< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الخامس والستون: المسألة الرابعة في حرمة تصوير ذوات الأرواح

 

المسألة الرابعة يحرم تصوير صور ذوات الأرواح.[1]

المسألة الرابعة من النوع الرابع في حرمة تصوير ما له روح أي الإنسان وسائر الحيوانات والمتصور شقوق أربعة لأن التصوير إما أن يكون بنحو الرسم وإما أن يكون بنحو التجسيم كما أن التصوير إما أن يكون لذوات الأرواح كالإنسان وسائر الحيوانات وإما أن يكون لغير ذوات الأرواح كالأشجار والسماء والأرض وما فيهما من غير ذوات الأرواح فتكون الصور أربعة يعني تجسيم ذوات الأرواح هذا الأول رسم ذوات الأرواح هذا الثاني تجسيم غير ذوات الأرواح هذا الثالث رسم غير ذوات الأرواح هذا الرابع.

والأقوال المتصورة في المسألة أربعة أيضا:

القول الأول حرمة خصوص تجسيم ذوات الأرواح دون غيره كرسم ذوات الأرواح أو تجسيم ورسم غير ذوات الأرواح وهذا القول الأول مورد إجماع نصا وفتوى.

القول الثاني حرمة مطلق تصوير ذوات الأرواح سواء كان تجسيما أو رسما دون غير ذوات الأرواح فالحرمة للأعم وهذا ما ذهب إليه الشيخ الأنصاري وفاقا للقاضي والحلي صاحب السرائر.

القول الثالث حرمة مطلق التجسيم سواء كان لذي الروح أو لغير ذي الروح دون الرسم.

القول الرابع حرمة مطلق التصوير لذي الروح ولغير ذي الروح فلا يجوز تجسيم ذي الروح وغير ذي الروح ولا يجوز رسم ذي الروح وغير ذي الروح.

يقول السيد الخوئي "رحمه الله" في مصباح الفقاهة إن القولين الأخيرين وإن حصل خلاف فيهما وقد تطرق إليهما المحقق النراقي في المستند لكن لم نجد قائلا بهما وإن كان ظاهر بعض الروايات قد يفيد مفاد القول الثالث أو الرابع إذن اتضحت معالم بحثنا وهي إن القول الأول وهو حرمة تجسيم خصوص ذي الروح إجماعي وقد دلت عليه النصوص الشريفة وفتاوى الفقهاء نعم وقع الخلاف في القول الثاني وهو حرمة مطلق التصوير سواء كان بنحو التجسيم أو كان بنحو الرسم والنقش لخصوص ذي الروح وأما غير ذي الروح فيجوز تجسيمه ويجوز تصويره.

شيخنا الأنصاري ما هو الدليل على حرمة الرسم؟ يقول الروايات مستفيضة الروايات الدالة على حرمة النقش مستفيضة يذكر جملة من الروايات ثم يستعين ببعض المباحث اللغوية للاستظهار منها يقول إن صاحب كاشف اللثام وهو الفاضل الهندي "رحمه الله" يقول إن لفظ المثال والتصوير مترادفان في اللغة العربية وإذا رجعنا إلى الروايات بعض الروايات ورد فيها عنوان تصوير بعض الروايات ورد فيها عنوان مثال الروحاني بعض الروايات ورد فيها عنوان تمثال فاستظهر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" من هذه الألفاظ خصوص النقش والرسم دون التجسيم ـ مجسمة ـ خلافا لصاحب الجواهر "رحمه الله" حيث استظهر صاحب الجواهر من هذه الروايات خصوص التجسيم وقال صاحب الجواهر إن هذه الروايات لا تدل على حرمة الرسم والنقش وإنما تدل على حرمة خصوص التجسيم.

المسألة الرابعة تصوير صور ذوات الأرواح حرام يعني الإنسان وسائر الحيوانات يعني ما له روح تدب به، هنا ما المراد بالتصوير؟

يوجد شقان:

الشق الأول إذا كانت الصورة مجسمة بلا خلاف فتوى ونصا هذه المسألة الأولى بلا خلاف يعني هناك إجماع على حرمة تجسيم صور ذوات الأرواح بلا خلاف فتوى يعني هناك إجماع في الفتاوى ونصا اتفاق في الروايات على الحرمة.

القول الثاني وكذا مع عدم التجسم يعني وكذا تصوير صور ذوات الأرواح حرام مع عدم التجسم يعني بالاقتصار على الرسم والنقش طبعا هذا البحث لا يشمل الصور الفوتوغرافية لأن الصور الفوتوغرافية هي انعكاس للظل فهذه خارجة عن بحثنا كلامنا حرمة التصوير إما بنحو التجسيم من طين أو من حجر يصنع له مثلا صنم أو يصنع إليه تمثال الروحاني أو الحيوانات أو من سليكون أو الرسم والنقش.

وكذا مع عدم التجسم وفي نسخة التجسيم هذا رأي الشيخ الأنصاري وفاقا لظاهر النهاية[2] وصريح السرائر[3] ـ لابن إدريس الحلي ـ والمحكي عن حواشي الشهيد[4] ـ الشهيد الأول ـ والميسية[5] ـ للفاضل الميسي ـ والمسالك[6] ـ الشهيد الثاني ـ وإيضاح النافع[7] للفاضل القطيفي وكفاية الأحكام[8] للمولى محمد باقر السبزواري ومجمع البرهان[9] للمقدس الاردبيلي وغيرهم مثل القاضي في المهذب[10] ، لماذا قالوا بهذا القول؟ للروايات المستفيضة يعني روايات كثيرة لكن لم تبلغ حد التواتر مثل قوله "عليه السلام" نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم[11] إذن استظهر من النقش الرسم لا الحفر.

الرواية الثانية وقوله "عليه السلام" نهى عن تزويق البيوت ـ تزيين ـ قلت وما تزويق البيوت قال تصاوير التماثيل[12] ) هنا تصاوير وتماثيل هذه اللفظتين حملهم على الرسم والنقش ولم يحملهما على التجسيم مع أن الآن عرفا إذا قلنا تمثال يعني تجسيم والمتقدم عن تحف العقول يعني والخبر المتقدم عن تحف العقول لابن شعبة الحراني وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني[13] ، كيف نستدل بهذه الرواية؟ الرواية في مقام بيان الصناعات المحللة قالت من الصناعات المحللة صنعت صنوف التصاوير هذه حلال ما لم يكن مثال الروحاني يعني ما لم يكن صنوف التصاوير مثال الروحاني يعني لما له روح يعني يجوز صنع صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني وقوله "عليه السلام" في عدة أخبار (من صور صورة كلفه الله يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ[14] ) ما المراد أن ينفخ فيها؟ يعني أن يدخل الروح فيها فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين، الله يقول نفخت فيه من روحي يعني أدخلت الروح فيه ليس المراد أن هذه الورقة تنفخ عليها.

من صور صورة هنا من صور صورة ليس التصوير الفوتوغرافي الآن يحتمل احتمالين من صور صورة يعني عمل مجسما، من صور صورة رسم صورة كلف الله يوم القيامة أن ينفخ فيها يعني أن يبث الروح فيها وليس بنافخ يعني ما يستطيع أن يدخل الروح فيها وقد يستظهر اختصاصها بالمجسمة، المستظهر هو صاحب الجواهر في جواهر الكلام جزء 22 صفحة 42.[15]

صاحب الجواهر قال نفخ الروح لا يكون إلا في المجسم ما يكون في الرسمة والورقة فيستدل بهذه الرواية الأخيرة بقرينة نفخ الروح أن المراد من التصوير ومن التمثال هو المجسم.

وقد يستظهر اختصاصها ـ من صور صورة كلف الله يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ ـ هذه الرواية الأخيرة بالمجسمة يعني دون النقش والرسم من حيث إن نفخ الروح لا يكون إلا في الجسم ولا يكون في الورق أو الجدار أو الحجر وما شاكل ذلك وإرادتها هذا دفع دخل مقدر الرواية ذكرت الرسم والنقش لكن المقصود بها أنه يوم القيامة هذا الراسم يجسم الصورة ثم بعد ذلك الله يقول له انفخ فيها ادخل الروح فيها لا يستطيع أن يدخل الروح فيها فإذن المراد من لفظ الرسم أو النقش أو التصوير ما هو مقدمة للتجسيم والمراد بالتجسيم ما هو مقدمة لما ينفخ فيه يقول إنصافا خلاف الظاهر من الرواية إن يرسم ويجعلونه يجسمه وبعد ذلك ينفخ فيها هذا خلاف ظاهر الرواية إذن هذه وإرادة دفع دخل مقدر.

قال وإرادة تجسيم النقش يعني والمقصود من الرواية تجسيم المنقوش تجسيم المرسوم مقدمة للنفخ ثم النفخ فيه خلاف الظاهر لأنه إذا حملته أصلا الآن على أن المراد تجسيم النفخ تصير الرواية ما تدل على حرمة النقش الرواية تصير تدل على حرمة التجسيم خلاف الظاهر لأن الرواية ما فيها هذه العناوين تجسيم ونقش ما موجود فيها الرواية من صور صورة كلف الله أن ينفخ فيها ما فيها يرسم ينقش ثم يجسم ثم ينفخ ما موجود في هذه الرواية خلاف ظاهر الرواية.

الشيخ الأعظم الأنصاري أعلى الله مقامه الشريف يرد هذا الكلام وهو أن النفخ لا يكون إلا في المجسمة ثلاثة ردود يقول النفخ متصور في ثلاثة أشياء الرد الأول النفخ على محل الرسم، هذا الرسم أنت وين رسمته في ورقة؟ في جدار؟ على خشب؟ على صخر؟ تنفخ على الصخر على الورقة على الخشب هذه الصورة الأولى يصير تنفخ على المحل طبعا هذا إذا أريد من النفخ بمعنى الهف ينفخ لكن إذا النفخ بمعنى ذب الروح ذلك شيء آخر ولكن يقول حتى لو كان بمعنى نفخ الروح ينفخ الروح على الورقة فتقوم الرسمة التي فيها.

اثنين النفخ لا يكون على المحل على ذات الصورة والرسمة المنقوشة ثلاثة النفخ لا يكون على المحل ولا على ذات كل الصورة كلا على اللون الموجود في الصورة لأن اللون عبارة عن أجزاء فإذن النفخ دعوى أن النفخ لا يتصور إلا في خصوص المجسم غير تام وينقض عليه بثلاثة أمور:

أولا إمكان النفخ في محل الصورة

ثانيا إمكان النفخ في نفس الصورة

ثالثا إمكان النفخ على اللون الموجود في الصورة

ثم يأتي بشاهد عظيم وهو أن هارون الرشيد أراد أن يسخر من الإمام موسى بن جعفر الكاظم ويضحك الناس عليه فدعاه إلى مائدة وجاء بساحر وقال له أعمل شيئا يضحكنا على موسى بن جعفر جلس الإمام الكاظم سلام الله عليه إلى جانبه خادمه خادم الإمام موسى بن جعفر كلما أراد أن يمسك الخبز ارتفع الخبز فكان الرشيد يضحك وندمائه يرفع يده إلى الخبز يرتفع الخبز ما يستطيع أن يمسك الخبز فالتفت الإمام موسى بن جعفر "عليه السلام" إلى صورة أسد منقوشة على الجدار قال يا أسد الله خز عدو الله وإذا بأسد ضخم كبير قد خرج والتهم وابتلع ذلك الساحر فهال المنظر هارون الرشيد وندمائه فأغشي عليهم لما استفاقوا من غشوتهم قال هارون الرشيد للإمام موسى بن جعفر قال يا موسى بن جعفر بحقي عليك إلا ما أمرت الصورة أن ترجع الرجل فقال موسى بن جعفر "عليه السلام" لو أرجعت عصا موسى "عليه السلام" الحبال والعصي التي ابتلعتها لرجع صاحبكم).

الشاهد هنا إن الإمام "عليه السلام" أمر نفس الصورة يعني نفخ ليس نفخ بمعنى هف يعني بث الروح بإذن الله في نفس صورة الأسد.

قال وفيه أن النفخ يمكن تصوره في النقش بملاحظة محله ـ محل النقش ـ هذا الرد الأول، الرد الثاني بل بدونها يعني بل بدون ملاحظة محل النقش يعني بل بملاحظة نفس الصورة كما في أمر الإمام "عليه السلام" الأسد المنقوش على البساط بأخذ الساحر في مجلس الخليفة[16] الرواية مروية في آمالي الصدوق الجزء الأول صفحة 127 المجلس 29 الحديث 19، عيون أخبار الرضا[17] الجزء الأول صفحة 86 الباب 8 يمكن تراجعون بحار الأنوار الجزء 48 الباب 38 من حياة الإمام موسى الكاظم "عليه السلام" حديث 17 طبعا ترتيب أجزاء البحار تختلف تذهب إلى حياة الإمام الكاظم باب 38 حديث 17.

المناقشة الثالثة أو بملاحظة لون النقش يعني يمكن تصوره في النقش بملاحظة لون النقش أن النفخ يمكن تصوره في النقش أولا بملاحظة محله ثانيا بل بدونها ثالثا أو بملاحظة لون النقش الذي هو في الحقيقة أجزاء لطيفة من الصبغ والحاصل أن مثل هذا لا يعد قرينة عرفا على تخصيص الصورة بالمجسم، أن مثل هذا يعني إمكان النفخ استدل أنه النفخ يمكن أن يكون في المجسم في غير المجسم لا يمكن، الشيخ الأنصاري رد ذلك يقول إمكان النفخ ليس قرينة على إرادة التجسيم.

والحاصل هذه والحاصل رد على قوله وقد يستظهر اختصاصها بالمجسمة من حيث إن نفخ الروح لا يكون إلا في الجسم الرد عليه، والحاصل أن مثل هذا يعني نفخ الروح، لا يعد قرينة عرفا على تخصيص الصورة يعني التصوير بخصوص المجسم يعني لإمكان نفخ الروح في غير المجسم وأظهر من الكل صحيحة أبن مسلم سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن تماثيل الشجر والشمس والقمر[18] ، لماذا أظهر من الكل تمثال الشمس والقمر، الشمس والقمر ليسا من ذوي الأرواح إذن المراد الرسم وفي ذلك الزمان ما كانوا يعملون مجسمات إلى الشمس والقمر ينقشون ويرسمون الشمس والقمر.

سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن تماثيل يعني صور وليس مجسمات، الشجر والشمس والقمر قال لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان فإن ذكر الشمس والقمر قرينة على إرادة مجرد النقش يعني مجرد الرسم دون التجسيم ومثل قوله هذا ومثل قوله ليس عطف على صحيحة ابن مسلم كلا ومثل قوله هذه عطف على أول رواية لاحظ بداية صفحة 184 للروايات المستفيضة مثل قوله نهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم أعطفها ومثل قوله "عليه السلام" يعني هذه واحدة من جملة الروايات المستفيضة التي تدل على حرمة التصوير بمعنى الرسم والنقش.

ومثل قوله "عليه السلام" من جدد قبرا يعني إذا أندرس القبر قام بتجديده مرة أخرى ببنائه مرة أخرى هذا يصدق عليه من جدد قبرا هذا المعنى الأول، من جدد قبرا أي بنا القبر المندرس مرة أخرى وجدد بناءه، الاحتمال الثاني يعني دفن ميت جديد في القبر الذي أندرس واختفت أشلاء الميت السابق يصدق عليه من جدد قبرا يعني قبر أندرس بعد خمسين سنة بعد مئة سنة يأتي بميت جديد في هذا القبر، الاحتمال الثالث من جدد قبرا يعني قتل مسلما وبالتالي جاء بقبر جديد فهذه من جدد قبرا كناية عن القتل هذه تنسجم مع قرينة خرج من الإسلام.

قال ومثل قوله "عليه السلام" من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الإسلام[19] فإن المثال ـ الوارد في الرواية ـ والتصوير مترادفان يعني بمعنى النقش على ما حكاه كاشف اللثام عن أهل اللغة[20] الفاضل الهندي نقل عن أهل اللغة.

شيخنا الأنصاري ما هو دليلك؟ يقول الشائع بين أهل اللغة أن المراد بالتصوير والمطلوب من التصوير هو الصورة وليس المجسمة مع أن الشائع من التصوير والمطلوب منه ـ من التصوير ـ هي الصور المنقوشة على إشكال الرجال والنساء والطيور والسباع دون الأجسام يعني وليس الشائع من التصوير وليس المطلوب من التصوير الأجسام المصنوعة على تلك الأشكال يعني إشكال الرجال والنساء والطيور والسباع يعني يريد أن يقول الشائع في الاستعمال اللغوي والعرفي من التصوير هو الرسم والنقش دون التجسيم الآن في زماننا الشائع من التصوير التصوير الفوتوغرافي ما يطلقون التصوير على الرسم ولا يطلقون التصوير على المجسمة فهذا يحتاج إلى ذوق عرفي يستظهر الروايات من معناها الشائع أيام الناس.

شيخنا الأنصاري الآن أنت جئت بمؤيدين المؤيد الأول كلام كاشف اللثام من أن هذا موافق للغة وأن بين المثال والتصوير ترادف، المؤيد الثاني الشائع من التصوير والمطلوب منه هو الرسم والنقش لا التجسيم، المؤيد الثالث الحكمة من الحرمة هو التشبه بالخالق يعني الله "عز وجل" هو خالق الجمال ومبدع الجمال أنت لما تأتي تجسم هذه الأشياء أو ترسمها تصير تشارك الله "عز وجل" والعياذ بالله، طبعا هذه الحكمة فيها تأمل سوف نبحثها في الدرس القادم.

ويؤيده يعني ويؤيد أن المراد من التصوير هو الصور المنقوشة دون الأجسام المصنوعة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo