< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقدمة، الامر العاشر /الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات

 

قال الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" أن الظاهر أن يكون الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات عامين.[1]

 

خلاصة الدرس

لازلنا نتكلم في الأمر العاشر من مقدمات كفاية الأصول الذي يتحدث فيه الآخوند الخراساني حول الصحيح والأعم الأمر العاشر فيه خمسة أمور أو خمس مقدمات لبحث الصحيح والأعم وصلنا إلى الأمر الرابع أو المقدمة الرابعة وهي إثبات أن الموضوع له في ألفاظ العبادات موضوع بالوضع العام والموضوع له عام وقد ذكرنا فيما سبق أن هذه الأقسام أربعة الوضع العام والموضوع له العام الوضع العام والموضوع له الخاص الوضع الخاص والموضوع له الخاص الوضع الخاص والموضوع له الخاص.

ألفاظ العبادات يدور وضعها بين الأمر الأول والثاني يعني إما الوضع والموضوع له عام أو الوضع عام والموضوع له خاص والمراد بالوضع العام والموضوع له عام أن الواضع يتصور معنى عاماً كلياً ثم يضع له لفظاً عاماً ولا يضع اللفظ لأفراد ذلك المعنى العام بخصوصها بخلاف الثاني الوضع عام والموضوع لها خاص يكون الواضع قد تصور معنى عاماً كليا كالصلاة ذات العشرة أجزاء ثم لا يضع لفظ العبادة لذلك المعنى العام والكلي بل يضع لفظ العبادة لفرد خاص من أفراد تلك العبادة كان يضع لفظ صلاة الغريق أو صلاة المضجع لها فيكون الوضع عام تصور الصلاة ذات العشرة أجزاء والموضوع له خاص يعني وضع لفظ العبادة لفرد خاص من ذلك المعنى العام ولم يوضع لفظ العبادة لنفس ذلك المعنى العام.

من الواضح بشكل جلي أن ألفاظ العبادات موضوعة بالوضع العام والموضوع له عام لذلك ورد في الروايات معاني تشير إلى الجامع الكلي مثل الصلاة عمود الدين الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر الصلاة معراج المؤمن الصوم جنة من النار فمن الواضح أن هذه العناوين كلية جامعة وليست لفرد خاص من الصلاة أو الصوم بل لذلك العنوان العام إن قلت إن ألفاظ العبادات موضوعة بالوضع العام يعني الواضع يتصور معنى كلي معنى جامع والموضوع له خاص يعني يضع لفظ العبادة لفرد من أفراد ذلك المعنى العام بخصوصه ولا يضع لفظ العبادة للمعنى الكلي إن قلت هذا قلنا يلزم محذورين لا يمكن الالتزام بهما المحذور الأول محذور المجازية والمحذور الثاني عبارة عن منع استعمال ألفاظ العبادات في الجامع في مثل الأحاديث التي ذكرت.

أما المحذور الأول لزوم المجازية أنت تقول ألفاظ العبادات موضوعة بالوضع العام والموضوع له خاص يعني واضع لفظ الصلاة أو لفظ الصوم تصور معناً عاماً الصلاة عمود الدين الصوم جنة من النار ثم وضع لفظ الصلاة لفرد خاص من الصلاة كصلاة المضجع ووضع لفظ الصوم لصوم خاص لفرد خاص من أفراد الصوم مثلا صوم المسافر إذا نذر إن قلت إن ألفاظ العبادة وضعت لإفراد خاصة من المعنى الجامع والكلي يلزم أن يكون استعمال لفظ العبادة كالصلاة أو الصوم في المعاني الكلية الصلاة عمود الدين الصوم جنة من النار أن يكون الاستعمال استعمالاً مجازياً لأن الاستعمال الحقيقي هو عبارة عن استعمال اللفظ فيما وضع له والاستعمال المجازي عبارة عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له فإذا استعمل لفظ العبادة في خصوص الفرد الخاص والمصداق الخاص كان الاستعمال استعمالاً حقيقياً وأما إذا استعمل لفظ العبادة في المعنى الكلي الجامع الصلاة عمود الدين الصوم جنة من النار يلزم أن يكون قد استعمل لفظ العبادة في غير ما وضع له لأنه وضع لفرد خاص وقد استعملته واستخدمته في معنى كلياً جامع فيكون الاستعمال استعمالاً مجازياً مع أنه هذا خلاف الوجدان ولا يحتاج إلى برهان فإن استعمال لفظ الصلاة في أنها عمود الدين وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر استعمال حقيقي لنظر العرف وليس استعمالاً مجازياً.

المحذور الثاني إن قلت إن لفظ العبادة موضوع للفرد الخاص يلزم أن يكون استعمال لفظ العبادة في الفرد الخاص استعمال حقيقي وأن يكون الأثر مترتباً على ذلك الفرد الحقيقي يعني أن يكون الأثر مترتباً على الفرد الخاص لا على المعنى الكلي مع أنه إذا رجعنا إلى الروايات الصلاة قربان كل تقي الصلاة عمود الدين الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لا يفهم من لفظ الصلاة الوارد في هذه الروايات فرد خاص من الصلاة بل يفهم من ذلك المعنى الكلي للصلاة المعنى الجامع للصلاة إذن حمل ألفاظ العبادات على الوضع العام والموضوع له خاص هذا مخالف لما ندركه بالوجدان من أن الأثر مترتب على المعنى الكلي الجامع لا على فرد خاص وحصة خاصة.

ومنه يعلم أنه ألفاظ العبادات ليست موضوعة بالوضع الخاص والموضوع له خاص لأنه لو قلنا بذلك يلزم تعدد الوضع إلى ما لا نهاية الصلاة موضوعة بالوضع الخاص والموضوع له خاص يعني الواضع يتصور الصلاة الخاصة مثل صلاة المضجع الصلاة المومئ صلاة الغريق ويضع له لفظ خاص صلاة الغريق صلاة المضجع بل يضع لكل حصة خاصة لكل فرد وأفراد الصلاة ما تنتهي إلى يوم يبعثون فيلزم من القول بأن ألفاظ العبادة موضوعة بالوضع الخاص والموضوع له خاص تعدد الوضع إلى ما لا نهاية وهذا لازم لا يمكن الالتزام به.

النتيجة النهائية إن ألفاظ العبادة موضوعة بالوضع العام والموضوع له عام ولو قلنا إنها موضوعة بالوضع العام والموضوع له خاص لزم محذوران لا يمكن الالتزام بهما أولاً أن يكون استعمال ألفاظ العبادة في هذه الروايات الصلاة قربان كل تقي استعمالاً مجازياً ثانياً أن يكون استعمال لفظ العبادة مترتباً على الأثر الخاص للفرد وأن نحمل هذه الروايات التي تقول الصلاة قربان كل تقي الصلاة معراج المؤمن، عمود الدين نحمل هذا الأثر على الأثر الخاص مع أن ظاهرها الأثر مترتب على المعنى الجامع العام لا على الفرد الخاص.

 

تطبيق المتن

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" ومنها أن الظاهر أن يكون الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات وهذا محل بحثنا ألفاظ العبادة موضوعة للصحيحة والأعم، عامين يعني لفظ العبادة موضوع بالوضع العام والموضوع له عام واحتمال كون الموضوع له خاصاً بعيد جداً يعني واحتمال كون الوضع عام والموضوع له خاص في ألفاظ العبادات بعيد جداً لمحذورين:

الأول محذور اللغوية يشرع في بيان الأول لاستلزامه الهاء تعود على ماذا؟ يعني لاستلزام كون الموضوع له خاصاً، كون استعمالها، استعمالها تعود إلى ألفاظ العبادات، في الجامع يعني في المعنى الكلي الجامع لو أضاف قيد لكان أفضل هكذا يقول مع أنها موضوعة للأفراد الخاصة فيكون الاستعمال مجازاً.

لاستلزامه كون استعمالها في الجامع في مثل، الجامع مثل ﴿الصلاة تنهى عن الفحشاء﴾[2] والصلاة معراج المؤمن[3] هذه روايات والصلاة عمود الدين[4] والصوم جنة من النار[5] مجازاً، مجازاً هذه ترجع في الجامع هكذا يريد أن يقول، لاستلزامه كون استعمالها في الجامع مجازاً هذه مع الضمائر، لاستلزام كون ألفاظ العبادة موضوعة بالوضع العام والموضوع له خاص أن يكون استعمال ألفاظ العبادة في الجامع مع أن ألفاظ العبادة موضوعة للأفراد الخاصة فيلزم أن يكون الاستعمال مجازاً هذا تمام الكلام في المحذور الأول لزوم المجازية.

المحذور الثاني أو منع استعمالها، منع معطوف على لاستلزامه، بعيد جداً لاستلزامه الأول كون استعمالها الثاني لاستلزامه منع استعمالها، لاستلزامه يعني لاستلزام كون الوضع عاماً والموضوع له خاصاً يستلزم منع استعمالها، استعمال ألفاظ العبادات فيه يعني في الجامع في مثلها يعني في الأحاديث المذكورة في مثل الأحاديث المذكورة الصلاة عمود الصوم جنة، بل تكون ألفاظ العبادات موضوعة للفرد الخاص ويكون الأثر ثابتاً لخصوص الفرد الخاص لا الجامع.

إن قلت إن ألفاظ العبادة موضوعة بالوضع العام والموضوع له خاص يلزم أن تكون هذه الصلاة عمود الدين لا تشير إلى الجامع تشير إلى فرد خاص من الصلاة، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ليست ناظرة إلى جامع الصلاة بل ناظرة إلى فرد خاص من الصلاة لأن هذا هو المبنى الوضع العام والموضوع له خاص يعني واللفظ الموضوع له هو لفظ يشير إلى فرد خاص من المعنى الجامع.

وكل منهما بعيد إلى الغاية كما لا يخفى على أولي النهاية، الأدق أن يقول كما لا يخفى على أولي النهى يعني أولي العقول، وكل منهما بعيد ما هو وجه البعد في كلا المحذورين؟ المجاز يحتاج إلى قرينة ولا توجد قرينة هذا وجه بعد المجازية، الثاني ما هو وجه بعد أن يلزم استعمال لفظ الصلاة في قولنا الصلاة عمود الدين أن يكون استعمالها في معنى خاص لا المعنى الجامع، ما هو وجه البعد؟ هذا خلاف الظاهر لأن ظاهر هذه الروايات أنها تستعمل لفظ العبادة في الطبيعة الصلاة عمود الدين يعني طبيعة الصلاة هي عمود الدين فظاهر هذه الروايات أنها استعملت لفظ العبادة في الطبيعة.

وجه البعد في الأول لزوماً مجازياً هو عدم وجود القرينة ووجه البعد في الثاني أن ظاهر ألفاظ العبادات أن استخدمت في الطبيعة لا الفرد الخاص هذا تمام الكلام في الأمر الرابع.

الأمر الخامس ما هي ثمرة النزاع بين الصحيح والأعم؟ ذكر الآخوند "رحمه الله" ثلاث ثمرات ولم يلتزم إلا بالثمرة الأولى دون الثمرة الثانية والثالثة اللتان ذهب إليهما المحقق القمي في القوانين الجزء الأول صفحة 43 [6] وأما المقدمة الأولى فهي تحتاج إلى بيان مقدمتين إذا اتضحتا يصبح المطلب سهل.

المقدمة الأولى إن التمسك بالإطلاق فرع شمول اللفظ المطلق للفرد المشكوك مثلاً لو قال المولى أعتق رقبة وشككت في اشتراط الإيمان فيمكن حينئذ أن تتمسك بالإطلاق وتقول لفظ الرقبة مطلق شككنا في قيد زائد وهو الإيمان فنتمسك بإطلاق اللفظ فالتمسك بإطلاق لفظ رقبة فرع شمول لفظ رقبة المطلق للرقبة الكافرة إذن لابد أن ينطبق اللفظ المطلق وهو رقبة على الفرد المشكوك نعم يحصل الشك من وجود قيد زائد قيد الإيمان والكفر.

سوال وأما مثلاً لو الآن عبد وأمة حملها الآن وضعت هذا الولد عبد أو لا؟ عبد أبوه وأمه عبيد هل يصح أن أعتقه هذا الولد الرضيع؟ فهل يقال نتمسك بإطلاق لفظ اعتق رقبة؟ شككنا هل المراد رقبة كبيرة أو يشمل الرقبة الصغيرة فنتمسك عموم اعتق رقبة لشمول لفظ الرقبة للطفل الرضيع؟

الجواب إذا شككنا في صدق أصل عنوان الرقبة، أولاً ثبت هذا اللفظ المطلق لفظ رقبة هل يشمل الرضيع أو لا يشمله إذا ثبت أصل أنه الرقبة هذا اللفظ المطلق يطلق على الرضيع ثم شككنا في قيد زائد اعتق رقبة كبيرة هنا يمكن التمسك بعموم اعتق رقبة أما إذا شكينا إن لفظ الرقبة تطلق على الرضيع أو لا ما تطلق إلا على الكبير في هذه الحالة لا يصلح التمسك بإطلاق لفظ رقبة، إذن المقدمة الأولى مفادها إن التمسك باللفظ المطلق كلفظ رقبة فرع شمول اللفظ المطلق للفرد المشكوك لابد أنه لفظ رقبة يشمل الفرد المشكوك وهو الرقبة الكافرة غاية ما في الأمر يحصل الشك من جهة قيد زائد وهو قيد الإيمان أو الكفر وأما إذا كان من الأصل لفظ رقبة ما يشمل الطفل الرضيع فلا يمكن التمسك بالإطلاق يصير من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية تتمسك بعموم اعتق رقبة فيما يشتبه أنه مصداق للرقبة وهو الطفل الرضيع.

المقدمة الثانية في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين درسنا في علم الأصول وعلم الفقه أن الأقل والأكثر إما أن يكونا استقلاليين وإما أن يكونا ارتباطيين أما الاستقلاليان فمثلهما أنا أعلم أنني مدين لك لكن لا أدري بدينار أو دينارين قطعاً دينار لكن هل يزيد على هذا الدينار دينار ثاني ثالث لا أدري هنا دار الأمر بين الأقل والأكثر وهكذا لو علمت بوجوب صلاة قضاء علي لكن هل لمدة سنة أو سنتين على الأقل سنة صلاة وحدة على الأقل ويمكن صلاتين هنا دار الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين هنا المعروف بين الفقهاء أنه يتمسك بالقدر المتيقن الأقل وتجري البراءة عن الزائد لأن هذا يصير شك في أصل التكليف هل أنت مكلف بصلاة ثانية هل يجب عليك دفع دينار ثاني لا تنقض اليقين بالشك إذن لماذا سمي أقل وأكثر استقلالياً؟ لأن وجوب كل منهما مستقل عن الآخر وجوب صلاة القضاء الأولى مستقل عن وجوب قضاء الصلاة الثانية وجوب أداء دين دينار مستقل عن وجوب أداء دينار ثاني وهكذا في التسبيحات الثلاث في الصلاة تسبح تسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات؟ كل تسبيحة وجوبها مستقل عن الآخر ولكن هناك أقل وأكثر ارتباطيين مثلا تقول الصلاة هل هي مؤلفة من عشرة أجزاء بضميمة القراءة أو هي مؤلفة من تسعة أجزاء من دون قراءة في هذه الحالة لا تتم الصلاة لو افترضنا إن الصلاة من عشرة إذا جئت في صلاة ذات التسعة هذه ما يصدق عليها صلاة تكون باطلة فاسدة إذن يوجد ترابط بين الأجزاء التسعة والجزء العاشر وهو القراءة مثلا.

وهكذا لو شككنا في الشرطية يعني هل الصلاة مشروطة بالطمأنينة أو لا؟ يعني هل يوجد شرط زائد وهو الطمأنينة أو لا فلو جاء بصلاة ليس فيها استقرار وطمأنينة وكان المبنى أن الصلاة هي الأكثر التي هي لابد من طمأنينة في هذه الحالة ما يصدق عليه أنه امتثل حينما جاء بالصلاة من دون طمأنينة ومن هنا يعلم أن المراد بالاستقلال والارتباط إنما هو في عالم الامتثال وفي مقام الامتثال الذي دفع دينار وشك عليه دينار ثاني أو لا هنا امتثل وأدى الدين أو لا؟ نعم حتى لو لم يأتي بالدينار الثاني الذي صلى صلاة قضاء واحدة وشك تجب عليه القضاء الثانية حينما قضى الصلاة الأولى يصدق عليه أنه امتثل أم لا؟ نعم إذن هناك لا يوجد ترابط بين الأقل والأكثر في مقام الامتثال، امتثال الأقل مستقل عن امتثال الأكثر بخلاف الأقل والأكثر الارتباطيين لا يصير أن تصلي صلاة تسعة أجزاء بدون الجزء العاشر القراءة وتقول أنا امتثلت أمر الصلاة ما يصير أنت تمتثل الصلاة ذات الشرائط الثمانية من دون الشرط الثامن وهو مثلا الطمأنينة أو استقبال القبلة أو الكون على طهارة أو الكون في مكان مباح غير مغصوب.

سؤال ما الفرق بين الأجزاء والشرائط؟ جواب الأجزاء هي داخل المركب الشرائط خارج المركب، تقول يشترط في الصلاة استقبال القبلة هذا خارج الصلاة، الصلاة في مكان مباح هذا خارج الصلاة، الكون على طهارة من وضوء أو غسل هذا خارج الصلاة بخلاف تقول جلسة الاستراحة أو القراءة هذا داخل الصلاة إذن الأجزاء تكون داخل المركب بخلاف الشرائط تكون خارج المركب لكن الأجزاء والشرائط مترابطة في عالم الامتثال.

الخلاصة إذا قالوا لك دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين يعني الشك في الجزئية أو الشك في الشرطية، الشك في جزئية الجزء أو في شرطية الجزء للمركب، عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ذهب الأصوليون إلى أن المورد هو جريان البراءة الشرعية عن الشرط والجزء الزائد بخلاف الإخباريين فقالوا إن المحكم هو أصالة الاحتياط والاشتغال، النتيجة النهائية ذهب الأصوليون إلى أن البراءة تجري في موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر مطلقاً سواء كانا استقلاليين أو ارتباطيين خلافاً لعلمائنا الإخباريين فقد قالوا إن البراءة تجري في الاستقلاليين ولا تجري في الارتباطيين فقالوا عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين تجري أصالة الاحتياط.

الأصوليون يقولون في الشبهة التكليفية شبهة الحكمية مطلقاً تجري البراءة سواء كانت هذه الشبهة وجوبية أو شبهة تحريمية تجري البراءة مطلقاً أما الإخباريون يقولون في الشبهة الحكمية الوجوبية تجري البراءة وأما في الشبهة الحكمية التحريمية تجري أصالة الاحتياط.

إلى هنا قدمنا مقدمتين المقدمة الأولى إن اللفظ المطلق لا يصح التمسك به إلا إذا كان اللفظ المطلق شاملاً للفرد المشكوك من أول الأمر ثم شككنا في قيد زائد.

المقدمة الثانية عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ذهب الأصوليون إلى جريان البراءة وذهب الإخباريون إلى جريان الاحتياط.

لو جاءنا لفظ مجمل أو مبهم، سؤال ما الفرق بين الإجمال والإبهام؟ ما الفرق بين الإجمال والإهمال؟ الإهمال نفس المتكلم يتعمد أن لا يورد جميع الخصوصيات نفس المتكلم يورد خصوصيات معينة ولا يورد جميع الخصوصيات بخلاف الإجمال فإن الإجمال عبارة عن تشريع الحكم على موضوعه في الجملة مع تعلق غرض المتكلم بعدم بيان جميع الجهات الدخيلة في الحكم، استغفر الله الإجمال هناك قصور في الدليل الإهمال هناك تعمد من المتكلم هذا الفارق بين الإجمال والإبهام، الإجمال يعني الدليل الذي وصلنا قاصر عن بيان جميع الخصوصيات وأما الإهمال المتكلم بنفسه تعمد أن يهمل بعض الخصوصيات هذا الفارق بينهما وإلا قد يكون المتكلم جاء بجميع الخصوصيات لكن المقدار الذي وصلنا هذا الدليل الذي وصلنا فيه قصور لبعض الخصوصيات لم تذكر بعض الخصوصيات.

جاءنا خطاب هذا الخطاب إما فيه إجمال يعني وصلنا وفيه قصور أو فيه إهمال يعني المتكلم تعمد بعض الخصوصيات لم يوردها هذا الخطاب المطلق هل يصح التمسك به وبإطلاقه إذا شككنا في جزئية جزء أو شرطية جزء أو لا؟ المقدمة الأولى إن اللفظ المطلق لا يصح التمسك به إلا إذا كان شاملاً للفرد المشكوك من أول الأمر، جاءنا خطاب مطلق أقيموا الصلاة شكينا أقيموا الصلاة هل يشمل الصلاة التي ليس فيها قراءة أو لا، بناء على قول الصحيح من يلتزم بأن الصلاة موضوعة لخصوص اللفظ الصحيح صاحب الأجزاء العشرة الذي فيها القراءة لا يصح التمسك بخطاب أقيموا الصلاة لأننا لا نحرز أن لفظ الصلاة يشمل الصلاة من دون قراءة لأن الصحيح يقول لفظ الصلاة وضع للفرد الأتم المكون من عشرة أجزاء فلفظ الصلاة ما يشمل بناء على الصحيح، ما يمكن التمسك بإطلاقه إذا ما أمكن التمسك بإطلاقه الإطلاق هذا دليل محرز دليل اجتهادي نرجع إلى الأصل العملي دليل فقاهتي أصل عملي هنا يصير دار الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، صلاة زائد قراءة صلاة بدون قراءة هنا خلاف بين الفقهاء الأصوليون يقولون تجري البراءة عن القراءة الزائدة الإخباريون يقولون لابد من الاحتياط والإتيان بالقراءة هذا بناء على الصحيح بناء على الأعم شككنا هذه الصلاة التي ليس فيها قراءة أو ليس فيها طمأنينة هل يشملها أقيموا الصلاة أو لا؟ نعم يشملها، لماذا؟ لأن عنوان الصلاة موضوع للأعم من الصحيح والفاسد الأعم من الصلاة ذات العشر أجزاء أو الأقل فيمكن التمسك بالإطلاق، النتيجة النهائية أول ثمرة من ثمار الصحيح والأعم أنه بناء على الصحيح لا يصح التمسك بإطلاق الخطاب المجمل أو المهمل لأن الخطاب المطلق لا يشمل الفرد الناقص من أول الأمر ما ينطبق على الفرد الفاقد للشرطية أو الجزئية فلا يصح التمسك به فصار انعدم الدليل اللفظي التمسك بالإطلاق هذا الدليل اللفظي الدليل المحرز الاجتهادي عدم نرجع إلى الأصل العملي هذا من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين فتجري فيه البراءة بناء على مسلك الأصوليين أو تجري أصالة الاحتياط بناء على مسلك الإخباريين.

وأما بناء على قول الأعم من قال بالأعم لفظ الصلاة يشمل الصلاة الناقصة من أول الأمر فيصح التمسك به إذا صح التمسك به لا تصل النوبة إلى الأصل العملي حتى تقول دار الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.

ومنها من الأمور الخمسة التي هي مقدمة للأمر العاشر أن ثمرة النزاع أجمال الخطاب يعني يكون الخطاب مجملاً على القول الصحيحي يعني بناء على القول الصحيح يعني من قال بأن ألفاظ العبادة موضوعة للصحيح يكون الخطاب مجمل إذا الخطاب مجمل لا يصح التمسك بالإطلاق وعدم جواز، وعدم هذا عطف بيان يعني إذا الخطاب مجمل لا يجوز الرجوع إلى إطلاقه إلى إطلاق الخطاب في رفع ما إذا شك في جزئية شيء للمأمور به، جزئية الجزء مثل القراءة جلسة الاستراحة شكينا هل هي جزء للصلاة أو لا بعد لا تستطيع أن ترفع الشك بالتمسك بالإطلاق هذه في رفع ما إذا شك، أذكر العبارة كلها بسلاسة، ومنها أن ثمرة النزاع أنه يحصل إجمال في الخطاب بناء على من ذهب إلى أن ألفاظ العبادة موضوعة للصحيح فلا يجوز الرجوع إلى إطلاق الخطاب في رفع الشك في الجزئية أو الشرطية للمأمور به أصلاً وأبدا.

وعدم جواز الرجوع إلى إطلاقه ـ الخطاب ـ في رفع ما إذا شك في جزئية ـ يعني في رفع الشك في الجزئية ـ شيء في القراءة للمأمور به ـ الصلاة ـ أو شرطيته أصلا يعني أو شرطية شيء للمأمور به أصلا أبداً، لاحتمال هذه لاحتمال تعني للإجمال، هو قال إجمال الخطاب لماذا الخطاب مجمل؟ الصلاة مؤلفة من عشرة أجزاء يعني العشرة الأجزاء كلها داخلة في المأمور به والصلاة فيها أركان خمسة هذه الأركان الخمسة مأمور بها وكذلك داخلة في المسمى فهذا الشيء الذي يشك في جزئيته يحتمل أنه مقوم للمسمى فإذا ما وجد مسمى الصلاة ينعدم فيصير خطاب الصلاة أقم الصلاة يصير مجمل ما يشمل، لاحتمال هذا تعليل لإجمال الخطاب، لاحتمال دخوله دخول الشيء المشكوك في المسمى، في مسمى العبادة كما لا يخفى لماذا يحتمل؟ لأنه مشكوك وكما هو مأمور به قطعاً يحتمل أنه داخل في المسمى، هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني الآن يبين الثمرة بالعكس بالنسبة إلى الأعم ما يصير إجمال في الخطاب ويجوز يرجع يتمسك بالإطلاق، هذا الشق الثاني بالنسبة إلى الأعم. قال وجواز الرجوع إليه يعني إلى إطلاق الخطاب في ذلك يعني في المشكوك جزئيته أو شرطيته على القول الأعمي يعني بناء على القول بالأعم يجوز لكن بالنسبة إلى الأعم يوجد شرطان:

الشرط الأول أن يكون المتكلم في مقام البيان، أحياناً المتكلم ليس في مقام بيان كل الخصوصيات أحياناً المتكلم في مقام بيان أصل التشريع من دون تفاصيل فما يصير أن تتمسك أقيموا الصلاة في مقام بيان كتب عليكم الصيام واغلب الخطابات القرآنية هي في مقام بيان أصل التشريع وليست في مقام بيان جميع الخصوصيات.

الشرط الثاني أن يكون المشكوك في جزئيته ليس داخلاً في المسمى وقوام العبادة لأنه إذا داخل في مسمى العبادة الشك فيه يعني شك في صدق أصل العبادة ومسمى العبادة إذن يجوز للأعم أن يتمسك بإطلاق ألفاظ العبادات بشرطين، الشرط الأول أن يكون المُطلِق في مقام البيان من جهة بيان الخصوصيات لا أن يكون في مقام بيان أصل التشريع وغض النظر عن الخصوصيات.

ثانياً يشترط أن لا يكون هذا الجزء المشكوك فيه داخلاً في المسمى وأما إذا كان داخل في المسمى ففي هذه الحالة لا يمكن التمسك بالإطلاق لأن إذا شكيت في جزئية ركن فإن المسمى لا يصدق إذا المسمى ما صدق ما يصير تتمسك بعموم إطلاق اللفظ الوارد بشأنه.

الشرط الأول في غير يعني يصح للأعم أن يتمسك بالإطلاق في غير ما يعني في غير المورد الذي احتمل دخوله يعني احتمل دخول الشيء المشكوك فيه، فيه يعني في المسمى مما شك في جزئيته أو شرطيته.

الشرط الثاني نعم لابد في الرجوع إليه إطلاق الخطاب فيما ذكر يعني بناء على القول الأعم، من كونه يعني كون الإطلاق وارداً مورد البيان يعني وليس في مقام بيان أصل التشريع من دون النظر إلى سائر الخصوصيات كما لابد منه يعني كونه وارداً مورد البيان في الرجوع إلى سائر المطلقات يعني لكي تتمسك بالمطلقات لابد أن تحرز أنها في مقام بيان جميع الخصوصيات وبدونه يعني وبدون كونه وارداً مورد البيان لا مرجع أيضاً يعني لا يوجد مرجع وهو التمسك بإطلاق الخطاب إلا البراءة والاشتغال يعني إلا إلى الأصل العملي وهو البراءة والاشتغال، البراءة على مسلك الأصوليين الاشتغال على مسلك الإخباريين.

يقول على الخلاف يعني بين الأصوليين والإخباريين في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، هذا تمام الكلام في بيان الثمرة الأولى، الثمرة الثانية وقد أنقدح بذلك الثمرة الثالثة وربما قيل بظهور الثمرة في النذر أيضاً وقد أنقدح بذلك يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo