< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثاني والأربعون: إتمام الكلام في الدراهم المغشوشة

 

قال الشيخ الأعظم الأنصاري "أعلى الله مقامه الشريف" ولو وقعت المعاوضة عليها جهلا فتبين الحال لمن صار إليه.[1]

كان الكلام في الاكتساب بما لا يقصد منه إلا الحرام وصلنا إلى بيع الدراهم المغشوشة الخارجة عن سكة المعاملة المتعارفة بين الناس قلنا لا يجوز التعامل بالدراهم المغشوشة فمثلا هذا الدرهم من المفترض أن يكون وزنه كذا غرام فضة لكن في الواقع هو مخلوط بالتراب ليس فضة خالصة هذا لا يجوز التعامل به ثم يتطرق الشيخ الأنصاري إلى مسألة فيها نكات علمية هامة جدا مثار بحث بين الأعلام وهو أنه لو وقعت المعاوضة وعقد البيع على دراهم مغشوشة مع جهل المتعاملين بها ثم انكشف وتبين لمن وصلت إليه الدراهم أنها مغشوشة فهل هذه المعاملة صحيحة أو باطلة مثلا باع زيد عبيداً كتابا بدرهمين مغشوشين فهل المعاملة صحيحة أو باطلة؟

الجواب يوجد احتمالان

الاحتمال الأول أن تقع المعاملة على عنوان الدرهم لا على هذا الدرهم الشخصي عنوان الدرهم ينصرف إلى الدرهم المسكوك بسكة المعاملة النتيجة ما قصد لم يقع

ما الذي قصد؟ الدرهم المسكوك بسكة المعاملة لم يقع وما وقع لم يقصد الذي وقع هو التعامل بالدرهم المغشوش فتكون المعاملة باطلة.

الاحتمال الثاني أن تقع المعاملة على هذا الدرهم الشخصي المغشوش النتيجة المعاملة صحيحة غاية ما في الأمر يثبت خيار العيب للبائع فإذا البائع الذي استلم الكتاب لم يقبل الدرهمين المغشوشين إما أن يفسخ يعني بخيار العيب وإما أن يقبل.

قد يقال هذا من موارد تعارض العنوان والإشارة مثاله لو قال بعتك هذا الحصان وأشار إلى حمار في الخارج بعتك هذا الحصان بألف دينار فهنا يحصل تعارض بين عنوان الحصان أو الفرس وبين عنوان الحمار أو البغل ومن الواضح أن بينهما تباين فبين عنوان الحصان أو الفرس وعنوان الحمار أو البغل تمام المباينة فهل المقدم هو العنوان الوارد في عقد البيع بعتك وكان يقصد الحصان أو المقدم هو الإشارة بعتك هذا الحصان وأشار على الحمار أو أشار على البغل.

إن قلنا بتقديم العنوان على الإشارة قدمنا عنوان الحصان على الإشارة إلى الحمار في هذه الحالة تكون المعاملة باطلة عاطلة لأن البيع لم يقع على الحصان وإنما وقع البيع خارجاً على الحمار فإذا قدمنا العنوان تكون المعاملة باطلة يكون البيع باطلا إذا قدمنا الإشارة بعتك هذا الحصان هذا العنوان المقصود منه المقيد بهذا المشار إليه وهو الحمار في هذه الحالة تكون المعاملة صحيحة لأن البيع قد وقع على الحمار الخارجي لكن في مثالنا ـ الدراهم المغشوشة ـ تبطل المعاملة مطلقا في المقام تبطل المعاملة مطلقا قدمنا العنوان أو الإشارة إن قدمنا العنوان يعني عنوان الدرهم المسكوك في سكة المعاملة قدمنا على هذا الذي هو الدرهم المغشوش قال بعتك الكتاب بدرهم أو درهمين هذا ينصرف إلى الدرهم المسكوك بسكة المعاملة وأشار هذا الدرهم المغشوش فإن قدمنا العنوان صارت المعاملة باطلة لأن المعاملة وقعت على عنوان الدرهم المسكوك بسكة المعاملة وإن قدمنا الإشارة هذا الدرهم المغشوش لا يجوز التعامل به أنت مسبية على أي حال قدمنا العنوان على الإشارة أو قدمنا الإشارة على العنوان إلا أن السيد كاظم اليزدي صاحب العروة أعلى الله مقامه الشريف قال لو وقعت المعاملة على العنوان ـ عنوان الدرهم المسكوك ـ كانت المعاملة صحيحة لأن المعاملة وقعت على العنوان الكلي يعني الدرهم الكلي لا الدرهم الجزئي فلا تبطل المعاملة الآن أنت تشتري بيت بمائة ألف دينار وقعت المعاملة على مائة ألف دينار كلية وقت التسليم جئت له بمائة ألف دينار مغصوبة،

تصير معاملة البيت باطلة؟ كلا ليست باطلة لأن عقد بيع البيت وقع على الكلي عنوان مائة ألف دينار لم يقع على الجزئي المائة ألف دينار المغصوبة، المغصوبة صارت مصداق من مصاديق الكلي هذا المصداق الذي يبطل أما العنوان الكلي ما يبطل.

يقول صاحب العروة إن المعاملة إن وقعت على عنوان الدرهم الكلي أصبحت المعاملة صحيحة ولا نلتزم بالبطلان الذي ذهب إليه الشيخ الأنصاري وناقشه المحقق المامقاني في كتابه غاية الآمال قال يا سيدنا سيد العروة الوثقى من قال إن المعاملة وقعت على مطلق الكلي بل المعاملة وقعت على الكلي المقيد بالإشارة عنوان الدرهم المسكوك المقيد بهذا بعتك الكتاب بدرهم هو هذا وقدمه فالمعاملة لم يقصد بها مطلق الدرهم الكلي وإنما قصد بها الدرهم الكلي المقيد بالإشارة عنوان هذا يا سيد العروة لا تشكل على الشيخ كلام الشيخ شيخ الكلام النتيجة النهائية انتصرنا للشيخ الأنصاري لو قلنا بأن المعاملة وقعت على عنوان الدرهم، عنوان الدرهم ينصرف إلى الدرهم المسكوك بسكة المعاملة، الدرهم المسكوك بسكة المعاملة يتنافى مع هذا الدرهم المغشوش فتقع المعاملة باطلة عاطلة بخلاف ما إذا وقعت المعاوضة وعقد البيع على هذا الدرهم الخارجي وهو الدرهم المغشوش تصح المعاملة ولكن يحق لمن استلم الدراهم أن يفسخ إعمالا لخيار العيب ثم يقول ولو تبين اختلاف السكة يعني هو أراد مائة درهم بسكة السلطان محمود تبين هذا درهم ليس سكة السلطان محمود بل سلطان ثاني هنا قد يقال خيار التدليس بعد هذا ما يصير خيار العيب مو عيب مسكوكة بسكة ثانية لكن قشمره فكر سكة السلطان محمود تبين انها كانت سكة سلطان ثاني فهنا يثبت له خيار التدليس ثم تأمل في ذلك ونبين وجه التأمل.

قال ولو وقعت المعاوضة عليها ـ الدراهم المغشوشة ـ الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس جهلا متصورين أنها دراهم صحيحة اتضح أنها غير صحيحة، فتبين الحال لمن صارت إليه الدراهم المغشوشة هنا احتمالان

الاحتمال الأول فإن وقع عنوان المعاوضة يعني البيع عقد البيع على الدرهم يعني على عنوان الدرهم لا على الدرهم المشار إليه لكن لا تشتبه وتقل كلي الدرهم كلا كلي الدرهم المقيد بالإشارة فإن وقع عنوان المعاوضة على الدرهم المنصرف إطلاقه ـ إطلاق الدرهم ـ إلى المسكوك بسكة السلطان بطل البيع لأن ما وقع لم يقصد وما يقصد لم يقع، ما قصد المسكوك بالسكة لم يقع الذي وقع المغشوش وبعبارة أخرى إن قدمنا العنوان على الإشارة بطل البيع لأن العقد وقع على العنوان والعنوان هو الدرهم المسكوك بسكة السلطان.

الاحتمال الثاني وإن وقعت المعاوضة ـ عقد البيع ـ على شخصه ـ شخص الدرهم ـ من دون عنوان يعني من دون عنوان الدرهم المسكوك بسكة المعاملة فالظاهر صحة البيع مع خيار العيب إن كانت المادة مغشوشة بعد واضح يحق له أن يفسح بخيار العيب وإن كان مجرد تفاوت السكة هو أراد سكة السلطان محمود جاء له بسكة السلطان صالح يقول فهو خيار التدليس ـ دلس عليه ـ فتأمل لعله إشارة إلى أن خيار التدليس إنما يجري عند إخفاء ما هو ظاهر هذا هو التدليس خيار التدليس إظهار ما ليس بصحيح هذا المراد بالإظهار،

التدليس يعني ماذا؟ إظهار ما ليس بصحيح، مثلا هو ما عنده شعر يلبس باروكة يوهم أنه يوجد شعر هذا تدليس هنا لم يحصل تدليس واضحة أن هذه سكة السلطان محمود وهذه سكة السلطان صالح إذن فتأمل لعله إشارة إلى أن خيار التدليس لا يجري هنا لأن التدليس إنما يجري عند إظهار ما ليس بصحيح وهنا لم يظهر ما ليس بصحيح.

نحن ندرس الاكتساب بما لا يقصد منه إلا الحرام من أمثلته الدراهم المغشوشة من أمثلته بيع آلات القمار وآلات اللهو في الدراهم المغشوشة التزمت بالتفصيل قلت إن وقع البيع على الجزئي على الشخصي الدرهم المغشوش يصح البيع مع ثبوت خيار العيب أو التدليس ولكن هذا لم تقله في آلات اللهو والقمار، الدراهم المغشوشة باءها تجر وآلات اللهو والقمار باءها لا تجر في آلات اللهو والقمار قلت إذا وقعت المعاملة على آلات اللهو والقمار تبطل المعاملة مطلقا ما فصلت بين المادة والهيئة ولكن في الدراهم المغشوشة فصلت.

إشكال أنتم التزمتم في بيع الدراهم المغشوشة عند الجهل بصحة البيع مع ثبوت خيار العيب ولكن عند بيع أدوات القمار أو عند بيع آلات اللهو وانكشاف ذلك بعد ارتفاع الجهل قلتم تحرم المعاملة ولم تفصلوا ولم تقولوا بالجواز مع ثبوت الخيار وتقول مثلا يملك المادة والهيئة لم يملكها لم تقولوا هكذا الجواب فرق كبير بين المركب الخارجي والمركب الذهني العقلي المركب الخارجي مثل الدرهم المغشوش في الخارج مركب بين درهم ورمل هذا حاله حال بيع الخمر والخل في معاملة واحدة في عقد بيع واحد إذا بعت الخمر والخل بمائة دينار هنا يقولون بالتفصيل جزء المعاملة صحيح جزء من المبلغ المقابل للخمر باطل ثمانين دينار وجزء من المبلغ المقابل للخل صحيح عشرين دينار هذا مركب خارجي في الخارج يوجد جزءان متشخصان خمر وخل في الدراهم المغشوشة هذا مركب خارجي في الخارج درهم وتراب معه ولكن مثال آلات اللهو وآلات القمار هذا مركب عقلي مركب ذهني يعني في الخارج ما موجود خشب وهيئة خشب وشكل العقل يحلل هكذا يقول خشب وشكل للصنم وإلا في الخارج موجود الخشب في الخارج العقل يقول هكذا خشب وشكل للصليب خشب وشكل وهيئة للشطرنج إذن التركيب من المادة والهيئة تركيب ذهني تركيب عقلي بخلاف التركيب في الدراهم المغشوشة تركيب خارجي في الخارج يوجد فضة ويوجد تراب لذلك في المركبات الخارجية نلتزم بصحة البيع لأن جزء من المبلغ في مقابل الفضة مع ثبوت خيار العيب بالنسبة إلى التراب الزائد وأما في آلات القمار وآلات اللهو فلا نلتزم بأن قسم من المبلغ في مقابل الخشب فيصح البيع مقابل المادة الخشب وقسم من المبلغ مقابل الهيئة والشكل هذا لا نلتزم به لأن الهيئة والشكل لا مالية لهما الذي له المالية الخشب فقط أما شكل الصنم شكل الصليب شكل الشطرنج هذا ما له مالية.

وهذا يعني المعاوضة على الدراهم المغشوشة والالتزام لصحة البيع مع ثبوت خيار العيب بخلاف ما تقدم من الآلات فإن المعاملة تطول فيها مطلقا من دون تفصيل فإن البيع الواقع عليها ـ على الآلات ـ لا يمكن تصحيحه مثل الدراهم المغشوشة لا يمكن تصحيحه ـ تصحيح البيع الواقع على الآلات ـ بإمضائه يعني بإمضاء البيع الواقع على الآلات من جهة المادة فقط واسترداد ما قابل الهيئة من الثمن المدفوع لأن الهيئة لا تقابل بثمن والهيئة هذا قيد ذهني عقلي وليس قيد خارجي كما لو جمع بين الخل والخمر يعني يريد أن يقول كما لو جمع بين الخل والخمر في المركبات الخارجية يعني الدراهم المغشوشة مثل المركبات الخارجية.

يقول فإن البيع الواقع ؟؟؟ لا يمكن تصحيحه بإمضائه من جهة المادة فقط واسترداد ما قابل الهيئة من الثمن المدفوع في المركبات الذهنية العقلية كما لو جمع هذا تمثيل للاسترداد يعني يمكن الاسترداد كما لو جمع بين الخل والخمر لأن كل جزء من الخل أو الخمر مال لابد أن يقابل في المعاوضة بجزء من المال ففساد المعاملة باعتباره ـ باعتبار هذا المال ـ يوجب فساد مقابله من المال لا غير يعني لا فساد غيره فإذا فسد المقابل للخمر لا يفسد المقابل للخل يبقى على ما هو عليه هذا في المركبات الخارجية مثل بيع الخل والخمر في صفقة واحدة في بيع واحد ومثل بيع الدراهم المغشوشة هذه مركبات خارجية بخلاف المادة والهيئة التي هي مركبات عقلية ذهنية فإن الهيئة من قبيل القيد للمادة جزء عقلي لا خارجي حتى تقابل بمال على حدة ففساد المعاملة باعتباره يعني باعتبار الهيئة باعتبار المقابل للهيئة، فساد لمعاملة المادة حقيقة لأنه لا يوجد تفكيك في الخارج وبعبارة أخرى لو نظرنا إلى الخارج فإن الموجود في الخارج إما موجود واحد أو متعدد في الدراهم المغشوشة وجود متعدد وجود للفضة ووجود للتراب وجود للخل ووجود للخمر وجودان متعددان بخلاف الصليب وآلات القمار وآلات اللهو فإن الموجود في الخارج واحد ولا يقال وجود للمادة على حدة ووجود للهيئة على حدة أخرى.

يقول وهذا الكلام مطرد أنه إذا كان في الخارج شيء واحد يعني مركب ذهني عقلي تبطل المعاملة وإذا في الخارج شيئان يعني مركب خارجي تصح المعاملة مع ثبوت خيار العيب وهذا الكلام ناظر إلى خصوص الثاني المادة مع الهيئة، وهذا الكلام يعني في المركب العقلي مطرد في كل قيد فاسد بذل الثمن الخاص لداعي وجوده مثل الجارية المغنية هذه الجارية قيمتها ألف دينار لكن تغني، الجارية قيمتها ألف المغنية قيمتها ألف وخمسمائة هنا الجارية المغنية إن جعلناها مثل المركب الخارجي الخل والخمر يصير مقتضى المعاوضة صحة المعاملة بمقدار ألف دينار والخمسمائة له أن يفسخ ويرجعها ويأخذ الخمسمائة أو تبطل المعاملة وأما إذا قلنا أنها من قبيل المركب الذهني والعقلي لا يوجد ألف في مقابل الجارية وخمسمائة في مقابل صوتها هذا تركيب عقلي ذهني تبطل المعاملة مباشرة مثل المادة الذي هو الخشب والهيئة لا يمكن التفكيك بينهما.

الشيخ الأنصاري يقول هذه الجارية المغنية يعني كل قيد وهذا القيد فاسد غناء، هذا القيد الفاسد إذا بذل له ثمن خاص يوجب بطلان المعاملة السيد الخوئي يقول هيهات من قال تبطل المعاملة في الجارية المغنية يلتزم السيد الخوئي يقول المعاملة صحيحة مع ثبوت الخيار.

وهذا الكلام يعني أن الهيئة من قبيل القيد للمادة جزء عقلي لا خارجي يقابل بما ؟؟؟ ففساد المعاملة باعتباره هذا ؟؟؟ يعني فساد المعاملة باعتباره فساد لمعاملة المادة حقيقة يعني فساد المعاملة بلحاظ الهيئة فساد للمعاملة بلحاظ المادة يقول هذا الكلام مطرد يعني جار في كل قيد فاسد مثل الغناء بذل الثمن الخاص لداعي وجوده، بذل الثمن الخاص خمسمائة دينار بداعي وجوده ـ وجود الغناء في هذه المغنية ـ هذا تمام الكلام في القسم الأول القسم الثاني ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo