< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الرابع والتسعون: المسألة الرابعة عشرة حرمة الغيبة

 

المسألة الرابعة عشر الغيبة حرام بالأدلة الأربعة[1]

 

خلاصة الدرس

هذه المسألة من المسائل المهمة والعملية في البداية الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" يتطرق إلى الأدلة الدالة على حرمة غيبة المؤمن يذكر أولا الآيات من كتاب الله ثانيا الروايات الشريفة الدالة على حرمة الغيبة ثم يتطرق إلى عدة عناوين:

العنوان الأول ظاهر الأخبار الشريفة أن الغيبة من الكبائر،

العنوان الثاني ظاهر الروايات والأدلة اختصاص الغيبة بالمؤمن فلا تحرم غيبة المخالف،

العنوان الثالث شمول الأدلة الدالة على الحرمة للصبي المميز فالصبي المميز وإن لم يبلغ تحرم غيبته لأنه يتأثر لو سمع،

العنوان الرابع حكم غيبة المجنون فقد يقال بحرمته لانطباق عنوان المؤمن عليه وقد يقال بعدم حرمة غيبته لأنه لا يتأثر

لو سمع هذه عناوين أربعة نتكلم عنها تباعا ثم بعد ذكر الآيات والروايات والعناوين الأربعة يشرع الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في بيان أمور:

الأمر الأول في بيان حقيقة الغيبة فيتطرق إلى معنى الغيبة في اللغة والاصطلاح ويذكر تعريفين للغيبة وفي التعريف الأول يذكر احتمالين وفي كل من هذين الاحتمالين يذكر ثلاثة أمور ثم في النهاية يرجح تعريف الغيبة بحسب نظره بعد أن يتطرق إلى كلا التعريفين نحن نشرع في بيان ما أفاده الشيخ الأنصاري إلى أن نصل إلى رأيه الشريف ونتوقف يكون في الدرس القادم دراسة رأي الشيخ الأعظم الأنصاري في معنى الغيبة المحرمة.

 

تطبيق المتن

المسألة الرابعة عشر الغيبة حرام بالأدلة الأربعة القرآن، السنة الشريفة، الإجماع، العقل ويدل عليه من الكتاب قوله تعالى (﴿ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا﴾)[2] فجعل المؤمن أخا وجعل عرضه كلحمه أن يأكل لحم أخيه يعني أن يطعن في عرضه والتفكه به يعني بعرضه أكلا يعني وجعل التفكه بعرض المؤمن أكلا وعدم شعوره بذلك يعني وجعل عدم شعوره ـ عدم شعور المغتاب ـ يعني الذي تمت غيبته المغتاب يعني أسم المفعول لا اسم الفاعل كلاهما مغتاب يقال له وعدم شعوره بذلك يعني وعدم شعور المغتاب اسم المفعول بذلك بالتفكه بعرضه بمنزلة حالة موته يعني كأنما تأكل من لحم الميت.

وقوله تعالى (﴿ويل لك همزة لمزة﴾)[3] الهمزة واللمزة يشتركان في ذكر العيب لكن اللمزة هي ذكر العيب في وجه المعيوب يعني في حضوره وأما الهمزة من الهمز يعني ذكر العيب في ظهر المعيوب يعني في غيبته الآية الكريمة تقول (﴿ويل لك همزة﴾) يعني من يذكر العيب في ظهر الغيب، لمزة الذي يذكر العيب في الحضور في الوجه وقال بعضهم بالعكس أن الهمزة هي ذكر العيب في الوجه وفي الحضور واللمزة هي ذكر العيب في ظهر الغيب ولكن لعل الهمز قد يتبادر إلى الذهن أن يكون شيء فيه خفاء همزة إليه أشار إليه وأما اللمز في الحضور.

وقوله تعالى (﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم﴾)[4] والغيبة جهر بالسوء من القول وقوله تعالى ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم﴾[5] هذا تمام الكلام في بيان الآيات الدالة على حرمة الغيبة وأما الروايات ويدل عليه من الأخبار ما لا يحصى.

 

ما الفرق بين الاستهزاء و بين الغيبة و بين البهتان

قبل أن نشرع في الأخبار لا بأس أن نشير إلى الفارق بين الثلاثة مفاهيم:

الأول السخرية والاستهزاء، الثاني الغيبة، الثالث البهتان

يفترق الأول عن الآخرين في أن السخرية والاستهزاء تكون في الحضور وأما الغيبة والبهتان فيكونان في الغياب فذكر العيب والمعايب في الحضور هذا سخرية واستهزاء هذا لمز وذكر المعايب في الغيبة هذا إما غيبة وإما بهتان إذن يشترك البهتان مع الغيبة في ذكر العيب في الغياب ولكن الفارق بينهما هو أن الغيبة أن تذكر العيب الذي فيه حقيقة وواقعا وأما البهتان هو أن تذكر العيب الذي ليس فيه فلو قلت مثلا فلان أعرج أعمى وفعلا هو أعمى وأعرج هذا عيب فيه وأما إذا قلت أعمى وأعرج وهو ليس أعرج ولا أعمى هذا بهتان لذلك جاء في الرواية (إن كان ما قلته فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته).

ثم يقع الكلام في تعريف الغيبة يقولون في التعريف الأول ذكرك أخاك بما يكره في ظهر الغيب وأما في التعريف الثاني ذكرك أخاك بما يكره في ظهر الغيب مع قصد الانتقاص إذن الفرق بين التعريف الأول والتعريف الثاني أنه بناء على التعريف الأول لا يشترط قصد الانتقاص وأما بناء على التعريف الثاني يشترط في ثبوت حرمة الغيبة القصد فتصير الغيبة من العناوين القصدية لا العناوين الانطباقية.

ويدل عليه من الأخبار ما لا يحصى فمنها ما روي عن النبي "صلى الله عليه وآله" بعدة طرق أن الغيبة أشد من الزنا وأن الرجل يزني فيتوب ويتوب الله عليه وأن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه [6] الرواية موجودة في الوسائل مع اختلاف في العبارة ولعل الشيخ الأنصاري أراد النقل بالمعنى.

سؤال لماذا الزنا الله "عز وجل" يغفره والغيبة ما يغفرها إلا إذا غفر المغتاب باسم المفعول؟ لأن الغيبة من حقوق الناس والزنا من حقوق الله، الله "عز وجل" يتجاوز عن حقه ولا يتجاوز عن حقوق الناس لذلك ورد أن الشهيد الله "عز وجل" يغفر له جميع ذنوبه عدا الديون لذلك من أفضل القربات تسديد دين الشهيد لأن الدين من حقوق الناس وليس من حقوق الله، الله "عز وجل" لا يتجاوز إلا إذا تم سداد الدين.

وعنه "صلى الله عليه وآله" (أنه خطب يوما فذكر الربا وعظم شأنه وقال إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم من ستة وثلاثين زنية وإن عرض الربا عرض الرجل المسلم)[7] وعنه "صلى الله عليه وآله" (من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل الله صلاته ولا صيامه أربعين صباحا إلا أن يغفر له صاحبه)[8] هذه كلها سيبحث هل يشترط أن يغفر له أو لا وإذا يشترط إذا لم يتمكن كما لو كان هذا الشخص يغضب عليه وتتأزم المشكلة فهل في هذه الحالة الاستغفار يكفي هذا يبحث.

وعنه "صلى الله عليه وآله" (من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه ـ البهتان ـ انقطعت العصمة بينهما وكان المغتاب خالدا في النار وبئس المصير)[9] سيأتي بحث الكبائر.

سؤال ما هو ضابط الكبائر؟ طبعا هناك خلاف في أن الذنوب كبيرة أو صغيرة بعضهم يقول لا توجد صغيرة وكبيرة كل الذنوب كبائر لا تنظر إلى صغر المعصية بل أنظر إلى عظم من عصيت لكن المشهور بين الفقهاء أن الذنوب تنقسم إلى صغيرة وكبيرة.

سؤال ما هو ملاك كون الذنب كبيرا؟ هناك عدة ملاكات أول ملاك النص عليه الشهيد السعيد السيد عبد الحسين دستغيب في كتابه الذنوب الكبيرة المؤلف من جزأين ذكر في الجزء الأول الذنوب الكبيرة المنصوصة وذكر في الجزء الثاني الذنوب الكبيرة غير المنصوصة وذكر ملاكات لكون الذنب كبيرا إلا أنه غير منصوص أول ملاك أن يتوعد الله عليه النار بعد إذا ذنب يخلدك في النار ثاني ملاك أن تدل الروايات على أن هذا الذنب أعظم من ذنب كبير فيكون من باب أولى أن يكون هو كبيرا الشهيد دستغيب أول ذنب من الذنوب الكبيرة المنصوصة الشرك بالله وثاني ذنب اليأس من روح الله هذا في الجزء الأول في الجزء الثاني أول ذنب غير منصوص الغيبة يعني لا توجد رواية تنص على أن الغيبة من الذنوب الكبيرة ولكن توعد الله عليها في هذه الرواية (وكان المغتاب خالدا في النار وبئس المصير) [10] فإذن من الخلود النار يعلم أن الغيبة من الذنوب الكبيرة هذا الملاك الأول الذي ينطبق على الغيبة.

الملاك الثاني ذكرت الغيبة أنها أعظم من الزنا أعظم من الخيانة وقد نصت الرواية على أن الخيانة من الذنوب الكبيرة فإذا كان الزنا والخيانة من الذنوب الكبيرة وكانت الغيبة أعظم منهما فمن باب أولى تكون الغيبة من الذنوب الكبيرة.

وعنه "صلى الله عليه وآله" كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة فاجتنب الغيبة فإنها أدام كلاب النار[11] ، هذه كلاب النار تأكل المغتاب، وعنه "صلى الله عليه وآله" (من مشى في غيبة أخيه وكشف عورته كانت أول خطوة خطاها وضعها في جهنم)[12] وروي أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار[13] وعنه "صلى الله عليه وآله" (أن الغيبة حرام على كل مسلم إلى أن يقول وإن الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب[14] ).

سؤال كيف تؤكل الحسنات؟

توجد ثلاثة احتمالات

الاحتمال الأول تأكل الحسنات يعني العمل يحبط يعني العمل الخير والحسنات والثواب الذي حصلت عليه يكون محبطا ملغيا هذا الاحتمال الأول الذي يراد منه أن السيئات تأكل الحسنات أن الحسنات تحبط.

الاحتمال الثاني اضمحلال ثواب الحسنات في مقابل السيئات هو كان عنده حسنات فلما اغتاب صار عقاب السيئات أكثر من ثواب الحسنات.

الاحتمال الثالث إن حسنات المغتاب باسم فاعل تنتقل إلى حساب المغتاب باسم المفعول هذه احتمالات ثلاثة هذا الاحتمال الثالث تؤيده الرواية النبوية المروية عن النبي "صلى الله عليه وآله"

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأكل الحسنات إما أن يكون على وجه الإحباط يعني تحبط الحسنات تلغى هذا الاحتمال الأول الاحتمال الثاني أو لاضمحلال ثوابها ـ ثواب الحسنات ـ في جنب عقابه يعني في مقابل عقاب هذا المغتاب الاحتمال الثالث أو لأنها تنقل الحسنات إلى المغتاب كما في غير واحد من الأخبار ومنها عن النبوي يؤتى بأحد يوم القيامة فيوقف بين يدي الرب "عز وجل" ويدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته فيه فيقول الهي ليس هذا كتابي لا أرى فيه حسناتي فيقال له إن ربك لا يضل ولا ينسى ذهب عملك باغتياب الناس ثم يؤتى بآخر ويدفع إليه كتابه فيرى فيه طاعات كثيرة فيقول إلهي ما هذا كتابي فإني ما عملت هذه الطاعات فيقال له إن فلان اغتابك فدفع حسناته إليك[15] نقاط الخبر يعني الخبر طويل هذا المقدار أخذ منه إذا نرجع إلى المصدر هذا هو كل الخبر فلا معنى لوضع نقاط الخبر لأن الحديث مذكور بتمامه ومنها ما ذكره كاشف الريبة "رحمه الله" الشهيد الثاني زين الدين الجبع العاملي عنده رسالة مهمة اسمها كشف الريبة في أحكام الغيبة رسالة مستقلة في أحكام الغيبة مطبوع في لبنان.

ومنها ما ذكره كاشف الريبة "رحمه الله" من رواية عبد الله بن سليمان النوفلي الطويلة عن الصادق عليه السلام وفيها الشهيد الثاني عنده كتابان مشهوران الِأول منية المريد في آداب المفيد والمستفيد والثاني كشف الريبة في أحكام الغيبة كتابان أخلاقيان مشهوران بالإضافة إلى كتبه الفقهية المشهورة كالروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ومسالك الإفهام في شرح شرائع الإسلام لكن في كتب الأخلاق هذا كتابه مشهور وله في الدراية الراعية والبداية

وفيها عن النبي "صلى الله عليه وآله" (أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم) [16] باصطلاحنا يتصيد عليه والعياذ بالله هذا مرض.

وحدثني أبي عن آبائه عن علي "عليه السلام" أنه قال (من قال في مؤمن ما رأت عيناه أو سمعت اذناه مما يشينه ويهدم مروته فهو من الذين قال الله "عز وجل" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم[17] ) ثم يتكلم في أول نقطة أتضح أن الغيبة من الكبائر ولا داعي للوسوسة فيها فإن الوسوسة فيها لعدم التنصيص عليها في الروايات لكن ذكر في الروايات إن الغيبة أعظم من الخيانة وذكر في الروايات أن الخيانة من الكبائر فانطبقت هذه الضابطة، الضابطة الثانية الغيبة في الروايات مما توعد الله عليه الخلود في النار.

يقول الشيخ الأنصاري ثم ظاهر هذه الأخبار كون الغيبة من الكبائر كما ذكره جماعة منهم الشهيد الثاني في الروضة[18] وكشف الريبة ونسبه إلى السيد المجاهد في المناهل نسب هذا الرأي إلى المقدس الاردبيلي واستوجده السيد المجاهد في المناهل أنه من الكبائر.

ثم ظاهر هذه الأخبار كون الغيبة من الكبائر كما ذكره جماعة بل أشد من بعضها ـ من بعض الكبائر ـ وعد في غير واحد من الكبائر الخيانة ويمكن إرجاع الغيبة إليها، الغيبة نوع من أنواع الخيانة تخون عرض المؤمن وتهتك عرضه فأي خيانة أعظم من التفكه بلحم الأخ على غفلة منه وعدم شعور، عفوا أنا ذكرت أنه ورد أنه أعظم من الخيانة هذا ليس صحيح الصحيح أنه من مصاديق الخيانة.

وكيف كان فما سمعناه من بعض من عاصرناه من الوسوسة في عدها الغيبة من الكبائر أظنها في غير المحل، من الذي عاصره؟ لعله صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي، يقول في غير محله لانطباق الضابطة عليه ضابطة الذنب الكبير على الغيبة.

العنوان الثاني اختصاص حرمة الغيبة بالمخالف هذا هو المشهور وخالف في ذلك المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان، أغلب الفقهاء على جواز غيبة المخالف كالسيد أبو القاسم الخوئي والسيد الإمام الخميني وغيرهم من أعلام العصر نعم بعضهم يحتاط احتياط وجوبي مثل السيد محمد رضا الكلبايكاني في استفتاءاته المطبوعة تحت عنوان إرشاد السائل وإلا المشهور بين الفقهاء أنه جواز غيبة المخالف.

بعض الروايات إذا ترجع إليها تقول هكذا المخالف والمخالفون هم كفار واقعا مسلمون ظاهرا يعني أمرنا بترتيب آثار المسلمين عليهم يعني المخالف يكون حكمه حكم الكافر في الآخرة ولكن في الدنيا هذا المخالف يعامل معاملة المسلم بترتيب أحكام الطهارة وجواز التناكح معه وحضور جنازته إلى آخره، طبعا المخالف الذي يعلم أنه مخالف يعني علم الحق وأنكره وجحده وإلا أكثر المسلمين الآن مستضعفين.

ثم إن ظاهر الأخبار ـ أخبار حرمة الغيبة ـ اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن فيجوز اغتياب المخالف كما يجوز لعنه، هذا تحصل عليه في المكاسب المحرمة إذا ترجع إلى مصباح الفقاهة السيد أبو القاسم الخوئي في بحث الغيبة من المكاسب المحرمة السيد الإمام المكاسب المحرمة في هذين الكتابين الشريفين يشيرون إلى أن المخالفين كفار واقعا ومسلمين ظاهرا أمرنا بترتيب آثار الإسلام عليهم.

وتوهم عموم الآية كبعض الروايات لمطلق المسلم لأن الآية تقول (﴿ولا يغتب بعضكم بعضا﴾)[19] مطلقة تشمل مطلق المسلم سني أو شيعي وأيضا بعض الروايات، بعض الروايات ورد فيها عنوان المسلم هذا التوهم مدفوع بما علم من ضرورة الدين والمذهب هذا واضح عند الفقهاء وتوهم عموم الآية كبعض الروايات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه يعني من باب لزوم نظم المعيشة لزوم حفظ النظام مثل عدم انفعال ما يلاقيهم بالرطوبة هذا من آثار المسلم أنه طاهر وحل ذبائحهم هذا الثاني ومناكحتهم الرابع وحرمة دمائهم لحكمة دفع الفتنة ما يجوز أصلا هو الذمي كافر كتابي ذمي هذا دمه حرام ماله حرام عرضه حرام ونسائهم هذا الأمر الرابع أيضا لهم حرمة لأن لكل قوم نكاحا ونحو ذلك بأن لا تقل هذا العقد غير تام على مذهبنا مثلا واحد سيخ على غير السنة أو يهودي أو مسيحي تقول لم يعقد عقد هو الآن ذهب وأتزوج زواج مدني لكل قوم نكاح هذه قاعدة ما يصير أنت تأتي وتهتك عرض عائلته تقول هذه ليست زوجته لم يعقد عقد النكاح على الوجه الشرعي لكل قوم نكاح، المناقشة الأولى أنه علم من ضرورة الدين عدم احترامهم

المناقشة الثانية مع أن التمثيل المذكور في الآية مختص بمن ثبت أخوته لأنه تقول الآية (﴿أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه﴾)[20] يعني الأخوة الحقيقية فلا يعم من وجب التبري عنه وهو المخالف

وكيف كان فلا إشكال في المسألة بعد ملاحظة الروايات الواردة في الغيبة وفي حكمة حرمتها وفي حال غير المؤمن في نظر الشارع أما غير المؤمن لا حرمة له كحرمة المؤمن، هذا تمام الكلام في العنوان الثاني.

العنوان الثالث شمول الأدلة للصبي المميز

يظهر من بعض الأدلة أن المغتاب لو علم أو سمع لتأذى هذا يشمل الصبي المميز يفهم إذا ما يفهم والكثير من الآباء يغتابون أولادهم يفكر أنه كونه أب يعني يعفيه تثبت الغيبة والكثير من الزوجات والأزواج يغتابون زوجاتهم والكثير من الأبناء يغتابون آبائهم وأمهاتهم،

ثم الظاهر دخول الصبي المميز المتأثر بالغيبة لو سمعها يعني دخوله في الحرمة لعموم بعض الروايات المتقدمة وغيرها الدالة على حرمة اغتياب الناس يصدق عليه أنه من الناس وأكل لحومهم مع صدق الأخ عليه إذن أولا عنوان الناس يصدق عليه ثانيا الأخ في الدين يصدق عليه كما يشهد به قوله تعالى (﴿وإن تخالطوهم فإخوانكم﴾)[21] هذا على الأطفال الصبية مضافا إلى إمكان الاستدلال بالآية طبعا هناك رواية تنص قول الصادق "عليه السلام" (المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يغشه ولا يحرمه[22] ) قول أمير المؤمنين ( يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة[23] ) لذلك البعض يحتاط حتى بالنسبة لغيبة المخالف يمكن أن يستدل بالآية (﴿ولا يغتب بعضكم بعضا﴾)[24] مطلقا تشمل الصبي المميز بل تشمل حتى الصبي غير المميز.

عنوان آخر يحرم عنوان المؤمن يصدق على مطلق الصبي كل صبي يصدق عليه مؤمن حتى إذا مو مميز وهناك قدر متيقن وهو الصبي المدرك لاعتقاده الذي يعدد الأئمة يذكر الله والنبي والأئمة هذا قدر متيقن من الصبية يصدق عليه أنه مؤمن،

قال وإمكان دعوى صدق المؤمن عليه يعني على الصبي مطلقا يعني كل أي صبي مميز أو غير مميز، على الصبي المميز مطلقا يصدق عليه أنه مؤمن أو في الجملة يعني بعض موارد الصبية المميزين وهو خصوص الصبي الذي يعرف المعتقدات يذكر الله والنبي والكعبة والقرآن والأئمة "عليهم السلام" وهو في الجملة يعني في بعض الموارد

ولعله لما ذكرنا وهو انطباق عنوان المؤمن على الصبي صرح في كشف الريبة بعدم الفرق بين الصغير والكبير وظاهره يعني ظاهر كلام كشف الريبة الشمول لغير المميز أيضا يشمل الصبي غير المميز لانطباق عنوان المؤمن عليه

ومنه يظهر حكم المجنون يعني ومن انطباق عنوان المؤمن على الصبي يظهر حكم المجنون، المجنون يصدق عليه مؤمن أو لا؟ نعم مجنون المؤمنين هذا مؤمن لكن الشيخ جعفر كاشف الغطاء "رحمه الله" في شرح القواعد يقول أدلة حرمة الغيبة تنصرف إلى خصوص من يتأذى لو سمع والصبي غير المميز والمجنون لا يتأذى لو سمع فإذن الأدلة أجنبية وبالتالي تجوز غيبة المجنون

إلا أنه صرح بعض الأساطين باستثناء من لا عقل له ولا تمييز معللا بالشك في دخوله تحت أدلة الحرمة، يقول ولعله يعني ولعل شك في دخول غيبة المجنون تحت أدلة الحرمة من جهة أن الإطلاقات ـ إطلاقات حرمة الغيبة ـ منصرفة إلى من يتأثر لو سمع وسيتضح ذلك زيادة على ذلك يعني وسيتضح أن المجنون لا تحرم غيبته زيادة على ما ذكرناه هنا من الانصراف.

بقي الكلام في أمور الشيخ الأنصاري يتطرق إلى تعريفين التعريف الأول للغيبة ذكرك أخاك بما يكرهه في ظهر الغيب يقع الكلام في قوله بما يكرره يعني بالذي يكرهه ما الذي يراد بهذا الموصول الذي يكرهه يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول الذي يكرهه يعني العيب الواقعي الذي يكره يعني يوجد فيه عيب يكرهه

الاحتمال الثاني الكلام الذي يكرهه قد هو ما يكره وجود هذا الشيء فيه لكن يكره الكلام مثلا افترض هو سارق هو ما يكره أن يكون سارقا لأنه مصدر رزقه لكن يكره أن يقال هذا لص هذا سارق أحيانا واحد هو ضرير مفوض أمره إلى الله ما مستكره أنه ضرير يشكر الله لكن يكره أن يقال له أنت أعمى إذن ذكرك أخاك بما يكرهه الاحتمال الأول ذكرك أخاك بالعيب الواقعي الذي يكرهه الاحتمال الثاني ذكرك أخاك بالكلام الذي يكرهه إذن بناء على الاحتمال الثاني يصير اسم الموصول من مقولة اللفظ من مقولة الكلام وأما بناء على الاحتمال الأول يصير الاسم الموصول لفظ يشير إلى العيب الواقعي الذي يكرهه

ثم ما المراد بالكراهة؟

توجد ثلاثة احتمالات

الاحتمال الأول كراهة وجوده وهذا بعيد جدا لأنه كثير من العيوب الشخص ما يكره وجوده أعمى مفوض أمره إلى الله "عز وجل" أبكم ومفوض أمره إلى الله ما يكره وجوده سارق وهذا عيب وهو ما يكره وجوده مصدر للرزق إذن المعنى الأول للكراهة يعني كراهة وجود العيب وهذا بعيد.

المعنى الثاني كراهة ظهور هذا العيب هذا عيب مخفي يكره أن تظهره مثل سارق هو مستأنس أنه يسرق مصدر للرزق لكن يكره إظهار هذا العيب.

الاحتمال الثالث كراهة ذكر ذلك العيب وليس كراهة الإظهار لأن العيب قد يكون ظاهرا واضح عند الجميع أن هذا أعرج هذا أعمى واضح عند الجميع لكن يكره أن تذكر هذا العيب سؤال ما الفرق بين الثاني والثالث الثاني العيب مستور فالغيبة إظهار للعيب المستور، الثالث العيب ليس مستور العيب ظاهر وإنما يحصل له ذكر.

بقي الكلام في أمور الأول الغيبة أسم مصدر لاغتاب أو مصدر لغاب تعرفون الفرق بين المصدر وبين اسم المصدر المصدر يدل على الحدث وهو اغتياب اسم المصدر يدل على أثر الحدث النتيجة من الاغتياب وهي الغيبة، ؟؟؟ الغيبة إما اسم مصدر لاغتاب، اغتاب مصدر واسم المصدر الغيبة الغيبة اسم مصدر يعني اثر الاغتياب نتيجة الاغتياب، الاغتياب مصدر يعني يشير إلى الفعل أو مصدر لغاب يعني تصير غيبة مصدر يعني تشير إلى الفعل إلى الحدث مثل الفارق بين وضوء وتوضأ، توضأ مصدر يشير إلى الحدث والوضوء اسم مصدر نتيجة التوضئ، غسل واغتسال اغتسال مصدر يشير إلى الحدث والغسل نتيجة ذلك الاغتسال ففي المصباح اغتابه هذا تعريف الأول ويذكر عدة تعاريف عن القاموس والنهاية وغيرها كلها نتيجتها واحدة كلها تشترك في عدم ذكر قصد الانتقاص كشرط في تعريف الغيبة هذا التعريف الأول.

ففي المصباح اغتابه إذا ذكره بما يكرهه من العيوب وهو حق يعني هذا العيب حق واقع فيه والاسم الغيبة [25] وعن القاموس غابه أي عابه وذكره بما فيه من السوء[26] إذن القاموس صرح بلفظ العيب وعن النهاية كلهم ذكروا فقط الذكر لكن القاموس ذكر العيب وعن النهاية لابن الأثير أن يذكر الإنسان في غيبته بسوء مما يكون فيه[27] يعني من شيء موجود

والظاهر من الكل يعني المصباح والقاموس والنهاية خصوصا القاموس المفسر لها للغيبة أولا بالعيب قال هكذا في القاموس أي عابه أن المراد ذكره في مقام الانتقاص وإن لم تصرح هذه التعاريف بالانتقاص، التعاريف لم تشترط قد الانتقاص ولكن يذكر الكلام في مقام الانتقاص يعني أحيانا تقول فلان فلان ما عرفته هذا المتين هذا الذي ما يرى زين هذا الأعرج وما يقصد انتقاص قصد الإشارة والتعريف هذا ليس حراما لكن إذا يقصد الانتقاص، رأيت المتين كيف يمشي، رأيت الأعمى كيف يحرك عيونه هذا في مقام الانتقاص، والمراد بالموصول ما يكره يعني الذي يكره المراد نفس النقص الذي فيه يعني نفس العيب الواقعي الذي فيه هذا الاحتمال الأول

والظاهر من الكراهة توجد ثلاثة معاني المعنى الأول والظاهر من الكراهة في عبارة المصباح كراهة وجوده ـ كراهة وجود العيب ـ ولكنه غير مقصود قطعا.

الاحتمال الثاني فالمراد إما كراهة ظهوره ـ ظهور العيب ـ ولو لم يكره وجوده كالميل إلى القبائح الميل إلى السرقة هو ما يكره والله هذا يميل إلى الزنا يميل إلى شرب الخمر هو ما يكره يحب يسكر يحب يزني يحب اللواط والفحشاء وما شاكل ذلك لكن يكره إظهارها.

الاحتمال الثالث وإما كراهة ذكره ـ ذكر الشخص ـ بذلك العيب، ما الفرق بين الثاني والثالث؟ كراهة ظهوره وكراهة ذكره، كراهة ظهوره فيه إظهار لشيء مستور الثالث كراهة الذكر يعم المستور ويعم المعلوم، كراهة الذكر حتى لشيء وعيب معلوم غير مستور وعلى هذا التعريف ـ تعريف المصباح ـ ذكره بما يكرهه من العيوب وهو حق دلت جملة من الأخبار مثل قوله "صلى الله عليه وآله" وقد سأله (أبو ذر عن الغيبة إنها ذكرك أخاك بما يكرهه[28] ).

وفي نبوي آخر قال "صلى الله عليه وآله"تدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره)[29]

ولذا لأن الغيبة في اللغة وفي الروايات عرفت بأنها ذكر الأخ بما يكره قال في جامع المقاصد إن حقيقة الغيبة على ما في الأخبار أن تقول في أخيك ما يكرهه مما هو فيه[30]

والمراد بما يكرهه كما تقدم في عبارة المصباح ما يكره ظهوره سواء كره وجوده كالبرص والجذام أم لا لم يكره وجوده كالميل إلى القبائح يميل إلى الزنا أو إلى الكذب أو إلى السرقة هذا تمام الكلام في الاحتمال الأول للموصول ما هو الاحتمال الأول؟ أن يقصد بالموصول العيب الواقعي قوله هكذا صفحة 321 والمراد بالموصول هو نفس النقص الذي فيه.

الاحتمال الثاني ويحتمل أن يراد بالموصول نفس الكلام الذي يذكر الشخص به فإذن الذي يكره نفس الكلام نفس اللفظ.

هنا توجد احتمالات كيف يكره هذا اللفظ؟ احتمالات ثلاثة ويكون كراهته كراهة هذا الكلام واللفظ إما لكونه إظهارا للعيب هذا الأول كلام فيه إظهار للعيب الاحتمال الثاني وإما لكونه الكلام صادرا على جهة المذمة والاستخفاف والاستهزاء وإن لم يكن العيب مما يكره إظهاره، الناس هذا طويل وهذا قصير وهذا ضعيف وهذا سمين ولكن صدر على نحو الاستهزاء والمذمة.

الاحتمال الثاني يقول لكونه ظاهرا بنفسه واضح أن هذا متين وهذا ضعيف وهذا طويل وهذا قصير لكن صدر بنحو الاستخفاف.

الاحتمال الثالث وإما لكونه مشعرا بالذم وإن لم يقصد المتكلم الذم به كالألقاب المشعرة بالذم كالزبال، الخمار.

قال في الصحاح الغيبة أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه[31] وظاهره التكلم بكلام يغمه، الشاهد هنا من كلام الصحاح الذي يكره التكلم هذا التكلم هو الذي يؤذي بل في كلام بعض من قارب عصرنا أن الإجماع والأخبار متطابقان على أن حقيقة الغيبة أن يذكر الغير بما يكره لو سمعه سواء كان بنقص في نفسه أو بدنه أو دينه أو دنياه أو فيما يتعلق به من الأشياء وظاهره أيضا إرادة الكلام المكروه، طبعا من هو القائل لم يعرف لم نقف عليه، هذا تمام الكلام في التعريف الأول التعريف الثاني للشهيد الثاني في كشف الريبة وقال الشهيد الثاني في كشف الريبة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo