< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقدمة، الامر التاسع / ثبوت الحقيقة الشرعية

 

قال الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" ويدل عليه تبادر المعاني الشرعية منها في محاوراته.[1]

 

توضيح المطلب

كان الكلام في الأمر التاسع من مقدمات صاحب الكفاية في كتابه كفاية الأصول الأمر التاسع يبحث حول الحقيقة الشرعية ذكرنا إن الوضع إما تعييني وإما تعيني والوضع التعييني يتم بأحد أمرين:

الأمر الأول الوضع مباشرة

الأمر الثاني الوضع بنفس الاستعمال والاستخدام

وأما الوضع التعيني فهو عبارة عن وضع الكلمة نتيجة كثرة استعمالها في معنا معين وبالتالي الحقيقة الشرعية يعني وضع لفظ من ألفاظ العبادات لمعنى شرعي معين في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" إما أن يثبت بالوضع التعيني المباشر وهذا بعيد جداً إذ لو كان لبان ولو صرح النبي "صلى الله عليه وآله" بأني وضعت الكلمة الفلانية كمصطلح للمعنى الفلاني لنقل إلينا مع توفر الدواعي على نقله إذن من الصعب إثبات الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني المباشر ولكن يمكن إثبات الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني بواسطة الاستخدام بأن يستخدم النبي "صلى الله عليه وآله" لفظاً معيناً في عبادة ومعنى شرعي معين بحيث يستخدم هذه اللفظة من دون أن توضع مسبقاً لهذا المعنى المعين فيكون هذا الاستخدام فيه حيثيتان أولا وضع هذا اللفظ لهذا المعنى وثانيا استخدام اللفظ في هذا المعنى.

كما يحتمل أيضا أن يتحقق الوضع للحقيقة الشرعية عن طريق الوضع التعيني بأن يكثر استخدام النبي "صلى الله عليه وآله" للفظ الصلاة مثلا وهي الموضوعة في اللغة العربية للدعاء فإذا ما أكثر استخدامها في الصلاة الذات الكيفية الخاصة من ركوع وسجود وشرائط وأجزاء دل ذلك على وضع لفظ الصلاة للصلاة المخصوصة بالوضع التعيني عن طريق كثرة الاستعمال.

الشيخ الآخوند "رحمه الله" يستدل بدليل ومؤيد يعني يأتي بوجهين لإثبات الحقيقة الشرعية:

الوجه الأول التبادر والتبادر علامة الحقيقة فإذا ما ذكر لفظ الصلاة تبادر إلى أذهاننا الصلاة ذات الكيفية الخاصة وإذا ما ذكر لفظ الصوم تبادر إلى أذهاننا الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وإذا ما ذكر النبي "صلى الله عليه وآله" لفظ الحج تبادر إلى أذهاننا المناسك الخاصة مع أن الحج في اللغة موضوع بمعنى القصد إذن الدليل الأول على ثبوت الحقيقة الشرعية هو التمسك بالتبادر المعاني الشرعية من محاورات النبي "صلى الله عليه وآله" يعني ما ينقل لنا من حوار النبي مع أصحابه وفيه ألفاظ صلاة، صوم، حج، يتبادر إلى ذهننا المعنى الاصطلاحي.

وفيه من قال إن هذا التبادر من دون قرينة التبادر علامة الحقيقة بناء على التسليم به هو التبادر الذي ينشأ من دون قرينة وأما التبادر الذي ينشأ بقرينة فلا يدل على ذلك مثلا قوله "عز وجل" (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكن لهم) وصلي عليهم يعني وادعوا لهم إن دعاءك يوجب الطمأنينة والسكن لهم إذن من قال إن كل كلام النبي في كل محاوراته كل لفظ صلاة كل لفظ صوم وكل لفظ حج بمعنى الصوم والصلاة والحج الاصطلاحي هذا يعتمد على القرينة نفس الآية الزكاة تحملها على المعنى الاصطلاحي، خذ من أموالهم بقرينة خذ من أموالهم لأن الزكاة في اللغة بمعنى الطهارة فنحمل الزكاة على الزكاة الاصطلاحية لكن نحمل الصلاة وصلي عليهم على الصلاة اللغوية ببركة القرينة إذن الدليل الأول لا يمكن المساعدة عليه.

الشيخ الآخوند قال أنه يمكن وضع ألفاظ العبادات على نحو الحقيقة الشرعية لأنه يمكن الوضع التعييني بواسطة الاستخدام وفيه الإمكان لا يدل على الوقوف غاية ما ذكر صاحب الكفاية أنه يمكن وضع ألفاظ العبادات لمعانيها الشرعية بواسطة الاستخدام إمكان الشيء لا يدل على وقوعه نعم الوقوع أدل دليل على الإمكان ليس بحثنا بحثاً ثبوتياً وإنما بحثنا بحث إثباتي يعني هل يوجد دليل على ثبوت الحقيقة الشرعية أو لا، غاية ما في الأمر قال صاحب الكفاية يمكن وضع الألفاظ على نحو الحقيقة الشرعية عن طريق الوضع التعييني بواسطة الاستخدام.

الوجه الثاني لإثبات الحقيقة الشرعية هو التمسك بمؤيد لم يقل دليل يعني لا يرقى إلى مستوى الدليل، لو لم نقل إن ألفاظ العبادات كلفظ الصلاة وضعت للمعنى الحقيقي الشرعي يعني الكيفية المخصوصة لكان استخدامها في معانيها الشرعية استخداماً مجازياً لو لم نقل إن لفظ الصلاة وضع للصلاة ذات الكيفية الخاصة من أجزاء وشرائط لكان استخدام لفظ الصلاة في معنى الصلاة المخصوصة استعمالا مجازياً لأنه إما أن تستخدم اللفظ فيما وضع له فيكون الاستخدام حقيقياً وإما أن تستخدم اللفظ في غير ما وضع له فيكون الاستخدام مجازياً فإذا أنكرت أن ألفاظ العبادات وضعت حقيقة لمعاني العبادات أيام النبي يلزم أن يكون استخدامها استخدام مجازي [ان قلت] والحال إن المجاز يحتاج إلى علاقة مصححة للاستعمال فمثلا استخدام لفظ الرقبة في العبد له علاقة مصححة للاستعمال وهو أن الرقبة أهم ما في العبد بحيث إذا ذهبت رقبته زال ذاته ومات لذلك استخدم الجزء وهو الرقبة وأريد الكل بدل وحياة هذا العبد هنا لا تقل في مفردة الصلاة بما أن الصلاة تشتمل على العبادة والدعاء والدعاء جزء من الصلاة ذات الكيفية الخاصة فأطلق الجزء الصلاة بمعنى الدعاء وأريد به الكل، كل هذه الكيفية الخاصة من ركوع وسجود وقيام.

الجواب بالنسبة إلى العبد أطلق الجزء وهو الرقبة وأريد الكل لوجود علاقة مصححة وهو أن هذا الجزء هو به قوام الكل الرقبة إذا ما موجودة بعد لا تقوم قائمة للعبد ولكن في الصلاة قد ما تشتمل الصلاة على دعاء إذا أتيت بالصلاة من دون قنوت ولم تأتي بدعاء واقتصرت على الواجبات من ركوع وسجود وتشهد وتسليم، أين الدعاء؟ إذن خلاصة المؤيد هكذا، لو لم تكن ألفاظ العبادات وضعت في معانيها الشرعية أيام النبي للزم أن يكون استعمال ألفاظ العبادات في تلك المعاني الخاصة استعمالا مجازياً وهذا ما يحتاج إلى علاقة مصححة للاستعمال والحال أنه لا توجد علاقة مصححة للاستعمال لأن العلاقة المصححة المتصورة في مثال الصلاة هي علاقة الكل والجزء ولابد أن يكون الجزء مقوماً والدعاء ليس مقوماً للصلاة لكن هذا الكلام مردود لأن المدار ـ بناء على مبنى صاحب الكفاية ـ في صحة الاستعمال على حسن الطبع لا الوضع فإذا طبع المتحاورين اقتضى صحة استعمال لفظ الصلاة في الكيفية المخصوصة بعلاقة الكل والجزء أن الدعاء جزء من الصلاة حتى لو لم يكن هذا الجزء مقوماً إذا استحسنه الطبع يصدق الاستحسان المجازي.

إشكال آخر لا توجد علاقة مصححة للتجوز ونلتزم أن هذا الاستعمال ليس حقيقياً ولا مجازياً المهم يقبله الطبع إذا يقبله الطبع يصح الاستعمال حتى لو لم يكن حقيقياً ولا مجازياً لذلك قال صاحب الكفاية ويؤيده ما يرقى إلى مستوى الدليل لأنه مخدوش، إلى هنا هذا كله بناء على أن هذه لفظة صلاة وحج وصوم لم تستعمل إلا أيام النبي أول ما استخدمت في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" يبحث هل هناك حقيقة شرعية أو لا وأما إذا كانت مستخدمة في عصور الأنبياء قبل النبي "صلى الله عليه وآله" ﴿إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم انسيا﴾[2] استخدمته مريم عليها السلام وهكذا زكريا صام ثلاثة أيام عن الكلام وهكذا بالنسبة إلى الحج وهكذا بالنسبة إلى الصوم ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾[3] فيصير لفظ الصيام في زمن النبي أطلاق لفظ الصيام استعمال لغوي وليس استعمال شرعي لأن أطلق من زمان ما تثبت حقيقة شرعية تصير حقيقة لغوية.

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" إذا عرفت هذا ـ التمهيد ـ لأنه قال وقبل الخوض في تحقيق الحال لا بأس بتمهيد مقال، في التمهيد ذكر قسمين للوضع التعييني المباشر والوضع التعييني بواسطة الاستخدام إذا عرفت هذا التمهيد وأنه يمكن الوضع التعييني بنفس الاستعمال فدعوى الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا يعني بواسطة الاستعمال بنفس الاستخدام قريبة جداً ومدعي القطع به ـ قوله الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا يعني بنفس الاستخدام ـ غير مجازف قطعاً يعني لم يقل بقول اعتباطي وإنما قال عن دليل.

وفيه غاية ما يفيده ما ذكره صاحب الكفاية هو الإمكان، إمكان ثبوت الحقيقة الشرعية عن طريق الوضع التعييني بواسطة الاستخدام والإمكان لا يدل على الوقوع حتى تقول يا صاحب الكفاية ومدعي القطع به غير مجازف قطعاً مجازف قطعاً إذا لم يأتي بالدليل يكون مجازف الإمكان ليس بدليل الإمكان بحث ثبوتي وكلامنا في البحث الاثباتي، الآن ينتقل إلى البحث الاثباتي انتهى من البحث الثبوتي أنه يمكن ثبوت الحقيقة الشرعية بواسطة الوضع التعييني عن طريق الاستخدام بنفس الاستخدام

 

تطبيق العبارة

ويدل عليه ـ على الوضع التعييني الحاصل بنفس الاستعمال ـ تبادر المعاني الشرعية منها ـ من الألفاظ المتداولة ـ في محاوراته يعني في محاورات الشارع يعني محاورات النبي "صلى الله عليه وآله" المراد بالشارع هنا خصوص النبي لأننا نبحث حقيقة الشرعية يعني ثبوت المصطلح للعبادة في خصوص زمن النبي "صلى الله عليه وآله" وذكرنا المناقشة في التبادر علامة الحقيقة إذا لم يكن عن قرينة خاصة وأما إذا كان عن قرينة فالتبادر لوجود القرينة ما يكشف عن الوضع فقد يقال إنه يتبادر إلى أذهاننا الصلاة المصطلحة والحج والمصطلح والصوم المصطلح في كلمات النبي نتيجة وجود القرائن الخاصة فهذا ليس تبادر من حق الله هذا الوجه الأول.

الوجه الثاني ويؤيد ذلك يعني ويؤيد الوضع التعييني الحاصل بنفس الاستعمال، هنا في المقطع الأول ما ذكره، ما هو المقطع الأول؟ أن تقول إذا التزمنا أن الألفاظ لم توضع للحقيقة الشرعية يلزم من استعمال ألفاظ العبادات في معانيها الخاصة أن يكون الاستعمال استعمالاً مجازياً هذا المقطع ما ذكره مباشرة تطرق إلى الإشكال عليه إذا تلتزم أن الاستعمال مجازي يلزم أنه لا توجد علاقة مصححة للمجاز مباشرة شرع في العلاقة المصححة للمجاز والحال إنه لابد في البداية يذكر لو لم تثبت الحقيقة الشرعية للزم أن يكون استخدام ألفاظ العبادات في معانيها الشرعية استعمالا مجازياً بعد هذا المقطع يأتي هذا الكلام أنه ربما لا تكون علاقة معتبرة يعني مصححة بين المعاني الشرعية الصلاة الكيفية الخاصة من ركوع وسجود واللغوية الصلاة بمعنى الدعاء فأي علاقة بين الصلاة شرعاً ذات الأجزاء والشرائط إحدى عشر جزء أثنى عشر جزء والصلاة بمعنى الدعاء يعني والصلاة لغة ومجرد اشتمال الصلاة يعني ذات الكيفية الخاصة الشرعية على الدعاء الذي هو الصلاة في اللغة لا يوجب ثبوت ما يعتبر من علاقة الجزء والكل بينهما يعني بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للصلاة كما لا يخفى، لماذا لا يوجب؟ لأنه ليس المراد العلاقة بين كل جزء وكل وإنما المراد خصوص الجزء المقوم كالرقبة الجزء الأساسي وليس أي جزء وبينا أنه وجه أنه مؤيد وليس بدليل.

وفيه أنه حتى لو التزمنا عدم وجود علاقة معتبرة فالمدار على حسن الطبع فإذا رأى الطبع أن هذا استعمال مجازي صحيح حتى لو ما توفرت هذه العلاقة يمكن أن نلتزم بأنه استعمال مجازي وبالتالي ما تثبت الحقيقة الشرعية.

وثانياً لو سلمنا أنه ليس باستعمال مجازي لعدم وجود العلاقة وليس باستعمال حقيقي لأنه لم تثبت الحقيقة الشرعية لا مانع من ذلك ما دام الطبع يرى أن هذا الاستعمال يليق بالطبع وإن لم يكن حقيقياً ولا مجازياً لذلك ذكر مؤيد لأن ما ينسجم مع مبناه من أن المدار في الاستعمال على حسن الطبع لا على الوضع، هذا كله ما ذكرناه بناء على كون معانيها معاني ألفاظ العبادات مستحدثة في شرعنا في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" استحدثت وأما بناء على كونها ثابتة في الشرائع السابقة كما هو قضية غير واحد من الآيات مثل قوله تعالى ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾[4] إذن الصيام مكتوب ومفروض على الأمم السابقة وقوله تعالى ﴿وأذن في الناس بالحج﴾[5] هنا الشاهد الحج يعني العهد الذهني يعني الحج حج جدك إبراهيم أذن فيه فمعنى الحج مستخدم مسبقاً وأذن في الناس بالحج، بالحج يعني بالحج الإبراهيمي حج جدك إبراهيم الخليل فهذا الـ ال عهدية وقوله تعالى ﴿وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا﴾[6] الشاهد يعني عيسى عليه السلام ذكر أنه الصلاة والزكاة ﴿وبراً بوالدتي ولم أكن جباراً شقيا﴾[7] يعني كانت مفردة الصلاة والزكاة موجودة في شرع عيسى وما قبل عيسى لأنه وهو في المهد ذكر الصلاة والزكاة إلى غير ذلك فألفاظها يعني فألفاظ العبادات الثابتة في الشرائع السابقة حقائق لغوية لا شرعية لعدم اختراع الشارع لها ليست مخترعة الشارع أمضاها.

الشرائع تختلف في بعض الأجزاء والشرائط مثلا في الأمم السابقة كان في الصوم لا يجوز النكاح لا في النهار ولا في الليل وفي شريعة النبي في البداية كان ما يجوز في الليل ثم أبيح لهم ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم﴾[8] اختلفت الأجزاء والشرائط يعني في بداية الشريعة المحمدية الغراء والأمم السابقة لا يجوز الرفث مطلقاً لا في نهار شهر رمضان ولا في ليله بعد صار الصوم عندنا غير الصوم عندهم.

يقول اختلاف هذه المصطلحات في الأجزاء والشرائط لا يخل بأصل الماهية أصل ماهية وحقيقة الصلاة أصل ماهية وحقيقة الصوم، أنت تتكلم في اختلاف المصاديق، حتى في شريعتنا المصاديق تختلف مفهوم الصلاة في الشرعية المحمدية واحد ولكن مصداق الصلاة في الحضر أربعة ركعات للرباعية وفي السفر ركعتان فلا تقل إن الصلاة ذات الركعتين تختلف عن الصلاة ذات الأربع، الركعتان مصداق للصلاة والأربع مصداق آخر للصلاة باختلاف الحالات من سفر وحضر، هذا دفع دخل مقدر يعني لو قيل إن اختلاف العبادات في الأجزاء والشرائط يوجب اختلاف المصطلحات والحقائق الشرعية قلنا الاختلاف في الأجزاء والشرائط لا يوجب الاختلاف في الماهية وإنما يوجب اختلاف مصاديق المحققة للماهية.

قال واختلاف الشرائع فيها يعني في ألفاظ العبادات جزءا وشرطا يعني بعضهم هذه العبادة في بعض الشرائع تتكون من عشرة أجزاء وفي شرائع أخرى تتكون من أثنى عشر جزء وشرط الشرائط أيضا قد تختلف لا يوجب اختلافها يعني اختلاف العبادات في الحقيقة والماهية إذ لعله هذا الاختلاف في الأجزاء والشرائع كان من قبيل الاختلاف في المصاديق والمحققات يعني والمحققات للماهية يعني المصاديق والأفراد المحققة للماهية كاختلافها يعني المعاني بحسب الحالات في شرعنا، في حالة السفر ركعتان في حالة الحضر أربع ركعات فاختلاف مصاديق الصلاة باختلاف الحالات لا يعني أن حقيقة الصلاة متعددة وماهية الصلاة متعددة بل واحدة.

إلى هنا أتضح إن استخدام الألفاظ أيام النبي "صلى الله عليه وآله" لعبادات قد استخدمت ألفاظها في الشرائع السابقة يصير استعمال لغوي وليس شرعي إذا كان استعمال لغوي لا نقطع أنها حقائق شرعية بل لا نطمئن أنها حقائق شرعية وهذا الكلام وهو احتمال إنها استعمالات لغوية كما يجري بناء على الوضع التعييني بالاستخدام يجري أيضا بناء على الوضع التعيني بكثرة الاستخدام يعني إذا في زمن النبي كثر استعمال لفظ الصلاة في معناها ولفظ الحج في معناه ولفظ الزكاة في معناه كثرة الاستعمال لا يوجب ثبوت الحقيقة الشرعية بناء على هذا الاحتمال أنها استخدامات لغوية يعني هذا كثر استخدام للمفردة اللغوية لا الحقيقة الشرعية.

ثم لا يذهب عليك أنه مع هذا الاحتمال كون المعاني لغوية لا مجال لأمور:

الأمر الأول لا مجال لدعوى الوثوق فضلا عن القطع بكونها حقائق شرعية، بكونها يعني بكون ألفاظ العبادات لا نلتزم أن ألفاظ العبادات حقائق شرعية بل هي استخدامات لغوية.

الأمر الثاني ولا لتوهم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها يعني على ثبوت الحقيقة الشرعية لو سلم دلالتها يعني لو سلم دلالة تلك الوجوه التي أقيمت على ثبوت الحقيقة الشرعية لو سلم دلالة تلك الوجوه على الثبوت ـ على ثبوت الحقيقة الشرعية ـ لولاه يعني لولا هذا الاحتمال كون المعاني لغوية يريد أن يقول هكذا أقيمت أدلة على ثبوت الحقيقة الشرعية وافترضنا أنها أدلة تامة نقول هذه أدلة تامة تثبت الحقيقة الشرعية لو لا هذا الاحتمال وهو الاستخدامات اللغوية فهذا الاحتمال ينسف هذه الأدلة تصير استخدامات لغوية.

ومنه يعني ومن هذا الاحتمال الاستخدامات اللغوية قد أنقدح يعني قد اتضح حال دعوى الوضع التعييني معه، الوضع التعيني يعني كثرة الاستخدام، الوضع التعيني يعني وضع الألفاظ للحقيقة الشرعية بناء على الوضع التعيني يعني كثرة الاستعمال لا يثبت كثرة الاستعمال لا تثبت الحقيقة الشرعية معه يعني مع هذا الاحتمال ـ احتمال الاستعمال اللغوي ـ لأنه لا يبقى وثوق بالوضع التعيني، يريد أن يقول هكذا إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال إذا احتملنا أن هذه الاستخدامات لغوية فحينئذ لا تثبت الحقيقة الشرعية لا بالوضع التعييني ولا بالوضع التعيني لأنه إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال حتى لو أقمت أدلة على الوضع التعييني أو التعيني إذا يحتمل أن هذه المفردة استخدمت لغة لأنها مستخدمة في شرائع سابقة فحينئذ لا تثبت الحقيقة الشرعية ومع الغض عنه ـ عن هذا الاحتمال الاستعمال اللغوي ـ يريد أن يقول هكذا يريد يرجع إلى الوضع التعيني هو الآن تكلم عن الوضع التعييني الآن يريد أن يتكلم عن الوضع التعيني كثرة الاستخدام.

إما أن تلحظ كثرة الاستخدام بخصوص النبي وإما أن تلحظ كثرة الاستعمال للنبي وتابعيه يعني الصحابة، إما بالنسبة إلى النبي فصعب أن تثبت الحقيقة الشرعية من كثرة استخدام النبي لأن النبي جاء بعد بعثة الأنبياء السابقين وقد استخدم الأنبياء السابقون هذه المفردة فإثبات الحقيقة الشرعية للفظ الصلاة والصوم والزكاة والحج بواسطة كثرة استخدام النبي لها غير صحيح لأن النبي استخدم مفردات استخدمها الأنبياء السابقون ولكن بالنسبة إلى أصحابه ممكن.

ومع الغض عنه يعني لو غضضنا النظر عن احتمال أن هذا الاستخدام لغوي فالإنصاف أن منع حصوله يعني منع حصول الوضع التعيني كثرة الاستخدام في زمان الشارع، في زمان الشارع بلحاظين الأول في لسانه يعني في لسان الشارع ـ النبي ـ ولسان تابعيه ـ الصحابة ـ مكابرة يعني القول بمنع حصوله مكابرة فيه مزايدة من قال أن هذا ممنوع ممكن أن أتباع النبي كثرة استخدامهم، نعم حصوله يعني الوضع التعيني في خصوص لسانه يعني في خصوص لسان الشارع ـ النبي ـ ممنوع لأن النبي قد كثر استخدامه لمصطلحات وردت في السنة الأنبياء السابقين فتأمل لعله إشارة إلى أن منع الوضع التعيني في طول زمان استعمال النبي "صلى الله عليه وآله" لألفاظ العبادات بعيد من قال إن هذا ممنوع النبي زمنه ثلاثة وعشرين سنة فأنه خلال ثلاثة وعشرين سنة من استخدام النبي لهذه الألفاظ وكثرة استعماله لها لا يوجب الوضع التعيني هذا مع غض النظر عن احتمال استخدام اللغوي بقطع النظر عن وجوده في الشرائع السابقة يعني النبي الآن أنت تقول بالنسبة إلى أصحاب النبي الوضع التعيني ممكن وبالنسبة إلى نفس النبي الوضع التعيني ممنوع هذا غير صحيح كلاهما ممكن الوضع التعيني للنبي والوضع التعيني لأصحاب النبي ممكن لكن مع غض النظر عن الاحتمال يعني عن وجود المفردة في الشرائع السابقة وأن أصحاب النبي استخدموا هذه المفردات في معناها اللغوي كلام صحيح، هذا تمام الكلام في بيان الحقيقة الشرعية واتضح أن الحقيقة الشرعية ثابتة عند صاحب الكفاية وليست ثابتة عندنا يبقى الكلام في الثمرة بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية ماذا يترتب؟ بناء على إنكار الحقيقة الشرعية ماذا يترتب؟

أكثر العلماء المعاصرين لا يرون ثبوت الحقيقة الشرعية وأما الثمرة بين القولين يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo