< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثامن والخمسون: استناد عدم المنفعة الى خسّة الشيء واخرى إلى قلته

قال الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" ثم أعلم أن عدم المنفعة المعتد بها يستند تارة إلى خسة الشيء وأخرى إلى قلته.[1]

كان الكلام في النوع الثالث من أنواع التكسب بالحرام وهو الاكتساب بما لا منفعة فيه معتد بها عند العقلاء قلنا المراد بالحرمة فيها الحرمة الوضعية لا الحرمة التكليفية في نهاية هذا البحث يشير الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى منشأ عدم الاعتداد بالمنفعة فما هو السبب الذي يجعل العقلاء لا يعتدون بهذه المنفعة يذكر سببين:

السبب الأول خسة الشيء كالفأر والخنفساء

السبب الثاني قلة الشيء كحبة من شعير أو حبة من أرز أو حبة من قمح إذن العقلاء لا يعدون الشيء له منفعة معتد بها إذا كان خسيسا أو كان قليلا.

سؤال ما الفرق بين الأول والثاني من ناحية شرعية، ما الفرق بين عدم المنفعة من جهة خسة الشيء وبين عدم المنفعة من جهة قلة الشيء؟

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يذكر أثرين للأول يعني عدم المنفعة من جهة خسة الشيء،

الثمرة الأولى أنه لا يملك أنت ما تملك الخنفساء والصرصور وغيره من الأشياء الخسيسة

الثمرة الثانية لا يدخل تحت اليد لو وضعت يدك على الصرصور بعد يصير تملك الصرصور أو وضعت يدك على الفأر أو الخنفساء فهل تملك الخنفساء بخلاف الثاني الذي ليس له مالية من جهة القلة فإنك تملك حبة الشعير ولو كانت ضمن بيت من شعير كما أنك تملك حبة القمح أو حبة الأرز وإن كانت قليلة.

ثم أعلم أن عدم المنفعة المعتد بها يستند يعني يتحقق بسبب تارة إلى خسة الشيء كالخنفساء والفأر والصرصور كما ذكر من الأمثلة في عبارة الشيخ في المبسوط [2] ذكر هناك صفحة 155 وأخرى إلى قلته يعني وأخرى يستند عدم المنفعة المعتد بها إلى قلته يعني إلى قلة الشيء كجزء يسير من المال لا يبذل في مقابله مال كحبة حنطة، حبة الحنطة مال لا يبذل في مقابلها والفرق أن الأول يعني عدم المنفعة المستند إلى خسة الشيء أولا لا يملك ولا يدخل تحت اليد يعني لو وضعت يدك عليه بالحيازة لا يملك، وضع اليد يعني الحيازة هل توجب ملكيته؟ كلا، ولا يدخل تحت اليد كما عرفت من التذكرة [3] ـ تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ـ بخلاف الثاني عدم المنفعة المعتد بها المستند إلى قلة الشيء فإنه يملك حبة من شعير حبة من حنطة تملك.

الآن يأتي إلى فرع، لو غصب غاصب حبة شعير أو حبة حنطة أو حبة أرز ففي هذه الحالة يجب على الغاصب أن يضمن مثل هذه الحبة هذه حبة الأرز باكستاني أو هندي أو إيراني يرجع حبة شعير إيرانية أو أمريكية أو من أركواي وبالتالي بما أن الشيء يسير صحيح لا يعد له منفعة لكن له مالية وبالتالي يجب ضمانه إن كان مثليا أما إذا كان قيميا ما يجب ضمانه لأنه لا قيمة له لكن يجب ضمان المثل لكن العلامة الحلي قال لا يضمن مطلقا ما دام هو يسير لا يضمن المثل ولا يضمن القيمة يعني إذا غصب حبة شعير ما يضمن لا المثل ولا القيمة.

ورد عليه المحقق الكركي في جامع المقاصد ناقش قال يلزم من ذلك إذا الغاصب يومية يغصب حبة لأن ما غصب كيس الأرز بين ما غصب صبرة ـ مجموعة الحبوب كيس الأرز ـ يلزم من ذلك أنه لا يضمن لأنك قلت إنه لا يضمن الحبة الواحدة لا يضمن قيمتها ولا يضمن مثلها فلو غصب اليسير بالتدريج حتى بلغ صبره يلزم من كلام العلامة الحلي أنه لا يضمن.

قال ولو غصبه غاصب يعني ولو غصب اليسير من المال الذي لا يبذل في مقابله مال كحبة حنطة، كان عليه يعني كان على الغاصب مثله يعني يضمن مثل ما غصبه إن كان مثليا ولا تقول وكان عليه قيمته إن كان قيميا لأنه لا قيمة له وفرض المسألة يسير من المال لا يبذل في مقابله مال حبة الشعير مال لكن لا يبذل في مقابلها مال لذلك الشيخ الأنصاري يقول إذا كان مثليا يضمن المثل ولا تقل إن كان قيميا يضمن القيمة لأنه لا قيمة له عرفا ولو غصبه غاصب كان عليه مثله إن كان مثليا خلافا للعلامة الحلي في التذكرة فلم يوجب شيئا[4] يعني فلم يوجب ضمان شيء في المثل كغير المثل يعني كما لا يوجب ضمان شيء في غير المثل وهو القيمي يعني قال العلامة الحلي بعدم الضمان مطلقا في المثل والقيم معا لم يفرق العلامة الحلي في الشيء اليسير الذي لا مالية له لا يبذل في مقابله مال الشيء اليسير الذي له مالية لكن لا يبذل في مقابله مال.

قال العلامة الحلي لا ضمان على الغاصب مطلقا سواء كان الشيء مثليا أو قيميا، وضعفه بعض يعني وضعف كلام العلامة الحلي بعض وهو المحقق الكركي في جامع المقاصد الجزء الرابع صفحة [5] 90 بأن اللازم حينئذ يعني حينئذ لم يجب الضمان في المثل في الأمور اليسيرة اللازم عدم الغرامة فيما لو غصب صبرة ـ كيس الحبوب ـ تدريجا.

الآن الشيخ الأنصاري يدافع عن العلامة الحلي ويرد كلام المحقق الكركي يقول يا أيها المحقق الكركي ممكن أن نلتزم بالتفصيل إذا غصب حبة ما يضمن إذا غصب حبة تلو الحبة تلو الحبة حتى أصبحت صبرة وجب أن يضمن الصبرة فلا يرد نقض المحقق الكركي.

قال ويمكن أن يلتزم فيه يعني أن يلتزم العلامة فيه ـ في الشيء اليسير المثلي ـ بما يلتزم في غير المثل يعني في القيم في الأمور التي لها قيمة إذا غصب شيئا يسيرا لا قيمة له لا يضمنه ولكن إذا غصب عدة أشياء لها قيمة يضمنها هنا يمكن نقرأ العبارة مبني للمفعول ومبني للمجهول الأنسب المبني للمجهول نقول هكذا ويمكن أن يلتزم فيها يعني أن يلتزم في المثل بما يلتزم يعني بالذي يلتزم في غير المثل هو القيمي ففي القيمي يقولون إذا غصب شيئا يسيرا لا قيمة له لا يثبت الضمان وإذا ضم إليه عدة أشياء من مثله بحيث صارت إليه قيمة يضمن الجميع وبعبارة أخرى الضمان يثبت بسرقة الحبة من دون انضمام الحبوب الأخرى، الضمان لا يثبت والضمان يثبت بالانضمام إذا انضم إلى الحبة تلو الحبة إذن الضمان متوقف على الانضمام وعدم الضمان متوقف على عدم الانضمام.

سؤال متى لا يثبت الضمان؟ إذا لم ينضم إلى سرقة الحبة سرقة حبوب أخرى من الشعير أو الحنطة.

هكذا دافع الشيخ الأنصاري "أعلى الله مقامه الشريف" عن العلامة الحلي ورد كلام المحقق الثاني المحقق الكركي الذي قال إذا تلتزم أن غصب الحبة لا يوجب الضمان في المثل فيلزم أن تلتزم أن غصب مجموعة الحبوب تدريجا إذا بلغ صبرة أيضا لا يثبت فيه الضمان.

قال فافهم لعله إشارة إلى أن أدلة الضمان لا تثبت عند التلف أو الإتلاف فكيف تثبت بعد زمن التلف أو الإتلاف فعند سرقة الحبة الواحدة لم نلتزم بالضمان فعند إتلاف

الحبة الواحدة من الأرز لم نلتزم بضمانها وعند إتلاف

الحبة الثانية لم نلتزم بضمانها وعند إتلاف

الحبة الثالثة لم نلتزم بضمانها فكيف نلتزم بالضمان بعد بلوغ الحبوب مرتبة الجونية وبلوغها صبرة.

الآن يناقش ما ذكره أولا قال الأشياء الخسيسة مثل الفأر والصرصور والخنفساء لا تملك ولا توضع اليد عليها يعني إذا تضع يدك عليها ما تملك حق الاختصاص، من قال حق الاختصاص ما يثبت؟ أأتي لك بدليلين يثبتان حق الاختصاص:

الدليل الأول لفظي وهو قول النبي "صلى الله عليه وآله" (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحق به) النبي ما قال من سبق إلى مال لو قال من سبق إلى مال يصير صحيح الصرصور لا مالية له والخنفساء لا مالية لها لكن النبي لم يقل من سبق إلى مال النبي قال من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد يعني من سبق إلى أي شيء لم يسبقه إليه أحد من المسلمين هو لما مسك الصرصور أو لما مسك الفار أو الخنفساء يصدق عليه أنه لم يسبقه أحد بوضع اليد عليه أو لا نعم يصدق عليه فهو أحق به يثبت له حق الاختصاص.

الدليل الثاني أنت تمشي في الطريق رأيت ولد مسك خنفساء أو جرادة أتى واحد وأخذ منه الخنفساء أو الجرادة في هذه الحالة أنت تقول ردها إليه لا تظلمه لا تعتدي عليه هذا منبه وجداني على ثبوت حق الاختصاص وإن كانت الجرادة أو الخنفساء حقيرة فإن العرف يرى أن التعدي على ما وضع يده عليه يعد عدوانا.

ثم إن منع حق الاختصاص في القسم الأول ـ عدم المنفعة من جهة خسة الشيء ـ مشكل لدليلين الدليل الأول مع عموم قوله "صلى الله عليه وآله" (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحق به[6] ) قال من سبق إلى ما لم ولم يقل ما من سبق إلى مال ما اشترط المالية، الدليل الثاني مع عد أخذه يعني أخذ الخسيس قهرا العرف يرى أن هذا ظلم فاحش، هذا تمام الكلام في النوع الثالث.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo