< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثالث والتسعون: انهاء الكلام في المسألة الثالثة عشر حرمة الغناء

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما الثالث وهو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع فقد حكا في جامع المقاصد قولا لم يسم قائله باستثناء الغناء في المراثي.

بعد أن انتهى الشيخ الأنصاري "رحمه الله" من تنقيح حرمة الغناء حكما وموضوعا شرع في بيان بعض الشبهات التي قد طرأت على البعض وقسم هذه الشبهات إلى أقسام ثلاثة:

القسم الأول الشبهات المتعلقة بالحكم

القسم الثاني الشبهات المتعلقة بالموضوع

القسم الثالث الشبهات المتعلقة ببعض أفراد الموضوع وهو دعوى اختصاص الحكم وهو الحرمة ببعض أفراد الموضوع دون بعضها

فالقسم الثالث راجع إلى الحكم هذا القسم الثالث من مصاديقه توهم أنه كما يستثنى الغناء في الأعراس من حرمة الغناء كذلك يستثنى الغناء في المراثي من حرمة الغناء إذن القول الثالث أو القسم الثالث من الشبهات توهم اختصاص حرمة الغناء ببعض الموضوع دون بعض فهؤلاء يقولون إن الغناء في المراثي جائز كما أن الغناء في الأعراس جائز وكلاهما يستثنى من حرمة الغناء.

الشيخ الأنصاري يقول المحقق الكركي في جامع المقاصد[1] ذكر هذا القول ولم يذكر اسم قائل هذا القول ولا يعرف وجه لهذا القول نعم ذكر المحقق المدقق الشيخ أحمد النراقي في مستند[2] الشيعة الجزء الثاني صفحة 644 أن الوجه في الجواز أن عمومات أدلة البكاء والإبكاء تشمل التغني بالمراثي توجد عندنا روايات (من بكا وأبكى على الحسين فله الجنة) فالبكاء والإبكاء عام يشمل التغني بالمرثية ولعله قد أخذ هذا الوجه من المحقق السبزواري صاحب الكفاية حينما استدل على جواز التغني بالقرآن بإطلاق أدلة قراءة القرآن فقال إن أدلة قراءة القرآن عامة تشمل صورة التغني بالقرآن.[3]

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يناقش يقول أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات وهنا عندنا أدلة للمحرمات وهي حرمة الغناء وعندنا أدلة الاستحباب وهي استحباب البكاء والإبكاء بالمرثية فيحصل تعارض بين أدلة حرمة التغني بالمرثية وبين استحباب البكاء والإبكاء بالمرثية فتقدم أدلة الحرمة على أدلة الاستحباب.

ثم يشير الشيخ الأنصاري إلى نكتة مهمة وهي أن أدلة الاستحباب ناظرة إلى الشيء بما هو هو من دون نظر إلى الأحكام الثانوية فأدلة الاستحباب تقول إن الشيء بما هو هو راجح بنحو غير أكيد راجح بنحو غير ملزم ولكن قد يطرأ الإلزام بالفعل أو الإلزام بالترك من جهة أخرى فلو ثبت أن فعلا معينا مستحبا كصوم يوم من شعبان ثبت استحبابه فأدلة المستحبات تقول إن نفس هذا الفعل وهو صوم يوم من شعبان بحد ذاته مستحب ولكن قد ينذر الإنسان صيام هذا اليوم فيكون الصيام واجبا لطروء النذر وقد يكون مريضا بحيث إذا صام ذلك اليوم تضرر فيحرم صوم ذلك اليوم إذن أدلة الاستحباب التي هي ناظرة إلى الشيء بما هو هو لا تقاوم أدلة المحرمات خصوصا إذا كان الحرام مقدمة للمتسحب.

فمثلا يستحب إدخال السرور على قلب المؤمن ولكن هذا المؤمن إذا قال لطني لكي تدخل السرور على قلبي فهل يجوز لواطه لا يجوز مع أن إدخال السرور على قلب مستحب ولكن مقدمة إدخال السرور وهي اللواط أو الزنا حرام.

وهكذا تستحب إجابة دعوة المؤمن فلو دعاك إلى شرب الخمر تفضل على مائدة الخمر تفضل كل معنا لحم الخنزير فحل يستحب أن يؤكل معه لحم الخنزير؟ كلا فالفعل المستحب وهو إجابة دعوة المؤمن أو إدخال السرور على قلب المؤمن تدل على رجحان هذا الفعل إدخال السرور على قلبه أو إجابة دعوته بقطع النظر عن العناوين الأخرى التي قد توجب التحريم أو الوجوب وبعبارة أخرى عندنا أحكام إلزامية وهي الوجوب والتحريم وعندنا أحكام ترخيصية غير إلزامية وهي الاستحباب والكراهة والإباحة فإذا تعارضت الأحكام غير الإلزامية كالإباحة والاستحباب والكراهة مع الأحكام الإلزامية من وجوب أو حرمة قدمت الأحكام الإلزامية على الأحكام غير الإلزامية كتطبيق المقام الذي نحن فيه.

عندنا عمومات تحريم الغناء وعندنا عمومات البكاء والإبكاء يستحب البكاء على الحسين والإبكاء عليه يحصل التعارض في المرثية التغني في المرثية يصدق عليه أنه غناء ويصدق عليه أنه بكاء وإبكاء فعمومات تحريم الغناء مقدمة على عمومات البكاء والإبكاء لأن عمومات تحريم الغناء عمومات في حكم إلزامي وهو حرمة الغناء بخلاف عمومات البكاء والإبكاء فهي عمومات في حكم غير إلزامي في حكم ترخيصي وهو الاستحباب وإذا أدرنا أن نتطرق إلى البحث من ناحية أخرى أصولية وهي إن مقدمة الواجب واجبة وقالوا إن المراد من وجوب المقدمة خصوص المقدمة الموصلة لا مطلق مقدمة الواجب فيقولون مقدمة الواجب ليست واجبة نعم مقدمة الواجب واجبة في خصوص المقدمة الموصلة إلى الواجب لا مطلق المقدمة وأما مقدمة الحرام فليست بحرام فضلا عن مقدمة المستحب فإن مقدمة المستحب ليست مستحبة هنا انطبق في موردنا ما هو المستحب؟ البكاء والإبكاء مقدمة المستحب بما هي هي ليست مستحبة فضلا عما كانت هذه المقدمة محرمة في حد نفسها وهو في مثالنا الغناء، الغناء صار مقدمة للبكاء والإبكاء فلا يثبت لها الاستحباب بل تبقى على عنوانها الأولي وهو التحريم النتيجة النهائية الأحكام الثلاثة غير الإلزامية وهي الإباحة والاستحباب والكراهة لا تقاوم الأحكام الإلزامية من وجوب وتحريم ثم يأتي بشاهد على ما ذكره من أن تؤدي المستحبات كالبكاء والإبكاء لا يحصل ضمن المحرمات وهو الغناء يأتي بهذه الرواية (أقرءوا القرآن بألحان العرب) فيقول إن المراد بالألحان هنا أقروا القرآن بألحان العرب يعني بطريقة العرب وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر.

الشيخ يوسف البحراني "رحمه الله" صاحب الحدائق حمل العبارة الحان العرب على لغات العرب اقرءوا القرآن بالحان العرب يعني اقرءوا القرآن بلغات العرب يعني بلهجات العرب، العرب لهم لهجات فكأن صاحب الحدائق تصور أن مفردة اللحن مختصة بالغناء فإذا قال أقروا القرآن بألحان يعني بأغاني العرب هذا مشكل فحمل مفردة الألحان على اللغات لكن هذا الحمل لا ينسجم مع تتميم الرواية، الرواية تقول أقرءوا القرآن بالحان العرب وإياكم ولحون أهل الفسق والعصيان، أقرءوا القرآن بلغات العرب هذا منسجم لكن وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر يعني وإياكم ولغات أهل الفسق والكبائر هذا لا ينسجم.

الشيخ الأنصاري يقول المراد باللحن الصوت الحسن، الصوت الحسن أعم من الحلال والحرام الرواية تقول أقروا القرآن بألحان العرب يعني أقرءوا بأصوات العرب الحسنة وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر يعني وإياكم والأصوات الحسنة التي يختص بها أهل الفسق والكبائر فيتم الاستظهار فتكون النتيجة إن اللحن لا يشير إلى الغناء اللحن أعم من الغناء، الغناء مفردة من مفردات اللحن وبالتالي يصير الترجيع واللحن أعم والغناء أخص يصير الغناء قسم من أقسام اللحن ويصبح الغناء قسما من أقسام الترجيع وهكذا نجمع بين الروايات المتعارضة الروايات التي تنهى عن الترجيع والروايات التي تأمر بترجيع القرآن فنحمل الروايات التي تأمر بالترجيع يعني على الصوت الحسن غير المطرب ونحمل الروايات التي تنهى عن الترجيع على الصوت الحسن المطرب اللهوي هذا تمام الكلام في القسم الثالث والشاهد عليه وجمع الشيخ الأنصاري بين الروايات المتعارضة في اللحن والترجيع يبقى تطبيق العبارة.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما الثالث وهو اختصاص الحرمة ـ حرمة الغناء ـ ببعض أفراد الموضوع يعني بغير المرثية ولا يشمل المرثية فقد حكا المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي في جامع المقاصد حكا قولا لم يسم قائله لم يذكر اسم قائله ما معروف باستثناء الغناء في المراثي نظير استثناءه في الأعراس يعني كما يستثنى الغناء في الأعراس كذلك يستثنى الغناء في المراثي ولم يذكر وجهه يعني وجه جواز الغناء في المراثي وربما وجهه بعض من متأخر المتأخرين وهو أستاذ الشيخ الأنصاري الشيخ أحمد النراقي في مستند الشيعة بعمومات أدلة الإبكاء والرثاء يعني استند إلى عمومات من بكى وأبكى على الحسين وقد أخذ ذلك الاستناد بالعمومات مما تقدم من صاحب الكفاية المحقق السبزواري من الاستدلال بإطلاق أدلة قراءة القرآن يعني كيف قال المحقق السبزواري الجواز التغني بالقرآن ماذا كان مستنده؟ عمومات أدلة قراءة القرآن هنا أيضا ما هو الدليل على جواز التغني بالمراثي عمومات أدلة جواز المرثية.

وفيه يعني في استثناء الغناء في المراثي من حرمة الغناء، أن أدلة المستحبات وهي أحكام غير إلزامية لا تقاوم أدلة المحرمات التي هي أحكام إلزامية خصوصا التي تكون من مقدماتها يعني خصوصا المحرمات التي تكون من مقدماتها يعني من مقدمات المستحبات يعني عندنا مستحب وهو البكاء والإبكاء له مقدمة محرمة وهو التغني بالمرثية فإن مرجع أدلة الاستحباب مثل استحباب المرثية استحباب صيام يوم من شعبان إلى استحباب إيجاد الشيء بسببه المباح يعني استحباب أيجاد المرثية بسببها المباح استحباب صيام يوم من شعبان بسببه المباح لا بسببه المحرم ألا ترى أنه لا بسببه يعني لا بسبب المستحب الذي هو محرم هذا السبب، ألا ترى أنه لا يجوز إدخال السرور في قلب المؤمن وإجابته هذا المستحب الأول إدخال السرور في قلب المؤمن الثاني وإجابته يعني إجابة المؤمن بالمحرمات ما يجوز كالزنا واللواط والغناء؟ قلت غني لي لكي يدخل السرور إلى قلبي أو يدعوك إلى الغناء وتستحب إجابة دعوة المؤمن هذا مشكل والسر في ذلك في أن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات أن دليل الاستحباب إنما يدل على كون الفعل مثل المرثية والصوم لو خلي وطبعه خاليا عما يوجب لزوم أحد طرفين، لزوم أحد طرفين وهما الفعل أو الترك يعني لو خلي بما هو هو بحيث لا يوجب مقتضي لفعله ولا لتركه قلنا بالاستحباب.

والسر في ذلك إن دليل الاستحباب إنما يدل على كون الفعل لو خلي وطبعه خاليا عما يوجب لزوم أحد طرفيه فلا ينافي ذلك يعني كون الفعل لو خلي وطبعه خاليا عما يوجب لزوم أحد طرفيه لا ينافي ذلك طروء عنوان من الخارج يعني طروء عنوان ثانوي يوجب لزوم فعله أو تركه، يوجب لزوم فعله يعني الوجوب مثل النذر بالصيام أو تركه يعني ترك الفعل مثل عنوان الضرر الذي يوجب ترك الصيام كما إذا صار الفعل مقدمة لواجب فيجب أو صادفه عنوان المحرم يعني أو صادف الفعل عنوان محرم لم يقل أو كان مقدمة لمحرم لأن مقدمة المحرم ليست بحرام فإجابة المؤمن وإدخال السرور في قلبه ليس في نفسه شيء ملزم لفعله أو تركه ما يلزم بالفعل أو الترك الاستحباب بما هو هو لا يوجب لزوم أحد الطرفين لا الفعل ولا الترك فإذا تحقق هذا الفعل في ضمن الزنا فقد طرأ عليه عنوان ملزم لتركه وهو حرمة الزنا كما أنه إذا أمر به الوالد أو السيد هذا الفعل طرأ عليه عنوان ملزم لفعله وهو وجوب طاعة الأب أو وجوب طاعة السيد

والحاصل إن جهات الأحكام الثلاثة أعني الإباحة والاستحباب والكراهة لا تزاحم جهة الوجوب أو الحرمة فالحكم لهما يعني فالحكم يكون لهما للوجوب أو الحرمة مع اجتماع جهتيهما ـ جهة الوجوب أو الحرمة ـ مع إحدى الجهات الثلاث لو قال مع اجتماع إحدى الجهتين مع إحدى الجهات الثلاث الأخرى وإلا كيف يجتمع الوجوب والتحريم.

ويشهد بما ذكرناه وهو عدم تؤدي المستحبات في ضمن المحرمات قوله "صلى الله عليه وآله" (أقروا القرآن بألحان العرب يعني بأصوات العرب الحسنة وإياكم ولحون أهل الفسق والعصيان يعني وإياكم والأصوات الحسنة لأهل الفسوق والعصيان والكبائر وسيجيء بعدي أقوام يرجعون ترجيع الغناء) يعني الترجيع له قسمان ترجيع غناء وترجيع غير غناء لم تقل الرواية إن الترجيع هو الغناء يرجعون الترجيع الذي هو الغناء يعني يرجعون قسما من الترجيع الذي هو الغناء وقسم آخر ليس بغناء وسيجيء بعدي أقوام يرجعون يكررون الصوت ترجيع الغناء والنوح والرهبان إذن هذه أقسام إلى الترجيع يوجد ترجيع الغناء يوجد ترجيع النياحة يوجد ترجيع وتكرار صوت الرهبانية لا يجوز تراقيهم ـ الترقوة هي عبارة عن عظمتان أعلى الصدر مما يلي الرقبة ـ لا يجوز القرآن تراقيهم يعني ما يرتفع عن رقبته يعني كناية من أنه مجرد لقلقة لسان لأن الصوت يخرج من عند الترقوة لا يجوز القرآن تراقيهم يعني ما يرتفع عن تراقيهم يعني ما يوصل حتى إلى رأسه يعني مجرد لقلقة لسان من دون أن تتجسد هذه المعاني في القلب.

لا يجوز تراقيهم يعني لا يجوز يعني لا يعبر القرآن تراقيهم قلوبهم مقلوبة يعني منكوسة، كناية عن عدم استفادتهم من القرآن ما دام قلبه منكوس وقلبه مقلوب ما يستفيد لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي وقلوب من يعجبه شأنهم[4] يعني من الذي يحبهم ويعجبه شأنهم هذا أيضا قلبه منكوس ومقلوب.

قال في الصحاح الجوهري اللحن واحد الألحان واللحون يعني مفرد الألحان واللحون ومنه الحديث (أقرءوا القرآن بلحون العرب وقد لحن في قراءته إذا طرب بها وغرد وهو ألحن الناس إذا كان أحسنهم قراءة أو غناء)[5] أحسنهم قراءة أو غناء يعني المراد باللحن الصوت الحسن وهذا متعارف متداول تقول يلحن إلى الغناء ويلحن إلى النشيدة ويلحن إلى الشيلة والعزاية ما يقصد أنه يلحن يعني تلحين الغناء يعني يذكر طريقة حسنة في إخراج الصوت يذكر كيفية حسنة.

وصاحب الحدائق جعل اللحن في هذا الخبر بمعنى اللغة (أقرءوا القرآن بألحان العرب) أي بلغة العرب [6] وكأنه صاحب الحدائق أراد باللغة اللهجة وتخيل أن إبقائه يعني إبقاء اللحن على معناه يوجب ويقتضي ظهور الخبر في جواز الغناء في القرآن لأنه توهم أن اللحن مختص بخصوص الغناء فإذا أبقينا أقرءوا القرآن بألحان العرب يعني أقرءوا القرآن بألحان العرب الغنائية بأغاني العرب فيصير النص يدل على جواز التغني بالقرآن.

الشيخ الأنصاري يقول الحان ليس بمعنى غناء الحان بمعنى الصوت الحسن وهو أعم يعم الغناء وغيره وفيه فيما أفاده صاحب الحدائق "رحمه الله" ما تقدم من أن مطلق اللحن يعني مطلق الصوت الحسن إذا لم يكن على سبيل اللهو ليس غناء وقوله "صلى الله عليه وآله" (وإياكم ولحون أهل الفسق) نهي عن الغناء في القرآن إذن الخلاصة المراد باللحن الصوت والطريقة الحسنة لها مصداقان مصداق الأول الغناء المحرم المصداق الثاني الكلام والصوت غير المحرم كالأناشيد والكلام هو الكلام في الترجيع، الترجيع ما المراد به؟ تكرار الصوت في الحلق وتكرار الصوت في الحلق يجعل الصوت حسنا هذا الترجيع على قسمين ترجيع يوجب الغناء وترجيع ما يوجب الغناء وبهذا التفصيل نجمع بين الروايتين المتعارضتين في الترجيع فنحمل الرواية الناهية عن الترجيع بالقرآن بمعنى ترديد وترجيع الصوت على سبيل اللهو والطرب ونحمل الروايات المجوزة للترجيع على أنه ترجيع غير لهوي لا يوجب الطرب.

يقول ثم إن في قوله "صلى الله عليه وآله" لا يجوز تراقيهم يعني لا يعبر القرآن ولا يتجاوز تراقيهم إشارة إلى أن مقصودهم ليس تدبر معاني القرآن بل هو مجرد الصوت المطرب أصلا ما يلتفتون إلى معاني القرآن أصوات مطربة وظهر مما ذكرنا من أن المراد باللهو مطلق الصوت الحسن الشامل للغناء وغيره مما يجوز

وظهر مما ذكرنا أنه لا تنافي بين حرمة الغناء في القرآن وما ورد من قوله "صلوات الله عليه" ورجع بالقرآن صوتك يعني وحسن بالقرآن صوتك ورجع يعني كرر الصوت في حلقك تكرارا حسنا هذا هو المراد به إذن فيها أمر، أمر بالترجيع في القرآن ورجع بالقرآن صوتك فإن الله يحب الصوت الحسن[7] التعليل من عموم التعليل نستفيد، فإن الله يحب الصوت الحسن يعني غير اللهوي فإن الله يحب الصوت الحسن الذي هو ترجيع غير لهوي

فإن المراد بالترجيع ترديد الصوت في الحلق ومن المعلوم أن مجرد ذلك ترجيع الصوت في الحلق لا يكون غناء إذا لم يكن على سبيل اللهو فالمقصود من الأمر بالترجيع أن لا يقرأ كقراءة عبائر الكتب عند المقابلة إذا يقرأ وقال كذا وكذا وكذا كأنه لما تقابل الكتاب تقرأه يعني كأن نملة تتحرك كلا يكون بتأني وترتيب، لكن مجرد الترجيع يعني ترديد الصوت بالحلق لا يكون غناء ولذا جعله نوعا منه في قوله "صلى الله عليه وآله" (يرجعون القرآن ترجيع الغناء) ولذا جعله يعني لأن مجرد الترجيع لا يكون غناء جعله يعني جعل الغناء نوعا منه يعني نوعا من الترجيع فالترجيع مقسم والغناء قسم من الترجيع الذي هو مقسم الآن يأتي بشاهد الآن هذا مجرد دعوى يأتي بشاهد على أن الترجيع أعم والغناء أخص وأن الغناء قسم من أقسام الترجيع وأن المراد بالترجيع الصوت الحسن يأتي بشاهد من شمس العلوم.

كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم في اللغة هذا إلى نشوان بن سعيد بن نشوان اليمني الحميري المتوفى سنة 573 قيل في ثمانية عشر جزءا كما في كشف الظنون وقيل في ثمانية أجزاء

يقول وفي محكي شمس العلوم ما موجود هذا الكتاب الآن حكي عنه أن الترجيع ترديد الصوت هذا ترديد الصوت مقسم أعم يذكر له ثلاثة أقسام مثل ترجيع أهل الألحان هذا واحد والقراءة اثنين والغناء ثلاثة يعني ترديد الصوت إما بنحو الغناء وإما بنحو القراءة وإما بنحو اللحن وبالجملة فلا تنافي بين الخبرين خبر ورجع بالقرآن صوتك وخبر يرجعون القرآن ترجيع الغناء، رجع بالقرآن صوتك أمر بالترجيع يدل على الوجوب أو الاستحباب يرجعون القرآن ترجيع الغناء هذا تحريم للترجيع أتضح أنه لا تنافي، ورجع بالقرآن صوتك يعني الصوت الحسن الذي ليس لهوي، يرجعون القرآن ترجيع الغناء يعني الصوت الحسن الذي هو لهوي وبالجملة فلا تنافي بين الخبرين ولا بينهما ورجع بالقرآن صوتك، ويرجعون القرآن ترجيع الغناء وبين ما دل على حرمة الغناء حتى في القرآن كما تقدم زعمه من صاحب الكفاية المحقق السبزواري تبعا في بعض ما ذكره من عدم اللهو في قراءة القرآن وغيره ـ كالمرثية ـ إذن اتضح أنه التغني كما يكون في كلام الباطل قد يكون في كلام الحق كالقرآن والمرثية مراثي أهل البيت "عليهم السلام" وغيره لما ذكره المحقق الاردبيلي "رحمه الله" يعرج على كلام المحقق الاردبيلي في النهاية.

الشيخ الأنصاري يحمل كلام ثلاثة من المحققين الكبار وهم أولا الفيض الكاشاني ثانيا المحقق السبزواري ثالثا المحقق الاردبيلي يقول هؤلاء لما يقولون يجوز التغني بالقرآن أو يجوز التغني بالمرثية نحمل مرادهم من التغني على مطلق الصوت الحسن أو خصوص الصوت الحسن غير اللهوي لا أن مرادهم الصوت الحسن اللهوي المناسب لمجالس أهل الفسوق والعصيان قطعا هذا غير مقصود لديهم لذلك يقول لما ذكره المحقق الاردبيلي "رحمه الله" صاحب مجمع الفائدة والبرهان الجزء الثامن صفحة 61 إلى 63 حيث إنه بعد ما وجه استثناء المراثي وغيرها من الغناء يعني قال هذا يجوز يستثنى من حرمة الغناء التغني بالمراثي وغير المراثي مثل قراءة القرآن بأنه ما ثبت الإجماع يعني الإجماع على حرمة الغناء إلا في غيرها يعني في غير المراثي وغيرها يعني القرآن هناك إجماع على حرمة الغناء هذا الإجماع لم ينعقد على حرمة الغناء في المراثي وقراءة القرآن والأخبار ليست بصحيحة صريحة في التحريم مطلقا يعني في مطلق الصوت حتى في المراثي وقراءة القرآن، يقول لما ذكره المحقق الاردبيلي حيث إنه أيد استثناء المراثي بأن البكاء والتفجع مطلوب مرغوب وفيه ثواب عظيم من كلامه مطلوب ومرغوب وفيه ثواب عظيم يعلم أنه ليس مراده التغني على سبيل اللهو والطرب التغني الذي يرضي الله الذي يوجب الثواب إذن مراده بالتغني الصوت الحسن.

وفيه ثواب عظيم والغناء معين على ذلك يعني على التفجع المطلوب المرغوب وفيه ثواب عظيم كيف يكون الغناء ما يناله؟ يعني الصوت الحسن وأنه الغناء متعارف دائما في بلاد المسلمين من زمن المشايخ إلى زماننا هذا من غير نكير هذا المحقق الاردبيلي يقول متعارف التغني الشيخ الأنصاري يقول زماننا صار هناك تغني بالمراثي يقول هذا التغني وإدخال الطرب واللهو في القرآن وفي مراثي سيد الشهداء يقول زمن المقدس الاردبيلي صافي ما كانوا يجرؤون يتغنون بالقرآن والمراثي لكن في زمن الشيخ الأنصاري المتأخر تجرئوا.

يقول وأنه يعني التغني في المراثي متعارف دائما في بلاد المسلمين من زمن المشايخ إلى زماننا هذا من غير نكير ثم أيده يعني أيد جواز التغني في المراثي بجواز النياحة وجواز أخذ الأجرة عليها ـ على النياحة على الحسين ـ والظاهر أنها لا تكون إلا معه، والظاهر أنها يعني النياحة لا تكون إلا معه يعني إلا مع الغناء في المراثي إذن المراد تحسين الصوت.

وبأن تحريم الغناء للطرب على الظاهر يعني الغناء محرم للطرب لا لغير الطرب يعني الغناء اللهوي وبأن تحريم الغناء للطرب على الظاهر وليس في المراثي طرب إذن واضح كلامه وليس في المراثي طرب يعني صوت حسن غير مطرب وغير لهوي بل ليس إلا الحزن[8] .

الشيخ الأنصاري يعلق يقول وأنت خبير بأن شيئا مما ذكره من أن هذا متعارف أنت غني في المراثي لا ينفع في جواز الغناء على الوجه الذي ذكرناه طبعا هو ذكر خمسة أشياء إذا نحلل كلام صاحب مجمع الفائدة والبرهان ذكر خمسة أدلة، الدليل الأول لما ذكره المحقق الاردبيلي حيث إنه بعد ما وجه استثناء المراثي وغيرها من الغناء بأنه ما ثبت إجماع إلا في غيرها يعني الإجماع ثابت في غير المراثي.

الدليل الثاني والأخبار ليست بصريحة صحيحة في التحريم ومطلقا، الدليل الثالث أيد استثناء المراثي بأن البكاء والتفجع مطلوب مرغوب وفيه ثواب عظيم والغناء معين على ذلك، الدليل الرابع وأنه ـ الغناء في المراثي ـ متعارف دائما في بلاد المسلمين من زمن المشايخ إلى زماننا هذا من غير نكير، الدليل الخامس ثم أيده بجواز النياحة وجواز أخذ الأجرة عليها والظاهر أنها لا تكون إلا معه وهذا يمكن جعله سادس أو ضمنه وبأن تحريم الغناء للطرب على الظاهر وليس في المراثي طرب بل ليس إلا الحزن.

الشيخ الأنصاري يقول هذه كلها لا تدل على مدعاه نحن نمنع كون الغناء معينا على البكاء ونقول إن مرادنا من الغناء يختلف عن مراد المحقق الاردبيلي والفيض الكاشاني والسبزواري من الغناء فإن مراد الأعلام الثلاثة من الغناء مطلق الصوت الحسن ومرادنا من الغناء خصوص الصوت الحسن اللهوي فخصوص الصوت الحسن اللهوي المشتمل على الطرب حرام وخصوص الصوت الحسن غير اللهوي حلال وهذا المعنى هو الذي نحمل عليه مفردة الغناء الواردة في كلمات الأعلام الثلاثة وبالتالي الصوت الحسن غير اللهوي نعم يعين على البكاء ولكن الصوت الحسن اللهوي لا يعين على البكاء.

يقول الشيخ الأنصاري وأنت خبير بأن شيئا مما ذكره لا ينفع في جواز الغناء على الوجه الذي ذكرناه أما كون الغناء معينا على البكاء والتفجع فهو ممنوع بناء على ما عرفت من كون الغناء هو الصوت اللهوي يعني خصوص الصوت اللهوي بل وعلى ظاهر تعريف المشهور من الترجيع المطرب هم لم يقولوا مطلق الترجيع بل خصوص الترجيع الموجب للطرب لأن الطرب الحاصل منه ـ من الغناء ـ إن كان سرورا فهو مناف للتفجع لا معين وإن كان حزنا فهو على ما هو المركوز في النفس الحيوانية من فقد المشتهيات النفسانية لا على ما أصاب سادات الزمان مع أنه على تقدير الإعانة لا ينفع في جواز الشيء كونه مقدمة لمستحب.

يقول لو سلمنا جدلا وتنزلنا أن الغناء يعين على التفجع نقول التفجع مستحب والغناء محرم وتقدم الكلام أن الغناء لا يكون مقدمة للحرام.

قال مع أنه على تقدير الإعانة يعني أن الغناء يعين على التفجع لا ينفع تقدير الإعانة في جواز الشيء كونه يعني كون هذا الشيء مقدمة لمستحب أو مباح بل لابد من ملاحظة عموم دليل الحرمة له ـ لهذا الشيء ـ ما دام هو نفس الغناء حرام وبالتالي إذا كان الدليل ثبت فهو إذا ما ثبت الدليل بعد نجري أصالة الإباحة.

يقول فإن كان فهو يعني فإن كان دليل الحرمة فهو فقد ثبتت الحرمة وإلا يعني إن لم يكن دليل للحرمة فيحكم بإباحته أي إباحة الغناء للأصل أصالة الإباحة، وعلى أي حال فلا يجوز التمسك في الإباحة بكونه ـ بكون الفعل ـ وهو الغناء مقدمة لغير حرام لما عرفت، وما الذي عرفت؟ هنا حينما قال وفيه إن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات، ثم بعد ذلك الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يوجه كلام المحقق الاردبيلي والفيض الكاشاني والسبزواري.

ثم إنه يظهر من هذا ومما ذكر أخيرا من أن المراثي ليس فيها طرب يظهر أن نظره ـ المحقق الاردبيلي ـ إلى المراثي المتعارفة لأهل الديانة التي لا يقصدونها إلا للتفجع وكأنه لم يحدث في عصره المراثي التي يكتفي بها أهل اللهو والمترفون من الرجال والنساء عن حضور مجالس أهل اللهو وضرب العود والأوتار بدل ما يعقدون لهم مجالس الأوتار عقدوا لهم مراثي لأغراضهم النفسية وليس حزنا على الحسين والأئمة عليهم السلام، والتغني بالقصب والمزمار كما هو الشائع في زماننا الذي قد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بنظيره في قراءة القرآن وفي الحج في قوله (يتخذون القرآن مزامير[9] ) بدل ما يأخذ المزمار يغني بالقرآن كما أن زيارة سيدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين "عليه السلام" صار سفرها من أسفار اللهو والنزهة لكثير من المترفين وقد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بنظيره في سفر الحج (وأنه يحج أغنياء أمتي للنزهة والأوساط للتجارة والفقراء للسمعة[10] ) وكأن كلامه "صلى الله عليه وآله" كالكتاب العزيز وارد في مورد وهو الحج وجار في نظيره ـ نظير هذا المورد ـ نظير الحج الزيارة.

يقول الشيخ الأنصاري والذي أظن أن ما ذكرنا في معنى الغناء المحرم من أنه الصوت اللهوي أن هؤلاء يعني الفيض الكاشاني والسبزواري والأردبيلي وغيرهم غير مخالفين فيه يعني لا يرون أن الصوت اللهوي حلال لا يخالفوننا يرون أن الصوت اللهوي محرم هم مرادهم الصوت الحسن غير اللهوي غير المطرب وأما ما لم يكن على جهة اللهو المناسب لسائر آلاته فلا دليل على تحريمه لو فرض شمول الغناء له يعني يصير لفظ الغناء عام يشمل الصوت الحسن لأن مطلقات الغناء منزلة على ما دل على إناطة الحكم فيه وهو الحرمة، الحرمة مناطة باللهو والباطل من الأخبار المتقدمة يعني الكيفية لهوية الكيفية باطلة خصوصا مع انصرافها الروايات الدالة على حرمة الغناء، انصرافها في أنفسها كأخبار المغنية إلى هذا الفرد ـ خصوص اللهو والباطل ـ

 

المستثنيات من الغناء

 

بقي الكلام فيما استثناه المشهور من الغناء وهو أمران الأمر الأول الحداء ـ حداء الإبل ـ والأمر الثاني غناء المغنية في الأعراس وكلاهما دليله ضعيف.

أما بالنسبة إلى الحداء لا توجد فيه إلا رواية واحدة ضعيفة سندا ودلالة.

أحدهما الحداء بالضم كدعاء صوت يرجع فيه للسير بالإبل وفي الكفاية للسبزواري أن المشهور استثناءه[11] ـ استثناء حذاء الإبل من الغناء ـ وقد صرح بذلك في شهادات الشرائع[12] المحقق الحلي والقواعد[13] العلامة الحلي وفي الدروس[14] الشهيد الأول وعلى تقدير وافتراض كونه الحداء من الأصوات اللهوية كما يشهد به استثنائهم إياه عن الغناء ما دام قالوا الغناء حرام ويستثنى منه الحداء يعني صوت لهوي لأن الغناء المحرم خصوص الصوت اللهوي وعلى فرض كونه من الأصوات اللهوية كما يشهد به ـ بالاستثناء ـ كونه من الأصوات اللهوية استثناءهم ـ الفقهاء ـ إياه ـ للحداء ـ عن الغناء بعد أخذهم الإطراب في تعريفه يعني في تعريف الغناء فلم أجد ما يصلح لاستثنائه يعني استثناء الحداء من حرمة الغناء لم يجد الشيخ الأنصاري مع تواتر الأخبار بتحريم الغناء لم أجد ما يصلح لاستثناء مع تواتر الأخبار بالتحريم عدا رواية نبوية مروية عن النبي ذكرها في المسالك[15] من تقرير النبي "صلى الله عليه وآله" لعبد الله بن رواحة حيث حدا للإبل وكان حسن الصوت وفي دلالته ـ هذا الخبر ـ وسنده ما لا يخفى أما من جهة السند فهو مرسل وضعيف السند وأما من جهة المتن نلاحظ الحاشية رقم 5 رواها البيهقي في سننه الجزء العاشر صفحة 227 وفيه أنه "صلى الله عليه وآله" قال لعبد الله بن رواحة (حرك بالنوق فاندفع يرتجز وكان عبد الله جيد الحداء فهنا وكان عبد الله جيد الحداء) الشاهد ما هو ضعف الدلالة جيد الحداء يعني حسن الصوت ولا تدل على أنه حسن الصوت وكان هذا الصوت لهويا إذن الرواية فيها خدشة من جهة السند والدلالة، من جهة السند مرسلة من جهة الدلالة تدل على حسن الصوت ولا دلالة فيها على أن هذا الصوت كان صوتا لهويا إذن استثناء الحداء لم يتم.

الثاني استثناء غناء المغنية في الأعراس إذا لم يكتنفه أمر باطل كدخول النساء على الرجال واستعمال آلات اللهو أو الكلام بالباطل.

الثاني غناء المغنية في الأعراس إذا لم يكتنف بها محرم آخر من التكلم بالأباطيل واللعب بالآلات الملاهي المحرمة ودخول الرجال على النساء والمشهور استثناءه للخبرين المتقدمين عن أبي بصير في أجر المغنية التي تزف العرائس ذكرناهم صفحة 305 ونحوهما ـ الخبرين ـ ثالث عنه أيضا عن أبي بصير وإباحة الأجر لازمة لإباحة الفعل إذا تراجع الرواية، الرواية واردة في الأجر صفحة 305 الرواية هكذا سألت أبا عبد الله عن كسب المغنيات فقال (التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس لا بأس به[16] ) فإذا جاز الأجر يعني كان العمل عمل محلل وليس بمحرم.

هنا إشكال قد يقال إن الأجر للزفاف ليس للغناء هذا مخالف للظاهر ودعوى أن الأجر لمجرد الزف لا للغناء عنده ـ عند الزف ـ مخالفة للظاهر لكن في سند الروايات أبو بصير وهو غير صحيح.

أبو بصير مشترك بين أربعة ثلاث منهم ثقات وواحد ضعيف، أبو بصير المرادي ثقة أبو بصير الأسدي ثقة أبو بصير ثالث ثقة والرابع ليس بثقة هؤلاء الأربعة في طبقة واحدة فحيث لم يحصل تمييز باسم الراوي والمروي عنه تصبح الرواية ضعيفة.

قد تقول هذا منجبر بعمل الأصحاب الشيخ الأنصاري يقبل كبرى الانجبار يعني إذا عمل الأصحاب برواية جبروا ضعفها وإنما يشكك في الصغرى يقول كيف عمل بها الأصحاب ويذكر قسم من الفقهاء مخالفين ثم في النهاية يقول لا يبعد أنه العمل بالشهرة وإن كان فيه مخالفين هو الأرجح.

قال ولكن في سند الروايات أبو بصير وهو غير صحيح والشهرة ـ هذا دفع دخل مقدر ـ على وجه توجب الانجبار غير ثابتة يعني تكلم عن عدم ثبوتها وليس عن عدم حجيتها ناقش في الصغرى لا الكبرى لأن المحكي عن المفيد[17] والقاضي[18] وظاهر الحلبي[19] وصريح الحلي[20] والتذكرة[21] والإيضاح[22] فخر المحققين بل كل من لم يذكر الاستثناء يعني كل من يستثني بحرمة الغناء الأعراس غناء المغنية في الأعراس بل كل من لم يذكر الاستثناء بعد التعميم يعني تعميم حرمة الغناء المنع يعني المنع من جواز غناء المغنية.

يقول الشيخ الأنصاري لكن الإنصاف أن سند الروايات وإن انتهت إلى أبي بصير إلا أنه لا يخلو من وثوق، لا يخلو من وثوق خبري وليس مخبري الوثوق المخبري لم يتحقق لأن أبو بصير مشترك ولكن وثوق خبري يحصل من عمل الكثيرين وإن خالف البعض لكن الوثوق والاطمئنان يحصل، إلا أنه لا يخلو من وثوق فالعمل بها ـ هذه الرواية ـ تبعا للأكثر غير بعيد وإن كان الأحوط كما في الدروس الترك، يعني لا يجوز غناء المغنية في الأعراس هذا مقتضى الاحتياط كما في الدروس للشهيد الأول والله العالم، هذا تمام الكلام في المسألة الثالثة عشر، المسألة الرابعة عشر الغيبة حرام يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo