< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الواحد والستون: إتمام الكلام في المسألة الأولى تدليس الماشطة

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" نعم قد يشكل الأمر في وشم الأطفال من حيث إنه إيذاء لهم بغير مصلحة.[1]

كان الكلام في تدليس الماشطة تطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى الجمع بين الطوائف الثلاث وهي المحرمة والمجوزة والمثبتة للكراهة وقد جمع بينها ووصل إلى هذه النتيجة وهي كراهة الأمور الأربعة، كراهة الاكتساب وأخذ المال على وصل الشعر وعلى النمص والحف للشعر وعلى الوشم وعلى الوشر وهو سن الأسنان إذن النتيجة كراهة الأمور الأربعة.

اليوم في هذا الدرس يقول الشيخ الأنصاري بالنسبة إلى الأطفال قد يحرم الوشم لأنه يجوز وشم الأطفال إذا ترتبت مصلحة والحال إن العكس موجود وهو المفسدة إذ أن الطفل يتأذى لأن هذا الوشم عبارة عن حفر الجلد ووضع الكحل تحت الجلد فتتجمع الأوساخ والكدورة تحت الجلد ويتأذى الطفل إذن يوجد إشكال في وشم الأطفال لكن هل يصدق على الوشم أنه تدليس الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول الحكم بصدق التدليس مشكل لأن الوشم تزيين وليس تدليسا نعم نقش الأرجل والأيدي بالسواد قد يشمله عنوان التدليس لأنه أخذ في عنوان التدليس الإيهام فإذا وشمت المرأة رجليها أو يديها بحيث بان البياض عند وضع الخضرة التي في الوشم فإن هذه المرة قد توهم الخاطب أنها بيضاء والحال أنها ملحاء وليس بيضاء وهكذا بالنسبة إلى وضع الخط الأسود فوق الحاجبين أو وصل الحاجبين بالسواد وهو ما يعبر عنه في زماننا بـ (تتو) يقول هذا قد يصدق عليه التدليس.

نعم هذا استدراك على كراهة الوشم يعني بعد أن أثبت الكراهة للوشم والوصل والوشر والنمص يستدرك يقول في بعض الموارد قد يحرم النمص مثل وصل الحاجبين أو خط أسود فوق الحاجبين وقد يحرم الوشم مثل وشم الأطفال وقد يحرم الوشم مثل وشم الأيدي والأرجل للنساء للإيهام والتدليس نعم هذا استدراك على ثبوت الكراهة يبين بعض الموارد تثبت الحرمة، نعم قد يشكل الأمر في وشم الأطفال من حيث إنه إيذاء لهم بغير مصلحة لا توجد فائدة في الوشم للأطفال ولا مصلحة لهم في وشمهم بل يوجد ضرر إيذاء.

طبعا هذا الكلام بناء على أن الوشم لا يصلح إلا للمرأة المتزوجة أما العزباء لا يصلح لها بناء على أن لا مصلحة فيه ـ في الوشم ـ لغير المرأة المزوجة لا توجد مصلحة، ما تحف ولا توشم إلا المتزوجة نعم غير المتزوجة إذا تحف للتدليس.

نعم قد يشكل الأمر في وشم الأطفال من حيث إنه إيذاء لهم بغير مصلحة بناء على أن لا مصلحة فيه لغير المرأة المزوجة إلا التدليس بإظهار شدة بياض البدن وصفاءه بملاحظة النقطة الخضراء الكدرة في البدن لكن الإنصاف أن كون ذلك ـ الوشم ـ تدليسا مشكل بل ممنوع لعدم حصول الإيهام بل هو تزيين للمرأة من حيث خلط البياض بالخضرة فهو تزيين لا موهم يعني وليس موهما لما ليس في البدن واقعا من البياض والصفاء حتى يكون تدليسا.

يستدرك الآن في بعض الأمور التي يصدق عليها أنها فيها تدليس، نعم مثل نقش الأيدي والأرجل بالسواد يمكن أن يكون الغالب فيه إرادة إيهام بياض البدن وصفائه ومثله يعني في حصوله الإيهام الخط الأسود فوق الحاجبين أو وصل الحاجبين بالسواد لتوهم طولهما وتقوسهما يعني حتى الناظر يتوهم حواجبها طوال ومتقوسين.

ماذا يعتبر في مفهوم التدليس؟ هل يعتبر رغبة الخاطب أو المشتري أو لا يعني أحيانا شخص يريد يخطب امرأة أو شخص يريد أن يشتري أمة ويعرف أنها هي عبدة وقد صبغوها ابيض وأقدم على شراءها أو لا أقدم على خطبتها يعرفها عبدة لكن أقدم فهل يصدق التدليس؟

الشيخ الأنصاري يقول نعم التدليس عبارة الإيهام ما دام البائع أوهم أن الأمة بيضاء وما دام المدلسة أرادت إيهام الخاطب أن العروس بيضاء يصدق عنوان التدليس والإيهام حتى لو علم الخاطب أو المشتري بالواقع يعني يثبت التحريم مع أنه هذا الخاطب أقدم على ما يعرف أنه خلاف الواقع وكذلك المشتري يقول رغم ذلك التدليس حاصل تثبت الحرمة.

ثم إن التدليس بما ذكرنا إنما يحصل بمجرد رغبة الخاطب أو المشتري وإن علما إن هذا البياض والصفاء ليس واقعيا بل حدث بواسطة هذه الأمور فلا يقال إنها ليست بتدليس لعدم خفاء أثرها على الناظر، هو يعلم لكن قصد التدليس قصد الإيهام يعني التدليس يحصل بقصد الإيهام وإن لم يقع الإيهام خارجا.

وحينئذ – يعني وحينئذ يصدق التدليس بمجرد رغبة الخاطب أو المشتري وإن علم بخلاف الواقع ـ فينبغي أن يعد من التدليس لبس المرأة أو الأمة الثياب الحمر أو الخضر الموجبة لظهور بياض البدن وصفائه والله العالم يعني يفتي بهذا الشيء.

ثم إن المرسل المتقدم عن الفقيه صفحة 167[2] وفي مرسلة الفقيه لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة، هذه مرسلة الفقيه.

إذا لم تشارط ورد فيها يعني لم تشترط الأجرة يعني تقبل الذي يعطوه إياه، إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى إذن الكراهة إذا لم تشارط أما إذا اشترطت هل فيه إشكال أو لا؟

وما هو الوجه في ذكر هذا القيد؟ هذا ما سيبحثه الشيخ الأنصاري رحمه.

ثم إن المرسل المتقدم عن الفقيه دلت على كراهة كسب الماشطة مع شرط الأجرة المعينة يعني عند الاشتراط تثبت الكراهة وحكي الفتوى به عن المقنع[3] ـ كتاب المقنع للشيخ الصدوق ـ وغيره [4] وحكي الفتوى به، إذا لاحظنا العبارات المتقدمة مرجع به هو كراهة كسب الماشطة فالأولى أن يقول وحكي الفتوى بها يعني بكراهة كسب الماشطة لكن إذا نرجع إلى كتاب المقنع للشيخ الصدوق، كتاب المقنع للشيخ الصدوق عبارة عن متون روايات عندنا عدة كتب هي نص الرواية ما يتصرف فيه مثل كتاب النهاية للشيخ الطوسي متون روايات رسالة عملية عبارة عن متون روايات وهكذا كتاب المقنع للشيخ الصدوق وأيضا كتاب الهداية وعندنا من المعاصرين أستاذنا سماحة آية الله الشيخ علي المشكيني "رحمة الله عليه" عنده رسالة اسمها الفقه المأثور من الطهارة إلى الديات فتاوى كلها نصوص وروايات وتخريج مصادر يعني لم يصغ الفتوى بلسانه نص الروايات.

إذا نرجع إلى كتاب المقنع نجد أن المقنع فيه روايات وفيه فتوى عبارة عن متون روايات فيصير وحكي الفتوى به يعني بالمرسلة وليس الكراهة لأنه إذا رجعنا إلى كتاب المقنع لفظ الكراهة ما موجود لكن مرسلة الفقيه موجودة فيصير وحكي الفتوى به يعني وحكي الفتوى بها ـ بالمرسلة – على كلا المرجعين المفروض يصير بها مقتضى التمسك بالألفاظ الواردة في كلام الشيخ الأنصاري بها تعود على الكراهة مقتضى الرجوع إلى كتاب المقنع الضمير به الذي هو بها يعود على المرسلة.

لاحظ الحاشية رقم 2، ظاهر العبارة رجوع الضمير إلى الكراهة بعد الإغماض عن الإشكال في تذكير الضمير المفروض بها وليس به لكن الذي وقفنا عليه في المقنع هو الفتوى بمضمون المرسلة من دون إشارة إلى الكراهة المستفادة من مفهومها فيحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى المرسلة بتقدير المضاف يعني أي أفتى بمضمون المرسلة فلاحظ يعني أفتى الشيخ الصدوق في كتابه المقنع بمضمون المرسلة.

إذا قبلت ما تعطى، ما المراد بقبلت ما تعطى؟ القبول قبل العمل أو القبول بعد العمل؟ القبول قبل العمل يعني قبل ما تعمل يكون بناءه أن تقبل الذي يعطوها اما لو قلت بأن المراد القبول بعد العمل يلزم أن ما بعد يؤثر في كراهة العمل فيؤثر المتأخر في المتقدم.

سؤال أيهما يتقدم العمل أو قبول ما يعطى؟ إن قلت يتقدم قبول ما تعطى هذا صحيح يعني تبني تنوي أن تقبل الذي يعطوها هذا متقدم فهذا يؤثر في كراهة العمل أما إن قلت تقبل ما يعطونه هذا بعد العمل صار العمل وهو كسب الماشطة متقدم يؤثر فيه وفي كراهته ما هو متأثر وهو أنها تقبل ما تعطى فيلزم تأثير المتأخر في المتقدم وهذا غير صحيح.

وإن أرادوا بقوله "عليه السلام" إذا قبلت ما تعطى المراد هو البناء على ذلك قبول ما تعطى، حين العمل يعني عند إقدامها على التمشيط، وإلا يعني لو كان المراد بقبول ما تعطى هذا القبول بعد العمل فلا يلحق العمل بعد وقوعه ما يوجب كراهته ـ كراهة العمل ـ يعني البناء على قبول ما تعطى، لا يلحق العمل يعني لا يتأخر عن العمل عن التمشيط بعد وقوعه ـ بعد وقوع العمل ـ ما يوجب كراهته ـ ما يقتضي كراهة العمل ـ.

طبعا هذه العبارة إذا قبلت ما تعطى ليس هي نص الرواية نص الرواية لفظ الحديث إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى هذا نص الحديث.

لماذا الأولى أن تقبل ما تعطى ولا تطالب بالزائد؟ يذكر ثلاثة احتمالات وخصوصا الأول والثاني وجيهين جدا، طبعا هذا يشمل الختان ويشمل الحجّام الذي يأخذ الحجامة يخرج الدم الفاسد من الإنسان ويشمل هذه الحفافة والوشامة.

ثلاثة احتمالات ثلاثة أسباب:

السبب الأول في الغالب هؤلاء يعطون حقهم كاملا وهؤلاء أيضا في الغالب يطمعون في الأزيد من حقهم خصوصا من ذوي المروءة.

السبب الثاني المشارطة تحتاج إلى مماكسة مقاطعة مساومة أخذ وعطاء وهذا خلاف المروءة وإذا الشخص يتسامح معهم يأكلونه فأهل المروءة ما يناسبهم أن يساومون وإذا ما ساوموا هؤلاء يطمعون فيها لذلك الشارع أمرهم بترك المشارطة لأن حتى يقع أهل المروءة وغيرهم في هذا.

السبب الثالث الأولى في حق العامل قصد التبرع وقبول ما يعطى، طبعا العامل يستحب له أن يترك الزائد لكن الذي يتعامل معهم يجب عليه أن يدفع أجرة المثل ما يجوز له أن يبخس حقه صحيح هذا يقبل ما يعطى وما يطالب بالزائد لكن الذي يحتجم أو الذي يختنون ولده يعطي الختان أجرة المثل.

ثم إن أولوية قبول ما يعطى وعدم مطالبة الزائد لأحد ثلاثة أسباب قد تستظهر عرفا:

السبب الأول إما لأن الغالب عدم نقص ما تعطى عن أجرة مثل العمل إلا أن مثل الماشطة والحجام والختان ونحوهم كثيرا ما يتوقعون أزيد مما يستحقون خصوصا من أولي المروءة والثروة وربما يبادرون إلى هتك العرض إذا منعوا الزيادة ولا يعطون ما يتوقعون من الزيادة أو بعض ما يتوقع من الزيادة إلا استحياء وصيانة للعرض وهذا لا يخلو عن شبهة لأنه يعطيه مو عن طيب نفسه وإنما لدفع شره، فأمروا ـ هؤلاء الماشطة والحجام والختان ـ فأمروا في الشريعة بالقناعة بما يعطون وترك مطالبة الزائد فلا ينافي ذلك جواز مطالبة الزائد يعني فلا أنه ينبغي أن يترك المطالبة بالزائد يجوز له المطالبة بالزائد والامتناع عن قبول ما يعطى إذا اتفق كونه دون يعني اقل من أجرة المثل، هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني وإما لأن المشارطة في مثل هذه الأمور لا يليق بشأن كثير من الأشخاص لأن المماكسة ـ المساومة ـ فيها ـ في الأمور الحقيرة والصغيرة ـ خلاف المروءة والمسامحة فيها قد لا تكون مصلحة لكثرة طمع هذه الأصناف فأمروا بترك المشارطة والإقدام على العمل بأقل ما يعطى وقبوله وترك مطالبة الزائد مستحب للعامل وإن وجب على من عمل له إيفاء تمام ما يستحقه من أجرة المثل فهو مكلف وجوبا بالإيفاء يفي للحجام أجرة المثل يفي للختان أجرة المثل، والعامل مكلف ندبا بالسكوت وترك المطالبة خصوصا على ما يعتاده هؤلاء من سوء الاقتضاء ـ سوء الطبع والأخلاق ـ.

الاحتمال الثالث أو لأن الأولى في حق العامل قصد التبرع بالعمل وقبول ما يعطى على وجه التبرع أيضا فلا ینافی له ذلك فلا ينافي ذلك يعني قصد العامل التبرع بالعمل ما ورد من قوله عليه السلام (لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه [5] يعني حتى تتفق معه على المبلغ) في الحاشية لم نعثر على خبر باللفظ المذكور لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه نعم ورد مؤداه ومضمونه في الوسائل.

إشكال من جهة تقول هذا الحجاب ينبغي أن يقبل أي شيء يعطونه وما يطالب بالزائد هذا يتنافى مع مضمون هذه الرواية لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه،

الجواب لا تنافي والسر في ذلك أن الرواية واردة في خصوص الأجير وأما الكلام في الحجام والختان والماشطة هذا عامل وليس الكلام في الأجير إذن اختلف الموضوع صار له أجير وعامل بالنسبة إلى العامل يستحب أن لا يطالب بالزيادة لكن بالنسبة إلى الأجير ما تأخذ أجير إلا تتقاطع معه لا تنافي، إذن أمرنا بالمقاطعة وتحديد السعر عند الاستئجار وأما العامل بالأمور المذكورة ماشطة ختان وحجام فيستحب له أن يقبل بالناقص ولا يطالب بالزائد.

في العمل فلا ينافي ذلك يعني قصد العامل التبرع بالعمل ما ورد من قوله عليه السلام لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه،

ما هو وجه عدم المنافاة؟ أن الرواية واردة في الأجير لزوم المقاطعة في الأجير واستحباب عدم المطالبة بالزائد في العامل، هذا تمام الكلام في المسألة الأولى من النوع الرابع تدليس الماشطة، المسألة الثانية تزيين الرجل يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo