< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثامن والسبعون: المسألة السابعة حرمة حفظ كتب الضلال

 

المسألة السابعة حفظ كتب الضلال حرام في الجملة إلى خلاف كما في التذكرة وعن المنتهى.[1]

هذا البحث من الأبحاث الهامة والعملية فإن الاحتفاظ بكتب الضلال حرام إلا للرد عليها.

 

خلاصة درس اليوم

يقع الكلام أولا في مدرك هذه المسألة فهل الدليل على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال هو الأدلة اللفظية أو الأدلة اللبية كالإجماع فإذا كان الدليل هو الأدلة اللفظية فحينئذ يتمسك بالإطلاق وإن كان الدليل هو الأدلة اللبية كالإجمال فحينئذ يقتصر فيها على القدر المتيقن من هنا شرع الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" في بيان أدلة المسألة ثم بعد ذلك شرع في بيان مفهوم كتب الضلال وقد طرح معنيين وللمعنى الثاني مصداقيين وتفصيله كما يلي:

 

تفصيل درس اليوم

الكتب الضلال ما هي؟

المعنى الأول المراد بكتب الضلال هي الكتب التي مضمونها ضلال وبناء على هذا المعنى فإن عنوان كتب الضلال يشمل الكثير من كتبنا الفقهية والعقائدية وما شاكل ذلك فنحن نقطع أن بعضها مخالف للواقع فالمجتهد حينما يجتهد في المسألة يفتي بما يبرأ ذمته فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى ظاهرا لكن حكمه الظاهر قد يخالف حكم الله الواقعي فإذا التزمنا أن كتب الضلال هي الكتب التي مضمونها ضلال فهذا العنوان قد يصدق على بعض ما في كتبنا لأننا قد نطمئن أو نقطع أن بعضها مخالف للواقع لكننا لا نعلم بذلك إذن المعنى الأول لكتب الضلال أن المراد بكتب الضلال الكتب التي فيها مضامين مظلة غير صحيحة هذا قد يكون بعيد كل البعد.

المعنى الثاني المراد بكتب الضلال هي كتب الإضلال أي الكتب التي توجب الضلالة ولها مصداقان:

المصداق الأول الكتاب الذي وضع للإضلال فأساس وضعه إضلال الآخرين ككتب التبشير التي تبشر للمسيحية أو كتب الوهابية في محاربة عقائد الشيعة الإمامية وغيرهما من كتب المغرضين التي كتبت بغرض حرف المسلمين الحقيقيين عن دينهم الحق فهذه كتب إضلال أي وضعت للإضلال.

المصداق الثاني الكتب التي من شأنها الإضلال وإن كانت مضامينها حقة ككثير من كتب الفلاسفة والعرفاء خصوصا كتب العرفان فإن ظاهر الكثير منها مشكل وهم يدعون أن المراد منها معنى باطني ويراد منها خلاف الظاهر فإن هذه الكتب التي ظاهرها يوجب الإشكال وإن كان واقعها صحيحا إلا أنه يصدق عليها أنها كتب ضلال أي كتب إضلال وإن كانت مطالبها حقة لو سلمنا جدلا أن مطالبها محقة.

شيخنا الأنصاري ماذا تقول؟ هل تقول بالمعنى الأول كتب الضلال يعني التي مضامينها ضلال أو المعنى الثاني كتب الضلال يعني الكتب التي توجب الإضلال سواء وضعت للإضلال أو هي صحيحة لكنها توجب الإضلال.

مراد الشيخ من الكتب الضلال

الشيخ الأنصاري لا يصرح بذلك ولكن من ثنايا كلامه يقول إن كان الدليل هو الإجماع أو التمسك بقولهم لا خلاف فإن الإجماع دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن والقدر المتيقن هو المعنى الثاني أي الكتب التي توجب الإضلال نعم لو ادعينا أن معقد الإجماع أو معقد نفي الخلاف مطلق يشمل الكتب التي مضامينها مضلة كما في المعنى الأول ويشمل الكتب التي توجب الإضلال كما في المعنى الثاني فحينئذ نتمسك بالقول المطلق نظرا لإطلاق معقد الإجماع لكن لا دليل على إطلاق معقد الإجماع فنقتصر على القدر المتيقن وهو خصوص القول الثاني.

ثم يذكر الشيخ الأنصاري شواهد من كلام الشيخ الطوسي في المبسوط وغيره ويتلكم عن بعض المصاديق كالتوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب المنسوخة بشريعة نبينا "صلى الله عليه وآله" والتمسك بهذه الكتب قبل النسخ أو بعد النسخ قبل تحريفها أو بعد تحريفها هذا ما يقع الكلام فيه تباعا ولكن لب المطلب ما ذكرناه.

 

تطبيق المتن

المسألة السابعة حفظ كتب الضلال، طبعا الحكم يترتب باختلاف المعنى إذا قلنا كتب الضلال يعني التي مطالبها ضلال هذا نفس حفظها حرام أما إذا قلنا حفظ كتب الضلال يعني الإضلال لو احتفظ بها لكن لم تضله لا يكون حرام مثلا احتفظ بها كزينة كثير من الناس يأخذ كتب يعلقها كزينة كأنها مزهرية أو احتفظ بها لمصلحة أهم مثلا عنده مشروع عمل مكتبة عامة تحوي كتب العالم جمع الغث والسمين في هذه المكتبة هو أصلا ما يقرأ ولا هوايته أن يقرأ ولكن عنده غرض أن يجمع هذه الكتب فصار هدفه أهم وهو جمع التراث وحفظ التراث وهذا الهدف الأهم مقدم على المفسدة الأخص بل المفسدة غير متحققة بالنسبة إليه ويمكن ما يعير هذا الكتاب إلا لأهل الاختصاص للرد عليه.

المسألة السابعة حفظ كتب الضلال حرام في الجملة يعني في بعض الموارد والمصاديق لا بالجملة لا في جميع المصاديق، حرام في الجملة يعني إذا لم يرد عليها ولكن في بعض الموارد ليس بحرام إذا احتفظ بها للرد عليها.

حفظ كتب الضلال حرام في الجملة بلا خلاف كما في التذكرة[2] ـ العلامة الحلي ـ وعن المنتهى[3] أيضا للعلامة الحلي لكن الشيخ ينقل من التذكرة مباشرة ؟؟ ينقل عما حكي عن منتهى الأحكام للعلامة الحلي هنا بلا خلاف هذه في قوة الإجماع بعضهم يقول الإجماع الأقوى من اللا خلاف الإجماع يتضمن دخول المعصوم "عليه السلام" ولكن لا خلاف لا يدخل فيه المعصوم وبعضهم يقول لا خلاف هو لا يقل عن قولهم معقد الإجماع.

ويدل عليه ـ على حرمة حفظ كتب الضلال ـ الدليل الأول مضافا إلى حكم العقل بوجوب قطع مادة الفساد العقل يحكم أن مادة الفساد يجب قطعها ويضام إلى هذا الكلام مقدمة كبرى وهي كل ما حكم به العقل حكم به الشرع فيحكم الشرع بوجوب قطع مادة الفساد وبوجوب إتلاف كتب الضلال.

الدليل الثاني والذم المستفاد من قوله تعالى (﴿ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله﴾[4] ) هذا يشتري لهو الحديث حينما يحتفظ بكتب الضلال.

الدليل الثالث والأمر بالاجتناب عن قول الزور في قوله تعالى (﴿واجتنبوا قول الزور﴾[5] )

الدليل الرابع قوله "عليه السلام" فيما تقدم من رواية تحف العقول (إنما حرم الله تعالى الصناعة اليجيء منها الفساد محضا إلى آخر الرواية[6] ) بل قوله "عليه السلام" قبل ذلك ـ قول الإمام الصادق ـ (أو ما يقوى به الكفر في جميع وجوه المعاصي أو باب يوهن به الحق[7] ) هذه العناوين كلها تصدق على الاحتفاظ بكتب الضلال.

الدليل الخامس وقوله "عليه السلام" في رواية عبد الملك المتقدمة حيث شكا إلى الصادق "عليه السلام" (أني بليت بالنظر في النجوم فقال "عليه السلام" أتقضي؟ قلت نعم قال أحرق كتبه[8] ) هنا أحرق الكتب هل الأمر مولوي أو أرشادي، إذا الأمر إرشادي يعني الإمام أرشده أحرق الكتب فإذا أحرقت الكتب لن تستطيع القضاء لأنه لا توجد لديك مادة القضاء هنا لا تثبت الحرمة لأن الأمر الإرشادي إما إذا حملنا الأمر على أمر مولوي يجب عليك أن تحرق الكتب لكي لا تتمكن من القضاء هنا تثبت الحرمة.

بناء على أن الأمر ـ أحرق ـ للوجوب دون الإرشاد للخلاص من الابتلاء بالحكم بالنجوم يعني ليس حكما إرشاديا، للخلاص يعني للتخلص من الابتلاء بالحكم بالنجوم، هنا هذه الرواية الإمام فصّل أتقضي؟ يعني إذا تقضي أحرق كتبك إذا ما تقضي لا تحرق كتبك من هذا الاستفصال يعلم أنه نفس الاحتفاظ ليس حراما وإنما الاحتفاظ الموجب للوقوع في القضاء.

قال ومقتضى الاستفصال في هذه الرواية أنه إذا لم يترتب على إبقاء كتب الضلال مفسدة وهي القضاء لم يحرم هذا التفصيل أيضا يفهم من رواية تحف العقول ما يجيء منه الفساد يعني إذا تقضي يأتي الفساد يحرم ما تقضي ما يحرم بالتالي الاحتفاظ بما هو هو الاحتفاظ بكتب الضلال بما هو هو ليس عنوانا للتحريم عنوان التحريم ما يوجب الفساد يعني حفظ كتب الضلال إذا لزم منه الفساد يحرم وإلا فلا.

قال وهذا أيضا يعني وهذا الاستفصال أيضا مقتضى ما تقدم في رواية تحف العقول من إناطة التحريم بما يجيء منه الفساد محضا ـ خالصا ـ نعم قد واحد يتصور مصلحة موهومة أو نادرة جدا هو الآن يدرس في الحوزة ويأخذ له كتاب في السحر أو في الشعوذة أو يأخذ له كتاب في التوراة والإنجيل المحرفة وإذا سألته لماذا اشتريت الكتاب؟ يقول لكي أرد عليه أنا إن شاء الله بعد عشرين سنة أصبح عالما وأرد عليه، ما معلوم هو يصير عالم أصلا ما معلوم أنه يواصل في الحوزة العلمية فهذه مصلحة موهومة خصوصا إذا هو يبين عليه من بداياته أنه سوف لا يواصل، أصلا في هذا الطريق متغوي.

أو لا مصلحة نادرة لا فعلا هذا واقعا فيه المؤهلات لكن مو معلوم أنه يعيش بعد عشرين سنة فإذا كانت المنفعة أو المصلحة موهومة أو نادرة حرم الاحتفاظ بكتب الضلال.

قال الشيخ الأنصاري نعم ـ هذا استدراك على أن التحريم مناط بما يجيء منه الفساد محضا ـ يعني الآن ما في فساد ولكن في المستقبل قد يتحقق الفساد، نعم المصلحة الموهومة أو المحققة النادرة لا اعتبار بها فلا يجوز الإبقاء بمجرد احتمال ترتب مصلحة على ذلك يعني على حفظ كتب الضلال مع كون الغالب ترتب المفسدة، في الغالب الناس تنحرف من هذه المفسدة، وكذلك المصلحة النادرة الغير معتد بها.

وقد تحصل من ذلك أن حفظ كتب الضلال لا يحرم يعني ليس نفسه عنوان ورد في الروايات نصت على تحريمه الحرمة من جهة المفسدة، أن حفظ كتب الضلال لا يحرم إلا من حيث ترتب مفسدة الضلالة قطعا أو احتمالا قريبا فإن لم يكن كذلك يعني لم تكن المفسدة قطعا أو احتمالا قريبة أو كانت المفسدة المحققة معارضة بمصلحة أقوى مثل تأسيس مكتبة عامة لحفظ الآثار والتراث أو عارضت المفسدة ـ مفسدة الاحتفاظ بكتب الضلال ـ المتوقعة عارضتها مصلحة أقوى أو مصلحة أقرب وقوعا منها وهي الرد هذه مصلحة أقوى وأقرب أن هذا عالم إذا أخذ الكتاب رد عليه فلا دليل على الحرمة إلا أن يثبت إجماع يعني إجماع على الحرمة مطلقا يعني نفس عنوان كتب الضلال يوجب حرمة الاحتفاظ إما نلتزم بوجود الإجماع أو أن معقد الإجماع مطلق يعني كتب الضلال يحرم الاحتفاظ بها مطلقا أضلتك أو لم تضلك أو يلتزم بإطلاق عنوان معقد نفي الخلاف يعني نفي الخلاف، هذا نفي الخلاف الذي لا يقصر عن نقل الإجماع يعني نفي الخلاف المنقول هو بمثابة ورتبة الإجماع المنقول ومعقد نفي الخلاف نفي الخلاف انعقد على مطلق الاحتفاظ سواء حصلت الضلالة أو لم تحصل اوجب الإضلال أو لم يوجب وحينئذ يعني وحينئذ كان دليل حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال هو الإجمال أو إطلاق معقد الإجماع فما هو معنى كتب الضلال.

وحينئذ فلابد من تنقيح هذا العنوان ـ كتب الضلال ـ وأن المراد بالضلال ما يكون باطلا في نفسه هذا المعنى الأول يعني الكتب التي مضامينها ضلال، فالمراد الكتب المشتملة على المطالب الباطلة أو أن المراد به ـ بكتب الضلال ـ مقابل الهداية يعني كتب الإضلال يعني كتب الغواية في مقابل الهداية يعني كتب الإضلال هذا المعنى الثاني.

المعنى الثاني له مصداقان المصداق الأول فيحتمل أن يراد بكتبه كتب الضلال بناء على انه مقابل للهداية ما وضع لحصول الضلال يعني ما وضع للإضلال هذا المصداق الأول، المصداق الثاني وأن يراد ما أوجب الضلال يعني مقتضى الضلال والإضلال وإن كان مطالبها حقة كبعض كتب العرفاء والحكماء ـ الفلاسفة ـ المشتملة على ظواهر منكرة ظاهرها منكر الشاب الامرد وغيره أو شرب الخمر هذا موجود في كلمات العرفاء تشبيه الله بالشاب الأمرد وشرب الخمر، هم يقولون هذا كناية عن شيء معين يراد به خلاف الظاهر.

كبعض كتب العرفاء والحكماء المشتملة على ظواهر منكرة يدعون أن المراد غير ظاهرها فهذه أيضا كتب ضلال على تقدير حقيتها يعني على افتراض حقيتها يعني لو سلمنا أن مطالبها حقة الآن بعد أن نقح المطلب يتكلم عن المصاديق:

المصداق الأول ثم الكتب السماوية المنسوخة غير المحرفة لا تدخل في كتب الضلال يعني صحف إبراهيم وموسى توراة موسى زبور داود إنجيل عيسى غير المحرف هذا ليس بكتاب ضلال، مؤيد لقرآن محمد "صلى الله عليه وآله" وأما المحرفة كالتوراة والإنجيل على ما صرح به جماعة المحقق الكركي صرح بأنها محرفة وكذلك العلامة في التذكرة والفاضل المقداد السيوري في التنقيح الرائع لمختصر الشرائع فهي داخلة في كتب ضلال بالمعنى الأول بالنسبة إلينا.

الكتب المحرفة بالنسبة إلى المسلمين كتب ضلال بالمعنى الأول يعني مضامينها ضلال لأنها محرفة بالنسبة إلى المسيحيين مضامينها ليست ضلال مضامينها حق لكن بالنسبة إلى المسلمين بالمعنى الأول تصير كتب ضلال يعني مضامينها ضلال.

يقول وأما المحرفة كالتوراة والإنجيل على ما صرح به جماعة[9] فهي داخلة في كتب الضلال بالمعنى الأول يعني الكتب التي مضامينها ضلال، بالنسبة إلينا حيث إنها لا توجب للمسلمين بعد بداهة نسخها ضلالة بعد لا تصير بالنسبة إلينا كتب إضلال لأن نعتقد أنها محرفة.

نعم توجب الضلالة لليهود والنصارى قبل نسخ دينهما يعني لا بعد نسخ دينهما، قبل النسخ هذه الكتب المحرفة توجب الضلالة لكن بعد النسخ لا توجب الضلالة بعد النسخ الذي أوجب الضلالة هو بقائهم على المسيحية واليهودية وليس التوراة والإنجيل إذن قبل نسخ التوراة والإنجيل يعني قبل مجيء النبي محمد "صلى الله عليه وآله" قبل بعثة النبي، ببعثة النبي نسخت التوراة والإنجيل قبل النسخ تصير التوراة والإنجيل المحرفتان يضلون لكن بعد النسخ ما يضلون الذي يضل بقاءهم على المسيحية واليهودية فالأدلة المتقدمة لا تدل على حرمة حفظها لعدم تحقق الإضلال يعني الفساد محضا ما يتحقق.

قال "رحمه الله" في المبسوط، الآن هذا يأتي بشواهد على حرمة الاحتفاظ بها المفروض يأتي بكلمة هنا يقول لكن بعض الفقهاء أفتوا بحرمة الاحتفاظ بها ويذكر الشواهد هذا شاهد على العكس.

قال "رحمه الله" في المبسوط في باب الغنيمة من الجهاد، فإن كان في المغنم كتب فإن كانت مباحة يجوز اقرار اليد يعني وضع اليد عليها مثل كتب الطب والشعر واللغة والمكاتبة فجميع ذلك غنيمة وكذلك المصاحف وعلوم الشريعة الفقه والحديث لأن هذا مال يباع ويشترى يعني له مالية أما كتب الضلالة ليس لها مالية ما دام لها ما لها مالية يشوف إذا الغلاف المقوى جيد يمكن أن يستفاد من جلدها يستفاد منه.

وإن كانت كتبا لا يحل إمساكها كالكفر يعني ككتب الكفر والزندقة وما أشبه لذلك كتب السحر والكهانة فكل ذلك لا يجوز بيعه، لماذا لا يجوز بيعه؟ لأنه لا مالية له، فإن كان ينتفع بأوعيته كالجلود ونحوها فإنها غنيمة وإن كان مما لا ينتفع بأوعيته كالكاغذ فإنه يمزق ولا يحرق إذ ما من كاغذ ـ ورق ـ إلا وله قيمة وحكم التوراة والإنجيل هكذا كالكاغذ كالورق فإنه يمزق لأنه كتاب مغير مبدل.

وكيف كان فلم يظهر من معقد نفي الخلاف إلا حرمة ما كان موجبا للضلال وهو الذي دل عليه الأدلة المتقدمة يعني كيف كان ما ذهب إليه الشيخ الطوسي "رحمه الله" الآن يتكلم عن كتب باطلة لكن لا توجب الضلال، هل يجب إتلافها أو لا، هل يحرم الاحتفاظ بها أو لا.

نعم ما كان من الكتب جامعا للباطل في نفسه من دون أن يترتب عليه ضلالة يقول نفرق بين بيعها وبين الاحتفاظ بها الاحتفاظ بها يجوز لكن بيعها لا يجوز لأنه لا مالية لها يعني الآن واحد مسلم أخذ كتاب هندوسي يقرأه ؟؟ يعني يضحك فقط للضحك وللتسلية هذا ما يوجب ضلالة فهنا لا يحرم الاحتفاظ به ولكن لا يجوز بيعه لأنه لا مالية له.

نعم ما كان من الكتب جامعا للباطل في نفسه من دون أن يترتب عليه ضلالة لا يدخل تحت الأموال فلا يقابل بالمال لعدم المنفعة المحللة المقصودة فيه هذا الأمر الأول لا توجد فيه منفعة محللة مقصودة عند العقلاء، مضافا إلى آيتي لهو الحديث وآية قول الزور (﴿ومن الناس من يشتري لغو الحديث واجتنبوا قول الزور﴾[10] ) أما وجوب إتلافها فلا دليل عليه لأنها لا توجب الضلالة.

كثير من طلاب العلم عندهم كثير من كتب المخالفين والمخالفين يحاولون يثبتون خلافة أبي بكر وعمر وعثمان بعد النبي وتقديم الثلاثة على علي وهذا الشيعي لا يهتز إلى أدلتهم يحرم عليه أن يحتفظ بها؟ ما يحرم عليه إذا يحرم عليه أكثر مكتبات طلبة العلوم أحرقها، نعم بالنسبة إلى بيعها وشرائها يصير مشكل لأنه لا مالية لها، لا مالية لخصوص المطالب الباطلة لكن ليس كلها مطالب باطلة بعضها مطالب حقة فبالتالي تبطل المعاملة بمقدار المطالب الباطلة الموجودة ومما ذكرنا ظهر حكم تصانيف المخالفين في الأصول والفروع والحديث والتفسير وأصول الفقه وما دونها من العلوم فإن المناط في وجوب الإتلاف جريان الأدلة المتقدمة فإن الظاهر عدم جريانها ـ الأدلة المتقدمة ـ في حفظ شيء من تلك الكتب إلا القليل مما ألف في خصوص إثبات الجبر ونحوه لأنهم مجبرة أشعريين السنة في العقائد أشعريين مجبرة، واثبات تفضيل الخلفاء الثلاثة أو فضلائهم وشبه ذلك ومما ذكرنا أيضا أن الكتب التي فيها باطل التي لا توجب الضلالة فهذه لا يصح بيعها لكن يجوز الاحتفاظ بها.

يعرف وجه ما استثنوه في المسألة من الحفظ يعني حفظ كتب الضلال للنقض يعني للنقض عليها والاحتجاج على أهلها، أو الاطلاع على مطالبهم ليحصل به التقية، تعرف دينهم وتتقيهم أو غير ذلك.

ولقد أحسن جامع المقاصد حيث قال إن فوائد الحفظ كثيرة[11] منها الرد عليهم منها معرفة التقية، ومما ذكرنا أيضا يعرف حكم ما لو كان بعض الكتاب موجبا للضلال يعني بعضه موجب للهداية وبعضه موجب للضلال يصير البيع بملاحظة مقدار ما يوجب الضلال غير صحيح لأنه لا مالية له.

فإن الواجب رفعه ـ رفع ما يوجب الضلال ـ ولو بمحو جميع الكتاب إلا أن يزاحم مصلحة وجوده لمفسدة وجود الضلال، هنا في التزاحم يقدم الأهم من المهم إذا كان مثلا الهداية والرد على هذه الكتب وتوعية المؤمنين أو معرفة وجوه التقية أهم من مفسدة الاحتفاظ بها فحينئذ يجوز.

ولو كان باطلا في نفسه كان خارجا عن المالية يعني لو كان الكتاب باطل في نفسه تكون لا مالية له ولا يجوز بيعه فلو قوبل بجزء من العوض المبذول يبطل المعاوضة بالنسبة إليه ثم الحفظ المحرم لا يراد به خصوص الاحتفاظ كوديعة يشمل الحفظ في القلب وغيره، ثم الحفظ المحرم يراد به الأعم من الحفظ بظهر القلب والنسخ كتابته والمذاكرة ـ المباحثة فيه ـ وجميع ما له دخل في بقاء المطالب المضلة، هذا تمام الكلام في المسألة السادسة حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال، المسألة الثامنة الرشوة حرام يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo