< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس التاسع والسبعون: المسألة الثامنة في حرمة الرشوة

 

خلاصة درس اليوم

حرمة الرشوة تختص بخصوص القضاء ولا تشمل سائر المعاملات الإدارية وغيرها مما لا يتعلق بالقضاء والقاضي.

والصور التي قد تتصور في المسالة أربع:

الصورة الأولى أن يدفع المال إلى القاضي لكي يترافع ويقضي فالقاضي لا يتصدى للقضاء إلا إذا دفع له وإن كان يقضي بالحق ففي الصورة الأولى يدفع المال إلى القاضي على أصل القضاء وأصل الترافع.

الصورة الثانية أن يدفع المال إلى القاضي لكي يقضي له بالباطل.

الصورة الثالثة أن يدفع المال إلى القاضي لكي يقضي له بالحق.

الصورة الرابعة أن يدفع المال إلى القاضي من أجل قضاء حاجة وليس المورد من موارد المرافعات الشخصية كما لو دفع مالا للقاضي لكي يطلق سراح سجين أو سجناء أو دفع المال إلى القاضي لكي يسهل بعض الأمور أو يصدر قرارا لخدمة المؤمنين أو خدمة الناس أو خدمة الاشراف.

إذن الصورة الأولى يدفع المال إلى القاضي لكي يتصدى للقضاء فيكون المال على أصل القضاء بقطع النظر عما يقضي به بينما الصورة الثانية يدفع المال للقاضي لكي يقضي له بالباطل والصورة الثالثة يدفع المال للقاضي لكي يقضي له بالحق والصورة الرابعة لا تشمل الموارد المرافعات الشخصية وإنما يدفع المال للقاضي لكي يقضي حاجة معينة كإطلاق سجين مثلا.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يذكر الأدلة وهي من الكتاب والسنة ثم يذكر كلمات اللغويين أول ما يتطرق إلى كلمات الفيروز آبادي في القاموس المحيط وهي ظاهرة في المعنى الأول أن يكون المال والجعل على أصل القضاء ثم يتطرق إلى رأي فخر الدين الطريحي وهو ظاهر في خصوص المعنى الثاني أن يدفع المال إلى القاضي لكي يقضي له بالباطل ثم يتطرق إلى رأي الفيومي في المصباح المنير والنهاية لابن الأثير وكلام النهاية والمصباح ظاهر في القول الثاني والثالث يعني أن يدفع المال لكي يقضي له إما بالحق أو الباطل ثم يخلص الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في النهاية إلى هذا الرأي أن المراد بالرشوة أن يدفع المال لكي يقضى له إما بالحق أو بالباطل فرأي الشيخ الأنصاري يشمل الصورة الثانية والثالثة دون الصورة الأولى.

 

تطبيق المتن

المسألة الثامنة يعني من النوع الرابع من المكاسب المحرمة، الرشوة حرام يقع الكلام في الحكم والموضوع ابتدأ بالحكم الرشوة حرام، وفي جامع المقاصد[1] للمحقق الكركي والمسالك[2] للشهيد الثاني أن على تحريمها الرشوة إجماع المسلمين سنة وشيعة إذن الدليل الأول الإجماع، الدليل الثاني ويدل عليه الكتاب كقوله تعالى (﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام﴾ ـ الكثير من الآيات والروايات الحاكم بمعنى القاضي ـ ﴿لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون﴾)[3] قال الجوهري في الصحاح قوله وتدلوا بها إلى الحكام يعني الرشوة[4] ويدل عليه الكتاب والسنة، السنة الدليل الثالث وفي المستفيضة يعني في الروايات المستفيضة أنه ـ الرشوة ـ كفر بالله العظيم أو شرك وليس المراد أن الرشوة تستلزم حصول الكفر والشرك بالله وليس المراد أن الرشوة هي كفر وشرك بالله وإنما المراد أنها منزلة منزلة الكفر فكما أن الكفر والشرك فيه مبغوضية شديدة كذلك الرشوة فيها مبغوضية شديدة ففي رواية الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين "عليه السلام" قال (أيما وال احتجب عن حوائج الناس ـ المراد بالوالي كل من يلي أمر الناس مطلقا ليس المراد خصوص الأمير أو الملك ـ احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه وإن أخذ هدية كان غلولا يعني خيانة، وإن أخذ رشوة فهو مشرك)[5] كما أن الشرك حرام كذلك أخذ الرشوة حرام.

وفي الخصال الشيخ الصدوق في الصحيح رواية صحيحة عن عمار بن مروان قال كل شيء غل من الإمام يعني أخذ خيانة من الإمام، فهو سحت ـ السحت الحرام الشديد ـ والسحت أنواع كثيرة منها ما أصيب يعني ما حصل عليه من إعمال الغلاة الظلمة ومنها أجور القضاة هنا أجور القضاة يعني الجعل الذي يجعل للقاضي لكي يقضي ويترافع هنا أجر القاضي ينسجم مع المعنى الأول يعطى المال لكي يترافع لكي يقضي بين المترافعين والمتخاصمين، وأجور الفواجر ـ الزنا وغير ذلك ـ وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة يعني بعد التبين ليس المراد بالبينة شاهدين عادلين أو أربعة شهود الربا بعد البينة يعني بعد التبين الحرام له يعني عرف أن هذا ربا وحرام وأقدم على ذلك هذا سحت ـ وأما الرشا في الأحكام يا عمار فهو الكفر بالله العظيم[6] هنا جعل وأما الرشا في مقابل أجور القضاة هذا قرينة على أن المراد بالرشوة ليس هو المعنى الأول لو كان المراد بالرشوة هو المعنى الأول للزم التكرار المعنى الأول دفع المال إلى القاضي لكي يقضي هذا هو عبارة عن أجور القضاة فجعل الرشا في مقابل أجور القضاة يعني أجرة القضاة هذا المعنى الأول المال لكي يقضي الرشا لكي يقضي له إما بالحق أو الباطل وأما الرشا في الأحكام يا عمار فهو الكفر بالله العظيم ومثلها رواية سماعة عن أبي عبد الله "عليه السلام" [7] ـ الإمام الصادق ـ وفي رواية يوسف بن جابر هذه الرواية سنعود عليها لكي نعرف أنها ظاهرة في المعنى الأول أو الثاني الآن رواية الخصال واضح أنها ظاهرة في المعنى الثاني والثالث لأن الرشا في الأحكام يعني لكي يحكم يرشوا يحكم إما بالحق أو الباطل.

وفي رواية يوسف بن جابر (لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له ورجلا خان أخاه في امرأته ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة الشاهد)[8] ورجلا احتاج الناس إليه بفقهه فسألهم الرشوة هنا احتاج الناس إليه لفقهه هذا يحتمل المعنى الأول يعني هو لكون عنده فقه احتاجوا إليه فطلب منهم الرشوة لكي يعطيهم من فقهه فهذا ظاهر في المعنى الأول أو المعنى الثاني لكي يحكم له بالحق بقرينة احتاج الناس إليه، لماذا خصصناه بالمعنى الثاني دون الثالث؟ الرواية تقول احتاج الناس إليه لفقهه يعني لفقهه الصحيح يعني سيحكم لهم بالحق إذن الرواية يحتمل فيها المعنى الأول ويحتمل فيها المعنى الثاني لذلك يقول صاحب المكاسب الشيخ الأنصاري وظاهر هذه الرواية سؤال الرشوة لبذل فقهه فتكون ظاهرة في حرمة أخذ الرشوة للحكم بالحق، هذا المعنى الثاني أو للنظر في أمر المترافعين يعني حرمة أخذ الرشوة للنظر في أمر المترافعين هذا المعنى الأول يعني لكي ينظر في أمر المترافعين ويقضي ليحكم بعد ذلك ـ بعد أخذ الرشوة ـ بينهما بالحق من غير أجرة.

بعد أن انتهى من الروايات يتطرق إلى كلمات اللغويين يقول هذا المعنى الأول أنه للنظر في أمر المترافعين وهذا المعنى الأول وهذا الذي استظهر من هذه الرواية هو ظاهر القاموس يقول وهذا المعنى يعني اخذ الرشوة للنظر في أمر المترافعين لكي يحكم بعد ذلك بينهما بالحق من غير أجرة، هو ظاهر تفسير الرشوة في القاموس بالجعل[9] هذا يقال له الجعل يعني يجعل له مبلغ في مقابل القضاء هذا لا يقال له أجرة يقال له جعل جعالة يجعل في مقابل القضاء مثل من رد دابتي فقد جعلت له كذا هنا من قضا لي جعلت له كذا هذا جعل سيأتي القاضي يسترزق من بيت المال.

وهذا المعنى هو ظاهر تفسير الرشوة في القاموس، القاموس المحيط الجزء 4 صفحة 334 وإليه يعني إلى معنى الجعل نظر المحقق الثاني ـ الكركي ـ حيث فسر في حاشية الإرشاد[10] الرشوة بما يبذله المتحاكمان إذن إلى هنا القاموس المحيط وكلام المحقق الكركي ظاهر في أن الرشوة بالمعنى الأول بذل المال على أصل التقاضي وذكر في جامع المقاصد أن الجعل من المتحاكمين للحاكم رشوة[11] وهو صريح الحلي أيضا في مسألة تحريم أخذ الرشوة مطلقا يعني سواء كان لإجراء حكم صحيح أو لإجراء حكم باطل يحرم أخذ الرشوة وأعطاها يعني يحرم إعطاء الرشوة، إلا إذا كان ـ إعطاء الرشوة ـ على إجراء حكم صحيح فلا يحرم على المعطي[12] لكن يحرم على الآخذ هنا إجراء حكم صحيح فإذن الحلي فرق بين الأخذ وبين العطاء قال بالنسبة إلى الآخذ وهو القاضي يحرم عليه مطلقا الأخذ لحكم صحيح أو لحكم باطل لكن المعطي يجوز له أن يعطي لكي يحكم له بحكم صحيح ولا يجوز له أن يعطي لكي يحكم له بحكم باطل وعرفنا مطلقا من إجراء حكم صحيح فيصير أخذ الرشوة مطلقا حرام يعني سواء كان لإجراء حكم صحيح أو لإجراء حكم باطل ولكن إعطاء الرشوة حرام في خصوص إعطاء الحكم الباطل دون أعطاء الحكم الصحيح.

إلى هنا ظاهر الرشوة في خصوص المعنى الأول الجعل على القضاء الآن يتطرق إلى خصوص الحكم الثاني لكي يحكم له بالباطل هذا كلام الشيخ الطريحي في مجمع البحرين هذا يعني خذ هذا أن الرشوة بمعنى الجعل على القضاء ولكن عن مجمع البحرين قلما تستعمل الرشوة إلا فيما يتوصل به إلى إبطال حق أو تمشية باطل[13] يعني هذا يعطى لكي يحكم له بالباطل هذا المعنى الثاني.

المعنى الثالث لكي يحكم له مطلقا بحق أو باطل وعن المصباح الآن يشرع بالمعنى الثاني هذا الذي سوف يرجحه الشيخ الأنصاري كلام المصباح والنهاية وبالمناسبة كلاهما لا يعتبر من اللغة وإن كان كثيرا لماذا؟ المصباح المنير للفيومي والفيومي شافعي وقد وضع كتابه المصباح المنير لتعريف اصطلاحات الشافعية وابن الأثير الجزري صاحب النهاية أسمها النهاية في غريب الحديث إذن هو ناظر إلى الروايات النبوية وليس ناظر إلى المعاني اللغوية وليسوا من القدماء أيضا.

وعن المصباح هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ـ غير الحاكم ـ الراضي بالحاكم القاضي، لكي يحكم له أو يحمله على ما يريد[14] هذا عام يشمل بحق أو بباطل.

وعن النهاية لابن الأثير أنها ـ الرشوة ـ الوصلة ـ الصلة ـ إلى الحاجة بالمصانعة يعني بذل الصنيعة، والراشي الذي يعطي ما يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ والرائش هو الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.[15]

طبعا من الواضح أن الرشوة في خصوص القضاء وأما الآن كثير من الدول على الحدود ما يمشي لك الأغراض إلا إذا دفعت له كم ليرة أو غيره هذا من الناحية الشرعية لا يعد رشوة هذا قد يستشكل فيه من باب الإخلال بالنظام إذا كان دفع المال إلى المرور أو إلى على الحدود أو إلى معاملة يوجب الإخلال بالنظام وعدم حفظ النظام من هذه الناحية يشكل وليس من باب حرمة الرشوة يدخل تحت عنوان آخر.

ومما يدل على عدم عموم الرشا لمطلق الجعل على الحكم الآن يريد أن يقول الرشوة ليست ظاهرة في المعنى الأول الجعل على أصل القضاء يريد أن يقول ما ذكرناه أنه وأما الرشا جعل في مقابل أجور القضاة، قال ومما يدل على عدم عموم الرشا لمطلق الجعل على الحكم ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل الرشا في الحكم مقابلا لأجور القضاة خصوصا بكلمة أما[16] إذا نرجع إلى الرواية هكذا قال والسحت أنواع كثيرة صفحة 240 منها ما أصيب من أعمال الغلاة الظلمة ومنها أجور القضاة إلى أن يقول وأما الرشا في الأحكام يعمان فهو الكفر بالله العظيم لو كان المراد بالرشا نفس أجور القضاة يلزم التكرار جعلها مقابل إذن الرشوة ليس على أصل القضاء، إذن أتضح أن الرشوة لكي يحكم له هل يشترط أن يحكم له بالباطل؟ كلا يشمل الباطل والحق نعم لا يختص بما يبذل على خصوص الباطل بل يعم ما يبذل لحصول غرضه وهو الحكم له حقا كان أو باطلا وهو ظاهر ما تقدم عن المصباح والنهاية.

قال المصباح في صفحة 241 هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له المهم يحكم له أو يحمله على ما يريد يعني سواء أراد الحق أو الباطل كلام النهاية أنها الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة الوصلة إلى الحاجة حاجته حق أو باطل ويمكن حمل رواية يونس بن جابر[17] على سؤال الرشوة للحكم للراشي حقا أو باطلا يعني حملها على المعنى الثاني والثالث وهذا هو الذي يرجحه الشيخ الأنصاري أو يقال إن المراد الجعل يعني المعنى الأول لكن ما عبرت الرواية جعل عبرت رشوة من باب تأكيد الحرمة أو يقال إن المراد الجعل فأطلق عليه الرشوة تأكيدا للحرمة نرجع إلى رواية يوسف بن جابر صفحة 240 وفي رواية يوسف بن جابر لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" من نظر إلى أن يقول ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة، هنا التوجيه الأول بقرينة احتاج الناس إليه يعني لكي يحكم لهم بحق أو باطل، الاحتمال الثاني ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه يعني لكي يترافع عند فقه عبرت الروايات عن الجعل لأنه حرام في هذه الحالة ليس من بيت المال سوف يأخذه سوف يأخذه من المتخاصمين أو المترافعين عبرت عن الجعل بالرشوة تأكيدا للحرمة.

ثم يتطرق إلى مسالة هل يجوز للحاكم أن يأخذ الجعل أو لا؟ توجد ثلاثة أقوال القول الأول يحرم على القاضي أن يأخذ الجعل إذا تعين عليه القضاء إذا القضاء واجب عيني عليه لا يجوز أخذ الأجرة على الواجبات التعينية.

القول الثاني يحرم أخذ الأجرة على القضاء مطلقا سواء تعين عليه أو لم يتعين.

القول الثالث يجوز أخذ الجعل على القضاء مطلقا تعين عليه أو لم يتعين.

الشيخ الأنصاري يتطرق إلى رأيين الأول الحرمة في صورة التعيين هذه تستفاد من قوله أحتاج الناس إليه ما دام احتاج الناس إليه تعين عليه هذا الاستظهار الأول، الاستظهار الثاني لفقهه يعني أصل الترافع تعين أو لم يتعين.

ومنه يظهر هذا منه يعني إن المراد الجعل فأطلق عليه الرشوة تأكيدا للحرمة، ومنه يعني أن المراد بالرشوة الجعل يظهر حرمة أخذ الحاكم للجعل من المتحاكمين مع تعين الحكومة عليه يعني مع تعين القضاء عليه هذا القول الأول حرمة أخذ الجعل في صورة تعين القضاء كما يدل عليه قوله عليه السلام (احتاج الناس إليه لفقهه[18] )، القول الثاني والمشهور المنع مطلقا، والمشهور المنع يعني حرمة أخذ الجعل مطلقا يعني مع تعيين الحكومة عليه أو عدم تعينها بل في جامع المقاصد دعوى النص والإجماع[19] يعني النصوص دلت على حرمة أخذ مطلق الجعل والإجماع قام على حرمة أخذ الجعل تعين عليه القضاء أو لم يتعين.

الرواية تقول احتاج الناس لفقهه كيف نعممها؟ ظاهر الرواية هو صورة تعين القضاء ورجل احتاج الناس إليه لفقهه فهنا واضحة هذه الرواية في صورة تعين القضاء عليه، الجواب ورجل احتاج الناس لفقهه ليس المراد احتاجوا إليه لشخصه وإنما المراد الشخص النوعي هنا ورجل احتاج الناس إليه لفقهه يعني احتاجوا لنوعه الناس بحاجة إلى قضاة فيصير تعميم.

ولعله يعني ولعل المنع مطلقا، لحمل الاحتياج في الرواية على الاحتياج إلى نوعه يعني إلى نوع الرجل الذي احتيج إلى فقهه وليس لاحتياج إلى شخصه يعني بحاجة إلى شخص عنده فقه هذا النوع وهو الرجل الذي عنده فقه لكي يقضي، هذا الدليل الأول للمنع مطلقا.

الدليل الثاني ولإطلاق ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل أجور القضاة من السحت[20] يعني احتاجوا إليهم أو ما احتاجوا إليهم رواية مطلقة، قد تشكل بهذا الإشكال، الرواية ورد فيها عنوان أجور القضاة كلامنا ليس في الأجرة كلامنا في الجعل فرق بين الجعالة وبين الإيجار أحيانا أنا أستأجرك لكي ترد دابتي وأحيانا أقول من رد دابتي جعلت له مبلغ كذا فرق بين الجعالة وبين الأجرة وبين الاستيجار.

العرف ما يفرق بين الجعل وبين الإجارة مثلا فلان يريد أن يرسل أبناءه إلى المدارس فيحتاج إلى سيارات تنقل الأولاد الآن صار فيروس كرونا كل المدارس عطلت هذا الآن سائق الباص أو السيارة الذي يوصل الولد يستحق الأجرة أو لا؟ هنا يقع الكلام هل هذا استئجار أو جعالة، كثير من الناس ما واضح عنده إيجار أو جعالة يقول والله يا ولد أنت واجد خسرتنا خصصنا إليك مبلغ كذا إلى مدرستك وخصصنا إليك مبلغ كذا إلى السائق الذي يوصلك وأنت كسلان وما تهتم، هنا لما يقول خصصنا يعني استأجرنا؟ ما معلوم أنه يقصد استأجرنا يقصد يعني جعلنا لك فإذا الموضوع جعالة واضح أنه ما يستحق ويقول أنا جعلت لمن يوصل أبني مبلغ كذا شهريا الآن هو ما يوصل الابن فما يستحق الجعالة، الآن كل النقاشات أنه يستحق الأجرة أو ما يستحق الأجرة هذا بناء على أنها استئجار هنا يقولون إذا كان عارض مؤقت يستحق الأجرة أما إذا عارض عام ما يستحق الأجرة لأن هذه بمثابة الشرط الضمني في عقد الإيجار هذا الكلام كله بناء على الإجارة ولكن قد يكون هذا جعالة.

قال ولإطلاق ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل أجور القضاة من السحت[21] بناء على أن الأجر في العرف يشمل الجعل، في عرف الناس الإجارة تشمل الجعل ما يفرقون بين الإجارة والجعالة، وإن كان بينهما فرق بين المتشرعة، بلا شك أنه عقد الإيجار غير الجعالة في الفقه الإسلامي، هذا تمام الكلام في بيان الأدلة والأقوال في اللغة والاصطلاح بالنسبة إلى حرمة الرشوة وموضوع الرشا وربما يستدل على المنع بصحيحة ابن سنان يأتي عليها الكلام.

 


[10] حاشية اللإرشاد، محقق ثاني، ص206.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo