< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثالث والستون: المسالة الثالثة في حرمة التشبيب

 

المسألة الثالثة من النوع الرابع من المكاسب المحرمة وهو العمل المحرم في نفسه فالتشبيب بالمرأة المؤمنة المحترمة حرام والمراد بالتشبيب ذكرها في الشعر وإبراز حبها وذكر محاسنها وهذا كان شائعا في كلمات العرب حتى بعد الإسلام فلو رجعت إلى كتاب ديوان دعبل بن علي الخزاعي يقول :

وبرهان باردة المطبخ إلى أن يقول ولو كشفت لك عن فرجها لأبصرت ميلين في فرسخ

فهنا إذا يذكر اسم امرأة وبهذا الوصف الصريح هذا حرام ولذلك في اللغة العربية وفي الأدب العربي قسموا الغزل إلى قسمين غزل عفيف وغزل صريح، غزل العفيف مثل ما قاله جميل بوثينة،

أبثين أنك قد ملكت فأسجحي وخذي بحظك من نصيب واصل

وكقول دعبل وكقول عنتر وهو يتقرب إلى أبنت عمه عبلة بغزل عفيف وأما هناك غزل صريح وقبيح جدا يستقبح ذكره فهذا التشبيب التعريض بالمرأة المؤمنة هذا كان متداول هذا

قد يقال بحرمته بأربعة وجوه:

الوجه الأول لزوم فضح المرأة المؤمنة المحترمة

الوجه الثاني لزوم إيذاء المرأة

الوجه الثالث إغراء الفسّاق بها

الوجه الرابع إدخال النقص عليها وعلى أهلها

طبعا لم نقف على من استدل بجميع الفقرات الأربعة على الحرمة نعم استدل ببعضها مثلا استدل الشهيد الثاني بلزوم الإيذاء والتشهير بالمرأة[1] واستدل الفاضل الهندي بلزوم الإيذاء وإغراق الفسّاق بها[2]

يمكن مراجعة المسالك للشهيد الثاني الجزء الثاني صفحة 323 ويمكن مراجعة كشف اللثام للفاضل الهندي جزء الثاني صفحة 373.

المسألة الثالثة التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة وهو كما في جامع المقاصد ذكر محاسنها[3] وإظهار شدة حبها بالشعر حرام على ما عن المبسوط[4] ـ الشيخ الطوسي ـ وجماعة كالفاضلين المحقق الحلي صاحب الشرائع[5] وأبن أخته العلامة الحلي صاحب التذكرة[6] والشهيدين الأول[7] والثاني[8] والمحقق الثاني الشيخ بن عبد العال الكركي صاحب جامع المقاصد[9] واستدل عليه ـ على حرمة التشبيب ـ بأمور أربعة:

الأول بلزوم تفضيحها وهتك حرمتها

الثاني وإيذائها

الثالث وإغراء الفساد بها

الرابع وإدخال النقص عليها وعلى أهلها ولذا لا ترضى النفوس الأبية ذوات الغيرة والحمية بأن يذكر ذاكر عشق بعض بناتهم وأخواتهم بل البعيدات من قرابتهم.

الشيخ الأنصاري يقول من قال أن هذه الأمور الأربعة توجب التحريم لا شيء من هذه الأمور الأربعة ينهض لإثبات التحريم مع أن هذه الوجوه الأربعة أخص من المدعى فبعض هذه الأمور قد يصدق بينما البعض الآخر لا يصدق مثلا ق يصدق أنه فضحها ونشر مفاتنها لكن ما يصدق إغراء الفسّاق بها هو ذكر جمالها لكن يعرفون أن هذه خطيبته ما أغرى الفسّاق بها ولم يدخل النقص عليها.

والإنصاف أن هذه الوجوه ـ الأربعة ـ لا تنهض لإثبات التحريم مع كونها أخص من المدعى حرمة التشبيب مطلقا، ما هو التشبيب؟ ذكر محاسن المرأة علنا وفاقا للشيخ الفاضل المعاصر واحد يذكر محاسن امرأة علنا لكن بأسلوب مهذب من دون إثارة الغريزة الجنسية ذكر عقلها حكمتها صبرها خدمتها تواضعها ذكر محاسنها كل الأمور الأربعة ما تصدق لزوم فضحها وهتك حرمتها ما يصدق، إغراء الفسّاق بها ما يصدق، إدخال النقص عليها وعلى أهلها ما يصدق، إيذائها ما يصدق بالعكس صار الكل يتمناها.

قال مع كونها يعني كون الوجوه الأربعة أخص من المدعى ـ حرمة مطلق التشبيب – هي تختص بخصوص التشبيب الذي يوجب هذه الأمور الأربعة إذن التشبيب على نحويين تشبيب يوجب الأمور الأربعة وتشبيب لا يوجب الأمور الأربعة فكيف تستدل بالأمور الأربعة على حرمة مطلق التشبيب فالدليل أخص من المدعى.

إذ قد لا يتحقق شيء من المذكورات في التشبيب يعني إذا واحد الآن ذكر شعر في محاسن هذه المرأة وأثنى عليها لكن ما يثير الغريزة الجنسية وما تعرض إلى جمالها الظاهري تعرض إلى جمالها المعنوي ومحاسنها المعنوية هذه الأمور الأربعة كلها ما تصدق أولا لزوم فضحها وهتك حرمتها ما يصدق، ثانيا لزوم إيذائها ما يصدق، ثالثا لزوم إغراء الفسّاق بها لا يصدق، رابعا إدخال النقص عليها وعلى أهلها ما يصدق بالعكس تصير مفخرة هذه الجوهرة الكل يتقدم إليها إذن إذ قد لا يتحقق شيء من المذكورات الأربعة في التشبيب بل وأعم منه من وجه يعني بل المذكورات الأربعة أعم منه ـ أعم من المدعى من وجهين ـ ، التشبيب بالزوجة التي هي ليست أجنبية هذا يلزم منه بعض هذه الأمور، بل يعني الوجوه الأربعة وأعم منه أعم من المدعى ـ حرمة التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة ـ فإن التشبيب بالزوجة قد يوجب أكثر المذكورات.

واحد يأتي بأشعار في زوجته هذه أولا يلزم فضحها وهتك حرمتها ثانيا يلزم إيذائها ثالثا يلزم إغراء الفسّاق بها رابعا يلزم إدخال النقص عليها وعلى أهلها.

يقول الشيخ الأنصاري عندنا عمومات يمكن أن تدل ويمكن أن يستدل عليه حرمة التشبيب بالمرأة المحترمة المعروفة بما سيجيء، الدليل الأول من عمومات حرمة اللهو والباطل ستأتي صفحة 288 وهذا له باطل، الثاني وما دل على حرمة الفحشاء كقوله تعالى (﴿وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون﴾) وقوله تعالى (﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة﴾)، الثالث ومنافاته للعفاف المأخوذ في العدالة كما هو مقتضى رواية ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله "عليه السلام" بمَ تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال أن تعرفوه بالستر والعفاف.

قد يستدل على الحرمة بالأولوية القطعية لسبعة أمور هذه الأمور السبعة إذا هي حرام فمن باب أولى التشبيب حرام.

قال وفحوى يعني الأولوية القطعية ما دل على حرمة سبعة أمور:

الأول ما دل على حرمة ما يوجب يعني يقتضي ولو بعيدا تهييج القوة الجنسية القوة الشهوية بالنسبة إلى غير الحليلة مثل يذكر سبعة أمور:

الأمر الأول ما دل على المنع عن النظر لأنه سهم من سهام إبليس[10] إذا النظر إلى المرأة الأجنبية حرام لأن يهيج الشهوة فالكلام الذي يهيج الشهوة حرام من باب أولى.

الأمر الثاني والمنع عن الخلوة بالأجنبية لأن ثالثهما الشيطان[11]

الأمر الثالث وكراهة جلوس الرجل في مكان المرأة حتى يبرد المكان[12]

الأمر الرابع وبرجحان التستر عن نساء أهل الذمة لأنهن يصفن لأزواجهن[13] ، يعني رجحان تستر نساء المسلمات عن النساء أهل الذمة لأن نساء أهل الذمة يصفن المسلمات لأزواجهن.

الأمر الخامس والتستر عن الصبي المميز الذي يصف ما يراه[14] يعني الروايات التي تدل على التستر ما دام هو مميز يدرك أن هذا عورة يجب ستره يجب على المرأة أن تتستر وإن لم يكن بالغ ولكنه مميز.

الأمر السادس والنهي في الكتاب العزيز عن أن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض قال تعالى (﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا﴾[15] ) والنهي عن أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن كما في قوله تعالى (﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن﴾[16] ) إلى غير ذلك من المحرمات والمكروهات التي يعلم منها حرمة ذكر المرأة المعينة المحترمة بما يهيج الشهوة عليها خصوصا ذات البعل التي لم يرضى الشارع بتعريضها للنكاح بقول رب راغب فيك.

هذه مخطوبة ـ التي اتفقوا على أن يعقد عليها ـ يجوز أن تعرض بها، هل يحرم؟ قد يقال بأنه ليس بحرام لأن إلى الآن ما عقدوا عليها يقول له والله فلان راغب فيك راغب يتزوج، فأكثر الأمور الأربعة لا تجري فيها بالعكس الأمور الأربعة أغلبها تنطبق عليها، هي مخطوبة الآن تصير مصونة ولكن الشيخ كلا لا تجري عليها.

قال نعم لو قيل بعدم حرمة التشبيب بالمخطوبة قبل العقد بل مطلق من يراد تزويجها يعني خطبت أو لم تخطب مثلا يقولون لها فلان رغبان فيك هذا ما فيه مشكل، لم يكن بعيدا لعدم جريان أكثر ما ذكر فيها والصحيح العكس بل أكثر ما قيل يجري فيها يعني مخطوبة أو ما مخطوبة لكنها امرأة عفيفة ومصونة يأتي بأشعار يذكرها فيها.

الشيخ الأنصاري يقول والمسألة غير صافية عن الاشتباه والإشكال ...

أما الإشكال فهو في الدليل يعني دليل حرمة التشبيب فيه كلام فإذن الكلام في حرمة التشبيب ليس بصاف لعدم صفاء دليل حرمة التشبيب، ما هو دليلك؟ ثبت الدليل وفقا للدليل تتحدد حرمة التشبيه فإذن هناك إشكال في أصل دليل حرمة التشبيب، هذا الصفاء الأول لا يوجد صفاء في دليل حرمة التشبيب.

اثنين لا يوجد صفاء في المصاديق، قال والمسألة غير صافية عن الاشتباه ـ الاشتباه في المصاديق ـ والإشكال يعني الإشكال في أصل حرمة التشبيب ثم إن المحكي عن المبسوط وجماعة[17] جواز التشبيب بالحليلة ـ الزوجة التي تحل له ـ بزيادة الكراهة عن المبسوط[18] يعني الشيخ الطوسي في المبسوط قال يكره أن يتشبب بالحليلة الآخرون قالوا يجوز لم يقولوا على كراهة.

إلى هنا أخذنا المصداق الأول المرأة المعروفة المؤمنة، الثاني الحليلة، يبقى الكلام في الثالث المرأة المبهمة هل يجوز التشبيب بها أو لا؟ وظاهر الكل جواز التشبيب بالمرأة المبهمة يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo