< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس التاسع والخمسون: المسألةالاولی من النوع الرابع ما يحرم الإكتساب به لكونه عملا محرما فی نفسه

النوع الرابع مما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه المسألة الأولى تدليس الماشطة.[1]

يشرع الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" في بيان النوع الرابع من المكاسب المحرمة ويذكر عدة مكاسب حسب الترتيب الأبجدي لحروف الهجاء فيبدأ بتدليس الماشطة وهناك فارق جوهري بين النوع الرابع من المكاسب المحرمة وبين الأنواع الثلاثة الأول التي تقدمت والفارق أن الأنواع الثلاثة الأول إنما يكون التكسب بالأعيان لا الأفعال بخلاف النوع الرابع فإن التكسب إنما يكون بالفعل فمثلا

النوع الأول هو عبارة عن التكسب بالأعيان النجسة أو المتنجسة

والنوع الثاني التكسب بالأعيان التي تستعمل في الحرام كبيع الخشب ليعمل صليبا أو صنما وبيع العنب لكي يعمل خمرا

والنوع الثالث التكسب بالأعيان التي لا توجد فيها منفعة معتد بها عند العقلاء إذن الأنواع الثلاثة الأول تشترك في إنها تكسب بالأعيان إما العين نجسة أو متنجسة كما في النوع الأول أو العين تستعمل في الحرام كالخشب الذي يصنع منه الصليب وإما العين لا توجد فيها منفعة يعتد بها عند العقلاء.

وأما النوع الرابع فهو ليس تكسبا بالأعيان وإنما تكسب بالأفعال المحرمة مثل الغيبة والنميمة تستأجر واحد تقول له أنت شغلتك تجلس في المجالس وتغتاب تجلس في المجالس وتكذب تجلس في المجالس وتأتي بالنميمة تنقل كلام فلان إلى علان فهذا تكسب بالأفعال الغيبة والنميمة والكذب هذا كله أفعال إذن هنا يوجد حرامان،

الحرام الأول الفعل الغيبة النميمة البهتان الكذب الزنا شرب الخمر

والحرام الثاني التكسب بالحرام التكسب بشرب الخمر التكسب بالغيبة التكسب بالكذب إذن يوجد عنوانان محرمان:

العنوان الأول نفس الفعل كالزنا

والعنوان الثاني التكسب بالفعل كالتكسب بالزنا

وجرت عادة الفقهاء أن يذكروا عناوين معينة وطويلة يبدأ الشيء مثلا الغناء حرام والتكسب بالغناء أيضا حرام فالتي تتكسب بالغناء تقوم بعملين محرمين الأول الغناء والثاني التكسب بالغناء.

النوع الرابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه وهذا النوع ـ التكسب بالأفعال ـ خلافا للنوع الأول والثاني والثالث الذي هو تكسب بالأعيان وهذا النوع وإن كان أفراده هي جميع الأعمال المحرمة ـ الأفعال المحرمة ـ القابلة لمقابلة المال بها يعني التي تقبل أن تقابل بمال بها في الإجارة والجعالة وغيرهما الإجارة استأجرتك أن تجلس في المجلس وتكذب على الناس ساعة الكذب بخمس دينار وأحيانا يقول جعلت لمن يكذب مدة ساعة في المجلس الفلاني خمسة دينار.

وغيرهما إلا أنه جرت عادة الأصحاب بذكر كثير مما من شأنه الاكتساب به من المحرمات، يعني له قابلة الاكتساب بل ولغير ذلك يعني بعض الأمور التي سنذكرها ليس متعارف، ليس متعارف يستأجرون واحد يغتاب أو يأتي ببهتان ما متعارف هذا متعارف تدليس الماشطة، الغناء متعارف الاكتساب به لكن تستأجر واحد يكذب أو تستأجر واحد يغتاب أو تستأجر واحد يأتي بنميمة هذا غير متعارف وكذلك يذكر.

قال ولغير ذلك يعني لغير ما من شأنه الاكتساب به من المحرمات مما لم يتعارف الاكتساب به كالغيبة والكذب ونحوهما ـ البهتان والنميمة ـ وكيف كان يعني كيف كان التكسب بما من شأنه أو لم يكن من شأنه يعني سواء تعورف على التكسب به أو لا، فنقتفي آثارهم ـ الفقهاء ـ بذكر أكثرها في مسائل مرتبة بترتيب حروف أوائل عنواناتها إن شاء الله تعالى فنقول.

أول مسألة تدليس الماشطة مع تدليس الماشطة هذه التي تزين المرأة، أفترض هذه امرأة قرعا ليس بها شعر أو مثلا شعرها قصير أو شعرها يتساقط كثيرا فتصل شعر هذه المرأة بشعر غيرها من النساء فمن يأتي لخطبتها يتوهم ما شاء الله شعرها طويل حرير أو مثلا تزينها بالوشم تبيضها وهي سمراء، الروايات على تدليس الماشطة على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى المنع مطلقا

الطائفة الثانية الكراهة مطلقا

الطائفة الثالثة الجواز مطلقا

والمراد بالإطلاق بالنسبة إلى تدليس الماشطة أنه تارة تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها وتارة تصل شعر المرأة بشعر غيرها من الحيوانات كشعر التيس أو الماعز ومن الواضح أنه يتشخص فالرواية تدل على المنع مطلقا يعني وصلتها بشعر امرأة أو شعر حيوان وهكذا بالنسبة إلى الوشم والوشم هو عبارة عن دق الجلد بإبر حتى يخضر أو يزرق طبعا هذا الوشم في ذلك الزمان كان يعد من الجمال لذلك الشيخ الأنصاري يقول صدق التدليس على الوشم بعيد جدا لأن الوشم من التزيين إلا أن نحمل الوشم على هذا المعنى فيصبح تدليسا وهو أنه إذا وشم خدها أو بدنها بان بياض جلدها وهي ليست بيضة لكن إذا دقوها بينت بيضاء فيحصل إيهام وتدليس لخاطبها من هذا الباب نعم وإلا الوشم بما هو هو ليس تدليسا وإنما هو زينة لكن إذا بهذا اللحاظ أنه إذا حصل الوشم لها بان بياضها والحال أنها ليست بيضاء لكن مقارنة الوشم بجلدها تبين بيضاء في هذه الحالة صحيح.

المسألة الأولى تدليس الماشطة المرأة التي يراد تزويجها أو الأمة التي يراد بيعها حرام بلا خلاف، ليس التكسب وإنما نفس التدليس حرام والتكسب به حرام آخر كما عن الرياض السيد الطباطبائي وعن مجمع الفائدة المقدس الاردبيلي الإجماع عليه [2] يعني على حرمة تدليس الماشطة وكذا فعل المرأة ذلك بنفسها يعني وكذا يحرم فعل المرأة ذلك يعني التدليس بنفسها يعني ما يحتاج أن تذهب إلى ماشطة وتضع لها شعر إضافي هي تضع لنفسها شعرا إضافيا.

كيف يحصل التدليس؟ قال ويحصل بوشم الخدود كما في المقنعة والسرائر والنهاية وعن جماعة، قال في المقنعة الشيخ المفيد "رحمه الله" وكسب المواشط حلال إذا لم يغششن ولم يدلسن في عملهن فيصلن شعور النساء بشعور غيرهن من الناس إذن خصص بخصوص شعور الناس ما يشمل شعور الغير من الحيوانات.

ويشمن الخدود ويستعملن ما لا يجوز في شريعة الإسلام فإن وصلن شعرهن بشعر غير الناس مثل شعر الماعز لم يكن بذلك بأس لعدم الإيهام وعدم التدليس انتهى كلام المقنع ونحوه بعينه عبارة النهاية[3] ، إذا تراجع إلى النهاية تجد إن العبارة المذكورة هي عبارة النهاية وليست عبارة المقنعة وعبارة المقنعة تختلف مع هذا النص اختلاف معتد به.

لاحظ الحاشية رقم 1 صفحة 166 العبارة المنقولة موافقة لعبارة النهاية للشيخ الطوسي باختلاف يسير وما في المقنعة أثر اختلافا انظر النهاية صفحة 366 والمقنعة صفحة 588.[4]

وقال في السرائر ابن إدريس الحلي في عداد المحرمات وعمل المواشط بالتدليس هذا من المحرمات بأن يشمن الخدود ويحمرنها وينقشن بالأيدي والأرجل ويصلن شعر النساء بشعر غيرهن وما جرى مجرى ذلك [5] انتهى وحكي نحوه عن الدروس [6] ـ الشهيد الأول ـ وحاشية الإرشاد [7] ـ المحقق الكركي ـ الشيخ الأنصاري يتأمل في أمرين:

الأمر الأول قال وفي عد وشم الخدود من جملة التدليس تأمل لأن الوشم في نفسه زينة وليس تدليس.

التأمل الثاني وكذا التأمل في التفصيل بين وصل الشعر بشعر الإنسان ووصل شعر الإنسان بشعر غيره فإن ذلك لا مدخل له في التدليس وعدمه يعني قد يحصل التدليس بوصل شعر الماعز وقد لا يحصل التدليس بوصل شعر الإنسان بشعر الإنسان كما لو كان شعرها تعبان جدا ووصلته بالحرير واضح الوصل إلا أن يوجه الأول يعني الوشم بأنه قد يكون الغرض من الوشم أن يحدث في البدن نقطة خضراء حتى يترائا بياض سائر البدن وصفاءه أكثر مما كان يرى لو لا هذه النقطة ويوجه الثاني يعني وصل الشعر الإنسان بشعر الإنسان تدليس دون وصل شعر الإنسان بالحيوان بأن شعر غير المرأة لا يلتبس على الشعر الأصلي للمرأة فلا يحصل التدليس به بخلاف شعر المرأة وكيف كان أنه يحصل تدليس بالوشم أو لا؟

يحصل تدليس بوصل الشعر أو لا؟ يظهر من الأخبار الآن يشرع في الطائفة الأولى الحرمة مطلقا، يعني وصل بشعر الإنسان أو غيره.

وكيف كان يظهر من بعض الأخبار المنع عن الوشم ووصل الشعر بشعر الغير يعني شعر الغير مطلقا شعر إنسان أو غير إنسان وظاهرها المنع ولو في غير مقام التدليس إذن هذا المراد بالإطلاق، حرام مطلقا ما يجوز توصل الشعر ولا توشم تدلس أو لا تدلس ففي مرسلة أبن أبي عمير هذه

الطائفة الأولى الحرمة مطلقا، ففي مرسلة ابن أبي عمير عن رجل إذن الإرسال من رجل غير معروف واسطة غير معروفة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال دخلت ماشطة على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال لها هل تركتي عملك أو أقمت عليه يعني لا زلت مواصلة عليه قالت يا رسول الله أنا أعمله إلا أن تنهاني عنه فانتهي عنه قال أفعلي يعني ؟؟؟ هذا الأمر بعد توهم الحظر، فإذا مشطتي فلا تجلي الوجه بالخرقة يعني لا تمسحي الوجه بالخرقة، فإنها ـ الخرقة ـ تذهب بماء الوجه بعد نور الوجه يذهب بهذه الخرقة ولا تصلي شعر [8] المرأة بشعر امرأة غيرها وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة هنا الحرمة مطلقا لا توصلي مطلقا حال التكسب وغير التكسب وفي مرسلة الفقيه، طبعا هذه الرواية الأولى ولا تصلي شعر المرأة بشعر امرأة غيرها إلى هنا موجود وهذا ولا تصلي أصلا ليس موجود في مرسلة أبن أبي عمير موجود في المرسلة الثانية وفي مرسلة الفقيه.

لاحظ الحاشية رقم 1 صفحة 167 في المصادر الحديثية ولا تصل الشعر بالشعر ما موجود بشعر امرأة غيرها وبهذه الجملة تتم المرسلة والظاهر حصول الخلط بين ذيل هذه المرسلة وذيل المرسلة الآتي عن الفقيه لأن كله عن حفظه وفي مرسلة الفقيه لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة [9] وعن معاني الأخبار بسنده الصدوق عن علي بن غراب عن جعفر بن محمد "صلوات الله عليهما" قال (لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" النامصة والمنتمصة والواشرة والمنتشرة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة).

قال الصدوق قال علي بن غراب النامصة التي تنتف الشعر والمنتمصة الذي يفعل ذلك بها والواشرة التي تشر أسنان المرأة والموتشرة التي يفعل ذلك بها والواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها والمستوصلة التي يفعل بها ذلك والواشمة التي تشم في يد المرأة أو في شيء من بدنها وهو أن تغرز بدنها أو ظهر كفها بابرة حتى تؤثر فيه ثم تحشوها بالكحن أو شيء من النورة فتخضر والمستوشمة التي يفعل بها ذلك[10] .

بعض الروايات تقول ليس المراد بالواصلة التي يوصلون شعرها الواصلة التي تزني في شبابها وتصل زناها من شبابها إلى أن تصبح ثيبا وكبيرة في السن وظاهر بعض الأخبار كراهة الوصل ولو بشعر غير المرأة مثل ما عن عبد الله بن الحسن إذن وظاهر كراهة هذه الطائفة الثانية من الرواية الكراهة مطلقا.

وظاهر بعض الأخبار كراهة الوصل ولو بشعر غير المرأة مثل ما عن عبد الله بن الحسن قال سألته عن القرامل قال وما القرامل؟ قلت صوف تجعله النساء في رؤوسهن قال إن كان صوفا فلا بأس وإن كان شعرا فلا خير فيه من الواصلة والمستوصلة[11] ، ما هو وجه الكراهة؟ قوله فلا خير فيه، هنا لم يمنع لكن قال لا خير فيه يعني الأولى اجتنابه ما دام ما فيه خير.

الطائفة الثالثة من الروايات الجواز مطلقا وظاهر بعض الأخبار الجواز مطلقا ففي رواية سعد الاسكافي قال سأل أبو جعفر عن القرامل التي تضعها النساء في رؤوسهن يصلن شعورهن قال لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها قلت له بلغنا أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعن الواصلة والمستوصلة فقال ليس هناك يعني ليس المعنى الذي تقصده وصل شعرها بشعر غيرها إنما لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" الواصلة التي تزني في شبابها فإذا كبرت قادت النساء إلى الرجال فتلك الواصلة [12] يعني التي تصل زناها في شبابها بزناها في كبرها.

إلى هنا تطرقنا إلى ثلاث طوائف من الروايات الحرمة مطلقا، الكراهة مطلقا الجواز مطلقا يبقى الكلام كيف نجمع بين هذه الروايات ويمكن الجمع بين الأخبار يأتي عليه الكلام.

 


[7] حاشیةالارشاد (مخطوط):206.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo