< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس السادس والتسعون: الملخص لمجموع ما ورد في الغيبة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفي رواية محمد بن فضيل عن أبي الحسن “عليه السلام” (ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروته فتكون من الذين قال الله "عز وجل" (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم[1] ).[2]

 

خلاصة درس الامس

كان الكلام في ملخص مجموع ما ورد في الغيبة الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" يلخص ما ذكره من روايات وأقوال لغويين وكلمات فقهاء إلى ثلاثة فروع:

الفرع الأول أن يكون الكلام المقول ليس بنقص

الفرع الثاني أن يكون الكلام نقصا شرعا أو عرفا إلا أنه مخفي وليس بظاهر

الفرع الثالث أن يكون الكلام نقصا شرعا أو عرفا إلا أنه ظاهر وليس بمخفي ولا مستور

شرعنا في الفرع الأول والثاني الفرع الأول مفاده إن الكلام المقول إذا لم يكن نقصا فحينئذ لا يكون غيبة كما لو نفى عنه الاجتهاد وهو في سن أو في حال لا يعد نفي الاجتهاد عنه نقصا وعيبا ففي هذه الحالة لا يحرم من جهة الغيبة نعم قد يحرم من جهة أخرى كالاستهزاء بالمؤمن أو هتك حرمته.

الفرع الثاني أن يكون الكلام المقول نقصا وعيبا بحسب الشرع والعرف لكنه نقص مستور وعيب مخفي هنا يوجد شقان:

الشق الأول أن يقصد الانتقاص

الشق الثاني أن لا يقصد الانتقاص

أما الشق الأول إذا جاء بعيب مستور وقصد الانتقاص هذا هو القدر المتيقن من الغيبة

الشق الثاني إذا جاء بذكر عيب مخفي ومستور لكنه لم يرد التنقيص في هذه الحالة قد لا يصدق عليه غيبة محرمة ولكن يحرم عليه من جهة كشف عورة أخيه المؤمن نعم يختلف الفقهاء في أن الغيبة هل تنطبق عليه أو لا فمن قال إن الغيبة عبارة عن كشف عيب مستور ولم يذكر قيد قصد الانتقاص ففي هذه الحالة يصدق عليه نعم بناء على التعريف الثاني للشهيد الثاني في كشف الريبة من اشتراط قصد الانتقاص لا يصدق عليه أنه غيبة وأما الاحتمال الثالث وهو أن يكون الكلام المقول عيبا ظاهرا وليس بمستور ولا مخفي هنا يوجد فرعان:

الفرع الأول أن لا يقصد المتكلم الذم

الفرع الثاني أن لا يكون الوصف من الصفات المشعرة بالذم فإذا توفر هذان الأمران أولا أصل المسألة أصل الفرع الثالث أن العيب ظاهر وبالتالي الأمر الأول لم يقصد المتكلم الانتقاص وثانيا لم يكن العيب من العيوب المشعرة بالذم مثل الطويل الضخم، الضخم والطويل قد لا تكون من العيوب والنقائص أو من الصفات المشعرة بالذم فحينئذ لا تكون غيبة لعدم حصول كراهة للمقول فيه بل بعض الناس لقبهم طويل وبعض الناس لقبهم قصير ولا يتأذون من ذلك

نعم يبقى الكلام في فرعين الفرع الأول إن كان من الأوصاف المشعرة بالذم مثل الحقير الكريه الفرع الثاني إن قصد المتكلم المذمة مثلا الطويل أو القصير اللفظ غير مشعر بالذم لكن قصد المتكلم الإهانة والمذمة أما بالنسبة إلى الفرع الثاني يعني إذا كان العيب ظاهرا لكن قصد المتكلم الذنب هنا يشمله ما دل على حرمة إيذاء المؤمن، المؤمن يتأذى ولكن هل تصدق عليه أنه غيبة أو لا هذا على اختلاف التعريفات بناء على التعريف الأول ذكرك أخاك بما يكره هنا هذا يكرهه يتأذى بناء على التعريف الثاني ذكرك أخاك بأمر مستور هنا لا يوجد شيء مستور ومخفي فعلا الرجل طويل أو قصير فلا تكون غيبة فلا تحرم من جهة الغيبة وإن حرمت من جهة حرمة إيذاء المؤمن.

وأما بالنسبة إلى الشق الأول وهو إذا كانت الأوصاف مشعرة بالذم فأيضا هذا أيضا يحرم لأن فيه اهانة للمؤمن ولكن يبقى الكلام هل هو غيبة أو لا والكلام هو الكلام بناء على التعريف الأول يصدق عليه أنه غيبة لأنه ذكر للأخ بما يكره بناء على التعريف الثاني من أنه العيب لابد أن يكون مستورا هنا العيب ظاهر وليس بمستور، هذا تمام الكلام في تفاصيل فروع الغيبة إذن الكلام المقول في ظهر الغيب إما لا يكون نقصا فلا يكون غيبة وإما أن يكون نقصا مستورا وإما أن يكون نقصا ظاهرا على هذه الفروع تتفرع الأحكام.

أخذنا في الدرس السابق الفرع الأول وهو أن الكلام المقول ليس بنقص فحينئذ لا يكون غيبة وإن كره المقول فيه نعم قد يحرم من جهة أخرى كهتك حرمة المؤمن وأما الفرع الثاني وهو أن يكون الكلام نقصا أو عيبا لكنه عيب مخفي هنا توجد صورتان الصورة الأولى هي عبارة عن أن تكون الأوصاف مشعرة بالذم الصورة الثانية أن يكون المتكلم قاصدا الإهانة والمذمة أما بالنسبة إلى الصورة الثانية قصد المذمة فلا إشكال في حرمته وأما بالنسبة إلى كون الألفاظ مشعرة بالذم فهذا أيضا يشملها عموم حرمة إيذاء المؤمن إنما الكلام كل الكلام في صدق عنوان الغيبة عليهما إذن لا إشكال في كونهما غيبة وإنما الكلام في صدق عنوان الغيبة عليهما.

 

درس اليوم

بالنسبة إلى الفرع الثاني الذي وصلنا إليه إذا كان العيب خفيا إذا أراد القائل تنقيص المغتاب هذا حرام وإن لم يرد فهذا أيضا حرام لحرمة كشف عورته ثم يتطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى روايتين هاتين الروايتين فيها إشارة إلى كشف العورة وكشف الستر أخذنا في الدرس السابق الرواية الأولى وهي صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال (قلت له عورة المؤمن على المؤمن حرام قال نعم قلت تعني سفلتيه ـ القبل والدبر ـ قال ليس حيث تذهب وإنما هو إذاعة سره) وصلنا إلى هذه الرواية وفي رواية محمد بن فضيل عن أبي الحسن “عليه السلام” (ولا تذيعن عليه شيئا يعني إذاعة أمر من أمور) المؤمن هذه حرمة الإذاعة هل هي مقيدة بقصد الإفشاء وقصد الإشاعة أو لا؟ قد يقال إن استشهاد الإمام “عليه السلام” بالآية في الرواية يدل على اشتراط القصد يعني يحرم إفشاء أمر من أمور المؤمن إذا قصد أن يشيع الفاحشة إذا أحب أن يشيع الفاحشة وأما إذا ما أحب ما تحرم الإذاعة لكن من يتأمل في هذه الآية والرواية يجد أولا أن حب الفاحشة حرام بقطع النظر عن ذلك يعني معلوم حرمته إذا إنسان يحب يشيع الفاحشة يقصد إشاعة الفاحشة في حق المؤمنين هذا من الواضح حرمته فالظاهر أن الآية الكريمة في مقام بيان المقتضي يعني لا تذيعن أمرا من أمور المؤمن فإن إذاعة أمره يقتضي حب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا لا تضيعن أمرا مستورا لمؤمن فإن إذاعة الأمر المستور يؤدي إلى حب إشاعة أسرار الآخرين فالآية ليست في مقام التقيين والاستشهاد بها لا يقيد النهي المطلق للإشاعة وإنما الإشاعة في مقام بيان المقتضي.

 

تطبيق المتن

قال وفي رواية محمد بن فضيل عن أبي الحسن “عليه السلام” (ولا تذيعن عليه ـ على المؤمن ـ شيئا تشينه به وتهدمه به مروته فتكون من الذين قال الله "عز وجل" (﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم﴾[3] ))[4] ولا يقيد إطلاق النهي قوله ولا تذيعن عليه شيئا بصورة قصد الشين والهدم لأنه قال تشينه به وتهدم به مروته بناء على التقييد هكذا ولا تذيعن عليه شيئا إذا أردت شينه وقصدت هدم مروته الجواب المراد ولا تذيعن عليه شيئا يقتضي شينه ويقتضي هدم مروته،

يقول الشيخ الأنصاري ولا يقيد إطلاق النهي بصورة قصد الشين والهدم من جهة الاستشهاد بآية حب شياع الفاحشة بل الظاهر أن المراد مجرد فعل ما يوجب شياعها يعني أن المراد حرمة مجرد الفعل الذي يوجب ويقتضي شياع الفاحشة.

قد نستظهر التقييد الجواب هذا التقييد لا فائدة من إيراده لأنه يتكلم عن أمر واضح وبديهي فمن الواضح أن قصد إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا حرام محرم لذلك يقول مع أنه لا فائدة كثيرا في التنبيه على دخول القاصد لإشاعة الفاحشة أن يدخل في عموم الآية هذا من الواضحات من الواضح أن القاصد لإشاعة الفاحشة فعله حرام ولا داعي للإشارة إلى أنه يندرج تحت عموم الآية.

يريد أن يقول الرواية ذكرت السبب وأرادت المسبب ما هو السبب؟ ذكر العيب وذكر النقص ما هو المسبب؟ شياع حب إشاعة ذلك في الذين آمنوا إذن عندنا سبب ومقتضي وهو ذكر العيب وذكر النقص وعندنا مسبب ومقتضى وهو إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فإذا ذكرت السبب وهو العيب أو النقص تكون قد ذكرت المسبب يعني أشعت الفاحشة في الذين آمنوا.

قال وإنما يحسن التنبيه على أن قاصد السبب يعني قاصد العيب والنقص قاصد للمسبب يعني قاصد لإشاعة الفاحشة وإن لم يقصده بعنوانه يعني وإن لم يقصد قاصد السبب للمسبب بعنوانه بعنوان المسبب وهو إشاعة الفاحشة هو قصد أن يذكر العيب قصد أن يذكر النقص ولم يقصد أن يشيع الفاحشة لكن هذا تحقق قهرا وكيف كان فلا إشكال من حيث النقل والعقل في حرمة إذاعة ما يوجب مهانة المؤمن وسقوطه عن أعين الناس في الجملة يعني بشكل إجمالي مع غمض النظر عن صدق عنوان الغيبة أو لا وإنما الكلام في أنها غيبة أم لا هل هي غيبة أم لا وحرام حرام ولكن هل يحرم من جهة عنوان الغيبة أو من جهة إيذاء المؤمن إذا نراجع الروايات المتقدمة بأسرها خصوصا الروايات الأربع المستفيضة الأخيرة فإنها تشمل المورد فتدل على الحرمة لأن الروايات المستفيضة الأربع دلت على حرمة إذاعة السر وهنا أذاع سره فيحرم من جهة كونه غيبة.

قال الشيخ الأنصاري وكيف كان فلا إشكال من حيث النقل والعقل في حرمة إذاعة ما يوجب مهانة المؤمن وسقوطه عن أعين الناس في الجملة وإنما الكلام في أنها غيبة أم لا مقتضى الأخبار المتقدمة بأسرها ذلك بداية بحث الغيبة بداية المسألة الرابعة عشر هناك الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ذكر عدة روايات صفحة 314 من صفحة 214 إلى صفحة 219 كله روايات آخر رواية صفحة 318 خصوصا المستفيضة الأخيرة، المستفيضة الأخيرة هي التي فصلت بين العيب الخفي وبين العيب المستور أربع روايات صفحة 324 وهي رواية ابن سنان صحيحة بن سنان وداود بن سرحان وأبان وعبد الرحمن فإن التفصيل فيها بين الظاهر والخفي بين العيب الظاهر والعيب الخفي إنما يكون مع عدم قصد القائل المذمة والانتقاص وأما مع قصده مع قصد القائل المذمة والانتقاص فلا فرق بينهما بين الظاهر والخفي في الحرمة.

إشكال

الرواية أسفل صفحة 324 آخر سطرين قال لي أبو الحسن “عليه السلام” (من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه ـ لم يقل الإمام لم يحرم عليه ولم يقل لم يأتي بغيبة محرمة نفى الموضوع لم ينفي الحكم لم ينفي التحريم قال لم يغتبه ـ ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس فقد اغتابه ـ لم يقل فقد جاء بمحرم أو فقد جاء بغيبة محرمة قال فقط اغتابه ـ ومن ذكره بما ليس فقط بهته[5] ـ ولم يقل أخذنا0فقد جاء ببهتان عظيم ببهتان محرم ـ).

الشيخ الأنصاري يقول هذا تدقيق زائد إثبات الغيبة في مقام إثبات الحرمة ونفي الغيبة في مقام نفي الحرمة إثبات البهتان في مقام إثبات الحرمة هنا الرواية لم يغتبه أي لم يأتي بغيبة محرمة لذلك يقول والمنفي في تلك الأخبار ـ الأخبار المستفيضة ـ وإن كان تحقق موضوع الغيبة دون الحكم يعني نفي تحقق عنوان الغيبة ولم ينفى الحكم وهو الحرمة والمنفي في تلك الأخبار وإن كان تحقق موضوع الغيبة دون الحكم بالحرمة إلا أن ظاهر سياقها سياق الأخبار المستفيضة الأربعة نفي الحرمة فيما عداها يعني نفي الحرمة في ما عدا الغيبة فإذا انتفت هي ليست غيبة إذن ليست بحرام لكن إذا رجعنا إلى تعريف الشهيد الثاني في كشف الريبة الذي يشترط قصد الانتقاص لا تكون غيبة وإن ذكر عيبا مستورا ولكن بعد ذلك يذكر توجيه إلى كلامه يقول إلا إذا نحمل كلام الشهيد الثاني في قصد الانتقاص على العيب الذي يحتمل الوجهين كما قال المتنبي في مدح كافور الإخشيدي قال أنت كالكلب في الوفاء حينما يقول أنت كلب هنا يحتمل أنت كلب في العض أو النجاسة ويحتمل أنت كلب في الوفاء فإذا قال أنت كالكلب أنت كلب وسكت هنا يشترط قصد الانتقاص لتعيين الحرمة وأما الأمور التي لا تحتمل إلا وجه واحد أنت حمار بعد ما تحتمل أنه يعني يتحمل كلا لها وجه واحد هنا لا يشترط قصد الانتقاص فإذا حملنا كلام الشهيد الثاني في كشف الريبة على أن قصد الانتقاص ليس شرطا مطلقا وإنما هو شرط في خصوص الكلام الذي يحتمل الوجهين وجه المدح ووجه الذم لكن الإنصاف أن كلام الشهيد الثاني مطلق فيكون هذا التوجيه توجيها تبرعيا.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" لكن مقتضى ظاهر التعريف المتقدم عن كاشف الريبة عدمه يعني عدم تحقق الغيبة عدم تحقق موضوع الغيبة، عدمه يرجع إلى تحقق موضوع الغيبة قال والمنفي في تلك الأخبار وإن كان تحقق موضوع الغيبة هنا لكن مقتضى ظاهر التعريف المتقدم عن كاشف الريبة عدمه يعني عدم تحقق موضوع الغيبة، لماذا لا يتحقق؟ لأنه الشهيد الثاني اعتبر واشترط في تعريف الغيبة قصد الانتقاص والذم إلا أن يراد من اشتراط الشهيد الثاني لقصد الانتقاص اعتبار ذلك يعني قصد الانتقاص فيما يقع على وجهين يعني فيما يحتمل وجه المدح ووجه الذم كقوله أنت كلب يحتمل مدح في الوفاء ويحتمل ذم في النجاسة، دون ما لا يعني دون الشيء الذي لا يقع إلا على وجه واحد أنت خنزير يعني نجاسة فإن قصد ما لا ينفك عن الانتقاص قصد له ـ قصد لما ينفك عن الانتقاص ـ فتثبت الغيبة هذا تمام الكلام في الفرع الثاني وإن كان المقول نقصا ظاهرا للسامع هذا الفرع الثالث.

صفحة 325 هذا كل كلامه في الملخص الطويل، الفقرة قبل الأخيرة قال والملخص من مجموع ما ورد في المقال الفرع الأول أن الشيء المقول إن لم يكن نقصا فلا يكون حينئذ غيبة فرع الثاني وإن نقصا شرعا أو عرفا فإن كان مخفيا للسامع وأراد القائل تنقيص المغتاب إلى أن يقول فالظاهر حرمته لكونه كشفا لعورة المؤمن الفرع الثالث صفحة 327 الفقرة الأخيرة

وإن كان المقول نقصا ظاهرا للسامع قلنا هنا توجد حيثيتان الحيثية الأولى أن يقصد الانتقاص هذا هو القدر المتيقن، في هذه الحالة هنا بما أنه قصد الانتقاص يحرم من جهة إيذاء المؤمن لكن قد لا يصدق عليه أنه غيبة لأن العيب ظاهر.

الشق الثاني إذا كان من الأوصاف المشعرة بالذم قال وإن كان المقول نقصا ظاهرا للسامع الفرع الأول فإن لم يقصد القائل الذم الشق الثاني ولم يكن الوصف من الأوصاف المشعرة بالذم نظير الألقاب المشعرة به هناك ألقاب مشعرة بالذم مثل السفاح هذا يقتل الناس هذا واضح أنه مشعر بالذم أو اللواط أو السراق كثير السرقة واضح أنه مشعر بالذم أحيانا الوصف ما يشعر بالذم الطويل القصير ولقبه هذا لقبه الطويل وهذا لقبه القصير إذا لقبه الطويل القصير ما يشعر بالذم أحيانا هو بنفسه يشعر بالذم مثل الذباح لكن إذا لقبه الذباح ما يشعر بالذم لذلك قال نظير الألقاب المشعرة به ولم يكن الوصف من الأوصاف المشعرة بالذم هذا الوصف لا يشعر بالذم نظير الألقاب المشعرة به واحد لقبه الذباح وواحد لقبه السفاح هذا ما يشعر بالذم لقبه السفاح أنت ما وصفته أنه سفاح أو كثير من هذه الألقاب موجودة بعضها يضحك لكن هذا لقبه، فالظاهر أنه خارج عن الغيبة لعدم حصول ثلاثة أشياء:

أولا لعدم حصول كراهة للمقول فيه يعني من قيلت له ما يكره هذا لقبه أنه سفاح من ثلاث حيثيات ما يكره:

الحيثية الأولى لا من حيث الإظهار لأنه ظاهر لقبه أنه سفاح ولا من حيث ذم المتكلم لأن المتكلم لم يقصد الذم ولا من حيث الأشعار لأن هذا لقبه ولا يشعر بالذم الآن يتكلم في شقين الشق لأول وإن كان من الأوصاف المشعرة بالذم هذا وصف وليس لقب قال أنت قصاص تقص على الناس في ناس لقبهم القصاص ذكر له فلان أيها النصاب أيها القصاب أيها القصاص وليست ألقابه هذه ألقاب في ناس لقبه النصاب لقبه القصاص لقبه الشكاك إذا لقبه ما فيه مشكلة أما إذا ذكر كوصف وإن كان من الأوصاف المشعرة بالذم أو قصد المتكلم التعبير والمذمة بوجوده بوجود هذا الوصف المشعر بالذم فلا إشكال في حرمة الثاني وهو إذا قصد المتكلم التعبير والمذمة بوجوده

بل وكذا الأول يعني بل ولا إشكال في حرمة الأول إن كان من الأوصاف المشعرة بالذم لكنه لم يقصد الذم لأن كلا الموردين يشملهم عموم ما دل على حرمة إيذاء المؤمن وهو قد أذاها لعموم ما دل على حرمة إيذاء المؤمن وأهانته[6] وحرمة التنابز بالألقاب[7] وحرمة تعيير المؤمن على صدور معصية منه ـ معصية السكر أو.... ـ فضلا عن غيرها ـ عن غير صدور المعصية حينما تعييره بشيء آخر كوصف ـ ففي عدة من الأخبار من عير مؤمنا على معصية لم يمت حتى يرتكبه[8] وإنما الكلام في كونهما من الغيبة ـ الشق الأول والشق الثاني ـ

فإن ظاهر المستفيضة المتقدمة عدم كونهما من الغيبة لأنها اشترطت أن يكون مستفيضة أربع روايات مستفيضة فرقت بين العيب الخفي والغيب الجلي وهنا العيب جلي وواضح فلا يصدق عنوان الغيبة لكن الروايات المتقدمة أول البحث ذكرك أخاك بما يكره تشملها تعاريف اللغويين ذكرك الإنسان بما يكره ذكرك أخاك بما يكره أيضا يشملها نعم تعريف الجوهري يشملها على تقدير وما يشملها على تقدير آخر لأنه ورد في تعريف الجوهري قيد مستور أن يذكر إنسان مستور بما يغمه لو سمعه هنا ليس شيء مستور وذكرنا فيما سبق تفصيليين بل ثلاثة:

التفصيل الأول قيد مستور هل يعود إلى العيب أو يعود إلى الشخص.

التفصيل الثاني لو عاد إلى الشخص هل المراد الشخص المستور مطلقا أو الشخص المستور في أغلب عيوبه وشؤونه.

لو قلنا إن قيد المستور يعود إلى العيب في موطن بحثنا وهو الفرع الثالث أن يذكر عيبا واضحا ظاهرا ما يصدق عنوان الغيبة لأن الجوهري اشترط أن يكون العيب مستورا وهنا العيب ظاهر الشق الثاني لو أرجعنا قيد المستور إلى الشخص مطلقا يعني أن يكون الشخص مستور في جميع عيوبه هنا أيضا ما يصدق عنوان الغيبة لأنه ذكر عيبا ظاهرا وهذا الشخص ليس مستور في جميع شؤونه يصدق بناء على الشق الثالث لو أرجعنا قيد الستر إلى الشخص في معظم شؤونه لا في مطلق شؤونه وقد ذكرت عيبا ظاهرا له فهذا العيب وإن كان ظاهرا لكن اغلب عيوب هذا الشخص مستورة يحرم عليك أن تذكر العيب الظاهر لأن المراد بالستر الشخص المستور في معظم عيوبه لا في جميع عيوبه.

قال وظاهر ما عداها يعني ما عدا الروايات المستفيضة الأربع التي ذكرت قيد الستر وفرقت بين الظاهر والخفي من الأخبار المتقدمة ـ من صفحة 321 إلى صفحة 322 ـ مثل قوله "صلى الله عليه وآله" (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره[9] ) وظاهر ما عداها من الأخبار المتقدمة كونهما غيبة هذا الجواب كونهما غيبة كون الشق الأول وهو الإتيان بالأوصاف المشعرة بالذنب الشق الثاني قصد المتكلم التعيير والمذمة بوجود الوصف المشعر بالذم.

يقول وظاهر ما عداهما من الأخبار كونهما غيبة متى يكونون غيبة؟ بناء على إرجاع الكراهة فيها ـ في الروايات ـ إلى كراهة الكلام الذي يذكر به الغير هذا بالنسبة إلى الروايات قلنا يوجد احتمالان ذكرك أخاك بما يكره يعني بالشيء الذي يكره في هذا الموصول يوجد احتمالان الاحتمال الأول بما يكره يعني بالعيب الذي يكرهه وهذا الكلام يكشف عنه الاحتمال الثاني بما يكره يعني بالكلام الذي يكرهه بناء على هذا الاحتمال الثاني ذكرك أخاك بما يكره يعني ذكرك أخاك بالكلام الذي يكرهه هنا تصدق الحرمة لأنك جئت بكلام يؤذيه وإن كان العيب ظاهرا أما بناء على الاحتمال الأول ما تصدق الغيبة، ما هو الاحتمال الأول؟ ذكرك أخاك بما يكره يعني ذكرك أخاك بالعيب الذي يكرهه هو كيف يكره ظاهر اشترطنا الستر هو غير مستور هذا العيب إذن إذا أرجعنا الاسم الموصول على العيب والنقص الواقعي ما تثبت الحرمة لأن العيب والنقص ظاهر وليس بخفي أما إذا أرجعنا الاسم الموصول إلى الكلام الذي يوجب الكراهة تصدق الحرمة لأنه وإن كان العيب ظاهرا لكنه يكره أن تذكر هذا الكلام.

قال وظاهر ما عداها من الأخبار المتقدمة ـ ما عدا الأخبار المستفيضة من الأخبار المتقدمة في أصل حرمة الغيبة ـ بناء على إرجاع الكراهة فيها ـ في الروايات ـ إلى كراهة الكلام يعني كراهة اللفظ لا العيب، إلى كراهة الكلام الذي يذكر به الغير وليس كراهة العيب الموجود في الغير أما إذا حملناها على العيب، العيب يكون ظاهر لا إشكال فيه بهذا المبنى الأول.

المبنى الثاني وكذلك كلام أهل اللغة إلا عدا الصحاح ـ الجوهري في الصحاح ـ لأنه ذكر قيد مستور أن يكون كلام على مستور بما يغمه لو سمعه على بعض احتمالاته احتمالات ثلاثة احتمال الأول إذا المستور أرجعناها إلى العيب فلا غيبة الاحتمال الثاني إذا قيد المستور أرجعناه إلى الشخص مطلقا في جميع شؤونه فلا غيبة، الثالث إذا أرجعنا المستور إلى المستور في معظم شؤونه في معظم عيوبه تصدق الغيبة بناء على هذا الاحتمال تحرم تصدق الغيبة كونهما غيبة.

شيخنا الأنصاري ماذا تقول نعمل بالروايات المستفيضة أو بالأخبار المتقدمة وكلام الجوهري؟ الجواب نعمل بالأخبار المستفيضة بناء عليها لا حرمة لان العيب ليس مستورا.

قال والعمل بالروايات المستفيضة لا يخلو عن قوة ـ قوة سندها أول واحدة صحيحة أبن سنان ـ وإن كان ظاهر الأكثر ـ أكثر الفقهاء ـ خلافه يعني خلاف العمل بالمستفيضة يعني يرون أنها غيبة فيكون ذكر الشخص بالعيوب الظاهرة الذي لا يفيد السامع إطلاعا لم يعلمه ولا يعلمه عادة من غير خبر مخبر ليس غيبة فلا يحرم إلا إذا ثبتت الحرمة من حيث المذمة والتعيير أو من جهة كون نفس الاتصاف بنفس الصفة مما يستنكفه المغتاب ـ لا يقبل به المغتاب ـ ولو باعتبار بعض التعبيرات يعني قد يكون هو واقعه هكذا قصاب ذباح ولكن إضافة بعض التعبيرات أو أسلوب الكلام أنا ذباح ويضع يده على رقبته يشعر بقسوة القلب وما شاكل ذلك لا يقبل المغتاب، ولو باعتبار بعض التعبيرات فيحرم من جهة الإيذاء والاستخفاف والذم والتعيير.

تم الكلام النقص تكلمنا الشق الأول الكلام لا يكون نقصا الشق الثاني الكلام يكون نقصا خفيا مستورا الشق الثالث الكلام يكون نقصا ظاهرا هذا النقص مطلقا، النقص الظاهر والخفي الخفي والجلي مطلقا في نسبه في شكله إلى آخره.

قال ثم الظاهر المصرح به في بعض الروايات عدم الفرق في ذلك يعني في النقص والعيب على ما صرح به غير واحد منهم الشهيد الثاني في كشف الريبة وصاحب الجواهر في الجواهر[10] بين ما كان نقصانا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه أو داره أو دابته أو غير ذلك وقد روي عن مولانا الصادق “عليه السلام” الإشارة إلى ذلك بقوله (وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق والفعل والمعاملة والمذهب والجهل وأشباهه)[11] هذه الرواية في مستدرك الوسائل.

ثم إن الأخلاقي الكبير الشيخ فراس بن ورام في كتابه تنفيه الخواطر صفحة 125 وكذلك الشهيد الثاني في كتابه كشف الريبة صفحة 60 و61 ذكروا مصاديق متعددة نقرأها قيل والقائل الشيخ فراس بن ورام صاحب تنفيه الخواطر هذا تنفيه الخواطر يسمونه مجموعة ورام الأخلاقية وكذلك الشهيد الثاني تفاصيل أكثر من هذه ذكرها

قيل أما البدن فذكرك فيه العمش، العمش ضعف البصر مع سيلان الدمع، والحول ـ هو انحراف في عين بحيث لا يرى شكل جيد ـ والعور ـ أن تكون عنده عين واحدة والثانية عوراء لا يرى منها ـ والقرع والقصر والطول والسواد والصفرة وجميع ما يتصور أن يوصف به مما يكرهه والنسب بأن يقول أبوه فاسق أو خبيث أو خسيس أو اسكاف ـ حائك النعل ـ أو حائك أو نحو ذلك مما يكره

وأما الخلق فبأن يقول إنه سيء الخلق بخيل مرّاء ـ مجادل ـ لاحظ شرح الشهيدي صفحة 84 كفاية الطالب يقول مرّاء بفتح الميم وتشديد الراء من المراء بمعنى المجادلة لا بضم الميم وتخفيف الراء مراء من الرياء لأنه من قبيل الأفعال والكلام بخلاف الأول مرّاء فإنه من الأخلاق، متكبر شديد الغضب جبان ضعيف القلب ونحو ذلك

وأما في أفعاله المتعلقة بالدين فكقولك سارق كذاب شارب خائن ظالم متهاون بالصلاة لا يحسن الركوع والسجود ولا يجتنب من النجاسات ليس بارا بوالديه لا يحرس نفسه من الغيبة والتعرض لأعراض الناس هذه كلها صفات موجودة فيه لا أنها مفترات عليه

وأما أفعاله المتعلقة بالدنيا فقولك قليل الأدب متهاون بالناس لا يرى لأحد عليه حقا كثير الكلام كثير الأكل نؤوم يعني كثير النوم يجلس في غير موضعه

وأما في ثوبه فقولك إنه واسع الكم طويل الذيل وسخ الثياب ونحو ذلك.

ذكر ما يكرهه مطلقا سواء باللسان أو بالإشارة أو بالفعل،

قال ثم إن ظاهر النص وإن كان منصرفا إلى الذكر باللسان، لماذا ينصرف؟ لكثرة المورد كثرة المصاديق، لكن المراد به حقيقة الذكر يعني حقيقة ذكر ما يسوئه وما يكرهه فهو في مقابل الإغفال ذكر في مقابل الإغفال والإشارة والفعل يصدق عليه أنه ذكر وليس بإغفال فكل ما يوجب التذكر للشخص من القول والفعل والإشارة وغيرها فهو ذكر له ومن ذلك المبالغة في تهجين المطلب الذي ذكره بعض المصنفين بحيث يفهم من الإزراء بحال ذلك المصنف مثل تقولان وهذا الرأي لا يصدر عن فاضل فضلا عن مرجع فضلا عن باحث ما شاء الله هذا قد يفهم منها الاهانة هذا الرأي لا يتفوه به طالب صغير فضلا عن طالب عنده فضيلة علمية، بحيث يفهم من الإزراء بحال ذلك المصنف فإن قولك إن هذا المطلب بديهي البطلان تعريض لصاحبه بأنه لا يعرف البديهيات بخلاف ما إذا قيل إنه مستلزم لما هو بديهي البطلان لأن فيه تعريضا بأن صاحبه لم ينتقل إلى الملازمة بين المطلب وبين ما هو بديهي البطلان ولعل الملازمة نظرية

وقد وقع من بعض الأعلام بالنسبة إلى بعضهم ما لابد له من الحمل والتوجيه أعوذ بالله من الغرور وإعجاب المرء بنفسه وحسده على غيره والاستيكال بالعلم ثم إن دواعي الغيبة كثيرة الأمور التي تدعو الإنسان لأن يغتاب كثيرة.

روي عن مولانا الصادق “عليه السلام” (التنبيه عليها ـ على الدواعي ـ إجمالا بقوله أصل الغيبة تتنوع بعشرة أنواع شفاء غيض ومساعدة قوم يعني جالس بالمجلس وجاء فلان فيساعدهم في غيبته ـ وتصديق خبر بلا كشف وتهمة وسوء ظن وحسد وسخرية وتعجب وتبرم وتزين[12] يعني يذم الآخرين لكي يصبح فقط هو الزين،

ثم إن ذكر الشخص قد يتضح كونها غيبة وقد يخفى على النفس لحب أو بغض ـ يحب نفسه يبغض غيره ـ فيرى أنه لم يغتب وقد وقع في أعظمها ـ أعظم الغيبة ـ ومن ذلك أن الإنسان قد يغتم بسبب ما يبتلى به أخوه في الدين لأجل أمر يرجع إلى نقص في فعله أو رأيه فيذكره المغتم في مقام التأسف عليه بما يكره ظهوره للغير مع أنه كان يمكنه بيان حاله للغير على وجه لا يذكر اسمه ليكون قد أحرز ثواب الاغتمام على ما أصاب المؤمن لكن الشيطان يخدعه ويوقعه في ذكر الاسم)، بقي الكلام هل يشترط حضور شخص أمامه لكي تتحقق الغيبة أو لا بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo