< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس التسعون: نقد ما أفاده في مفتاح الكرامة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفيه أن الطرب إذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري والزمخشري[1] .

درس الأمس

كان الكلام في تشخيص معنى الطرب الذي أخذ كقيد في تعريف الغناء إذ عرف مشهور الفقهاء الغناء بأنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب. فما هو المراد بالطرب إن قيل إن المراد بالطرب هو الخفة يلزم أن بعض الأغاني قد لا توجب الخفة بالفعل مع أن العرف يرى أنها أغاني لعل هذا المحذور وهو أن بعض الغناء العرفي لا يوجب الطرب والخفة فعلا وبالفعل أوجب أن يفرق السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة بين الخفة وبين معنى الإطراب والتطريب فقال إن الطرب في اللغة العربية هو عبارة عن خفة تعتري الإنسان لشدة فرح أو سرور وقد عرّف الجوهري في الصحاح والزمخشري في أساس البلاغة الطرب بالخفة فقال الزمخشري الطرب خفة لسرور أو هم وقال الجوهري في الصحاح الطرب خفة تعتري الإنسان لشدة حزن أو سرور إذن يوجد تعريفان لغويان للطرب يدل على أن الطرب بمعنى الخفة ولكن لو رجعنا إلى ثلاثة معاجم لغوية في معنى الإطراب والتطريب لوجدناه تعرف الإطراب.

والتطريب بأحد ثلاثة أمور:

الأول التحسين

الثاني المد

الثالث الترجيع

مما يعني إن الإطراب والتطريب يختلف عن الطرب الطرب بمعنى الخفة وأما الإطراب والتطريب فهو بمعنى تحسين أو مد الصوت أو الترجيع في الصوت ومن الواضح أن الغناء الموجود في العرف قد لا يكون فيه خفة وطرب لكن فيه إما مد أو تحسين أو ترجيع أو يجتمع الثلاثة فذهب صاحب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة إلى أن المراد بالتطريب يختلف عن المراد بالطرب والقيد الوارد في تعريف الفقهاء للغناء من أنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب ليس المراد بالمطرب الخفة التي ذكرها أهل اللغة بل المراد الترجيع أو التحسين أو المد فإذا رجعنا إلى ثلاثة من كتب اللغة لمعرفة معنى الإطراب أو التطريب سنجد أولا الصحاح للجوهري يقول إن التطريب للصوت مده وتحسينه إذن ذكر حيثية المد وحيثية التحسين.

وفي المصباح للفيومي طرب في صوته مده ورجعه ذكر حيثية المد والترجيع والثالث هو القاموس المحيط للفيروز ابادي الغناء ككساء من الصوت ما طرّب به وأن التطريب الإطراب كالتطريب والتغني، ما طرّب به أي ما مد أو ما حسّن أو ما رجّع فعنوان ما طرب به الوارد في القاموس المحيط للفيروز آبادي فسره صاحب مفتاح الكرامة بأحد ثلاثة أمور أي ما مد أو حسن أو رجع.

الخلاصة صاحب مفتاح الكرامة "رحمه الله" حينما رجع إلى كتب اللغة لمعرفة معنى الطرب ومعنى التطريب قال يوجد تغاير بين الطرب بمعنى الخفة وبين التطريب بمعنى المد أو التحسين أو الترجيع.

خلاصة درس اليوم

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يناقش صاحب مفتاح الكرامة بأربع مناقشات ويثبت أن الطرب هو التطريب وهو الإطراب مع اختلاف في الصيغة صيغة تفعيل وصيغة إفعال وصيغة فعل لكن المعنى واحد وهو الطرب بمعنى الخفة التي تعتري الإنسان لشدة سرور أو فرح وبالتالي الطرب أخذ في تعريف الفقهاء ولكن أخذ في الجملة لا بالجملة إما أن يؤخذ الطرب شأنا أو يؤخذ الطرب فعلا لكن في الجملة ولو في مورد واحد لا بالجملة.

رد الشيخ على مفتاح الكرامة

وقد رد الشيخ الأنصاري على صاحب مفتاح الكرامة بأربعة ردود وأربعة أجوبة:

الجواب الأول لو سلمنا بما قاله صاحب مفتاح الكرامة من أن الطرب بمعنى الخفة وهو معنى مغاير للتطريب والإطراب بمعنى التحسين أو المد أو الترجيع يلزم أن يكون لفظ الطرب مشتركا لفظيا كلفظ عين فإن لفظ العين اللفظ واحد والمعاني متعددة فيطلق لفظ العين على العين الباصرة والعين الجارية والعين الذهب والفضة كذلك هنا لفظ الطرب لفظ واحد هذا اللفظ مشترك بين المعنى الأول وهو الخفة وبين المعنى الثاني الذي أدعاه صاحب مفتاح الكرامة مثل معنى المد أو الترجيع أو التحسين وهذا لا قائل به، إذن الجواب الأول يلزم من كلام صاحب مفتاح الكرامة أن يلتزم بوجود الاشتراك اللفظي في لفظ الطرب ولا قائل به.

الجواب الثاني تارة تلحظ الطرب بلحاظ الفاعل وهو المطرب المغني وتارة تلحظ الطرب بلحاظ الصفة بلحاظ الصوت إذن الطرب صفحة هذه الصفة إما أن تنسب إلى الفاعل وهو المغني وهو الذي يخرج الصوت صاحب الصوت وإما أن يلحظ الطرب كصفة للصوت فتقول صوت مطرب فإن أخذت صفة الطرب كصفة للصوت صوت مطرب يعني صوت يوجب الخفة وإن أخذ لفظ الطرب كصفة للفاعل يعني صفة للمغني صفة للمطرب صفة للمصوت الذي يخرج الصوت صارت بمعنى إيجاد الخفة فلفظ الإطراب والتطريب لوحظ بلحاظ إيجاد صفة الطرب فلفظ تطريب على وزن تفعيل حالها حال تفريح يعني إيجاد الفرح تحزين إيجاد الحزن فلا يقال إن الحزن معنى يغاير التحزين وإن الفرح معنى يغاير التفريح بل لوحظ التفريح والتحزين كصفة منسوبة إلى الفاعل الذي يوجد الحزن والذي يوجد الفرح كذلك الكلام بالنسبة إلى التطريب والطرب فإن التطريب لوحظ كصفة قائمة بذي الصوت وهو المطرب المغني المصوت وأما الطرب أو الإطراب لوحظ كصفة قائمة بالصوت ثم يترقى الشيخ الأنصاري إلى هنا يذكرها بنحو الاحتمال ثم يذكرها بنحو التعين ويقول لا مجال لتوهم أن التطريب بمعنى التحسين أو بمعنى المد أو بمعنى الترجيع بل يتعين أن يكون التطريب بمعنى إيجاد الخفة لأن لفظ التطريب له هيئة وهي تفعيل وله مادة بمعنى الطرب وهذه المادة التي هي الطرب إذا رجعنا إلى كتب اللغة العربية نجد أنهم لا يذكرون للطرب إلا معنى الخفة ولا يذكرون الطرب بمعنى التحسين أو المد أو الترجيع.

الجواب الثالث لو سلمنا جدلا أن المراد بالتطريب هو التحسين أو الترجيع أو المد كما يقول صاحب مفتاح الكرامة وليس المراد به الطرب بمعنى الخفة نقول أرجع إلى تعريف المشهور للغناء ـ هو صوت المشتمل على الترجيع المطرب ـ فإذا جعلنا مكان لفظ المطرب جعلنا لفظ المرجع لأن الطرب في لسان الفقهاء كما يقول صاحب مفتاح الكرامة بمعنى الترجيع صار تعريفهم الغناء هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أي على الترجيع المرجع فقيد الشيء بنفسه، قيد الترجيع بالترجيع.

الجواب الرابع سلمنا بكلما تقوله يا صاحب مفتاح الكرامة غضضنا النظر عن الأجوبة الثلاثة المراد بالطرب هو المد أو التحسين أو الترجيع من الواضح أن هذه الأمور الثلاثة لا توجب الحرمة ونحن بحثنا في الغناء المحرم الذي يوجب الحرمة ومن الواضح أن التحسين والمد والترجيع لا يقتضي الحرمة نعم هذه الأمور الثلاثة المد أو التحسين أو الترجيع إذا أوجبت الخفة صارت محرمة وبهذه الأجوبة الأربعة يقول يتعين حمل المطرب الوارد كقيد في تعريف المشهور الغناء هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يلزم أن يراد بالمطرب يعني الموجب للخفة ونوجه كلام الفقهاء في الطرب والتطريب والإطراب يعني ما يوجب الخفة ما يوجب الطرب وبالتالي لو قيل إن بعض الغناء لا يوجب الطرب نقول المراد ما يوجب الطرب نوعان وإن لم يحقق الإطراب شخصا مثل المسكر في واحد إذا يشرب كارتون ما يسكر يقول هذا مو مسكر؟ نقول له هذا الخمر يسكر بحسب النوع الإنساني الواحد إذا يشرب واحد يسكر أنت إذا يأتوا لك تنكر لا تسكر فالمراد السكر النوعي لا السكر الشخصي هنا أيضا المراد الخفة للنوع الإنساني وإن لم توجب الطرب والخفة لهذا الشخص بخصوص لمانع كغلظة صوت وغير ذلك.

ثم بعد ذلك يقول الشيخ الأنصاري لقد أجاد الجوهري في الصحاح حينما عرف الغناء بأنه السماع أي ما يتلذذ بسماعه عرفا ووجه الجودة في كلام صاحب الصحاح وهو أنه أحال على العرف وهذا السماع ورد في رواية محمد بن أبي عمير عباد إذ ورد فيها المستهتر بالسماع ثم النتيجة التي يصلح إليها الشيخ الأنصاري يقول المحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه لا بما هو هو بل على سبيل اللهو وبالتالي يذكر قيدين للحرمة أولا أن يكون الصوت لهويا ثانيا أن يكون مناسبا لمجالس أهل الفسوق والعصيان

الاقسام الثلاثة للهو

ثم يذكر ثلاثة أقسام للهو يقول:

تارة اللهو يكون بآلة من دون صوت مثل الوتر، الوتر يخرج صوت لكن من دون أن يخرج الإنسان صوته

وتارة يكون بالصوت مع الآلة مثل المزمار الإنسان يطلع نفس ويستخدم الآلة يصوت ينفخ في ذلك المزمار.

القسم الثالث صوت من دون آلة كما لو كان صوته أحسن من مزمار وأبو المزمار ثم يقول إن اللهو يتحقق بأحد أمرين إما بقصد التلهي وإما بوقوع التلهي وإن لم يقصد التلهي والمرجع في تشخيص اللهو هو العرف.

صاحب مفتاح الكرامة فرّق بين التطريب وبين الإطراب والطرب قال الإطراب والطرب بمعنى الخفة والتطريب بمعنى التحسين أو المد أو الترجيع لكن في الكتاب القاموس ورد فيه عنوان ما طرب به ولم يرد في القاموس عنوان ا لمد أو التحسين أو الترجيع حمل كلام القاموس المحيط ما طرب به أي ما مد أو حسّن أو رجع فيه استنادا إلى كلام الجوهري في الصحاح وكلام الفيومي في مصباح المنير.

بداية صفحة 294 قال واستشهد على ذلك بما في الصحاح من أن التطريب في الصوت مده وتحسينه وما عن المصباح من أن طرب في صوته مده ورجعه إذن ذكر المد والترجيع إذن ثلاثة أمور إلى الآن صارت المد والترجيع والتحسين وفي القاموس الغناء ككساء من الصوت ما طرب به فما المراد ما طرب به، هذا ما طرب يحمله على المد والتحسين والترجيع لذلك يقول في الأخير فكأنه قال في القاموس، القاموس ماذا قال؟ الغناء من الصوت ما طرب به يعني الغناء من الصوت ما مد وحسن ورجع فانطبق على المشهور يعني فانطبق تعريف القاموس المحيط على المشهور يعني على تعريف المشهور، ماذا قال المشهور؟ قال مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، أين كلام المشهور ورد؟ تعريف المشهور ذكرناه فيما سبق هكذا قال في تعريف المشهور، طبعا صفحة 289 هذا تعريف الصحاح والغناء من السماع كما نص عليه في الصحاح وقال أيضا جارية مسمعة أي مغنية هذا بالنسبة إلى تعريف أهل اللغة.

تعريف المشهور صفحة 291 والفقرة الثالثة والأحسن من الكل ما تقدم من الصحاح ويقرب منه المحكي عن المشهور بين الفقهاء من أنه الغناء مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، ما المراد به؟ هل المراد به الخفة أو المراد به أحد الأمور الثلاثة المد أو التحسين أو الترجيع؟

 

تطبيق المتن

وفيه في كلام صاحب مفتاح الكرامة وهو وجود فارق بين التطريب وبين الطرب، الطرب بمعنى الخفة والتطريب أحد ثلاثة معاني المد أو التحسين أو الترجيع.

وفيه إن الطرب إذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري والزمخشري، ما الذي تقدم؟ الخفة، أين تقدم؟ صفحة 291 آخر سطرين والطرب على ما في الصحاح خفة تعتري الإنسان لشدة حزن أو سرور وعن الأساس للزمخشري خفة لسرور أو هم.

يقول الشيخ الأنصاري وفيه أن الطرب إذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري والزمخشري[2] هو ما يحصل للإنسان من الخفة لا جرم يعني لا محالة يكون المراد بالإطراب والتطريب إيجاد هذه الحالة يعني إيجاد الخفة وإلا يعني لو لم يكن المراد بالإطراب والتطريب إيجاد هذه الحالة يعني إيجاد الخفة بل أريد معنى آخر لزم الاشتراط اللفظي يعني لزم أن يكون لفظ الطرب مشتركا لفظيا بين المعنى الأول الخفة والمعنى الثاني الذي أدعاه صاحب مفتاح الكرامة مع أنهم ـ أهل اللغة ـ لم يذكروا للطرب معنى آخر يعني غير الخفة ليشتق منه لفظ التطريب والإطراب، هذه المناقشة الأولى.

المناقشة الثانية أن الطرب تارة ينسب إلى الصوت وتارة ينسب إلى الفاعل إلى الفاعل تقول المغني قام بالتطريب فهنا الفاعل الصوت وهو المغني وأحيانا تنسب الطرب إلى الصوت تقول صوت فيه إطراب صوت فيه طرب هنا بمعنى الخفة.

المناقشة الثانية مضافا إلى أن ما ذكر في معنى التطريب من الصحاح والمصباح، أول سطر من صفحة 294 واستشهد على ذلك بما في الصحاح من أن التطريب في الصوت مده وتحسينه وما عن المصباح من أن طرب في صوته مده ورجعه مضافا إلى أنما ذكر في معنى التطريب من الصحاح والمصباح يعني التحسين والمد والترجيع إنما هو للفعل يعني إنما هو صفة للفعل القائم بذي الصوت من هو ذي الصوت؟ المغني المطرب لا الإطراب القائم بالصوت يعني وليس صفة للإطراب القائم بالصوت الإطراب القائم بالصوت بمعنى الخفة إذن لما قالوا تحسين مد ترجيع هذا بلحاظ الصفة القائمة بالفاعل بلحاظ الصفة القائمة بالمغني وإذا قالوا خفة هذا بلحاظ نفس الصوت لا الإطراب القائم بالصوت.

شيخنا الأنصاري في تعريف المشهور حينما قالوا الغناء هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب هنا صفة المطرب لوحظت كصفة للصوت أو للمغني؟ الجواب كصفة للصوت بمعنى الخفة لا الإطراب القائم بالصوت وهو الخفة وهو يعني الإطراب القائم بالصوت هو المأخوذ في تعريف الغناء عند المشهور حينما قالوا الغناء هو عبارة عن مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يعني الخفة دون فعل الشخص يعني ولم يلحظ التطريب المنسوب إلى فعل الشخص في تعريف المشهور فيمكن أن يكون معنى تطريب الشخص في صوته فيمكن أن يكون هنا ذكر احتمال ثم سيرتقى يقول يتعين أن يكون بمعنى الإيجاد ويتعين أن يكون الطرب بمعنى الخفة هنا قال يمكن فيمكن أن يكون معنى تطريب الشخص في صوته إيجاد سبب الطرب بمعنى الخفة بمد الصوت وتحسينه وترجيعه كما أن تفريح الشخص إيجاد سبب الفرح بفعل ما يوجبه ـ ما يوجب الفرح ـ فلا ينافي ذلك ما ذكر في معنى الطرب يعني فلا ينافي أن التطريب بمعنى التحسين والمد والترجيع ما ذكر في معنى الطرب أنه بمعنى الخفة لأن المراد بالتحسين والمد والترجيع يعني إيجاد الخفة إيجاد الطرب.

وكذا ما في القاموس من قوله ما طرب به يعني ما أوجد به الطرب هذه وكذا ما في القاموس مثل فيمكن أن يكون معنى تطريب الشخص نفسه يعني كذلك يمكن أن يكون ما في القاموس من قوله ما طرب به يعني ما أوجد به الطرب والخفة، مع أنه هنا قد الواحد يتصور مع أنه يعني هذا إشكال ثالث هذا ليس إشكالا ثالثا هذا تتمة للإشكال الثاني كما يقول المحقق الشيخ عبد الله المامقاني في كتابه غاية الآمال في التعليقة على المكاسب.

الشيخ عبد الله المامقاني يقول هذا تتمة والوجه في هذه التتمة الإضراب هو في البداية قال يمكن أن يكون الطرب بمعنى الخفة الآن يريد أن يقول يتعين أن يكون الطرب بمعنى الخفة لأنه مادة طرب لا تحمل إلا على الخفة ولا يوجد معنى آخر لمادة طرب هذا وجه التعين.

مع أنه لا مجال لتوهم كون التطريب بمادته يعني بلحاظ مادة التطريب بمعنى التحسين والترجيع إذ لم يتوهم أحد كون الطرب بمعنى الحسن والرجوع أو كون التطريب هو نفس المد يعني لم يتوهم أحد كون التطريب هو نفس المد، هنا لماذا فصل المد عن الترجيع وعن الحسن؟ قد يقال إن المراد بالنسبة إلى الحسن والوجود هذا بلحاظ مادة التطريب ولكن المد بلحاظ الكيفية.

أو كون التطريب هو نفس المد فليست هذه الأمور ـ الحسن والرجوع والمد ـ ليست إلا أسبابا للطرب يعني أسبابا لإيجاد الخفة يراد إيجاده من فعل هذه الأسباب الثلاثة المد والتحسين والترجيع، هذا تمام الكلام في الجواب الثاني.

الجواب الثالث هذا كله مضافا إلى عدم إمكان إرادة ما ذكر من المد والتحسين والترجيع من المطرب في قول الأكثر يعني في تعريف الأكثر للغناء إن الغناء مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يعني يصير إن الغناء مد الصوت المشتمل على الترجيع المرجع صار تقييد الشيء بنفسه أو تقييد على الترجيع الممدود ذكر لفظ المد أو على الترجيع المحسن وهذا صوت المشتمل على الترجيع هذا محسن كما لا يخفى.

الجواب الرابع مع أن مجرد المد والترجيع والتحسين هذه الأمور الثلاثة بنفسها من دون لهو ومن دون خفة ومن دون طرب لا يوجب الحرمة قطعا لما مر وسيجيء، سيجيء أنه يشترط في الغناء المحرم أن يكون أولا لهويا وثانيا يناسب مجالس أهل الفسوق والعصيان فتبين من جميع ما ذكرنا أن المتعين حمل المطرب في تعريف الأكثر للغناء على الطرب بمعنى الخفة وتوجيه كلامهم ـ كلام الفقهاء ـ حينما قالوا إن الغناء هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب بإرادة ما يقتضي الطرب يعني ما يتطلب الطرب ويعرض له يعني ويعرض الطرب لهذا الكلام بحسب وضع نوع ذلك الترجيع يعني وإن لم يطرب شخص بعينه ولكن نوع ذلك الترجيع يعني مثل هذا الترجيع يعني مثل هذا ترديد الصوت وتكراره في الحلق يوجب اللهو وإن لم يطرب شخصه لمانع يعني وإن لم يطرب شخص هذا الترجيع لوجود مانع كبحة صوت أو غير ذلك من غلظة الصوت ومج الأسماع له يعني كراهة الأسماع له.

ولقد أجاد في الصحاح، ما هو وجه الجودة؟ الإحالة على العرف، ولقد أجاد في الصحاح حيث فسر الغناء بالسماع، ما المراد بالسماع؟ ليس مجرد السمع السماع يعني ما يلتذ بسماعه عرفاه، وهو المعروف عند أهل العرف وقد تقدم في رواية محمد بن أبي عباد المستهتر بالسماع يعني المشهور بالسماع وكيف كان فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو فإن اللهو كما يكون بآلة من غير صوت كضرب الأوتار وضرب العود وضرب الطبل من دون ما يصوت ونحوه وبالصوت في الآلة يعني بضرب الصوت بالآلة كالمزمار والقصب ونحوهما فقد يكون بالصوت المجرد يعني بالصوت المجرد عن الآلة فكل صوت يكون لهوا بكيفيته ومعدودا من ألحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرام إذن يوجد قيدان القيد الأول يكون لهوا بكيفيته القيد الثاني يعد من ألحان أهل الفسوق والعصيان فهو حرام وإن فرض أنه ليس بغناء.

قال وإن فرض افترضنا يعني قد يكون لا واقع له مجرد فرضية وكل ما لا يعد لهوا فليس بحرام وإن فرض صدق الغناء عليه فرضا غير محقق يعني فرض غير متحقق هذا مجرد افتراض بحت لا واقع له وإلا كيف يكون كلام ليس لهوي يصدق عليه أنه غناء لعدم الدليل على حرمة الغناء إلا من حيث كونه باطلا ولهوا ولغوا وزورا لعدم هذا تعليل لأن كل صوت يكون لهوا بكيفيته يكون حراما، ثم إن اللهو يتحقق بأمرين يقول الشهيدي في حاشيته ينبغي أن يقول ثم إن اللهو يتحقق بأحد أمرين واحد منهم يكفي ولا يشترط الاجتماع ولكن ظاهر عبارته اشتراط الاجتماع أحدهما قصد التلهي وإن لم يكن لهوا وفيه إن مجرد القصد لا يحقق الشيء إذا واحد يقصد التلهي ولكن يأتي بكيفية ليست لأهل التلهي ما يصدق اللهو خارجا والثاني كونه لهوا في نفسه عند المستمعين وإن لم يقصد به التلهي.

 

ما هو المرجع في تشخيص اللهو؟

المرجع هو العرف ثم يشير إلى مطلب مهم جدا إلى تسويلات النفس الأمارة بالسوء وتسويلات الشيطان كما يقول بعضهم بعض الذين يحضرون المجالس الحسينية أو مجالس المراثي والنعي هو لا يبكي على الحسين وإنما يبكي على نفسه عنده هم ومشكلة خسران في تجارته يريد يفرغ عواطفه يبكي على نفسه أو مثلا هو ما يبكي على الحسين لفقد علي الأكبر هو يبكي على فقده لولده فهو قد يتوهم أنه يبكي على الحسين "سلام الله عليه" ولكن في الواقع هو ما يبكي على الحسين.

يقول ثم إن المرجع في اللهو هو العرف والحاكم بتحققه ـ بتحقق اللهو ـ هو الوجدان حيث يجد الصوت المذكور مناسبا لبعض آلات اللهو وللرقص ولحضور ما تستلذه القوى الشهوية أحيانا الإنسان يصاب بالطرب والخفة أكثر من حضور مجالس أهل الغناء بحجة الترويح عن النفس.

قال ولحضور ما تستلذه القوى الشهوية يعني الإنسان عنده قوى شهوية تستلذ أشياء مثلا يريد أن ينعى ولده فيتوهم أنه ينعى الحسين "سلام الله عليه" وهو ينعى ولده الذي فقده وأحيانا هناك أمور تضاف يعني كون الذي يتكلم جارية جملية أو شاب أمرد فالشيطان يغويه وهو يتصور انه قربة إلى الله تعالى مثلا في مجلس المرثية أو في مجلس أفراح ويقول أنا أريد أفرح على الأئمة ومواليدهم هو لا هو في داخله في شيء يريد أن يغذيه لا أنه قربة إلى الله يريد أن يتقرب إلى الله "عز وجل" أو النبي أو الإمام "عليهم السلام".

قال من كون المغني جارية أو أمرد ونحو ذلك يعني من الأمور التي تستلذه القوى الشهوية ومراتب الوجدان المذكور مختلفة في الوضوح والخفاء قد واحد يحس وقد واحد ما يحس فقد يحس بعض الترجيع من مبادئ الغناء ولم يبلغه والبعض الآخر يقول يوجد غناء بعضهم يقول لا يوجد غناء والآخر يقول يوجد غناء وظهر مما ذكرنا أنه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل ما دام الكيفية باطلة حتى لو تتغنى بالقرآن هذا حرام بالعكس يوجد إثمان الإثم الأول الغناء الإثم الثاني الاستهزاء والاستهتار بكلام الله وكلام النبي أو المعصوم.

وظهر مما ذكرنا انه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل فقراءة القرآن والدعاء والمراثي بصوت يرجع فيه على سبيل الله لا إشكال في حرمتها ولا في تضاعف عقابها يعني ولا إشكال في تضاعف عقابها لكونها معصية في مقام الطاعة واستخفافا بالمقروب والمدعو والمرثي،البعض مثلا يأتي بالقرآن يقول هذه نشيدة وأسلوبه ليس أسلوب نشيدة أسلوب غناء، ومن أوضح تسويلات الشيطان أن الرجل المتستر ـ الرجل العفيف ـ قد تدعوه نفسه لأجل التفرج والتنزه والتلذذ إلى ما يوجب نشاطه ورفع الكسالة عنه من الزمزمة الملهية ـ الصوت الخفي ـ وفي بعض كتب اللغة المراد بالزمزمة الصوت الذي يخرج من الأنف والخيشوم من دون تحريك الحلق والشفة وهذا يستخدمونه كثير من الذين يغنون والذين ينشدون فيغلق الفم ويغلق الحلق فتجد هؤلاء أهل الطرب عندهم هذه الزمزمة، هذه الزمزمة الملهية فيجعل ذلك في بيت من الشعر المنظوم إذا يجعله في بيت من الشعور المنظوم يعني يراد بالزمزمة هنا الصوت الخفي، في بيت من الشعور المنظوم في الحكم والمراثي وغيرها فيتغنى به أو يحضر عند من يفعل ذلك يعني من يفعل الزمزمة الملهية يعني أوضح تسويلات الشيطان أما الرجل المتستر قد تدعوه نفسه إلى ما يوجب نشاطه أو يحظر عند من يفعل ذلك وربما يعد مجلسا لأجل إحضار أصحاب الألحان ويسميه مجلس المرثية فيحصل له بذلك ما لا يحصل له من ضرب الأوتار من النشاط والانبساط وربما يبكي في خلال ذلك لأجل الهموم المركوزة في قلبه الغائبة عن خاطره مثل فقده لولده من فقد ما تستحضره القوى الشهوية ويتخيل أنه بكى في المرثية وفاز بالمرتبة العالية وقد اشرف على النزول إلى دركات الهاوية فلا ملجأ إلا إلى الله من شر الشيطان والنفس الغاوية.

إلى هنا بعد أن وضح أصل الموضوع والحكم بالنسبة إلى الغناء واتضح أن الغناء محرم إذا توفر أمران الأمر الأول أن يكون الصوت لهويا بكيفية اللهوية وثانيا أن يكون مناسبا لمجالس أهل اللهو والفسوق.

ثم يقول توجد شبهات ثلاث الشبهة الأولى إنكار أصل الحكم من قال إن الغناء حرام ليس بحرام يوجد قول بذلك ينسب إلى الفيض الكاشاني إن الغناء حرام إذا دخلت فيه الآلات ودخل فيه محرم مثل دخول النساء على الرجال وأما الغناء بما هو هو بقطع النظر عما يدخل عليه من آلات اللهو أو دخول النساء على الرجال فليس بحرام هذا واحد.

الشبهة الثانية بلحاظ نفس الموضوع، ما هو موضوع الغناء؟

الشبهة الثالثة في عموم مصاديق الغناء هل الغناء يشمل بعض الموارد أو لا يشملها؟ هذه أمور ثلاثة أشار إليها الشيخ الأنصاري بقوله وربما يجرأ على هذا عروض الشبهة في الأزمنة المتأخرة في هذه المسألة ـ مسألة حرمة الغناء ـ تارة من حيث أصل الحكم يعني أصل حكم حرمة الغناء فبعضهم ينكر ثبوت الحرمة للغناء وأخرى من حيث الموضوع يعني هناك شبهة في موضوع الغناء بقطع النظر عن حكمه ما هو موضوعه؟ وثالثا من اختصاص الحكم وهو حرمة الغناء ببعض الموضوع يعني بعض الموضوعات هل يشملها الحكم أم لا أما الأول وهو من حيث أصل الحكم فلأنه حكي عن المحدث الكاشاني أنه خص الحرام منه يعني من الغناء بما اشتمل على محرم من خارج الغناء مثل اللعب بآلات اللهو ودخول الرجال على النساء والكلام بالباطل فقد يحرم لأحد هذه الأمور الثلاثة آلات اللهو أو دخول الرجال أو الكلام بالباطل وإلا فهو يعني الغناء في نفسه غير محرم والمحكي من كلامه في الوافي يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo