< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السابع والسبعون: الوجه الرابع اعتقاد ربط الحوادث بالحركات الفلكية كربط الكاشف بالمكشوف

 

الرابع أن يكون ربط الحركات بالحوادث من قبيل ربط الكاشف بالمكشوف والظاهر أن هذا الاعتقاد لم يقل احد بكونه كفرا.[1]

 

خلاصة درس الأمس

كان الكلام في حرمة التنجيم قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" لكي يتضح المطلب لابد من ذكر أمور وصلنا إلى الأمر الرابع وهو الاعتقاد وذكر ضمن الأمر الرابع عدة أمور وصلنا إلى الأمر الرابع فدرسنا اليوم في الأمر الرابع من الأمر الرابع.

 

درس اليوم

الأمر الرابع أن يعتقد ربط الحركات الفلكية بالحوادث السبلية ويكون الربط من قبيل ربط الكاشف عن المكشوف أي أن الحوادث السفلية الأرضية كوقوع الزلزلة أو سقوط المطر أو انفجار البركان وغيرها مكشوفة يكشف عنها حركة فلكية.

وبعبارة أخرى تكون الحركة الفلكية علامة من علامات وقوع الحوادث السفلية لا أن الحركات الفلكية علل وأسباب للحوادث الأرضية هذا المعنى لا يلزم منه الكفر وهذا المعنى أنه نظر المنجم إلى النجوم وجد اضطرابا في هذه الكواكب قال هناك حدث عظيم سيقع لا مانع من ذلك وهذا المعنى موجود في بعثة النبي "صلى الله عليه وآله" كان مجموعة من المنجمين يراقبون النجوم وقالوا إذا اقترب الفلك من ذلك الفلك سيولد النبي الخاتم سيولد عيسى المسيح “عليه السلام” هذا ليس بمعنى أن تلك الأجرام هي علة للوالدة ولكنها علامة على الوالدة، لا مانع من ذلك.

ثم يذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" عدة كلمات تدل على جواز القول بأن الحركات الفلكية علامات كاشفة وأن الحوادث السفلية أمور مكشوفة وأن هذا لا يستلزم الكفر يذكر كلام الشيخ البهائي "رحمه الله" ثم يؤيد كلام الشيخ البهائي بما يظهر من كلام العلامة الحلي المتقدم وما يظهر من كلام السيد المرتضى رحمة الله عليهما ثم بعد ذلك يذكر إنكار السيد ابن طاووس على السيد المرتضى يعني كأنما السيد ابن طاووس رأيه كرأي العلامة الحلي والشيخ البهائي من أن القول بأن الحركات الفلكية علامات لا يوجب الكفر ولكن السيد ابن طاووس فهم من كلام السيد المرتضى أنه يستشكل في اتخاذ الحركات الفلكية علامات ثم الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يدافع عن السيد المرتضى ويقول إن كلام السيد المرتضى لا يحمل على إنكار كون الحركات الفلكية علامات ثم بعد ذلك يعيد كلام الشيخ البهائي ويستشهد بالروايات ويقول إن ما أفاده الشيخ البهائي موافق للروايات إذن بحثنا اليوم كله قراءة ولكن هذه خلاصته.

 

تطبيق المتن

الرابع أن يكون ربط الحركات بالحوادث يعني ربط الحركات الفلكية العلوية بالحوادث السفلية الأرضية من قبيل ربط الكاشف بالمكشوف، الكاشف هو الحركات الفلكية المكشوف الحوادث الأرضية والظاهر أن هذا الاعتقاد يعني كون الحركات الفلكية علامات لم يقل أحد بكونه كفرا قال شيخنا البهائي الشاهد الأول بعد كلامه المتقدم صفحة 210 في كلامه المتقدم الشيخ البهائي كان ناظرا إلى التنجيم المحرم في هذا الكلام هو ناظر إلى التنجيم المحلل نرجع إلى كلامه صفحة 210 يعني التنجيم المحرم التنجيم المحرم إذا تعتقد أن الأفلاك علة تامة أو علة ناقصة والتنجيم المحلل إذا تعتقد إن الأفلاك هي علامات لا علة تامة ولا علة ناقصة.

[نقرا كلامه صفحة 210 :

وقال شيخنا البهائي ما زعمه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إن زعموا أنها هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال يعني هذه علة تامة أو أنها شريكة بالتأثير هذه علة ناقصة فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده وعلم النجوم المبتني على هذا كفر وعلى هذا حمل ما ورد من التحذير عن علم النجوم والنهي عن اعتقاد صحته هذا التنجيم المحرم التنجيم المحلل الاعتقاد بأن حركة الأفلاك علامات.

صفحة 221 :]

قال شيخنا البهائي بعد كلامه المتقدم الظاهر في تكفير من قال بتأثير الكواكب أو مدخليتها، تأثير الكواكب يعني بنحو العلة التامة أو مدخليتها بنحو العلة الناقصة، ما هذا لفظه وإن قالوا إن اتصالات تلك الأجرام وما يعرض لها من الاوضاع علامات على بعض حوادث هذا العالم السفلي مما يوجده الله سبحانه بقدرته وإرادته يعني الموجد هو الله لا العلامات كما أن حركات النبض واختلاف أوضاعه علامات يستدل بها الطبيب على ما يعرض للبدن من قرب الصحة واشتداد المرض ونحوه يمسك النبض عند الكف أسفل الكف أو نهاية الذارع ويشخص الطبيب وكما يستدل باختلاج بعض الأعضاء يجد أن النجوم فيها اضطراب يقول هناك حادثة ستقع، على بعض الأحوال المستقبلية فهذا لا مانع منه الاستدلال باختلاج بعض الأعضاء على بعض الأحوال المستقبلية ولا حرج في اعتقاده وما روي في صحة علم النجوم وجواز تعلمه محمول على هذا المعنى[2] أنها علامات لا أنها علل أو أجزاء علل انتهى كلامه حديقة الهلالية صفحة 139 تحقيق مؤسسة آل البيت، هذا المؤيد الأول كلام الشيخ البهائي.

الآن يأتي إلى الكلمات المتقدمة ويجعلها مؤيدة، قال ومما يظهر منه خروج هذا يعني كون الحركات الفلكية علامات عن مورد طعن العلماء على المنجمين ما تقدم من قول العلامة الحلي "رحمه الله" إن المنجمين بين قائل بحياة الكواكب وكونها فاعلة مختارة وبين من قال إنها موجبة مجبورة، ما هو وجه الظهور؟ في هذا الكلام كيف يظهر منه الخروج؟

إذا نرجع إلى كلام العلامة الحلي يقول وكلاهما باطل يعني دون ما عداهما وما عداهما العلامات نرجع إلى كلامه صفحة 216 قال العلامة في محكي شرح فص الياقوت صفحة 216 [3] اختلف في قول المنجمين على قولين أحدهما قول من يقول إنها حية مختارة يعني تأثر وهي حية مختارة، الثاني قول من يقول إنها موجبة يعني تؤثر وهي موجبة والقولان باطلان[4] لأنهما مبنيان على التأثير يعني تكون الأفلاك علة أو جزء علة إذن ما عداهما لذلك قال ومما يظهر منه خروج هذا يعني القول بأنها علامات عن مورد طعن العلماء،

ويظهر ذلك من السيد يعني خروج هذا المورد عن مورد طعن العلماء كون النجوم علامات من السيد "رحمه الله" ـ السيد المرتضى ـ حيث قال بعد إطالة الكلام في التشنيع عليهم ـ على المنجمين ـ ما هذا لفظه المحكي، ما هو الحاكي؟ الحاكي مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 76 السيد محمد جواد العاملي طبعا موجود رسائل الشريف المرتضى أربعة أجزاء مطبوعة هذه المجموعة الثانية الجزء الثاني صفحة 302.

قال السيد المرتضى وما فيهم أحد يذهب إلى أن الله تعالى أجرى العادة بأن يفعل عند قرب بعضها من بعض أو بعده يعني بعد بعضها عن بعض يفعل أفعالا من غير أن يكون للكواكب أنفسها تأثيرا في ذلك إذن هم يقولون بتأثير الكواكب.

قال ومن أدعى منهم هذا المذهب الآن أنها لا تؤثر وأنها مجرد جرت العادة يعني علامة، فهو قائل بخلاف ما ذهب إليه القدماء ومتجمل بهذا المذهب عند أهل الإسلام[5] يعني جاء بقول جميل لكي يقترب من أهل الإسلام حتى يقبلونه علماء الإسلام إذن هذا مؤيد كلام الشريف المرتضى.

لكن إذا نرجع إلى كلام السيد ابن طاووس السيد ابن طاووس له كتاب اسمه فرج المهموم مطبوع أيضا محققينه مؤسسة آل البيت نقل عنه وحكا عنه السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 74 هناك أنكر السيد ابن طاووس على الشريف المرتضى ومن إنكاره يتضح أن السيد ابن طاووس فهم إن كلام السيد المرتضى مطلق يشمل من يرى أن الكواكب مؤثرة ومن يرى أنها علامة.

لكن ظاهر المحكي عن ابن طاووس إنكار السيد "رحمه الله" لذلك يعني لمن يقول إن الكواكب علامة من حركات الفلكية علامات للحوادث السفلية حيث إنه ـ السيد ابن طاووس ـ بعد ما ذكر أن للنجوم علامات ودلالات على الحادثات لكن يجوز للقادر الحكيم تعالى أن يغيرها بالبر والصدقة والدعاء وغير ذلك من الأسباب التي ترفع القضاء كصلة الرحم وبر الوالدين وجوز تعلم علم النجوم والنظر فيه والعمل به إذا لم يعتقد أنها مؤثرة يعني أن الحركات الكوكبية مؤثرة، وحمل أخبار النهي على ما إذا اعتقد أنها كذلك يعني إنها علامات وغير مؤثرة بعد ما بين هذا المعنى الذي أجازه ثم أنكر على علم الهدى تحريم ذلك يعني تحريم علم النجوم حتى لو قلنا إن النجوم عبارة عن علامات ولم يعتقد أنها مؤثرة ثم ذكر لتأييد ذلك يعني لتأييد جواز تعلم علم النجوم والنظر فيه والعمل به إذا لم يعتقد أنها مؤثرة ذكر جماعة من الشيعة كانوا عارفين به[6] مثل بني نوبخت علماء شيعة كانوا عارفين بالنجوم انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

الشيخ الأنصاري ينبري للدفاع عن السيد المرتضى وموجها كلامه ومخالفا للسيد ابن طاووس يذكر إشكالين:

الإشكال الأول يقول الشيخ الأنصاري الإحاطة بكون شيء علامة لا يعني الوقوع لأن هذه العلامة قد تعارض بعلامة أخرى فإذا لا يكتفا بالحصول على العلامة فقط بل لابد من الإحاطة التامة بها وبمعارضاتها فمجرد الإحاطة بالعلامة لا يجعل الرأي قطعيا بل لا يجعله ظنيا فضلا عن القطع به هذا الأمر الأول.

يقول كلام السيد علم الهدى هكذا أنه مجرد رأوا علامة قالوا يقع كذا هو أنكر أنه مجرد الإحاطة بالعلامة لوحدها ثم ينبري للدفاع عن السيد المرتضى ويقول السيد المرتضى أنكر شيئين من المنجمين الأمر الأول اعتقاد التأثير من يعتقد أن النجوم السماوية تؤثر في الحركات الأرضية والحوادث الأرضية الأمر الثاني أنكر غلبة الإصابة في إحكامهم من قال إنهم دائما يصيبون بل كثير من إحكامهم خطأ ثم يقول إن الشيخ البهائي "رحمه الله" ذكر كلاما جيدا حيث أنكر الأمرين أولا تأثير النجوم السماوية في الحوادث الأرضية وثانيا أنكر غلبة إصابتهم أما الأمر الأول وهو إنكار التأثير فقد تقدم في كلامه السابق وأما كلامه في إنكار غلبة إصابتهم فسيأتي في كلامه اللاحق الذي نذكره اليوم.

يعلق الشيخ الأنصاري على كلام السيد ابن طاووس قال وما ذكره "رحمه الله" حق أنه إذا قلنا إن النجوم علامات فلا معنى لتحريم ذلك هذا صحيح ولكن من قال إن السيد المرتضى يرى ذلك إلا أن مجرد كون النجوم دلالات وعلامات لا يجدي مع عدم الإحاطة بتلك العلامات ومعارضاتها والحكم مع عدم الإحاطة بها وبمعارضاتها لا يكون قطعيا بل ولا يكون ظنيا والسيد علم الله ـ السيد شريف المرتضى ـ إنما أنكر من المنجم أمرين احدهما اعتقاد التأثير يعني اعتقاد أن النجوم مؤثرة في الحوادث وقد اعترف به السيد بن طاووس اعترف أن اعتقاد التأثير يوجب تحريم علم النجوم والثاني غلبة الإصابة في إحكامهم ـ أحكام المنجمين ـ من قال إن غالبا إحكامهم مصيبة هذا أنكر السيد المرتضى كما تقدم منه ذلك إنكار ذلك في صدر المسالة صفحة 202 وهذا أمر معلوم بعد فرض عدم الإحاطة بالعلامات ومعارضاتها، هم ما يحيطون بالعلامات فمن أين يدركون التأثير وعدم التأثير.

ولقد أجاد شيخنا البهائي أيضا حيث أنكر الأمرين الأول اعتقاد التأثير والثاني غلبة إحكامهم وأصابتها وقال بعد كلامه المتقدم في إنكار التأثير والاعتراف بالأمارة والعلامة هذا كلامه المتقدم الذي ذكرناه سابقا يصلح كشاهد على هذا الذي قراناه صفحة 210 وقال شيخنا البهائي ما زعمه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إن زعموا انها هي المؤثرة في تلك الحوادث هذا إنكار التأثير لذلك لم يكرره هنا الشيخ الأنصاري قال اعلم هذا الشاهد الوجه الثاني إنكار غلبة إصابة المنجمين في إحكامهم.

قال الشيخ البهائي اعلم ان الأمور التي يحكم بها المنجمون من الحوادث الاستقبالية أصول بعضها مأخوذ من أصحاب الوحي "سلام الله عليهم" وبعضها يدعون لها التجربة وبعضها مبتن على أمور متشعبة لا تفي القوة البشرية بضبطها والإحاطة بها كما يومئ إليه إلى أنها مترتبة على أمور متشعبة قول الصادق “عليه السلام” يصف علم النجوم يقول (كثيره لا يدرك وقليله لا ينتج)[7] ولذلك وجد الاختلاف في كلامهم ـ كلام المنجمين ـ وتطرق الخطأ إلى بعض إحكامهم ومن اتفق له يعني وقع له الجري على الأصول الصحيحة صح كلامه وصدقت أحكامه لا محالة كما نطق به الصادق “عليه السلام” ولكن هذا يعني اتفاق الجري على الأصول في كلامه عزيز المنال نادر يعني لا يظفر به إلا القليل والله الهادي إلى سواء السبيل[8] .

الشيخ الأنصاري يعلق على كلام الشيخ البهائي يقول كلام الشيخ البهائي موافق للروايات يقول وما أفاده "رحمه الله" من الاعتراف بعدم بطلان كون الحركات الفلكية أمارات وعلامات هذا أولا وأخرا من عدم النفي في علم النجوم إلا مع الإحاطة التامة هو الذي صرح به الصادق “عليه السلام” في رواية هشام الآتية بقوله إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق[9] يعني المخلوقات اغلب هؤلاء إذا عرفوا مثلا وقت انعقاد النطفة في الرحم يستطيعون أن يتنبئوا بأشياء ولكن الرواية علقت هذا على شيء مستحيل من الذي يعرف مواليد الخلق يعني متى ولدت الشمس ومتى ولد القمر ليس المراد الخلق خصوص الخلق الناس يعني الكائنات مواليد الخلق الكائنات ويدل أيضا على كل من الأمرين الأخبار المتكثرة، الأمر الأول استحالة التأثير الأمر الثاني غلبة عدم الإصابة في كلمات المنجمين، الأمر الأول أن النجوم علامات لكنها ليست مؤثرة فما يدل على الأول هذا من أين الأول والثاني هنا قال وما أفاده "رحمه الله" أولا من الاعتراف بعدم كون الحركات الفلكية أمارات وعلامات بعدم بطلان كونه يعني ممكن أن تكون علامات وآخرا من عدم النفي في علم النجوم إلا مع الإحاطة التامة فما يدل على الأول يعني إن النجوم علامات يبين فما يدل على الأول وهو الأول ثبوت الدلالة والعلامة في الجملة بشكل عام أما أن هذه العلامة هل تدل على أنها مؤثرة أو لا هذا غير معلوم.

الأمر الأول مضافا إلى ما تقدم من رواية سعد المنجم المحمولة بعد الصرف عن ظاهرها، ظاهرها أنها مؤثرة لما الإمام يقول له النجم الذي إذا ظهر هاجت الإبل يعني هو المؤثر ظاهرها يصرفها عن ظاهرها علامة على الهيجان، المحمولة بعد الصرف عن ظاهرها الدال على سببية طلوع الكواكب لهيجان الإبل والبقر والكلاب نحملها على كونها أمارة وعلامة عليه ـ على الهيجان ـ .

الرواية الثانية المروي في الاحتجاج عن رواية الدهقان المنجم الذي استقبل أمير المؤمنين حين خروجه إلى النهروان فقال له “عليه السلام” يومك هذا يوم صعب قد انقلب منه كوكب وانقدح من برجك النيران يعني وطلع من برجك النيران، وليس لك الحرب بمكان فقال “عليه السلام” له (أيها الدهقان المنبأ عن الآثار المحذر عن الأقدار ثم سأله عن مسائل كثيرة من النجوم فاعترف الدهقان بجهلها إلى أن قال “عليه السلام” له أما قولك أنقدح من برجك النيران) الإمام علي يقول له أنت الذي ذكرته لنا لا علينا لأنه إذا أنقدح في برجي النيران يعني النور موجود في برجي والنار انقذفت إلى غيري فهذا تحكم لي ولا تحكم علي أما قولك أنقدح من برجك النيران فكان الواجب أن تحكم به لي لا علي أما نوره وضياءه فعندي يعني في برجي وأما حريقه ولهبه فذهب عني فهذه مسألة عميقة فاحسبها إن كنت حاسبا،[10] الإمام علي يعلمه.

وفي رواية أخرى أنه “عليه السلام” قال له (احسبها إن كنت عالما بالاكوار والأدوار) يعني إذا أنت تعرف المراحل وتعرف ما يموت علمنا قال (لو علمت هذا يعني لو علمت الاكوار والادوار لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة [11] ـ المكان الذي تنبت فيه القصب ـ).

وفي الرواية الآتية لعبد الرحمن بن سيابة هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقف عليه عرف القصب التي في وسط الأجمة وعدد ما عن يمينها وعدد ما عن يسارها وعدد ما خلفها وعدد ما أمامها حتى لا يخفى عليه شيء من قصب الأجمة[12] هذه كلها روايات تؤيد أنه يمكن جعل النجوم علامات لا أنها مؤثرات ولا مانع من ذلك هذه عدة روايات في البحار وفي البحار وجد ـ الشيخ محمد باقر المجلسي صاحب البحار ـ في كتاب عتيق عن عطاء قال قيل لعلي بن أبي طالب “عليه السلام” هل كان للنجوم أصل قال نعم نبي من الأنبياء قال لقومه قال له قومه إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجالهم فأوحى الله "عز وجل" إلى غمامة فأمطرتهم واستنقع حول الجبل ماء صاف ثم أوحى الله "عز وجل" إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء ثم أوحى الله "عز وجل" إلى ذلك النبي أن يرتقي هو وقومه على الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجالهم بمجاري يعني بسبب مجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار كلها عرفوها، وكان أحدهم يعرف متى يموت ومتى يمرض ومنذ الذي يولد له ومنذ الذي لا يولد له فبقوا كذلك برهة من دهرهم ثم إن داود "على نبينا وآله وعليه السلام" قاتلهم على الكفر فاخرجوا إلى داود “عليه السلام” في القتال من يحظر اجله ومن حظر اجله خلفوه في بيوتهم يعني هؤلاء يعرفون لكن يتعمدون، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل من هؤلاء احد فقال داود ربي أقاتل على طاعتك ويقاتل هؤلاء على معصيتك يقتل أصحابي ولا يقتل من هؤلاء احد فأوحى الله "عز وجل" إليه أني علمتهم بدء الخلق وآجالهم وإنما أخرجوا إليك من لم يحظره اجله ومن حظر اجله خلفوه في بيوتهم فمن ثم يقتل من أصحابك ولا يقتل منهم أحد.

قال داود “عليه السلام” ( ربي على ماذا علمتهم قال على مجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار قال فدعا الله "عز وجل" فحبس الشمس عليهم فزاد النهار واختلطت الزيادة بالليل والنهار فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط حسابهم قال علي “عليه السلام” فمن ثم كره النظر في علم النجوم)[13] يعني بسبب تلاعب بني إسرائيل.

وفي البحار عن الكافي عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال (سئل عن النجوم فقال لا يعلمها إلا أهل بيت من العرب وأهل بيت من الهند)[14] وبالإسناد عن محمد بن سالم قال قال أبو عبد الله “عليه السلام” (قوم يقولون بالنجوم اصح من الرؤيا وكان ذلك صحيحا حين لم يرد الشمس على يوشع بن نون وأمير المؤمنين “عليه السلام” فلما رد الله الشمس عليهما ضل فيها علماء النجوم)[15] يعني ما قبل موسى ومحمد "صلى الله عليهما وآلهما".

وخبر يونس بن عبد الرحمن قال قلت لأبي عبد الله “عليه السلام” (جعلت فداك اخبرني عن علم النجوم ما هو؟ قال علم من علوم الأنبياء قال فقلت كان علي بن أبي طالب يعلمه قال كان يعلم الناس به إلى نهاية الخبر) [16] وخبر الريان بن الصلت قال حضر عند أبي الحسن الرضا “عليه السلام” صباح بن نصر الهندي وسأله عن النجوم فقال (هو علم في أصله حق وذكروا أن أول من تكلم به إدريس "على نبينا وآله وعليه السلام" وكان ذو القرنين به ماهرا واصل هذا العلم من الله "عز وجل").[17]

وعن معلى بن خنيس قال سالت أبا عبد الله “عليه السلام” عن النجوم (أهي حق؟ فقال نعم إن الله "عز وجل" بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل فأتى رجلا من العجم فعلمه فلم يستكملوا ذلك فأتى بلد الهند فعلم رجلا منهم فمن هناك صار علم النجوم بها ـ بالهند ـ وقد قال قوم هو علم من علوم الأنبياء خصوا به لأسباب شتى فلم يستدرك المنجمون الدقيق منها فشاب الحق بالكذب)[18] إلى غير ذلك مما يدل على صحة علم النجوم في نفسه، هذا تمام الكلام في ذكر الروايات التي تدل على الأمر الأول وهو أن النجوم علامات وأما المعنى الثاني وهو كثرة الخطأ والغلط في حسابات المنجمين.

وأما ما دل على كثرة الخطأ والغلط في حساب المنجمين فهي كثيرة منها ما تقدم في الروايات السابقة مثل قوله “عليه السلام” في الرواية الأخيرة (فشاب الحق في الكذب) [19] وقوله “عليه السلام” (ضل فيها علماء النجوم) [20] وقوله “عليه السلام” (في تخطية ما ادعاه المنجم من أن زحل عندنا كوكب نحس إنه كوكب أمير المؤمنين والأوصياء "صلوات الله وسلامه عليه وعليهم"[21] وتخطية أمير المؤمنين للدهقان الذي حكم بالنجوم بنحوسة اليوم الذي خرج فيه أمير المؤمنين “عليه السلام”) [22] ومنها خبر عبد الرحمن بن سيابة قال قلت لأبي عبد الله “عليه السلام” (جعلت فداك إن الناس يقولون إن النجوم لا يحل النظر فيها وهي تعجبني فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضر بديني وإن كانت لا تضر بديني فوالله إني لأشتهيها واشتهي النظر فيها فقال ليس كما يقولون لا تضر بدينك ثم قال إنكم تنظرون في شيء كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع) [23] ومنها خبر هشام قال قال لي أبو عبد الله “عليه السلام” (كيف بصرك بالنجوم؟ قلت ما خلفت بالعراق أبصر من نجوم مني ثم سأله عن أشياء لم يعرفها ثم قال فما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي ذاك حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصحابه بالظفر فيلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النجوم فقال قلت لا والله ما أعلم ذلك قال فقال “عليه السلام” صدقت إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم) [24] يعني الله، الله إذا أعطاه العلم مثل الأنبياء والأئمة يستطيع وإلا هذا يشتبه في حساباته.

ومنها المروي في الاحتجاج عن أبي عبد الله “عليه السلام” في حديث (أن زنديقا قال له ما تقول في علم النجوم قال “عليه السلام” هو علم قلة منافعه وكثرة مضاره لأنه لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور إن خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز عن القضاء وإن خبره وبخير لم يستطع تعجيله وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه إلى آخر الخبر)[25] إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أن ما وصل إليه المنجمون أقل قليل من أمارات الحوادث من دون وصول إلى معارضاتها يعني هو لم يلتفت إلى العلامات المعارضة لها.

ومن تتبع هذه الأخبار لم يحصل له ظن بالأحكام المستخرجة عنها فضلا عن القطع يشير في الأخير أنه الأولى أن تتجنب عن النجوم لأنها حرام ولكن الأولى التجنب، نعم قد يحصل من التجربة المنقولة خلافا عن سلف الظن بل العلم بمقارنة حادث من الحوادث لبعض الأوضاع الفلكية هذه بحكم العادة والخبرة، فالأولى التجنب عن الحكم بها ومع الارتكاب فالأولى الحكم على سبيل التقريب وأنه لا يبعد أن يقع كذا عند كذا يعني يحكم بسبيل تقريبا يحصل كذا إذا التقى كذا بكذا يحصل كذا وكذا تقريبا وليس عينا وتحديدا والله المسدد هذا تمام الكلام في الأمر الرابع من الأمر الرابع من المسألة الخامسة وبالتالي انتهينا من المسألة السادسة يقع الكلام في المسألة السابعة وهي مهمة حفظ كتب الضلال حرام يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo