< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الواحد والأربعون: البحث في آلات القمار واللهو وأواني الذهب والفضة والدراهم المغشوشة

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفي جامع المقاصد بعد حكمه بالمنع عن بيع هذه الأشياء وإن أمكن الانتفاع على حالها في غير محرم منفعة لا تقصد منها قال.[1]

كان الكلام في النوع الثاني من المكاسب المحرمة ما يحرم لحرمة ما يقصد منه شرعنا في القسم الأول بيع الصليب والصنم الذي لا ينفك عن قصد الحرام وعبادة الصنم أو الصليب وصلنا إلى هذه المسألة هل المادة بعد طروء الهيئة عليها تثبت لها المالية أو لا فالمادة كالخشب لها مالية ولكن بعد طروء الهيئة عليها كهيئة وشكل الصليب أو شكل الصنم تثبت المالية للمادة أو لا؟ الجواب نعم المادة تبقى على ماليتها وإن طرأت عليها الهيئة لذلك يجوز بيع الصليب والصنم وإن بقيا على هيئتهما وشكلهما إذا كان المشتري موثوق بحيث نطمأن أنه سيكسرهما ويغير هيئتهما بعد شراءه هذا القيد الوارد في كلمات العلامة الحلي أيضا ورد في كلام المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي صاحب جامع المقاصد إذن هذا هو الشاهد الثاني على بقاء المالية للمادة وإن طرأت الهيئة عليها.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفي جامع المقاصد بعد حكمه ـ المحقق الكركي ـ بالمنع ـ الحرمة ـ عن بيع هذه الأشياء ـ الصنم والصليب ـ وإن أمكن الانتفاع على حالها يعني أمكن الانتفاع بالصليب على حاله والصنم على حاله في غير محرم ينشر على الصليب ثياب هذه منفعة محللة، منفعة لا تقصد منها ـ من هذه الأمورـ

ما هي المنفعة التي لا تقصدها منها؟ المنفعة التي تقصد من الصليب والصنم العبادة يمكن الانتفاع منها منفعة لا تقصد منها كالاستفادة من خشبها في تسقيف السقف هذه منفعة لا تقصد منها، يريد أن يقول إذا كسرت الخشب تبقى قطع صغيرة رضاض يعني قطع صغيرة من الخشب.

يقول المحقق الكركي ولا أثر لكون رضاضها الباقي بعد كسرها مما ينتفع به في المحلل يعني يمكن أن تنتفع بقطع الخشب الصغيرة في أمور محللة مثل تسقيف السقف ويعد مالا هذا تثبت له المالية إذن هذا شاهد على أن مادة الخشب التي هي رضاض ثبتت لها المالية حتى بعد طروء هيئة الصنم أو الصليب عليها.

يقول هكذا إذا أنت تبذل المال وهي على هيئتها هذا حرام أكل المال بالباطل لأنها صليب أو صنم يقول لأن بذل المال في مقابلها ـ مقابل المادة ـ وهي على هيئتها من صليب أو صنم بذل له للمال في المحرم الذي لا يعد مالا عند الشارع، الصليب والصنم لا مالية له فبذل المال في مقابله أكل للمال بالباطل هنا الشاهد إن المادة تثبت لها المالية بعد زوال الهيئة يعني بعروض الهيئة ما زالت المالية عن المادة نعم لو باع رضاضها الباقي بعد كسرها لكن قبل أن يكسرها يعني باع الصنم أو الصليب على ما هو عليه لكن اشترط عليه قال اكسره، وكان المشتري موثوق به هذا القيد موجود في كلام العلامة الحلي على ما حكي عنه ونسب إليه وكان المشتري موثوق به وأنه يكسرها أمكن القول بصحة البيع، هنا إمكان القول بصحة البيع يعني المال المبذول في مقابل المادة التي ستكسر ويزول هيئتها هذه المادة لها مالية ومثله باقي الأمور المحرمة كأوان النقديين والصنم انتهى[2] .

نفس الشيء يجوز أن تبيع الصنم أو أوان النقديين على أن المشتري موثوق به ويكسرها فتقصد مادة أوان الذهب أو الفضة مادة الصنم هذا جائز، هذا تمام الكلام في بيع الصنم والصليب.

ومنها يعني ومن الآلات التي لا يقصد منها إلا الحرام، آلات القمار بأنواعه بلا خلاف ظاهر ـ هذا إجماع لكن درجة بلا خلاف أدنى من درجة قيام الإجماع ـ ويدل عليه جميع ما تقدم من الأدلة في هياكل العبادة ويقوى هنا أيضا جواز بيع المادة قبل تغيير الهيئة وفي المسالك أنه لو كان لمكسورها قيمة وباعها صحيحة لتكسر وكان المشتري ممن يوثق بديانته في جواز بيعها وجهان:

الوجه الأول التمسك بعموم النهي عن بيع آلات القمار هذا يثبت الحرمة

الوجه الثاني انصراف أدلة الحرمة إلى خصوص آلات القمار الباقية على هيئتها وهنا لا تبقى على هيئتها لأنها ستكسر فلا تشملها الحرمة

وفي المسالك أنه لو كان لمكسروها قيمة وباعها صحيحة لتكسر وكان المشتري ممن يوثق بديانته ففي جواز بيعها وجهان وقوى في التذكرة [3] العلامة الحلي الجواب بشرط زوال الصفة يعني صفة كونها آلة قمار يعني يجوز مع زوال الصفة وهو حسن والأكثر أطلقوا المنع[4] قالوا لا يجوز مطلقاً.

ما المراد بزوال الصفة؟ يوجد احتمالان .

الاحتمال الأول زوال الصفة يعني زوال الهيئة يعني يكسرونها،

الاحتمال الثاني زوال الصفة ليس المراد به زوال هيئة القمار لا زوال صفة صدق آلة القمار عليها يعني بقيت هي على حالها هذا الشطرنج بقى على حاله لكن الآن ما يلعبون به موضوع في المتحف فهذه آلة قمار زالت صفتها ليس المراد زالت هيئتها وشكلها وصورة كلا زالت صفتها يعني كونها من آلات التي يلعب بها فعلا إن كان المقصود الأول بشرط زوال الصفة يعني زوال الهيئة الشكل واضح الجواز أما إذا كان المراد الثاني يعني تبقى الهيئة لكن صفة اللعب بها تزول هذا قد يقال أنه مشكل.

أقول ـ تعليق الشيخ الأنصاري ـ إن أراد بزوال الصفة زوال الهيئة فلا ينبغي الإشكال في الجواز ـ جواز بيعها ـ ولا ينبغي جعله محلا للخلاف بين العلامة والأكثر بل الجواز محكم وإن لم يورد بزوال الصفة زوال الهيئة وإنما زوال اللعب عنوان كونها من الآلات التي يلعب بها في القمار فلا ينبغي الإشكال في الجواز ينبغي الإشكال في الجواز.

طبعا الشيخ لم يكملها ما دام ما كملها المفروض لا يقول إن أراد المفروض هكذا يقول أقول زوال الصفة بمعنى زوال الهيئة لا ينبغي الإشكال في جوازه ولا ينبغي جعله محلا للخلاف بين العلامة والأكثر.

أولاً ما المراد بالقمار؟ يقول مطلق المراهنة بعوض، قال ثم إن المراد بالقمار مطلق المراهنة بعوض يتراهنون يتسابقون مقابل عوض، العب معك والذي يغلب له كذا، فكل ما أعد لها ـ المراهنة ـ بحيث لا يقصد منه إلا ما فيه من الخصوصيات غيرها حرمت المعاوضة عليه وأما المراهنة بغير عوض فيجيء أنه ليس بقمار على الظاهر، الآن في كرة القدم مراهنة لكن ما فيها عوض وغيرها كرة السلة، كرة الطاولة، كرة التنس مراهنة من دون عوض لا يصدق عليها أنه من هذه الآلات.

نعم لو قلنا بحرمتها ـ بحرمة آلات القمار ـ لحق الآلة المعدة لها حكم آلات القمار مثل ما يعملونه شبه الكرة والصولجان ـ هي الخشبة التي تضرب بها الكرة كالكركت ـ هذا تمام الكلام في آلات القمار.

ومنها آلات اللهو ـ آلات الموسيقية ـ على اختلاف أصنافها المزامير والبرابط وطبول، بلا خلاف يعني إجماع على حرمتها لجميع ما تقدم في المسألة السابقة والكلام في بيع المادة كما تقدم أن المادة بما هي هي لها مالية إذا طرأت عليها هيئة اللهو أو هيئة القمار أو هيئة الصنم أو هيئة الصليب لا تزول ماليتها نعم إذا تبيعها يشترط أن يكسرها بحيث يزيل هيئة اللهو عنها وحيث إن المراد بآلات اللهو ما أعد له للهو توقف على تعيين معنى اللهو وحرمة مطلق اللهو وهذا ما سيأتي الكلام عليه إلا أن المتيقن منه ـ من آلات اللهو ـ ما كان من جنس المزامير وآلات الأغاني ومن جنس الطبول وسيأتي معنى اللهو وحكم اللهو.

ومنها أواني الذهب والفضة القدر المتيقن حرمة الأكل في آنية الذهب والفضة لا يجوز أن تأكل في آنية الذهب والفضة ولكن البعض يرى أن مطلق استعمال آنية الذهب والفضة حرام بناء على القول الأول يجوز أن تستخدم أواني الذهب والفضة للزينة تعلقهم زينة بناء على القول الثاني مطلق الاستعمال حرام ما يجوز.

قال ومنها أواني الذهب والفضة إذا قلنا بتحريم اقتناءها يعني مع تحريم مطلق الاستعمال حتى اقتناءها والتزين بها حرام وقصد المعاوضة على مجموع الهيئة والمادة لا المادة فقط أحيانا هو يقصد المعاوضة على خصوص المادة هو صائغ ذهب رأى آنية ذهب وقال هذا ذهب جيد هذا عيار 18 الذي يبيع لا يدري لنشتريها منه هو قاصد المادة يجوز ما قصد الهيئة يريد يذوبها لا مانع من ذلك، ومنها الدراهم الخارجة ـ الخارجة عن السكة المتعارفة ـ المعمونة لأجل غش الناس.

سابقاً كانت الدراهم تتخذ من الفضة أحيانا كانوا يضعون معها تراب وكذلك الدنانير تتخذ من الذهب أيضا كانوا يغشون فيها، هنا يوجد قولان

القول الأول يجب إتلاف هذه الدراهم حسماً لمادة الفساد تدل عليه روايات بعض الروايات الإمام شق الدرهم نصفين وقال (القه في البالوعة حتى لا يتعامل به) حتى المغشوش لا ينتشر يعني العملة المزورة يجب إلغائها يجب حسم مادة الفساد.

القول الثاني لا يجب إتلافها لا يجوز التعامل بها إلا في موارد يجوز التعامل بها حتى بالمغشوش يجوز التعامل كيف؟ هذا حاكم ظالم عنده عشّار ـ الذي يأخذ عشر أملاكك ظلماً وعدواناً دخل عليك وقال أعطني عشر أموالك ـ إذن

القول الأول يجب إتلاف الدرهم،

القول الثاني لا يجب إتلافه لكن لا يجوز التعامل به لكن هذا العشّار الذي يأخذ الفلوس ظلماً يصير أن تسد عيون السلطان الظالم بهذه الدراهم المغشوشة.

ومنها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس إذا لم يفرض على هيئتها الخاصة منفعة محللة معتد بها يعني افترضنا لا يوجد لها منفعة والحال حتى المغشوشة لها منفعة معتد بها مثل التزيين أنت تريد صح درهم مغشوش تضعه زينة هذه منفعة، المنفعة الثانية أو الدفع إلى الظالم الذي يريد مقداراً من المال كالعشّار ونحوه مثل قاطع الطريق هذا الآن إذا أراد أن يسلبك تعطيه الدراهم المغشوشة، بناء على جواز ذلك يعني جواز استخدام الدراهم المغشوشة وعدم وجوب إتلاف مثل هذه الدراهم ولو بكسرها من باب دفع مادة الفساد كما يدل عليه وجوب إتلافها لدفع مادة الفساد قوله "عليه السلام" في رواية الجعفي مشيراً إلى درهم (أكسر هذا فإنه لا يحل بيعه ولا أنفاقه[5] ) وفي رواية موسى بن بكير (قطعه نصفين ثم قال القه في البالوعة حتى لا يباع شيء فيه غش[6] ) إذن هذا يدل على وجوب حسم المادة مو أنه لا يجوز تتعامل به لا يجوز أن تبقيه يجب عليك أن تتلفه، وتمام الكلام في باب الصرف إن شاء الله.

لو وقعت المعاوضة جهلاً عليه المعاملة تكون صحيحة أو لا تكون المعاملة صحيحة؟ لو بعتك خلاً وخمراً وكنت لا تدري اتضح لك أن هذا خل فالمعاملة صحيحة وهذا خمر فالمعاملة باطلة تبطل المعاملة بنسبته بمائة دينار الخمر غالي بثمانين دينار تبطل المعاملة بمقدار ثمانين دينار والخل رخيص عشرين دينار تصح المعاملة بمقدار عشرين في الخل والخمر في الخارج يوجد تمايز الخمر مادة والخل مادة أخرى لكن حينما نأتي إلى الدراهم الدرهم من فضة وفيه سكة هنا السكة أمر عقلي وليس أمر خارجي بحيث في الخارج تستطيع أن تفكك بين المادة والهيئة بين المادة والشكل هذا الشكل أمر عقلي عقلك يقيد هذه المادة هذا ليس مثل الخمر والخل حتى تتبعض الصفقة هنا، في الخمر تحرم وفي الخل تحل هذا لأنه فيه تمايز في الخارج أما في الدرهم المادة والسكة لا تمايز بينهما.

ولو وقعت المعاوضة عليها ـ على الدراهم المغشوشة ـ جهلا فتبين الحال لمن صار إليه ـ لمن صار إليه الدرهم المغشوش ـ فإن وقع عنوان المعاوضة على الدرهم المنصرف إطلاقه.

هل المعاوضة هي على مطلق الدرهم أو المعاوضة هي على خصوص هذا الدرهم يعني هل المعاوضة على الكلي أو المعاوضة على الجزئي إذا المعاوضة على الكلي تبطل المعاملة إذا المعاوضة على الشخصي هذا الدرهم المغشوش تصح المعاملة لكن يثبت خيار العيب، طبعاً هذه المسالة فيها تفصيل وفيها خلاف بين الأعلام هذه المعاوضة على الكلي تصح أو لا تصح، تصح على قول ولا تصح على قول آخر نرجئها على الدرس القادم، ولو وقعت المعاوضة عليها جهلاً يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo