< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثامن والثلاثون: البحث في ثبوت حق الاختصاص في الأعيان النجسة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" والظاهر ثبوت حق الاختصاص في هذه الأمور الناشئ إما على الحيازة وإما عن كون أصلها مالا للمالك.[1]

كان الكلام في الاكتساب بالأعيان النجسة وتطرقنا إلى أمرين:

الأمر الأول جواز الانتفاع بالأعيان النجسة أو حرمته

الأمر الثاني جواز المعاوضة على الأعيان النجسة أو حرمته

اليوم نتطرق إلى أمر ثالث وهو ثبوت حق الاختصاص فالأعيان النجسة لو قلنا انه لا توجد فيها منفعة غالبة بل توجد فيها منفعة نادرة كالعدم حتى الكاف زائدة فهل يثبت فيها حق الاختصاص أو لا مثلا شخص كانت عنده غنمة أو شاة فماتت وأصبحت ميتة هنا يأتي ما تقدم هل يجوز الانتفاع بها أو لا؟ هل يجوز بيعها أو لا؟ ولكن الحكم الثالث هذه الميتة وهي عين نجسة لا مالية لها هل يثبت حق الاختصاص لمالكها الأصلي أو لا؟ الجواب نعم إذا نظرنا إلى إطلاق عموم أدلة عموم حق الاختصاص يثبت حق الاختصاص إما بالحيازة وإما بالملكية الأصل، بالحيازة لو كان يمشي في الطريق رأى ميتة مرمية أخذها فالمراد بالحيازة كحيازة العشب أو النار أو الكلأ هو عبارة عن أخذ ما يكون مشتركا بين الكل في هذه الحالة يثبت حق الاختصاص إذن الأعيان النجسة يثبت فيها حق الاختصاص إما بالحيازة وإما بملكية أصلها ثم يتفرع على ذلك إذا ثبت حق الاختصاص

هل تجوز المصالحة على حق الاختصاص أو لا؟ الجواب نعم تصح المصالحة بلا عوض إن قلت المصالحة بعوض أصبح العوض في مقابل العين النجسة وهذا أكل للمال بالباطل ولكن المصالحة بلا عوض جائزة لأنه في هذه الحالة لا يكون المال ـ مال المصالحة ـ في مقابل العين النجسة حتى يصدق عليه أنه سحت كما جاء في الإخبار الشريفة ثم يأتي بشاهد على جواز المصالحة على حق الاختصاص وهذا الشاهد هو كلام العلامة الحلي في التذكرة.

قال الشيخ الأنصاري والظاهر ثبوت حق الاختصاص في هذه الأمور الأعيان النجسة التي منفعتها نادرة إما عن انحيازه وإما عن كون أصلها مالا للمالك كما لو مات حيوان له يعني ملك له أو فسد لحم اشتراه للأكل على وجه خرج عن المالية أصبح هذا مادة سامة فتكون لا مالية لهذا اللحم وبالتالي لا ينتفع به ولا يبيعه ولكن يثبت له حق الاختصاص.

إلى هنا بينا الحكم الأول وهو ثبوت حق الاختصاص.

الحكم الثاني جواز المصالحة على حق الاختصاص والظاهر جواز المصالحة على هذا الحق يعني حق الاختصاص بلا عوض

لماذا قال والظاهر؟ لأن المدرك هو ظاهر عموم أدلة المصالحة يشمل حق الاختصاص بناء على صحة هذا الصلح،

أي صلح؟ الصلح بلا عوض لأن عندنا صلحين، صلح بعوض هذا قطعا صحيح، صلح بلا عوض صالحتك على سكنى الدار مدة شهر كامل هذا يسمونه الصلح المجاني أشبه بالهبة المجانية، البعض قال في هذه الحالة لا يدخل الصلح في المعاوضات لأنه لا يوجد عوض في مقابل هذا الصلح، وبل ومع العوض يقول حتى العوض ممكن لكن العوض ما تجعله في مقابل العين النجسة تجعله في مقابل شيء آخر كما سيأتي.

افترض مثلا هو استأجر مكان هذا الذي جمع الميتة وجمع العذرة وغيرها، ثم أباح لك أن تدخل وتخرج في هذا المكان، تدخل وتأخذ الميتة التي تريدها أو العذرة التي تريدها هذه الأمور لا يملكها العذرة والميتة عنده حق الاختصاص أنت تتصالح معه وتعطيه المبلغ هذا المبلغ مقابل إذنه لك بالدخول في ملكه ليس في مقابل الميتة أو العذرة هنا المال لا يكون سحتاً.

والظاهر جواز المصالحة على هذا الحق ـ حق الاختصاص بلا عوض ـ بناء على صحة هذا الصلح يعني الصلح بلا عوض الذي هو الصلح المجاني بل ومع العوض يعني بل والظاهر جواز المصالحة على هذا الحق مع العوض بناء على إن العوض لا يعد ثمنا لنفس العين ـ العين النجسة ـ حتى يكون هذا العوض سحتا بمقتضى الإخبار[2] الدالة على إنما يبذل في مقابل العين النجسة سحت حرام.

قال في التذكرة ويصح الوصية بما يحل الانتفاع به من النجاسات كالكلب المعلم والزيت النجس لإشعاله تحت السماء والزبل للانتفاع بإشعاله والتسميد به،

ما المراد بالزبل؟ المراد بالزبل سرجين ما له نفس سائلة مما يؤكل لحمه، يعني السرجين إما أن يكون لما لا يؤكل لحمه مثل الأسد والنمر وإما أن يكون لما يؤكل لحمه مثل الفرس والغنم والبقر.

للانتفاع بإشعاله والتسميد به وجلد الميتة إن سوغنا الانتفاع به، لأنه هناك خلاف بعض الروايات قد يفهم فيها علماً عن الميتة مطلقاً، والخمر المحترمة لثبوت الاختصاص فيها يعني لثبوت حق الاختصاص في الخمر المحترمة.

الخمر ينقلب إلى خل، الخل يمر بمرحلة خمرية ذكر العلامة الحلي في بعض كتبه أن الخمر على قسمين، خمر محترم وخمر غير محترم والخمر المحترم هو الخمر الذي يتخذ خلا فيمر في إحدى مراحله بالخمرية فيحترم ولا يراق، يحترم من أجل أن يصبح خلاً يعني لو كل سائل وصل إلى مرحلة الخمرية أرقته ما يصير عندنا خل هذا العنب أو أي شيء الذي يعمل خمر لكي تعمله خلا يمر بمراحل، مرحلة من مراحله يصير خمر فأنت ما تريقه تحترمه من أجل أن يصبح خلا إذن المراد بالخل المحترمة يعني مرحلة الخمرية التي تحصل عند انقلاب الشراب إلى خل أما إذا ليس محترمة تسكبه أنت احترمته ما أرقته لكي يواصل المسار ويصير خل لذلك قال والخمر المحترمة لثبوت الاختصاص فيها مع أنها هي خمر لكن يثبت حق الاختصاص فيها لترتب منفعة عليها وهو الوصول إلى مرحلة التقليل.

وانتقالها من يد إلى يد يعني يصح انتقالها من يد إلى يد بالوصية ـ بواسطة الوصية ـ وغيره الشاهد هنا وغيره يعني الوصية توجب الانتقال من يد إلى يد وغير الوصية كالصلح موطن الشاهد هنا وغيره [3] ـ وغير الإرث ـ ما هو غير الإرث الذي يوجب الانتقال من يد إلى يد؟ هو الصلح.

قال والظاهر أن مراده ـ العلامة ـ بغير الإرث الصلح الناقل يعني الناقل للعين من يد إلى يد.

هذا عنده خمر محترمة أو عنده ميتة رماها جئت أنا وأخذتها فانتقلت الميتة من يد إلى يد الشيخ الأنصاري يقول هذا لا يقال له انتقال من يد إلى يد هذا انتقال إلى يدك بعد إعراض

اليد الأولى عنها إذا رموا الخمر أو الميتة أو الأعيان النجسة ثم أنت استوليت عليه هذا يقولون وضع اليد بعد إعراض الأولى عنها ما يصدق عليه انتقال من يد إلى يد هو ما نقل إليك فرق بين التعبيرين انتقال من يد إلى يد هذا يصدق على الصلح ولكن بالإعراض ما يصدق انتقال من يد إلى يد يصدق إعراض اليد الأولى وإمساك اليد الثانية.

وأما اليد الحادثة وهي اليد التي أمسكت العين النجسة بعد إعراض اليد الأولى حينما ألقتها وأعرضت عنها فليس انتقالا لا يصدق عليها انتقال من يد إلى يد.

شيخنا الأنصاري ماذا تقول لو بذل مال المصالحة وبعوض مقابل حق الاختصاص قال لكن الإنصاف أن الحكم مشكل،

أي حكم؟ المصالحة مع العوض في مقابل حق الاختصاص مشكل.

يقول نحن يمكن أن نرفع الإشكال إذا بذل المال ليس في مقابل حق الاختصاص مقابل أن يرفع يده مثلا هذا فلان فقط يصلي خلف الإمام مباشرة يذهب ويجلس خلف الإمام مباشرة حق الاختصاص له أنت تقول له أنا أعطيك مئة دينار ودعني اجلس في هذا المكان

هل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز تبذل المال في مقابل حق الاختصاص.

أو فلان ماسك المكان الفلاني من المدرسة أو الحسينية أو أي مكان يمكن بذل المال في مقابل أن يرفع يده عن حق الاختصاص.

قال نعم لو بذل مالا على أن يرفع يده يعني أن يرفع من لديه حق الاختصاص، عنها ـ عن العين التي اختص بها ـ ليحوزها الباذل ـ كي يمسك بها الباذل ـ كان حسناً كما يبذل الرجل المال على أن يرفع اليد عما في تصرفه من الأمكنة المشتركة كمكانه من المسجد والمدرسة والسوق.

الشيخ جعفر كاشف الغطاء "رحمه الله" ذكر أنه لا بأس بدفع المال في مقابل حق الاختصاص لافتكاكه وهذا ما يدخل تحت عنوان الاكتساب المنهي عنه والمحذور فنرجع إلى الأصل العملي وهو أصالة الإباحة.

قال وذكر بعض الأساطين بعد إثبات حق الاختصاص أن دفع شيء من المال لافتكاكه يعني لافتكاك حق الاختصاص يشك في دخوله يعني في دخول بذل شيء من المال لافتكاك حقه واختصاص، يشك في دخوله تحت عنوان الاكتساب المحذور فيبقى على أصالة الجواز[4] يعني يجوز أن يبذل.

ثم يشير إلى مسألة مهمة لكي تثبت الحيازة لابد من الانتفاع واحد دائما يأخذ المكان الأول خلف إمام الجماعة وهو لا يصلي جماعة وإذا تقل له تباعد يقول أنا لي حق الاختصاص، هذا ما يثبت له حق الاختصاص.

أو واحد يأتي إلى الحسينية ويجلس في مكان وهو لا يتسمع للخطيب أصلا حينما تقول له اخرج يقول أنا لي حق الاختصاص إذن ثبوت حق الاختصاص فرع الانتفاع.

أولا المنفعة

ثانياً حق الاختصاص

ثالثاً المصالحة

إذن المصالحة تثبت لحق الاختصاص وحق الاختصاص لا يثبت إلا بعد المنفعة ثم يأتي بإشكال الزمن الأول كان بعضهم شغلته أن يجمع العذرات هو لا يستفيد منها لكن يجمع أو يجمع الميتات رأى ميتة أخذها رأى عذرة أخذها يجمعها في مكان، هذه العذرة الصغيرة لا أحد يشتريها إذا تجمعت جاء الفلاح لكي يشتريها أو جاء البناء يشتري هذه الميتة حتى يحرق بها الجص هنا أصلا ما عنده حق اختصاص كيف يبذل في إزائها المال لأن حق الاختصاص للجامع إنما يثبت فيما إذا انتفع بها هو ما انتفع بها هو مسكها حتى ينتفع بها شخصيا هو مسكها حتى يبيعها فيما إذا تجمعت إذن انتفاع لا يوجد وحق اختصاص لا يوجد إذن مصالحة لا توجد لأن المصالحة فرع ثبوت حق الاختصاص وثبوت حق الاختصاص فرع انتفاعه بها.

ثم يأتي الشيخ الأنصاري بتخريجة يقول هو إذا عنده مكان استأجر له مكان أو ملك مكان أنت يمكن تبذل له مال المصالحة ليس في مقابل حق الاختصاص في مقابل الانتفاع من ملكه لأنه يأذن لك أن تدخل وتخرج في ملكه في هذه الحالة يصير.

قال ثم إنه يشترط في الاختصاص بالحيازة قصد الحائز للانتفاع، قال قصد الحائز ما قال أن ينتفع مباشرة يقصد الانتفاع، ولذا ذكروا أنه لو علم كون حيازة الشخص للماء والكلأ لمجرد العبث، بعض المجانين يمشي ويأخذ هذا ما يثبت له حق الاختصاص، لم يحصل له حق يعني حق الاختصاص لم يثبت له لأنه لم يقصد الانتفاع، وحينئذ يعني وحينئذ لم يثبت له حق الاختصاص، فيشكل الأمر فيما تعارف في بعض البلاد من جمع العذرات حتى إذا صارت من الكثرة بحيث ينتفع بها في البساتين والزرع بذل له مال فأخذت منه ـ ممن جمعها ـ فإن الظاهر بل المقطوع أنه لم يحزها للانتفاع بها وإنما حازها لأخذ المال عليها يعني المتاجرة بها، ومن المعلوم أن حل المال فرع ثبوت حق الاختصاص، حق الاختصاص المتوقف على قصد الانتفاع، قصد الانتفاع المعلوم انتفاءه في المقام ـ الأعيان النجسة ـ وكذا لو سبق إلى مكان من الأمكنة المذكورة ـ المسجد، الحسينية، المدرسة ـ من غير قصد الانتفاع منها بالسكنى ـ لا يريد أن يسكن ولا يريد أن يجلس في مكان، الأرض المشاع إذا أنت جئت وحزتها (من أحيا أرضا مواتاً فهي له) بعد بحيازته تثبت الملكية أما إذا هو وضع أحجار لا يريد أن ينتفع بها لا يريد أن يسكنها فقط يقول هذه ملكي لا تثبت له الملكية ـ نعم لو جمعها ـ العذرات ـ في مكانه المملوك فبذل له المال على أن يتصرف في ذلك المكان المملوك له،

يتصرف بماذا؟ بالدخول يعني بواسطة الدخول لأخذها ـ اخذ العذرات ـ كان حسنا لأنه بذل المال في مقابل التصرف في ملكه.

كما أنه لو قلنا بكفاية مجرد قصد الحيازة يعني المهم يقصد الحيازة يعني قصد الحيازة يوجب الملكية حتى لو لم ينتفع ما يصير إشكال، من يقصد الحيازة تثبت الملكية لكن هذا لا يقولون به، كما أنه لو قلنا بكفاية مجرد قصد الحيازة في الاختصاص يعني في ثبوت الاختصاص وإن لم يقصد الانتفاع بعينه هذا في نسخة أخرى، وقلنا بجواز المعاوضة على حق الاختصاص كان أسهل يكون الحكم في هذه الحالة أسهل وأوضح، هذا تمام الكلام في النوع الأول مما يحرم التكسب به، النوع الثاني مما يحرم التكسب به ما يحرم لتحريم ما يقصد به وهو على أقسام، القسم الأول ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام وهي أمور منها هياكل العبادة المبتدعة كالصليب والصنم يأتي عليه الكلام.

 


[4] شرح القواعد (مخطوط ): الورقة 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo