< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع:الدرس السابع والتسعون: الأمر الثاني في كفارة الغيبة الماحية لها

 

قال الشيخ مرتضى الأنصاري "رحمه الله" بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب أو يكفي ذكره عند نفسه.[1]

 

خلاصة الدرس السابق

انتهينا من بيان الملخص في حرمة الغيبة فإن الإنسان إذا تكلم خلف إنسان في ظهر الغيب فإما أن يتكلم بنقص أو لا وإذا تكلم بنقص إما أن يكون النقص ظاهرا أو لا بأن كان خفيا فهذه فروع ثلاثة قد مضى الكلام فيها، هذه الفروع الثلاثة ناظرة إلى وجود شخص أمامه إذا تكلم أمام شخص إما أن يتكلم بما لا نقص فيه وإما أن يتكلم بنقص ظاهر وإما أن يتكلم بنقص خفي فالقدر المتيقن من صدق عنوان الغيبة أولا وصدق التحريم لهذه الغيبة ثانيا هو أن يتكلم خلف إنسان مستور أمام إنسان آخر

خلاصة درس اليوم

فهل يشترط في صدق عنوان الغيبة أن يتكلم أمام مخاطب أم أن الغيبة تصدق أيضا لو تكلم مع نفسه ليس في قلبه تلفظ يقول هذا فلان يؤذيني هذا لئيم هذا كذا فهل يصدق عنوان الغيبة أو لا؟ يقول الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ظاهر أكثر الفقهاء الشمول والدخول يعني هذا العنوان الثاني أن يتكلم مع نفسه يصدق عليه أنه غيبة لكنه مستثنى من الغيبة المحرمة إذن نفرق بين أمرين بين صدق عنوان الغيبة وبين صدق التحريم ولا ملازمة بينهما فلو تكلم خلف إنسان مع نفسه من دون أن يستمع إليه مخاطب صدق عليه أنه غيبة لانطباق العنوان عليه ذكرك أخاك بما يكره في ظهر الغيب ولكن لا تصدق الحرمة لأن حكمه حكم المستثنى وهو قالوا هكذا لو علم اثنان بعيب شخص وتحدثا فيما بينهما فلا يلزم من حديثهما بيان عيب مستور أو إظهار عيب مستور لم يكن المخاطب يعرفه فقالوا في مثل هذا المورد وإن صدق عنوان الغيبة لكن التحريم لا يصدق هذا مستثنى من مستثنيات الغيبة فكما استثنوا من حرمة الغيبة ما لو تذاكر اثنان عيب شخص يعرفان عيبه يستثنى أيضا من حرمة الغيبة ما لو تكلم مع نفسه والسر في الاستثناء أنه لا يلزم كشف الستر.

يقول الشيخ الأنصاري أنا من الأساس بناء على التحريم الذي اخترته عنوان الغيبة ما يصدق فضلا عن التحريم لأن عنوان الغيبة هو عبارة عن أن تتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه هنا هذا الإنسان ما مستور لما يتكلم الإنسان مع نفسه عن إنسان بالنسبة إليه ليس بمستور فعنوان الغيبة لا يصدق

نعم لو قصد التعيير والمذمة حرم من جهة السخرية والاستهزاء والتعيير والمذمة وبالتالي يجب على السامع أن ينهاه عن المنكر إلا إذا احتمل أن من ذكر ومن عير متجاهر بالفسق فتحمل عمل المسلم على الصحة وهذا ما سيأتي بالنسبة إلى وظيفة السامع للغيبة فإن السامع للغيبة أحد المغتابين يجب عليه أن يرد على المغتاب إلا إذا وجد وجها شرعيا لاغتيابه فحينئذ لا يجوز له أن يرد عليه بل يحمل عمله على الصحة

ولكن حرمة التعيير يشترط فيها أن يكون المعير معينا متشخصا وأما إذا كان مجهولا فلا يحرم فلو قال جاءني شخص لئيم ذميم ولم يتشخص فلا يصدق عنوان حرمة التعيير والاستهزاء لأنه إنما ينطبق على الشخص المتعين والمتشخص لا الشخص المجهول،

هذا تمام الكلام فيما لو كان الغائب المذكور مشتبها على الإطلاق شخص ما أحيانا يكون مرددا بين أشخاص كما لو قال أحد ابني هذين بخيل فهنا مشكل وتارة لا يكون متشخصا أو يتعين لكن بحيث لا يكره كلهم ذكر واحد مبهما منهم كما لو قال جاءني أعجمي بخيل جاءني عربي لئيم ولم يقصد أن يذم العجم ولم يقصد أن يذم العرب وإنما قصد بيان قوميته وجنسيته فهنا واحد من العجم واحد من العرب هنا لا تصدق الغيبة إذا لم يرجع الذنب إلى العنوان فيبقى الشخص مجهولا وأحيانا يدور الأمر بينه وبين أفراد محددة كما لو قال أحد ابني زيد أحد إخوان زيد أحد أبناء فلان فهل تصدق الغيبة أو لا وجوه ثلاثة:

الوجه الأول صدق الغيبة على كليهما

الوجه الثاني عدم صدق الغيبة على كليهما

الوجه الثالث صدق الغيبة على أحدهما دون الآخر

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة يعني في صدق عنوان الغيبة وليس في حرمة الغيبة صدق مفهوم الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب أو يكفي ذكره ـ ذكر المغتاب ـ عند نفسه ـ عند المتكلم المغتاب ـ فظاهر الأكثر الدخول ـ الدخول العهدية ترجع إلى الثاني ظاهر الأكثر دخول الثاني يعني ظاهر الأكثر انه يكفي في صدق عنوان الغيبة ذكر المغتاب عند نفسه ـ كما صرح به بعض المعاصرين ولم نقف عليه عادة يشير إلى صاحب الجواهر ولكن لم نجده

نعم الآن يستدرك عنوان الغيبة يصدق على من ذكره عند نفسه نعم ربما يستثنى يعني ربما يستثنى ذكره عند نفسه من حكمها يعني من حكم الغيبة أي من الحرمة عند من استثنى يعني يقول باستثناء ذكره عند نفسه من استثنى ما لو علم اثنان صفة شخص فيذكر أحدهما بحضرة الآخر فكما استثنى هذا المورد الثاني يستثني المورد الأول ذكره عند نفسه فلا يقول بحرمة هذه الغيبة

وأما على ما قوينا من الرجوع في تعريف الغيبة إلى ما دلت عليه المستفيضة المتقدمة من كونها ـ الغيبة ـ هتك ستر مستور[2] فلا يدخل ذلك يعني ذكره عند نفسه في الغيبة لعدم صدق أنه هتك ستر مستور

ومنه يظهر أيضا يعني ومن عدم صدق هتك ستر مستور على ذكره عند نفسه يظهر أيضا أنه لا يدخل فيها ـ في الغيبة ـ ما لو كان الغائب مجهولا عند المخاطب مرددا بين أشخاص غير محصورة لأنه ما يصدق هتك ستر مستور إنما الكلام في الفرع الثاني إذا شخص مردد بين أفراد محصورة الآن هذا الفرع الأول أول فرع ذكره ذكر شخص عند نفسه ثاني فرع أن يذكر شخصا غائبا مجهولا ليس مرددا بين أفراد محصورة الفرع الثالث أن يذكر شخصا غائبا مرددا بين أفراد محصورة.

الآن الفرع الثاني يذكر شخص ليس مرددا بين أفراد محصورة شخص مجهول كما إذا قال جاءني اليوم رجل بخيل دني ذميم ـ مذموم ـ فإن ظاهر تعريف الأكثر دخوله يعني فإن ظاهر تعريف الأكثر دخول هذا الشخص المجهول تحت عنوان الغيبة لأنهم عرفوا الغيبة هكذا أن يذكر الإنسان كلام يسوؤه وهذا المجهول يسوءه الكلام لو سمعه فإذن عنوان الغيبة يصدق حرمة الغيبة ما تصدق لأنه قد أخذ فيها تأثر السامع والسامع هنا وإن كان موجودا لكن لا يتأثر لأنه لا يعرف الشخص شخص مجهول إذن من جهة يصدق عنوان الغيبة لأنه كلام على إنسان يسوءه لو سمعه ومن جهة أخرى لا تصدق الحرمة لأن السامع والمستمع لا يتأثر لأن الشخص المغتاب مجهول لديه لذلك قال وإن خرج عن الحكم يعني وإن خرج الغائب المجهول المردد بين أشخاص غير محصورة عن الحكم يعني عن الحرمة، ما هي علة الخروج عن الحرمة والحكم؟ قال بناء على اعتبار التأثير عند السمع يعني بناء على اشتراط أن يتأثر السامع والسامع ما دام الشخص لديه مجهولا فإنه لا يتأثر.

ثم يعلق يقول وظاهر المستفيضة المتقدمة عدم الدخول لأن المستفيضة اشترطت أن يكون الشخص مستورا وأن يتأثر وهنا الشخص مجهول وليس الشخص متشخصا قد كشف ستره إذن عنوان الغيبة بحسب الروايات المستفيضة ما يتحقق

نعم استدرك الآن لو قصد المذمة والتعيير حرم من هذه الجهة يعني من جهة المذمة والتعيير والسخرية والاستهزاء لا من جهة الغيبة فيجب على السامع نهي المتكلم عنه عن المذمة والتعيير إلا إذا احتمل السامع أن يكون الشخص المغتاب متجاهرا بالفسق فتجوز غيبته فيحمل فعل المتكلم على الصحة أنه جاء بالغيبة الجاهزة وهي غيبة المتجاهر بالفسق كما سيجيء في مسألة الاستماع وهو أن المستمع يجب عليه أن يردع المغتاب إلا إذا كان لديه وجها شرعيا.

والظاهر أن الذم والتعيير لمجهول العين لا يجب الردع عنه مع كون الذم والتعيير في موقعهما بأن كان مستحقا لهما إذا هو يستحق الذم ما يجب الرد وإن لم يستحق مواجهته بالذم أو ذكره عند غيره بالذم إن لم يستحق مواجهته بالذم لأن هذا تعريض بالمؤمن وهتك إلى حرمته وإن كان فلان كذاب لكن أنت أمام الناس تقول له أيها الكذاب أيها المخداع أنا أعرفك من زمان هذا هتك لحرمته وإن كان فعلا كذاب ما يجوز وأيضا لا تجوز غيبته قال أو ذكره عند غيره بالذنب يعني لا يجوز ذكره عند غيره بالذم يعني اغتيابه

هذا كله لو كان الغائب المذكور مشتبها على الإطلاق يعني من دون أن يتشخص ليس بين أفراد محصورة أما لو كان مرددا بين أشخاص محصورة هذا الفرع الثالث فإن كان بحيث لا يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كان كالمشتبه على الإطلاق كما لو قال جاءني أعجمي أو عربي كذا وكذا إذا لم يكن بحيث يكون الذنب راجعا إلى عنوان العجم أو العرب كأن يكون في المثالين جاءني أعجمي أو عربي تعريض إلى ذم تمام العجم أو العرب كأن يكون هذا مثال إلى أن يكون الذم راجعا إلى العنوان.

إذا كان كل منهم يكره وكانت الشبهة محصورة أحد ابني فلان رزيق حقير بخيل لئيم هنا يحتمل ثلاثة وجوه:

الوجه الأول صدق الغيبة لكلا الابنين لذكرهما بما يكرهانه من التعريض لا أحد يرضى يعرضون به هو عرض بالأول والثاني فتصدق الغيبة لكليهما لاحتمال أنه هو المعيوب وقد عرض به.

الاحتمال الثاني بالعكس لا تصدق الغيبة على كليهما لعدم هتك ستر المعيوب منهما من قال إن المعيوب هو الأول أو الثاني لم يهتك ستره فيكون قوله أحد أبني فلان بخيل كقوله أحد أبناء البلد الفلاني بخيل ثم يستدرك ويقول يوجد فرق كبير بينهما لأن قوله أحد ابني فلان بخيل إساءة للابنين لأنه يحتمل أن يكون هو بخلاف قوله أحد أبناء البلد الفلاني بخيل هذا جاء من باب المثال أحد أبناء البلد الفلاني تاجر أحد أبناء البلد الفلاني سارق هذا من باب المثال ولكن لو قال أحد ابني فلان سارق هذا فيه تعريض تهمة هتك إلى الحرمة.

الاحتمال الثالث تكون غيبة لأحدهما وهو المعيوب واقعا فهي غيبة للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غير المعيوب الواقعي لأنه هتك لحرمه لأنه إظهار للعيب في الجملة يعني بنحو إجمالي فيحتمل أن يكون هو المعيوب إذن ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول غيبة لكل منهما لكراهتهما أن يعرض بهما

الاحتمال الثاني ليست غيبة لكليهما لعدم هتك المعيوب الواقعي منهما

الاحتمال الثالث غيبة للمعيوب الواقعي لهتك سره وستره وإساءة بالنسبة إلى الآخر لأنه أصبح موردا للاحتمال هذه وجوه ثلاثة.

الشيخ الأنصاري المبتدأ توجد وجوه ثلاثة في هذا وجوه وضعها في آخر كلمة مبتدأ مؤخر.

قال وإن كان بحيث يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كأن يقول أحد ابني زيد أو أحد أخويه زيد كذا وكذا بخيل سارق ففي كونه هذا الخبر لأنه الظرف والمظروف يصير خبر مقدم ميصير مبتدأ يريد أن يقول توجد وجوه في كونه هذا هو الوجه الأول، الوجه الأول ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا هو الوجه الأول لذكرهما بما يكرهانه من التعريض عرضهم بالسرقة أحد أبني فلان سارق لاحتمال كونه ـ احدهما ـ هو المعيوب هو فعلا السارق، الاحتمال وعدمه يعني عدم كونه اغتيابا لكل منهما هذا قوله وعدمه عطف على قوله ففي كونه اغتيابا لكل منهما وعدمه يعني وعدم كونه اغتيابا لكل منهما لعدم تهتك ستر المعيوب منهما لكن الإنصاف سترا هتك لذلك يستدرك يقول كما لو قال يقول يعني قول أحد أبني فلان سارق يكون كما لو قال أحد أهل البلد الفلاني سارق كذا وكذا يقول وإن كان فرق بينهما ـ بين قوله أحد أبني فلان سارق وقوله أحد أهل البلد الفلاني سارق ـ من جهة كون ما نحن فيه وهو أحد أبني فلان سارق محرما من حيث الإساءة إلى المؤمن بتعريضه تعريض المؤمن يعني جعل المؤمن في معرض للاحتمال احتمال أن يكون هو معيوب وأن يكون هو سارق دون المثال في الأمر الثاني في قوله أحد أهل البلد الفلاني سارق يعني مثل يوجد مثال أحد أبناء البلد الفلاني سارق هذا مثال وليس تعريض أو كونه هذا أو كونه عطف على قوله ففي كونه اغتيابا إذن فروع ثلاثة الفرع الأول قول ففي كونه اغتيابا لكل منهما الفرع الثاني وعدمه الفرع الثالث أو كونه هذا قول بالتفصيل غيبة للمعيوب الواقعي وإساءة للآخرة.

أو كونه اغتيابا للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غيره لأنه تهتك بالنسبة إليه يعني بالنسبة إلى المعيوب الواقعي هتك حرمته، لأنه إظهار في الجملة لعيبه إظهار في الجملة يعني إظهار لعيبه بشكل إجمالي لا بشكل تفصيلي من دون التنصيص عليه لأنه إظهار في الجملة لعيبه ـ لعيب المعيوب الواقعي منهما ـ بتقليل مشاركه في احتمال العيب فيكون الاطلاع عليه قريبا يعني لما أشرك مع مشاركه وهو أخوه قلل نسبة العيب إليه لكن يكون الاطلاع على هذا المعيوب الواقعي قريبا وأما الآخر وهو غير المعيوب الواقعي فقد أساء المغتاب بالنسبة إليه حيث عرضه لاحتمال العيب وجوه هذا مبتدأ المفروض يقول من البداية وجوه ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا الخبر.

ثم يأتي الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بشاهد من جامع المقاصد للمحقق الكركي على أن غيبة المجهول ليست غيبة المحقق الكركي ينقل عن بعض الفضلاء يقول هكذا من شرط الغيبة أن يكون متعلقها محصورا فإذا لم يكن محصورا لا تعد غيبة فلو جاء بتعبير يعد غيبة في حق محصور وذكر نفس هذا التعبير في حق غير محصور لم تصدق الغيبة.

قال في جامع المقاصد ـ المحقق الكركي ـ ويوجد في كلام بعض الفضلاء أن من شرط الغيبة أن يكون متعلقها محصورا وإلا ـ إن لم يكن متعلقها محصورا ـ فلا تعد غيبة فلو قال عن أهل بلدة غير محصورة ما لو قاله عن شخص واحد يعني محصور كان غيبة يعني لو قاله عن شخص كان غيبة يعني المبتدأ لو قاله عن شخص الخبر كان غيبة في نسخة أخرى أكثر النسخ غيبته تصير هكذا ما لو قاله عن شخص واحد كان غيبته يعني لو ذكرها في حق الشخص الواحد المحصور تصبح غيبة لكنه لم يذكره في حق الشخص الواحد المحصور ذكره في حق غير المحصور إذن لم يحتسب غيبة، إذا نريد أن نرجع العبارة وتصير واضحة فلو قال عن أهل بلدة غير محصورة لم يحتسب غيبة[3] وذلك فيما إذا كان ما قاله عن شخص واحد بحيث يكون غيبة في حق الشخص الواحد.

الشيخ الأنصاري يعلق على هذا الكلام يقول يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول أن يريد أن ذم جمع غير محصور لا يعد غيبة وإن قصد انتقاص كل منهم كما لو قال أهل هذه القرية بخلاء أهل هذه القرية حرامية هذا قطعا غيبة وإن أراد أن ذم المردد بين غير المحصور لا يعد غيبة فهذا صحيح لذلك ذكر صاحب الجواهر تبعا للشيخ جعفر كاشف الغطاء ذكر في مستثنيات الغيبة لو علق الذنب بطائفة أو أهل بلدة مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع لذلك الصحيح أن تقول بعض أهل البلد الفلاني حرامية بعض أهل البلد الفلاني بخلاء إذا قلت كل أهل البلد وتقصد العموم هذا غيبة أمة.

قال الشيخ الأنصاري أقول إن أراد أن ذم جمع غير محصور لا يعد غيبة وإن قصد انتقاص كل منهم كما لو قال أهل هذه القرية أو أهل هذه البلدة كلهم كذا وكذا إذن أراد العموم الجميع فلا إشكال في كونه غيبة محرمة فهو غيبة امة ولا وجه لإخراجه من موضوعها موضوع الغيبة أو حكمها حكم الغيبة وهو الحرمة لأن هذا كشف ستر مستور لقرية باجمعها أو بلد باجمعه

وإن أراد أن ذم المردد بين غير المحصور لا يعد غيبة يعني ذم بعض أهل البلد لا الجميع فلا بأس كما ذكرنا ولذا ذكر بعض وهو صاحب الجواهر الجزء 22 من جواهر الكلام صفحة 65 تبعا لبعض الأساطين الشيخ جعفر كاشف الغطاء هكذا قال ومنها تعليق الذم بطائفة أو أهل بلدة أو قرية مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع ولذا ذكر بعض وهو صاحب الجواهر تبعا لبعض الأساطين في مستثنيات الغيبة هذه عبارة صاحب الجواهر يقول ما لو علق الذم بطائفة أو أهل بلدة أو أهل قرية مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع كذم العرب أو العجم أو أهل الكوفة أو أهل البصرة وبعض القرى[4] .

لو أراد الأغلب تارة يقول كل أهل المنطقة الفلانية سراق وتارة يقول بعض أهل البلد الفلاني سراق كل أهل البلد الفلاني سراق غيبة محرمة بعض أهل البلد الفلاني سراق ليست غيبة محرمة لو قال أغلب أهل القرية الفلانية سراق ما هو الحكم؟ تأتي الوجوه الثلاثة:

الوجه الأول غيبة للجميع للأغلب والمغلوب لهتك حرمتهما

الوجه الثاني لا توجد غيبة لكليهما لا الغالب ولا المغلوب

الوجه الثالث غيبة لخصوص الغالب وتعريض وإهانة للمغلوب

لذلك قال ولو أراد الأغلب ففي كونه اغتيابا لكل منهم ـ من الأغلب والمغلوب ـ وعدمه عدم كونه غيبة لكل منهما ما تقدم في المحصور حينما قال كأن يكون أحد ابني زيد أو أحد أخويه كذا وكذا وجوه ثلاثة، ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا واحد اثنين وعدمه ثلاثة أو كونه اغتيابا للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غيره

وبالجملة فالمدار في التحريم يعني في تحريم الغيبة غير المدار في صدق عنوان الغيبة وبينهما عموم من وجه أي لا توجد ملازمة بين صدق عنوان الغيبة وبين صدق حرمة الغيبة.

تفترق الغيبة عن الحرمة في مستثنيات الغيبة مثل غيبة المتجاهر بالفسق مثل الغيبة عند نصح المستشير مثل غيبة من أدعى نسبا باطلا فهذه عناوين يصدق عليها أنها غيبة وما تصدق عليها الحرمة وتصدق الحرمة ولا تصدق الغيبة كما لو ذكر عيب شخص لكن بنحو السخرية والاستهزاء أمامه فإن الحرمة ثابتة ولكن لا يصدق عنوان الغيبة لأنه لم يستهزئ من خلفه وإنما استهزئ أمامه ويجتمعان في السخرية والاستهزاء من خلفه ببيان عيبه المستور فإنه غيبة لأنه ذكر لأخيه في ظهر الغيب بعيب مستور يسوءه لو سمعه وحرام لأنه هتك لحرمة هذا المؤمن هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

كفاره الغيبة

الثاني في كفارة الغيبة الماحية لها هذا البحث مهم جدا خلاصته أولا هل الغيبة من الحقوق أو لا؟ هذا يحتاج إلى إثبات هل الغيبة حكم شرعي أو حق من حقوق الإنسان المؤمن مثل الخيار مثل خيار الغبن خيار المجلس خيار الحيوان هل هو حكم شرعي أو هو حق ما الفرق بينهما؟ الفرق بينهما أن الحكم الشرعي لا يقبل الإسقاط بخلاف الحق فإنه يقبل الإسقاط الروايات التي قد يفهم منها أن الغيبة حق ضعيفة السند فتكون النتيجة إن الغيبة حكم شرعي وبالتالي إن الغيبة لا تسقط بالإسقاط وشخص قال يا جماعة أنا أبرئكم الذمة كل من يغتابني مبري الذمة ما تسقط الغيبة لأن الغيبة ليست كحق الخيار الذي يقبل الإسقاط يقول أسقطت كافة الخيارات اسقط خيار الغبن والمجلس هذا لأنه حق أما إذا بنينا أن الغيبة حكم شرعي فإن الحكم الشرعي لا يقبل الإسقاط، إذن أولا أن الغيبة حق من الحقوق لو تنزلنا وسلمنا جدلا أن الغيبة حق من الحقوق واغتاب شخص شخصا فهل تسقط الغيبة وترتفع حرمتها من دون الاستحلال منه أو لا، الاستصحاب يجري كنا على يقين من عدم سقوط حرمة الغيبة شككنا في أن الغيب تسقط بالاستغفار وغيره من دون الاستحلال من صاحب الغيبة الاستصحاب يقول لا تنقض اليقين بالشك يبقى إن الغيبة ثابتة الحرمة ولا نقطع ولا نتيقن بسقوطها إلا إذا حل له صاحبه إذن مقتضى الأصل العملي وهو الاستصحاب أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال ثم جاءتنا مجموعة من الروايات تدل على أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال والروايات مطلقة فمقتضى إطلاق أدلة سقوط الغيبة بالاستحلال أن الغيبة لا تسقط بالاستغفار إذن مقتضى الصناعة العلمية أنه بحسب الأصل والرواية فإن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال من صاحبها وبالتالي حتى لو صاحبها ما رضا حتى لو ما أمكن الوصول إليه حتى لو مات ما تسقط هذا مقتضى الاستصحاب ومقتضى الرواية ولكن من جهة أخرى توجد روايات وبعضها صحيح السند تدل على أن الغيبة تسقط بالاستغفار كدعاء يوم الاثنين وبعض أدعية الصحيفة السجادية تدل على أن الغيبة تسقط بالاستغفار فإذا صح سندها خصوصا الروايات الواردة في الصحيفة لأن سند الصحيفة السجادية صحيح وسند ملحقات الصحيفة السجادية فيه كلام ودعاء يوم الاثنين الذي هو أدعية الأيام والمناجاة الخمسة عشر قد وردت في ملحقات الصحيفة السجادية فنتمسك بالدعاء الوارد في نفس الصحيفة السجادية إذ أنه صحيح السند فإذا صح السند نقيد الروايات المطلقة التي دل على أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال فتصير الغيبة تسقط بالاستحلال أو الاستغفار.

ثم يقول الشيخ الأنصاري هذا كله بناء على أن الغيبة حق قابل للإسقاط بالاستحلال أو الاستغفار ولكن حكم شرعي وحتى الروايات التي تدل على أنها تسقط بالاستغفار يحتمل أن الغيبة فيها حيثيتان حق الله وحق الناس فحق الناس يسقط بالاستحلال وحق الله يسقط بالاستغفار ثم يقول مقتضى الصناعة العلمية أن الغيبة لا يشترط في سقوطها الاستحلال يكفي الاستغفار لان الدليل الدال على أن الاستغفار مسقط للغيبة دليل صحيح السند نعم الاحوط الاستحلال متى ما أمكن هذا خلاصة البحث.

الثاني في كفارة الغيبة الماحية لها ومقتضى كونها ـ الغيبة ـ من حقوق الناس هذه صغرى من قال إنها من حقوق الناس ومقتضى كون الغيبة من حقوق الناس الكبرى توقف رفعها ـ رفع حرمة الغيبة ـ على إسقاط صاحبها هذه هي الكبرى

أما كونها من حقوق الناس هذه الصغرى لأمرين الأمر الأول فلأنه ظلم على المغتاب الثاني وللإخبار في أن من حق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه ورد هكذا عن النبي "صلى الله عليه وآله" (للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله "عز وجل" إلى أن قال وأن يحرم غيبته[5] ) وما ورد عن الإمام الرضا “عليه السلام” (لما سئل من حق المؤمن على المؤمن قال من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره إلى أن قال ولا يغتابه[6] ).

في المتن وأن حرمة عرض المسلم كحرمة دمه وماله إذا نرجع إلى الروايات لا يوجد نص في هذا الخصوص يوجد نصان شبيهان لكن لا يؤديان هذا المؤدى خصوصا النص الثاني.

النص الأول المؤمن حرام كله عرضه وماله ودمه

النص الثاني سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه إذن كلا الخبرين خصوصا الثاني منهما لا يدلان على المطلوب.

إلى هنا تكلمنا في الصغرى أن الغيبة من حقوق الناس وليست من حقوق الله يوم القيامة الله "عز وجل" يتنازل عن حقه لكن ما يتنازل عن حق الناس مثلا الزنا هذا حق الله الزاني والزانية تراضيا انتهك حق الله في اقتراف الفاحشة ولكن السرقة هذا حق الناس لا يغفر للسارق إلا إذا غفر له المسروق منه وهكذا في الدين.

الكبرى وأما توقف رفعها ـ الغيبة ـ على ابراء ذي الحق فللمستفيضة المعتضدة بالأصل يعني فللرواية المستفيضة المعتضدة ـ المستقوية ـ بالأصل ـ الاستصحاب ـ كنا على يقين من ثبوت الغيبة نشك في سقوط حرمة الغيبة من دون إبراء ذمة المغتاب لا تنقض اليقين بالشك مقتضى الاستصحاب أن الغيبة لا تسقط بغير الاستحلال منها الروايات المستفيضة ما تقدم من أن الغيبة لا تغفر حتى يغفر صاحبها هذه رواية مطلقة وأنها ناقلة للحسنات والسيئات.

ومنها ما حكاه غير واحد عن الشيخ الكراجكي بسنده المتصل إلى علي بن الحسين عن أبيه في بعض السند عن آبائه وهذه سهو عن آبائه، عن أمير المؤمنين قال لأنه علي بن الحسين عن أبيه يعني الحسين بعد لا معنى عن آبائه قال (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للمؤمن على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأدائها أو العفو إلى أن قال سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له عليه يعني فيحكم له ـ لصاحب الحق ـ عليه يعني على المغتاب[7] ) والنبوي المحكي في السرائر وكشف الريبة (من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحللها يعني يطلب الحل من قبل أن يأتي يوم ليس هناك درهم ولا دينار فيؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه ـ صاحب الغيبة ـ فيتزايد على سيئاته[8] ) وفي نبوي آخر (من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل الله صلاته ولا صيامه أربعين يوما وليلة إلا أن يغفر له صاحبه[9] ) وفي الدعاء التاسع والثلاثين من أدعية الصحيفة السجادية حيث قال الإمام السجاد في الفقرة الرابعة من الدعاء (اللهم وأيما عبد من عبيدك أدركه مني درك أو مسه من ناحيتي أذا[10] إلى آخر الدعاء الشريف) وهذا سنده صحيح لأنه ضمن الصحيفة السجادية، الصحيفة السجادية سندها معتبر ملحقاتها الصحيفة السجادية ليس معتبرا قال ودعاء يوم الاثنين من ملحقاتها إذ جاء فيه هكذا (فأيما عبد من عبيدك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه أو غيبة اغتبته بها أو تحامل عليه بميل أو هوى أو غيبة أو أنفة أو رياء أو حمية فقصرت يدي وضاق وسعي عن ردها إليه والتحلل منه فأسألك[11] إلى آخره) يقول ما يدل على هذا المعنى أيضا يعني كفاية الاستغفار.

الشيخ الأنصاري يقول بحسب مقتضى الأصل والرواية يجب التحلل ولا يسقط التحلل بموت المغتاب أو عدم التمكن من الوصول إليه،

قال ولا فرق في مقتضى الأصل ـ الاستصحاب ـ والأخبار ـ المستفيضة الدالة على لزوم التحلل ـ بين التمكن من الوصول إلى صاحبه والتحلل منه وتعذره يعني تعذر الوصول إلى صاحب الغيبة لأن تعذر البراءة يعني تعذر أخذ البراءة من صاحب الغيبة لا يوجب سقوط الحق كما في غير هذا المقام يعني غير الغيبة الآن إذا أنت ما تستطيع أن تصل إلى صاحب حق الخيار مات أو ما تستطيع أن توصل له ما يتفاهم ما يسقط حقه إلا بإسقاطه

لكن روى السكوني عن أبي عبد الله “عليه السلام” عن النبي "صلى الله عليه وآله"ن كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته كلما ذكرته[12] ) ولو صح سنده لو صح سند خبر السكوني والصحيح ليس خبر السكوني يعني سند خبر حفص بن عمر أو عمير أمكن تخصيص الاطلاقات المتقدمة به الغيبة تسقط بالتحليل مطلقا تقول الغيبة تسقط بالتحليل أو الاستغفار ولو صح سنده أمكن تخصيص الاطلاقات المتقدمة الدالة على أن الغيبة تسقط بالتحليل به ـ بهذا الخبر الدال على أن الغيبة تسقط بالاستغفار ـ فيكون الاستغفار طريقا أيضا إلى الغيبة يعني كما أن التحليل طريق إلى براءة الذمة من الغيبة مع احتمال العدم أيضا يعني يحتمل أن الاستغفار لا يوجب سقوط الغيبة لأنه يحتمل أن الاستغفار ناظر إلى حق الله في الغيبة والتحليل ناظر إلى حق الناس في الغيبة لذلك يقول مع احتمال العدم أيضا يعني مع احتمال أن الاستغفار لا يوجب البراءة

لأن كون الاستغفار كفارة لا يدل على براءة الذمة فلعله الاستغفار كفارة للذنب من حيث كونه ـ هذا الذنب ـ حقا لله تعالى نظير كفارة قتل الخطأ التي لا توجب براءة القاتل يعني في قتل الخطأ تستغفر هذا بالنسبة إلى حق الله لكن بالنسبة إلى حق الناس تجب الدية استغفارك لا يسقط دية المقتول اشتباها وخطئا نظير كفارة قتل الخطأ التي يشترط فيها الاستغفار والاستغفار لا يوجب براءة القاتل من الدية إلا أن يدعى ظهور السياق ـ سياق هذا الخبر ـ في البراءة يعني الاستغفار يوجب براءة الذمة ولو من دون تحليل.

قال في كشف الريبة ـ هذا قال في كشف الريبة شاهد على الجمع بين الروايتين المتعارضتين الدالة إحداهما على لزوم الاستحلال والدالة الأخرى على لزوم الاستغفار فيكون مقتضى الجمع أن حرمة الغيبة تسقط بأحد أمرين إما الاستحلال وإما الاستغفار ـ.

قال في كشف الريبة بعد ذكر النبويين الأخيرين المتعارضين ويمكن الجمع بينهما بحمل الاستغفار له المغتاب على من لم تبلغ غيبته المغتاب ما وصلت إليه طبعا هذا قد يكون جمع تبرعي الشاهد عليه رواية مرسلة مروية رواها النراقي الكبير في جامع السعادات نقلا عن مصباح الشريعة عن الإمام الصادق فما يصير الجمع تبرعي يصير إليه شاهد.

قال في كشف الريبة بعد ذكر النبويين الأخيرين المتعارضين ويمكن الجمع بينهما الرواية الدالة على الاستحلال والرواية الدالة على الاستغفار بحمل الاستغفار له المغتاب على من لم تبلغ غيبته المغتاب فينبغي له الاقتصار على الدعاء والاستغفار لأن في محالته يعني في طلب الاستحلال من المغتاب إثارة للفتن وجنبا للضغائن وفي حكم من لم تبلغه الغيبة من لم يقدر على الوصول إليه لموت أو غيبة وحمل المحالّة على من يمكن التوصل إليه مع بلوغه الغيبة.[13]

الشيخ الأنصاري يعلق أقول إن صح النبوي الأخير سندا فلا مانع عن العمل به بجعله طريقا إلى البراءة مطلقا في مقابل الاستبراء يعني يمكن أنه في هذه الحالة الاستغفار يكفي ولا حاجة إلى طلب الاستبراء والبراءة وإلا إن لم يصح النبوي تعين طرح النبوي والرجوع إلى الأصل الاستصحاب وإطلاق الأخبار المتقدمة، الأصل وإطلاق الأخبار يدلان على لزوم طلب الاستحلال وإلا تعين طرحه والرجوع إلى الأصل وإطلاق الأخبار المتقدمة وتعذر الاستبراء أو وجود المفسدة فيه لا يوجب وجود مبرئا آخر

نعم أرسل بعض من قارب عصرنا الشيخ محمد مهدي النراقي في جامع السعادات عن الإمام الصادق أنك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحل منه وإن لم يبلغ فاستغفر الله له.[14]

وفي رواية السكوني المروية في الكافي في باب الظلم عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ظلم أحدا ففاته فليستغفر الله له فإنه كفارة له[15] )

والإنصاف أن الأخبار الواردة في هذا الباب كلها غير نقية السند وأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب الاستحلال وعدم وجوب الاستغفار الأصل البراءة لا يجب الاستحلال ولا يجب الاستغفار وأصالة بقاء الحق الثابت للمغتاب على المغتاب تقتضي عدم الخروج منه يعني من حرمة الغيبة إلا بالاستحلال خاصة هذه أصالة بقاء الحق الثابت يعني الاستصحاب، لكن المثبت لكون الغيبة حقا بمعنى وجوب البراءة منه ليس إلا الأخبار غير النقية السند إذن هي حكم ليس حق مع أن السند لو كان نقيا كانت الدلالة ضعيفة لذكر حقوق أخر في الروايات مثل أن يسمت عطسته أن يحظر جنازته فتحمل هذه الحقوق على أنها حقوق أخلاقية وليست أمور فيها إلزام لا قائل بوجوب البراءة منها هذه الحقوق الثلاثين أو الأكثر،

ومعنى القضاء يوم القيامة لذيها على من عليها المعاملة معه معاملة من لم يراعي حقوق الإنسان يعني معاملة أخلاقية لا معاملة لمخالفة حكم شرعي، لا العقاب عليها وهو العقاب على مخالفة الحكم الشرعي كما لا يخفى على من لاحظ الحقوق الثلاثين المذكورة في رواية الكراجكي هذه حقوق أخلاقية

فالقول بعدم كونه حقا للناس بمعنى وجوب البراءة نظير الحقوق المالية لا يخلو عن قوة لأن الروايات الدالة على كون الغيبة من الحقوق ضعيفة السند وإن كان الاحتياط في خلافه أن ترتب آثار الحقوق بل لا يخلو عن قرب من جهة كثرة الأخبار الدالة على وجوب الاستبراء منها ـ من الغيبة ـ بل اعتبار سند بعضها مثل الدعاء الوارد في الصحيفة السجادية والاحوط الاستحلال إن تيسر وإلا إن لم يتيسر الاستحلال فالاستغفار.

قال غفر الله لمن اغتبناه ولمن اغتابنا بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، الثالث فيما استثني من الغيبة يأتي عليه الكلام.

 

1441051117دي7جانويه

قال الشيخ مرتضى الأنصاري "رحمه الله" بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب أو يكفي ذكره عند نفسه.[16]

 

خلاصة الدرس السابق

انتهينا من بيان الملخص في حرمة الغيبة فإن الإنسان إذا تكلم خلف إنسان في ظهر الغيب فإما أن يتكلم بنقص أو لا وإذا تكلم بنقص إما أن يكون النقص ظاهرا أو لا بأن كان خفيا فهذه فروع ثلاثة قد مضى الكلام فيها، هذه الفروع الثلاثة ناظرة إلى وجود شخص أمامه إذا تكلم أمام شخص إما أن يتكلم بما لا نقص فيه وإما أن يتكلم بنقص ظاهر وإما أن يتكلم بنقص خفي فالقدر المتيقن من صدق عنوان الغيبة أولا وصدق التحريم لهذه الغيبة ثانيا هو أن يتكلم خلف إنسان مستور أمام إنسان آخر

خلاصة درس اليوم

فهل يشترط في صدق عنوان الغيبة أن يتكلم أمام مخاطب أم أن الغيبة تصدق أيضا لو تكلم مع نفسه ليس في قلبه تلفظ يقول هذا فلان يؤذيني هذا لئيم هذا كذا فهل يصدق عنوان الغيبة أو لا؟ يقول الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ظاهر أكثر الفقهاء الشمول والدخول يعني هذا العنوان الثاني أن يتكلم مع نفسه يصدق عليه أنه غيبة لكنه مستثنى من الغيبة المحرمة إذن نفرق بين أمرين بين صدق عنوان الغيبة وبين صدق التحريم ولا ملازمة بينهما فلو تكلم خلف إنسان مع نفسه من دون أن يستمع إليه مخاطب صدق عليه أنه غيبة لانطباق العنوان عليه ذكرك أخاك بما يكره في ظهر الغيب ولكن لا تصدق الحرمة لأن حكمه حكم المستثنى وهو قالوا هكذا لو علم اثنان بعيب شخص وتحدثا فيما بينهما فلا يلزم من حديثهما بيان عيب مستور أو إظهار عيب مستور لم يكن المخاطب يعرفه فقالوا في مثل هذا المورد وإن صدق عنوان الغيبة لكن التحريم لا يصدق هذا مستثنى من مستثنيات الغيبة فكما استثنوا من حرمة الغيبة ما لو تذاكر اثنان عيب شخص يعرفان عيبه يستثنى أيضا من حرمة الغيبة ما لو تكلم مع نفسه والسر في الاستثناء أنه لا يلزم كشف الستر.

يقول الشيخ الأنصاري أنا من الأساس بناء على التحريم الذي اخترته عنوان الغيبة ما يصدق فضلا عن التحريم لأن عنوان الغيبة هو عبارة عن أن تتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه هنا هذا الإنسان ما مستور لما يتكلم الإنسان مع نفسه عن إنسان بالنسبة إليه ليس بمستور فعنوان الغيبة لا يصدق

نعم لو قصد التعيير والمذمة حرم من جهة السخرية والاستهزاء والتعيير والمذمة وبالتالي يجب على السامع أن ينهاه عن المنكر إلا إذا احتمل أن من ذكر ومن عير متجاهر بالفسق فتحمل عمل المسلم على الصحة وهذا ما سيأتي بالنسبة إلى وظيفة السامع للغيبة فإن السامع للغيبة أحد المغتابين يجب عليه أن يرد على المغتاب إلا إذا وجد وجها شرعيا لاغتيابه فحينئذ لا يجوز له أن يرد عليه بل يحمل عمله على الصحة

ولكن حرمة التعيير يشترط فيها أن يكون المعير معينا متشخصا وأما إذا كان مجهولا فلا يحرم فلو قال جاءني شخص لئيم ذميم ولم يتشخص فلا يصدق عنوان حرمة التعيير والاستهزاء لأنه إنما ينطبق على الشخص المتعين والمتشخص لا الشخص المجهول،

هذا تمام الكلام فيما لو كان الغائب المذكور مشتبها على الإطلاق شخص ما أحيانا يكون مرددا بين أشخاص كما لو قال أحد ابني هذين بخيل فهنا مشكل وتارة لا يكون متشخصا أو يتعين لكن بحيث لا يكره كلهم ذكر واحد مبهما منهم كما لو قال جاءني أعجمي بخيل جاءني عربي لئيم ولم يقصد أن يذم العجم ولم يقصد أن يذم العرب وإنما قصد بيان قوميته وجنسيته فهنا واحد من العجم واحد من العرب هنا لا تصدق الغيبة إذا لم يرجع الذنب إلى العنوان فيبقى الشخص مجهولا وأحيانا يدور الأمر بينه وبين أفراد محددة كما لو قال أحد ابني زيد أحد إخوان زيد أحد أبناء فلان فهل تصدق الغيبة أو لا وجوه ثلاثة:

الوجه الأول صدق الغيبة على كليهما

الوجه الثاني عدم صدق الغيبة على كليهما

الوجه الثالث صدق الغيبة على أحدهما دون الآخر

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة يعني في صدق عنوان الغيبة وليس في حرمة الغيبة صدق مفهوم الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب أو يكفي ذكره ـ ذكر المغتاب ـ عند نفسه ـ عند المتكلم المغتاب ـ فظاهر الأكثر الدخول ـ الدخول العهدية ترجع إلى الثاني ظاهر الأكثر دخول الثاني يعني ظاهر الأكثر انه يكفي في صدق عنوان الغيبة ذكر المغتاب عند نفسه ـ كما صرح به بعض المعاصرين ولم نقف عليه عادة يشير إلى صاحب الجواهر ولكن لم نجده

نعم الآن يستدرك عنوان الغيبة يصدق على من ذكره عند نفسه نعم ربما يستثنى يعني ربما يستثنى ذكره عند نفسه من حكمها يعني من حكم الغيبة أي من الحرمة عند من استثنى يعني يقول باستثناء ذكره عند نفسه من استثنى ما لو علم اثنان صفة شخص فيذكر أحدهما بحضرة الآخر فكما استثنى هذا المورد الثاني يستثني المورد الأول ذكره عند نفسه فلا يقول بحرمة هذه الغيبة

وأما على ما قوينا من الرجوع في تعريف الغيبة إلى ما دلت عليه المستفيضة المتقدمة من كونها ـ الغيبة ـ هتك ستر مستور[17] فلا يدخل ذلك يعني ذكره عند نفسه في الغيبة لعدم صدق أنه هتك ستر مستور

ومنه يظهر أيضا يعني ومن عدم صدق هتك ستر مستور على ذكره عند نفسه يظهر أيضا أنه لا يدخل فيها ـ في الغيبة ـ ما لو كان الغائب مجهولا عند المخاطب مرددا بين أشخاص غير محصورة لأنه ما يصدق هتك ستر مستور إنما الكلام في الفرع الثاني إذا شخص مردد بين أفراد محصورة الآن هذا الفرع الأول أول فرع ذكره ذكر شخص عند نفسه ثاني فرع أن يذكر شخصا غائبا مجهولا ليس مرددا بين أفراد محصورة الفرع الثالث أن يذكر شخصا غائبا مرددا بين أفراد محصورة.

الآن الفرع الثاني يذكر شخص ليس مرددا بين أفراد محصورة شخص مجهول كما إذا قال جاءني اليوم رجل بخيل دني ذميم ـ مذموم ـ فإن ظاهر تعريف الأكثر دخوله يعني فإن ظاهر تعريف الأكثر دخول هذا الشخص المجهول تحت عنوان الغيبة لأنهم عرفوا الغيبة هكذا أن يذكر الإنسان كلام يسوؤه وهذا المجهول يسوءه الكلام لو سمعه فإذن عنوان الغيبة يصدق حرمة الغيبة ما تصدق لأنه قد أخذ فيها تأثر السامع والسامع هنا وإن كان موجودا لكن لا يتأثر لأنه لا يعرف الشخص شخص مجهول إذن من جهة يصدق عنوان الغيبة لأنه كلام على إنسان يسوءه لو سمعه ومن جهة أخرى لا تصدق الحرمة لأن السامع والمستمع لا يتأثر لأن الشخص المغتاب مجهول لديه لذلك قال وإن خرج عن الحكم يعني وإن خرج الغائب المجهول المردد بين أشخاص غير محصورة عن الحكم يعني عن الحرمة، ما هي علة الخروج عن الحرمة والحكم؟ قال بناء على اعتبار التأثير عند السمع يعني بناء على اشتراط أن يتأثر السامع والسامع ما دام الشخص لديه مجهولا فإنه لا يتأثر.

ثم يعلق يقول وظاهر المستفيضة المتقدمة عدم الدخول لأن المستفيضة اشترطت أن يكون الشخص مستورا وأن يتأثر وهنا الشخص مجهول وليس الشخص متشخصا قد كشف ستره إذن عنوان الغيبة بحسب الروايات المستفيضة ما يتحقق

نعم استدرك الآن لو قصد المذمة والتعيير حرم من هذه الجهة يعني من جهة المذمة والتعيير والسخرية والاستهزاء لا من جهة الغيبة فيجب على السامع نهي المتكلم عنه عن المذمة والتعيير إلا إذا احتمل السامع أن يكون الشخص المغتاب متجاهرا بالفسق فتجوز غيبته فيحمل فعل المتكلم على الصحة أنه جاء بالغيبة الجاهزة وهي غيبة المتجاهر بالفسق كما سيجيء في مسألة الاستماع وهو أن المستمع يجب عليه أن يردع المغتاب إلا إذا كان لديه وجها شرعيا.

والظاهر أن الذم والتعيير لمجهول العين لا يجب الردع عنه مع كون الذم والتعيير في موقعهما بأن كان مستحقا لهما إذا هو يستحق الذم ما يجب الرد وإن لم يستحق مواجهته بالذم أو ذكره عند غيره بالذم إن لم يستحق مواجهته بالذم لأن هذا تعريض بالمؤمن وهتك إلى حرمته وإن كان فلان كذاب لكن أنت أمام الناس تقول له أيها الكذاب أيها المخداع أنا أعرفك من زمان هذا هتك لحرمته وإن كان فعلا كذاب ما يجوز وأيضا لا تجوز غيبته قال أو ذكره عند غيره بالذنب يعني لا يجوز ذكره عند غيره بالذم يعني اغتيابه

هذا كله لو كان الغائب المذكور مشتبها على الإطلاق يعني من دون أن يتشخص ليس بين أفراد محصورة أما لو كان مرددا بين أشخاص محصورة هذا الفرع الثالث فإن كان بحيث لا يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كان كالمشتبه على الإطلاق كما لو قال جاءني أعجمي أو عربي كذا وكذا إذا لم يكن بحيث يكون الذنب راجعا إلى عنوان العجم أو العرب كأن يكون في المثالين جاءني أعجمي أو عربي تعريض إلى ذم تمام العجم أو العرب كأن يكون هذا مثال إلى أن يكون الذم راجعا إلى العنوان.

إذا كان كل منهم يكره وكانت الشبهة محصورة أحد ابني فلان رزيق حقير بخيل لئيم هنا يحتمل ثلاثة وجوه:

الوجه الأول صدق الغيبة لكلا الابنين لذكرهما بما يكرهانه من التعريض لا أحد يرضى يعرضون به هو عرض بالأول والثاني فتصدق الغيبة لكليهما لاحتمال أنه هو المعيوب وقد عرض به.

الاحتمال الثاني بالعكس لا تصدق الغيبة على كليهما لعدم هتك ستر المعيوب منهما من قال إن المعيوب هو الأول أو الثاني لم يهتك ستره فيكون قوله أحد أبني فلان بخيل كقوله أحد أبناء البلد الفلاني بخيل ثم يستدرك ويقول يوجد فرق كبير بينهما لأن قوله أحد ابني فلان بخيل إساءة للابنين لأنه يحتمل أن يكون هو بخلاف قوله أحد أبناء البلد الفلاني بخيل هذا جاء من باب المثال أحد أبناء البلد الفلاني تاجر أحد أبناء البلد الفلاني سارق هذا من باب المثال ولكن لو قال أحد ابني فلان سارق هذا فيه تعريض تهمة هتك إلى الحرمة.

الاحتمال الثالث تكون غيبة لأحدهما وهو المعيوب واقعا فهي غيبة للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غير المعيوب الواقعي لأنه هتك لحرمه لأنه إظهار للعيب في الجملة يعني بنحو إجمالي فيحتمل أن يكون هو المعيوب إذن ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول غيبة لكل منهما لكراهتهما أن يعرض بهما

الاحتمال الثاني ليست غيبة لكليهما لعدم هتك المعيوب الواقعي منهما

الاحتمال الثالث غيبة للمعيوب الواقعي لهتك سره وستره وإساءة بالنسبة إلى الآخر لأنه أصبح موردا للاحتمال هذه وجوه ثلاثة.

الشيخ الأنصاري المبتدأ توجد وجوه ثلاثة في هذا وجوه وضعها في آخر كلمة مبتدأ مؤخر.

قال وإن كان بحيث يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كأن يقول أحد ابني زيد أو أحد أخويه زيد كذا وكذا بخيل سارق ففي كونه هذا الخبر لأنه الظرف والمظروف يصير خبر مقدم ميصير مبتدأ يريد أن يقول توجد وجوه في كونه هذا هو الوجه الأول، الوجه الأول ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا هو الوجه الأول لذكرهما بما يكرهانه من التعريض عرضهم بالسرقة أحد أبني فلان سارق لاحتمال كونه ـ احدهما ـ هو المعيوب هو فعلا السارق، الاحتمال وعدمه يعني عدم كونه اغتيابا لكل منهما هذا قوله وعدمه عطف على قوله ففي كونه اغتيابا لكل منهما وعدمه يعني وعدم كونه اغتيابا لكل منهما لعدم تهتك ستر المعيوب منهما لكن الإنصاف سترا هتك لذلك يستدرك يقول كما لو قال يقول يعني قول أحد أبني فلان سارق يكون كما لو قال أحد أهل البلد الفلاني سارق كذا وكذا يقول وإن كان فرق بينهما ـ بين قوله أحد أبني فلان سارق وقوله أحد أهل البلد الفلاني سارق ـ من جهة كون ما نحن فيه وهو أحد أبني فلان سارق محرما من حيث الإساءة إلى المؤمن بتعريضه تعريض المؤمن يعني جعل المؤمن في معرض للاحتمال احتمال أن يكون هو معيوب وأن يكون هو سارق دون المثال في الأمر الثاني في قوله أحد أهل البلد الفلاني سارق يعني مثل يوجد مثال أحد أبناء البلد الفلاني سارق هذا مثال وليس تعريض أو كونه هذا أو كونه عطف على قوله ففي كونه اغتيابا إذن فروع ثلاثة الفرع الأول قول ففي كونه اغتيابا لكل منهما الفرع الثاني وعدمه الفرع الثالث أو كونه هذا قول بالتفصيل غيبة للمعيوب الواقعي وإساءة للآخرة.

أو كونه اغتيابا للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غيره لأنه تهتك بالنسبة إليه يعني بالنسبة إلى المعيوب الواقعي هتك حرمته، لأنه إظهار في الجملة لعيبه إظهار في الجملة يعني إظهار لعيبه بشكل إجمالي لا بشكل تفصيلي من دون التنصيص عليه لأنه إظهار في الجملة لعيبه ـ لعيب المعيوب الواقعي منهما ـ بتقليل مشاركه في احتمال العيب فيكون الاطلاع عليه قريبا يعني لما أشرك مع مشاركه وهو أخوه قلل نسبة العيب إليه لكن يكون الاطلاع على هذا المعيوب الواقعي قريبا وأما الآخر وهو غير المعيوب الواقعي فقد أساء المغتاب بالنسبة إليه حيث عرضه لاحتمال العيب وجوه هذا مبتدأ المفروض يقول من البداية وجوه ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا الخبر.

ثم يأتي الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بشاهد من جامع المقاصد للمحقق الكركي على أن غيبة المجهول ليست غيبة المحقق الكركي ينقل عن بعض الفضلاء يقول هكذا من شرط الغيبة أن يكون متعلقها محصورا فإذا لم يكن محصورا لا تعد غيبة فلو جاء بتعبير يعد غيبة في حق محصور وذكر نفس هذا التعبير في حق غير محصور لم تصدق الغيبة.

قال في جامع المقاصد ـ المحقق الكركي ـ ويوجد في كلام بعض الفضلاء أن من شرط الغيبة أن يكون متعلقها محصورا وإلا ـ إن لم يكن متعلقها محصورا ـ فلا تعد غيبة فلو قال عن أهل بلدة غير محصورة ما لو قاله عن شخص واحد يعني محصور كان غيبة يعني لو قاله عن شخص كان غيبة يعني المبتدأ لو قاله عن شخص الخبر كان غيبة في نسخة أخرى أكثر النسخ غيبته تصير هكذا ما لو قاله عن شخص واحد كان غيبته يعني لو ذكرها في حق الشخص الواحد المحصور تصبح غيبة لكنه لم يذكره في حق الشخص الواحد المحصور ذكره في حق غير المحصور إذن لم يحتسب غيبة، إذا نريد أن نرجع العبارة وتصير واضحة فلو قال عن أهل بلدة غير محصورة لم يحتسب غيبة[18] وذلك فيما إذا كان ما قاله عن شخص واحد بحيث يكون غيبة في حق الشخص الواحد.

الشيخ الأنصاري يعلق على هذا الكلام يقول يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول أن يريد أن ذم جمع غير محصور لا يعد غيبة وإن قصد انتقاص كل منهم كما لو قال أهل هذه القرية بخلاء أهل هذه القرية حرامية هذا قطعا غيبة وإن أراد أن ذم المردد بين غير المحصور لا يعد غيبة فهذا صحيح لذلك ذكر صاحب الجواهر تبعا للشيخ جعفر كاشف الغطاء ذكر في مستثنيات الغيبة لو علق الذنب بطائفة أو أهل بلدة مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع لذلك الصحيح أن تقول بعض أهل البلد الفلاني حرامية بعض أهل البلد الفلاني بخلاء إذا قلت كل أهل البلد وتقصد العموم هذا غيبة أمة.

قال الشيخ الأنصاري أقول إن أراد أن ذم جمع غير محصور لا يعد غيبة وإن قصد انتقاص كل منهم كما لو قال أهل هذه القرية أو أهل هذه البلدة كلهم كذا وكذا إذن أراد العموم الجميع فلا إشكال في كونه غيبة محرمة فهو غيبة امة ولا وجه لإخراجه من موضوعها موضوع الغيبة أو حكمها حكم الغيبة وهو الحرمة لأن هذا كشف ستر مستور لقرية باجمعها أو بلد باجمعه

وإن أراد أن ذم المردد بين غير المحصور لا يعد غيبة يعني ذم بعض أهل البلد لا الجميع فلا بأس كما ذكرنا ولذا ذكر بعض وهو صاحب الجواهر الجزء 22 من جواهر الكلام صفحة 65 تبعا لبعض الأساطين الشيخ جعفر كاشف الغطاء هكذا قال ومنها تعليق الذم بطائفة أو أهل بلدة أو قرية مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع ولذا ذكر بعض وهو صاحب الجواهر تبعا لبعض الأساطين في مستثنيات الغيبة هذه عبارة صاحب الجواهر يقول ما لو علق الذم بطائفة أو أهل بلدة أو أهل قرية مع قيام القرينة على عدم إرادة الجميع كذم العرب أو العجم أو أهل الكوفة أو أهل البصرة وبعض القرى[19] .

لو أراد الأغلب تارة يقول كل أهل المنطقة الفلانية سراق وتارة يقول بعض أهل البلد الفلاني سراق كل أهل البلد الفلاني سراق غيبة محرمة بعض أهل البلد الفلاني سراق ليست غيبة محرمة لو قال أغلب أهل القرية الفلانية سراق ما هو الحكم؟ تأتي الوجوه الثلاثة:

الوجه الأول غيبة للجميع للأغلب والمغلوب لهتك حرمتهما

الوجه الثاني لا توجد غيبة لكليهما لا الغالب ولا المغلوب

الوجه الثالث غيبة لخصوص الغالب وتعريض وإهانة للمغلوب

لذلك قال ولو أراد الأغلب ففي كونه اغتيابا لكل منهم ـ من الأغلب والمغلوب ـ وعدمه عدم كونه غيبة لكل منهما ما تقدم في المحصور حينما قال كأن يكون أحد ابني زيد أو أحد أخويه كذا وكذا وجوه ثلاثة، ففي كونه اغتيابا لكل منهما هذا واحد اثنين وعدمه ثلاثة أو كونه اغتيابا للمعيوب الواقعي منهما وإساءة بالنسبة إلى غيره

وبالجملة فالمدار في التحريم يعني في تحريم الغيبة غير المدار في صدق عنوان الغيبة وبينهما عموم من وجه أي لا توجد ملازمة بين صدق عنوان الغيبة وبين صدق حرمة الغيبة.

تفترق الغيبة عن الحرمة في مستثنيات الغيبة مثل غيبة المتجاهر بالفسق مثل الغيبة عند نصح المستشير مثل غيبة من أدعى نسبا باطلا فهذه عناوين يصدق عليها أنها غيبة وما تصدق عليها الحرمة وتصدق الحرمة ولا تصدق الغيبة كما لو ذكر عيب شخص لكن بنحو السخرية والاستهزاء أمامه فإن الحرمة ثابتة ولكن لا يصدق عنوان الغيبة لأنه لم يستهزئ من خلفه وإنما استهزئ أمامه ويجتمعان في السخرية والاستهزاء من خلفه ببيان عيبه المستور فإنه غيبة لأنه ذكر لأخيه في ظهر الغيب بعيب مستور يسوءه لو سمعه وحرام لأنه هتك لحرمة هذا المؤمن هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

كفاره الغيبة

الثاني في كفارة الغيبة الماحية لها هذا البحث مهم جدا خلاصته أولا هل الغيبة من الحقوق أو لا؟ هذا يحتاج إلى إثبات هل الغيبة حكم شرعي أو حق من حقوق الإنسان المؤمن مثل الخيار مثل خيار الغبن خيار المجلس خيار الحيوان هل هو حكم شرعي أو هو حق ما الفرق بينهما؟ الفرق بينهما أن الحكم الشرعي لا يقبل الإسقاط بخلاف الحق فإنه يقبل الإسقاط الروايات التي قد يفهم منها أن الغيبة حق ضعيفة السند فتكون النتيجة إن الغيبة حكم شرعي وبالتالي إن الغيبة لا تسقط بالإسقاط وشخص قال يا جماعة أنا أبرئكم الذمة كل من يغتابني مبري الذمة ما تسقط الغيبة لأن الغيبة ليست كحق الخيار الذي يقبل الإسقاط يقول أسقطت كافة الخيارات اسقط خيار الغبن والمجلس هذا لأنه حق أما إذا بنينا أن الغيبة حكم شرعي فإن الحكم الشرعي لا يقبل الإسقاط، إذن أولا أن الغيبة حق من الحقوق لو تنزلنا وسلمنا جدلا أن الغيبة حق من الحقوق واغتاب شخص شخصا فهل تسقط الغيبة وترتفع حرمتها من دون الاستحلال منه أو لا، الاستصحاب يجري كنا على يقين من عدم سقوط حرمة الغيبة شككنا في أن الغيب تسقط بالاستغفار وغيره من دون الاستحلال من صاحب الغيبة الاستصحاب يقول لا تنقض اليقين بالشك يبقى إن الغيبة ثابتة الحرمة ولا نقطع ولا نتيقن بسقوطها إلا إذا حل له صاحبه إذن مقتضى الأصل العملي وهو الاستصحاب أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال ثم جاءتنا مجموعة من الروايات تدل على أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال والروايات مطلقة فمقتضى إطلاق أدلة سقوط الغيبة بالاستحلال أن الغيبة لا تسقط بالاستغفار إذن مقتضى الصناعة العلمية أنه بحسب الأصل والرواية فإن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال من صاحبها وبالتالي حتى لو صاحبها ما رضا حتى لو ما أمكن الوصول إليه حتى لو مات ما تسقط هذا مقتضى الاستصحاب ومقتضى الرواية ولكن من جهة أخرى توجد روايات وبعضها صحيح السند تدل على أن الغيبة تسقط بالاستغفار كدعاء يوم الاثنين وبعض أدعية الصحيفة السجادية تدل على أن الغيبة تسقط بالاستغفار فإذا صح سندها خصوصا الروايات الواردة في الصحيفة لأن سند الصحيفة السجادية صحيح وسند ملحقات الصحيفة السجادية فيه كلام ودعاء يوم الاثنين الذي هو أدعية الأيام والمناجاة الخمسة عشر قد وردت في ملحقات الصحيفة السجادية فنتمسك بالدعاء الوارد في نفس الصحيفة السجادية إذ أنه صحيح السند فإذا صح السند نقيد الروايات المطلقة التي دل على أن الغيبة لا تسقط إلا بالاستحلال فتصير الغيبة تسقط بالاستحلال أو الاستغفار.

ثم يقول الشيخ الأنصاري هذا كله بناء على أن الغيبة حق قابل للإسقاط بالاستحلال أو الاستغفار ولكن حكم شرعي وحتى الروايات التي تدل على أنها تسقط بالاستغفار يحتمل أن الغيبة فيها حيثيتان حق الله وحق الناس فحق الناس يسقط بالاستحلال وحق الله يسقط بالاستغفار ثم يقول مقتضى الصناعة العلمية أن الغيبة لا يشترط في سقوطها الاستحلال يكفي الاستغفار لان الدليل الدال على أن الاستغفار مسقط للغيبة دليل صحيح السند نعم الاحوط الاستحلال متى ما أمكن هذا خلاصة البحث.

الثاني في كفارة الغيبة الماحية لها ومقتضى كونها ـ الغيبة ـ من حقوق الناس هذه صغرى من قال إنها من حقوق الناس ومقتضى كون الغيبة من حقوق الناس الكبرى توقف رفعها ـ رفع حرمة الغيبة ـ على إسقاط صاحبها هذه هي الكبرى

أما كونها من حقوق الناس هذه الصغرى لأمرين الأمر الأول فلأنه ظلم على المغتاب الثاني وللإخبار في أن من حق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه ورد هكذا عن النبي "صلى الله عليه وآله" (للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله "عز وجل" إلى أن قال وأن يحرم غيبته[20] ) وما ورد عن الإمام الرضا “عليه السلام” (لما سئل من حق المؤمن على المؤمن قال من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره إلى أن قال ولا يغتابه[21] ).

في المتن وأن حرمة عرض المسلم كحرمة دمه وماله إذا نرجع إلى الروايات لا يوجد نص في هذا الخصوص يوجد نصان شبيهان لكن لا يؤديان هذا المؤدى خصوصا النص الثاني.

النص الأول المؤمن حرام كله عرضه وماله ودمه

النص الثاني سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه إذن كلا الخبرين خصوصا الثاني منهما لا يدلان على المطلوب.

إلى هنا تكلمنا في الصغرى أن الغيبة من حقوق الناس وليست من حقوق الله يوم القيامة الله "عز وجل" يتنازل عن حقه لكن ما يتنازل عن حق الناس مثلا الزنا هذا حق الله الزاني والزانية تراضيا انتهك حق الله في اقتراف الفاحشة ولكن السرقة هذا حق الناس لا يغفر للسارق إلا إذا غفر له المسروق منه وهكذا في الدين.

الكبرى وأما توقف رفعها ـ الغيبة ـ على ابراء ذي الحق فللمستفيضة المعتضدة بالأصل يعني فللرواية المستفيضة المعتضدة ـ المستقوية ـ بالأصل ـ الاستصحاب ـ كنا على يقين من ثبوت الغيبة نشك في سقوط حرمة الغيبة من دون إبراء ذمة المغتاب لا تنقض اليقين بالشك مقتضى الاستصحاب أن الغيبة لا تسقط بغير الاستحلال منها الروايات المستفيضة ما تقدم من أن الغيبة لا تغفر حتى يغفر صاحبها هذه رواية مطلقة وأنها ناقلة للحسنات والسيئات.

ومنها ما حكاه غير واحد عن الشيخ الكراجكي بسنده المتصل إلى علي بن الحسين عن أبيه في بعض السند عن آبائه وهذه سهو عن آبائه، عن أمير المؤمنين قال لأنه علي بن الحسين عن أبيه يعني الحسين بعد لا معنى عن آبائه قال (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للمؤمن على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأدائها أو العفو إلى أن قال سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له عليه يعني فيحكم له ـ لصاحب الحق ـ عليه يعني على المغتاب[22] ) والنبوي المحكي في السرائر وكشف الريبة (من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحللها يعني يطلب الحل من قبل أن يأتي يوم ليس هناك درهم ولا دينار فيؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه ـ صاحب الغيبة ـ فيتزايد على سيئاته[23] ) وفي نبوي آخر (من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل الله صلاته ولا صيامه أربعين يوما وليلة إلا أن يغفر له صاحبه[24] ) وفي الدعاء التاسع والثلاثين من أدعية الصحيفة السجادية حيث قال الإمام السجاد في الفقرة الرابعة من الدعاء (اللهم وأيما عبد من عبيدك أدركه مني درك أو مسه من ناحيتي أذا[25] إلى آخر الدعاء الشريف) وهذا سنده صحيح لأنه ضمن الصحيفة السجادية، الصحيفة السجادية سندها معتبر ملحقاتها الصحيفة السجادية ليس معتبرا قال ودعاء يوم الاثنين من ملحقاتها إذ جاء فيه هكذا (فأيما عبد من عبيدك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه أو غيبة اغتبته بها أو تحامل عليه بميل أو هوى أو غيبة أو أنفة أو رياء أو حمية فقصرت يدي وضاق وسعي عن ردها إليه والتحلل منه فأسألك[26] إلى آخره) يقول ما يدل على هذا المعنى أيضا يعني كفاية الاستغفار.

الشيخ الأنصاري يقول بحسب مقتضى الأصل والرواية يجب التحلل ولا يسقط التحلل بموت المغتاب أو عدم التمكن من الوصول إليه،

قال ولا فرق في مقتضى الأصل ـ الاستصحاب ـ والأخبار ـ المستفيضة الدالة على لزوم التحلل ـ بين التمكن من الوصول إلى صاحبه والتحلل منه وتعذره يعني تعذر الوصول إلى صاحب الغيبة لأن تعذر البراءة يعني تعذر أخذ البراءة من صاحب الغيبة لا يوجب سقوط الحق كما في غير هذا المقام يعني غير الغيبة الآن إذا أنت ما تستطيع أن تصل إلى صاحب حق الخيار مات أو ما تستطيع أن توصل له ما يتفاهم ما يسقط حقه إلا بإسقاطه

لكن روى السكوني عن أبي عبد الله “عليه السلام” عن النبي "صلى الله عليه وآله"ن كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته كلما ذكرته[27] ) ولو صح سنده لو صح سند خبر السكوني والصحيح ليس خبر السكوني يعني سند خبر حفص بن عمر أو عمير أمكن تخصيص الاطلاقات المتقدمة به الغيبة تسقط بالتحليل مطلقا تقول الغيبة تسقط بالتحليل أو الاستغفار ولو صح سنده أمكن تخصيص الاطلاقات المتقدمة الدالة على أن الغيبة تسقط بالتحليل به ـ بهذا الخبر الدال على أن الغيبة تسقط بالاستغفار ـ فيكون الاستغفار طريقا أيضا إلى الغيبة يعني كما أن التحليل طريق إلى براءة الذمة من الغيبة مع احتمال العدم أيضا يعني يحتمل أن الاستغفار لا يوجب سقوط الغيبة لأنه يحتمل أن الاستغفار ناظر إلى حق الله في الغيبة والتحليل ناظر إلى حق الناس في الغيبة لذلك يقول مع احتمال العدم أيضا يعني مع احتمال أن الاستغفار لا يوجب البراءة

لأن كون الاستغفار كفارة لا يدل على براءة الذمة فلعله الاستغفار كفارة للذنب من حيث كونه ـ هذا الذنب ـ حقا لله تعالى نظير كفارة قتل الخطأ التي لا توجب براءة القاتل يعني في قتل الخطأ تستغفر هذا بالنسبة إلى حق الله لكن بالنسبة إلى حق الناس تجب الدية استغفارك لا يسقط دية المقتول اشتباها وخطئا نظير كفارة قتل الخطأ التي يشترط فيها الاستغفار والاستغفار لا يوجب براءة القاتل من الدية إلا أن يدعى ظهور السياق ـ سياق هذا الخبر ـ في البراءة يعني الاستغفار يوجب براءة الذمة ولو من دون تحليل.

قال في كشف الريبة ـ هذا قال في كشف الريبة شاهد على الجمع بين الروايتين المتعارضتين الدالة إحداهما على لزوم الاستحلال والدالة الأخرى على لزوم الاستغفار فيكون مقتضى الجمع أن حرمة الغيبة تسقط بأحد أمرين إما الاستحلال وإما الاستغفار ـ.

قال في كشف الريبة بعد ذكر النبويين الأخيرين المتعارضين ويمكن الجمع بينهما بحمل الاستغفار له المغتاب على من لم تبلغ غيبته المغتاب ما وصلت إليه طبعا هذا قد يكون جمع تبرعي الشاهد عليه رواية مرسلة مروية رواها النراقي الكبير في جامع السعادات نقلا عن مصباح الشريعة عن الإمام الصادق فما يصير الجمع تبرعي يصير إليه شاهد.

قال في كشف الريبة بعد ذكر النبويين الأخيرين المتعارضين ويمكن الجمع بينهما الرواية الدالة على الاستحلال والرواية الدالة على الاستغفار بحمل الاستغفار له المغتاب على من لم تبلغ غيبته المغتاب فينبغي له الاقتصار على الدعاء والاستغفار لأن في محالته يعني في طلب الاستحلال من المغتاب إثارة للفتن وجنبا للضغائن وفي حكم من لم تبلغه الغيبة من لم يقدر على الوصول إليه لموت أو غيبة وحمل المحالّة على من يمكن التوصل إليه مع بلوغه الغيبة.[28]

الشيخ الأنصاري يعلق أقول إن صح النبوي الأخير سندا فلا مانع عن العمل به بجعله طريقا إلى البراءة مطلقا في مقابل الاستبراء يعني يمكن أنه في هذه الحالة الاستغفار يكفي ولا حاجة إلى طلب الاستبراء والبراءة وإلا إن لم يصح النبوي تعين طرح النبوي والرجوع إلى الأصل الاستصحاب وإطلاق الأخبار المتقدمة، الأصل وإطلاق الأخبار يدلان على لزوم طلب الاستحلال وإلا تعين طرحه والرجوع إلى الأصل وإطلاق الأخبار المتقدمة وتعذر الاستبراء أو وجود المفسدة فيه لا يوجب وجود مبرئا آخر

نعم أرسل بعض من قارب عصرنا الشيخ محمد مهدي النراقي في جامع السعادات عن الإمام الصادق أنك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحل منه وإن لم يبلغ فاستغفر الله له.[29]

وفي رواية السكوني المروية في الكافي في باب الظلم عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ظلم أحدا ففاته فليستغفر الله له فإنه كفارة له[30] )

والإنصاف أن الأخبار الواردة في هذا الباب كلها غير نقية السند وأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب الاستحلال وعدم وجوب الاستغفار الأصل البراءة لا يجب الاستحلال ولا يجب الاستغفار وأصالة بقاء الحق الثابت للمغتاب على المغتاب تقتضي عدم الخروج منه يعني من حرمة الغيبة إلا بالاستحلال خاصة هذه أصالة بقاء الحق الثابت يعني الاستصحاب، لكن المثبت لكون الغيبة حقا بمعنى وجوب البراءة منه ليس إلا الأخبار غير النقية السند إذن هي حكم ليس حق مع أن السند لو كان نقيا كانت الدلالة ضعيفة لذكر حقوق أخر في الروايات مثل أن يسمت عطسته أن يحظر جنازته فتحمل هذه الحقوق على أنها حقوق أخلاقية وليست أمور فيها إلزام لا قائل بوجوب البراءة منها هذه الحقوق الثلاثين أو الأكثر،

ومعنى القضاء يوم القيامة لذيها على من عليها المعاملة معه معاملة من لم يراعي حقوق الإنسان يعني معاملة أخلاقية لا معاملة لمخالفة حكم شرعي، لا العقاب عليها وهو العقاب على مخالفة الحكم الشرعي كما لا يخفى على من لاحظ الحقوق الثلاثين المذكورة في رواية الكراجكي هذه حقوق أخلاقية

فالقول بعدم كونه حقا للناس بمعنى وجوب البراءة نظير الحقوق المالية لا يخلو عن قوة لأن الروايات الدالة على كون الغيبة من الحقوق ضعيفة السند وإن كان الاحتياط في خلافه أن ترتب آثار الحقوق بل لا يخلو عن قرب من جهة كثرة الأخبار الدالة على وجوب الاستبراء منها ـ من الغيبة ـ بل اعتبار سند بعضها مثل الدعاء الوارد في الصحيفة السجادية والاحوط الاستحلال إن تيسر وإلا إن لم يتيسر الاستحلال فالاستغفار.

قال غفر الله لمن اغتبناه ولمن اغتابنا بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، الثالث فيما استثني من الغيبة يأتي عليه الكلام.

 


[13] كشف الريبة ص111. (لايوجد في مكتبة مدرسة الفقاهة).
[28] كشف الريبة ص111. (لايوجد في مكتبة مدرسة الفقاهة).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo