< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الخمسون: شرح مسألة التسلسل فی بیع الطعام على من يرتكب المعاصي

قال الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" وتوهم أن الفعل مقدمة له فيحرم الإعانة مدفوع[1] .

كان الكلام في حرمة بيع العنب على من يعمله خمرا ذكرنا مبنيين بل قولين:

القول الأول يرى حرمة بيع العنب على من يعمله خمرا إذ أن التخمير وهو حرام له شرط وهو تملك العنب والتمكن من العنب فيكون البائع ببيعه العنب للمشتري قد أعان المشتري على الحرام وهو تخمير العنب فيصدق عنوان المعاونة على الإثم والعدوان وبعبارة أخرى عندنا حرام وهو تخمير العنب وعندنا مقدمة الحرام شرط الحرام وهو شراء العنب والتمكن من العنب وتملكه فالبائع ببيعه العنب على من يشتريه لكي يعمله خمرا يكون قد أعان على المقدمة قد أعان على شرط الحرام قد أعان على تملك العنب والتمكن منه الذي هو شرط حرام ومقدمة الحرام حرام فيكون البائع قد أعان على مقدمة الحرام هذا ذكرناه عندما تطرقنا إلى مبنى المحقق النراقي وهو قول الشيخ الأنصاري صفحة 138 فإذا بنينا على أن شرط الحرام حرام مع فعله توصلا إلى الحرام كما جزم به بعض وهو المحقق النراقي في عوائد الأيام صفحة 25.[2]

المبنى الثاني من قال إن مقدمة الحرام حرام لا نسلم إن مقدمة الحرام حرام مقدمة الحرام حرام في خصوص المقدمة الأخيرة المقدمة الموصلة فالبائع في السوق يجوز له أن يبيع العنب إلا إذا علم أن هذا المشتري الآن أخذ العنب لكي يعصره ويخمره الآن سيخمره وأما الآن أخذ غير معلوم قد يأكله وقد يخمره لا يحرم وإن استعان به بعد ذلك على التخمير لكن ما دام لا يعلم هو نفسه المشتري ما يدري نفس المشتري اشترى العنب إما يأكله أو يخمره مقدمة الحرام ليست حراما إلا في خصوص المقدمة الموصلة وبالتالي لا يحرم على البائع أن يبيع العنب على من يعمله خمرا إلا إذا علم وقطع أن المشتري الآن يريد العنب لكي يخمره فيحرم تمكينه من العنب وأما إذا لم يعلم فإن مقدمة الحرام ليست بحرام نعم قد يحرم من ناحية التجري يعني هذا المشتري لما اشترى العنب لكي يخمره قد تجرأ على المولى ربما اشترى العنب نفترض هو الآن جاء إلى السوق اشترى العنب كان يقصد أن يخمره لكن ما خمره أكل منه رآه لذيذ قال أكله ولم أخمره فهنا عندما اشترى العنب بقصد التخمير يكون قد تجرأ على الله ويكون البائع ببيعه العنب للمشتري قد أعان المشتري على التجري والتجرؤ على الله، المشتري متجري لأنه اشترى العنب بقصد التخمير والبائع أعان على التجري لأن البائع ببيعه للعنب قد أعان المشتري على الشراء بقصد التخمير.

ثم يناقش الشيخ الأنصاري يقول نحن لا نسلم أن البيع مقدمة للتجري لأن التجري عنوان مركب من جزأين،

الجزء الأول الشراء

الجزء الثاني قصد التخمير الجزء الأول مطلق الشراء، الجزء الثاني قيد للمطلق الشراء بقصد التخمير، الجزء الأول مقيَد، الجزء الثاني مقيِد.

سؤال هل البائع ببيعه العنب لهذا المشتري الذي اشترى العنب بقصد التخمير قد أعان على التجري؟ الجواب لم يعن على التجري لأن البيع وهو فعل البائع إعانة على الشراء وهو خصوص الجزء الأول من فعل المشتري لكن البيع الذي هو فعل البائع ليس إعانة على الجزء الثاني قصد التخمير لأن الجزء الأول الشراء فعل خارجي فعل جوارحي بينما الجزء الثاني قصد التخمير هذه نية قلبية فعل جوانحي فمن أين يحرز البائع أن المشتري عند شراء العنب قصد التخمير من أين يحرز هذا أمر داخلي جوانحي إذن المبنى الثاني يقول بيع البائع للعنب ليس إعانة على الحرام وليس إعانة على التجري لأن هذا التجري مركب من جزأين من الشراء وقصد التجري ونحن وإن سلمنا أن البيع إعانة على الجزء الأول وهو الشراء لكننا لا نسلم أن البيع إعانة على الجزء الثاني قصد التخمير لأن قصد التخمير تابع للنية القلبية إلى المشتري وليس تابع إلى نية البائع حتى لو البائع قصد أن يخمره إذا المشتري ما قصد أن يخمره ما يتم الجزء الثاني.

هذا أشار له الشيخ الأنصاري هذا يعني خذ هذا قول الشيخ النراقي مقدمة الحرام حرام ولكن الحكم بحرمة الإتيان بشرط الحرام توصلا إلى الحرام قد يمنع لأنه لا دليل عليه لا دليل على أن مقدمة الحرام حرام إلا من حيث صدق التجري يعني صدق تجري المشتري على الله يعني الشراء بقصد التخمير، طبعا بناء على أن التجري حرام.

الآن والبيع هذا جواب يقول لا نسلم أن البيع مقدمة للتجري والبيع ـ بيع البائع ـ ليس إعانة عليه يعني على التجري لأن التجري مركب من جزأين يقول وإن كان إعانة على الشراء يعني وإن كان البيع إعانة على خصوص الجزء الأول من التجري وهو الشراء إلا أنه يعني إلا أن الشراء في نفسه ليس تجريا، الشراء بحد ذاته ليس تجري الشراء هو الجزء الأول من التجري والجزء الثاني من التجري قصد التخمير.

يقول فإن التجري يعني تجري المشتري يحصل بالفعل يعني الشراء المتلبس بالقصد يعني المتلبس بقصد التخمير يعني التجري عنوان مركب من الفعل الشراء زائد تلبس الفعل بالقصد يعني تلبس الشراء بقصد التخمير.

الآن صاحب المكاسب الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول لا تتوهم أن البيع مقدمة للتجري لأن البيع مقدمة لخصوص الجزء الأول من التجري وهو الشراء وليس مقدمة للجزء الآخر من التجري وهو قصد التخمير.

إشكال من قصد الجزء قصد الكل، من قصد جزء المركب قصد كل المركب فإذا ثبتت مقدمية البيع للشراء الذي هو الجزء الأول للتجري تكون قد ثبتت مقدمية البيع للتجري.

قال وتوهم أن الفعل ـ الشراء ـ مقدمة له ـ مقدمة للتجري ـ يعني التجري المركب من الشراء وقصد التخمير، فيحرم الإعانة يعني فيحرم الإعانة على الشراء يعني فيحرم على البائع أن يعين المشتري على الشراء لأن الشراء مقدمة للتجري لأن الشراء هو الجزء الأول من أجزاء مركب التجري فإذا البيع ـ بيع البائع ـ مقدمة إلى الشراء الجزء الأول فيكون بيع البائع مقدمة إلى كل المركب يعني تجري المشتري.

يقول هذا التوهم مدفوع يقول القدر المتيقن أن المشتري اشترى يعني الجزء الأول أما الجزء الثاني أنه قصد التخمير الآن

من أين تأتي به؟ جاء المشتري وهو خمار اشترى العنب القدر المتيقن أنه خارجاً أشترى العنب لكن من أين تتيقن أنه قصد أن يخمره الآن لا فيما بعد هذا غير محرز إذا ما أحرزت الجزء الثاني أن المشتري قصد التخمير بعد ما يثبت التجري لأن التجري مؤلف من جزأين شراء زائد قصد التخمير وإذا تدعي إن المشتري قصد التخمير يلزم التسلسل وهو تسلسل القصود قصد يتلوه قصد وقصد يتلوه قصد وقصد يتلوه قصد.

وتوهم أن الفعل ـ الشراء ـ مقدمة له ـ للتجري الحرام ـ فيحرم الإعانة يعني على الشراء مدفوع بأنه لم يوجد قصد إلى التجري يعني لم يوجد عند المشتري قصد إلى التجري يعني لم يوجد عند المشتري قصد التخمير فإذا ما قصد التخمير بالتالي التجري لا يثبت، مدفوع بأنه لم يوجد قصد إلى التجري يعني لم يقصد المشتري التجري حتى يحرم يعني حتى يحرم الإعانة على الشراء وإلا يعني لو وجد قصد إلى التجري يعني لو كان المشتري قد قصد التجري لزم التسلسل،

كيف هذا التسلسل؟ ما هو موطن بحثنا؟ شراء المشتري بقصد التجري يعني المشتري اشترى العنب وقصد يجرأ على الله، اشترى العنب وقصد أن يخمره متجرئا على الله هذا موطن بحثنا الشراء بقصد التجري.

الشراء بقصد التجري حرام أم حلال؟ حرام بناء على أن التجري حرام، الشراء بقصد التجري حرام ولكن نسأل ذات الشراء منه، ذات الشراء فيه هذا المركب شراء بقصد التجري، ذات الشراء هل هو حرام أم حلال؟ إن قلت ذات الشراء يعني المطلق حلال قلنا أهلا بناصرنا هذا ما ندعيه أن الشراء حلال وليس بحرام وإن قلت لا ذات الشراء ليس بحلال بل قلت هذا الشراء حرام لأنه بقصد التجري، عاد المثال الآخر صار قصد آخر صار شراء بقصد التجري نأتي نفكك هذا، هذا الشراء بقصد التجري الجزء الأول منه الشراء حلال أو حرام؟ إن قلت حلال نقول إذن ثبت ما أردناه وإن قلت حرام نقول حرام لأنه بقصد التجري صار قصد تجري ثالث هذا المركب الثالث الشراء بقصد التجري نسأل خصوص الشراء فيه هل حلال أو حرام، إن قلت حلال هذا مطلوبنا إن قلت حرام نسألك لماذا حرام؟ تقول حرام لأنه بقصد التجري صار مركب رابع الشراء بقصد التجري رابعاً.

خصوص الشراء منه هل هو حلال أو حرام؟ إن قلت حلال قلنا هذا ما نقوله إن قلت حرام نسأل لماذا حرام؟ تقول حرام لأنه بقصد التجري صار مركب خامس وهكذا الشراء بقصد التجري هذا المركب الخامس نسلط الضوء على

الجزء الأول الشراء تقول هذا الشراء الذي هو الجزء الأول من المركب الخامس حلال أو حرام؟ إذا حلال هذا مبنى الشيخ الأنصاري إذا حرام لماذا هو حرام تقول لأنه شراء بقصد التجري هذا مركب سادس وهكذا تصير سلسلة في القصود، قصد التجري الأول يولد قصد التجري الثاني يولد قصد التجري الثالث يولد قصد التجري الرابع ويتسلسل إلى ما لا نهاية والتسلسل محال.

قال وتوهم أن الفعل يعني شراء العنب مقدمة له يعني للتجري الحرام المركب من جزأين شراء زائد قصد التخمير، فيحرم الإعانة يعني فيحرم على البائع الإعانة على الشراء لأن الشراء جزء مركب التجري والإعانة على الجزء إعانة على الكل مدفوع بأنه ـ بأن الشأن ـ لم يوجد قصد إلى التجري يعني لم يوجد عند المشتري قصد إلى التجري حتى يحرم يعني حتى يحرم الشراء وحتى يحرم الإعانة على الشراء يعني وجد خصوص الجزء الأول الشراء دون

الجزء الثاني القصد إلى التجري وإلا يعني لو يوجد قصد إلى التجري وإلا يعني لو يوجد عند المشتري قصد إلى التجري لزم التسلسل، كيف التسلسل؟ تقول شراء المشتري بصد التجري هذا القيد الأول شراء المشتري حلال أو حرام؟ إن قلت حلال هذا مبنى الشيخ الأنصاري إن قلت حرام لأنه قصد التجري هنا تولد قصد ثاني صار مركب ثاني هذا المركب الثاني الشراء بقصد التجري الجزء الأول منه خصوص الشراء جائز أو حرام؟ إن قلت جائز هذا مبنى الشيخ الأنصاري إن قلت حرام تقول حرام لأنه بقصد التجري صار مركب ثالث وهكذا فيلزم التسلسل.

فافهم لعله إشارة إلى أننا لا نسلم أن التجري حرام فتكون مقدمة التجري ليست حرام لأن كل هذا الكلام مبني على أن مقدمة الحرام حرام ومقدمة التجري حرام لأنها مقدمة إلى التجري الحرام فإذا ما أنكرنا أن التجري حرام وقلنا التجري جائز وليس بحرام تكون مقدمة التجري ليست حرام لأن التجري ليس بحرام فمقدمته لا تكون محرمة.

ثم الشيخ الأنصاري يعقب يقول نحن كلامنا مع مقتضى القاعدة التجري ليس بحرام ومقدمة التجري لا تكون حرام ولو سلمنا أن التجري حرام فإن مقدمته هنا أيضا ليست حرام إلا إذا ورد نص خاص قال هذه المقدمة حرام فنلتزم لوجود الدليل الخاص ويذكر دليلين خاصين كمثال يعني إلى هنا اتضح شرط الحرام ليس بحرام إلا إذا دل الدليل على حرمة شرط الحرام، ما هو الدليل الأول؟ الدليل الأول ما ورد من النهي عن غرس العنب من أجل التخمير فيكون الإعانة على الغرس إعانة على التخمير.

نعم الدليل الأول لو ورد النهي بالخصوص عن بعض شروط الحرام يعني ورد نهي خاص عن حرمة شرط الحرام فيكون حرمة شرط الحرام ليس من جهة قصد التجري وليس من جهة كونها قصد إلى مقدمة التجري شرط الحرام لم يحرم لأنه تجر أو مقدمة للتجري، شرط الحرام حرم بالدليل الخاص نعم لو ورد النهي بالخصوص عن بعض شروط الحرام كالغرس للخمر دخل الإعانة عليه ـ على الغرس ـ في الإعانة على الإثم لكن ببركة النص.

الدليل الثاني نفسه هذا دليل الغرس يستشهد فيه بالأولوية القطعية، كيف نصور الأولوية القطعية؟ التخمير له مقدمتان إحداهما بعيدة وهي غرس العنب والأخرى قريبة وهي بيع العنب وتمكينه من العنب وتمليكه العنب فإذا الرواية دلت على حرمة المقدمة البعيدة وهي الغرس فمن باب أولى تحرم المقدمة القريبة وهي تمكينه من العنب تمليكه للعنب.

كما أنه لو استدللنا بفحوى يعني الأولوية القطعية، بفحوى ما دل على لعن الغارس[3] فإذا الغارس للعنب ملعون لأنه يقصد تخميره والغرس مقدمة بعيدة فإن تمكينه ـ تمكين المخمر ـ من العنب وتمليكه للعنب أيضا يوجب اللعن لأنه مقدمة قريبة، بفحوى ما دل على لعن الغارس على حرمة التملك للتخمير إذن المقدمة البعيدة اللعن الغارس المقدمة القريبة التملك للتخمير حرم الإعانة عليه ـ على التملك للتخمير ـ أيضا بالبيع يعني أيضا بواسطة البيع.

بالنسبة إلى التسلسل أذكر لكم مصادر بعض العلماء قال أنا أصلا هذا التسلسل ما فهمته فإذا وجدتم صعوبة في فهمه لا تستكثروا أذكر لكم ستة مصادر:

المصدر الأول غاية الآمال في شرح المكاسب الشيخ عبد الله المامقاني الجزء الأول صفحة 276[4] تعليقة رقم 211 قال المامقاني لزم التسلسل وهذا غير سديد يعني لا يسلم وقوع التسلسل.

المصدر الثاني الميرزا فتاح الشهيدي هداية الطالب إلى أسرار المكاسب يقول ولم أفهم وجهاً صحيحاً لذلك إلى الآن فلابد من مزيد التأمل في وجهه يمكن تراجع ما نقله عنه الشيخ المروجي تمهيد المطالب في شرح المكاسب الجزء 2 صفحة 156، لكن الأكابر سلموا بهذا التسلسل.

المصدر الثالث حاشية الإيرواني الجزء الأول صفحة 101 [5] ذكر التسلسل مسلماً به.

المصدر الرابع حاشية كتاب المكاسب للسيد اليزدي صاحب العروة الجزء الأول صفحة 58 أيضا سلم بالتسلسل، لعل أوضح من وضح التسلسل المحقق الشيرازي في كتابه ونقل عنه الشيخ المنتظري في كتابه دراسات في المكاسب المحرمة الجزء 2 صفحة [6] 327 وأيضا نقل كلام المحقق الشيرازي أستاذنا الشيخ علي المروجي القزويني في كتابه تمهيد المطالب الجزء 2 صفحة 155 وإذا أردتم أيضا شرح ربما يكون واضحا المصدر السادس كتاب بيان المطالب في شرح المكاسب للشيخ عبد الله الياسي الجزء الأول صفحة 178.

إلى هنا انتهينا من مسألة بيع العنب ممن يعمله خمراً يبقى تلخيص ما أخذناه في ثلاثة مطالب، فتحصل مما ذكرنا ثلاثة مطالب يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo