الجواز وجود الفائدة.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ويمكن حمل كلام من أطلق المنع عن بيع النجس قال لا يجوز بيع النجس إلا الدهن لفائدة الاستصباح لم يقل للاستصباح إلا الدهن لفائدة الاستصباح ويمكن حمل كلام من أطلق المنع على إرادة المائعات يعني قصد المائعات النجسة التي لا ينتفع بها غير الأكل والشرب منفعة محللة مقصودة من أمثالها هذه المائعات المتنجسة إذا هي متنجسة ولا تأكل ولا تشرب ولا توجد فائدة أخرى قطعاً يحرم ويؤيده ويؤيد هذا الحمل الحمل على المائعات المتنجسة التي لا ينتفع بها في غير الأكل والشرب تعليل استثناء الدهن بفائدة الاستصباح وليس بنفس الاستصباح لو علل بنفس الاستصباح يمكن الحمل على الغاية لكنه علل بالفائدة نظير استثناء بول الإبل للاستشفاء يعني لا يجوز بيع بول المواشي إلا الإبل للاستشفاء يعني لفائدة الاستشفاء وإن احتمل أن يكون ذكر الاستصباح لبيان ما يشترط أن يكون غاية للبيع،

ما هي غاية البيع؟ الاستصباح به تحت السماء هذا شرط، هذا احتمال.

شيخنا الأنصاري تؤيد الدليل أو الغاية؟ يقول أأتي لك بكلام المحقق الثاني الكركي وهذا شاهد يؤيد التعليل.

قال في جامع المقاصد المحقق الكركي في شرح قول العلامة الحلي قدس إلا الدهن المتنجس لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة لتحقق فائدة الاستصباح لم يقل لتحقق الاستصباح فائدة ذكر، الثاني تحت السماء خاصة هذه خاصة تعود إلى أقرب المراجع لفظ السماء وليس الاستصباح.

قال المحقق الثاني الكركي وليس المراد بخاصة بيان حصر الفائدة يعني خاصة ليست راجعة إلى فائدة الاستصباح كما هو الظاهر، قد واحد من الظاهر يرى هكذا كلا كما هو الظاهر، الظاهر هو أن خاصة راجعة إلى السماء

لماذا هذا هو الظاهر؟ لأن الضمير يعود إلى اقرب المراجع.

وقد ذكر شيخنا الشهيد في حواشيه، الآن صاحب جامع المقاصد يذكر شاهد للشهيد الأول يؤيد أن اللام للتعليل، قال وقد ذكر شيخنا الشهيد في حواشيه أن في رواية جواز اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس وصرح مع ذلك بجواز الانتفاع به فيما يتصور من فوائده كطلي الدواب.

هنا إشكال هذه الصياغة التي جاء بها لا يجوز بيع الدهن إلا هذه تفيد الحصر، يقول هذه تفيد الحصر إذا قال إلا للاستصباح لكن إذا قال إلا لفائدة الاستصباح الفائدة فيها تعميم قال إن قيل إن العبارة تقتضي حصر الفائدة لأن الاستثناء في سياق النفي يفيد الحصر هكذا لا يجوز بيع الدهن المتنجس إلا لفائدة الاستصباح فإن المعنى في العبارة إلا الدهن المتنجس لهذه الفائدة ـ فائدة الاستصباح ـ قلنا ليس المراد ذلك يعني حصره في خصوص الاستصباح لأن الفائدة بيان لوجه الاستثناء يعني هو

لماذا لم يجز؟ لأنه ليس فيه فائدة حينما قال إلا لفائدة يعني متى ما وجدت الفائدة جاز ولو لم تكن الفائدة هي خصوص الاستصباح.

قلنا ليس المراد ذلك لأن الفائدة بيان لوجه الاستثناء يعني الوجه الذي اوجب الاستثناء أي إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح وهذا لا يستلزم الحصر ويكفي في صحة ما قلنا يريد أن يقول إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال أنت الآن تدعي أن العبارة تفيد الحصر نحن ذكرنا لك احتمالا هذا الاحتمال يكفي في زعزعة القول بالحصر لذلك قال ويكفي في صحة ما قلنا تطرق الاحتمال في العبارة أنه هو يعم كل فائدة سواء كانت استصباح أو غير استصباح هذا الاحتمال المقتضي لعدم الحصر[2] إذا ورد الاحتمال بطل القول بالحصر.

وكيف كان فالحكم بعموم كلمات هؤلاء لكل مائع متنجس مثل الطين والجص المائعين والصبغ وشبه ذلك محل تأمل فالحكم يعني المنع أنهم يمنعون بيع الطين المتنجس والجص المتنجس والصبغ المتنجس محل تأمل وجه التأمل ما هو وجود فائدة تترتب عليه خصوصاً إلى رجعنا إلى كلمات المتأخرين نجد أن المدار عندهم في الحكم على وجود المنفعة لا على وجود النجاسة فمتى ما وجدت منفعة جاز قال وما نسبه إلى المسالك من عدم فرقهم الأصحاب في المنع عن بيع المتنجس بينما يصلح للانتفاع به وما لا يصلح[3] فلم يثبت صحته من قال إنه يجوز مطلقاً انتفعوا به أو ما انتفعوا هنا أيضا انتفاع ما ذكر منفعة مقصودة واضح الانتفاع العهدية الانتفاع المقصود عند العقلاء فلم يثبت صحته مع ما عرفت من كثير من الأصحاب من أجل إناطة الحكم في كلامهم مدار الانتفاع [4] لا مدار النجاسة، المهم وجود انتفاع فإذا توجد منفعة مقصودة جاز وإن لم توجد منفعة مقصودة حرم لأنه متنجس وليس فيه منفعة معتد بها يبقى الكلام فيما طرحه المحقق الكركي والعلامة الحلي حول الصبغ وفيه تفاصيل، ولأجل ذلك يعني أن المدار على الانتفاع لا على النجاسة، ولأجل ذلك استشكل المحقق الثاني يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo