< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/02/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الخامس والثلاثون: دفع توهم الإجماع على الحرمة بظهور كلمات الفقهاء في الجواز

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وما دل من الإجماع والأخبار على حرمة بيع نجس العين قد يدعى اختصاصه بغير ما يحل الانتفاع المعتد به.[1]

كان الكلام في بيع نجس العين قلنا يوجد قولان:

القول الأول الأصل حرمة بيع نجس العين إلا ما خرج بالدليل.

القول الثاني الأصل جواز الانتفاع بنجس العين إلا ما خرج بالدليل.

الشيخ الانصاري "رحمه الله" من أنصار القول الثاني يقو عندنا أصل أصيل وهو أصالة الحل واصالة الإباحة، أحل لكم ما في الأرض جميعا، كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام، وهذا الأصل لا ترفع اليد عنه إلا إذا قام دليل اجتهادي على ثبوت الحرمة والادلة التي أقيمت إما آيات أو روايات أو اجماعات وقد مضى الحديث في دلالة الآيات والروايات وأتضح أنها لا تدل على حرمة بيع نجس العين مطلقاً وإنما دلت على حرمة بيع نجس العين للمنافع المعهودة فالميتة تحرم للأكل والخمر يحرم للشرب بقي الكلام في الإجماعات المدعى، الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول لو راجعنا الاجماعات لوجدنا أن هذه الاجماعات يمكن توجيهها بأحد وجهين وكلا هذين الوجهين لا يثبت حرمة بيع نجس العين:

الوجه الأول أن يدعى أن الإجماعات المعقودة على حرمة بيع نجس العين مختصة بغير ما يحل الانتفاع المعتد به يعني هي ناظرة إلى حرمة الانتفاعات المعتد بها يعني يحرم بيع الميتة ناظر إلى الإنتفاع المعتد به الأكل واللبس والخمر الانتفاع المعتد به الشرب والدم الانتفاع المعتد به الأكل دون الصبغ، الصبغ ليس انتفاع معتد به فيدعى أن هذه الاجماعات تختص بالإنتفاعات المعتد بها ناظرة إلى نجس العين الذي يشترى ويباع لانتفاعات معتد بها والحال أنه نجس، عادة الانتفاعات المعتدة أكل وشرب ولبس في الصلاة هذا التوجيه الأول.

التوجيه الثاني هذه الاجماعات ناظرة إلى أن علة حرمة البيع هو النجاسة بشكل مستقل بقطع النظر عن جواز الانتفاع من عدمه بالتالي لا توجد ملازمة يصير نجس العين يجوز تنتفع به لكن لا يجوز أن تبيعه، نجس العين يجوز تنتفع به لوجود فائدة محللة مقصودة عند العقلاء، لا يجوز أن تبيعه لأنه نجس العين فيصير الدم تصير تصبغ الثوب لأنه فائدة مقصودة عند العقلاء ولكن لا يجوز أن تبيع الدم لأن الدم نجس العين فحرمة البيع ليست معلقة على وجود منفعة أو عدم منفعة حرمة بيع نجس العين ليست مترتبة على جواز الانتفاع وعدم جواز الانتفاع حرمة بيع نجس العين مترتبة على وجود النجاسة بشكل مستقل عن جواز الانتفاع وعدمه فلا توجد ملازمة بين جواز البيع وجواز الانتفاع فقد يجوز الانتفاع لكن لا يجوز البيع.

قال وما دل من الإجماع والأخبار على حرمة بيع نجس العين قد يوجه بتوجيهين:

التوجيه الأول قد يدعى اختصاصه يعني اختصاص ما دل من الإجماع على حرمة نجس العين قد يدعى اختصاصه يعني اختصاص بيع النجس نجس العين بغير ما يحل الانتفاع المعتد به يعني قد يدعى اختصاص حرمة بيع نجس العين بغير الذي يحل الانتفاع المعتد به يعني ناظر إلى المنافع غير المعتد بها.

التوجيه الثاني أو يمنع استلزامه يعني استلزام حرمة بيع نجس العين لحرمة الانتفاع يعني هناك تفكيك بين حرمة البيع وبين حرمة الانتفاع يجوز الانتفاع لكن يحرم البيع لوجود علة النجاسة بناء على أن هذا المبنى لا يلتزم به الشيخ الأنصاري، بناء على أن نجاسة العين مانع مستقل يعني بنفسه مانع لوحده مانع مع غض النظر عن جواز الانتفاع مانع مستقل عن جواز البيع من غير حاجة إلى إرجاعها، إرجاع حرمة بيع نجس العين إلى عدم المنفعة المحللة يعني إلى عدم وجود منفعة محللة كما في التوجيه الأول، التوجيه الأول علة الحرمة عدم وجود منفعة محللة.

أنت تدعي إجماع موجود هذا وهم فلنتتبع كلمات القوم من الشيخ الطوسي شيخ الطائفة إلى من جاء بعده ويذكر كلمة كلمة كلها تدل وتكشف على أنه من قال أن نجس العين يحرم مطلقاً بسبب النجاسة فيه تفصيل نجس العين يحرم إذا ما في منفعة مقصودة أما إذا فيه منفعة مقصودة يجوز بيعه.

وأما توهم الإجماع يعني توهم قيام الإجماع على حرمة بيع نجس العين مطلقاً فمدفوع بظهور كلمات كثير منهم من الفقهاء في جواز الانتفاع في الجملة، في الجملة يعني في بعض الموارد لا بالجملة يعني لا في جميع الموارد.

قال في المبسوط الشيخ الطائفة الطوسي إن سرجين ما لا يؤكل لحمه يعني خروج ما لا يؤكل لحمه ـ مدفوعه ـ مقابل الغائط عند الإنسان هذه الألفاظ متقابلة، الخرء للكلاب والغائط للإنسان والسرجين لما لا يؤكل لحمه.

قال في المبسوط إن سرجين ما لا يؤكل لحمه

لماذا قيد ما لا يؤكل لحمه؟ لأن الذي يؤكل لحمه ما يكون سرجينه نجس، وعذرة الإنسان وخرء الكلاب لا يجوز بيعها ويجوز الانتفاع بها في الزورع والكروم وأصول الشجر بلا خلاف[2] ، لاحظ هنا كلا التأويلين لا يجوز بيعها هذا ناظر لأن ليس فيها منافع محللة مقصودة والدليل قال ويجوز الانتفاع بها في الزروع والكروم يعني لوجود منفعة مقصودة في هذا المجال يجوز الانتفاع هذا بناء على التوجيه.

بناء على التوجيه الثاني لا يجوز بيعها لأنها نجسة ونفكك بين النجاسة التي هي علة مستقلة لحرمة البيع وجواز الانتفاع.

وقال العلامة في التذكرة يجوز اقتناء الأعيان النجسة لفائدة [3] ونحوها في القواعد [4] وقرره على ذلك يعني وأقر ما جاء به العلامة الحلي على ذلك يعني على جواز الاقتناء لفائدة في جامع المقاصد المحقق الكركي وزاد عليه قوله لكن هذه يعني المنفعة وجود المنفعة لا تصيرها مالاً يعني لا تصير الأعيان النجسة مالا بحيث يقابل بالمال [5] يعني بيعاً يعني وجود الفائدة لا يصحح المعاوضة، يقول وجود منفعة في الأعيان النجسة بحيث يجوز أن تقتنيها مثل تجعلها تحفة هذا كلب محنط يجوز تقتنيه وتضعه تحفة عندك، يجوز الاقتناء به لفائدة الزينة يقول لكن هذه الفائدة لا تجعل له مالية بحيث يجوز بيعه وشراءه.

لكن هذه وجود الفائدة لا تصيرها يعني لا تصير الأعيان النجسة مالاً بحيث يقابل بالمال يعني في المعاوضة والبيع وقال في باب الأطعمة والأشربة من مختلف الشيعة العلامة الحلي إن شعر الخنزير يجوز استعماله مطلقاً، الإطلاق في مقابل من قال بجواز استعمال شعر الخنزير لكي يجعل خيطاً في سقي البساتين.

من شعر الخنزير يصنعون خيط وهذا الخيط يربطون به الدلو ويسقون البساتين فبعضهم قال بالجواز في خصوص سقي البساتين بالدلاء يعني في خصوص ما يجعل خيطاً لسقي البساتين بالدلاء هذه فائدة عند العقلاء.

وقال في بعض الأطعمة والأشربة من مختلف إن شعر الخنزير يجوز استعماله مطلقاً مستدلاً بأن نجاسته لا تمنع الانتفاع به لما فيه من المنفعة الخالية عن ضرر عاجل ـ دنيوي ـ وآجل[6] ـ أخروي ـ وقال الشهيد الأول في قواعده النجاسة ما حرم استعماله في الصلاة والأغذية لاستقذار النجاسة بول غائط دم قذر أو للتوصل بها بالحرمة إلى الفرار، بعض الأمور ما يستقذرها الإنسان مثل العصير العنبي أو الخمر هنا الله نجسه حتى تفر منه، مجرد النجاسة ما توجب أن تفر منه فالله حرمه فالتحريم فراراً من النجاسة وإلا النفس تقبل على الخمر.

النفس قد تقبل على الخمر وعلى العصير العنبي فجعل التحريم لكي تفر من النجاسة يعني الله جعلها نجسة وحرمها لكي يتوصل من التحريم إلى الفرار عن النجاسة.

أو للتوصل بها ـ بما حرم استعماله ـ إلى الفرار يعني إلى الفرار عن النجاسة، قيد الأغذية ليس خاص بالأغذية قيد الأغذية يشمل الأشربة لكن الروايات التي وردت وردت في الأغذية فإذن الأغذية مورد الحكم مورد الروايات وليست خاصة وليس هناك اختصاص وخصوصية للأغذية، الصلاة لا صلاة إلا بطهور وعندنا أيضا الطواف لا يصير إلا بطهور فإذا ذكر الصلاة فهنا معناه يعم الحج أيضا.

يعلق الشيخ الأنصاري يقول ثم ذكر أن قيد الأغذية لبيان مورد الحكم في الرواية يعني الأغذية هي مورد الحكم بالحرمة لا أن الأغذية اختصت بها الرواية الرواية غير خاصة بالأغذية وإنما وردت الأغذية في الرواية فالأغذية هي مورد الحكم في النجاسة.

وفيه يعني الأغذية تنبيه عن الأشربة كما أن في الصلاة تنبيهاً على الطواف[7] انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

الآن يعلق الشيخ الأنصاري يقول وهو كالنص في جواز الانتفاع بالنجس في غير هذه الأمور التغذية والأشربة الصلاة والطواف ولم يقل الحج لأنه من شروط الطواف بالبيت صلاة الرواية في حكومة تنزيلية نزل الطواف منزلة الصلاة في اشتراط الطهارة.

وقال الشهيد الثاني في الروضة البهية عند قول المصنف الشهيد الأول في اللمعة الدمشقية في عداد ما لا يجوز بيعه من النجاسات قال الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي والدم قال الشهيد الثاني في الروضة وإن فرض له نفع حكمي کالصبغ هناك نفع حقيقي وهناك نفع حكمي،

ما الفرق بين النفع الحكمي والحقيقي؟ النفع الحقيقي مثل الدم حقيقة ينتفع به في التغذية في الأكل والشرب أما النفع الحكمي فهو ليس بنفع ولكن ملحق بالنفع حكمه حكم النفع فيقال نفع حكمي مثل الآن أنت تستغرب حينما قال لك يصبغ الثوب بالدم أول ما تسمع تستغرب لأن عادة لا ينتفع بالدم في الصباغة فالصباغة نفع حكمي.

قال وإن فرض له ـ للدم ـ نفع حكمي كالصبغ يعني الصبغ ليس نفعاً حقيقياً وإنما الحق بالنفع فهو نفع حكمي وأبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه وإن فرض لهما ـ الأبوال والأرواث ـ نفع [8] فإن الظاهر أن المراد بالنفع المفروض للدم والأبوال والأرواث هو النفع المحلل وليس النفع المحرم وإلا لو كان المراد النفع المحرم لم يحسن ذكر هذا القيد في خصوص هذه الأشياء دون سائر النجاسات، كل النجاسات لديها منافع محرمة وهي متقصد المنافع المحللة المقصودة ولا ذكر خصوص الصبغ مع أن الأكل هي المنفعة المتعارفة المنصرف إليها الاطلاق في قوله تعالى ﴿حرمت عليكم الميتة والدم﴾[9] بحسب مناسبة الحكم والموضوع أكل الميتة أو لبسها وشرب الدم وأكله والمسوق لها الكلام في قوله تعالى ﴿أو دماً مسفوحاً.﴾ [10]

إلى هنا استدل بصريح كلامهم الآن بالنسبة إلى المحقق الكركي وهو دقيق في عباراته،الشيخ الأنصاري يستدل بظاهر كلامه ليس صريح كلامه وما ذكرنا ـ جواز الانتفاع بالنجس ـ في غير الأمور المعتد بها كالأكل والصلاة هو ظاهر المحقق الثاني الكركي حيث حكا عن الشهيد الأول أنه الشهيد الأول حكا عن العلامة الحلي جواز الاستصباح بدهن الميتة، هو المعروف جواز الاستصباح بالدهن المتنجس هذا بدهن الميتة.

الميتة فيها خصوصية روايات خاصة تنهى عن الاستفادة منها مطلقاً نعم بعض الروايات يستفاد منها أنه مقود أو غلاف السيف ومرت الروايات.

حكا عن العلامة جواز الاستصباح بدهن الميتة ثم قال وهو بعيد هذا كلام المحقق الكركي، لعموم النهي عن الانتفاع بالميتة [11] ولم يقل لعموم النهي عن الانتفاع بالنجس. الشيخ الأنصاري يقول لو كان المحقق الكركي يرى أنه لا يجوز الانتفاع بالنجس مطلقاً لعلل به ولم يحتج إلى التعليل بالميتة لكن علل لعموم النهي عن الانتفاع بالميتة يعني يجوز الانتفاع بالنجس إلا الميتة لخصوصية روايات خاصة في الميتة، يمكن مبناه يرى المبنيين يرى العام والخاص يرى أن عموم الانتفاع بالنجس حرام وعموم الانتفاع بالميتة أيضا غير تام لذلك يقول وكيف كان يعني استظهرت أو ما استظهرت قال فإن عدوله ـ عدول المحقق الكركي ـ عن التعليل بعموم المنع عن الانتفاع بالنجس يعني عن مطلق الانتفاع بالنجس إلى ذكر خصوص الميتة يعني إلى المنع عن خصوص الانتفاع بالميتة يدل على عدم العموم في النجس يعني ليدل على عدم عموم المنع في النجس يعني ليس كل نجس ممنوعاً وكيف كان يعني سواء استظهرت إن المحقق الكركي يرى جواز الانتفاع بعموم النجس أو لا يرى استظهرت معنى أو لا فلا يبقى بملاحظة ما ذكرنا يعني من الكلمات التي تقدمت وهي صريحة وثوق بنقل الإجماع هذا الاجتماع المتقدم عن شرح الارشاد لفخر المحققين والتنقيح [12] للمقداد السيوري هناك دعوى الإجماع على حرمة الانتفاع بالنجس، هذا الإجماع الذي ادعي أنه جابر لضعف رواية تحف العقول الناهية عن جميع التقلب في النجس حتى روايات تحف العقول من أولها، أنت تقول جميع التقلب،

ما المراد بجميع التقلب؟ ما نحملها جميع التقلب يعني جميع الاستعمالات، جميع التقلب يعني جميع التعاطي،

ما المراد بالتعاطي؟ المراد بمختلف التعاطي يعني مختلف المعاملات والمعاوضات يعني بيع إجارة هبة فالمراد مختلف التقلب يعني مختلف التعاطي يعني مختلف المعاوضات وليس مختلف الاستعمالات هذا معنى إلى التعاطي أكثرهم حملوه على هذا المعنى.

هذا مجرد احتمال أن يراد من جميع التقلب جميع أنواع التعاطي، جميع أنواع التعاطي فيه تفسيران، التفسير الأول جميع أنواع المعاملات والمعاوضات، الثاني جميع أنواع التعاطي يعني من أكل وشرب لا الاستعمالات يعني وليس جميع الاستخدامات ويراد من إمساكه يعني خصوص إمساكه للوجه المحرم وليس إمساكه للوجه المحلل ولعله للإحاطة بما ذكرنا أختار بعض الأساطين في شرحه على القواعد هنا كاشف الغطاء قيده بتقيد آخر،

ما هو هذا القيد الذي جاء به كاشف الغطاء؟ يقول ليس مطلق الاستعمال حرام الاستعمال الذي فيه توهين أحياناً واحد ملعون وهو يريد أن يوهن ويستخدم قاذورات أحيانا شخص لا يريد أن يوهن فقيدها هكذا الشيخ جعفر كاشف الغطاء، ولعله للإحاطة بما ذكرنا يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo