< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثاني والسبعون: المسألة السادسة حكم التنجيم

 

معنى التنجيم لغتا

التنجيم على وزن تفعيل من النجم والنجوم والمراد بالتنجيم لغة معرفة حظوظ الناس وغيرهم من حركة النجوم ومسارها وهذا شائع من قديم الزمان إلى يومنا هذا مثلا أبحث لك عن حظك أنظر إلى النجوم أنت تعبان كثير وسوف تتعب ستحصل على كنز ثمين وما شاكل ذلك فأطلق عليه لفظ التنجيم نسبة إلى أن هذه الأحكام كالحصول على الثروة وحصول التعب هذه الأحكام مستخرجة من حركة النجوم والأفلاك فإذا اقترب الكوكب الفلاني من الكوكب الفلاني حصلت الحروب والشرور وإذا ابتعد النجم الفلاني عن النجم الفلاني أو الكوكب العلاني هبت الرياح وهطلت الأمطار وعم الخير والرخاء

فالتنجيم ليس هو عبارة عن الإخبار عن حركة النجوم أولا وليس التنجيم عبارة عن الإخبار عن الأحكام المستخرجة من النجوم ثانيا

معنى التنجيم اصطلاحا

وإنما التنجيم عبارة عن استخراج الأحكام من حركة النجوم سواء أخبر عن هذه الأحكام أو لم يخبر فعملية استخراج الأحكام كنزول المطر وحصول الزلزلة والبركان وأن فلان يتزوج وأن فلان يموت وأن فلان كذا وكذا من حركة الأفلاك هذا هو التنجيم فلا يصدق التنجيم على الإخبار عن حركة الأفلاك أنه القمر دخل في برج العقرب هذا إخبار عن حركة الأفلاك أو أن الشمس دنت من الكوكب الفلاني أو ابتعد الكوكب الفلاني عن الكوكب العلاني هذا لا يصدق عليه أنه تنجيم كما أن التنجيم لا يصدق على الأحكام المترتبة على حركة الأفلاك بشكل قطعي كما في يومنا هذا الإخبار عن حركة المد والجزر ووقت دخول الفجر ووقت دخول الليل ودخول الفصول الأربعة وهطول المطر ودرجة الحرارة فإن مثل هذه الأحكام قد تستخرج نتيجة الإلمام بحركة الأفلاك وهذا لا إشكال فيه إنما الإشكال كل الإشكال هو في ربط حظوظ الناس بحركة الأفلاك والنجوم.

هذه المجموعة الشمسية يعني هذه التسعة كواكب، هذه الكواكب التسعة تدور حول الشمس وتدور حول نفسها الأرض هي الكوكب الثالث الأرض إذا دارت حول نفسها صار الليل والنار وبدوران الأرض حول الشمس تحصل الفصول الأربعة الربيع والشتاء والخريف والصيف فحركة الفصول الأربعة ناتجة من دوران الأرض حول الشمس وينتج الليل والنهار من دوران الأرض حول نفسها هذه يقال لها المجموعة الشمسية.

هذه الكواكب التسعة لها قمر أو أقمار مثلا المشتري عدة أقمار المشتري كبير جدا الأرض لها كوكب واحد قمر واحد نتيجة الجاذبية بين القمر والأرض تصير حركة المد والجزر للبحر وإذا حال القمر بين الأرض والشمس والقمر كوكب والكوكب معتم مظلم إذا حال القمر صار القمر بين الشمس وبين الأرض تصير الكسوف وإذا بالعكس صارت الشمس والقمر فحركة الخسوف والكسوف تصير من موضع الشمس والقمر والأرض هذه مجموعة شمسية وهناك ملايين بل بلايين المجموعات الشمسية في مجرتنا التي تسمى مجرة التبانة وهناك ملايين المجرات غير مجرة التبانة (فتبارك الله أحسن الخالقين).

 

ما هو التنجيم المحرم

التنجيم ليس المراد به معرفة حركة الأفلاك وليس المراد به الأحكام المترتبة على معرفة الأفلاك بل المراد بالتنجيم المحرم هو استخراج حظوظ الناس من النجوم وحركة الأفلاك هذا هو المراد به لذلك لتوضيح المطلب الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ؟؟؟ الأول والثاني والثالث يبين المصاديق التي تخرج.

 

تطبيق المتن

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" المسألة السادسة التنجيم حرام وهو كما في جامع المقاصد[1] للمحقق الكركي الإخبار عن أحكام النجوم هنا يعلق المحقق الإيرواني "رحمه الله" يقول التنجيم ليس هو الإخبار عن أحكام النجوم الإخبار كاشف والمكشوف هو الاستخراج فالتنجيم المحرم هو عبارة عن استخراج الأحكام من الأفلاك سواء تم الإخبار بالمستخرج أو لم يتم نعم في الغالب يحصل الإخبار عن الاستخراج باصطلاحنا الآن فوال هذا الفوال تذهب له هذه العجوز وتقول له بنتي لم يأتي لها خاطب ويقول لها كذا وسوف تتزوج كذا ويأخذ فلوسها هذه العجوز لما تتكلم هي ليست منجمة هي تخبر عن المنجم التنجيم هو عبارة الاستخراج الفوال هو المنجم لذلك يقولون كذب المنجمون ولو صدقوا يمكن يجيب كلام ويصبح صدق ولكن هو كذاب.

جامع المقاصد[2] يقول التنجيم هو الإخبار عن أحكام النجوم الأصح هو الإخبار عن استخراج أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية، باعتبار يعني بسبب الحركات الفلكية يعني هذا الفلك قرب من هذا الفلك وابتعد عن ذلك الفلك فينشأ كذا والاتصالات الكوكبية يعني هذا الكوكب يتصل بهذا الكوكب أو يبتعد عنه أو يقترب منه كما سيأتي في الكسوف والخسوف.

وتوضيح المطلب يتوقف على الكلام في مقامات، توضيح يعني حرمة التنجيم يتوقف على الكلام في مقامات هذه المقامات كل مقام نعرف أنه داخل أو خارج عن مفهوم التنجيم.

المقام الأول يريد أن يقول يجوز الإخبار عن الأوضاع الفلكية بسبب الأحكام الفلكية مثلا يقول صباح غدا يحصل كسوف مساء الليلة يحصل خسوف لأن القمر يحول بين الشمس والأرض فيحصل كسوف فهذا لا إشكال فيه ولا حرمة فيه هذا ما فيه إخبار عن حظوظ الناس.

الأول الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب، وضع فلكي كالخسوف الناشئ عن حيلولة الأرض بين النيرين ـ الشمس والقمر ـ إذا صارت الأرض بين الشمس والقمر فتحجب أشعة الشمس عن القمر، القمر جسم معتم يستمد الضياء من الشمس فإذا حالت الأرض بين الشمس والقمر أصبح القمر مظلما معتما بالمقدار الذي تحجب فيه الأرض عن أشعة الشمس والكسوف الناشئ عن حيلولة القمر يعني القمر يحول بين الشمس وبين الأرض فالأشعة ما تصل إلى الأرض الأشعة تصل إلى القمر والقمر يحجب أشعة الشمس عن الأرض فبالتالي تبين الشمس ناقصة يصير فيها كسوف الخسوف يكون للقمر والكسوف يكون للشمس أو غيره هذا الضمير يعود إلى ماذا؟ توجد ثلاثة احتمالات والاحتمال الثالث هو الأصح:

الاحتمال الأول أن يعود الضمير إلى لفظ القمر يعني والكسوف الناشئ عن حيلولة القمر أو غيره يعني أو غير القمر يعني الذي يحول بين الشمس والأرض تارة يكون القمر تارة يكون كوكب آخر غير القمر يحجب أشعة الشمس عن الوصول إلى الأرض، هذا الاحتمال الأول وإن كان ممكنا لكنه في الواقع لا يحول إلا القمر.

الاحتمال الثاني أو غيره يعود على كالخسوف يعني تصير العبارة هكذا الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب كالخسوف أو غيره يعني كالخسوف والكسوف أو غيره.

الاحتمال الثالث أو غيره يعود على سير الكواكب تصير العبارة هكذا الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على أولا سير الكواكب ثانيا أو غيره يعني غير سير الكواكب لأن الأوضاع الفلكية قد تكون ناشئة من سير الكواكب يعني حركة الكواكب مثل الكسوف والخسوف وأحيانا الوضع لا يكون ناشئ لا يكون ناشئ من سير الكواكب وإنما من مثلا شدة ضوء القمر الآن القمر إذا هو هلال غير إذا هو بدر فشدة إضاءة القمر إذا صار بدر كامل هذه شدة إضاءة القمر لها دور في الرطوبة تزيد رطوبة الأبدان لها دور في نمو الأزهار ونمو النباتات فهذه شدة الإضاءة وقلتها هذا ما تعبر عن حركة القمر.

وهكذا جاذبية القمر وجاذبية الأرض لذلك مثلا الحجامة تستحب الحجامة استخراج الدم الفاسد في النصف الثاني من الشهر القمري لا النصف الأول لأنه في النصف الأول جاذبية القمر شديدة تؤثر على الحجامة في الرأس أو في الظهر لذلك يستحب الليالي التي بعد النصف والليالي الفرد مثلا ليلة سبعة عشر ليلة تسعة عشر أفضل ليلتين، ليلة واحد وعشرين هذه كلها لها علاقة بجاذبية القمر لأن دم الإنسان سبعين في المائة منه بلازما وبلازما الدم ماء فيتعرض إلى جاذبية القمر، المهم كلامنا أو غيره يعني هذه الأوضاع إما أن تنشأ من سير الكواكب أو من غير سير الكواكب مثل جاذبية الكواكب مثل نور هذه النجوم والكواكب

بل يجوز الإخبار بذلك، الآن بل وجه الإضراب يريد أن يقول نحن في الأمر الأول نفينا الحرمة عن الإخبار عن الأوضاع الفلكية بناء على سير الكواكب الآن يترقى يقول يجوز أن تخبر ليس استنادا إلى سير الكواكب وإنما استناد إلى ما تعتقد أنه برهان قطعي أو أمارة ظنية صارت الأسباب ثلاثة للإخبار السبب الأول الأوضاع الفلكية السبب الثاني البرهان القطعي بحسب اعتقادك السبب الثالث العلامات والإمارات الظنية فرأيت شهاب قد طار في السماء تقول هذا الشهاب علامة على كذا إمارات ظنية بل يجوز هذه بل إضراب ما هو وجه الإضراب؟ في الأمر الأول قلنا نفينا الحرمة عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب، هذه بل للترقي يعني لا توجد حرمة بل يجوز حتى لو ما استندنا إلى سير الكواكب بل استندنا إلى أمرين آخرين وهما قال بل يجوز الإخبار بذلك يعني الأوضاع الفلكية إما جزما يعني قطعا إذا استند إلى ما يعتقده برهانا إذا استند الإخبار إلى ما يعتقده المخبر برهانا قطعيا هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني أو ظنا إذا استند إلى الأمارات الظنية وقد اعترف بذلك يعني بالإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب جملة ممن أنكر التنجيم يعني وقال التنجيم حرام ولكن قال بجواز هذه الإخبارات منهم السيد المرتضى والشيخ أبو الفتح الكراجكي فيما حكي عنهما حيث حكي عنهما في رد الاستدلال على إصابتهم يعني المنجمين في الأحكام بإصابتهم في الأوضاع، قالوا المنجمون يصيبون في الأوضاع الفلكية فإذا أصابوا في الأوضاع الفلكية فإنهم أيضا يصيبون في الأحكام المترتبة على الأوضاع الفلكية هذا أول الكلام، قد يصيب في الوضع الفلكي القمر في العقرب ولكن لا يصيب في الأحكام المترتبة على هذا الوضع الفلكي لكن كان استدلالهم هكذا أن المنجم ما دام قد أصاب في الوضع الفلكي فإنه يصيب أيضا في الحكم المترتب على الوضع الفلكي، طبعا الحاكي السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 80 قال محاصله إن الكسوف واقتران الكواكب وانفصالها من باب الحساب وسير الكواكب وله يعني الحساب وسير الكواكب له أصول صحيحة وقواعد سديدة تدرس في علم الفلك وليس كذلك ما يدعونه من تأثير الكواكب في الخير والشر والنفع والضر، وليس كذلك يعني لا توجد أصول صحيحة وقواعد سديدة لما يدعونه من تأثير الكواكب إذن لابد أن نفرق بين الأوضاع الفلكية والأوضاع النجومية يعني الأحكام الفلكية والأحكام النجومية، ما الفارق بينهما؟

الأحكام الفلكية مثل اليوم ينزل مطر أو ما ينزل مطر، حركة المد والجزر، الكسوف والخسوف، سقوط الثلوج، مد وجزر هذه أحكام فلكية يعني أحكام تترتب على أوضاع فلكية وتوجد أحكام نجومية يعني استخراج أمور للتنجيم يعني الحظوظ، اليوم نحس لا تتحرك مني يوجد نحس تحرك من هذا الطريق يوجد خير هذه نسميها أحكام نجومية ليس المراد أحكام نجومية يعني بينها علة ومعلول كلا هم هكذا يقولون حظك يصير هكذا إذا طلع الفلك الفلاني وحظك يصير هكذا إذا خرج النجم الفلاني، الآن في الكلام الشريف المرتضى والكراجكي يقولون هكذا في عبارتهم في الأحكام الفلكية في الغالب توجد إصابة لكن في الأحكام النجومية الحظوظ خير وشر في الغالب ما توجد إصابة بل الذي يخمن ويظن أحيانا يصيد أحسن منهم فلا يمكن قياس الأحكام الفلكية على الأحكام النجومية، الأحكام النجومية في الغالب تخيب والأحكام الفلكية في الغالب تصيب، الشيخ الأنصاري في مقام التعليق يقول الأحكام النجومية في الغالب تخيب صحيح وأما قولكم الأحكام الفلكية في الغالب تصيب هذا أول الكلام فإن كثير منها لا يصح، طبعا في ذلك الزمان أما في زمانا في علم الفلك في الغالب يصح ولكن مو دائما يخبرون سوف يسقط ثلج وما سقط ثلج سوف يسقط مطر وما سقط مطر لكن في الكسوف والخسوف تجد الكلام دقيق في الدقيقة الفلانية يحصل ويصير.

ما حاصله إن الكسوفات واقتران الكواكب وانفصالها من باب الحساب وسير الكواكب وله أصول صحيحة وقواعد سديدة وليس كذلك ما يدعونه من تأثير الكواكب في الخير والشر والنفع والضرر ولو لم يكن الفرق بين الأمرين، الأمر الأول الكسوفات واقتران الكواكب، الأمر الثاني تأثير الكواكب في الخير والشر، هذه الكسوفات واقتران الكواكب نعبر عنها الأحكام الفلكية تأثير الكواكب في الخير والشر نعبر عنها الأحكام النجومية ولو لم يكن الفرق بين الأمرين إلا الإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات هذا الأمر الأول الأحكام الفلكية وما يجري مجراها ـ مجرى الكسوفات كالخسوف والمد والجزر ـ فلا يكاد يبين فيها خطأ هذا الكلام الشيخ الأنصاري يناقشه يقول فيها خطأ وأن الخطأ الدائم المعهود إنما هو في الأحكام يعني الأحكام النجومية يعني الحكم بتأثير الكواكب في الخير والشر يعني في الثاني حتى أن الصواب فيها ـ في الأحكام ـ عزيز نادر وما يتفق فيها من الإصابة يعني هذا المنجم لو أخبر يحصل الخير الفلاني وفعلا حصل قد يتفق من المخمن يعني الضان الذي يظن هكذا من دون شيء أكثر منه ـ من المنجم ـ فحمل أحد الأمرين على الآخر بهت وقلة دين، فحمل أحد الأمرين وهو الأحكام النجومية على الأمر الآخر الأحكام الفلكية، حمل أحد الأمرين يعني تأثير الكواكب في الخير والشر على الآخر يعني على الكسوفات واقتران الكواكب، بهت وقلة دين انتهى المحكي من كلام السيد "رحمه الله"[3] هذا موجود في رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية صفحة 311 وموجود في كنز الفوائد للكراجكي الجزء الثاني صفحة 235.

وقد أشار إلى جواز ذلك يعني جواز الإخبار عن الأحكام الفلكية، يعني جواز الإخبار عن الكسوفات واقتران الكواكب في جامع المقاصد[4] مؤيدا ذلك بما ورد من كراهة السفر والتزويج في برج العقرب[5] ، يعني يكره أن تسافر والقمر في برج العقرب ويكره أن تتزوج والمراد به العقد وليس الدخول والقمر في برج العقرب، برج العقرب يعني منزلة من المنازل يعني القمر إذا صار في موطن ومنزل معين يقال له برج العقرب.

يعلق الشيخ الأنصاري يقول لكن ما ذكره السيد "رحمه الله" من الإصابة الدائمة في الإخبار عن الأوضاع الفلكية يعني وضع الكسوفات واقتران الكواكب محل نظر لأن خطأهم في الحساب في غاية الكثرة ولذلك لا يجوز الاعتماد في ذلك يعني في الإخبار عن الأوضاع على عدولهم فضلا عن فساقهم، لماذا لا يجوز؟ هنا يشير إلى نكتة مهمة ما هو مدرك حجية خبر الثقة أو العدل؟ أقوى دليل سيرة العقلاء سيرة العقلاء إنما تجري مع جريان أصالة عدم الخطأ وأما إذا لم تجري أصالة عدم الخطأ فلا تجري سيرة العقلاء وبالتالي إذا كثر خطأ المنجمين في الأوضاع الفلكية إذا كثر خطأهم ما تجري في حقهم أصالة عدم الخطأ وإذا لم تجري أصالة عدم الخطأ لا تثبت لهم الحجية يعني حجية خبر الثقة أو العدل ما تشملهم.

وبعبارة أصولية حجية خبر العدل أو الثقة إنما تثبت مع جريان أصالة عدم الخطأ ومع كثرة الخطأ لا تجري أصالة عدم الخطأ فلا تثبت الحجية لخبر العدل أو الثقة عند كثرة الاشتباهات، يقول لأن خطأهم في الحساب في غاية الكثرة ولذلك لا يجوز الاعتماد في ذلك ـ الإخبار عن الأفلاك ـ على عدولهم فضلا عن فساقهم لأن حسابهم مبتني على أمور نظرية يعني يريد أن يقول حجية خبر الثقة تشمل الخبر الحسي لا الحدسي وإخباراتهم إنما هي إخبارات حدسية فيها إعمال نظر وليست إخبارات حسية فما يشملها حجية خبر العدل أو حجية خبر الثقة لذلك يقولون حجية خبر العدل أو الثقة إنما تختص بخصوص الإخبارات الحسية لا الإخبارات الحدسية الخبر الحدسي هو حجية قول أهل الخبرة كلام حجية قول أهل الخبرة هذا للأمور الحدسية فهنا حجية خبر العدل أو الثقة ما تشمل إخبارات أهل الفلك نعم تشمله حجية إخبارات أهل الاختصاص وهذا مناقش في علم الأصول لم تثبت حجية اخبارات أهل الاختصاص المدار على تحصيل الوثوق والاطمئنان لذلك يقولون إذا قال الطبيب لا تفعل كذا كلامه ليس حجة إلا إذا حصل لك اطمئنان من كلامه هذا يبحثونه مثلا في كتاب الصوم إذا قال الطبيب أفطر ولا تصم فهل يجب إتباعه أو لا؟

يقولون المدار على الاطمئنان من كلامه يعني الحجية للاطمئنان وليست الحجية لقول الطبيب لأن قول الطبيب إخبار أهل الخبرة كلامه مبتني على حدس وإعمال نظر بالتالي قول الطبيب ليس حجة عليك حجة على اطمئنانك لأن حسابهم مبتني على أمور نظرية مبتنية على نظريات أخر إلا فيما هو كالبديهي مثل إخبارهم بكون القمر في هذا اليوم في برج العقرب وانتقال الشمس من برج إلى برج يعني من موطن إلى موطن من منزل إلى منزل في هذا اليوم وإن كان يقع الاختلاف بينهم فيما يرجع إلى تفاوت يسير مثلا واحد يقول إن القمر يخرج من برج العقرب الساعة خمسة وهذا يقول الساعة ستة يوجد إلى الآن إذا تلاحظ التقاويم يختلفون في وقت دخول برج العقرب ووقت الخروج منه هذا التفاوت اليسير ما يضر هم يتفقون في دخول القمر في برج العقرب لكن يختلفون في وقت دخوله ووقت خروجه ويمكن الاعتماد في مثل ذلك يعني في التفاوت اليسير على شهادة عدلين منهم يعني شهادة البينة إذا احتاج الحاكم ـ القاضي ـ لتعيين دين أو نحوه، افترض أنا أقرضك ويحل السداد يجب عليك أن تدفعه إذا دخل القمر في برج العقرب أو واحد تمتع بواحدة يقول أنا المتعة من الآن إلى أن يدخل القمر في برج العقرب صار دخول القمر في برج العقرب موعد الانقضاء أجل المتعة أو موعد لانقضاء أجل الدين الآن هذا القاضي يريد أن يحكم هي زوجته أو لا يريد يحكم هذا الدين أو لا إذا احتاج الحاكم لتعيين أجل دين أو نحوه، نحو أجل الدين مثل أجل المتعة.

الأمر الثاني جواز الإخبار بحدوث الأحكام عند الاتصالات الفلكية مثل الخواجه نصير الدين الطوسي رحمة الله عليه وهو عالم هذا الفلك هو خريج هذه الصناعة هو بنا المرصد الفلكي في بغداد في بعض أسفاره مر على طاحونة استضافة صاحب الطاحونة دخل بيت صاحب الطاحونة شاف المكان حار قال أنا أنام فوق السطح الجو بارد فوق السطوح صاحب الطاحونة قال له أيها الشيخ الليلة سوف يسقط مطر أنزل نام تحت خواجه نصير الدين الطوسي نظر إلى السماء قال كلا الليلة لا يسقط مطر نظر إلى حركة الأفلاك قال صاحب الطاحونة أقول لك أنزل أنا عندي هذا الكلب ينام فوق أو بره إذا يطيح مطر ينزل داخل الليلة نزل داخل نام في الطاحونة يعني يسقط مطر، الخواجة نصير الدين هو صاحب هذه الصناعة نظر قال لا يسقط مطر ذهب ونام وسقط المطر واستيقظ فأحيانا الخبرة لها دور فهذا أخبر جازما صاحب الطاحونة بأنه الليلة يسقط المطر استنادا إلى حركة الكلب هذا ليس فيه حرمة.

الثاني يجوز الإخبار بحدوث الأحكام مثل سقوط المطر عند الاتصالات والحركات المذكورة ـ الحركات الكوكبية ـ بأن يحكم بوجود كذا في المستقبل عند الوضع المعين من القرب والبعد والمقابلة والاقتران بين الكوكبين إذا كان على وجه الظن المستند إلى تجربة محصلة هذا صاحب الطاحونة حصل التجربة.

أو تجربة منقولة في وقوع تلك الحادثة بإرادة الله عند الوضع الخاص، هذا وضع الخاص كنزول الكلب من دون اعتقاد ربط بينهما أصلا يعني الكلب ليس علة لنزول المطر لا يوجد ربط بينهما بل الظاهر حينئذ جواز الأخبار على وجه القطع إذا استند إلى تجربة قطعية إذ لا حرج على من حكم قطعا بالمطر في هذه الليلة نظرا إلى ما جربه من نزول كلبه من السطح إلى داخل البيت مثلا كما حكي أنه اتفق ذلك لمروج هذا العلم بل محيه الخواجة نصير الدين الطوسي حيث نزل في بعض أسفاره على طحان له طاحونة خارج البلد فلما دخل منزله يعني دخل الخواجة نصير الدين منزله صعد السطح لحرارة الهواء فقال له صاحب المنزل أنزل ونم في البيت تحفظا من المطر فنظر المحقق إلى الأوضاع الفلكية فلم يرى شيئا فيما هو مظنة للتأثير في المطر يعني في سقوط المطر، فقال صاحب المنزل إن لي كلبا ينزل في كل ليلة يحس المطر فيها إلى البيت يعني ينزل إلى البيت في كل ليلة يحس فيها المطر فلم يقبل منه المحقق ذلك ما قبل أن يسقط مطر هذه الليلة وبات فوق السطح فجاءه المطر في الليل وتعجب المحقق.[6]

ثم إن ما سيجيء في عدم جواز تصديق المنجم يراد به غير هذا يراد به تصديق المنجم في الحظوظ وليس في الحركات الفلكية إما لا يراد به هذا أو لا بالإطلاق يشمله لكن ينصرف عنه.

قال ثم إن ما سيجيء في عدم جواز تصديق المنجم يراد به غير هذا أو ينصرف إلى غيره يعني له إطلاق يشمل هذا لكن ينصرف إلى غيره لما عرفت من معنى التنجيم، ما هو معنى التنجيم، معنى التنجيم قال الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية هذا التعريف يشمل الإخبار عن سقوط المطر له إطلاق لكنه ينصرف عن هذا ينصرف إلى خصوص الإخبار بالحظوظ، حظوظ الناس وغيرهم، الثالث يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 


[6] وردت القضية في قصص العلماء : 374-375 فراجع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo