< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الرابع والثمانون: المسألة العاشرة في حرمة السحر

 

السحر حرام في الجملة بلا خلاف[1]

 

خلاصة درس اليوم

يقع الكلام في حرمة السحر والكلام في مقامين:

المقام الأول في تشخيص الموضوع فما هو معنى السحر؟ وماذا يقصد به؟

المقام الثاني في تشخيص الحكم، فهل تثبت الحرمة لجميع أقسام السحر التي سيتطرق إليها الشيخ الأنصاري في المقام الأول أو لا؟

تطرق الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" في المقام الأول وهو تشخيص موضوع السحر ومعنى السحر إلى معنى السحر في اللغة والاصطلاح وقد تطرق إلى أربعة معان في اللغة وأربعة معان في الاصطلاح وبدأ بالأخص وانتهى بالأعم في اللغة والاصطلاح معا ثم في النهاية قال المهم بيان المقام الثاني والنظر في الدليل لنرى أن الدليل هل يشمل جميع هذه المعاني وجميع هذه الأقسام أو لا بحثنا في درس اليوم في مقام الأول وقد استهله الشيخ الأنصاري ببيان الروايات الدالة على حرمة السحر ثم تطرق إلى المقام الأول وهو معنى السحر في اللغة والاصطلاح، النقطة الأولى معنى السحر في اللغة وقد تطرق إلى أربعة تعريفات بدأ بالأخص وانتهى بالأعم النقطة الثانية معنى السحر في اصطلاح الفقهاء وقد تطرق إلى أربعة تعريفات أيضا وبدأ بالأخص ثم انتهى بالأعم أيضا، هذا خلاصة درس اليوم.

 

تطبیق المتن

المسألة العاشرة السحر حرام في الجملة بلا خلاف قال بالجملة لا بالجملة يعني في بعض الموارد لا في جميع الموارد واستثنى بذلك السحر لدفع السحر فالسحر لدفع السحر جائز وحلال وليس بحرام لذلك قال السحر حرام في الجملة يعني في بعض الموارد لا بالجملة لا في جميع الموارد بلا خلاف يعني يوجد إجماع على حرمة السحر في بعض الموارد بل هو ضروري يعني بل حرمة السحر من الضروريات كما سيجيء والإخبار به ـ بحرمة السحر ـ مستفيضة منها ما تقدم من أن الساحر كالكافر[2] ومنها قوله “عليه السلام” من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر دلالة الرواية الثانية أفضل من دلالة الرواية الأولى الرواية الثانية قالت فقد كفر وأما الرواية الأولى فقالت كالكافر ولم تقل قد كفر فلعل الرواية الأولى تحمل على إنها إرشاد إلى التنزيه ينبغي أن يتنزه الإنسان عن السحر كما يتنزه عن الكفر بينما الرواية الثانية صريحة من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر وكان آخر عهده بربه يعني وكان السحر آخر عهده بربه هذا معروف عند من يتداولون السحر أو يتعاطون مع الجان وغير ذلك أن الساحر لا يرى الكعبة وقد تراه في الحلم يصلي مستدبرا للكعبة وللقبلة وحده أن يقتل إلا أن يتوب[3] وفي رواية السكوني عن الصادق “عليه السلام” قال قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل قيل يا رسول الله لِمَ لا يقتل ساحر الكفار؟ قال "صلى الله عليه وآله" لأن الشرك أعظم من السحر ولأن السحر والشرك مقرونان يعني مقترنان).[4]

يفهم من هذه الرواية أن السحر بحد ذاته يوجب القتل فإذا توفر في المسلم أوجب قتله وإن لم يتحقق الأمر الثاني الذي يوجب القتل وهو الشرك وأما المشرك ففيه سببان يوجبان القتل السبب الأول أعظم وهو الشرك والكفر بالله، السبب الثاني أصغر وهو السحر فإذا أوجب السبب الأول قتله وهو الكفر كما لو كان كافرا حربيا فإنه يقتل بالسبب الأعظم والأقوى وهو الشرك والكفر لا بلحاظ السبب الأدنى وهو السحر وأما إذا لم يوجب السبب الأعظم قتله لو كان كافرا ذميا ويدفع الجزية فإن السبب الأدنى لا يوجب قتله لأنه يوجد اقتران بين السببين بين سببية الشرك للقتل وسببية الكفر أو سببية السحر للقتل بينما في المسلم يوجد سبب واحد وهو خصوص السحر وأما في الكافر فيوجد سببان السبب الأول الكفر والسبب الثاني السحر وأغلب الكفار لا يجب قتلهم لأنه يجب قتل خصوص الكافر الحربي دون الكافر الذمي المسالم.

ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل قيل يا رسول الله لِمَ لا يقتل ساحر الكفار؟ قال لأن الشرك أعظم من السحر يعني الشرك سبب للقتل وهو أعظم من السحر الذي هو السبب الأدنى هذا التعليل الأول التعليل الثاني ولأن السحر والشرك مقرونان يعني مقترنان في التأثير فإذا أثر الشرك في القتل لا مجال لتأثير السحر وإذا لم يؤثر الشرك في القتل لا يؤثر السحر في القتل.

وفي نبوي آخر ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر ومدمن سحر وقاطع رحم[5] إلى غير ذلك من الأخبار، إلى هنا تطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى حكم السحر والروايات المستفيضة في حرمته ثم يذكر مقامين المقام الأول في معنى السحر لغة واصطلاحا يعني في بيان الموضوع المقام الثاني في حكم هذه الأقسام يعني في بيان الحكم ثم إن الكلام هنا في حرمة السحر يقع في مقامين الأول في المراد من السحر يعني معنى السحر لغة واصطلاحا يشرع في المقام الأول في النقطة الأولى معنى السحر لغة وهو لغة ويذكر أربعة تعاريف التعريف الأول على ما عن بعض أهل اللغة وهو الصحاح للجوهري الجزء الثاني صفحة 679 مادة سحر ما لطف مأخذه ودق[6] ، ما لطف يعني ما خف مأخذه يعني سببه ودق يعني كان دقيقا يعني السبب الذي يحدث هذه المظاهر السحرية يكون خفيفا لطيفا دقيقا لا يدركه الحضور كما حصل بالنسبة إلى السحرة مع موسى “عليه السلام” ألقوا حبالهم وعصيهم لكن هيئ إلى الناس وخيل إليهم أنها حية تسعى.

التعريف الثاني وعن بعضهم أنه صرف الشيء عن وجهه[7] النهاية لابن الأثير الجزري الجزء الثاني صفحة 346 صرف الشيء عن وجهه يعني عن حقيقته التعريف الثالث وعن ثالث أنه الخدع[8] هذا أيضا في الصحاح للجوهري الجزء الثاني صفحة 679 هذا الخدع عنوان عام يعني كل خديعة يصدق عليها أنها سحر هذا التعريف باللازم مكان الملزوم السحر يستلزم الخديعة فعرف السحر باللازم الخدع وعن رابع انه إخراج الباطل يعني إظهار الباطل في صورة الحق[9] نقله السيد محمد جواد العاملي مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 69 عن ابن فارس في مجمل اللغة هذا أوسع التعاريف إخراج الباطل في صورة الحق هذا يشمل حتى المذاهب الفاسدة والباطلة فإذا علماء أهل الباطل أخرجوا وأظهروا الباطل في صورة الحق قيل لهم سحرة بناء على هذا التعريف هذا تمام الكلام في بيان التعاريف اللغوية ولم يرجح الشيخ الأنصاري فيما بينها وكما لم يرجح فيما بين التعاريف الأربعة لأهل الاصطلاح وهم الفقهاء لأن البحث عنده يهم في خصوص المقام الثاني فيذكر هذه الأقوال لكي نتصور هذه المعاني والأقسام ثم لنرى الأدلة والروايات هل تشمل جميع هذه الأقسام أو لا.

النقطة الثانية معنى السحر في الاصطلاح وقد اختلفت عبارات الأصحاب في بيانه ـ بيان السحر ـ التعريف الأول أخص تعريف للعلامة الحلي فقال العلامة "رحمه الله" في القواعد والتحرير، العلامة الحلي يذكر في هذا التعريف أربعة أسباب وثلاثة مسببات أربع علل وثلاث معلولات ثم بعد ذلك الشيخ الأنصاري يأتي بتعاريف أخر لعلماء أخر تصل هذه الأسباب ربما إلى ستة أو سبعة أو أكثر.

قال إنه كلام إذن أول علة كلام يستخدم كلام، إنه يعني السحر كلام يتكلم به هذه العلة الأولى السبب الأول الكلام، أو يكتبه هذا الثاني، الثالث أو رقية.

الفرق بين الرقية و بين الكتابة

سؤال ما الفرق بين الرقية وبين الكتابة مع أن الرقية تكتب؟

يقال الرقية هي عبارة عن العوذة والفرق بين الرقية والكتابة أن الكتابة أعم والرقية أخص لأن الرقية تكون عند المسحور أو من كتبت له الرقية وأما الكتابة فقد تكون عند المسحور وقد تكون عند الساحر قد يحرقها قد يدفنها فهذا هو الفرق بين الرقية وبين الكاتبة، الكتابة عادة تكون عند الساحر وقد تكون عنده أو عند غيره بينما الرقية لا تكون إلا عند من كتبت من أجله.

السبب الرابع أو يعمل شيئا هذا يعمل شيئا هذا عام سيشمل جميع الأسباب التي ستذكر فيها بعد إذن أسباب أربعة كلام، كتابة، رقية، عمل.

يؤثر في بدن المسحور هنا يؤثر مطلق قد يؤثر في النفع وقد يؤثر في الضر، يؤثر في النفع مثل جلب المحبة يسمونه جلبة، رجل يحب امرأة يذهب إلى هذا الساحر يقول له اعمل لها جلبة، عملون وتقبل به.

أو هي تحب واحد تذهب إلى هذا الفوال يسوي له جلبة ويعمل لها جلبة فإذن التأثير كما يكون في الأضرار أن فلان يموت أو يعمى أو يفصل من عمله أو ما يستطيع أن يدخل على زوجته أيضا يؤثر في جانب غير الشر جانب المحبة وغير ذلك إذن كلام العلامة مطلق، مطلق التأثير حرام يعني حتى الجلبة تكون حرام لأن هذا تأثير.

يؤثر في بدن المسحور أو قلبه يعني قلب المسحور أو عقله يعني عقل المسحور لكن من غير مباشرة[10] لا يؤثر فيه مباشر، يؤثر مباشر مثلا يأخذ خشبة ويضرب على رأسه ويقتله يجرحه فهذا يؤثر في بدنه أو في عقله مباشرة، لا يؤثر بطريق غير مباشر يعني عن طريق وسائل وهو في مكانه يحرق شعره إليه أو أظفر أو ما شاكل ذلك ويؤثر فيه لأنه هؤلاء أغلب المشعوذين يسخرون الجن، الجن روح تقوم على الشم فإما يأخذ الشعر أو يأخذ الأظافر لأن الجن يميلون إلى الشعر أو الأظافر أو يأخذ لباس أنت لبسته وعرقت فيه فهذا الجم يشم فيأخذ هذا اللباس أو الأظفر أو الشعر ويضعه في دم حيض أو مثلا يضعه في قرآن ويضع على القرآن نجاسات حتى يجمع الشياطين أو يضع آيات أو أدعية في مرحاض والعياذ بالله هؤلاء شياطين فيجمع الشياطين يسخر الشياطين، إلى هنا انتهينا من التعريف الأول للعلامة الحلي في القواعد والتحريم.

وزاد في المنتهى نفس العلامة الحلي في منتهى الأحكام أو عقد[11] هذا الأمر الخامس من الأسباب، يعقد يربط الثياب أو يربط الحبال هذا موجود عند الكثير من الذين عدهم خدامات وغيره الذين جاءوا من الأماكن التي فيها شعوذة كثيرة بعض البلدان يأخذون مثلا ثياب الطفل ويعقدونها ويتعاملون مع السحرة ويؤذون أهل البيت (ومن شر النفاثات في العقد) ينفخون في هذه العقد المربوطة وزاد في المسالك الشهيد الثاني أو أقسام ـ جمع قسم ـ أو عزائم ـ جمع عزيمة ـ يحدث بسببها ضرر على الغير[12] يعني يحدث بسبب الأقسام والعزائم حصول ضرر على الغير، فهؤلاء يقسمون على ملائكة الله أو على ملوك عند الجن وبعضهم قال العزائم هي نفسها الأقسام وقد يأتي لها معنى آخر كما سيأتي.

وزاد في الدروس ـ وزاد الشهيد الأول في الدروس ـ الدخنة ـ البخور ـ يأتي ببخور ودخان ويذكر بعض الأوراد التي من شأنها لأن هذه أرواح، الجن يحبون العود، لهم أدخنة خاصة بخور خاص يجلبهم يجلب الشياطين ويجلب الجن، والتصوير مثلا يرسم صورتك أو صورة الشخص ويضع إبرة في رأسه أو في رجله و... فيتأذى هذا الشخص، والنفث يعني النفث في العقد بعضهم قال النفث بمعنى النفخ في العقد وبعضهم قال البصاق، وتصفية النفس[13] ليس المراد تصفية النفس من الرذائل بل تصفية النفس من الفضائل يعمل له رياضات وهذا موجود في الهند مثلا يقف سنة واحدة على رجل واحدة أو يضع مثلا في آلته الخاصة للبول أو الغائط يضع علبة سنة كامل يبول ويتغوط فيها ويكون مع النجاسات حتى يحظر الشياطين، تصفية النفس من الفضائل حتى يكون صاف للشياطين، ويمكن أن يدخل جميع ذلك جميع هذه الأسباب من العقد إلى آخر شيء تصفية النفس يعني من الخامس إلى رقم أثنى عشر في قوله في القواعد يعني قول العلامة الحلي في القواعد أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور إلى آخره.

نعم ظاهر المسالك ومحكي الدروس أن المعتبر في السحر الأضرار هنا ومحكي الدروس في سائر النسخ ولكن الشيخ قال وزاد في الدروس كان ينقل في نفس الدروس كيف الآن بعد سطرين ينقل ومحكي الدروس؟ لعل المراد وصريح الدروس بل حتى المسالك قال نعم ظاهر المسالك بل هو صريح المسالك زاد في المسالك أو أقسام أو عزائم يحدث بسببها ضرر على الغير إذن ما هو المقصود بالتأثير؟ إذا المقصود بالتأثير في كلام العلامة في القواعد هو الأضرار صارت عبارة العلامة الحلي والشهيد الثاني والشهيد الأول بمعنى واحد وأما إذا كان مراد العلامة الحلي مطلق التأثير فيصير كلام العلامة أعم وكلام الشهيد الأول والثاني اخص.

قال فإن أريد من التأثير في عبارة القواعد وغيرها خصوص الأضرار بالمسحور فهو يعني فهو موافق لكلام الشهيد الأول والثاني وإلا يعني إن لم يرد خصوص الأضرار بالمسحور كان أعم يعني كان كلام العلامة في القواعد أعم يشمل الأضرار والنفع ثم إن الشهيدين رحمهما الله الشهيد الأول محمد مكي العاملي والشهيد الثاني زين الدين الجبع العاملي عدا من السحر استخدام الملائكة بعضهم يقول أنا أتعامل مع سماويين ما أتعامل مع أرضيين، أرضيين هذا الجن الأرضيين سماويين جن سماويين أو ملائكة، واستنزال الشياطين لما قال استنزال الشياطين يعني الشياطين العلوية استنزالهم إلى الأرض، في كشف الغائبات يعني المغيبات وعلاج المصاب ـ المجنون ـ واستحضارهم يعني واستحضار يعني الشياطين وتلبسيهم ببدن صبي أو امرأة يجعل الشيطان يدخل في بدن الصبي أو المرأة وكشف الغائبات على لسانه يعني كشف الأمور الغائبة لا المغيبة على لسانه يعني على لسان الصبي أو المرأة وقد يتكلم هذا الجن الذي يدخل في الإنسان قد يتكلم عن أشياء مستقبلية وقد تصيب وقد لا تصيب لأنه يعرف النفسية مثلا يعرف هذا الولد له مزاج دراسة وناوي يدرس في الخارج يخبر بأن هذا يدرس في الخارج ويقول هذا الولد لا يريد أن يدرس يريد أن يشتغل لأنه يعرف نفسيته فهذا ليس أخبار غيبي وإنما أخبار عن طريق معرفة النفسيات، والجن يكذب كما أن الإنسان والبشر يكذب، البعض يصدق بمجرد يرى هذا الجن داخل في شخص ويخبر يتعامل معه معاملة وحي ونبي مرسل كلا هذا غير صحيح قد يكون هذا الجن صادق فيما يخبر لكن خبره غير صحيح وقد يكون يتعمد أن يكذب يتعمد أن يضللك لأن بعضهم يهود بعض الجن مسيح وبعضهم مسلمين ويقلدون مراجعنا.

الآن هناك إشكال صاحب مفتاح الكرامة قال في تسخير الجن والملائكة والشياطين لا يوجد ضرر يدخل الجن يتكلم على لسان الصبي أو على لسان المرأة لا يوجد ضرر أقول لو سلمنا أنه لا يوجد ضرر فإنه يوجد أضرار بالملك أو الجن أو الشياطين لأنه يحضرهم غصبا عنهم ولذلك أي لحظة يتمكنون منه ينتقمون منه لأنه بالإجبار مثل ما أنت يحضرونك بالإجبار مركز الشرطة أو يستدعونك تستنفر إذا تستطيع تنتقم تنتقم كذلك هؤلاء إذا أنت تحظر الجن أو تحظر هذا الشيطان أنت تحظره غصبا عنه فهذا فيه أضرار بالشيطان فيه أضرار بالجان فيه أضرار بالملك على أنه يوجد أضرار حتى بنفس هذا الصبي أو هذه المرأة فكيف يعيش مع زوجته كيف تعيش مع زوجها.

والظاهر أن المسحور فيما ذكراه ـ الشهيد الأول والثاني ـ هي الملائكة والجن والشياطين والأضرار بهم يعني بالملائكة والجن والشياطين يحصل بتسخيرهم ـ تسخير الملائكة والجن والشياطين ـ وتعجزيهم من المخالفة له ما يستطيعون أن يخالفونه وإلجائهم إلى الخدمة طبعا هناك كلام هل يستطيع الإنسان أن يسخر الملائكة أو لا هذا كلام البعض يقول لا ما يستطيع أن يسخر الملائكة يسخر الجن والشياطين، الجن خيارهم وأشرارهم.

إلى هنا أخذنا التعريف الأول الأخص للعلامة الحلي، ما هو هذا التعريف؟ التأثير في الأشياء هذه خلاصته، التأثير في البدن أو العقل أو القلب أما تعريف ابنه فخر المحققين في إيضاح الفوائد في شرح القواعد قال استحداث الخوارق يعني تستحدث شيء خارق للعادة.

وقال في الإيضاح ـ فخر المحققين ـ إنه يعني السحر استحداث الخوارق إما بمجرد التأثيرات النفسانية وهي السحر هذا القسم الأول كل قسم له مصطلح الأول من أقسام السحر أيضا يطلق عليه السحر، إما بمجرد التأثيرات النفسانية يعني يؤثر في النفسية يجعلك يعكر مزاجك القسم الثاني أو بالاستعانة بالفلكيات فقط وهو دعوة الكواكب، الاستعانة بالفلكيات فقط يعني الكواكب وحركتها ؟؟؟ تؤثر فيك، القسم الثالث أو بتمزيج القوى السماوية بالقوة الأرضية وهي الطلسمات مثلا يحرق شعره عند خروج المذنب الفلاني، يحرق شعره عند التقاء الكوكب الكذائي وخروجه إلى المدار الكذائي فشيء أرضي قوى أرضية شعر في الأرض وقوة سماوية وهي الطلسمات.

الرابع أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة يعني الأرواح المجردة عن المادة مثل الملائكة والجن يستعين بالملائكة ويستعين بالجن وهي عزام ـ جمع عزيمة ـ ويدخل فيه ـ في العزائم ـ النيرنجات جمع نيرنج هي معرب نيرنج أصلها فارسي أصلها نيرنگ رنگ يعني لون بالفارسي ثم عربت من الفارسية نيرنگ إلى العربية نيرنج.

سؤال ما الفرق بين النيرنجات والعزائم؟

جواب يقولون النيرنجات هي الاستعانة بالأرواح في الشر بينما العزائم الاستعانة بالأرواح في الخير يعني يريد يفك السحر يستعين بالأرواح هذه يسمونها عزائم، عزمت عليك إلا ما فككت السحر والربط في فلان فإنه يريد أن يدخل على زوجته وقد ربطوه عنها ففكه هذه من العزائم أما النيرنج اربط فلان الليلة ليلة دخلته فشلة مع عائلته وعائلة زوجته.

هذه الأقسام الأربعة يقول صاحب الإيضاح فخر المحققين والكل حرام في شريعة الإسلام ومستحله كافر يعني من يرى أنه حلال هذا كافر انتهى وتبعه على هذا التفسير في محكي التنقيح[14] الذي هو فاضل المقداد السيوري مثل العلامة الحلي تبعه الشهيد الأول والثاني وزادوا قيد الأضرار هنا أبنه فخر المحققين هذا التعريف الثاني تبعه الفاضل المقداد السيوري وفسر النيرنجات في الدروس الشهيد الأول بإظهار غرائب خواص الامتزاجات وأسرار النيرين[15] ـ الشمس والقمر ـ وفي الإيضاح أما ما كان على سبيل الاستعانة بخواص الأجسام السفلية كيمياء وغير ذلك فهو علم الخواص، الثاني أو الاستعانة بالنسب الرياضية يعني الأمور الدقيقة فهو علم الحيل وجر الأثقال هذا في الفيزياء، الأول علم الخواص الكيمياء الثاني الفيزياء إذا تدرس كثافة الأشياء تستطيع أن تجر حمل ثقيل بشيء بسيط وهذان ليسا من السحر[16] وهذان يعني علم الخواص والاستعانة بالنسب الذي هو علم الحيل وجر الأثقال ليسا من السحر.

يعلق الشيخ الأنصاري يقول وما جعله خارجا يعني والشيء الذي جعله فخر المحققين خارجا عن السحر وهو علم الخواص وعلم الحيل قد ادخله غيره يعني غير فخر المحققين أدخل علم الخواص وعلم الحيل في السحر وفي بعض الروايات دلالة عليه ـ على أن حتى علم الخواص وعلم الحيل أيضا من السحر بل بعض الروايات حتى النميمة من السحر ـ وسيجيء المحكي والمروي، المحكي سيأتي ما يحكيه عن الفاضل المقداد السيوري وعن الفاضل المقداد السيوري الآن سيأتي وأما المروي سيأتي صفحة 263.

يقول ولا يخفى أن هذا التعريف ـ تعريف فخر المحققين ـ أعم من الأول هذا التعريف يعني استحداث الخوارق، أعم من الأول أعم من تعريف والده العلامة الحلي التأثير من جهتين الجهة الأولى لعدم اعتبار مسحور فيه المهم يستحدث خوارق بينما في كلام العلامة الحلي إما يؤثر في عقله أو بدنه أو قلبه، الثاني فضلا عن الأضرار ببدنه أو عقله يعني لا يشترط في تعريف فخر المحققين الأضرار بالبدن أو العقل بينما في تعريف الشهيد الأول والثاني يشترط والإضرار لم يؤخذ قيدا في تعريف العلامة الحلي وإنما أخذ في قيد التأثير.

إلى هنا أخذنا التعريف الأول للعلامة الحلي والثاني لفخر المحققين، التعريف الثالث الفاضل المقداد السيوري وعن الفاضل المقداد في التنقيح ـ تنقيح الرائع لمختصر الشرائع ـ أنه ـ السحر ـ عمل يستفاد منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأسباب خفية[17] يده خفيفة ويعمل السحر وهذا ـ هذا التعريف ـ يشمل علمي الخواص والحيل، علم الخواص الكيمياء وعلم الحيل الفيزياء يشمل أنه يقتدر على أفعال غريبة بأسباب خفية إذا عرف المعادلات الكيمياوية والفيزيائية.

أعم التعاريف صاحب البحار التعريف الرابع وقال في البحار الشيخ محمد باقر المجلسي "رحمه الله" بعد ما نقل عن أهل اللغة أنه ـ السحر ـ ما لطف وخفي سببه إذن أول كلام أهل اللغة، الثاني كلام أهل الشرع أنه في عرف الشرع مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع[18] هذا عام جدا كل شيء فيه تمويه وخداع وهذا التعريف الرابع للعلامة المجلسي أعم من الكل أعم من التعريف الأول للعلامة والثاني لفخر المحققين والثالث لمقداد السيوري لأنه ذكر بعد ذلك يعني ذكر بعد بيان هذا التعريف ما حاصله أن السحر على أقسام بعد ذلك يعني هذا التعريف في عرف الشرع مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع

اقسام السحر في كلام العلامه المجلسي

ذكر إليه العلامة المجلسي ثمانية أقسام:

الأول سحر الكلدانيين بعض النسخ الكذابين الذين كانوا في قديم الدهر وهم قوم كانوا يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم ومنها هذه الكواكب المدبرة تصدر الخيرات والشرور والسعادات والنحوسات ثم ذكر أنهم على ثلاثة مذاهب الكلدانيين فمنهم من يزعم أنها ـ هذه الكواكب ـ الواجبة لذاتها الخارقة للعالم ومنهم من يزعم أنها ـ الكواكب ـ قديمة لعدم العلة المؤثرة فيها ومنهم من يزعم أنها حادثة مخلوقة فعالة مختارة فوض خالقها أمر العالم إليها والساحر عند هذه الفرق من يعرف القوى العالية الفعالة ـ القوى العقلية يعني السماوية من كواكب ونجوم بسائطها ومركباتها القوى العالية قد تكون بسيطة وقد تكون مركبة، البسيطة التي تفعل لوحدها المركبة التي تفعل وتؤثر مجتمعة مع غيرها، يعني هذا الكوكب لوحده لا يؤثر يؤثر بالتعاون مع كوكب آخر هذا يصير تأثير مركب ويعرف ما يليق بالعالم السفلي يعني العالم الأرضي ويعرف معداتها ليعدها وعوائقها ليرفعها بحسب الطاقة البشرية فيكون متمكنا من استجذاب ما يخرق العادة.

الثاني سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، نفسيته قوية يوهمك أشياء.

الثالث الاستعانة بالأرواح الأرضية وقد أنكرها بعض الفلاسفة وقال بها الأكابر منهم هذا سحر أصحاب الأوهام والنفوس الضعيفة وهي في أنفسها مختلفة فمنهم خيرة وهم مؤمنو الجن (﴿وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا﴾)[19] القرآن يشير في سورة الجن لذلك المؤثر في الجن سورة الجن وسورة يس وسورة الرحمن هذه من أهم السور المؤثرة في الجن، وشريرة وهم كفار الجن وشياطينهم.

الرابع التخيلات والأخذ بالعيون ـ الشعوذة ـ يحرك شيء يأخذ بعيونك مثل راكب السفينة يتخيل ساكنا والشط متحركا.

الخامس الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على نسب الهندسة كرقاص يرقص وفارسان يقتتلان أنت تتوهم هذا الشيء.

السادس الاستعانة بخواص الأدوية مثل أن يجعل في الطعام بعض الأدوية المبلدة للذهن أو المزيلة للعقل أو الدخن المسكر يعني مادة تجعلك تسكر تتخدر، أو عصارة البنج المجعول في الملبس وهذا مما لا سبيل إلى إنكاره واثر المغناطيس شاهد.

السابع تعليق القلب وهو أن يدعي الساحر أنه يعرف علم الكيمياء وعلم السيمياء، علم الكيمياء علم يراد به تحويل بعض المعادن إلى بعض وبالخصوص تحويلها إلى الذهب، السيمياء علم يطلق على غير الحقيقي من السحر وحاصله إحداث مثالات خيالية لا وجود لها في الحس وقد يطلق على إيجاد تلك المثالات بصورها في الحس وتكون صورا في جوهر الهواء والاسم الأعظم حتى يميل إليه العوام وليس له أصل.

الثامن النميمة ـ هو نقل كلام الغير إلى الغير ـ فلان قال عنك كذا وتصير فتنة بين القائل والمقول فيه.

انتهى الملخص منه كلام صاحب البحار طويل وما ذكره ـ صاحب البحار ـ من وجوه السحر بعضها قد تقدم عن الإيضاح وهو الأول والثاني والثالث وبعضها من الرابع إلى آخره قد ذكر فيما ذكره في الاحتجاج الطبرسي من حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله “عليه السلام” عن رسائل كثيرة، الزنديق سأل الإمام الصادق، منها ما ذكره بقول ذكر بعض الأقسام من الرابع إلى الثامن بعض هذه الأقسام مذكورة هنا، منها ما ذكره بقوله أخبرني عن السحر ما أصله وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه وما يفعل قال أبو عبد الله “عليه السلام” إن السحر على وجوه شتى منها بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء فكذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة ولكل عافية عاهة ولكل معنى حيلة ونوع آخر منه خطفه وسرعة، خطفه يعني شيء سريع يعني بالخطفة والسرعة، ومخاريق وخفة يعني خرق للعادة بشيء خفيف ونوع منه ـ من السحر ـ ما يأخذه أولياء الشياطين منهم يعني من أهل الشياطين إذن ذكر ثلاثة أشياء الأول فيه صلاح للناس الثاني خفة يد الثالث ما يؤخذ من الشياطين.

قال (فمن أين علم الشياطين السحر قال من حيث علم الأطباء الطب بعضه بتجربة وبعضه بعلاج قال وما تقول في الملكين هاروت وماروت وما يقول الناس إنهما يعلمان الناس السحر قال الإمام الصادق إنما هما موضع ابتلاء وموقف فتنة) لأن هاروت وماروت يعلمون الناس بعضهم يستخدم لما يعرف الطريقة بعضهم يستخدمها في الخير وبعضهم يستخدمها في الشر.

قال إنما هما موضع ابتلاء وموقف فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا ولو تعالج بكذا وكذا لصار كذا فيتعلمون منهما يعني من هاروت وماروت ما يخرج عنهما ـ عن هاروت وماروت ـ فيقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا منا ما يضركم ولا ينفعكم قال أفيقدر الساحر على أن يجعل الإنسان بسحره في صورة كلب أو حمار أو غير ذلك قال الصادق “عليه السلام” هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله إن من أبطل ما ركبه الله تعالى وصور غيره ـ غير ما ركبه الله ـ فهو شريك الله في خلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته وإن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ويجلب العداوة على المتصافين ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور والنمام شر من وطئ الأرض بقدمه فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب ـ الطبيب قد يستخدم طبه في الخير قد يستخدمه في الشر ـ إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء إذن هذا ضراء، فجاءه الطبيب فعالجه بغير ذلك يعني بغير ما عالجه الساحر فأبرأه[20] ـ جعله يدخل على زوجته ـ إلى آخر الحديث ثم لا يخفى أن الجمع بين ما ذكر في معنى السحر في غاية الإشكال يعني تجمع أنت من تسخير الجن والشياطين إلى النميمة هذه كيف تجمعها في تعاريف لذلك الشيخ الأنصاري ما رجح تعريف من تعاريف اللغة وتعاريف الاصطلاح لذلك قال ثم لا يخفى أن الجمع بين ما ذكر في معنى السحر في غاية الإشكال لكن المهم بيان حكمه ـ حكم السحر ـ لا موضوعه لأن موضوعه سيتجلى من خلال التطرق إلى الروايات.

المقام الثاني في حكم الأقسام المذكورة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo