< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقدمة، الامر الثالث عشر /سادسها الأصل في المسألة

 

قال الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" سادسها أنه لا أصل في نفس هذه المسألة يعول عليه عند الشك.[1]

 

خلاصة الدرس

وصلنا إلى الأمر السادس من الأمر الثالث عشر من مقدمات كفاية الأصول الأمر الثالث عشر والأخير من مقدمات الكفاية حول المشتق والأمر السادس والأخير من مقدمات الأمر الثالث عشر حول بيان الأصل اللفظي والأصل العملي للمشتق فقبل الدخول في صميم البحث عن المشتق ودراسة الأقوال وترجيح الأقوال لابد من بيان مقتضى الأصل اللفظي والأصل العملي للمشتق بحيث إذا لم يتم لدينا أي قول من هذه الأقوال المذكورة في المشتق فإننا نرجع إلى مقتضى الأصل اللفظي إن وجد فإن لم يثبت لدينا أصل لفظي رجعنا إلى مقتضى الأصل العملي والمراد بالأصل اللفظي الدليل اللفظي الذي يثبت وضع المشتق لأي معنى فهل يوجد لدينا دليل لفظي يثبت أن المشتق موضوع لخصوص من تلبس بالمبدأ في الحال أو للأعم ممن تلبس وانقضا عنه التلبس.

قد يقال يوجد دليلان يدلان على العموم للمشتق وأن لفظ المشتق موضوع للعموم، الشيخ الآخوند "رحمه الله" يذكر كلا الدليلين ويناقش كلاً منهما بمناقشتين فتكون النتيجة عدم تمامية كلا الدليلين لمناقشين فلا يثبت الأصل اللفظي فيقع الكلام بعد ذلك في مقتضى الأصل العملي إذن الآن نبحث في مقتضى الأصل اللفظي وأن الأصل اللفظي يدل على العموم لا خصوص التلبس بالمبدأ.

الدليل الأول استصحاب عدم الخصوصية فإننا نشك هل لفظ المشتق وضع لخصوص من تلبس بالمبدأ في الحال أم وضع للعموم وللأعم ممن تلبس بالمبدأ ومن أنقضا عنه التلبس، كنا على يقين من عدم وجود الخصوصية فشككنا في ثبوت الخصوصية لا تنقض اليقين بالشك نستصحب عدم الخصوصية يعني المشتق لم يوضع لخصوص من تلبس بالمبدأ في الحال إذ أن الأصل العدم فإذا نفينا الخصوصية ثبت العموم فيثبت أن المشتق قد وضع للعموم ببركة الاستصحاب المستفاد من الأدلة اللفظية، مقتضى الاستصحاب استصحاب عدم ثبوت الخصوصية وباستصحاب عدم الخصوصية يثبت العموم وفيه مناقشتان، أحداهما من جهة المانع والأخرى من جهة المقتضي.

أما المناقشة الأولى وهي من جهة المانع فإن استصحاب الخصوصية معارض باستصحاب العموم فكما أن الأصل عدم الخصوصية الأصل أيضا عدم العموم فاستصحاب عدم الخصوصية التي تثبت العموم معارض بمانع وهو استصحاب عدم العموم الذي يثبت الخصوصية تعارضا تناطحا تساقطا، يتعارض استصحاب عدم الخصوصية مع استصحاب عدم العموم فيسقط الاستصحابان ولا يتم الاستدلال بهما.

وأما المناقشة الثانية فهي من جهة المقتضي فحتى لو قلنا أنه لا معارضة وأنكرنا وجود معارضة بين استصحاب عدم الخصوصية واستصحاب عدم العموم نقول إن استصحاب عدم الخصوصية لا مقتضي لجريانه لا يجري أبداً.

أصالة الإطلاق أصالة العموم أصالة الظهور وغيرها من هذه الأصالات دليلها واحد وهو السيرة العقلائية والعقلاء يجرون الأصالات فيما إذا ترتبت ثمرة عملية ولا يجرون الاصالات إذا ترتبت ثمرة نظرية وليست عملية وبالتالي التفرقة بين موردين:

المورد الأول إذا أطلق المتكلم لفظا وشككنا في مراده هل أراد المعنى الحقيقي أو أراد المعنى المجازي في هذه الحالة نقول الأصل عدم المجازية فيثبت الاستعمال الحقيقي وإجراء أصالة عدم المجازية تترتب عليها ثمرة عملية وهي كشف مراد المتكلم فحينما تكلم المتكلم وقال رأيت أسدا وشككنا هل أراد المعنى الحقيقي وهو الحيوان المفترس أو أراد المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع نقول نجري أصالة عدم المجازية فيثبت الاستعمال الحقيقي وتثبت ثمرة عملية وهي كشف مراد المتكلم هذه ثمرة عملية إذن السيرة العقلائية تجري العقلاء يجرون أصالة عدم المجازية لوجود ثمرة عملية وهي كشف مراد المتكلم.

ولكن لو شككنا أن لفظ أسد موضوع إلى الحيوان المفترس أو ليس موضوعاً للحيوان المفترس هنا الشك في الوضع، فهل يقول العقلاء الأصل عدم الوضع فنجري هنا أصالة عدم وضع لفظة الأسد للحيوان المفترس فيثبت أن لفظ الأسد ليس موضوعاً للحيوان المفترس العقلاء لا يجرون هذه الأصالة لأنه لو أجريناها تثبت ثمرة نظرية، لفظ الأسد أثبتنا أنه وضع للحيوان المفترس أو أثبتنا أنه لم يوضع للحيوان المفترس هذه ثمرة علمية معرفية نظرية ليست ثمرة عملية ليس فيها اكتشاف لمراد المتكلم، إذن العقلاء يجرون الأصول العقلائية إذا ترتبت ثمرة عملية والثمرة العملية من أمثلتها اكتشاف مراد المتكلم كما لو دار مراده بين المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي فإنهم يجرون أصالة عدم المجاز لإثبات أن مراد المتكلم هو المعنى الحقيقي لكن العقلاء لا يجرون الأصالة فيما إذا دار الأمر بين الوضع أو عدم الوضع وهذا موطن بحثنا أنت تريد تجري أصالة عدم الخصوصية أو أصالة عدم العموم لإثبات أن المشتق موضوع للخصوص أو للعموم فهذا بحث في أصل الوضع ولم يثبت أن العقلاء قد جرت سيرتهم لإثبات أصل الوضع بمثل هذه الأصالات لأنه لا توجد ثمرة عملية وإن وجدت ثمرة نظرية.

الخلاصة، بحثنا هل يوجد أصل لفظي يدل على أن المشتق موضوع لخصوص من تلبس بالمبدأ في الحال أو المشتق موضوع للعموم من تلبس بالمبدأ ومن قضى عنه التلبس، الدليل الأول التمسك بالاستصحاب، استصحاب عدم الخصوصية وهذا يثبت العموم، هذا الدليل الأول يناقش بمناقشتين:

المناقشة الأولى من حيث المانع استصحاب عدم الخصوصية معارض بمانع وهو استصحاب عدم العموم.

المناقشة الثانية من حيث المقتضي يعني أصالة عدم الخصوصية في نفسها لا تجري لأن الأصالة تجري فيما إذا ترتبت ثمرة عملية والأصل الذي يثبت الوضع أو عدم الوضع ليس فيه ثمرة عملية فالأصالة إنما تجري لكشف مراد المتكلم وكشف استعمال المتكلم ولا تجري لإثبات وضع الواضع أو عدم وضعه فلا دليل على جريان هذه الأصالة.

 

تطبيق العبارة

سادسها أنه لا أصل في نفس هذه المسألة يعني لا يوجد أصل لفظي، في نفس هذه المسألة يعني مسألة المشتق، يعول عليه يعني يرجع إليه عند الشك يعني عند الشك في أن المشتق موضوع للخصوص أو العموم لا يوجد أصل لفظي يمكن أن يرجع إليه وأصالة عدم ملاحظة الخصوصية يعني استصحاب أصالة عدم ملاحظة الخصوصية هذا الدليل الأول يناقش بمناقشتين:

المناقشة الأولى مع معارضتها يعني معارضة أصالة عدم ملاحظة الخصوصية بأصالة عدم ملاحظة العموم، هذه المناقشة الأولى من حيث المانع.

المناقشة الثانية لا دليل على اعتبارها يعني لا دليل على اعتبار ـ لا دليل على حجيتها ـ أصالة عدم ملاحظة الخصوصية في تعيين الموضوع له يعني في تعيين المعنى الموضوع له المشتق لأن الدليل هو سيرة العقلاء والعقلاء لا يجرون الأصالة فيما لا توجد له ثمرة عملية وهنا إجراء الأصالة في تعيين المعنى الموضوع له لا توجد فيه ثمرة عملية وإن وجدت فيه ثمرة نظرية، نعم توجد الثمرة العملية في تعيين المراد إذا دار الأمر بين الاستعمال الحقيقي والاستعمال المجازي إلى هنا تم الدليل الأول.

الدليل الثاني دليل لفظي على العموم أن المشتق موضوع للعموم، يدور الأمر بين الحقيقة والمجاز وبين الاشتراك المعنوي يعني لفظ المشتق إما أن نقول هو حقيقة في الخصوص ومجاز في العموم أو أن نقول إن لفظ المشتق له معنى واحد مشترك بين الخصوص والعموم فيصير المشتق مشترك معنوي مثل لفظ ماء، ماء له معنى واحد لكن له مصاديق ومعاني مختلفة يصدق على ماء البيت يصدق على ماء البئر يصدق على ماء النهر فجميع مصاديق الماء تشترك في معنى واحد ومثل لفظ تراب يوجد تراب احمر وتراب اصفر وتراب أبيض وما شاكل ذلك المشتركات المعنوية كثيرة لفظ كتاب مشترك معنوي، دفتر مشترك معنوي، خاتم مشترك معنوي إذن إذا قلنا المشتق مشترك معنوي هذا يثبت العموم إذا قلنا لفظ المشتق مشترك معنوي يعني من تلبس بالمبدأ يصدق عليه أنه مشتق ومن قضى عنه التلبس أيضا يصدق عليه أنه مشتق فصار لفظ المشتق مشتركاً معنوياً بين الخصوص والعموم إذن دار الأمر إما أن نقول المشتق مشترك معنوي بين الخصوص والعموم وإما أن نقول إن المشتق استعمال حقيقي في الخصوص واستعمال مجازي في العموم وإذا رجعنا إلى الاستعمالات في اللغة العربية وجدنا أن الألفاظ المشتركة معنويا أكثر بكثير من الحقيقة والمجاز فالمشترك المعنوي غالب والحقيقة والمجاز مغلوب ونحن مع الغالب لا المغلوب.

يدور أمر المشتق بين أن يكون مشتركاً معنويا بين من تلبس بالمبدأ بالحال ومن قضى عنه التلبس فيثبت العموم وبين أن يكون المشتق قد استعمل استعمالا حقيقيا في خصوص من تلبس بالمبدأ كما يكون قد استعمل استعمالا مجازيا في من قضا عنه التلبس صار الحقيقة والمجاز يثبت الخصوص والمشترك المعنوي يثبت العموم إذا رجعنا إلى الألفاظ في اللغة العربية أيهما أكثر استعمالا الألفاظ الحقيقية والمجازية أو الألفاظ المشتركة في المعنى؟ الجواب الأغلب الألفاظ المشتركة في المعنى إذن نلتزم بغلبة المشترك المعنوي فيثبت أصل لفظي وهو أن المشتق قد وضع للعموم.

الجواب مناقشة الصغرى والكبرى، الصغرى أولا نحن لا نسلم الغلبة من قال إن المشترك المعنوي غالب والحقيقة والمجاز مغلوب، الحقيقة والمجاز كثير في اللغة العربية يمكن الحقيقة والمجاز غالب والمشترك المعنوي مغلوب كلاهما كثير إما بينهما تساوي أو غالب ومغلوب إذن نحن ننكر الصغرى غلبة المشترك المعنوي.

ثانيا لو سلمنا الصغرى أن المشترك المعنوي غالب والحقيقة والمجاز مغلوب من قال إن الغالب مناط للحجية وملاك للحجية من قال إن مجرد الغلبة يوجب التقديم؟ هذا أول الكلام من أين نحن مع الغالب دون المغلوب؟ لا يصير.

وأما ترجيح المشترك المعنوي على الحقيقة والمجاز هذا الدليل الثاني الذي يثبت الأصل اللفظي ترجيح الاشتراك المعنوي يعني يصير لفظ المشتق مشترك معنوي بين من تلبس بالمبدأ ومن انقضى عنه التلبس على الحقيقة والمجاز يعني المشتق حقيقة في خصوص من تلبس بالمبدأ ومجاز في من قضا عنه التلبس، الترجيح المشترك المعنوي يثبت العموم إذا دار الأمر بينهما يعني بين الاشتراك المعنوي وبين الحقيقة والمجاز، ترجيح المشترك المعنوي بأي ملاك؟ قال لأجل الغلبة يعني لأجل غلبة المشترك المعنوي على الحقيقة والمجاز، فممنوع المناقشة الأولى صغرى لمنع الغلبة أولا منع الصغرى، نمنع أن يكون المشترك المعنوي غالب والحقيقة والمجاز مغلوب هذا أول الكلام يمكن بينهما تساوي يمكن الحقيقة والمجاز غالب والمشترك المعنوي مغلوب ويمكن لا غالب ولا مغلوب تساوي.

ثانياً قال ومنع نهوض حجة على الترجيح بها ـ بالغلبة ـ يعني نمنع الكبرى ونمنع نهوض حجة يعني نمنع قيام دليل على الترجيح بها يعني على الترجيح بالغلبة.

إلى هنا اتضح أن الدليل اللفظي لم يتم فلا يوجد دليل لفظي نرجع إليه في مسألة المشتق سؤال لو شككنا ويقع الكلام في الأصل العملي هل يوجد أصل عملي يجري أو لا؟ الجواب نعم ولكن جريان الأصل العملي يختلف باختلاف حيثية الحدوث وحيثية البقاء، هذا المثال بل المثالين أكرم كل عالم، أكرم يعني يجب الإكرام في وجوب، يجب إكرام كل عالم، حينما قلت أكرم كل عالم كان عالم موجود يشمله أكرم كل عالم أو لا؟ نعم أخذنا الهدية ونذهب نكرمه أغمي عليه استجل فقد الذاكرة هذه حيثية حدوث، حدوثاً كان عالم لما وقع الإيجاب عليه لما أوجبنا الإكرام كان العلم حادث عنده لكن لم يبقى، العلم ما بقى، أكرم كل عالم عند الإيجاب كان الشخص عالماً بعد ذلك فقد الذاكرة شككنا يجب إكرامه أو لا الاستصحاب يقول لا تنقض اليقين بالشك، كنا على يقين من وجوب إكرامه شككنا في بقاء وجوب إكرامه بعد فقده للذاكرة لا تنقض اليقين بالشك يجب إكرامه، إذن بلحاظ حيثية البقاء يجري الاستصحاب ويجب الإكرام لكن لاحظ بلحاظ حيثية الحدوث هذا عالم لا أحد قال أكرم كل عالم لما خرف قالوا أكرم كل عالم لما صدر الإيجاب ما كان عالم، العلم ما موجود غير حادث زال هل يجب إكرامه، شك في التكليف شك في الوجوب تجري البراءة (رفع عن أمتي ما لا يعلمون)[2] إذن صاحب الكفاية يقول مقتضى الأصل العملي إذا حيثية حدوث ما موجودة بعد تجري البراءة وأما إذا حيثية وجود موجودة شككنا بلحاظ مرحلة البقاء هنا الاستصحاب محكّم وجار لا تنقض اليقين بالشك.

وأما الأصل العملي فيختلف في الموارد يعني في مورد الحدوث وفي مورد البقاء فأصالة البراءة التي تجري عند الشك في الحدوث عند الشك في التكليف موضوعها الشك في التكليف عند الشك في حدوث موضوع التكليف فأصالة البراءة في مثل أكرم كل عالم يقتضي عدم وجوب إكرام من قضا عنه المبدأ قبل الإيجاب يعني قبل إيجاب الإكرام لكل عالم يعني هنا عندما حصل الإيجاب وجوب إكرام كل عالم لم تكن حيثية العالمية موجودة بما أن العالمية غير موجودة غير حادثة تجري البراءة.

كما أن قضية الاستصحاب يعني كما أن مقتضى الاستصحاب وجوبه يعني وجوب إكرام من قضى عنه المبدأ لو كان الإيجاب قبل الانقضاء يعني لو كان إيجاب أكرم كل عالم قد حصل قبل الانقضاء يعني قبل انقضاء التلبس يعني صدر أكرم كل عالم وهو عالم ثم بعد ذلك خرف أغمي عليه زالت ذاكرته هنا مقتضى الاستصحاب وجوب الإكرام.

إلى هنا اتضح في المقدمة السادسة والأخيرة من بحث المشتق أنه لا يوجد أصل لفظي في المسألة لا يقتضي العموم ولا يقتضي الخصوص ويوجد أصل عملي يختلف باختلاف الموارد فعند الشك في الحدوث تجري أصالة البراءة وعند الشك في البقاء يجري الاستصحاب فعرفنا مقتضى الأصل العملي في بحث المشتق إن كان المورد من موارد الشك في الحدوث تجري أصالة البراءة وإن كان المورد من موارد الشك في البقاء يجري الاستصحاب بعد ذلك يشرع صاحب الكفاية في بيان الأقوال في المسألة ويقول المشهور قولان قول بأن المشتق موضوع لخصوص من تلبس بالمبدأ والقول الثاني المشتق موضوع للعموم من تلبس بالمبدأ ومن قضى عنه التلبس لكن المتأخرين شققوا أكثر فذكروا ستة أقوال بيان هذه الأقوال والمناقشة فيها بعد تمامية المقدمات الست فيما مضى يأتي الكلام على بحث المشتق فيما يأتي فإذا عرفت ما تلونها عليك يعني من المقدمات الست فأعلم أن الأقوال في المسألة وإن كثرت سيأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo