< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الواحد والثمانون: حكم الرشوة في غير الحكم

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وهل تحرم الرشوة في غير الحكم بناء على صدقها كما يظهر مما تقدم عن المصباح والنهاية.[1]

 

خلاصة درس الامس واليوم

كان الكلام في حكم الرشوة واتضح أن الرشوة حرام حكما وتختص برشوة القاضي موضوعا من هنا ينبثق السؤال التالي بناء على تعريف الفيومي في المصباح المنير وابن الأثير في النهاية يصدق عنوان الرشوة على ما يبذل لغير الحكم ولغير القاضي فهل يحرم ما يدفع لغير القاضي ولغير الحكم أو لا فهل الرشوة في غير القضاء حرام أو حلال، يذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثلاثة أقسام للرشوة لغير القاضي:

القسم الأول الرشوة إذا كانت لأمر منحصر في الحرام

القسم الثاني الرشوة لأمر غير منحصر في الحرام لكنه يشترك بين الحلال والحرام

القسم الثالث الرشوة ليست لقضاء حاجة وإنما لجلب مودة

 

تفصيل الأمور في الأقسام الثلاثة:

القسم الأول الرشوة إذا كانت لأمر منحصر في الحرام كما لو رشا مسئولا لكي يحصل على ترخيص استيراد الخمر أو قدم رشوة لأحد لكي يحصل على مبنى لكي يخزن فيه الخمر فإن الفائدة منحصرة في الحرام وهي تخزين الخمر أو استيراد الخمر.

وأما القسم الثاني لو قدم رشوة للحصول على ترخيص استيراد وتصدير الأعم من الخمر وغير الخمر قد يستورد الفواكه وقد يستورد العصيرات المحللة وقد يستورد الخمر ولا مانع لديه من استيراد الحرام أو الحلال المهم يكون عنده مجوز استيراد ولم يحصر غرضه في خصوص الحلال في هذين القسمين يقول الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بذل الرشوة حرام هنا ولكن لا لأن أدلة حرمة الرشوة تشمل القسم الأول والقسم الثاني لأن أدلة حرمة الرشوة مختصة بخصوص القاضي فلا تشمل سائر الحاجات التي لا دخل للقاضي فيها نعم يحرم هنا من جهة أكل المال بالباطل فإن بذل المال في مقابل ترخيص استيراد الخمر أو في مقابل الترخيص المشترك بين استيراد الخمر واستيراد العصائر المحللة هنا يكون المال المبذول في مقابل ما لا مالية له وهو بيع الخمر واستيراد الخمر في هذه الحالة لا يجوز له أن يتصرف في ملك الغير والفارق بين الرشوة هنا والرشوة عند القاضي أن الرشوة عند القاضي لا يجوز للقاضي أن يستلم الرشوة يحرم عليه أن يستلمها هذا من ناحية تكليفية ومن ناحية وضعية يبقى المال على ملك الباذل ولا ينتقل إلى ملك القاضي فلا يجوز للقاضي أن يتصرف في المال المبذول له على نحو الرشوة.

وأما في موردنا وهو المال المبذول لغير القاضي لا يحرم أخذ المال لأن عنوان الرشوة المحرمة لا يشمله ولكن لو قبضه لا يجوز له أن يتصرف فيه نعم قد يستظهر عنوان للتحريم هنا فيقال إن اطلاقات أدلة الرشوة تشمل هذا المورد كقوله “عليه السلام” (الرشا حرام) عنوان الرشوة يصدق عليه لكن قد يقال إن عنوان الرشا مطلق وهذا الإطلاق ينصرف إلى خصوص الرشوة عند الحاكم فلا يشمل الرشوة عند غير الحاكم.

وأما القسم الثالث وهو بذل المال على وجه الهدية لا على وجه الحكم نعم هذه الهدية تلين قلبه تجلب مودته فهذا ليس بحرام وهذا هو المتعارف في يومنا هذا يعطي حلاوة حتى يسوي المعاملة سوى المعاملة أو لم يسوي المعاملة هو ما يعطيه الحلاوة في مقابل المعاملة يقول أنا أعطيه والباقي على الله يسويها أو ما يسويها فهو يعطيه حتى يلين قلبه فهذا ليس بمشكل وهذا ورد في بعض الروايات أنه مثلا في مساكن عامة مسكن في مدرسة أو في سوق وأنا أسكن فيه وأنت تسكن فيه أبذل إليك المال حتى تتركه لي مع أنك ما تملك المكان ولكن لا مانع من ذلك بذل المال لتلين القلب حتى يتيح الفرصة.

الخلاصة الرشا في غير الحكم على ثلاثة أقسام القسم الأول والثاني يحرم القسم الثالث لا يحرم.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وهل تحرم الرشوة في غير الحكم بناء على صدقها يعني صدق عنوان الرشوة كما يظهر مما تقدم عن المصباح والنهاية صفحة 241 إذا نرجع إلى صفحة 241 نجد أن ما عن المصباح صريح وما عن النهاية ظاهر، صفحة 241 قال الشيخ الأنصاري وعن المصباح هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد[2] إذن صريح أو غيره يعني غير الحاكم غير القاضي وعن النهاية أنها يعني الرشوة الوصلة يعني التوصل إلى الحاجة بالمصانعة[3] يعني التوصل إلى الحاجة مطلقا عند الحاكم وغير الحاكم ظاهرة لأنها إطلاق.

وهل تحرم الرشوة في غير الحكم بناء على صدقها كما يظهر في غير الحكم مما تقدم عن المصباح والنهاية كأن يبذل له مالا يعني كأن يبذل الباذل له يعني للمبذول مالا على أن يصلح أمره يصلح حاله عند الأمير هذا مقرب من السلطان ما يعطون إجازة استيراد وتصدير هذا يعطيه حلاوة يرتب له الشغل، الجواب توجد ثلاثة أقسام للرشوة عند غير القاضي القسم الأول فإن كان أمره يعني أمر الباذل منحصرا في المحرم يعني إجازة استيراد وتصدير لخصوص الخمر الحصول على مبنى لخصوص تخزين الخمر القسم الثاني أو مشتركا يعني كان أمره أمر الباذل، مشتركا بينه يعني بين المحرم وبين المحلل هذا مخزن عام يخلي فيه الخمر ويخلي فيه العصائر المحللة، لكن بذل على إصلاحه يعني بذل الباذل الرشوة على إصلاحه على إصلاح الشيء حراما أو حلالا يعني سواء كان حلالا أو حراما يعني ما حصر غرضه في خصوص المحلل فالظاهر حرمته ـ حرمة البذل ـ لا لأجل الرشوة يعني لا لأجل انطباق عنوان الرشوة لعدم الدليل عليه يعني لعدم الدليل حرمة ما بذله، عدى يعني إلا بعض الاطلاقات مثل الرشا هذا مطلق يشمل الرشوة عند غير الحاكم المنصرف هذه الإطلاقات بعض الاطلاقات الذي ينصرف إلى الرشا في الحكم فيكون أجنبي ببركة الانصراف نعم إلا إذا تمسكنا بالإطلاق وقلنا لا يوجد انصراف، بل لأنه يعني بل الظاهر حرمته لأنه بذل الرشوة لغير القاضي أكل للمال بالباطل لأنه يدفع المال في مقابل الحرام والحرام لا مالية له هذا أكل للمال بالباطل فتكون الحرمة هنا الرشوة عند غير القاضي لأجل الفساد يعني لفساد المعاملة يعني حرمة وضعية وليست حرمة تكليفية فلا يحرم القبض في نفسه يعني فلا يحرم قبض الرشوة عند غير القاضي في نفسه القبض في حد نفسه ليس بحرام يعني لا توجد حرمة تكليفية للقبض نعم توجد حرمة وضعية ما يترتب الأثر النقل والانتقال وإنما يحرم التصرف يعني يحرم للقابض أن يتصرف فيما قبضه لأنه باق على ملك الغير وهو الباذل الذي بذل المال.

ثم يترقى الشيخ الأنصاري يستدرك إلى هنا قال الرشوة لغير القاضي في القسم الأول والثاني فيها حرمة وضعية ولا توجد حرمة تكليفية ثم يقول يوجد دليل يمكن أن يستدل به على الحرمة الوضعية أيضا يقول الاستدلال بالفحوى والأولوية القطعية في الروايات التي تقدمت في هدية الغلاة والعمال فإن الروايات الواردة في هدية الغلاة والعمال قالت الهدية حرام مع أن الهدية لم تكن في مقابل قضاء القاضي الهدية كانت في مقابل جلب مودة القاضي.

الروايات المتقدمة الواردة في رشوة القاضي تحت عنوان هدية استظهرنا منها أن الهدية والمال المبذول ليس في مقابل حكم القاضي وإنما هو في مقابل جلب مودة القاضي لكن الروايات دلت على الحرمة فإذا كان المال المبذول في مقابل جلب مودة الطرف الآخر حرام فمن باب أولى يكون المال المبذول في مقابل عمل الطرف الآخر حرام أيضا.

نعم يمكن أن يستدل على حرمته يعني حرمة المال المبذول لإصلاح الأمر في غير القضاء بفحوى يعني بالأولوية القطعية إطلاق ما تقدم في هدية الولاة والعمال يقصد رواية الاصبغ وعمار المتقدمتين في أول المسألة صفحة 241 بداية المسألة، المسألة الثامنة ففي رواية الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين “عليه السلام” قال (أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه وإن أخذ هدية كان غلولا ـ خيانة ـ) [4] هنا أخذ الهدية هل هو في مقابل الحكم؟ لا هذا والي اخذ الهدية في مقابل جلب مودته فإذا كان أخذ الهدية في مقابل جلب المودة حرام فمن باب أولى أخذ الهدية في مقابل الإتيان بعمل يكون حراما.

الدليل الثالث رواية الخصال صفحة 240 وعن الخصال في الصحيح عن عمار بن مروان قال كل شيء غل من الإمام فهو سحت[5] ، غل يعني اخذ خيانة هنا أخذ خيانة من الإمام ليس في مقابل عمل وإنما مقابل جلب مودته.

إلى هنا انتهينا من بيان حكم القسم الأول والثاني، القسم الثالث وأما بذل المال على وجه الهدية الموجبة يعني المقتضية لقضاء الحاجة المباحة إذن المال ليس في مقابل قضاء الحاجة بذل الهدية في مقابل جلب المودة وجلب المودة يقتضي قضاء الحاجة، فلا حضر فيه يعني لا منع عليه كما يدل عليه ما ورد في أن الرجل يبذل الرشوة ليتحرك من منزله يعني في أن الرجل يبذل الرشوة لغيره ليتحرك الغير من منزله الذي يسكن فيه ليسكنه يعني ليسكنه الباذل قال لا بأس[6] ، الرواية هكذا في الحاشية رقم واحد صفحة 248 (سألت أبا عبد الله “عليه السلام” عن الرجل يرشا الرجل الرشوة على أن يتحول من منزله فيسكنه قال لا بأس به) [7] هو يريد أن يسكن المدرسة الفلانية ويعرف ذاك يحب الفلوس ما رأيك أنا مقدار من المبلغ وتذهب وتدور بيت تقول له نعم اخرج فقط أعطني الفلوس ما في مانع.

يقول الشيخ الأنصاري والمراد المنزل المشترك وليس المنزل المختص إذا منزل مختص يصير قبض المال أكل للمال بالباطل إذا منزل مشترك يعني يمكن الباذل يسكن فيه ويمكن المبذول له أن يسكن فيه أما إذا ما كان مشترك فالمبذول له إذا هذا البيت ليس بيته ما يحق له أن يقبض المال يقول والمراد المنزل المشترك كالمدرسة والمسجد، هذا المكان هو دائما يأخذ الصف الأول يقول له أنا أعطيك هدية اترك الصف الأول دعه لي، والسوق، دائما مخلي فرشته أول مكان وهو مكان استراتيجي وتقول له أنا أعطيك فلوس واترك هذا المكان ونحوها.

هناك رواية تدل على جواز هذا التفصيل هذه رواية الصيرفي خلاصة رواية الصيرفي، السلاطين يشترون الأواني من البائعة والسوقة افترض يشترون منهم عشر أواني هذا الجابي ما يأتي ويأخذ عشرة أواني يأخذ خمسة عشر آنية يأخذ زيادة فهذا البائع يدفع رشوة إلى الجابي حتى ما يأخذ زيادة الإمام الكاظم “عليه السلام” يقول لا بأس أن تدفع هذا المال حتى تصلح أمرك تحفظ فلوسك أغرضك ثم الإمام استدرك قال أنت إذا تعطيه المبلغ يأخذ أقل مما اشتراه يعني افترض الوالي أو الحاكم اشترى عشرة هو هذا إذا تدفع له فلوس يأخذ تسعة أو يأخذ ثمانية الصيرفي يقول نعم الإمام يقول له ما يجوز فسدت الرشوة أنت إنما يجوز لك أن تمنعه من أخذ الزيادة لكن ما يجوز لك تبذل له المال حتى ما يأخذ حقه.

قال ومما يدل على التفصيل في الرشوة بين الحاجة المحرمة ـ أن يأخذ اقل مما اشتراه ـ وغيرها يعني غير المحرمة وهو أن يمنعه من أخذ الزيادة رواية الصيرفي قال سمعت أبا الحسن “عليه السلام” وسأله حفص الأعور فقال (إن عمال السلطان يشترون منا القرب ـ جمع قربة ـ والإداوة ـ إناء صغير من الجلد يستخدم للتطهير ـ فيوكلون الوكيل حتى يستوفيه منا يعني حتى يستوفي ما اشتروه من القرب والإداوة منا فنرشوه ـ نرشو الوكيل ـ حتى لا يظلمنا فقال “عليه السلام” لا بأس بما تصلح به مالك يعني لا بأس بدفع الرشوة بالمقدار الذي تصلح به مالك يعني تحفظ به مالك، ثم سكت ساعة ثم قال إذا أنت رشوته يأخذ منك أقل من الشرط ـ المقدار الذي بعته لأن هناك مشارطة بين السلطان وبين البائع يأخذ أقل أنت بعت له عشرة يأخذ منك تسعة ـ قلت نعم قال “عليه السلام” فسدت رشوته[8] ) يعني يحرم عليك أن تدفع الرشوة لأنها حاجة محرمة أنت تعطيه زيادة يقول لك لا مانع أنا أخذ خمسة من أين يدري السلطان أنه أنا أخذت عشرة أو أخذت اثنين يمكن أخذ وحدة هذا حرام.

إلى هنا انتهى الكلام في حكم الرشوة للقاضي أولا وثانيا في حكم الرشوة لغير القاضي ثم يتطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى المحاباة والمراد بالمحاباة التساهل والتسامح أحيانا يكون البيع على نحو التسامح يبيع السلطان أو الوجيه أو الوزير أو صاحب الشأن شيخ العشيرة رئيس القبيلة، مثلا افترض هذه العباءة بعشرة دراهم يبيعها بدرهم واحد يعني تسامح وتساهل غير متعارف فهل حكم البيع بنحو التسامح والتساهل حكم الرشوة أو لا؟ الجواب توجد ثلاثة أقسام كما أن رشوة غير القاضي ثلاثة أقسام كذلك البيع بنحو المحاباة ثلاثة أقسام:

القسم الأول أن يقصد المحاباة أولا وبالذات ويقصد المعاملة ثانيا وبالتبع هو يبيع في السوق جاء السلطان أو جاء القاضي أو جاء أي شخص وعنده شغلة عنده هو أصلا ما يريد أن يبيعه يقول له هذا القماش سيدي ومولاي أنا أبيعه بعشرة دراهم أبيعه لك بدرهم هو أساسا ما يقصد المعاملة هو يقصد أن يتقرب إليه فقصد المحاباة أولا وبالذات وقصد المعاملة ثانيا وبالتبع فتصير المحاباة شرط ضمني ضمن العقد فهنا تبطل المعاملة لأن المبلغ المخفض التسعة درهم في مقابل الحكم له في مقابل القضاء له في مقابل إصلاح حاله هذه رشوة محرمة.

القسم الثاني أن يقصد المعاملة أولا ويقصد المحاباة ثانيا فتكون المحاباة بمثابة الشرط خارج المعاملة قسم الأول أولا قصد المحاباة صارت المحاباة شرط ضمن العقد القسم الثاني ما قصد المحاباة أولا قصد المعاملة أولا ولكن قصد إلى جانب المعاملة المحاباة يعني قصد أن يكون التخفيض في مقابل الحكم له لكن هذا الحكم له شرط خارج معاملة البيع لكن شرط ضمني كأنما هما قد تواطئا وهذا موجود كثير يأتي الوزير يعم ماله يقول له هذا إليك كذا نحن نبيعه بعشرة إليك بدينار إليك بدرهم يقول له أخذه وهو يعرف أن هذا عنده معاملة جاءه كتاب فلاني يريد أن يمشي معاملته فصار شرط خارج المعاملة لكن شرط ضمني تبطل المعاملة هذا شرط غير مصرح به في العقد لكن موجود ضمن العقد تبطل.

القسم الثالث لا يقصد المحاباة داخل العقد كما في القسم الأول ولا يقصد المحاباة خارج العقد كما في القسم الثاني وكلا القسمين القسم الأول والثاني المحاباة في مقابل الحكم له القسم الثالث المحاباة ليست في مقابل وبإزاء الحكم له وإنما لجلب مودته هذا يصير ملحق بالرشوة هو ليس رشوة لأن الرشوة في مقابل الحكم بذل المال في مقابل الحكم هذا بذل المال في مقابل مقدمة الحكم جلب المودة المقتضية للحكم له هذا ملحق بالرشوة هذا حرام النتيجة الأقسام الثلاثة للمحاباة حرام.

قال الشيخ الأنصاري ومما يعد من الرشوة أو يلحق بها المعاملة المشتملة على المحاباة يعني التساهل والتسامح كبيعه من القاضي ما يساوي عشرة دراهم بدرهم قد تقول القاضي أخذناه في القسم الأول لا القسم الأول رشوة في مقابل حكم القاضي هنا تساهل في مقابل حكم القاضي، القسم الأول فإن لم يقصد من المعاملة إلا المحاباة في ضمنها في ضمن المعاملة هذا القسم الأول يعني تصير المحاباة شرط ضمني في المعاملة، القسم الثاني أو قصد المعاملة لكن جعل المحاباة يعني أيضا قصد المحاباة لأجل الحكم له بأن كان الحكم له من قبيل ما تواطؤ عليه يعني ما اتفق عليه من الشروط غير المصرح بها في العقد يعني المحاباة شرط خارج العقد فهي الرشوة.

القسم الثالث وإن قصد أصل المعاملة وحابي فيها ـ تساهل في المعاملة ـ ليس لكي يحكم له وإنما لجلب قلب القاضي فهو كالهدية ملحقة بالرشوة.

إلى هنا بين حكم المحاباة بأقسامها الثلاثة من ناحية تكليفية حرام وأما من ناحية وضعية هذا المحاباة هل يجوز له أن يتصرف فيما أخذه يجوز له يتصرف في هذا القماش الذي أخذه أو لا الجواب يقول الشيخ الأنصاري وفي فساد المعاملة ـ الفساد الوضعي ـ المحابي فيها هذه المعاملة وجه قوي ما هو هذا الوجه القوي؟ وهو أن المعاملة المحاباة فيها إما مصداق للرشوة أو ملحقة بحكم الرشوة وقد دلت الروايات على أن المال المدفوع رشوة يبقى على ملك باذله ولا ينتقل إلى ملك المبذول له فتكون النتيجة إن المال المحاباة يبقى على ملك المحابي ولا ينتقل إلى ملك المحاباة، ما هو الوجه القوي؟ إن مال المحاباة إما يصدق عليه إنه رشوة وإما هو بحكم الرشوة وقد دلت الروايات على أن مال الرشوة يبقى على ملك الراشي ولا ينتقل إلى ملك المرتشي.

إلى هنا تكلمنا في الحكم التكليفي يبقى الكلام في الحكم الوضعي إذا حرم الأخذ لو افترضنا أنه خالف وقبض هل يجب عليه أن يرده أو لا؟ نعم يجب عليه أن يرده فهو له ضامن إذا تلف يرد بدله مثلا أو قيمة.

قال ثم إن كل ما حكم بحرمة أخذه سواء في القسم الأول وهو الرشوة في الحكم أو القسم الثاني الرشوة في غير الحكم أو القسم الثالث المال المحابا فيه إذا قلنا حرام ثم إن كل ما حكم بحرمة أخذه وجب على الآخذ المبذول له رده ـ رده على الباذل ـ ورد بدله ـ بدله إما قيمة أو مثلا ـ مع التلف إذا قصد مقابلته بالحكم يعني إذا قصد مقابلة المال بالحكم يعني دفع المال المبذول في مقابل الحكم له فيصير أكل للمال بالباطل ما يترتب نقل وانتقال، كالجعل والأجرة حيث حكم بتحريمهما يعني الجعل والأجرة على الحكم الجعل والأجرة في مقابل الحكم له وكذا الرشوة أيضا يجب على آخذها أن يردها أو يرد بدلها لأنها ـ الرشوة ـ حقيقة جعل على الباطل ولذا فسره في القاموس بالجعل[9] يعني فسر الفيروز آبادي في كتابه القاموس المحيط الجزء الرابع صفحة 334 فسر الرشوة بالجعل هذا إذا قصد المقابلة يعني المال المبذول في مقابل الحكم إذا ما قصد المقابلة إعطاء مجاني لجلب المودة قال ولو لم يقصد بها ـ بالرشوة المقابلة ـ بل أعطى مجانا، يريد أن يقول الشيخ الأنصاري الرشوة إما في مقابل عمل وإما في غير مقابل عمل الرشوة إذا كانت في مقابل عمل ثبتت الحرمة الوضعية والتكليفية الحرمة التكليفية يعني يكون مأثوم الحرمة الوضعية يعني ما يترتب نقل وانتقال.

أما القسم الثاني الرشوة في غير مقابل العمل الرشوة المجانية لجلب المودة يقول هنا الحرمة الوضعية تثبت لأنه بحكم الرشوة ولكن الضمان وضعا ما يثبت يعني الآن هذا البائع أعطى القاضي هذا المبلغ لا لكي يقضي له إذا أعطاه لكي يقضي له هذا القسم الأول حرام أعطاه ليجلب مودته هذا أيضا حرام هذا القاضي إذا قبض المبلغ وقبضه حرام افترض تلف المبلغ هل يجب على القاضي أن يدفع بدله قيمة أو مثلا إلى الباذل؟ الجواب لا يجب لأنه دفعها بنحو المجانية لم يدفعه في مقابل حكم إذا في القسم الأول بذل المال في مقابل الحكم توجد حرمة تكليفية وحرمة وضعية القسم الثاني بذل المال في مقابل غير الحكم جلب المودة الباذل يحرم عليه أن يدفع المبذول عليه يحرم عليه أن يقبض لكن لو عصى وقبض لا يجب عليه أن يرد المبلغ لأنه إعطاء مجاني.

ولو لم يقصد بها ـ الرشوة ـ المقابلة يعني مقابلة المال بالحكم بل أعطى مجانا يعني بل أعطى الباذل المبذول له مجانا ليكون هذا البذل داعيا على الحكم يعني لكي يجلب قلبه وجلب المودة والمحبة تستدعي الحكم له وهو المسمى بالهدية فالظاهر عدم ضمانه يعني عدم ضمان المبذول له لأن مرجعه إلى هبة مجانية فاسدة.

إشكال قد يقال هذه هبة معوضة الباذل يبذل المال في مقابل جلب قلبه وجلب مودته ومحبته التي تقتضي الحكم له وبالتالي إذا فسدت هذه الهبة يرجع كل عوض إلى صاحب العوض ما دام هي هبة فاسدة مثل الآن لو هبة فاسدة وهبتك هذا الدينار على أن تهبني هذه المسجلة إذن هبة فاسدة الدينار يرجع إلي والمسجلة ترجع إليك هنا نفس الشيء توجد هبة معوضة فاسدة بذل المال في مقابل جلب المودة الجواب هنا لا توجد هبة معوضة لأنه يشترط في العوض أن يكون مالا وجلب المودة وبذل المحبة ليس مالا وعندنا قاعدة تقول ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده والعكس بالعكس ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده يعني أنا الآن بعتك هذا الكتاب بدينار افترقنا تلف الدينار أو تلف الكتاب بعد أنت تضمن لي قيمة الكتاب ما تضمن، أضمن لك قيمة الدينار ما اضمن هذا إذا العقد صحيح إذا العقد فاسد اشتريت منك الكتاب لكن أنت قصيت علي مثلا بدينار هو قيمته عشرة دينار بعته بدينار هنا تلف الدينار هل اضمن لك الدينار أو تضمن لا ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده نعم أضمن لك المبلغ تسعة دينار الزائدة التي غبنت فيها هذا شيء آخر.

يقول فالظاهر عدم ضمانه لأن مرجعه إلى هبة مجانية فاسدة إذ الداعي الذي دعاه إلى الهدية لا يعد عوضا لأنه ليس بمال وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن، هذا إذ الداعي لا يعد عوضا هذا دفع دخل مقدر دفع إشكال مقدر يعني لو قلت إن هذه الهبة هبة معوضة فإذا فسدت رجع كل عوض إلى صاحبه الجواب هنا لا يوجد عوض لأن الداعي وهو جلب المحبة ليس مالا فلا يعد عوضا وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ما لا يضمن بصحيحه وهو الهبة المجانية الصحيحة أنا لو وهبتك الآن كتاب والهبة صحيحة وتلف الكتاب عندك هل لي الحق أن أطالبك بإرجاع ضمان الكتاب مثله أو قيمته؟ ليس لي الحق كذلك لو كانت الهبة فاسدة وهبتك الكتاب لكن من دون لفظ وكنا نشترط التلفظ وتلف الكتاب عندك أنت أيضا ما تضمن الكتاب، ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده هنا الكلام هو الكلام هبة مجانية فاسدة وهي الرشوة لجلب المحبة هذه هبة فاسدة لا يجب على القابض أن يضمن.

إشكال آخر الروايات عبرت عنها أنها سحت بذل الهدية لجلب المودة سحت يعني حرام إذا حرام يعني لابد من ضمان المال المبذول الجواب لفظ السحت ظاهر في الحرمة التكليفية لا الحرمة الوضعية يعني بذل شخص لشخص هدية لجلب مودته لكي يحكم له هنا يحرم على الشخص المبذول له أن يقبض المال هذا سحت لكنه لو عصى وقبض المال هل يجب عليه أن يرجعه له ما يجب عليه هذا ضمان والضمان حرمة وضعية.

قال وكونها يعني كون الهدية في مقابل جلب المودة من السحت يعني من الحرام إنما يدل على حرمة الأخذ يعني حرمة الأخذ تكليفا لا على الضمان يعني لا على ضمان ما بذل وضعا، عندنا قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي، أنت تملك سيارة أنا أخذت السيارة من دون إذنك وذهبت معها ودعمتها اضمن أو لا أضمن؟ نعم يجب أن أضمن لماذا؟ على اليد ما أخذت حتى تؤدي هنا الكلام هو الكلام أعطاه المال هدية لجلب المودة والحكم ما حكم له يقول له رجع الهدية الجواب لا يجب عليه أن يرجع الهدية لأن قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ما تشمل التسليط المجاني الآن إذا أنا أعطيتك السيارة من عندي مجانا وقلت لك خذها وتصرف فيها ودعمت فيها هل يجب عليك؟ أنا إذا أحبت لك إذا أنت أخذتها غصبا عني من غير إذني على اليد ما أخذت حتى تؤدي أما إذا تسليط مجاني أنا أعطيتك هذه السيارة وقلت لك أخذها مجانا هدية إليك ودعمت فيها يجب أن تضمن؟ ما يجب أن تضمن إذن قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ما تشمل التسليط المجاني.

وعموم على اليد مختص بغير اليد المتفرعة على التسليط المجاني يعني وعموم على اليد لا يشمل اليد المتفرعة على التسليط المجاني وإنما يشمل اليد العدوانية ولذا يعني ولأن قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ما تشمل التسليط المجاني بل تشمل التسلط العدواني لا يضمن بالهبة الفاسدة في غير هذا المقام ـ مقام الرشوة ـ يعني إذا عندنا هبة فاسدة مجانية وهبتك سيارتي مجانا وأخذت السيارة وألغيتها هل تضمن؟ أقول لك ما تستاهلها رجع أفلوسها ما تضمن لأن هذا تسليط مجاني فما تشمل التسليط المجاني قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ولذا يعني لأن قاعدة على اليد مختصة بغير اليد المتفرعة على التسليط المجاني، يعني لأن قاعدة على اليد لا تشمل اليد المجانية بل تختص باليد العدوانية لا يضمن بالهبة الفاسدة يعني لا يضمن في تلف الهبة المجانية الفاسدة في غير هذا المقام في غير مقام الرشوة، في غير الرشوة إذا كان التسليط مجاني وتلفت الهبة والهدية لا يوجد ضمان، هذا تمام الكلام في حكم الرشوة والهدية من ناحية الحكم التكليفي وهو الحرمة والحكم الوضعي يبقى تفصيل آخر ينسب إلى صاحب الجواهر وفي كلام بعض المعاصرين يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo