< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس المئة والثلاثة: المسألة الخامسة عشر حرمة القمار

 

المسألة الخامسة عشر القمار حرام إجماعا ويدل عليه الكتاب والسنة المتواترة[1]

 

خلاصة درس اليوم

المسألة الخامسة عشر من النوع الرابع من المكاسب المحرمة وهو الشيء المحرم في نفسه من مصاديق الشيء المحرم في نفسه القمار

وقد اختلف في تعريف القمار وقد ذكر الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" ثلاثة تعاريف والمهم في هذه التعاريف الثلاثة ملاحظة العنوان الذي يفرّق بين هذه التعريفات الثلاثة

ففي التعريف الأول أخذ عنوان الرهن ومن الواضح أن الرهن في الشريعة الغراء عبارة عن وثيقة يأخذها الدائن من المديون في مقابل الدين الذي يدفعه إليه فيصبح المديون مرتهنا بهذا الرهن وبهذه الوثيقة وفي القمار أيضا يدفع كل منهما لصاحبه مبلغا على أن يكون الغالب هو الذي يأخذ ذلك المبلغ فهذا المبلغ هو بمثالة الوثيقة والرهن ففي القمار لا يوجد دين ولكن يوجد مبلغ هذا المبلغ يمثل عوض المغالبة جعل على المغالبة فهو التعبير عنه بجعل أدق من التعبير عنه بالعوض لأن العوض فيه مفهوم المقابلة والتعويض ولكن هذا جُعل، جُعِل هذا المبلغ لمن يغلب إذن التعريف الأول لأهل اللغة أخذ فيه عنوان الرهن.

التعريف الثاني أخذ فيه اللعب بأدوات القمار المهم تحقق عنوان أدوات القمار واللعب بها سواء كان هناك رهن أو لم يكن هناك رهن

والتعريف الثالث أخذ فيه عنوان المغالبة مطلقا سواء كان هناك رهن كما في التعريف الأول أو لم يكن وسواء كانت هناك أدوات قمار أو لم تكن إذن هذه مفاهيم ثلاثة المفهوم الأول الرهن المفهوم الثاني أدوات القمار المفهوم الثالث المغالبة وهذا يقودنا إلى بحث مفصل عند الفقهاء وهو أن القمار هل هو معنى مصدري أو معنى اسم مصدري القمار معنى مصدري أي يدل على الحدث فالقمار هو عبارة عن نفس عملية التقامر نفس عملية اللعب يقال لها قمار وأما بناء على أن القمار ليس معنى مصدريا وإنما اسم مصدري يعني نتيجة الحدث اثر الحدث وهو الرهن إذن يتضح أن التعريف الأول وهو تعريف القمار بأنه الرهن هذا تعريف بالاسم المصدري لأننا عرفنا القمار بأثر ونتيجة القمار وهو الرهن فهذا معنى اسم مصدري بخلاف المعنى الثاني والثالث فهو معنى مصدري يدل على الحدث المعنى الثاني اللعب بأدوات القمار نفس اللعب بأدوات القمار هذا تقامر هذا حدث فعل وهكذا المعنى الثالث وهو نفس المغالبة تحقيق هذا المطلب في أبحاث الخارج مستويات أعلى.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول بعد ذكر هذه التعريفات الثلاثة التي لوحظ فيها عناوين ثلاثة وهي الرهن وآلات القمار والمغالبة يقول عندنا مسائل أربع والسر في ذلك أن اللعب قد يكون بأدوات القمار مع الرهن وقد يكون بأدوات القمار من دون رهن والمغالبة بغير أدوات القمار قد تكون مع العوض وقد تكون بدون العوض فهذه مسائل أربع:

المسألة الأولى اللعب بآلات القمار مع الرهن فأخذت فيها العناوين الثلاثة العنوان الأول اللعب العنوان الثاني أدوات القمار العنوان الثالث الرهن.

المسألة الثانية اللعب بآلات القمار بدون رهن أخذ فيها العنوانان الأولان عنوان اللعب وعنوان أدوات القمار ولكن لم يؤخذ العنوان الثالث وهو عنوان الرهن.

المسألة الثالثة المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار فأخذ فيها العنوان الثالث وهو الرهن والعنوان الأول وهو اللعب ولم يؤخذ العنوان الثاني وهو أن يكون اللعب بأدوات القمار.

المسألة الرابعة المغالبة بغير عوض في غير ما نص على جواز المسابقة فيه فأخذ فيها عنوان المغالبة وهو العنوان الوارد في التعريف الثالث ولم يؤخذ فيها عنوان الرهن وهو العنوان الموجود في التعريف الأول ولم يؤخذ فيها عنوان أدوات القمار كما في التعريف الثاني بل اقتصر على خصوص العنوان الثالث وهو المغالبة.

 

تطبيق المتن

المسألة الخامسة عشر القمار حرام أجماعا إذن الدليل الأول على الحرمة الإجماع، الدليل الثاني ويدل عليه الكتاب ـ القرآن الكريم ـ قوله تعالى (﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون﴾) فاجتنبوه هذا أمر مطلق يعني اجتنبوا هذه الأمور مطلقا من دون أي تقييد فهذا مطلق من المطلقات والسنة المتواترة إذا نرجع إلى السنة المطهرة نجد العديد من الروايات المطلقة النهاية عن اللعب بالقمار

وهو بكسر القاف القِمار كما عن بعض أهل اللغة يذكر ثلاثة تعاريف:

التعريف الأول الرهن على اللعب بشيء من الآلات المعروفة[2] ، إذن اخذ فيه العناوين الثلاثة القيد الأول الرهن الثاني اللعب الثالث الآلات المعروفة يعني في القمار.

التعريف الثاني وحكي عن جماعة أنه ـ القمار ـ قد يطلق على اللعب بهذه الأشياء يعني بالآلات المعروفة مطلقا ولو من دون رهن الواو وصلية يعني حتى لو من دون رهن إذن التعريف الثاني فيه قيدان دون الثالث القيد الأول اللعب الثاني أدوات القمار هذه الأشياء الثالث من دون رهن إذن هو فسر الإطلاق مطلقا يعني برهن أو بدون رهن القيد الثالث انتفى حتى لو بدون رهن وبه صرح ـ بهذا التعريف ـ صرح المحقق الكركي في جامع المقاصد وعن بعض لم نقف عليه إن أصل المقامرة المغالبة هذا الذي سيأتي في المسألة الرابعة أخذ فيها مفهوم المغالبة لم يؤخذ فيها الرهن ولم يؤخذ فيها أدوات القمار.

التعريف الثاني وحكي عن جماعة الحاكي هو السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 56 حكاه عن ظاهر الصحاح والمصباح المنير والتكملة والذيل لكن راجعنا الصحاح والمصباح فلم نقف فيهما على كلام ظاهر في هذا التعريف وأما التكملة والذيل فلم تكونا في متناول أيدينا لنراجعهما.

وكيف كان يعني وكيف كان تعريف القمار هل هو الرهن وهو المعنى الاسم مصدري أو هو اللعب بأدوات القمار أو المغالبة وهما المعنى المصدري.

وكيف كان فهنا ـ في القمار ـ مسائل أربع لأن اللعب قد يكون بآلات القمار مع الرهن اجتمعت ثلاثة أمور لعب وأدوات قمار ورهن وقد يكون بدونه يعني وقد يكون اللعب بأدوات القمار بدونه بدون الرهن ينتفي العنوان الثالث الرهن والمغالبة يعني ولأن المغالبة بغير آلات القمار قد تكون مع العوض الجُعل الرهن وقد تكون بدونه ـ بدون العوض ـ أطلق عليه العوض كأنما هو في مقابل المغالبة العوض لمن غلب مسائل أربع

فالأولى اللعب بآلات القمار مع الرهن هذه القدر المتيقن من القمار.

قال ولا إشكال في حرمته وحرمة العوض يعني يريد أن يقول لا إشكال في الحرمة التكليفية والحرمة الوضعية الحرمة التكليفية عبارة عن ترتب الإثم إذا كان عالما عامدا مختارا وحرمة العوض هذه عبارة عن الحرمة الوضعية يعني عدم ترتب النقل والانتقال يعني الغالب لا يملك العوض والجُعل والرهن، ما هو الدليل على الحرمة؟

قال والإجماع عليه على حرمة اللعب حرمة القمار في المسألة الأولى محقق والأخبار به متواترة إذن الدليل الأول الإجماع والدليل الثاني الفتوى، يعني الاتفاق في النص والفتوى.

المسألة الثانية اللعب بآلات القمار من دون رهن أولا هل يصدق عليه عنوان القمار أو لا؟ يوجد تأمل لأن القمار قد ينصرف إلى خصوص المعنى الاسم مصدري وهو الرهن دون الاسم المصدري وهو اللعب بأدوات القمار أو المغالبة

لذلك يقول الشيخ الأنصاري وفي صدق القمار عليه يعني على اللعب بآلات القمار من دون رهن نظر يعني تأمل لما عرفت يعني لما عرفت من أخذ قيد الرهن في التعريف الأول، التعريف الأول الرهن على اللعب بشيء من الآلات المعروفة إذن بناء على التعريف الأول لا يصدق على المسألة الثانية أنها قمار لكن بناء على التعريف الثاني يصدق عليه أنها قمار بناء على التعريف الثالث وهو المغالبة يصدق عليها أنها قمار.

إشكال

أنت قد تأملت وتنظرت في صدق عنوان القمار على اللعب بأدوات القمار من دون رهن والحال إنه في اللغة والعرف يطلق عليه أنه قمار فيقال فلان يقامر إذا لعب بأدوات القمار حتى لو لم يكن هناك رهن في البين الشيخ الأنصاري يجيب بجوابين الجواب الأول يقول الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز فلو سلمنا أن العرف واللغة تطلق على من يلعب بأدوات القمار من دون رهن أنه مقامر وأن هذا قمار فلربما هذا الاستعمال مجازي وليس استعمالا حقيقيا فالاستعمال لا يثبت الوضع الاستعمال لا يدل على الوضع لأن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز فاستعمال لفظة القمار في اللعب بأدوات القمار من دون رهن لا يثبت أن لفظة القمار موضوعة للعب بأدوات القمار من دون رهن لأن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز.

ثانيا لو سلمنا وتنزلنا وقلنا إن هذا الاستعمال يدل على الاستعمال الحقيقي فتكون لفظة القمار موضوعة للعب بأدوات القمار مطلقا سواء وجد الرهن أم لم يوجد كان الجواب يوجد عندنا انصراف فاللفظ ولفظ القمار وإن كان مطلقا لكنه ينصرف إلى الحصة والفرد الموجود غالبة في الواقع الخارجي والقمار له فردان حصتان الحصة الأولى القمار مع الرهن وهو الغالب الحصة الثانية القمار من دون رهن وهو النادر فيحمل اللفظ المطلق لفظ القمار الذي يشمل الرهن وعدم الرهن على خصوص الفرد الغالب وهو القمار مع الرهن.

طبعا هذا الاستدلال وهذا الانصراف مبني على أن غلبة الوجود الخارجي توجب تحقق الانصراف والصحيح أن كثرة الاستعمال هي التي توجب الانصراف لا غلبة الوجود الخارجي فلو قال شخص في العراق أأتني بماء والماء لفظ مطلق فإن لفظة الماء لا تنصرف إلى ماء دجلة فيما إذا كان في بغداد أو ماء الفرات فيما إذا كان في كربلاء أو النجف لغلبة وجود نهر دجلة والفرات في العراق فغلبة الوجود الخارجي لا توجب الانصراف نعم كثرة الاستعمال فلو افترضنا لو أن أهل الشط يستخدمون لفظة الماء المطلق في خصوص ماء الشط وماء الفرات فإذا قال الأب لأبنه جئني بماء فإنه ينصرف إلى خصوص ماء الفرات لكثرة استعمال لفظة الماء من دون تقييد في خصوص ماء الفرات إذن الصحيح في علم الأصول أن الذي يوجب الانصراف هو كثرة الاستعمال لا كثرة الوجود الخارجي فجواب الشيخ الأنصاري الثاني مبني على أنه كما أن كثرة الاستعمال توجب تحقق الانصراف كذلك كثرة الوجود الخارجي توجب تحقق الانصراف.

الشيخ الأنصاري يقول إذا تم هذا المطلب وهو أن مطلقات القمار تنصرف إلى الغالب وهو اللعب بأدوات القمار مع الرهن يتضح الجواب عمن تمسك بإطلاق المطلقات (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) يعني اجتنبوه مطلقا مع الرهن وبدون الرهن فتمسكوا بالإطلاق الشيخ الأنصاري يقول نرد على من تمسك بالمطلقات نقول هذه المطلقات مقيدة هذه المطلقات منصرفة ببركة غلبة الوجود الخارجي للمقامرة مع الرهن فلا يصح التمسك بالمطلقات بل ينبغي الأخذ بالانصراف.

الثاني اللعب بآلات القمار من دون رهن وفي صدق القمار عليه اللعب بآلات القمار من دون رهن نظر لما عرفت في التعريف الأول من اشتراط الرهن الآن دفع إشكال مقدر

ومجرد الاستعمال يعني استعمال لفظ القمار في اللعب بآلات القمر من دون رهن لا يوجب إجراء أحكام المطلقات يعني لا يوجب إجراء أحكام المطلقات يعني أحكام المطلقات هو الحرمة المطلقات كقوله فاجتنبوه وغيره في الروايات مطلق دل على حرمة القمار مطلقا مع الرهن وبدون رهن قد تشكل الآن وتقول صحيح الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز لكننا نتمسك بأصالة الحقيقة إذا شككنا أن الاستعمال حقيقي أو مجازي الأصل أن يكون الاستعمال حقيقي يقول صحيح إذا تمسكت بالاستعمال الحقيقي فإنه يثبت الحقيقة ولكن هناك انصراف.

قال ولو مع البناء ولو هذه وصلية بمعنى حتى، يقول ومجرد الاستعمال لا يوجب إجراء الأحكام لأن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز حتى مع البناء على أصالة الحقيقة في الاستعمال قال لقولة انصرافها ـ المطلقات ـ إلى الغالب يعني إلى الفرد الغالب من وجود الرهن في اللعب بها يعني أدوات القمار ومنه يعني ومن قوة انصراف المطلقات إلى الغالب من وجود الرهن في اللعب بأدوات القمار تظهر الخدشة في الاستدلال على المطلق حرمة اللعب بآلات القمار من دون رهن، الاستدلال بإطلاق هذه بإطلاق متعلقة بالاستدلال، بإطلاق النهي عن اللعب بتلك الآلات لا تقامر هذا نهي مطلق يعني سواء مع الرهن أو بدون رهن بناء على انصرافه يعني على انصراف إطلاق النهي عن اللعب بتلك الآلات إلى خصوص المتعارف من ثبوت الرهن يعني إلى خصوص اللعب بآلات القمار المتعارف فيه من ثبوت الرهن أن الرهن موجود فيه.

نعم قد يبعد دعوى الانصراف في رواية أبي الربيع الشامي عن الشطرنج والنرد قال “عليه السلام” (لا تقربوهما قلت فالغناء قال لا خير فيه لا تقربه[3] ) الشيخ الأنصاري يقول قد يبعد دعوى الانصراف يعني الانصراف إلى الرهن في هذه الرواية، ما هو وجه بعد الانصراف؟ الإمام “عليه السلام” قال لا تقربوهما والقرب وعدم القرب يحصل بالرهن وبدون الرهن ولا يشترط في تحقق عنوان القرب وجود رهن ووجود جُعل وعوض إذن نعم قد يبعد دعوى الانصراف في رواية أبي الربيع الشامي لوجود عنوان عدم القرب وعدم القرب يحصل مطلقا سواء وجد الرهن أو لم يوجد قال والأولى الاستدلال على ذلك، ما هو وجه الأولوية؟ الروايات المتقدمة قد يناقش فيها بدعوى الانصراف لكن رواية تحف العقول لا انصراف فيها لذلك هي أولى لذلك قال هذا وجه الأولوية أنه لا يمكن الخدشة فيها بدعوى الانصراف.

والأولى الاستدلال على ذلك يعني على حرمة اللعب بآلات القمار من دون رهن بما تقدم في رواية تحف العقول من أن ما يجيء منه الفساد ما يأتي منه الفساد محضا خالصا لا يجوز التقلب فيه من جميع وجوه الحركات ومن الواضح أن من الحركات اللعب بآلات القمار من دون رهن

قال وفي تفسير القمي طبعا من الواضح أن هذه الحركات والتقلب في الشطرنج قد يكون برهن وقد يكون بدون برهن فلا معنى للخدشة هنا بالانصراف وفي تفسير القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر “عليه السلام”، هذا أبي الجارود هو أصله مزيج من تفسيرين أبو الفضل العباس جمع بين تفسير أبي الجارود المروي عن الإمام الباقر وبين تفسير علي بن إبراهيم القمي فهذه النسخة الواصلة إلينا وإلى الشيخ الأنصاري نسخة مختلطة هذا تفسير آخر هذا الذي عبر عنه شيخنا الأستاذ الداوري القسم الثاني من تفسير القمي وليس الجزء الثاني لأن الشيخ الداوري تتبع الروايات الواردة في تفسير القمي من النسخة الواصلة إلينا وفرزه في قسمين:

القسم الأول الروايات التي أوردها الجامع أبو الفضل العباس من تفسير القمي سواء وردت في الجزء الأول أو الجزء الثاني ؟؟؟ في القسم الأول والقسم الثاني جعله الشيخ الداوري للروايات الواردة من تفسير أبي الجارود سواء ذكرت في الجزء أو الجزء الثاني من تفسير القمي وفي تفسير القمي

قال شيخ الأنصاري وفي تفسير القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر “عليه السلام” في قوله تعالى (﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾[4] ) يعني كل رجس يجب اجتنابه.

قال أما الخمر فكل مسكر من الشراب إلى أن قال وأما الميسر فنرد والشطرنج وكل قمار ميسر إلى أن قال وكل هذا يعني النرد الشطرنج القمار بيعه وشراءه والانتفاع بشيء من هذا حرام محرم[5] .

الشيخ الأنصاري يقول قوله “عليه السلام” وكل قمار ميسر هنا كل قمار هل استخدم الاسم المصدري يعني كل تقامر ميسر أو استعمال الاسم المصدري الأثر أو الأدوات فهل المراد بقوله “عليه السلام” وكل تقامر ميسر يعني كل عملية تقامر كل مغالبة تقامر ناظر إلى الفعل هذا معنى مصدري وتارة لا وكل تقامر ميسر ناظر إلى الأدوات يعني كل أداة من أدوات القمار ميسر.

الشيخ الأنصاري يستظهر الثاني المراد الأدوات بقرينتين:

القرينة الأولى قوله “عليه السلام” بيعه وشراءه إيراد مفردة البيع والشراء يناسب الأدوات ولا يناسب نفس العملية التقامر والمغالبة

القرينة الثانية قوله “عليه السلام” وأما الميسر فهو النرد والشطرنج ذكر الأدوات هنا يوجد إشكال لو حملنا القمار على المعنى المصدري يعني على المغالبة على اللعب هنا قد تأتي دعوى الانصراف أن اللعب والمغالبة تنصرف إلى خصوص المغالبة مع الرهن خصوص القمار مع الرهن لكن إذا انتفى هذا الاحتمال المصدري وحملنا القمار على أدوات القمار لا تأتي دعوى الانصراف أنها تنصرف إلى القمار مع الرهن.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وليس المراد بالقمار هنا يعني في الرواية حينما قال وكل قمار ميسر، ليس المراد المعنى المصدري الدال على حدث يعني التقامر وكل قمار ميسر يعني وكل تقامر ميسر حتى يرد ما تقدم الإشكال المتقدم من انصرافه يعني انصراف القمار إلى اللعب مع الرهن يعني إلى خصوص هذا الفرد اللعب مع وجود رهن بل المراد ـ بالقمار ـ الآلات بقرينتين:

القرينة الأولى بقرينة قوله “عليه السلام” بيعه وشراءه[6] هذا القرينة الثانية وقوله “عليه السلام” وأما الميسر فهو النرد[7] هذا تمام الكلام في الروايات الدالة على حرمة القمار ثم يأتي الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بروايات لا تشكل دليلا وإنما تشكل مؤيدا والسر في تأييدها أن الرواية الأولى لا يمكن الأخذ بإطلاقها لأنها تنص على أن كل ما ألهى عن ذكر الله فهو ميسير يعني لا يستثنى إلا ذكر الله كل ما ليس بذكر لله فهو ميسر هذا ما يمكن الآن إذا أنت تمشي وما تذكر الله يصير ميسر بناء على هذه الرواية لا يمكن الأخذ بإطلاقها لذلك تشكل مؤيد لا تشكل دليل لأنه لا يمكن الأخذ بإطلاقها.

وأما ما عدى الرواية الأولى من الروايات الباقية فهي ظاهرة في الكراهة لا الحرمة لذلك الشيخ الأنصاري لم يعتبرها أدلة بل جعلها مؤيدات.

قال الشيخ الأنصاري ويؤيد الحكم يعني حرمة القمار بدون رهن ما عن مجالس المفيد الثاني "رحمه الله" ولد شيخنا الطوسي "رحمه الله" بسنده عن أمير المؤمنين في تفسير الميسر من أن كل ما ألهى عن ذكر الله فهو الميسر[8] هذا العموم يشمل اللعب بآلات القمار من دون رهن هذا يلهي عن ذكر الله فهو ميسر تحققت الصغرى الكبرى (﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾[9] ) وجه التأييد أنه لا يمكن الأخذ بإطلاق هذه الرواية

ورواية الفضيل قال سألت أبا جعفر “عليه السلام” عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناس من النرد والشطرنج حتى انتهيت إلى السدر ـ لعبة للصبيان ـ قال أبن الأثير في النهاية الجزء الثاني صفحة 354 السدر لعبة يقامر بها وتكسر سينها وتضم وهي فارسية معربة عن ثلاثة أبواب سَه در سه يعني ثلاثة در يعني باب سدر يعني ثلاثة أبواب عربت سدر، حتى انتهيت إلى السدر قال الإمام الباقر (إذا ميز االله الحق مع الباطل فمع أيهما يكون النرد والشطرنج والسدر قلت مع الباطل قال وما لك والباطل؟)[10] إذن هذه ما تدل على الحرمة الباطل أعم قد يكون مكروها وقد يكون محرما وما لك والباطل؟ هذا ما يدل على اللزوم يدل على رجحان الترك ولا يدل على لزوم الترك فالرواية ظاهرة في الكراهة.

وفي موثقة زرارة عن أبي عبد الله “عليه السلام” أنه سئل عن الشطرنج وعن لعبة شبيب هكذا في المصدر لكن في بعض نسخ المكاسب لعبة شيث التي يقال لها لعبة الأمير في سائر مكاسب لعبة الأحمر وعن لعبة الثلاث فقال “عليه السلام” أرأيتك وفي نسخة أرأيت إذا ميز الله بين الحق والباطل مع أيهما تكون يعني هذه اللعب قلت مع الباطل قال فلا خير فيه[11] لا خير فيه لا يدل على الحرمة أعم من الحرمة والكراهة

وفي رواية عبد الواحد بن مختار عن اللعب بالشطرنج قال إن المؤمن لمشغول عن اللعب[12] يعني ينزه نفسه عن اللعب ما عنده وقت للعب هذه تدل على الكراهة واضحة هذه في الكراهة.

الشيخ الأنصاري في النهاية يستدل يقول هاتان الروايتان الأخيرتان الأخيرة أنيط الحكم باللعب ما قبل الأخيرة أنيط الحكم بالباطل يعني ما عندك وقت للعب ودع الباطل عنوان اللعب لم يؤخذ فيه الرهن وعنوان الباطل لم يؤخذ في تحققه الرهن إذن الرواية مطلقة

لذلك يقول فإن مقتضى إناطة يعني تعليق الحكم وهو الحرمة أو التجنب بالباطل واللعب بالباطل في موثقة زرارة واللعب في رواية عبد الواحد بن مختار فإن مقتضى إناطة الحكم تعليق الحكم على الباطل واللعب عدم اعتبار يعني اعدم اشتراط الرهن في حرمة اللعب بهذه الأشياء ولا يجري دعوى الانصراف هنا ـ في عنوان الباطل وعنوان اللعب ـ عنوان الباطل ما ينصرف إلى خصوص المراهنة وعنوان اللعب ما ينصرف إلى خصوص المراهنة فإن عنوان اللعب يصدق على اللعب بأدوات القمار مطلقا مع وجود الرهن وعدم وجود الرهن.

المسألة الثالثة المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار

إذن العنوان الأول متحقق وهو الرهن، العنوان الثاني اللعب متحقق لكن عنوان أدوات القمار غير متحقق يقع الكلام في الحرمة التكليفية والوضعية مثل المراهنة على الديكة الذي يفوز ديكه له هذا المبلغ الذي يفوز ثوره له هذا المبلغ

عندنا روايات تقول لا سبق إلا في ثلاث بعض الروايات لا سبق إلا في أربع خف والخف يقال للجمل والنعام، حافر والحافر يقال للدواب الثلاث البغال والخيول والحمير أو ريش ـ هو السهم الذي فيه ريشة ـ أو نصل ـ هو الحديد الحادة سواء كانت في سهم من دون ريش أو كانت في رمح ـ أو خنجر إذن المسابقة المشروعة في الإسلام إذا كانت على خف أو حافر أو ريش ـ سهم ـ أو نصل ـ يعم السهم والرمح ـ ما عداها لا يشرع المسابقة فيه وأخذ الرهن عليه وأخذ الجُعل عليه فهنا قد يستفاد التحريم.

السيد العارف الكبير السيد محمد مهدي الطباطبائي بحر العلوم لديه كتاب مصابيح الأحكام السيد الطباطبائي في المصابيح قال لا يوجد خلاف في الحرمة والفساد وهذه دعوى إجماع على الحرمة التكليفية والحرمة الوضعية

الشيخ الأنصاري يستظهر الآن يريد يستظهر يحصل الإجماع من كلمات القوم من كلمات الفقهاء يقول الفقهاء لهم كلمتان:

الكلمة الأولى قالوا يوجد اتفاق على جواز المراهنة في الأمور الأربعة الخف والحافر والريش والنصل ويوجد اختلاف على المراهنة في غير الأربعة مثل المراهنة على الديكة و...

إذن يوجد محل خلاف ويوجد محل وفاق يشتركان في اللعب هم اتفقوا على الحرمة مع العوض اختلفوا على الحرمة من دون عوض

إذن إلى هنا الشيخ الأنصاري "رحمه الله" من كلام السيد الطباطبائي بحر العلوم أولا ومن استظهاره لفتاوى الفقهاء ثانيا ومن الروايات الشريفة ثالثا يستظهر وجود حرمة تكليفية وحرمة وضعية للصورة الثالثة وهي المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار خلافا لصاحب الجواهر، صاحب الجواهر يقول الحرمة التكليفية تثبت إذا كانت الأداة أداة قمار أما إذا الأداة ليست أداة قمار لا تثبت الحرمة التكليفية نعم تثبت الحرمة الوضعية وبالتالي لو تراهنا على الديكة لا تثبت الحرمة التكليفية نعم ما يصير نقل وانتقال ما يستحق الجعل والرهن لا تثبت الحرمة التكليفية لأنها مختصة بأدوات القمار لكن تثبت الحرمة التكليفية لأن هذا رهن وجعل وأكل للمال بالباطل.

الشيخ الأنصاري يناقشه بعد ذلك بعدة مناقشات يقول له شيخنا المعاصر شيخ صاحب الجواهر ماذا تفعل بالروايات والفتاوى وقد ادعى السيد مهدي بحر العلوم الإجماع.

الثالثة المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار كالمراهنة على حمل الحجر الثقيل والمراهنة على المصارعة وعلى الطيور وعلى الطفرة ونحو ذلك مما عدوها في باب السبق والرماية من أفراد غير ما نص على جوازه، من أفراد غير ما نص على جواز ما الذي نص على جوازه؟ أربعة الخف للبعير، والحافر للخيول والبغال والحمير والريش للسهم والنصل للسهم والرمح فهذه يجوز لذلك يقول ونحو ذلك يعني المراهنة مما عدوها في باب السبق والرماية في كتاب السبق والرماية من الفقه عدوها من أفراد يعني من الأفراد التي لم ينص على جوازها، الأفراد التي نص على جوازها أربعة الخف والحافر والريش والنص.

الشيخ الأنصاري يقول والظاهر الإلحاق بالقمار في الحرمة والفساد، لماذا قال إلحاق؟ لوجود الرهن وإن لم تكن من أدوات القمار قال بل صريح بعض أنه قمار، لماذا هو قمار؟ لوجود الرهن صرح بذلك السيد الطباطبائي في كتاب السبق والرماية من الرياض صرح أنه قمار لا أنه ملحق بالقمار لوجود الرهن فيه وصرح العلامة الطباطبائي "رحمه الله" في مصابيحه وهو السيد محمد مهدي بحر العلوم صرح بعدم الخلاف في الحرمة والفساد، عدم الخلاف في الحرمة يعني إجماع على الحرمة التكليفية والفساد يعني الحرمة الوضعية الإجماع على الحرمة الوضعية يعني لا يوجد ترتب نقل وانتقال.

الحاشية رقم 3 يقول من وقفنا عليه منهم هو الشهيد الثاني في المسالك يعني يرى الحرمة الوضعية والتكليفية والمحقق النجفي في الجواهر الجزء 28 لكنه في كتاب التجارة استظهر الحرمة بما كان بالآلات المعدة للقمار كما سيأتي، إذن صاحب الجواهر له رأيان له رأي موافق للسيد الطباطبائي ثبوت الحرمة التكليفية والوضعية وله رأي مخالف فيما بعد ثبوت خصوص الحرمة الوضعية دون التكليفية.

وهو يعني عدم الخلاف في الحرمة والفساد ظاهر كل من قال بأمرين الأمر الأول ظاهر كل من نفى الخلاف في تحريم المسابقة فيما عدا المنصوص مع العوض يعني المسابقة مع العوض في غير الأربعة حرام اثنين وجعل محل الخلاف فيها يعني فيما عدا المنصوص بدون العوض يعني إذا لم يكن عوض ما عدا المنصوص هل يحرم أو لا؟ هذا يوجد فيه خلاف فإن ظاهر ذلك ـ ظاهر من نفا الخلاف التحريم ـ أن محل الخلاف هنا يعني في اللعب هو محل الوفاق هناك يعني أن محل الخلاف هنا يعني فيما عدا المنصوص بدون العوض هو محل الوفاق هناك يعني في تحريم المسابقة فيما عدا المنصوص مع العوض ومن المعلوم أنه ليس هنا إلا الحرمة التكليفية دون خصوص الفساد ومن المعلوم أنه ليس هنا يعني تحريم المسابقة مع العوض فيما عدا المنصوص، ومن المعلوم أنه ليس هنا يعني فيما عدا الأربعة لكن مع الرهن لا يوجد إلا الحرمة التكليفية دون الخصوص الفساد يريد أن يقول يوجد هنا حرمة وضعية وتكليفية لا أنه يوجد خصوص الحرمة الوضعية ولا توجد حرمة تكليفية

ويدل عليه أيضا يعني وجود حرمة تكليفية ووضعية قول الصادق “عليه السلام” أنه قال قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (إن الملائكة لتحظر الرهان في الخف والحافر والريش وما سوى ذلك قمار حرام) [13] طبعا هذه الرواية ضعيفة بالعلاء بن سيابة.

وفي رواية العلاء بن سيابة ـ هذه الرواية أيضا ضعيفة ـ عن الصادق “عليه السلام” عن النبي "صلى الله عليه وآله" (أن الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل)[14] .

والمحكي عن تفسير العياشي عن ياسر الخادم عن الرضا “عليه السلام” قال (سألته عن الميسر قال الثقل من كل شي المراد الثقل من كل شي الفلوس دراهم ودنانير، قال والثقل ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم وغيرها[15] ) يعني الجُعل من الدراهم وغيرها.

وفي مصححة معمر بن خلاد، مصححة يعني عند الشيخ ليست صحيحة لكن عند الفقهاء هناك وجه لتصحيحها، وفي مصححة معمر بن خلاد كلما قومر عليه فهو ميسر[16] .

وفي رواية جابر عن أبي جعفر “عليه السلام” (قيل يا رسول الله ما الميسر قال كل ما يقامر به حتى الكعاب والجوز[17] ) والظاهر أن المقامرة في مصححة معمر بن خلاد رواية جابر بمعنى المغالبة على الرهن هذا هو المراد بالمقامرة يعني المراد بالقمار المعنى المصدري المغالبة.

الشيخ الأنصاري بعد ذلك يرد على صاحب الجواهر يقول مع هذه الروايات والفتاوى كيف تفتي بعدم الحرمة التكليفية وتثبت خصوص الحرمة الوضعية ومع هذه الروايات الظاهرة بل الصريحة في التحريم يأتي عليها الكلام.

 


[2] مجمع البحرين، الطريحي النجفي، فخر الدين، ج3، ص547.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo