< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السابع والثمانون: البحث في حرمة الغش الوضعية

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثم إن في جامع المقاصد ذكر في الغش بما يخفى بعد تمثيله له بمزج اللبن بالماء.[1]

خلاصة الدرس السابق

كان الكلام في المسألة الثانية عشر وهي حرمة الغش في بداية المسألة ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" الروايات الدالة على حرمة الغش ثم استظهر منها أن الظاهر من الغش أنه من العناوين القصدية وفي الأخير ذكر أربعة أقسام للغش اليوم نكمل المسألة فبعد ذكر أقسام الغش الأربعة شرع الشيخ الأنصاري في بيان الحكم الوضعي فقد ذكر الحكم التكليفي في بداية المسألة وهو أن الغش حرام تكليفا فمن قام بالغش متعمدا عالم بالحرمة استحق الإثم ولكن لو خالف وغش هل توجد حرمة وضعية يعني هل تكون المعاملة فاسدة بحيث يبقى مال المشتري على ملكه ومال البائع على ملكه ولا ينتقل المبيع إلى المشتري ولا ينتقل الثمن إلى البائع أو لا؟

درس اليوم

ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ما ذكره المحقق الكركي في جامع المقاصد إذ ذكر وجهين وجه للصحة ووجه للفساد ثم ذكر شاهدا على الفساد من كلام الشهيد الأول في الذكرى ثم شرع الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في مناقشة وجه الفساد الذي ذكره المحقق الكركي وانتهى إلى أن هذا الوجه لا يدل على الفساد كما أن الشاهد الذي استشهد المحقق الكركي وهو كلام الشهيد الأول في الذكرى لا يصلح شاهدا على فساد المعاملة بل هو أجنبي عن محل بحثنا فتكون النتيجة لا يوجد دليل على الفساد الوضعي.

ثم بعد ذلك يتطرق إلى كلام المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان إذ ذكر وجهين على فساد معاملة الغش ثم ناقش الشيخ الأنصاري كلا الوجهين وأبطلهما فتكون النتيجة إنه لا يوجد دليل يدل على فساد معاملة الغش وإن قلنا بتحريمها.

نعم يقول الشيخ الأنصاري إن الأقسام الثلاثة الأولى من أقسام الغش لا يتحقق فيها الفساد أي الحكم الوضعي نعم يلتزم الشيخ الأنصاري بالحرمة الوضعية في خصوص القسم الرابع من أقسام الغش فيلتزم بالفساد ثم يختم المسألة إذا التزمنا بالفساد نلتزم باللوازم الفقهية التي ترتب على فساد المعاملة كإعمال خيار العيب وما شاكل ذلك، هذا ملخص درس اليوم.

وأما التفصيل، المحقق الكركي ضرب مثالا للغش وهو مزج اللبن بالماء فلو باع البائع لبنا ممزوجا بالماء وباعه متعمدا في هذه الحالة هو يستحق الإثم لثبوت الحرمة التكليفية ولكن هل يتحقق الفساد يعني يبقى اللبن على ملك البائع ويبقى الدينار الذي قبضه البائع على ملك المشتري وجهان وجه للصحة ووجه للفساد أما وجه الصحة فهو أن المحرم هو عنوان الغش وعنوان الغش خارج عن المعاملة قد تقول هذا الغش يوجب سلب المالية عن المعاملة والجواب يبقى المبيع وهو اللبن الممزوج بالماء على ماليته وما دام المبيع باق على ماليته ففي هذه الحالة تكون المعاملة صحيحة لأن اللبن عين مملوكة له مالية فتتم المعاملة هذا تمام الكلام في وجه الصحة.

وأما وجه الفساد فلأن العقود تابعة للقصود وما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد فالمشتري قد قصد اللبن الخالص والمعاملة قد وقعت على اللبن المشوب بالماء والمختلط بالماء فما قصد وهو اللبن الخالص لم يقع وما وقع وهو اللبن المشوب بالماء لم يقصد ثم جاء المحقق الكركي بشاهد على الفساد ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد هذا الشاهد هو ما ذكره الشهيد الأول في الذكرى في باب الجماعة إذ ضرب مثالين لتعارض الإشارة والوصف، المثال الأول لو صلى المكلف خلف إمام معتقدا أنه زيد العادل فبان أنه عبيد الفاسق فهل صلاته صحيحة أو لا؟ هل تصح جماعته أو لا؟ هنا تعارض الإشارة والوصف الإشارة أصلي خلف هذا الإمام والوصف الذي هو زيد صار تعارض بين الإشارة وبين زيد إن قدمت الإشارة على الوصف صارت الصلاة الجماعة صحيحة لأن وقد أصلي خلف هذا الذي هو زيد اتضح أنه مو زيد هو عبيد الفاسق فإذا قدمت الإشارة أصلي خلف هذا يعني هذا الفاسق تصير الجماعة باطلة لأنه صلى خلف الفاسق وإن قدم الوصف أنا أصلي خلف زيد في بالي أنه زيد ليس عبيد تصير الجماعة صحيحة.

وهكذا لو باع البائع شخصا قائلا بعتك هذا الفرس فبان حمارا فإن قدمت الإشارة صار البيع باطل وإن قدم العنوان أنا أبيعك الفرس عنوان الفرس صارت المعاملة صحيحة، إذن يوجد تردد بين عنواني الإشارة والوصف، أيهما مقدم هناك وجه لتقديم الإشارة وهناك وجه لتقديم الوصف في هذه الحالة يحصل تردد في تقديم أحدهما على الآخر أحد الأمرين يوجب الصحة والآخر يوجب الفساد إذن هنا تبطل المعاملة لأن العقود تابعة للقصود، هذا تمام الكلام فيما ذكره المحقق الكركي في جامع المقاصد من بيان وجه الصحة ووجه الفساد للمعاملة التي فيها غش ثم تأييد وجه الفساد بشاهد للمحقق الشهيد الأول في الذكرى.

ثم يبدأ الشيخ الأنصاري بالمناقشة يأتي بوجهين لإبطال أن شاهد الذكرى للشهيد الأول ليس بشاهد على الفساد بل هو أجنبي تماما عن موطن بحثنا ثم يبطل كلام المحقق الكركي الذي ذكره في وجه الفساد فيتضح أنه لا دليل على فساد معاملة الغش ثم يشرع في بيان الوجهين الذين ذكرهما المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان.

تطبيق المتن

ثم إن في جامع المقاصد يعني وبعد بيان الحرمة التكليفية نشرع في بيان الحرمة الوضعية وننقل كلام المحقق الكركي، ثم إن في جامع المقاصد ذكر المحقق الكركي الشيخ محمد بن عبد العال العاملي، في الغش بما يخفى بعد تمثيله له ـ للغش بما يخفى ـ بمزج اللبن بالماء ذكر وجهين في صحة المعاملة يعني وجه في صحة المعاملة ووجه في فسادها، ذكر وجهين في صحة المعاملة وفسادها من حيث هذا وجه الصحة أولا يبدأ بوجه الصحة يعني على نحو اللف والنشر المرتب أولا ذكر الصحة ثم الفساد ثم ذكر وجه الصحة ثم ذكر وجه الفساد.

ثم إن في جامع المقاصد ذكر في الغش بما يخفى وجهين في صحة المعاملة وفسادها من حيث إن المحرم هو الغش يعني هو عنوان الغش الذي هو خارج معاملة البيع يعني النهي لم يتعلق بمعاملة البيع بل النهي تعلق بشيء خارج عنوان البيع وهو الغش والنهي عن الشيء الخارجي لا يضل على فساد المعاملة قد تقول هذا الغش يبطل المعاملة المبيع وهو اللبن المشوب بالماء ماليته لا زالت قائمة قال والمبيع عين مملوكة ينتفع بها، هذا والمبيع هذا دفع إشكال مقدر، ما هو هذا الإشكال؟ إن المعاملة باطلة لأن المبيع ممزوج بالماء، الجواب هذا المبيع ينتفع به وإذا ينتفع به ثبت له المالية وإذا ثبتت له المالية يمكن أن يقع طرفا للمعاملة لذلك قال والمبيع عين مملوكة يعني قابلة للملك ينتفع بها، هذا تمام الكلام في وجه الصحة.

الآن بيان وجه فساد المعاملة، ومن أن المقصود بالبيع هو اللبن يعني اللبن الخالص والجاري عليه العقد هو المشوب يعني هو اللبن المشوب بالماء فما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع والعقود تابعة للقصود فتبطل المعاملة هذا العقود تامة م وقع لم يقصد وما قصد لم يقع يحتاج إلى شاهد ذكر المحقق الكركي شاهدا من كلام الشهيد الأول في الذكرى ثم قال وفي الذكرى في باب الجماعة ذكرى الشيعة للشهيد الأول ما حاصله أنه لو نوى الاقتداء بإمام معين يعني مشار إليه على أنه زيد فبان عمرا أن في الحكم تأملا يعني أن في الحكم بصحة الجماعة نظرا يعني تردد إشكال، ما هو منشأ الإشكال؟ التردد في تقديم الإشارة أو الوصف.

المثال الثاني ومثله يعني يوجد في الحكم نظر ما لو قال بعتك هذا الفرس فإذا هو حمار[2] تعارض الإشارة هذا الفرس مع هذا الذي هو حمار مع الوصف الذي هو الفرس، فإذا هو حرام وجعل ـ الشهيد الأول ـ منشأ التردد تغليب الإشارة أو الوصف[3] إذن المحقق الكركي قال منشأ التردد هو ماذا؟ هل يغلب الإشارة تقدم الإشارة أو يقدم الوصف.

الشيخ الأنصاري يعلق يقول هذا المثال هذا الوجهين وجه الصحة ووجه الفساد ليسا خاصين بالغش والغش هو عبارة عن العيب الخفي بل هذان الوجهان يجريان في أي عيب حتى لو كان العيب ظاهرا قال وما ذكره ـ المحقق الكركي ـ من وجهي الصحة والفساد جارِ يعني يجري في مطلق العيب لا في خصوص العيب الخفي الذي هو الغش لأن المقصود هو الصحيح يعني مقصود المشتري هو المبيع الصحيح والجاري عليه العقد هو المعيب ـ هو المبيع المعيب ـ وجعله من باب تعارض يعني وجعل هذين المثالين، من باب تعارض الإشارة والوصف مبني على إرادة الصحيح من عنوان المبيع يعني المشتري يقصد الصحيح أما إذا المشتري ما يقصد الصحيح يقصد الأعم من الصحيح والمعيب ما يصير تعارض بين الإشارة والوصف يعني سواء طلع هذا حمار أو طلع فرس أو حصان أو بغل المشتري قابل بعد ما يصير تعارض إذا المصلي يصلي خلف أي إمام عادل أو فاسق ما يصير تعارض منشأ التعارض اشتراط الصحة أن يكون الإمام عادلا إن يكون المبيع خالصا إذن منشأ التردد بين الإشارة والوصف هو اشتراط الصحة.

قال وما ذكره المحقق الكركي من وجهي الصحة والفساد جار في مطلق العيب لأن المقصود يعني من المبيع هو المبيع الصحيح والجاري عليه العقد يعني والمقصود من الجار عليه العقد هو المعيب وجعله هذا المثال من باب تعارض الإشارة والوصف مبني على إرادة الصحيح من عنوان المبيع يعني لا المبيع الأعم من الصحيح والفاسد خصوص المبيع الصحيح.

فيكون قوله بعتك هذا العبد بعد تبين كونه أعمى بمنزلة قوله بعتك هذا البصير يعني هذا العبد الصحيح البصير.

الشيخ الأنصاري يناقش بمناقشتين رائعتين جدا:

المناقشة الأولى قبل أن أوضحها أضرب مثالين لكي يتضح المطلب العميق الذي يشير إليه الشيخ الأنصاري.

لو باعه عبدا بمائة دينار فاتضح أنه أمة وليس عبدا هل تصح المعاملة أو لا؟ الجواب المعاملة فاسدة لاختلال الركن المبيع طالع مختلف هو باع على أنه عبد اتضح أنه أمة هنا تبطل المعاملة يعني صار العبد والأمة مقومين للمبيع داخلان في قوام المبيع لكن لو باعه العبد على انه بصير فاتضح أنه أعمى يشوف يفتح عيونه تالي تبين ما يشوف هل تبطل المعاملة أو تصح؟ هنا العرف والشرع يقول المعاملة صحيحة ويثبت للمشتري خيار العيب إما يقبل بالمعاملة ويقول له والله عوضني عنه أو يفسخ المعاملة يعمل خيار العيب يعني إما يمضي المعاملة ويأخذ الإرش وإما يفسخ المعاملة بخيار العيب.

سؤال ما الفرق بين بيع الأمة على أنها عبد وبين بيع الأعمى على أنه بصير

جواب إن صفة البصر والعمى شرط خارج قوام المبيع بينما الذكورة والأنوثة داخلان في قوام المبيع إذن ما قلته من تعارض الإشارة مع الوصف هذا لا يتم لأن وصف الصحة ملحوظ بنحو الشرطية لا بنحو المقوم للمبيع وإلا إذا لوحظ بنحو المقوم للمبيع تبطل المعاملة إذن أنت قلت إن قدمنا الشرط تبطل المعاملة قدمنا الإشارة تصح المعاملة، إذا الشرط مقوم للمبيع المعاملة تبطل.

المناقشة الأولى قال وأنت خبير بأن الأمر كذلك كما سيجيء في باب العيب كذلك يعني الوصف مبني على إرادة الصحيح من عنوان المبيع وأنت خبير بأنه ليس الأمر كذلك كما سيجيء في باب العيب، ليس الأمر كذلك يعني ليس الوصف مبنيا على إرادة الصحيح من عنوان المبيع يعني نحن مثالنا مثال إذا باع العبد على أنه بصير فاتضح أنه أعمى فشرط البصر والعمى ليس مقوما للمعاملة بل هو شرط خارج المعاملة وليس مثالنا من باب الشرط المقوم أنه باعه ذكر فاتضح أنه أنثى.

وأنت خبير بأن ليس الأمر كذلك يعني ليس الواقع كذلك يعني ليس الوصف مبني على إرادة الصحيح من عنوان المبيع بل وصف الصحة ملحوظ على وجه الشرطية لأن الشرط ليس داخل في قوام المركب خارج المركب، وعدم كونه ـ كون الشرط ـ مقوما للمبيع يعني شرط الصحة ليس مقوما للمبيع كما يشهد به العرف والشرط إذا جرت معاملة مع فقد الشرط أو فقد الوصف يقولون المعاملة صحيحة مع حق إعمال خيار العيب أو خيار تبضع الصفقة.

الإشكال الثاني قد تقول هذا خلاف مبنائي أنت ترى أن شرط الصحة شرط خارج قوام المبيع ونحن نرى داخل قوام المبيع بالتالي ما قصد وهو اللبن الخالص لم يقع وما وقع وهو اللبن المشوب لم يقصد فيحصل تعارض بين الإشارة وبين الوصف.

يقول تعارض الوصف والإشارة يحصل عند الجهل بالواقع يعني هذا المأموم لا يعرف أن الإمام الذي يصلي هل هو زيد العادل أو عمر غير العادل هنا يحصل تعارض بين فهنا إن قصد الإشارة أصلي خلف هذا واتضح أنه صلى خلف غير العادل تبطل جماعته وإن قصد العنوان زيد العادل تصير صلاته صحيحة هنا يصير تعارض الوصف والعنوان تعارض الإشارة والوصف ولكن إذا علم الواقع في هذه الحالة لا يدور الأمر بين تردد الإشارة والوصف كما في مورد بحثنا المشتري واقعا هو يريد اللبن الخالص أو يريد اللبن المشوب يريد اللبن الخالص إذن مراد المشتري الواقعي معلوم ما هو مراده الواقعي؟ اللبن الخالص فإذا اتضح أن اللبن ليس بخالص مشوب بطلت المعاملة نقدم الوصف على الإشارة بعد ما يصير تعارض بين الإشارة والوصف وهكذا الذي يشتري الفرس هو مراده يشتري الفرس أو يشتري الحمار؟ يشتري الفرس فإذا اتضح أنه حمار وليس بفرس لا تقل هذا من موارد تعارض الإشارة تبطل المعاملة إذن يا أيها المحقق الكركي ما جئت به من كلام الشهيد الأول كشاهد ليس بشاهد لأن كلام الشهيد الأول في تعارض الإشارة والوصف إنما يجري في حالة الجهل بالواقع والجهل بالمراد الواقعي ولكن عند العلم بالواقع قطع يقدم الوصف على الإشارة فنلتزم بالفساد والبطلان.

إشكال إذا قلت هذا كيف تخرج ما ذكره الشهيد الأول في إمام الجماعة فإن المصلي قطعا يريد الصلاة خلف العادل ولا يريد الصلاة خلف الفاسق إذن تقول هذا ليس من باب تعارض الإشارة والوصف قطعا يقدم الوصف، الجواب توجد مرحلتان وهو نية المأموم وقصد المأموم قبل الصلاة وقصد المأموم بعد الصلاة أحيانا بعد الصلاة أو بعد الإتيان بالعبادة والمعاملة ينسى الإنسان ماذا كان قد قصد وإلا قبل الإتيان النية حاضرة عنده لكن بعد الإتيان قد ينسى ماذا قصد إذن هو قبل الإئتمام عالم بقصده قطعا ولكن بعد الائتمام لما جاء ليسأل الشيخ الشيخ سأله أنت كنت تقصد مقدم هذا أو مقدم وصف في العدالة فلا تنقض علينا بإشكال الشهيد الأول في الذكرى لأن مثال الشهيد الأول في الذكرى ناظر إلى نية المأموم بعد الانتهاء من الصلاة لا قبل الإتيان بالصلاة.

الإشكال الثاني قال ثم لو فرض كون المراد من عنوان المشار إليه هو الصحيح يعني سلمنا جدلا أن وصف الصحة مقوم للبيع لا أن وصف الصحة خارج عن حقيقة البيع يقول لم يكن إشكال في تقديم العنوان ـ عنوان العدالة عنوان الفرس ـ على الإشارة، هذا الإمام هذه الدابة بعد ما فرض "رحمه الله" ـ المحقق الكركي ـ أن المقصود بالبيع يعني مقصود المشتري من البيع هو اللبن يعني اللبن الخالص هو افترض هكذا وافترض أن الجاري عليه العقد هو اللبن المشوب إذن لا تردد في معرفة نية المشتري الواقع معلوم إذا الواقع معلوم دائما يقدم الوصف على الإشارة.

لأن ما قصد وهو اللبن الخالص لم يقع وما وقع وهو اللبن المشوب لم يقصد ولذا يعني ولأنه ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع ولأن المقصود الواقع معلوم يقولون في بيع المموه يلتزمون بالبطلان هذا هو القسم الرابع يعني لو باعه دينار بدينار واتضح أن الدينار الثاني نحاس وليس ذهب أو ذهب لكن غير خالص يقولون المعاملة باطلة لأننا نحرز أن المتعامل يريد الذهب الخالص ولا يريد الذهب الذي هو نحاس أو برنز أو غير خالص قال ولذا يعني لأنه لا إشكال في تقديم العنوان على الإشارة بعد فرض أن المراد بالبيع هو الصحيح اتفقوا ـ الفقهاء ـ على بطلان الصرف بيع الصرف فيما إذا تبين أحد العوضين ـ الذهب أو الفضة ـ معيبا من غير الجنس درهم بدرهم اتضح أن الثاني حديد ليس بدرهم، دينار ذهب بدينار ذهب اتضح أن أحد الدينارين نحاس وليس ذهبا من غير الجنس الذي تمت عليه المعاملة، إذن التعارض بين الإشارة والوصف من جهة تردد النية عدم معرفة النية.

قال وأما التردد في مسألة تعارض الإشارة والعنوان فهو من جهة اشتباه ما هو المقصود بالذات بحسب الدلالة اللفظية يعني الدلالة اللفظية هل هي ناظرة إلى الإشارة أو ناظرة إلى العنوان فإنها يعني الدلالة اللفظية يذكر الوجهين وجه الإشارة ووجه العنوان فإنها ـ الدلالة اللفظية ـ مرددة بين كون متعلق القصد أولا وبالذات هو العين الحاضرة، إذا أولا وبالذات هو العين الحاضرة يعني تقديم الإشارة، ويكون اتصافه يعني اتصافها بالعنوان مبنيا على الاعتقاد المتعامل هنا يقدم الإشارة وكون متعلقه فإنها مردد بين كون متعلق القصد وكون متعلقه يعني متعلق قصد المتعامل هو العنوان إذا هو العنوان ؟؟؟ بالذات يعني يقدم الوصف على الإشارة هو العنوان والإشارة إليه ـ إلى العنوان ـ باعتبار حضوره باعتبار أن العين حاضرة وموجودة، هذا متى يصير تردد بين الإشارة والعنوان؟ يصير عند الجهل أما مع العلم بالواقع دائما العنوان يقدم على الإشارة.

قال أما على تقدير يعني فرض افتراض العلم بما هو المقصود بالذات نعلم أنه يريد اللبن الخالص ومغايرته يعني مغايرة المقصود بالذات اللبن الخالص للموجود الخارجي وهو اللبن المشوب كما فيما نحن فيه بيع اللبن المشوب بالماء فلا يتردد أحد في البطلان المعاملة تكون باطلة فاسدة لأن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد من دون نظر إلى قضية تردد الإشارة والعنوان أصلا يقدم العنوان على الإشارة.

قد تشكل بمثال الشهيد الأول في الذكر الاقتداء نقول هذا مثال لما بعد الصلاة لا ما قبل الصلاة.

قال وأما وجه تشبيه مسألة قد تقول إنه بين المشبه والمشبه به يوجد وجه والوجه مفقود لأنه قبل الصلاة هو لا يعلم وأما بالنسبة إلى اللبن هو يعلم إذن قبل المعاملة في اللبن المشتري يعلم أنه يريد اللبن الخالص أو لا؟ نعم وأما بالنسبة إلى المأموم فقبل الصلاة هو لا يعلم الشيخ الأنصاري يقول لا تأخذ مثال قبل الصلاة خذ مثال ما بعد الصلاة وإلا قبل الصلاة هو قطعا يعلم إذا قبل الصلاة قطعا يعلم قطعا يقدم الوصف على الإشارة لكن بعد الصلاة التبس عليه الأمر صارت مسألة أخرى.

قال وأما وجه تشبيه مسألة الاقتداء في الذكرى بتعارض الإشارة والوصف في الكلام مع عدم الإجمال في النية يعني في نية المأموم لا يوجد إجمال الشيخ يقول لا يوجد إجمال عند الصلاة لكن بعد الصلاة يوجد إجمال وإبهام فباعتبار عروض الاشتباه للناوي بعد ذلك يعني بعد الصلاة فيما نواه يصير عنده إجمال فيما نوى هل قصد الإشارة أو قصد الوصف إذ كثيرا ما يشتبه على الناوي أنه حضر في ذهنه العنوان ونوى الاقتداء به ـ بالإمام ـ معتقدا لحضوره المعتبر في إمام الجماعة فيكون الإمام هو المعنون بذلك العنوان الذي هو زيد العالم وإنما أشار إليه معتقدا لحضور زيد مثلا فتبين أنه عمر أو أنه ـ المأموم ـ نوى الاقتداء بالحاضر وعنونه بذلك العنوان لإحراز معرفته بالعدالة.

هذا المأموم إما أن هو بنفسه يعنون وإما الإمام يتعنون يعنون إذا هو رأى ثيابه نفس الإمام زيد اتضح أنه الإمام بكر يتعنون إذا كان كل الموجودين يرون أنه زيد تبين أنه عمر فهنا صار تعنون بدون اختيار المأموم إما لشبهة كونه توأم أو لأن العرف العام جرى على أنه زيد فاتضح أنه عبيد.

قال فيكون الإمام هو المعنون بذلك العنوان وإنما أشار إليه ـ إلى الإمام ـ معتقدا لحضوره أو أنه نوى الاقتداء بالحاضر ـ المأموم ـ وعنونه بذلك العنوان يعني وعنون المأموم الإمام الحاضر بذلك العنوان بعنوان أنه زيد لإحراز معرفته بالعدالة فاتضح أنه ليس زيد وإنما هو عبيد غير المعروف بالعدالة هنا المأموم عنون.

مثال آخر حصل تعنون قهري أو تعنون به يعني أو تعنون الإمام بالعنوان الذي يدل على العدالة بمقتضى الاعتقاد يعني بمقتضى اعتقاد المأموم من دون اختيار يعني من دون اختيار المأموم في تعنونه بل هذا التعنون حصل بسبب نظر العرف مثلا، هذا تمام الكلام فيما أفاده المحقق الكركي واتضح أن ما أفاده المحقق الكركي لا يدل على الفساد.

ومن مناقشة الشيخ الأنصاري يتضح أن فقط القسم الرابع هو الذي يدل على الفساد في بيع المموه لو باع الدينار على أنه دينار فاتضح أنه درهم فضة أو نحاس هنا تبطل المعاملة لأنها مخالفة لمراده الواقعي.

ثم يأتي إلى استدلال المحقق الاردبيلي، المحقق الاردبيلي ذكر وجهين للفساد:

الوجه الأول ورد النهي عن المبيع المغشوش، المبيع المغشوش دل الدليل على فساده فنلتزم بالبطلان

الوجه الثاني لا نلتزم أنه دل الدليل على فساد المبيع المغشوش ولكن عملية البيع مصداق من مصاديق الغش والغش حرام إذن البيع باطل لورود النهي عن الغش والنهي عن المعاملة يقتضي الفساد.

وفيه الشيخ الأنصاري يقول كلا الاستدلالين غير تام، يقول أما بالنسبة إلى أنه هذه المعاملة باطلة أو فاسدة لأنها مصداق من مصاديق الغش والنهي عن الغش يقتضي فسادها جوابه الغش ليس عنوان محقق للمبيع الغش عنوان خارج عن المبيع فإذا تعلق النهي بعنوان خارج عن عملية البيع فإن عملية البيع صحيحة حاله حال بيع العنب على من يعمله خمرا قالوا هذا حرام لأنه إعانة على الإثم والله "عز وجل" يقول (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ورد النهي على التعاون على الإثم والعدوان هناك قالوا النهي عن التعاون على الإثم والعدوان هذا نهي تكليفي والتعاون هذا مفهوم خارج حقيقة عملية بيع العنب بدينار التعاون ليس جزءا مقوما للمعاملة إذ المعاملة تتقوم بالثمن والمثمن والإعانة ليس ثمنا ولا مثمنا هنا نفس الشيء البيع يتقوم باللبن والمال وأما الغش فخارج حقيقة اللبن وخارج حقيقة المال فالنهي عن الغش الذي هو خارج حقيقة عملية البيع لا يقتضي فساد عملية البيع إذن الوجه الثاني أن المعاملة فاسدة لأنها مصداق من مصاديق الغش هذا الوجه الثاني ليس بتام.

وأما الوجه الأول ورد النهي عن المبيع المغشوش يقول الشيخ الأنصاري لا دليل عليه لا توجد رواية تنهى عن المبيع المغشوش.

إشكال لماذا تنكر توجد رواية الإمام عليه السلام لما اخذ الدرهم وشقه نصفين ورماه في البالوعة هذا نهي عن المبيع المغشوش، الجواب يقول الشيخ الأنصاري هذا ليس نهي عن المبيع المغشوش، المبيع المغشوش إذا هذا درهم ذهب لكن فيه نقص هذا غش لكن إذا هذه السكة ليست ذهبا وإنما هي نحاس هذا بيع المموه هنا وقع التحريم لا لأنه غش بل لأنه مادة للفساد والإمام أمر بقطعه ورماه في البالوعة لحسم مادة الفساد وإلا إذا هو ذهب كيف الإمام يرميه في البالوعة، إذا هو ذهب وفضة الإمام ما يرميه في البالوعة له مالية حتى لو ما وقع بسكة المعاملة الإمام لما رماه في البالوعة صار هذا من آلات اللهو والغناء يحرم التعامل بها لأنه يأتي منها الفساد هنا هذه المعاملة هذا الدرهم الذي هو ليس على أصله هذا يأتي منه الفساد لأنه يوجب التلبيس على الناس إذن رواية شق السكة وشق الدرهم أو الدينار هذه ليست مصداق للنهي عن البيع المغشوش بل هي مصداق لحسم مادة الفساد مصداق لحسم ما يأتي منه الفساد محضا.

هذا ثم إنه قد يستدل على الفساد يعني فساد البيع المغشوش كما نسب إلى المحقق الاردبيلي[4] مجمع الفائدة والبرهان الجزء الثامن صفحة 83 "رحمه الله" بورود النهي عن هذا البيع هذا الوجه الأول ورود النهي يعني يوجد نهي عن المبيع المغشوش هذا البيع يعني البيع المغشوش فيكون المغشوش منهيا عن بيعه، ما هو شاهده؟ كما أشير إليه في رواية قطع الدينار والأمر بإلقاء الدينار في البالوعة معللا بقوله حتى لا يباع بشيء[5] هذا الوجه الأول النهي عن المبيع المغشوش، الوجه الثاني ولأن نفس البيع غش يعني لأن نفس البيع مصداق للغش والغش منهي عنه إذن النهي تعلق بالغش لا المبيع ما الفرق بين الوجه الأول والثاني في المتعلق الوجه الأول متعلق النهي والتحريم هو المبيع المغشوش الوجه الثاني متعلق النهي هو الغش والمبيع مصداق للغش يبدأ الشيخ الأنصاري بمناقشة الثاني قال وفيه نظر وفيه يعني في استدلال المحقق الاردبيلي نظر في كلا الوجهين يبدأ بمناقشة الوجه الثاني فإن النهي عن البيع لكونه مصداقا هذا البيع لمحرم هو الغش لا يوجب فساده لأن النهي تعلق بالغش الذي هو خارج إطار المعاملة كما تقدم في بيع العنب على من يعمله خمرا[6] فإن النهي توجه إلى عنوان الإعانة على الإثم والعدوان وعنوان الإعانة خارج إطار المعاملة هنا أيضا النهي توجه إلى الغش والغش خارج إطار الثمن والمثمن فالنهي عن ما هو خارج لا يستلزم فساد المعاملة.

الوجه الأول وأما النهي عن بيع المغشوش يعني النهي تعلق بعنوان البيع المغشوش لنفسه يعني لنفس عنوان بيع المغشوش فلم يوجد في خبر قد تقول يوجد في خبر الدينار الذي شقه الإمام، قال وأما خبر الدينار هذا دفع إشكال مقدر هذا ليس مصداق للمبيع المنهي عنه وأما خبر الدينار فلو عمل به خرجت المسألة عن مسألة الغش لأنه إذا وجب إتلاف الدينار وإلقاءه في البالوعة كان داخلا فيما يكون المقصود منه حراما يعني ما يأتي منه الحرام محضا نظير آلات اللهو والقمار المقصود منها هو الحرام فيحمل الدينار على المضروب من غير جنس النقدين يعني هو من نحاس أو من برنز حديد أو من غير الخالص منهما ـ من النقدين ـ يعني ذهب مشوب بنحاس غير خالص لأجل التلبيس على الناس، تلبيس على الناس هذا فساد يجب حسمه، ومعلوم أن مثله بهيئته ـ هذا الدرهم الذي من غير جنسه أو غير خالص ـ لا يقصد منه إلا التلبيس فهو آلة الفساد لكل من دفع إليه ويجب حسم مادة الفساد وأين هو من اللبن الممزوج بالماء وشبهه يعني اللبن الممزوج بالماء له مالية وأما الدرهم الذي من غير جنسه ليس له مالية فالأقوى حينئذ يعني حينئذ أبطالنا كلا وجهي المحقق الاردبيلي وأبطلنا وجه الفساد الذي ذكره المحقق الكركي أنه لا دليل على الفساد إلا في القسم الرابع.

قال فالأقوى حينئذ في المسألة ـ في الغش حرمة الغش وضعا ـ صحة البيع في الأقسام الثلاثة الأولى صحة البيع في غير القسم الرابع، ما هو القسم الرابع؟ نراجع صفحة 280 آخر شيء أو بإظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المموه على أنه ذهب أو فضة بعد ذلك إذا البيع صحيح لكن فيه تخلف تعمل بمقتضى القاعدة ثم العمل على ما تقتضيه القاعدة عند تبين الغش يعني البيع صحيح لكن تعمل بالقاعدة، فإن كان قد غش في إظهار وصف مفقود كان فيه خيار التدليس باعه العبد على أنه بصير اتضح أنه أعمى هذا خيار التدليس وإن كان من قبيل شوب اللبن بالماء فالظاهر هنا خيار العيب وحتى مثال العبد يصير فيه خيار العيب ويصير أيضا خيار التدليس إذا دلس له.

وإن كان من قبيل التراب الكثير في الحنطة هو اشترى كيلو حنطة اتضح أنه نص كيلو حنطة ونص كيلو تراب كان له حكم تبعض الصفقة، لماذا سموه تبعض الصفقة؟ لأن بعض الصفقة صحيح وهو نص كيلو شعير وبعض الصفقة باطل وهو نص كيلو تراب يعني صار بعض الثمن صحيح وبعض الثمن باطل وبعض المثمن صحيح وبعض المثمن باطل.

وإن كان من قبيل التراب الكثير في الحنطة كان له حكم تبعض الصفقة ونقص الثمن بمقدار التراب الزائد إذا باع كيلو شعير بدينار يصير له نص دينار ونص الدينار مقابل التراب يسقط، لأنه غير متمول هذا التراب الزائد غير متمول ولو كان شيئا متمولا بطل البيع في مقابله ـ في مقابل الشيء المتمول ـ هو باع كيلو شعير اتضح هذا مخلوط شعير بحنطة صار نص كيلو شعير ونص كيلو حنطة يصح البيع في نص كيلو شعير لأنه مقتضى المعاملة ويبطل البيع في نص كيلو حنطة ولو كان شيئا متمولا كالشعير أو الأرز بطل البيع في مقابله فيما يقابل يعني بطل المال فيما يقابل الشيء المتمول الذي له مالية، هذا تمام الكلام في المسألة الثانية عشر المسألة الثالثة عشر الغناء يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo