< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثامن والأربعون: ما أفاده المحقق الأردبيلي حول صدق مفهوم الإعانة

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وقال المحقق الاردبيلي في آيات أحكامه في الكلام على الآية.[1]

كان الكلام في الاستدلال بآية ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾[2] في حرمة بيع الخشب على من نعلم أنه يعمله صنما أو صليبا وحرمة بيع العنب على من يعلم أنه سيعمله خمرا.

وقع الكلام في مفهوم الإعانة على الإثم تطرقنا إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول ما يفهم من كلمات مشهور الفقهاء وهو أن الإعانة على الإثم لا يشترط فيها القصد فالإعانة على الإثم تصدق إذا اعنت من يعمل الخمر ببيعه العنب سواء قصدت أن يعمله خمرا أو لم تقصد.

القول الثاني وهو ما يفهم من كلمات المحقق الكركي والمحقق السبزواري وهو أن مفهوم الإعانة متقوم بالقصد فلا تصدق الإعانة على الإثم مع عدم قصد أن يعمل العنب خمرا عند بيع العنب.

القول الثالث للمحقق النراقي فهو يشترط شرطين الأول قصد الإعانة والثاني وقوع المعان عليه فحرمة بيع العنب لا تصدق إلا إذا قصد البائع أن يعمل خمرا أولا وثانيا يقوم المشتري خارجا بعصر العنب وجعله خمرا فقد أخذ في مفهوم الإعانة على الإثم بنظر المحقق النراقي أمران الأول قصد الإعانة والثاني وقوع المعان عليه خارجا.

بقيت كلمات المحقق الاردبيلي صاحب مجمع الفائدة والبرهان المحقق الاردبيلي ذكر أمرين على سبيل مانعة الخلو يعني لكي يثبت مفهوم الإعانة إما أن يتوفر القصد على الإعانة على الإثم أو يفهم العرف منها الإعانة وإن لم يتوفر القصد فعبارة صاحب مجمع الفائدة والبرهان خلاصتها لكي يتحقق مفهوم الإعانة يشترط أن يتوفر أحد أمرين إما القصد أو الفهم العرفي لا يشترط التحقق في الخارج كما عليه المحقق النراقي "أعلى الله في الخلد مقامه".

نقرأ عبارة المحقق الاردبيلي ثم تعليق الشيخ الأعظم الأنصاري على كلام المحقق الاردبيلي وكلام الشيخ إنصافا دقيق جدا وعرفي جدا فقد فرق بين ثلاث صور في الصورة الأولى قال لا يصدق مفهوم الإعانة في الصورة الثانية قال يصدق مفهوم الإعانة في الصورة الثالثة فيها خلاف وهي في موطن بحثنا ومسألتنا وهي بيع العنب على من أعلم أنه يعمله خمرا وإن لم أقصد وبيع الخشب على من يعلم خارجا أنه سيعمله صنما أو صليبا.

وقال المحقق الاردبيلي في آيات أحكامه في الكلام على الآية ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ الظاهر أن المراد بالإعانة وفي نسخة بالإعانة على المعاصي مع القصد يعني مع قصد الإعانة أو الإعانة على الوجه الذي يصدق أنها إعانة يعني يصدق عرفا أن هذه الإعانة إعانة عرفا إذن على سبيل مانعة الخلو الإعانة لا تخلو إما أن يقصد المعين الإعانة وإما لا يقصد لكن العرف يرى أنها إعانة مثل أن يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إياها أو يطلب القلم ـ الظالم ـ لكتابة ظلم فيعطيه إياه ونحو ذلك مما يعد معونة عرفا.

هنا حتى لو ما قصد أعطاه القلم ما يقصد أن يعدم فلان أعطاه العصا ما يقصد ما يرضى أن يضرب فلان لكن العرف يرى أنه إعانة.

فلا يصدق ـ الإعانة ـ على التاجر الذي يتجر لتحصيل غرضه ـ الربح ـ لا يصدق عليه أنه معاون للظالم العاشر في أخذ العشور إنه أعان في أخذ العشور عشر الشيء حينما يدفعه له، ولا على يعني ولا تصدق الإعانة على الحاج الذي يؤخذ منه المال ظلما وغير ذلك مما لا يحصى، فلا يعلم صدقها يعني صدق الإعانة على بيع العنب ممن يعمله خمرا أو الخشب يعني لا يعلم صدق الإعانة على بيع الخشب ممن يعمله صنما ولذا ورد في الروايات الصحيحة جوازه ـ جواز بيع العنب ممن يعمله خمرا وجواز بيع الخشب ممن يعمله صنما وإن كان الجواز وارد في العنب ـ وعليه الأكثر ـ أكثر الفقهاء على الجواز ـ ونحو ذلك مما لا يخفى[3] يعني من الموارد التي لا تخفى عليك.

يعلق الشيخ الأنصاري انتهى كلامه رفع مقامه ثم يقول ولقد دقق النظر ـ المحقق الاردبيلي ـ حيث لم يعلق صدق الإعانة على القصد يعني صاحب مجمع الفائدة ما علق الإعانة على القصد ولا نفى القصد عن الإعانة ولقد دقق النظر حيث لم يعلق صدق الإعانة على القصد ولا أطلق القول بصدقه بدون القصد بل علقه يعني علق الإعانة بالقصد أو بالصدق العرفي وإن لم يكن قصد يعني مانعة الخلو إما أن يقصد وإما أن يفهم العرف أنها إعانة.

يقول الشيخ الأنصاري توجد ثلاث صور دققوا فيها

الصورة الأولى قطعا لا تصدق الإعانة،

الصورة الثانية قطعا تصدق الإعانة،

الصورة الثالثة فيها خلاف وهي موطن البحث ويرى الشيخ الأنصاري أنها تفيد الإعانة أما الشق الأول إذا الفاعل لم يقصد التوصل إلى الفعل ولا إلى مقدمات الفعل مثل الحاج الذي يدفع الضريبة أصلا من غير رضاه يقول حرام عليكم تأخذونه أو التاجر الذي يدفع العشر إلى العشار الظالم هو لم يقصد الفعل ما قصد إعانة الظالم ولم يقصد مقدمات الفعل مثل التمكن أو التملك إما يملك الظالم هذا المال أو يمكنه من هذا المال وإن لم يملكه فالتمكن أو التملك مقدمة لوقوع الظلم لا يقصد الفاعل لوقوع الفعل ولا مقدمات الفعل قطعا هنا ما تصدق الإعانة.

قال ولكن أقول ـ هذا تفصيل الكلام في تحقيق المراد ـ هنا توجد صور ثلاث

الصورة الأولى لا شك في أنه إذا لم يكن مقصود الفاعل كالتاجر من الفعل وصول الغير إلى مقصده يعني وصول الظالم إلى ظلمه ولا إلى مقدمة من مقدماته ولا إلى مقدمة من مقدمات ظلمه،

ما هي المقدمة؟ تملك المال أو التمكن من المال بل يترتب عليه ـ على فعل التاجر دفع العشر ـ الوصول يعني وصول الظالم إلى ظلمه، من دون قصد الفاعل من دون أن يقصد الفاعل وهو التاجر، التاجر والحاج ما قصد تمكينه لا من الظلم ولا من مقدمة الظلم لكن يتوصل الظالم ِإلى ذلك بجمع المال والتمكن منه فلا يسمى إعانة كما في تجارة التاجر بالنسبة إلى أخذ العشور ومسير الحاج بالنسبة إلى أخذ المال ظلما فهو لم يقصد الإعانة على الظلم ولم يقصد تحقيق مقدمة الإعانة وهي التمكن من المال أو تملك المال.

الصورة الثانية قطعا تصدق الإعانة وهو إذا قصد وقوع الفعل إذا قصد وقوع الفعل باع العنب ويقصد يخمره باع الخشب ويقصد أن يعمله صنم أو صليب قطعا تصدق الإعانة.

قصد الفعل ولم يقصد مقدمة الفعل ليس قصد أن يملكه الخشب أو يملكه العنب يمكنه من الخشب أو يمكنه من المال كلا قصد الفعل الحرام أن يعمل العنب خمر أو يعمل الخشب صليب أو صنم هذه قطعا حرام إنما الكلام كل الكلام في

الصورة الثالثة وهي إذا قصد المقدمة ولم يقصد الحرام يعني قصد تمكينه من العنب تمكينه من الخشب أو قصد تمليكه للعنب تمليكه للخشب وهنا العنب قد يستعمل في الحلال بأكله أو يستعمل في الحرام بتخميره قصد تمكينه من الخشب تمليكه للخشب تمليك الخشب قد يستعمل في الحلال بصنع بيت خشبي وقد يستعمل في الحرام بصنع الصليب.

الصورة الأولى لم يقصد الحرام ولا مقدمات الحرام كالحاج والتاجر قطعا ما يكون مأثوم وما يصدق عليه يعني هذا لما باعه العنب ما قصد أن يمكنه ولا قصد أن يخمره هنا لا إشكال.

الصورة الثانية قصد الحرام قصد الفعل قصد أن يخمره أو أن يعمله صليب أو صنم قطعا هنا حرام.

الصورة الثالثة لم يقصد الحرام لكن قصد المقدمة الأعم من الحلال والحرام يعني ما قصد التخمير ولا قصد أن يعمله صليب لكن قصد أن يمكنه من العنب أو الخشب يملكه العنب أو الخشب وهذا أعم من الحلال والحرام فما هو حكم في المسألة هذا موطن بحثنا.

الشيخ الأنصاري يقول مسألتنا أصلها بيع الخمر وهو ما قصد أن يخمره لكن يعلم خارجا أن المشتري يخمره بيع الخشب ما قصد أن يعمله صليب أو صنم لكنه يعلم أن المشتري سيعمله صنما أو صليبا ما هو الحكم هنا؟

الصورة الثانية وكذلك لا إشكال يعني قطعا لا إشكال يعني لا إشكال في ثبوت الحرمة، فيما إذا قصد الفاعل بفعله يعني قصد بائع العنب ببيعه قصد التخمير الفعل الحرام، فيما إذا قصد الفاعل بفعله ودعاه إليه يعني ودعا الفاعل إلى هذا الفعل وصول الغير إلى مطلبه الخاص يعني تخمير العنب أو عمل الخشب صنما أو صليبا، فإنه يقال إنه ـ إن الفاعل ـ أعانه ـ أعان الغير ـ على ذلك المطلب الخاص الحرام فهذا المطلب الخاص ِإما حلال أو حرام فإن كان عدواناً يعني فإن كان المطلب الخاص عدوانا مع علم المعين به يعني مع علم المعين بكون المطلب عدوانا، صدق الإعانة على العدوان صدق عليه ـ على الفاعل ـ أنه أعان على العدوان.

الكلام في الشق الثالث وإنما الإشكال فيما إذا قصد الفاعل بفعله ليس هو الفعل الحرام كلا وصول الغير إلى مقدمة مشتركة بين المعصية وهي التخمير أو عمل الصليب والصنم وغيرها ـ وغير المعصية ـ مثل أكل العنب والاستفادة من الخشب في عمل أغراض مشروعة في البيت لكن مع العلم بصرف الغير إياها يعني لهذه المقدمة إلى المعصية، طبعا

ما هي المقدمة؟ التملك أو التمكن يقصد يملكه العنب أو الخشب يمكنه من العنب أو الخشب.

الآن يمثل يقول كما إذا باعه العنب لكن لا بقصد التخمير فإن مقصود البائع تملك المشتري له ـ للعنب ـ هذه المقدمة أولها التملك وانتفاعه به يعني وانتفاع المشتري به ـ بالعنب ـ يعني التمكن منه، التملك أو التمكن فهي إعانة له يعني فبيع البائع العنب إعانة له ـ للمشتري ـ بالنسبة إلى أصل تملك العنب يعني بالنسبة إلى المقدمة لا بالنسبة إلى الفعل هو أعان على المقدمة أعان على التملك أعان على التمكن هذا واضح أنه أعان لما باعه ملكه لما باعه مكنه إذن المقدمة محرزة وهي التمكن والتملك يبقى الكلام في الفعل الحرام فلو افترضنا يقول الروايات التي تنهى عن البيع للتخمير وبيع الخشب للصليب والصنم إذا تنهى عن الاثنين يعني عن الحمل الحرام ومقدمات الحرام إذا استفيد من النهي تحريم الفعل ومقدمات الفعل هنا تصدق الإعانة حينما باعه العنب أو الخمر مكنه ملكه فتصدق الإعانة وتثبت الحرمة.

ولذا يعني لأن بيعه العنب إعانة لأصل تملك العنب لا الفعل الحرام ولذا لو فرض ورود النهي عن معاونة هذا المشتري الخاص ـ وهو من يريد أن يخمر العنب أو من يريد أن يجعل الخشب صنما أو صليبا ـ في جميع أموره يعني في الفعل ومقدماته الحرام ومقدمات الحرام أو في خصوص تملك العنب يعني في خصوص المقدمات ممنوع أن تعاونه، حرم بيع العنب عليه مطلقا يعني لا يجوز بيع العنب عليه مطلقا يعني قصدت الحرام أو لم تقصد الحرام البائع سواء قصد التخمير من بيع العنب أو قصد الأكل يحرم لأن الحرمة هنا لم تعلق على القصد الحرمة ترتبت على تمكينه من العنب أو تمليكه للعنب.

يقول فمسألة بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا نظير إعطاء السيف أو العصا لمن يريد قتلا أو ضربا حيث إن الغرض من الإعطاء هو ثبوته بيده يعني ثبوت السيف أو العصا بيده والتمكن منه يعني والتمكن من السيف أو العصا كما أن الغرض من البيع تملكه له.

سؤال ما الفرق بين هذين المثالين؟ ما الفرق بين دفع التاجر العشر للظالم وأيضا دفع الحاج الضريبة للظالم وبين دفع العصا للظالم ليضرب ودفع السيف للظالم ليقتل؟

الفرق هو قصد المقدمة وعدم قصد المقدمة بالنسبة إلى التاجر ليس قاصد أن يعطي لا يريد أن يعطي وبالنسبة إلى الحاج ما يريد يعطيه ما يقصد يمكنه ما يقصد يملكه لكن بالنسبة إلى من يعطي الظالم السيف أو العصا يصير

ما يقصد يمكنه؟ التمكين قهري يعرف الآن إذا أعطاه السيف سوف يذهب رأس ذلك يصير يقول أنا أعطيه ولكن أنا ما قاصد أمكنه أنا أعطيه العصا ولكن أنا ما قاصد أمكنه من الضرب،

ما هذا الكلام؟ الفرق في قصد المقدمة وعدم قصدها في مثال التاجر والحاج لم يقصدا المقدمة وهي تمكين الظالم من العشر أو الضريبة لا يملكونه ولا يمكنونه لكن في مثال إعطاء العصا والسيف للظالم يتحقق قهرا قصد التمكين وتثبت الحرمة.

قال فمسألة بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا نظير إعطاء السيف أو العصا لمن يريد قتلا أو ضربا، يعني هنا قصد للمقدمة يعني أنت ما دام تدري أن هذا سوف يخمره بعد قصدت أن تمكنه أو تملكه من بيعك للخمر إياه حيث إن الغرض من الإعطاء هو ثبوته بيده والتمكن منه كما أن الغرض من بيع العنب تملكه إياه إلا أن الإشكال في أن العلم بصرف ما حصل بإعانة البائع والمعطي في الحرام هل يوجب صدق الإعانة على الحرام أم لا يعني الإعانة على المقدمة هذا ثابت لكن هل تثبت الإعانة على الحرام هذا موطن بحثنا فحاصل محل الكلام هو أن الإعانة على شرط الحرام ـ التمكن أو التملك ـ مع العلم بصرفه ـ بصرف المبيع ـ في الحرام هل هي إعانة على الحرام أم لا، فظهر الفرق بين بيع العنب وبين تجارة التاجر ومسير الحاج، فحاصل محل الكلام يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo