< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثاني والستون: المسألة الثانية حرمة تزيين الرجل بما يختص بالنساء وكذا العكس

 

المسألة الثانية من النوع الرابع تزيين الرجل بما يحرم عليه من لبس الحرير والذهب حرام.[1]

انتهينا بحمد لله "عز وجل" من المسألة الأولى من النوع الرابع وهي تدليس الماشطة فيحرم على الماشطة أن تتكسب بما يوجب التدليس والإيهام.

في المسألة الثانية يتطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى تزيين الرجل كما تطرق إلى تزيين المرأة في المسألة الأولى ولكن كما في حاشية السيد كاظم اليزدي على المكاسب صاحب العروة الوثقى السيد اليزدي يقول:

إن الوارد في الروايات ثلاثة عناوين:

العنوان الأول حرمة لبس الحرير

العنوان الثاني حرمة لبس الذهب للرجل

العنون الثالث حرمة لبس ما يخص النساء للرجال وما يخص الرجال للنساء

فهذه العناوين الثلاثة ثابتة سواء حصل تزيين أو لا فلو لبس الرجل الحرير لا للتزيين أو لبس الذهب لا للتزيين أو لبس ما يخص النساء لا للتزيين فإنه يحرم أيضا إذن الوارد هو عنوان لبس هذه الثلاثة للرجل، لبس الحرير والذهب وما يختص به النساء.

العنوان الثالث كما يشمل الرجل يشمل المرأة لكن بالعكس يعني يحرم على الرجل أن يلبس ما يختص به النساء ويحرم على المرأة أن تلبس ما يختص به الرجال.

الدليل على العنوان الثالث

ما هو الدليل على هذا الحكم بالنسبة إلى الثالث؟ اعترف غير واحد من فقهائنا بأنه لا يوجد دليل على هذا الحكم إلا رواية نبوية عن النبي "صلى الله عليه وآله" مروية في الكافي للكليني وعلل الشرائع للصدوق لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال[2] لكن في دلالة هذه الرواية يوجد قصور لأن المراد بالتشبه تأنث المذكر وتذكر المؤنث هذا التشبه ليس بمجرد اللبس وإنما تأنث المذكر وتذكر المؤنث وسيأتي من خلال الروايات قد يفهم عنوانان أو وجهان للتشبيه:

الوجه الأول لبس ما يختص به الآخر

الوجه الثاني ما يختص بالوطء فإذا أصبح الرجل موطوئا أشبه المرأة وإذا أصبحت المرأة واطئة كما في السحاق صار بالعكس أشبهت الرجل.

المسألة الثانية تزيين الرجل بما يحرم عليه من لبس الحرير والذهب، تعلمون الحرير يحرم على الرجل عدا الحرم عند الحرب يجوز له أن يشد الحرير لأن الحرير يلهمه الشجاعة والذهب يحرم عليه أن يلبس.

حرام لما ثبت في محله ـ كتاب الصلاة ـ من حرمتهما لبس الحرير والذهب على الرجال، في لباس المصلي يذكرون أنه يحرم عليه في الصلاة أن يلبس الحرير وأن يلبس الذهب.

العنوان الثالث وما يختص بالنساء يعني يحرم على الرجل لبس ما يختص بالنساء من اللباس كالسوار ـ المعصم ـ والخلخال ـ ما يشبه السوار لكن يلبس في الأرجل – والثياب المختصة بهن في العادات يعني حسب عاداتهم يعني النساء مثلا لهن ملابس داخلية خاصة صدرية و... الرجل يلبس نفس الشيء، على ما ذكره في المسالك وكذا العكس أعني تزيين المرأة بما يختص بالرجال كالمنطقة ـ الحزام الذي يشد به أسفل البطن – والعمامة ويختلف باختلاف العادات واعترف غير واحد لعدم العثور على دليل لهذا الحكم منهم المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان الجزء الثامن صفحة 85 قال ولعل دليله الإجماع وأنه نوع غش ثم قال والإجماع غير ظاهر فيما قيل وكذا كونه غشا[3] يعني ليس ظاهرا ولم يتعرض للنبوي ومن الفقهاء المحدث البحراني ـ الشيخ يوسف ـ في الحدائق الجزء 18 صفحة 198[4] وحكاه في مفتاح الكرامة السيد العاملي الجزء الرابع صفحة 60 حكاه عن الكفاية السبزواري[5] لكن لم نعثر عليه في كفاية الأحكام للسبزواري.[6]

يقول الشيخ الأنصاري واعترف غير واحد بعدم العثور على دليل لهذا الحكم ـ حرمة التشبه – عدا النبوي المشهور المحكي عن الكافي في الروضة الجزء 8 صفحة 71 والعلل للصدوق لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال[7] .

أولا الرواية ما ورد فيها عنوان اللبس ولا ورد فيها عنوان من عناوين الوطء مثل مخنث أو غيره كما سيأتي يعني الروايات المذكورة ذكرت عنوانين للتشبه العنوان الأول لبس ما يلبسه الرجال أو النساء، العنوان الثاني العمل الجنسي الذي يقوم به الرجل أو المرأة إلى آخره كما سيأتي من أن يكون واطئا أو موطوئا هذه الرواية مطلقة فيها عنوان التشبه في بعض الروايات هكذا عن النبي لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، المخنثين من الرجال يعني الذي ؟؟؟ خصوصية إلى عنوان أن يكون موطوئا أو بعض الروايات اللبس لكن هذه الرواية مطلقة التشبه فهنا هذا العنوان العام قد يصدق على لبس ما تختص به المرأة.

الشيخ الأنصاري يناقش فيه يقول ليس المراد مجرد اللبس مثلا أفرض امرأة بدل ما تلبس دفة وعباية لبست عباية الشيخ مثلا تسترت بها بعض العبايات قد يكون ما تبين المرأة نشاز فيها فإذن ليس مجرد اللبس المراد تأنيث المذكر وتذكير المؤنث.

قال وفي دلالته دلالة النبوي يعني على حرمة لبس ما يختص به النساء والرجال قصور لأن الظاهر من التشبه تأنث الذكر وتذكر الأنثى لا مجرد لبس أحدهما لباس الآخر مع عدم قصد التشبه ويؤيده المحكي عن العلل أن علي عليه السلام رأى رجلا فيه تأنيث في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال له (أخرج من مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإني سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول لعن الله إلى آخر الرواية) هنا ويؤيده المحكي في العلل يعني قد يفهم أن هذه رواية أخرى رواها الصدوق في علل الشرائع لا هذه الرواية ذيل الرواية السابقة.

لاحظ الحاشية رقم 4 صفحة 174 ليس هذا حديثا آخر كما يوهمه ظاهر العبارة المحكي من العلل بل هو قسم آخر من الحديث المحكي عن العلل آنفا تتمة له وفي رواية يعقوب بن جعفر الواردة في المساحقة أن فيهن قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء إذن هذه يعني التشبه أطلق على المساحقة والمساحقة يعني أن تدلك المرأة عضوها بعضو المرأة الأخرى.

وفي رواية يعقوب بن جعفر الواردة في المساحقة أن فيهن قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (لعن الله المتشبهات من الرجال بالنساء)[8] هنا التشبه بالمساحقة بالفعل.

وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام (لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" المتشبهين من الرجال للنساء والمشتبهات من النساء بالرجال وهم المخنثون واللائي ينكحن بعضهن بعضا)[9] إذن هذه الرواية بينت وجه الشبه، وجه الشبه هو الرجل يكون ناكح ولا يكون منكوحا إذا صار منكوحا صار مخنث يعني مثل المرأة واللائي ينكحن بعضهن بعضا يعني هي وحدة ناكح والأخرى منكوح فهذه الناكحة تشبهت بالرجال.

نعم في رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يجر ثيابه قال إني لأكره أن يتشبه بالنساء[10] ، هنا عنوانين العنوان الأول يجر ثيابه يعني ثيابه طويلة يمشي ويزحف بها، هل لبس ما يجر الثياب حرام؟ كلا وهل لبس ما يجر الثياب الآن كثير من الشيوخ عباءته طويلة فهل هذا يعني أنه يتشبه بالنساء؟ كلا هذا العنوان الأول يجر.

قال إني لأكره أن يتشبه بالنساء إذن هذه الرواية يحملونها على الكراهة لا على الحرمة لأمرين:

الأمر الأول عنوان أكره

الأمر الثاني عنوان يجر ثيابه

وعنه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام (كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها)[11] إذن هاتين الروايتين ناظرتان إلى التشبه في اللباس بخلاف الرواية وهم المخنثون وما ورد في المساحقة إذن الروايات ذكرت عنوانين للتشبه، العنوان الأول لبس اللباس المختص بالطرف الآخر العنوان الثاني ما يرتبط بالجنس فعل ما يخص الطرف الآخر فيما يتعلق بالجنس.

هذه الرواية الثانية أيضا يمكن حملها على الكراهة كيف؟ كان رسول الله يزجر الرجل، الزجر قد يفهم منه من باب التنزه لا من باب الحرمة فإذا حملنا الزجر على الكراهة نفسر وينهى المرأة أن تتشبه يصير الزجر قرينة رافعة للحرمة عن النهي وإن كان هذا بعيد لماذا لا نقول بالعكس وينهى قرينة على أن المراد بالزجر هو الحرمة لا الكراهة.

قال الشيخ الأنصاري وفيهما يعني في رواية سماعة ورواية ثانية خصوصا الأولى رواية سماعة بقرينة المورد، ما هو المورد؟ يجر ثيابه، جر الثياب ليس حرام لا على الرجل ولا على المرأة ظهور في الكراهة، من أين استظهرنا الكراهة؟ بقوله ؟؟؟ وثانيا بقرينة المورد يجر ثيابه فالحكم المذكور لا يخلو عن إشكال قد يستفاد منه الكراهة.

بالنسبة إلى الأولى بيّن مورد الكراهة، لماذا تحمل على الكراهة؟ لقوله إني لأكره ومورد الرواية يجر ثيابه، الرواية الثانية كيف نحملها على الكراهة قلنا بقرينة لفظة يزجر الرجل فنتصرف في لفظ وينهى ما نحمل وينهى على الحرمة نحملها على الكراهة لكن لعل العكس هو أولى حمل الزجر على الحرمة بقرينة النهي وينهى.

الآن يتطرق إلى مسألة أخرى الخنثى يحرم عليه أن يلبس ما يختص بالذكر وما يختص بالأنثى، طبعا هذا كلامه في الخنثى مشكل وهذا مبني على شيء وهو هل الخنثى صنف ثالث أو هو الصنفين؟ لو قلنا الخنثى صنف ثالث يعني عندنا ثلاثة أصناف عندنا ذكر وأنثى وعندنا خنثى إذا قلنا بالصنف الثالث هذا الكلام كله ما يأتي أما إذا قلنا الإنسان إما ذكر وإما أنثى ولا ثالث في البين (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) لم تقل الآية إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وخنثى فيصير الخنثى إما ذكر واقعا وإما أنثى واقعا.

الخنثى إما مشخص مثل واحد تزوج واحدة لما تزوج رأى عندها عضو ذكري أو ناس كانوا يعتبرونهم بنات لما كبروا اتضحوا بأنهم رجال العضو كان داخل وبعد ذلك برز هذا ممكن هذا صار خنثى معلوم مشخص لكن أحيانا خنثى مشكل أحيانا واحد له آلة الرجل وآلة المرأة في نفس المكان هذا الخنثى المشكل بعد صار عندنا علم إجمالي يتنجز العمل الإجمالي يعلم إجمالا أنه إما ذكر فيحرم عليه ما يحرم على الذكر وهو لبس الحرير ولبس الذهب ولبس تلبسه المرأة وإما أثنى فيحرم عليه ما يحرم على الأنثى من لبس ما يلبسه الرجال ويختص به الرجال.

قال ثم الخنثى ـ المشكل ـ يجب عليها ترك الزينتين المختصتين بكل من الرجل والمرأة كما صرح به جماعة منهم السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 60[12] وحكاه صاحب الجواهر عن شرح أستاذه واستجوده راجع الجواهر الجزء 22 صفحة 116[13] لأنها ـ الخنثى ـ يحرم عليها لباس مخالفها وهو يعني الخنثى وهو مردد بين اللبسين بين لبس ما يخص الرجل وما يخص المرأة فتجتنب عنهما عن لبس ما يخص الرجل وما يخص المرأة مقدمة يعني من باب المقدمة العلمية مثل الوضوء، الوضوء يجب مسح اليدين من المرفقين لكن يقولون تقدم أربع أصابع في المتن في الكتف حتى تحرز أنت غسلت من المرفق من باب المقدمة العلمية هنا لكي يعلم أنه لم يلبس ما يخص الرجل وما يخص المرأة يتجنب هذا اللبس لأنهما له ـ للخنثى ـ من قبيل المشتبهين المعلوم حرمة أحدهما فيجب الاجتناب عنهما.

الآن إذا عنده لحمين يعلم أن أحدهما حرام يجب اجتنابهما إذا عنده شرابين يعلم حرمة أحدهما يجب عليه أن يجتنبهما ويشكل بناء على كون مدرك الحكم حرمة التشبه بأن الظاهر من التشبه صورة علم المتشبه يعني يشترط في التشبه القصد أن يقصد التشبه هنا هذا الخنثى هو يريد يستر عورته يلبس ثياب إذا لبس ثياب ولم يقصد أن يتشبه بالرجل ولم يقصد أن يتشبه بالمرأة سقط الثلج وهو بردان أخذ عباية رجل وتغطى بها لبسها أنت تأتي تقول تشبه بالرجال؟ كلا.

أو هو بردان لبس سترة رجالية تدفئه تأتي وتقول له حرام عليك كلا أنا أموت من البرد وأنت تقول لي حرام إذن الشيخ الأنصاري يقول هذا الحكم مشكل لأن عنوان تشبه فبمجرد لبس ما يخص الرجل أو ما يخص المرأة لا يصدق عنوان التشبه وإن أصبح في الخارج شبيها بالرجل أو بالمرأة لكنه لم يقصد التشبه قصد التستر قصد الوقاية من البرد مثلا.

السيد الخوئي "رحمه الله" يناقش يقول صحيح علم المتشبه شرط في تحقق التشبه لكننا لا نشترط العلم التفصيلي بل يكفي العلم الإجمالي فالخنثى وإن لم تعلم تفصيلا أنها ذكر أو أنثى لكنها تعلم أجمالا أنها إما ذكر وإما أنثى وتفصيل هذه الأمور إلى مباحث أعلى، هذا تمام الكلام في المسألة الثانية، المسألة الثالثة يأتي عليها الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo