< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السابع والثلاثون: اتمام الكلام في جواز بيع نجس العين أو عدمه

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ومما ذكرنا ظهر الحال في البول والعذرة والمني.[1]

لا زلنا نتكلم في الاكتساب بالأعيان النجسة واستظهرنا هذا الاستظهار قلنا إن الروايات التي تنهى عن الانتفاع بالأعيان النجسة ناظرة إلى المنافع الغالبة والمعتد بها والمقصودة عند العقلاء وليست ناظرة إلى المنافع النادرة لأن العرف يتسامح وينزل المنافع النادرة منزلة العدم فهذه المنافع الجزئية ينزلها العرف منزلة العدم وبالتالي نحن لا نحمل لفظ الانتفاع المطلق على المنافع المقصودة بدعوى الانصراف ونقول إن لفظ الانتفاع المطلق ينصرف إلى خصوص المنافع المقصودة والغالبة وإنما نقول إن العرف ينزل المنافع النادرة والجزئية منزلة العدم.

قال الشيخ الأنصاري "قدس" ومما ذكرنا يعني من أن العرف ينزل المنافع الجزئية والنادرة منزلة العدم فتكون الروايات التي تنهى عن الانتفاع بنجس العين ناظرة إلى خصوص المنافع المتعارفة والمقصودة.

ومما ذكرنا ظهر الحال في البول والعذرة والمني فإنها مما لا ينتفع بها يعني مما لا ينتفع بها غالبا يعني لا توجد لها منافع مقصودة عند العقلاء لكن لها منافع نادرة وجزئية وإن استفيد منها ـ البول والعذرة والمني ـ بعض الفوائد كالتسميد جعلها سماد إلى النبات والزرع والإحراق كما هو سيرة بعض الجصاصين من العرب يخلطون الجث بالعذرة لكي يكون متماسك، كما هو سيرة بعض الجصاصين من العرب كما يدل عليه ـ على هذه الفائدة ـ وقوع السؤال في بعض الروايات عن الجص يوقد عليه العذرة وعظام الموتى ويجصص به المسجد فقال الإمام "عليه السلام" (إن الماء والنار قد طهراه[2] ) بل في الرواية إشعار بالتقرير لم يقل دلالة على التقرير، بالتقرير يعني أن الإمام "عليه السلام" أقر جواز تجصيص المسجد بالجص المحترق بالعذرة،

أين الإشعار في الرواية؟ قوله "عليه السلام" قد طهراه استخدم الفعل الماضي يعني كأنما هذا قد فرغنا عنه لم يقل إن النار والماء يطهرانه قد طهراه هذا مفروغ عنه كأنما الإمام "عليه السلام" أقر وأمضى جواز استعمال الجص المحترق بالعذرة في بناء المسجد فتفطن لعله إشارة إلى أن الرواية ناظرة إلى الطهارة وعدم التنجيس وليست ناظرة إلى جواز استعمال ذلك في المسجد فالطهارة شيء وجواز الاستعمال شيء آخر.

كاشف الغطاء حمل الروايات التي تنهى عن الانتفاع بنجس العين على عدم الاكتراث والمبالاة بالنجاسة شيخنا الأنصاري يناقش يقول هذه دعوى من دون دليل هذه دعوى لا شاهد عليها وإلا كل واحد يستطيع أن يدعي دعواه من جيب الصفحة وما عليها دليل ثم الشيخ الأنصاري يدعي دعوى لكن ليس من جيب الصفحة يأتي بدليل عليها،

ما هي دعواك يا شيخنا الأنصاري؟ يقول الروايات نهت عن الانتفاع بنجس العين عند خشية التلويث حتى لا تتنجس ولا تتلوث ثم يذكر شاهد على دعواه وهي الروايات الواردة في اليات الغنم.

أهل الغنم الذين يرعون الأغنام على الجبال فبعض الغنم إليته كبيرة فهذه الغنمة من الصعب أن تصعد الجبل فالراعي يقص الإلية ويستفيد منها في الاستصباح، الشيخ الأنصاري يقول كيف تستصبح بها ما يجوز حرام الإمام يقول لا تستفيدون هذا يصيب ثوبك أو يصيب يدك فهذه الرواية تشير إلى أن المدار على المنع من الانتفاع خشية التنجيس والتلوث.

إشكال الآن في الدهن المتنجس يجوز الاستصباح به تحت السماء والية الخروف إذا قصيتها لا يجوز تستصبح بها تحت السماء في الدهن المتنجس يجوز أن تستصبح تحت السماء وهذه إلية الخروف التي قصيتها ما يجوز تستصبح تحت السماء؟

الجواب هذا قياس مع الفارق الدهن المتنجس يعني الدهن طاهر وتنجس وقعت فيه النجاسة أما إلية الخروف هي قطعة مبانة من الحي والقطعة المبانة من الحي ميتة والميتة نجس عين فلا تذوبها هذا نجس عين وما يدريك لعل الشارع نهى عن اقتحام نجس العين وتشدد فيه أكثر من المتنجس فقال يجوز الاستصباح بالدهن المتنجس ولا يجوز الاستصباح باليات الأغنام المبانة لأن هذه الاليات نجس عين ميتة وقد نهينا عن استعمال الميتة والانتفاع بها مطلقاً.

قال وأما ما ذكره ـ كاشف الغطاء ـ من تنزيل ما دل على المنع عن الانتفاع بالنجس على ما يؤذن يعني ما يشير بعدم الاكتراث بالدين وعدم المبالاة لا من استعمله ـ استعمل نجس العين ـ ليغسله ليس المراد ليغسل نجس العين هذا من ضعف التعبير يعني ليغسل ملاقي نجس العين طبعا هذا لا يستفاد من العبارة ليغسله نجس العين تغسله ما يطهر نجس العين، ليغسله يعني ليغسل ما لاقى نجس العين من بدن أو ثوب يقول فهو تنزيل بعيد، فهو تنزيل على ما يؤذن بعدم الاكتراث بالدين هذا تنزيل بعيد،

ما هو وجه البعد؟ لا شاهد عليه.

نعم يمكن أن ينزل ما دل على الانتفاع بالنجس على الانتفاع به ـ بنجس العين ـ على وجه الانتفاع بالطاهر، يعني كما ينتفع بالطاهر ينتفع بنجس العين يعني في الوجوه التي يستخدم فيها الطاهر يستخدم فيها نجس العين لكن يطهر يده ويراعي أنه لا يتلوث بأن يستعمله ـ نجس العين ـ على وجه يوجب تلويث بدنه وثيابه وسائر آلات الانتفاع هذا حرام كالصبغ بالدم هذا حرام وإن بنا على غسل الجميع يعني ما باشره ما لوثه من بدن وثياب وسائر آلات الانتفاع وإن بنا على غسل الجميع عند الحاجة، بنا إلى ما يشترط فيه الطهارة وفي بعض الروايات إشارة إلى ذلك يعني لا تشكل علينا فهو تنزيل بعيد وفي بعض الروايات إشارة إلى ذلك إلى أنه ينزل على هذا التنزيل ما يوجب التلويث، ففي الكافي بسنده الكليني عن الوشا قال قلت [3] لأبي الحسن "عليه السلام" جعلت فداك إن أهل الجبل ـ الرعاة الذين يرعون فوق الجبل ـ تثقل عندم اليات الغنم فيقطعونها فقال حرام هي ميتة ـ إذا ميتة يعني نجس عين الإلية المبانة ـ فقلت جعلت فداك فيستصبح بها فقال أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام،[4] الشاهد هنا أما علمت أنه يصيب اليد والثوب يعني أحذر أن تتلوث وتتنجس بنجس العين.

بحملها على حرمة الاستعمال على وجه يوجب تلويث البدن والثياب يعني إذا ما يوجب تلويث البدن والثيات وأمكن الانتفاع بها لا بأس.

يقول صاحب الجواهر لا مفردة حرام في الرواية بمعنى نجاسة ليس بمعنى الحرمة التكليفية الشيخ الأنصاري يقول هذا لا شاهد عليه كلام صاحب الجواهر، قال الشيخ الأنصاري وأما حمل الحرام في الرواية على النجس كما في كلام بعض وهو صاحب الجواهر الجزء الخامس صفحة 315[5] فلا شاهد عليه أقرأ الرواية بدل لفظة الحرام بالنجس تصير هكذا قلت لأبي الحسن جعلت فداك إن أهل الجبل تثقل عندهم إليات الغنم فيقطعونها فقال نجس هي ميتة فقلت جعلت فداك فيستصبح بها قال أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو نجس.

طبعا هو ينسجم مع العبارة استبدال لفظ الحرام بلفظ النجس وخصوصا الثانية ولكن لا دليل لا توجد قرينة تدل على أن الإمام "عليه السلام" استخدم لفظ الحرام بمعنى النجس لذلك قال وأما حمل الحرام على النجس كما في كلام بعض فلا شاهد عليه.

السائل قال فيستصبح بها الإمام رد أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام كيف لا يستصبح بالإلية المبانة من الغنم ويستصبح بالدهن المتنجس الشيخ الأنصاري يقول الإلية ميتة هذا نجس عين بخلاف الدهن المتنجس ليس نجس عين.

قال والرواية في نجس العين

ما هو نجس العين؟ الميتة وهي القطعة المبانة من الغنم.

والرواية في نجس العين فلا ينتقض بجواز الاستصباح بالدهن المتنجس لاحتمال كون مزاولة نجس العين مبغضة للشارع كما يشير إليه قوله تعالى ﴿والرجز فاهجر﴾ [6] بناء على حمل الرجز ـ النجس ـ فاهجر هذه تشمل حتى الكلب يجب عليه أن يهجر الكلاب والخنازير.

ثم يشير إلى مطلب هام يقول الشيخ الأنصاري "رحمه الله" كلامنا في نجس العين، في نجس العين قد يدل الأصل العملي أو يدل الدليل رواية على وجود منفعة فصار مسلم إن فيه منفعة مع أنه نجس عين فيه منفعة هذه المنفعة قد تدل على وجود مالية وقد لا تدل على وجود مالية إذن كلامنا في قسمين

القسم الأول المنفعة التي تكشف عن وجود مالية،

القسم الثاني المنفعة التي لا تكشف عن وجود مالية، في القسم الأول المنفعة التي تكشف عن وجود مالية يقول لا ملازمة بين المالية وبين جواز البيع وجواز المعاوضة يمكن شيء تثبت إليه مالية لكن ما يجوز مثلا جلد الميتة فهناك من يرى أنه يجوز الاستقاء بجلد الميتة لسقي الزرع تأخذ دلو من ميتة من جلد ثعبان أو تمساح وتسقي الزرع يقول هذه منفعة محللة وله مالية لكن ما يجوز بيعه لدلالة الاجماعات المحكية ويذكر ثلاثة موارد تثبت إليها المالية يعني ثبتت المنفعة وثبتت المالية لكن ما ثبت جواز البيع.

ثم إن منفعة النجس المحللة للأصل أصالة الإباحة أو للنص لرواية تدل على جواز ذلك قد تجعله مالا عرفاً هذا

القسم الأول وقد لا تجعله مالا عرفا هذا

القسم الثاني إذن قسمين القسم الأول قد تجعله مالا عرفا يعني منفعة النجس المحللة وقد لا تجعله مالا يعني وقد لا تجعل منفعة النجس المحللة لا تجعله مالا عرفا كلامه الآن في القسم الأول.

لا ملازمة بين المنفعة المحللة والمالية منفعة محللة قد تثبت مالية هذا القسم الأول ما تثبت مالية القسم الثاني نذهب إلى القسم الأول ثبتت المنفعة ثبتت المالية لا ملازمة بين المالية وجواز البيع والمعاوضة ويذكر ثلاثة أمثلة.

ثم إن منفعة النجس المحللة للأصل أو للنص قد تجعله ـ تجعل النجس ـ مالا عرفاً إلا أنه منع الشرع عن بيعه ـ عن بيع نجس العين ـ الذي له مالية ومنفعة عرفا كجلد الميتة إذا قلنا بجواز الاستقاء به ـ بجلد الميتة ـ لغير الوضوء لأن الوضوء يشترط فيه الطهارة فإذا الماء باشر الميتة صار ماء متنجس كيف يتوضأ به لا يصير، الاستقاء لغير الوضوء كما هو مذهب [7] جماعة[8] قائلين بالجواز الشيخ الطوسي في النهاية والمحقق الحلي في الشرائع والعلامة الحلي في الإرشاد والفاضل الآبي في كشف الرموز مع القول بعدم جواز بيعه لا يجوز بيعه لظاهر الإجماعات المحكية [9] المنقولة ذكرها العلامة في التذكرة والمنتهى وذكرها السيوري في تنقيح الرائع لمختصر الشرائع.

المثال الثاني وشعر الخنزير إذا جوزنا استعماله اختيارا فإذا جاز استعمال شعر الخنزير نعمل منه خيط لسقي الزرع صار له مالية لكن ما يجوز بيعه لأنه نجس عين.

المثال الثالث والكلاب الثلاثة يعني الذين اختلف فيهم وهم كلب الحائط والبستان والماشية لهم فائدة يحرس الحائط والبستان والماشية لكن من قال بعدم جواز فكك بين المنفعة وبين جواز البيع.

والكلاب الثلاثة يعني كلب الحائط والبستان والماشية إذا منعنا عن بيعها فلهم فائدة ولكن ما تجوز المعاوضة عليهم لا يجوز بيعهم فمثل هذه جلد الميتة للاستقاء وشعر الخنزير للاستقاء والكلاب الثلاثة لا تجوز المعاوضة عليها لكن لها منفعة.

سؤال هل يجوز هبتها أو لا يجوز؟ يجوز، النهي وارد في خصوص البيع لا في مطلق المعاملة لا في مطلق المعاوضة صار المقتضي موجود، ما هو المقتضي؟ عموم أوفوا بالعقود، ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾[10]

أنت وهبت كلاب ثلاثة أو شعر خنزير أو وهبت جلد ميتة المقتضي موجود أوفوا بالعقود تتم الهبة هل المانع موجود؟ المانع مفقود،

ما هو المانع؟ النهي عن البيع.

ولا يبعد جواز هبتها ـ هبة الثلاثة يعني الكلاب الثلاثة وشعر الخنزير وجلد الميتة ـ لعدم المانع النهي عن البيع خصوص البيع مع وجود المقتضي عموم أوفوا بالعقود، إذن النتيجة النهائية هذه الثلاثة لا يجوز بيعها ويجوز هبتها فتأمل لعله إشارة إلى أن رواية تحف العقول تشملها أو إمساكه والتقلب فيه وهذه الأمثلة الثلاثة كلها نجس عين ميتة وشعر خنزير وكلاب والرواية نهت عن التقلب في نجس العين فتشملها رواية تحف العقول، هذا تمام الكلام في نجس العين الذي له منفعة والذي له مالية لكن لا يجوز بيعه بل مطلق المعاوضة عليه حتى الهبة بناء على تمامية رواية تحف وهي ليست تامة.

يبقى الكلام في القسم الثاني نجس عين لكن ليست له مالية لعدم النفع فيه غالباً، قال وقد لا تجعله مالاً عرفا لعدم ثبوت المنفعة المقصودة منه له ـ لنجس العين ـ المنفعة المقصودة لكن يمكن توجد منفعة نادرة أو جزئية وإن ترتب عليه الفوائد يعني فوائد نادرة كالميتة التي يجوز إطعامها لجوارح الطير والإيقاد بها والعذرة للتسميد فإن الظاهر أنها لا تعد أموالا عرفا المالية فرع المنفعة المعتدة لا المنفعة النادرة كما اعترف به جامع المقاصد [11] في شرح قول العلامة ويجوز اقتناء الأعيان النجسة لفائدة، هذا تمام الكلام في جواز بيع نجس العين أو عدمه يبقى الكلام في حق الاختصاص به مثل الآن أنت تذهب إلى مسجد أو حسينية تجلس في مكان يثبت لك حق الاختصاص، أنت الآن رأيت كم خنزير وأخذتهم ولم تشتريهم يثبت لك حق الاختصاص

هل تجوز المعاوضة على حق الاختصاص هذا أو لا؟ صار عندك ميتة أو كم كلب اختصيت بهم هذا حق الاختصاص تجوز المصالحة عليه يجوز بذل الهبة في مقابله هذا ما يأتي الكلام عليه، والظاهر ثبوت الاختصاص في هذه الأمور يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo