< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الواحد والخمسون: إتمام الكلام في بيع الطعام على من يعمله خمراً

قال الشيخ الأنصاري "أعلى الله في الخلد مقامه" فتحصل مما ذكرنا أن قصد الغير لفعل الحرام معتبر قطعا في حرمة فعل المعين.[1]

انتهينا بحمد الله "عز وجل" من بحث مسألة حرمة بيع العنب على من يعمله خمرا ذكرنا الرأي الأول للمحقق النراقي "رحمه الله" ثم ذكرنا أن البعض لا يرى أن شرط الحرام حرام إلا من باب التجري ثم ذكرنا قولا ثالثا وهو أن التجري ليس بحرام فمقدمة التجري ليست بحرام.

الشيخ الأنصاري الآن يلخص ما ذكرناه سابقا في ثلاثة أمور:

الأمر الأول يقول لكي يصدق عنوان الإعانة على بائع العنب يشترط قصد المشتري لتخمير العنب الآن فيجوز للبائع أن يبيع العنب على من يعمله خمرا لكن يحرم على البائع أن يبيع العنب على من يقصد أن يعمل العنب خمرا عند الشراء فإذن قصد المشتري وهو غير البائع دخيل في صدق عنوان الإعانة المحرمة هذه

النتيجة الأولى التي خرجنا بها، لكي يتحقق عنوان الإعانة على الإثم والعدوان بالنسبة إلى البائع ويكون فعل البائع الحرام لأنه معين يشترط قصد الغير وهو المشتري، هذه النتيجة الأولى.

النتيجة الثانية تحرير محل الكلام وهو انه عندنا شرط وعندنا مشروط الشرط الشراء والمشروط استعمال العنب في التخمير فالشرط وهو الشراء هل يصدق على مقدمته وهو البيع أنه إعانة على الحرام أو لا فبيع البائع للعنب هل يصدق عليه أنه إعانة على شراء العنب المقيد بقصد التخمير الآن فيكون حراما أو لا، إذن موطن بحثنا هو هذا الإعانة بالبيع على شرط الحرام وهو الشراء بقصد الشرط دون المشروط يعني البائع حينما يبيع يقصد الشرط يعني تحقق الشراء ولا يقصد المشروط يعني لا يقصد تحقق التخمير ثم يقع الكلام هل الإعانة على الشرط وهو الشراء إعانة على المشروط وهو التخمير أو لا هل إعانة البائع على الشرط وهو الشراء يعد إعانة على المشروط وهو تخمير العنب.

والجواب البيع لا يحرم لأنه لا يصدق عليه عنوان الإعانة على الحرام إلا من حيث التجري فإذا بنينا على أن التجري حرام يكون الشراء حرام لأنه مقدمة للتجري وقد أنكرنا أن الشراء مقدمة للتجري لأن الشراء هو الجزء الأول من مركب التجري ويوجد جزء آخر وهو قصد التخمير وبالتالي لا تصدق الحرمة من جهة التجري إلا إذا دل الدليل الخاص وهو الروايات فإذا دلت الرواية على حرمة الشراء فصار شرط الحرام وهو الشراء حراما من جهة الدليل الخاص الرواية لا من جهة كون الشراء مقدمة إلى التجري.

والأمر الثالث الذي أخذنا إن مجرد بيع العنب ممن يعلم أنه سيجعله خمرا لكن لا نعلم عند الشراء هل قصد التخمير أو لا فهذا البيع ليس حرام وليس إعانة لا من جهة الشرط وهو الشراء ولا من جهة المشروط التخمير وقصد التخمير لا من جهة الشرط لأن هذا الشرط الشراء ليس مقدمة إلى الحرام أو التجري ولا من جهة المشروط قصد التخمير لأننا لا نحرز أنه الآن يريد يخمره يمكن يريد أن يأكله هو صحيح خمار وافترض دائما يأتي ويشتري العنب حتى يخمره لكن ربما هذا العنب عجبه وأكله ولم يخمره فلا يحرم البيع عليه، هذه ثلاث نتائج توصلنا إليها ثم من النتيجة الثالثة يرد على المحقق الكركي في حاشية الإرشاد، المحقق الكركي في حاشية الإرشاد قال لو كان بيع العنب على من يعمله خمرا إعانة للزم المنع عن معاملة أكثر الناس.

الجواب من قال إن المراد بالإعانة مجرد بيع العنب على من يعمله خمرا هذا ليس بإعانة الإعانة إذا علمت الآن أنه سيخمره بعبارة أخرى مقدمة الحرام ليست حرام إلا خصوص المقدمة القريبة المقدمة الأخيرة بالتالي اللازم الذي قاله المحقق الكركي يلزم المنع عن معاملة أكثر الناس هذا اللازم ليس بتام لأن أكثر الناس لا يبيعون بالنسبة إلى المقدمات القريبة يبيع العنب وذلك خمار ربما تتبدل نيته ربما الآن يخمره أو لا يأكله ولا يخمره فإذن هذا اللازم ليس بتام.

فتحصل مما ذكرنا في المناقشات يعني نتيجة المناقشات المتقدمة ثلاثة أمور:

الأمر الأول أن قصد الغير وهو المشتري لفعل الحرام وهو تخمير العنب في مسألتنا معتبر قطعا في حرمة فعل المعين يعني معتبر في حرمة فعل البائع يعني لكي يصدق عنوان الإعانة على بيع البائع يشترط أن يقصد غير البائع وهو المشتري يقصد التخمير إذن قال الشيخ الأنصاري باعتبار قصد الغير في صدق عنوان الإعانة إذن الإعانة يعتبر فيها القصد ليس قصد الشخص قصد الغير لا أنه البائع يقصد أن يبيعه لكي يخمر كلامنا الآن قصد الغير قصد المشتري للتخمير.

النتيجة الثانية وأن محل الكلام في حرمة بيع العنب على من يعمله خمرا هي الإعانة بالبيع على شرط الحرام، ما هو شرط الحرام؟ الشراء، الشراء مقدمة إلى التخمير، وأن محل الكلام هي الإعانة بالبيع على الشراء الذي هو شرط الحرام لكن بقصد تحقق الشرط يعني بقصد تحقق الشراء يعني البائع يبيع بقصد تحقق الشرط، ما هو الشرط؟ تملك المشتري للعنب تمكن المشتري من العنب وهذا يحصل بالشراء إذا اشترى المشتري العنب ملكه تمكن منه فإذن البائع يقصد الشرط يعني يقصد تمكن المشتري وتملكه للعنب من خلال الشراء.

وأن محل الكلام هي الإعانة ـ إعانة البائع ـ على شرط الحرام يعني تمكن المشتري وتملكه للعنب بقصد تحقق الشرط يعني بقصد تملك العنب التمكن من العنب دون المشروط ـ التخمير ـ وأن ها يعني الإعانة على التمكن من العنب تملك العنب هل تعاد إعانة على المشروط إعانة التخمير هل الإعانة على الشرط التمكن والتملك للعنب يعد إعانة على المشروط إعانة على التخمير فتحرم يعني فتحرم الإعانة أم لا يعني لا تحرم الإعانة يعني إذا الإعانة على الشرط يصدق عليها إعانة المشروط تحرم الإعانة إذا الإعانة على الشرط لا يصدق عليها أنها إعانة على المشروط لا تحرم هذه الإعانة.

يقول فتحرم أم لا هذه أم لا يفسرها فلا تحرم الـ أم لا يعني فلا تحرم يعني إعانة على الشرط لأنها ليست إعانة على المشروط فلا تحرم ما لم تثبت حرمة الشرط ـ التمكن من العنب تملك العنب ـ من غير جهة التجري لأن التجري ما يثبت الحرمة

ما هو غير جهة التجري الذي يثبت الحرمة؟ الدليل الخاص في قوله نعم لو ورد نهي بالخصوص عن بعض شروط الحرام.

يقول إذا قلنا الإعانة على الشرط إعانة على المشروط المشروط حرام فيصير الشرط حرام فالإعانة على الشرط إعانة على المشروط إعانة على الحرام تحرم الإعانة على الشرط من باب المقدمية يعني الإعانة على الشرط الذي هو تملك والتمكن من العنب إعانة على الحرام الذي هو تخمير العنب فهنا التمكن من العنب تملك العنب حرام من جهة كونه إعانة على المشروط إعانة على التخمير هذا قول،

القول الثاني إذا قلنا الإعانة على الشرط ليس إعانة على المشروط الإعانة على الشراء والتمكن من العنب ليست إعانة على التخمير بالتالي لا تحرم الإعانة على الشرط الإعانة على الشراء والتمكن من العنب ليست حرام إلا من جهة أخرى وهي الدليل الخاص لو ورد لعن الله غارس شجرة العنب للتخمير فإذا غرس الشجرة للتخمير حرام من باب أولى بيع العنب وتمكين الغير من العنب من أجل التخمير هذا حرام فالحرمة لا تثبت من جهة المقدمية وأن الإعانة على الشرط إعانة على المشروط وإنما الحرمة تثبت من جهة الدليل الخاص لا تثبت من جهة الحرمة ولا تثبت من جهة التجري لأننا قلنا التجري ليس بحرام فلو صار التمكن أو الشراء مقدمة إلى التجري أيضا ليس بحرام ولو سلمنا إن التجري حرام لا نسلم أن الشراء مقدمة إلى التجري كما تقدم في الدرس السابق.

فلا تحرم يعني الإعانة على الشرط لأنها ليست إعانة على المشروط ما لم تثبت حرمة الشرط من جهة الدليل الخاص وهذه الجهة غير جهة حرمة التجري، النقطة الثالثة النتيجة التي توصلنا إليها وأن مجرد بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا من دون العلم بقصده ذلك من الشراء ليس محرما أصلا من دون العلم بقصده ذلك من الشيء يعني عند الشراء أما إذا علمت الآن هو يأتي ويقول هذا أعمله خمر وأعدل المزاج هنا واضح أن بيعه وتمكينه من العنب حرام لأنه الآن يريد أن يخمره لا يجوز أما إذا ما تعلم أنه الآن يريد أن يخمره لا دليل على الحرمة لا من جهة الشرط ـ الشراء التمكن من العنب ـ لأننا قلنا إن الشراء في هذه الحالة ليس مقدمة للكل مقدمة للجزء لأنه الشراء فعل جوارحي والقصد فعل جوانحي فالشرط ليس بحرام ولا من جهة المشروط يعني تخمير العنب لأنك لا تعلم أنه سيخمره الآن فلا يحرم لا من جهة الشراء ولا من جهة التخمير لأنه ما معلوم أنه يريد أن يخمره.

ومن ذلك يعلم من أن شرط الحرام المحرم هو خصوص المقدمة الموصلة ومن ذلك من أن المحرم هو خصوص المقدمة الأخيرة يعني إذا علمنا أنه الآن سيخمر العنب يعلم ما في ما تقدم يعني الإشكال الذي يرد على ما تقدم عن حاشية الإرشاد للمحقق الكركي من أنه لو كان بيع العنب ممن يعمله خمرا إعانة لزم المنع عن معاملة أكثر الناس[2] والجواب لا يلزم المنع عن معاملة أكثر الناس لأن أكثر الناس ليست مقدماتهم قريبة بل بعيدة فتختص الحرمة بخصوص المقدمة القريبة دون البعيدة.

إلى هنا موطن بحثنا المعصية التي تصدر من الغير يعني يحرم الإعانة على المعصية التي تصدر من الغير أما إذا أعنت الآخر لكن لا على معصية هذا يكون خارج بحثنا، الشيخ الطوسي "رحمه الله" طبق الإعانة قال إذا أنت عندك أكل وواحد إذا ما تعطيه أكل يموت الشيخ الطوسي "رضوان الله عليه" تمسك بهذه الرواية من أعان على قتل مسلم يعني أنت إذا ما تعطيه الأكل تعينه على القتل وقتل المسلم حرام والإعانة على الحرام حرام الشيخ الأنصاري يقول هذا الاستدلال فيه تأمل لأن الجائع إذا مات هل فعل حراماً؟ كلا مات، الجائع إذا مات، ما ارتكب ذنب ما حصل أكل ومات فأنت إذا حرمته من الأكل ما أعنته على الحرام أعنته على الموت جعلته يموت لكن الموت بالنسبة إلى الغير ليس حراما وإنما واقعا الإنسان إذا لم يأكل يموت لذلك العلامة الحلي "رحمه الله" في المختلف ما استدل بالإعانة على حرمة منع الطعام عن الجائع استدل بلزوم حفظ النفس ودفع الضرر يعني أنت إذا عندك أكل وغيرك جائع يموت يجب عليك أن تطعمه من باب وجوب حفظ النفس المحترمة لكن إذا أنت ما تتضرر أما إذا أنت ما عندك أكل وهو ما عنده أكل تعطيه إياه هو يعيش وأنت تموت بعد لا يحوز لك أن تضر نفسك فاستدل العلامة الحلي "رحمه الله" على وجوب حفظ النفس المحترمة يجب عليك أن تدفع له الطعام في صورة إذا توفر شرطان:

الشرط الأول تضمن أن تحفظ نفسه يمكن هذا حتى لو أكل ميت، مريض إذا أكل يموت تعطيه وأنت تموت بعده.

الشرط الثاني عدم الضرر أنت لا تتضرر وتفقد هذا الطعام وتموت.

قال ثم إن محل الكلام ـ حرمة الإعانة على الإثم والعدوان حرمة الإعانة على الحرام بيع العنب على من يعمله خمرا ـ إنما يكون فيما يعد شرطا للمعصية الصادرة عن الغير، أنت إذا تدفع العنب للمعصية التي تصدر من الغير التخمير الذي يصدر من الغير فما تقدم من المبسوط من حرمة ترك بذل الطعام لخائف التلف مستندا إلى قوله "عليه السلام" من أعان على قتل مسلم [3] محل تأمل، وجه التأمل إن الموت بالنسبة إلى الجائع ليس معصية فلا يصدق على إعانته على الموت أنه إعانة على المعصية ونحن بحثنا الإعانة على المعصية من الغير وليس الإعانة على موت الغير.

إلا أن يريد الفحوى يعني إلا أن يريد الأولوية القطعية يعني إلا أن يريد الشيخ الطوسي الاستدلال بالأولوية القطعية،

كيف نستدل بالأولوية القطعية؟ في الإعانة على تخمير العنب يكون البيع والشراء جزء العلة الجزء الأول الشراء

الجزء الثاني التخمير ـ تخمير المشتري ـ إذن لكي يقع الحرام وهو التخمير يوجد جزأن الجزء الأول تمكينه من العنب الجزء الثاني تمكنيه من تخمير العنب إذن في الإعانة على الحرام إعانة على الجزء وليس إعانة على الكل، الآن هذا الظالم يريد أن يقطع رأس شخص يقول أعطني السيف، يريد أن يضرب شخص يقول أعطني العصا، تمكينه من العصا والسيف جزء الضرب جزء المقدمة لوقوع الضرب جزء المقدمة لوقوع القتل والجزء الثاني إرادة القاتل إرادة الظالم للقتل إرادة الظالم للضرب إذن في بحثنا الإعانة على شرط الحرام إنما هو إعانة على الجزء.

هذا الجائع إذا ما تعطيه أكل يموت إذا ما أعطيته أكل عدم الإعطاء هذا جزء العلة للموت أو تمام العلة للموت، تمام العلة للموت إذا ما تعطيه يموت فإذا حرم توفير جزء العلة في الإعانة على شرط الحرام حرم توفير تمام العلة من باب أولى.

ولذا استدل في المختلف يعني لوجود تأمل في هذا الاستدلال لأن الموت ليس معصية ولذا استدل العلامة الحلي في مختلف الشيعة بعد حكاية ذلك عن الشيخ يعني الاستدلال بالحرمة بقوله عليه السلام من أعان على قتل مسلم استدل بوجوب حفظ النفس يعني يجب على باذل الطعام أن يحفظ نفسه أو أن يحفظ غيره لكن مع القدرة إذا قدر أن يحفظ نفس غيره وعدم الضرر[4] هو لا يتضرر إذا كان قادر أن يطعمه ولا يتضرر من إطعامه بحيث ينفذ طعامه ويموت، هذا تمام الكلام في بيع العنب على من يعمله خمرا يبقى التفصيل في شروط الحرام، ثم إنه يمكن التفصيل يأتي عليه الكلام.

 


[4] المختلف : 686.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo