< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الرابع والسبعون: اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات السفلية

 

الرابع اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات والربط يتصور على وجوه.[1]

 

خلاصة درس اليوم ونكاته

لا يزال الكلام في مسألة حرمة التنجيم ولكي يتضح المطلب في معنى التنجيم وحرمته ذكر الشيخ الأنصاري عدة أمور.

تطرقنا في الدرس السابق إلى الأمر الثالث اليوم نتطرق إلى الأمر الرابع والفارق بين الأمر الرابع والأمور الثلاثة الأول في كلام الشيخ الأنصاري أن الأمر الرابع ركز على الاعتقاد بخلاف الأمور الثلاثة الأول التي ركز على الإخبار وفرق كبير بين الاعتقاد والإخبار ففي الأمر الرابع يوجد اعتقاد كمن يعتقد أن الشمس والقمر والنجوم تدبر الكون وتؤثر في الكائنات أي أن الأفلاك العلوية تؤثر في الكائنات السفلية فالمسألة الرابعة ذكرها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" لمعرفة حكم الاعتقاد بالتأثير إما التأثير بنحو الاستقلال والعلة التامة أو التأثير بنحو العلة الناقصة بخلاف الأمر الأول والثاني والثالث فقد ذكر فيها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" الإخبار عن وقوع الحوادث استنادا إلى حركة الأفلاك والإخبار قد يكون عن اعتقاد وقد لا يكون عن اعتقاد.

إذن المسألة الرابعة تدرس الاعتقاد بأن الحركات الفلكية تؤثر في الكائنات السفلية يعني هناك ارتباط وربط بين الكائنات السفلية من جهة والحركات الفلكية العلوية من جهة أخرى، هذا الارتباط يتصور على وجوه:

الوجه الأول الاستقلال في التأثير بحيث يمتنع التخلف حيث إن المعلول يمتنع أن يتخلف عن علته عقلا فكذلك الحركات العلوية الفلكية تؤثر تأثيرا تاما في الكائنات السفلية ومن الواضح أن هذا كفر والعياذ بالله ويذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" سبعة شواهد من كلمات علمائنا فيبدأ بالسيد المرتضى "قدس" وينتهي بصاحب الوسائل الشيخ الحر العاملي ثم يعقب ذلك بأن أهل السنة أيضا هكذا عندهم أن من اعتقد الاستقلال في تأثير الأفلاك العلوية في الكائنات السفلية فهو كافر وينقل كلام لابن أبي الحديد عن جمهور أهل السنة، النتيجة النهائية أن من قال بالأمر الأول وهو استقلال الأفلاك العلوية بالتأثير في الكائنات السفلية من قال بذلك فهو كافر يلزم من ذلك أن تكون هي المدبرة أن تكون هي الفاعلة ثم بعد ذلك بعد أن يذكر كلمات علماء الشيعة وما نقل عن علماء السنة بعد ذلك يتطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى خمسة أمور وخمسة معتقدات ويقول هل كلمات العلماء والروايات الشريفة تشمل هذه الأنحاء الخمسة أو لا ثم يشير إلى أن النحو الأول والثاني والثالث من المسلم أنهم كفار يبقى الكلام في النحو الرابع والخام

 

خلاصة المباحث السابقة

الأول صفحة 201 الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب.

الثاني صفحة 203 يجوز الإخبار بحدوث الأحكام عند الاتصالات والحركات المذكورة.

الثالث صفحة 204 الإخبار عن الحادثات والحكم بها مستندا إلى تأثير الاتصالات المذكورة فيها بالاستقلال أو بالمدخلية وهو المصطلح عليه بالتنجيم، إذن الأمور الثلاثة المتقدمة عبارة عن إخبار ذكر فيها حيثية الإخبار الفارق بينه وبين الرابع الاعتقاد.

الرابع اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات والربط يتصور على وجوه،

 

تطبيق المتن

 

الرابع اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات والربط يتصور على وجوه:

الأول الاستقلال في التأثير بحيث يمتنع التخلف عنها امتناع تخلف المعلول عن العلة العقلية الاستقلال في التأثير يعني استقلال الحركات الفلكية في التأثير في الكائنات السفلية بحيث يمتنع تخلف الكائنات عنها يعني عن الحركات الفلكية.

وظاهر كثير من العبارات كون هذا كفرا يعني كون الاعتقاد بالاستقلال في التأثير هذا كفر، قال السيد المرتضى "رحمه الله" فيما حكي عنه والحاكي عن السيد المرتضى "رحمه الله" وموجود طبعا كتاب السيد المرتضى الذي هو رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية صفحة 310.

قال السيد المرتضى "رحمه الله" فيما حكي عنه وكيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام النجوم وقد أجمع يعني والحال أنه قد اجمع المسلمون يعني أهل الملة سنة وشيعة، قديما وحديثا على تكذيب المنجمين والشهادة بفساد مذهبهم وبطلان أحكامهم ومعلوم من دين الرسول ضرورة تكذيب ما يدعيه المنجمون والإزراء عليهم والتعجيز لهم، لذلك معروفة هذه المقولة كذب المنجمون ولو صدقوا حتى إذا قالوا كلام وتبين أنه صحيح وواقع وصدق لكن هو في إخباره كاذب وبعبارة أخرى عندنا صدق خبري وصدق مخبري فلو أخبر بخبر ووقع هذا الخبر فهنا صدق خبري لكن كذب مخبري يعني عندنا صدق خبري وصدق مخبري وكذب خبري وكذب مخبري مثلا أنظر إلى الهلال فينزل رمش عيني على العين فأتوهم أنه هلال فأقول هذا هو الهلال هنا يوجد صدق مخبري يعني المخبر صادق لا يكذب ولكن كذب خبري في الواقع لا يوجد هلال وأحيانا أنظر أقول لا يوجد هلال وفي الواقع موجود هلال هنا صدق مخبري، المخبر ما يكذب ولكن بلحاظ الواقع يوجد هلال فأحيانا أنظر إلى الهلال وأرى الهلال واشهد هذا هو الهلال هنا صدق مخبري وصدق خبري وأحيانا شخص يريد يخلي الناس تعيد الهلال موجود أراه والهلال أصلا ما موجود هنا كذب مخبري وكذب خبري.

وأحيانا هو يكذب الهلال موجود ولكن فعلا الهلال موجود فهنا كذب مخبري وصدق خبري فالمنجم والكاهن إذا أخبر بخبر هو مكذب كفاعل هو مكذب لكن بلحاظ الواقع الخبر صحيح وصادق هنا يقول كذب المنجمون يعني عندهم كذب مخبري ولو صدقوا يعني ولو كانا خبرهم صادقا في الواقع.

وفي الروايات عنه "صلى الله عليه وآله" من ذلك يعني من تكذيب ما يدعيه المنجمون والإزراء عليهم والتعجيز لهم ما لا يحصى كثرة وكذا عن علماء أهل بيته وخيار أصحابه وما اشتهر بهذه الشهرة في دين الإسلام كيف يفتي بخلافه منتسب إلى الملة ومصل إلى القبلة[2] انتهى كلام الشريف المرتضى "رحمه الله".

الشاهد الثاني كلام العلامة في منتهى المطلب، وقال العلامة في المنتهى بعدما أفتى بتحريم التنجيم وتعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة يعني أنها مؤثرة بنحو العلة التامة أو أن لها ـ للنجوم ـ مدخلا في التأثير والنفع يعني بنحو العلة الناقصة، إذا نرجع إلى أصل الكتاب منتهى المطلب الجزء الثاني صفحة 1014 من النسخة الحجرية في المصدر أو أن لها مدخلا في التأثير بالنفع والضرر.

قال العلامة في المنتهى وبالجملة كل من اعتقد ربط الحركات النفسانية والطبيعية بالحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية كافر انتهى[3] كلامه زيد في علو مقامه.

الشاهد الثالث وقال الشهيد "رحمه الله" في قواعده، كلام الشهيد الأول من أدق العبارات، كلامه موافق للروايات والموازين الفقهية، دقيق جدا كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة له ـ لهذا العالم ـ فلا ريب أنه كافر[4] ، بعد يعتقد هي الخالق.

الشاهد الرابع المحقق الكركي في جامع المقاصد، وقال في جامع المقاصد وأعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية الموجودة في الأرض، ولو على جهة المدخلية يعني ولو على نحو العلة الناقصة يعني لها دخل كما لغيرها دخل يعني علة ناقصة وليست علة تامة، حرام هذا الاعتقاد أن للنجوم تأثير الموجودات السفلية حرام، وكذا تعلم النجوم على هذا النحو أن تعتقد أن للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية بل هذا الاعتقاد في نفسه كفر نعوذ بالله منه[5] ، هذا وليس مجرد تعلم نفس الاعتقاد حرام هذا الاعتقاد كفر.

الشاهد الخامس وقال شيخنا البهائي ما زعمه المنجمون من ارتباط بعد الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إن زعموا أنها يعني الأجرام العلوية هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث يعني الحوادث السفلية تؤثر بالاستقلال يعني بنحو العلة التامة أو أنها شريكة في التأثير يعني التأثير في الحوادث السفلية يعني بنحو العلة الناقصة لها مدخلية، فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده وعلم النجوم المبتنية على هذا كفر يعني أن للأجرام العلوية تأثير أما بنحو العلة التامة أو الناقصة، هذا كفر وعلى هذا حمل ما ورد من التحذير عن علم النجوم والنهي عن اعتقاد صحته[6] يعني تعتقد أنه صحيح بمعنى أن الأجرام العلوية تؤثر في الكائنات السفلية بنحو العلة التامة أو الناقصة.

الشاهد السادس وقال في البحار الشيخ محمد باقر المجلسي لا نزاع بين الأمة في أن من أعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم وهي الخالقة لما فيه، هذا العالم من الحوادث والخيرات والشرور، فإنه يكون كافرا على الإطلاق[7] من الناحية النظرية والعملية.

انواع الكفر (عملي و نظري)

الكفر كفران كفر نظري وكفر عملي الكفر، الكفر النظري كمن يعتقد أن الله اثنين أو ينكر وجود الله ويكون ملحدا فهذا كافر اعتقادا وأحيانا يكون كافر في مقام العمل مثل المسلم الذي يعتقد بوحدانية الله ولكنه لا يصلي ولا يصوم فهذا كافر في مقام العمل كالذي يكفر بنعماء الله ونعمه عليه ومن أصدق ومن أبرز مصاديق الكافر العملي الظالم، الظالم كافر بنعم الله الله ينعم عليه ويستغل نعم الله في الظلم إذن هناك كفر اعتقادي وهناك كفر عملي لذلك تجد السيد الإمام رضوان الله عليه يقول صدام الكافر، الشاه الكافر هذا ليس بمعنى أن الشاه لا يعتقد بوجود الله وأن صدام حسين ما يعتقد بوجود الله، المراد الكافر عملا يعني الشاه محمد رضا بهلوي كان كافرا بنعم الله يستغل نعم الله في ظلم الناس كذلك صدام حسين كان كافرا بنعم الله فلا تقول كيف يكفر من يتشهد الشهادتين ليس المراد الكفر الاعتقادي بل المراد الكفر العملي.

من يعتقد أن الأجرام العلوية تؤثر في الكائنات السفلية إما بنحو الاستقلال أو المدخلية إما بنحو العلة التامة ِأو العلة الناقصة هذا كافر على الإطلاق يعني كافر اعتقادا وعملا، كافر اعتقادا لأنه لا يعتقد أن الله المؤثر يعتقد أن الأجرام هي المؤثرة وكافرا عملا الله "عز وجل" ينعم عليه وهو يكفر بنعمة الله.

لذلك لاحظ العبارة لا نزاع بين الأمة في أن من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم وهي الخالقة له فإنه يكون كافرا على الإطلاق يعني كافر مطلقا من ناحية الاعتقاد ومن ناحية الكفران بنعم الله الكفر العملي.

وعنه في موضع آخر ـ عن صاحب البحار في موضع آخر "رحمه الله" ـ أن القول بأنها علة فاعلية بالإرادة والاختيار يعني لها إرادة ولها اختيار، إلى الفاعلية هي التي تقوم بالأشياء تفعل الأشياء وإن توقف تأثيرها على شرائط أخر[8] ، ربما يتوقف تأثيرها على إذن الله ولكن هي الفاعلة لا أن الله هو الفاعل هي الفاعلة هذا كفر.

الشاهد السابع بل ظاهر الوسائل ـ الشيخ الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة ـ نسبة دعوى ضرورة الدين على بطلان التنجيم والقول بكفر معتقده إلى جمع علمائنا، معتقد التنجيم كافر ونسب هذا إلى جميع علمائنا حيث قال قد صرح علمائنا بتحريم علم النجوم والعمل بها يعني وتحريم العمل بعلم النجوم وبكفر من اعتقد تأثيرها ـ تأثير النجوم ـ أو مدخليتها في التأثير، تأثيرها يعني بنحو الاستقلال علة تامة، أو مدخليتها ـ مدخلية النجوم في التأثير يعني بنحو العلة الناقصة ـ وذكروا أن بطلان ذلك من ضروريات الدين، بطلان يعني تأثير النجوم في الكائنات بنحو الاستقلال أو المدخلية من ضروريات الدين، انتهى كلامه زيد في علو مقامه، إلى هنا بين سبعة شواهد لكلمات علماء الشيعة تدل على كفر التنجيم وكفر المنجم.

الآن يتكلم عن علماء السنة ينقل كلام ابن أبي الحديد المعتزلي، بل يظهر من المحكي عن أبن أبي الحديد أن الحكم كذلك يعني من ضروريات الدين كفر المنجم، أن الحكم كذلك عند علماء العامة أيضا حيث قال في شرح نهج البلاغة إن المعلوم ضرورة من الدين إبطال حكم النجوم وتحريم الاعتقاد بها والنهي والزجر عن تصديق المنجمين وهذا معنى قول أمير المؤمنين “عليه السلام” (فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن واستغنى عن الاستعانة بالله) [9] انتهى كلامه ـ كلام ابن أبي الحديد المعتزلي ـ .

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" الآن في مقام تنقيح كلمات القوم يقول لو تأملنا في ظاهر أكثر هذه العبارات نجد أنها تحكم بكفر المنجم ولا تفرق بين حالات خمس ولكن إذا رجعنا إلى الروايات الشريفة نجد أن الروايات الشريفة ناظرة إلى الحالة الرابعة والخامسة وليست ناظرة إلى الحالة الأولى والثانية والثالثة والشيخ الأنصاري في مفاد المناقشة هو أن الحالة الأولى والثانية والثالثة توجب الكفر قطعا يكون المنجم بناء على المعنى الأول والثاني والثالث كافر لكن بناء على المعنى والرابع والخامس ليس كافرا فلنذكر هذه المعاني الخمسة:

المعنى الأول لزوم إنكار الصانع يعني من يعتقد أن الشمس هي المدبرة القمر هو المدبر أصلا الكون صنع أو الأرض والكائنات صنعتها الأفلاك العلوية استغفر الله هذا ما يرجع إلى إنكار الصانع، قطعا من ينكر الصانع هذا كافر.

الصورة الثانية تعطيل الله "عز وجل" عن التصرف في الموجودات السفلية يعني يؤمن بوجود الله ولكنه لا يؤثر في الموجودات السفلية والذي يؤثر في الموجودات السفلية هي الموجودات العلوية يعني الله "عز وجل" خلق السماوات والأفلاك العلوية ثم هي التي قامت تؤثر هنا يوجد احتمالان الاحتمال الأول أن تكون الأجرام العلوية قديمة كما أن الله قديم والاحتمال الثاني أن تكون الأجرام العلوية حادثة صار قولين فالنتيجة عندنا ثلاثة أقوال القول الأول إنكار الصانع،

القول الثاني ليس فيه إنكار للصانع الله "عز وجل" صنع الأجرام العلوية لكن دوره معطل الأجرام العلوية هي التي تؤثر وهي قديمة،

القول الثالث إن المؤثر هو الأجرام العلوية وهي حادثة والذي أحدثها الله القديم هذه الأقوال الثلاثة توجب الكفر.

أما القول الأول إنكار الصانع هذا واضح أنه يوجب الكفر إنكار الخالقية وأما القول الثاني والثالث تعطيل وجود الله وجعل المؤثر هو الأجرام العلوية إما أنها قديمة كما في القول الثاني أو حادثة كما في القول الثالث فهذا يلزم منه تعطيل التدبير والقيومية والله "عز وجل" هو مدبر الكون إذن الأقوال الثلاثة توجب الكفر ما نحتاج إلى روايات فيها أصلا واضح أنها توجب الكفر، من يعتقد بالتنجيم بهذه الأمور يوجب الكفر يبقى الكلام في المعنى الرابع والمعنى الخامس المعنى الرابع من يعتقد أن حركة الأفلاك تابعة لإرادة الله هنا يوجد احتمالان إما هي مجبولة على الحركة أو مختارة في حركتها.

القول الرابع يرى أن إرادة الله هي المؤثرة في الأفلاك وأن حركة هذه الأفلاك قهرية غير اختيارية فهي مجبولة على الحركة، هذا لا يوجب الكفر.

القول الخامس يرى أن الأفلاك تابعة لإرادة الله وأن حركتها باختيارها لا قهرية لا أنها مجبولة على ذلك هذا أيضا لا يلزم منه الكفر.

الآن الشواهد السبعة ليس كلها كلام الشهيد الأول لا يشملها دقيق كلام الشهيد الأول لكن أكثرها فيها عموم يشمل كل هذه الصور الخمس لأنه بالنتيجة يعتقد إن الأجرام السماوية مؤثرة في الكائنات السفلية حتى لو كانت هي الكائنات العلوية مخلوقة بإرادة الله سواء تحركت بحركة مجبولة أو بحركة اختيارية الرابع والخامس.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول إذا نرجع إلى الروايات الشريفة نستنتج أن من قال بالصورة الرابعة أو الخامسة ليس كافرا يقول الروايات قالت فهو كالكافر ولم تقل فهو كافر فرق بين كافر وكالكافر فقولها كالكافر هذا في تشديد التحريم لا أنها تحكم بكفره وقرينة على ذلك أنه قالت وهو كالكاهن ومن قال إن الكاهن كافر الكاهن ليس بكافر فيصير المنجم والكاهن والساحر ليس كافرا من قال إن الساحر كافر إذا يعتقد بوجود الله ومن قال إن الكاهن كافر إذا يعتقد بوجود الله.

ثم لا فرق في أكثر العبارات المذكورة، لماذا قال أكثر؟ لأنه الشهيد الأول ما ذكر الشهيد الأول ركز على الأمر الأول ناظر إلى الأمر الأول كلامه، بين رجوع الاعتقاد المذكور ـ الصورة الأولى ـ إلى إنكار الصانع جل ذكره كما هو مذهب بعض المنجمين، بعض المنجمين يرى إنكار الصانع وأن الكواكب هي الصانعة هذه الصورة الأولى، وبين تعطيله يعني تعطيل الصانع، تعالى عن التصرف في الحوادث السفلية بعد خلق الأجرام العلوية يعني هو الذي خلق الأجرام العلوية لكن تعطل دوره عن الكائنات السفلية على وجه تتحرك على النحو المخصوص، يعني تتحرك الأجرام العلوية على النحو المخصوص تدور في فك فلكها مدارها الخاص سواء قيل بقدمها يعني بقدم الأجرام العلوية كما هو مذهب بعض آخر هذا القول الثاني أم قيل بحدوثها يعني المحدث هو الله وتفويض التدبير إليها يعني الله "عز وجل" فوض تدبير عالم الأرض إلى الأجرام العلوية كما هو المحكي عن ثالث منهم.

الرابع والخامسة وبين أن لا يرجع إلى شيء من ذلك يعني الصورة الأولى والثانية والثالثة إلى شيء من ذلك الذي هي الأولى إنكار الصانع الثاني تعطيل الصانع والقول بأن الأجرام العلوية واجبة، الثالث تعطيل الصانع والقول بأن الأجرام العلوية محدثة بأن يعتقد أن حركة الأفلاك تابعة لإرادة الله هذا ما يوجب الكفر فهي ـ حركة الأفلاك ـ مظاهر لإرادة الخالق تعالى ومجبولة على الحركة على طبق اختيار الصانع جل ذكره كالآلة يعني هي تتحرك كالآلة فإذا صارت هي المؤثرة يعني الله المؤثر.

الصورة الخامسة أو بزيادة يعني هذا الرابع أن يعتقد أن حركة الأفلاك تابعة لإرادة الله فهي مظاهر لإرادة الخالق تعالى بزيادة أنها مختارة باختيار هو عين اختياره ـ هو اختيار الله ـ يعني ما تختاره الأفلاك هو نفس اختيار الله تعالى، لكن الآن يستدرك يقول كلمات العلماء تشمل الصور الخمسة ظاهر أكثر العبارات يشمل الصور الخمسة لكن من الواضح أن الصورة الأولى والثانية والثالثة توجب الكفر جزما بينما الصورة الرابعة والخامسة لا توجب الكفر ويستدل بثلاث روايات مما تقدم على أن الصورة الرابعة والخامسة لا توجب الكفر لأنها عبرت كالكافر.

قال لكن ـ هذا استدراك على شمول أكثر العبارات للصور الخمس ـ هو يريد أن يبين أن الصورة الرابعة والخامسة ينبغي أن تكون خارجة عن العبارات، فلا يحكم بكفر من قال بالصورة الرابعة والخامسة، أول رواية الرواية التي تقول أن المنجم بمنزلة الكافر والكافر بمنزلة الكاهن، هي قالت كالكافر ولم تقل كافر.

يقول لكن ظاهر ما تقدم في بعض الأخبار من أن المنجم بمنزلة الكاهن الذي هو بمنزلة الساحر الذي هو بمنزلة الكافر لكن ظاهر ما تقدم في بعض الأخبار من عدا الفرق الثلاث الأول يعني الفرق الثلاث الأول قطعا هم كفار في الروايات المتقدمة ناظرة إلى خصوص الصورة الرابعة والخامسة إذ الظاهر عدم الإشكال في كون الفرق الثلاث يعني الفرق الثلاث الأول إنكار الصانع أو تعطيل الصانع على أن تكون الأجرام العلوية قديمة هذا القول الثاني أو تكون الأجرام العلوية حادثة وهذا القول الثالث، إذ الظاهر عدم الإشكال في كون الفرق الثلاث من أكفر الكفار لا بمنزلتهم يعني وليست الفرق الثلاث بمنزلة الكفار هم كفار هذا الاستدراك الأول تمسك برواية أن المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر ولم تقل كافر.

ومنه يظهر يعني من أن الظاهر عدم الإشكال في كون الفرق الثلاث من أكثر الكفار لا أنهم بمنزلة الكفار ومنه يظهر أن ما رتبه “عليه السلام” على تصديق المنجم من كونه تكذيبا للقرآن وكونه موجبا للاستغناء عن الاستعانة هنا يشير إلى مطلب مهم في رواية أمير المؤمنين رواية نهج البلاغة يقول أمير المؤمنين لما قال من صدق المنجم كذب القرآن من استعان بالمنجم لم يستعن بالرسول يقول هذه طريقة يجري عليها العلماء في الاستدلال يريد أن يقول تصديق المنجم يستلزم الاستغناء عن القرآن الاستعانة بالمنجم يستلزم عدم الاستعانة بالنبي "صلى الله عليه وآله" ولذلك هناك مسألة مهمة في كتاب الكفر تذكر وهو أنه إذا شخص جاء بكلام هذا الكلام يلزم منه الكفر فهل يحكم بكفره أو لا؟ الجواب يقولون لا يحكم بكفره إلا إذا كان ملتفتا إلى الملازمة وأقر بالملازمة أما إذا لم يلتفت إلى الملازمة أو التفت إلى الملازمة لكنه لم يقبل بها ألا يكون كافرا، يصير كافر إذا جاء بكلام يلزم منه الكفر وعرف أن هناك لازم التفت إلى اللازم وأقر باللازم وإلا لو التزمنا بأن أي شخص إذا جاء بكلام ويلزم من هذا الكلام الكفر أن يكون كافرا يلزم من ذلك تكفير جميع الفقهاء لأن الفقيه يفتي وقطعا بعض الفتاوى خلاف الواقع لكن هذا الفقيه ما ملتفت إلى أن هذا الحكم خلاف الواقع ولو التفت ما يعتقد به وإلا لو كان الفقيه يعرف أن هذه الفتوى خلاف الواقع وأفتى بها واعتقد باللازم الذي هو خلاف الواقع يلزم أنه قد أفتى خلاف القرآن إذن الإمام علي "سلام الله عليه" لما قال (من صدق المنجم فقد كذب القرآن) يقول الذي يصدق المنجم يستلزم أن يكذب القرآن هذا ليس بمعنى أنه فعلا كذب القرآن يمكن هو ما ملتفت إلى لزوم تكذيب القرآن.

وهكذا قول أمير المؤمنين (من استعان بالمنجم استغنى عن الله واستغنى عن الرسول) يعني يريد ؟؟؟ يلزم أن يستغني وبالتالي هذا وجود الملازمة لا توجب الكفر فهو ليس بكافر إذن الرواية الأولى الرواية أن المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر قالت كالكافر يعني بمنزلة الكافر يعني هو ليس بكافر إذن الصورة الرابعة والخامسة ليس بكافر.

الرواية الثانية رواية أمير المؤمنين في نهج البلاغة أنه من أخذ بكلام المنجم كذب القرآن هذه ناظرة إلى الاستلزام والاستلزام لا يوجب الكفر فهو ليس بكافر.

ومنه يظهر أن ما رتبه “عليه السلام” على تصديق المنجم من كونه تكذيبا للقرآن وكونه موجبا للاستغناء عن الاستعانة بالله في جلب الخير ودفع الشر يراد منه إبطال قوله يعني يراد من كلام الإمام علي إبطال قوله يعني إبطال قول المنجم بكونه يعني بكون قول المنجم مستلزما لما هو في الواقع مخالف للضرورة من كذب القرآن والاستغناء عن الله، هذا كاذب بالضرورة أن الإنسان يخطأ ويكذب القرآن ويستغني عن الله كما هو طريقة كل مستدل، كل مستدل يأتي بلازم وهذا اللازم باطل وهذا التالي الباطل له أمور تترتب عليه فإذا التالي باطل فالمقدم مثله.

ما هي طريقة كل مستدل؟ يقول من إنهاء بطلان التالي إلى ما هو بديهي البطلان عقلا أو بديهي البطلان شرعا أو حسا أو عادة ولا يلزم من مجرد ذلك الكفر يعني ولا يلزم من مجرد ذلك يعني وجود لازم باطل لا يلزم منه الكفر، ولا يلزم من مجرد ذلك الكفر يعني ولا يلزم من مجرد استلزام تكذيب القرآن والاستغناء عن الله لا يلزم منه الكفر وإنما يلزم يعني يلزم الكفر بشرطين:

الأول ممن التفت إلى الملازمة أنه يلزم منه الكفر

ثانيا واعترف باللازم يعني أقر باللازم يصير كافر في هذه الحالة

وإلا يعني لو قلنا بأن الكفر يلزم حتى لو لم يلتفت المتكلم إلى الملازمة ولم يعترف باللازم يلزم وإلا لو قلنا بذلك فكل من أفتى يعني يلزم كفر كل من أفتى بما هو مخالف لقول الله واقعا، إما لعدم تفطنه لقول الله ما فهم قول الله "عز وجل" أو لدلالته لم يتفطن إلى تلك الدلالة يكون مكذبا للقرآن، هذه يكون جوابه وإلا فكل من أفتى بما هو مخالف لقول الله واقعا يكون مكذبا للقرآن.

الرواية الثالثة قول النبي "صلى الله عليه وآله" (من صدق منجما أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد "صلى الله عليه وآله")[10] هذه أيضا لا تدل على الكفر وإنما تدل على كذب المنجم يعني النبي يقول أنا أقول لكم المنجم كذاب الذي يؤمن به يعني يكذب كلامي.

وأما قوله "صلى الله عليه وآله" (من صدق منجما أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد "صلى الله عليه وآله")[11] فلا يدل أيضا على كفر المنجم وإنما يدل على كذبه فيكون تصديقه تكذيبا للشارع يعني يستلزم تكذيب الشارع المكذب له المكذب للمنجم ويدل عليه عطف الكاهن عليه يعني ويدل على عدم كفر المنجم عطف الكاهن على المنجم والكاهن ليس بكافر قطعا.

النتيجة الروايات المتقدمة لا تدل على كفر الصورة الرابعة والصورة الخامسة، النتيجة قال وبالجملة فلم يظهر من الروايات المتقدمة تكفير المنجم بالمعنى الذي تقدم للتنجيم في صدر عنوان المسألة كفرا حقيقيا، في صدر عنوان المسالة ما هو معنى التنجيم قال المعنى التنجيم الذي ذكرناه في صدر عنوان المسألة.

هنا قد يتوهم من هذا الكلام أن المراد بصدر عنوان المسألة أول ما شرع في المسألة السادسة صفحة 201 يعني ما نقله عن المحقق الكركي قال التنجيم حرام وهو كما في جامع المقاصد الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية هذا ظاهر عبارة الشيخ ولكن بمناسبة الحكم والموضوع ليس المراد هذا المراد ما ذكره في الثالث ونص على أنه هو المعنى المصطلح.

الثالث الإخبار عن الحادثات والحكم بها مستندا إلى تأثير الاتصالات المذكورة فيها بالاستقلال أو المدخل وهو المصطلح عليه بالتنجيم هذا الثالث يلزم منه الكفر أما الذي في صدر المسألة ما يلزم منه الكفر.

قال وبالجملة فلم يظهر من الروايات تكفير المنجم بالمعنى الذي تقدم للتنجيم في صدر عنوان المسألة، هذا العنوان في صدر العنوان الذي هو الثالث يعني اعتقاد أن الأجرام العلوية تؤثر في الكائنات السفلية إما بالاستقلال أو بنحو المدخلية هذا واضح أنه يوجب الكفر الروايات ما تشير إلى التنجيم بهذا المعنى لو الروايات أشارت إلى التنجيم بهذا المعنى للزم الكفر إذن الروايات ليست ناظرة إلى الكفر الحقيقي اعتقاد أن الأجرام العلوية هي المؤثرة الروايات في مقام تشديد وتغليظ حرمة التنجيم قالت هو كالكافر.

وبالجملة فلم يظهر من الروايات تكفير المنجم بالمعنى الذي تقدم للتنجيم يعني أن الكائنات العلوية تؤثر في الكائنات السفلية كفرا حقيقيا لم يظهر من الروايات تكفير المنجم كفرا حقيقيا فالواجب الرجوع فيما يعتقده المنجم حتى نحكم أنه كافر أو مسلم نرى اعتقاداته تطابق العقيدة الحقة أو لا فالواجب الرجوع فيما يعتقده المنجم إلى ملاحظة مطابقته لأحد موجبات الكفر من إنكار الصانع أو غيره مما علم من الدين بديهة مثل أن الله هو المدبر والصورة الثانية والثالثة تنكر تدبير الله "عز وجل" ولعله لذا اقتصر الشهيد، ولعله لأنه الذي يوجب الكفر هو إنكار الصانع أو إحدى الأمور البديهية وليس ما ورد في الصورة الرابعة والخامسة ولعله لذا اقتصر الشهيد فيما تقدم من القواعد في تكفير المنجم على من يعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة له إذن ركز على التدبير ولم يكفر غير هذا الصنف كما سيأتي تتمة كلامه السابق ولا شك أن هذا الاعتقاد ـ اعتقاد أن الكائنات العلوية مدبرة للسفلية إما إنكار للصانع أو لما هو ضروري الدين من فعله تعالى، يعني ما ينكر الصانع ولكن ينكر تدبير الصانع مثل الوثنين هم يعتقدون أن الله هو الذي أوجد الكون ولكن هذا اله الرياح هذا إله الأمطار هذا إله كذا يعني هذا إله الخصوبة هذا إله الرزق يعني هذه المدبرات.

وإما لما هو ضروري الدين من فعله تعالى وهو إيجاد العالم وتدبيره، هذا تمام الكلام في التفرقة بين الصور الثلاثة الأولى والحكم بكفر معتقدها وأن هذه الصور الثلاث خارجة عن الروايات الشريفة وبين الصورة الرابعة والخامسة التي نظرت إليها الروايات الشريفة ولا نحكم بكفر معتقدها بل هو كالكافر تغليظا للحرمة.

بل الظاهر من كلام بعض يتطرق إلى كلام السيد عبد الله حفيد السيد نعمة الله الجزائري يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo