< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثامن والثمانون: المسألة الثالثة عشر في حرمة الغناء

 

المسألة الثالثة عشر الغناء لا خلاف في حرمته في الجملة والأخبار به مستفيضة وادعى في الإيضاح تواترها.[1]

خلاصة درس اليوم

المسألة الثالثة عشر من المسائل المهمة والعملية وهي بحث حرمة الغناء وقد وردت في حرمة الغناء روايات كثيرة أدعى فخر المحققين الحلي أبن العلامة الحلي أنها متواترة لكن الشيخ الأنصاري قال إنها مستفيضة.

في البداية تطرق الشيخ الأنصاري إلى هذه الروايات ثم ناقش فيها وقبل أن نشرع في قراءة الروايات الشريفة والمناقشة فيها نطرح هذا السؤال هل الغناء المحرم هو من مقولة الكلام أم هو من مقولة الكيفية فلو قلنا إن الغناء الباطل حرام فهل المراد بالغناء الباطل هو نفس الكلام الباطل أو الكيفية اللهوية الباطلة؟

يظهر والله العالم أن الغناء هو عبارة عن الكيفية الباطلة وسيتضح أن الشيخ الأنصاري "رحمه الله" سيذهب إلى أن الغناء هو المناسب لمجالس أهل اللهو والفسوق فالمراد بالغناء الكيفية لا الكلام نعم ذهب بعضهم إلى أن الغناء الباطل هو ما توفر على كلتا الحيثيتين أي كانت الكيفية لهوية باطلة من جهة وكان الكلام باطلا لهويا من جهة أخرى لكن من الواضح بنظر العرف إذا قالوا فلان يغني أي أنه يخرج اصواتا بأسلوب يناسب مجالس اللهو والفسوق فبحسب نظر العرف والله العالم الغناء يعبر عن الكيفية الباطلة لا الكلام الباطل وإن كان الكلام الباطل ليس بصحيح لكن عنوان الغناء إنما يطلق على خصوص الكيفية الباطلة سواء تضمنت كلاما صحيحا كما لو تغنى بالقرآن الكريم أو تضمن كلاما باطلا كما لو تضمن أبيات غزلية أو شهوية وما شاكل ذلك.

الشيخ الأنصاري في بداية هذه المسألة يتطرق إلى ثلاث طوائف من الروايات:

الطائفة الأولى الروايات التي وردت في تفسير قول الله تعالى في القرآن الكريم (واجتنبوا قول الزور) ففسرت هذه الروايات قول الزور الذي أمر باجتنابه بالغناء.

الطائفة الثانية الروايات الشريفة الواردة في تفسير قوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) ففسرت الروايات لهو الحديث بالغناء.

الطائفة الثالثة هي الروايات الواردة في تفسير الزور في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) ثم يأتي الشيخ الأنصاري ببعض الروايات المؤيدة ثم يناقش ومفاد المناقشة إن الطائفة الأولى بل الثانية بل الثالثة يمكن حملها على خصوص الكلام الباطل لا الكيفية الباطلة فالرواية الأولى فسرت قول الزور ومن الواضح أن القول هو عبارة عن الكلام لا الكيفية والطائفة الثانية من الروايات قد فسرت لهو الحديث ومن الواضح أن الحديث الذي فيه لهو هو الحديث الذي يعبر عن الكلام كما أن الطائفة الثالثة قد فسرت والذين لا يشهدون الزور أي لا يشهدون القول الباطل إذن هذه الطوائف الثلاث من الروايات إنما هي ناظرة إلى خصوص الكلام الباطل لا الكيفية الباطلة لذلك يقول الشيخ الأنصاري هذه الروايات لا تدل على حرمة نفس الكيفية نعم عنوان لهو الحديث قد يشعر بمطلق اللهو يعني الكلام الذي فيه لهو وكيفيته أيضا لهوية ومبغوضية لله تعالى وبعد أن ينتهي من خدشة هذه الروايات في الدلالة على حرمة الغناء الذي هو عبارة عن الكيفية الباطلة وهذه الروايات إنما تدل على الكلام الباطل لا الكيفية الباطلة يستند إلى بعض الروايات كرواية عبد الأعلى التي تحرم الغناء من حيث كونه لهوا وباطلا ولغوا ومن الواضح أن عنوان اللهو والباطل واللغو كما يصدق على الكلام الباطل يصدق أيضا على الكيفية الباطلة فتكون النتيجة إن الروايات التي حرمت من حيث اللهو والباطل واللغو بأسرها تدل على حرمة الغناء من حيث اللهو والباطل وهذا يصدق على الكيفيات الباطلة والكيفيات اللهوية والكيفيات التي فيها لغو، هذا تمام الكلام في بيان حكم الغناء أولا والاستدلال عليه بالروايات ثانيا ثم يشرع في تعريف الغناء لغة واصطلاحا فكيف عرف اللغويون الغناء؟ وبماذا عرفه الفقهاء أعلى الله كلمتهم.

 

تطبيق المتن

المسألة الثالثة عشر الغناء لا خلاف في حرمته ـ الغناء ـ في الجملة يعني في بعض الموارد لأن هناك موارد تستثنى من حرمة الغناء مثل غناء النساء في الأعراس بشروط ثلاث كما ستأتي أن لا يدخل عليهن الرجال أن لا يستعملن أدوات الباطل أن لا تصل أصواتهن إلى مسامع الرجال والأخبار بها ـ حرمة الغناء ـ مستفيضة وأدعى في الإيضاح يعني وادعى فخر المحققين أبن العلامة الحلي في الإيضاح تواترها[2] ، أن هذه الروايات بلغت حد التواتر منها هذه الطائفة الأولى في تفسير قوله تعالى (﴿واجتنبوا قول الزور﴾[3]منها ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور في قوله تعالى ﴿واجتنبوا قول الزور﴾[4] ففي صحيحة الشحّام [5] ومرسلة أبن أبي عمير[6] وموثقة أبي بصير[7] المرويات عن الكافي كلها روايات في كتاب الكافي للكليني ورواية عبد الأعلى المحكية عن معاني الأخبار[8] يعني نقلت للشيخ الطوسي عن كتاب معاني الأخبار للصدوق وحسنة هشام يعني هذه الرواية في سندها إمامي ممدوح لكنه لم يوثق لذلك أصبحت حسنة، وحسنة هشام المحكية عن تفسير القمي "رحمه الله" تفسير قول الزور بالغناء[9] هذه الطائفة الأولى.

الطائفة الثانية هي الطائفة الواردة في تفسير لهو الحديث ومنها ما ورد مستفيضا في تفسير ﴿لهو الحديث﴾ [10] كما في صحيحة أبن مسلم[11] ـ محمد بن مسلم ـ ورواية مهران بن محمد[12] ورواية الوشاء[13] ورواية الحسن بن هارون[14] ورواية عبد الأعلى السابقة[15] عن معاني الأخبار.

الطائفة الثالثة الواردة في تفسير الزور ومنها ما ورد في تفسير الزور في قوله تعالى (﴿والذين لا يشهدون الزور﴾)[16] كما في صحيحة ابن مسلم عن أبي عبد الله "عليه السلام" تارة بلا واسطة يعني محمد بن مسلم يروي مباشرة عن الإمام الصادق وأخرى بواسطة أبي الصباح الكناني[17] يعني يروي محمد بن مسلم عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله الصادق "عليه السلام".

الشيخ الأنصاري يناقش في هذه الطوائف الثلاث، أما الطائفة الأولى وهي الواردة في تفسير قول الزور فمن الواضح قول، القول هو كلام، قول الزور وقد وصف نفس القول ونفس الكلام بأنه زور إذن الرواية واضحة في أن الغناء يصدق على الكلام الباطل.

وأما الطائفة الثانية الواردة في تفسير لهو الحديث فلنتأمل في المضاف والمضاف إليه لهو الحديث تارة نقول إن اللهو صفة والحديث موصوف لهو الحديث يعني من باب إضافة الصفة لهو إلى الموصوف الحديث والحديث هو القول وهو الكلام فتكون الطائفة الثانية أيضا ناظرة إلى الكلام اللهوي والكلام الباطل إذن إذا حملنا لهو الحديث على إضافة الصفة إلى الموصوف صارت الطائفة الثانية أيضا مما يدل على الكلام الباطل لا الكيفية الباطلة وأما إذا حملناها على الظرفية إضافة الظرف إلى المظروف لهو الحديث يعني لهو في الحديث صار اللهو بمعنى الكيفية، لهو في الحديث يعني حديث فيه كيفية لهوية لذلك نجد الشيخ الأنصاري قال الطائفة الأولى تحمل على الكلام بل الثانية لما أضرم بل الثانية إشارة إلى أنها على التقدير الأول وهو إضافة الصفة على الموصوف لا التقدير الثاني إضافة الظرف إلى المظروف.

قال الشيخ الأنصاري وقد يخدش في الاستدلال بهذه الروايات يعني بالطوائف الثلاث، بظهور الطائفة الأولى الواردة في تفسير (﴿واجتنبوا قول الزور﴾)[18] بل الثانية، لماذا قال بل الثانية؟ يعني بل الثانية على تقدير إضافة الصفة إلى الموصوف لا على تقدير إضافة الظرف إلى المظروف لا على تقدير الظرفية، في أن الغناء من مقولة الكلام يعني لا من مقولة الكيفية، ما هو الدليل على أن الغناء من مقولة الكلام في هذه الروايات؟ لتفسير قول الزور به يعني نظرا لتفسير قول الزور به يعني بالغناء والقول هو كلام وليس كيفية ويؤيده ما في بعض الأخبار من أن قول الزور أن تقول للذي يغني أحسنت[19] ومن الواضح أن لفظ أحسنت إنما هو من مقولة الكلام لا هو من مقولة الكيفية إذن هذه الرواية أن تقول أحسنت هذا يؤيد أن المراد بالغناء الكلام الباطل لا الكيفية الباطلة.

ويشهد له يعني أن الغناء من مقولة الكلام، قول علي بن الحسين عليهما السلام في مرسلة الفقيه ـ كتاب من لا يحضره الفقيه ـ الآتية في الجارية التي لها صوت لا بأس لو اشتريتها فذكرتك الجنة[20] هذا كلام الإمام زين العابدين يقول أنا عندي جارية السائل يسأله عندي جارية صوتها جميل يجوز اشتري جارية صوتها حلو الإمام عليه السلام يقول لا بأس إذا اشتريتها وذكرتك الجنة.

هناك حيثية في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق وهو أنه أحيانا يعلق على الروايات من دون أن يفصل تعليقه عن الرواية فتتوهم أن كلام الصدوق هو من ضمن الرواية وفصل الروايات عن كلام الصدوق يحتاج إلى رجل خبير في الحديث إذا رجعنا إلى كتاب من لا يحضره الفقيه هذا نص الرواية لا بأس لو اشتريتها فذكرتك الجنة هذا قدر متيقن كلام الإمام زين العابدين ثم يقول يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء[21] ، هذا التعبير يعني هل هو كلام الإمام السجاد "سلام الله عليه" أو هو كلام الشيخ الصدوق شارحا لقول الإمام السجاد فذكرتك الجنة فإذا حملنا هذا الكلام على أنه كلام الشيخ الصدوق فهو ليس بحجة في حقنا والحجة في حقنا هو كلام الإمام السجاد وهذا الكلام الذي قد ينسب إلى الشيخ الصدوق يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل هذه العناوين الثلاثة تدل على الكلام أكثر من الكيفية القرآن كلام، الزهد والفضائل كلام في الزهد وفي الفضائل.

يقول الشيخ الأنصاري حتى لو جعل من كلام الشيخ الصدوق فهذا يدل على أن الغناء يستعمل في اللغة وفي العرف في الكلام الباطل إن كان هذا الكلام وهذا التفسير يعني هو تفسير الإمام زين العابدين فهو حجة في حقنا وإن كان هذا التفسير هو كلام الصدوق فلا نقول إنه حجة في حقنا ولكنه شاهد على أن العرب آنذاك وهو في زمن الغيبة الصغرى كانت تستخدم لفظ الغناء في الكلام وهذا يكفي وإن كان الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز لكن يمكن المناقشة في ذلك فتارة نلحظ القرآن والفضائل والزهد وتارة نلحظ قراءة القرآن يعني كيفية قراءة القرآن فيكون هذا التفسير ظاهر في الكيفية لا الكلام.

يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء يعني تذكره بالجنة يقول الشيخ الأنصاري ولو جعل التفسير قوله يعني بقراءة القرآن، جعل التفسير من الصدوق لا من الإمام السجاد دل على الاستعمال أيضا يعني دل على استعمال الغناء في الكلام وهذا كافي.

وكذا ﴿لهو الحديث﴾[22] ، لهو الحديث يكون شاهد إذا كان من باب إضافة الصفة إلى الموصوف لا من باب الظرفية، قال وكذا لهو الحديث، وكذا لهو الحديث يعني يدل على أن الغناء يطلق على الكلام من مقولة الكلام وكذا لهو الحديث يدل على أن الغناء من مقولة الكلام بناء على أنه من إضافة الصفة إلى الموصوف لهو والحديث موصوف فيختص الغناء المحرم بما كان مشتملا على الكلام الباطل فلا تدل على حرمة نفس الكيفية ولو لم يكن في كلام باطل يعني لو جاءت كيفية لهوية لكن الكلام حق لا يصدق عليه أنه غناء.

ومنه تظهر الخدشة في الطائفة الثالثة

ومنه يعني ومن الخدشة في الطائفة الثانية من أنها تدل على أن الغناء من مقولة الكلام لا من مقولة الكيفية تظهر الخدشة في الطائفة الثالثة يعني تكون ظاهرة في الكلام لا الكيفية حيث إن مشاهد الزور التي مدح الله تعالى من لا يشهدها هي مجالس التغني بالأباطيل من الكلام النتيجة النهائية فالإنصاف أنها يعني الروايات المتقدمة كلها الطوائف الثلاث، لا تدل على حرمة نفس الكيفية إلا من حيث إشعار لهو الحديث هذا عنوان لهو الحديث كما يشمل أن الحديث مضمونه كلام لهوي كذلك كيفيته لهوية إلا من حيث إشعار هذا إشعار لا يرقى إلى مستوى الظهور، إلا من حيث إشعار لهو الحديث بكون اللهو على إطلاقه يعني سواء كان في الكلام أو الطريقة والكيفية، مبغوضا لله تعالى وكذا الزور بمعنى الباطل، الزور هو ليس قول الزور نفس الزور كما يصدق على الكلام الباطل يصدق أيضا على الكيفية الباطلة وإن تحققتا في كيفية الكلام، وإن تحققنا يعني صفة الله وصفة الزور في الكلام لا في نفسه كما إذا تغنى في كلام وإن تحققتا في كيفية الكلام لا في نفسه يعني لا في نفس الكلام، كما إذا تغنى في كلام حق من قرآن أو دعاء أو مرثية.

وبالجملة فكل صوت يعد في نفسه مع قطع النظر عن الكلام المتصوت به لهوا وباطلا فهو حرام.

ثم يشرع في بيان الروايات التي تدل على أن الكلام المناسب لمجالس أهل اللهو والفسوق والمعاصي غناء محرم فالغناء يحرم من حيث كونه لهوا أو باطلا أو لغوا ثلاثة عناوين، لهو يوجب اللهو وباطل ولغو لا معنى له.

ومما يدل على حرمة الغناء من حيث كونه لهوا وباطلا ولغوا رواية عبد الأعلى وفيها أبن فضال، الشيخ الأنصاري في بداية كتاب الطهارة عنده مبنى في أحاديث بني فضال الحسن بن علي بن فضال وأبنائه أحمد بن الحسن وعلي بن الحسن ومحمد بن الحسن هؤلاء بنو فضال من كبار فقهاء الفطحية.

يوجد سؤال سئل أحد سفراء الإمام الحجة عن كتب بني فضال قال (أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن العسكري ـ الإمام الحسن العسكري ـ وقد سئل عن كتب بني فضال فقالوا ماذا نفعل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء فقال الإمام العسكري خذوا ما رووا وذروا ما رؤوا[23] ) يعني خذوا بروايتهم واتركوا اعتقادهم الذي يرونه.

الشيخ الأنصاري يستظهر منها صحة الرواية يعني هذه الرواية صحيحة روايات بني فضال صحيحة بقطع النظر عن اعتقادهم، لعل الرواية يرويها أقول فيها في كتب بني فضال لعله السفير الثاني محمد بن عثمان بن سعيد العمري.

طبعا هذه الرواية ضعيفة لكن الشيخ الأنصاري مسلكه الوثوق عمل بها في بداية كتاب الطهارة لذلك يقول هذه الرواية فيها بنو فضال فالشيخ الأنصاري يلتزم بصحتها.

وفيها بنو فضال قال سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن الغناء وقلت إنهم يزعمون أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" رخص في أن يقال جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحييكم، هذه كلها عبائر ما فيها شيء من ناحية الكلام لا إشكال فيها الإشكال في كيفيتها اللهوية فقال كذبوا إن الله تعالى يقول (﴿وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين﴾) الشاهد هنا لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا الشاهد هنا لهوا يعني هذا حديث لهوي محرم (﴿لاتخذناه من لدنا إنا كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون﴾[24] ) ثم قال "عليه السلام" (ويل لفلان مما يصف يعني ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" القول بصحة هذه الكلمات رجل لم يحضر المجلس[25] يعني هو رجل لم يحضر المجلس حتى ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" أنه قال ذلك ؟؟؟ يعني إلى آخر الخبر) فإن الكلام المذكور المرخص فيه بزعمهم وهو جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحييكم ليس بالباطل واللهو الذين يكذب الإمام "عليه السلام" رخصة النبي "صلى الله عليه وآله" فيه فليس الإنكار الشديد المذكور وجعل ما زعم الرخصة فيه من اللهو والباطل إلا من جهة التغني به يعني من جهة اللغوية الباطلة لا من جهة الكلام الباطل لأنه ليس بكلام باطل.

ورواية يونس الإمام الرضا "صلوات الله وسلامه عليه" كان أحد الأصحاب ملازما له واسمه هشام كان مع الإمام الرضا ورافق الإمام الرضا من المدينة إلى مرو وكان من خواص أصحاب الإمام الرضا ليس من بني العباس إلى أن وصل الإمام الرضا "عليه السلام" إلى مرو مقر خلافة دولة بني العباس ومقر خلافة المأمون العباسي وبعد ذلك انتقل المأمون العباسي بعد أن قتل الإمام الرضا وقتل الفضل بن سهل ذو الرئاستين.

كلام حول فضل بن سهل

فضل بن سهل سمي ذو الرئاستين لأنه رأس الوزارة كان رئيس الوزراء ورئس العسكر وهو أستاذ المأمون في السياسة علم المأمون السياسة فالمأمون تحرك فلما جعل الإمام الرضا عليه السلام وليا للعهد ثار بنو العباس في بغداد كيف تجعل ولي العهد علوي ولا تجعله عباسي ونصبوا إبراهيم المغني كان معروف بالغناء من بني العباس عمه يصير يلقبونه إبراهيم المغني وضعوه أمير المؤمنين فالمأمون تحرك من مرو يريد أن يرجع إلى بغداد ويقيم في دولة الخلافة العباسية لأن المأمون كان مع أبيه الرشيد في مرو ومات الرشيد ودفن والإمام الرضا دفن إلى جنب الرشيد بوصية المأمون قال أدفنوا والدي هنا لما المأمون قتل الإمام الرضا قال أدفنوا الإمام الرضا إلى جنب والدي، هذا هشام بن إبراهيم كان عالما ومن خواص الإمام الرضا لما وصلوا إلى مرو صارت عنده علاقات مع الوزير الأول الفضل بن سهل لكي يتجسس على الإمام الرضا وصارت عنده علاقات مع المأمون العباسي وأخذ ينقل أخبار الإمام الرضا إلى المأمون العباسي فلقب بالعباسي يعني العباسي يعني عامل بني العباس يعني جاسوس بني العباس هو ليس من بني العباس بعد ذلك قرر أن يتحرك المأمون من مرو إلى بغداد في الطريق أول شيء تخلص من الفضل بن سهل ذو الرئاستين قتله ثم تخلص من الإمام الرضا وكان الفضل بن سهل يريد أن يصل ويستلم الخلافة فتخلص ممن يراهما منافسين.

هذا ينسب إلى الإمام الرضا كلام ورواية يونس قال (سألت الخراساني "عليه السلام" ـ الإمام الرضا ـ عن الغناء وقلت إن العباسي ـ هشام بن إبراهيم ـ زعم أنك ترخص في الغناء فقال كذب الزنديق ما هكذا قلت له سألني عن الغناء فقلت له إن رجلا أتى أبا جعفر "عليه السلام" ـ الإمام الباقر ـ فسأله عن الغناء فقال له إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء قال مع الباطل فقال الإمام الباقر قد حكمت[26] يعني هذه القضية سهلة واضحة).

ورواية محمد بن أبي عباد وكان مستهترا بالسماع ـ سماع الأغاني ـ ويشرب النبيذ قال (سألت الرضا "عليه السلام" عن السماع قال لأهل الحجاز فيه رأي يعني يقولون بالجواز في الوسائل زيادة العراق يعني لأهل العراق هذا معروف أهل الحجاز يعني المراد مالك بن أنس هذا إمام أهل المدينة إذا قالوا أهل العراق المراد الإمام أبو حنيفة النعمان، قال لأهل الحجاز فيه رأي يعني الجواز وهو في حيز الباطل واللهو لكنه حرام عندنا حرام أما سمعت الله "عز وجل" يقول ﴿وإذا مروا باللغو مروا كراما﴾[27] والغناء من السماع يعني يقول الغناء فرد من أفراد السماع، السماع شيء مطلق والغناء فرد من أفراده مصداق من مصاديقه، والغناء من السماع كما نص عليه في الصحاح[28] الجوهري وقال أيضا جارية مسمعة أي مغنية[29] ).

وفي رواية الأعمش الواردة في تعداد الكبائر قوله (والملاهي التي تصد عن ذكر الله كالغناء وضرب الأوتار[30] ) وقوله "عليه السلام" وقد سئل عن الجارية المغنية، هذه الرواية هذا نصها كما في الحاشية رقم 4 (سئل أبو الحسن الرضا "عليه السلام" عن شراء المغنية قال قد تكون للرجل الجارية تلهيه وما ثمنها إلا ثمن كلب[31] ) يعني سحت حرام.

وظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث اللهو والباطل فالغناء وهي من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء إذن الغناء من مقولة الكيفية الباطلة، الغناء المحرم من مقولة الكيفية الباطلة سواء عممنا مفهوم الغناء أو خصصناه.

لو قلنا الغناء هو مطلق الصوت العذب كل صوت عذب نسميه غناء هذا مطلق نقيده بالصوت الحسن الذي هو لهوي من مجالس أهل اللهو والفسوق وأحيانا يصير أخص تقول الغناء هو الصوت الحسن المشتمل على ترجيع تقول نعممه المناسب لمجالس أهل اللهو سواء اشتمل على ترجيع أو لم يشتمل.

وظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث اللهو والباطل فالغناء وهو من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء إن كان هذا الغناء يعني اللهو الباطل مساويا للصوت اللهوي والباطل كما هو الأقوى وسيجيء فهو يعني فهو ما نريد أن نتوصل إليه، وإن كان أعم يعني وإن كان الغناء أعم من اللهو والباطل كما لو قلنا إن الغناء هو مطلق الصوت الحسن الجميل وجب تقيده يعني وجب تقيد الغناء بما كان من هذا العنوان يعني ما اشتمل على كيفية لهوية باطلة.

تقول الغناء هو الصوت الحسن المشتمل على كيفية لهوية باطلة كما أنه ـ الغناء ـ لو كان أخص كما لو قلت الغناء هو الصوت المشتمل على ترجيع وجب التعدي عنه ـ وجب التعدي عن هذا الخاص عن الترجيع ـ إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو والباطل الكيفية اللهوية وبالجملة فالمحرم ـ رأي الشيخ الأنصاري ـ من الغناء هو ما كان من لحون أهل الفسوق والمعاصي التي ورد النهي عن قراءة القرآن بها[32] سواء كان مساويا للغناء أو أعم من الغناء أو أخص من الغناء مع أن الظاهر أن ليس الغناء إلا هو يعني إلا الكيفية اللهوية دون الكلام وإن اختلفت فيه عبارات الفقهاء واللغويين ومن هنا يشرع في بيان كلمات الفقهاء واللغويين في بيان معنى مصطلح الغناء، فعن المصباح يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo