< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقدمة، الامر الثالث عشر /السادس عدم اعتبار التليس الحقيقي في صدق المشتق

 

قال الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" ففي صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له تعالى مفهوما.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الأمر الخامس من الأمور التي ذكرها صاحب الكفاية في خاتمة بحث المشتق وهو البحث الثالث عشر والمقدمة الأخيرة من مقدمات كتاب كفاية الأصول، في ختام البحث الثالث عشر وهو المشتق ذكر صاحب الكفاية أمورا تحت عنوان بقي أمور، الأمر الخامس كان في اعتبار قيام المبدأ بالذات أو عدم اعتباره ذكرنا ثلاثة أقوال:

القول الأول عدم اعتبار قيام المبدأ بالذات ففي لفظ ضارب ومؤلم لا يقوم الألم والضرب بالضارب والمؤلم وإنما يقوم بالمضروب والمؤلم.

القول الثاني لصاحب الفصول وهو اعتبار قيام المبدأ بالذات ولكن في خصوص الصفات الإلهية يوجد نقل ومجاز فحينما تقول زيد عالم زيد قادر فلابد من وجود الاثنينة والتغاير بين زيد والعالم ولابد من قيام وحلول العلم بزيد ولكن بالنسبة إلى الذات الإلهية لا يمكن أن نلتزم بالاثنينية والمغايرة بين الذات والصفة إذ أن الصفات عين الذات بالنسبة إلى الذات الإلهية لذلك في قلونا الله عالم الله قادر نلتزم بالنقل والتجوز بأن نقول إن لفظ العالم المحمول على زيد هو بمعنا آخر غير معنى العالم الذي حمل على الذات الإلهية وبسبب هذا النقل في المعنى صار لفظ العالم الذي يحمل على الذات الإلهية لا يصح حمله على زيد وغيره من الممكنات لأن معنى عالم وقادر وغيرهما من الصفات الإلهية كأسماء الله الحسنى التسعة وتسعين إنما تحمل على الله وعلى الذات الإلهية بمعنا آخر وبمعنى منقول عن المعنى الذي حملت فيه المشتقات على سائر الممكنات فلفظ عالم وحكيم وقادر وحي الذي يطلق على زيد هو بمعنى آخر غير المعنى الذي يحمل فيه لفظ عالم وحي وحكيم وحي على الذات الإلهية إذ أن هذه الألفاظ التي تحمل على الذات الإلهية بمعنى آخر منقول.

القول الثالث لصاحب الكفاية قدس فهو يرى أنه لكي يصح الحمل لابد من قيام المبدأ بالذات مطلقا بالنسبة إلى الذات الإلهية وغير الذات الإلهية يعني في الواجب والممكن إذا أردنا أن نحمل الصفات عليهما فلابد من قيام المبدأ بالذات، غاية ما في الأمر بالنسبة إلى الممكنات يوجد اتحاد خارجي فحينما تقول زيد عالم يعني في الخارج يوجد اتحاد بين زيد وبين عالم وتوجد اثنينية بين زيد وبين عالم ولكن حينما تقول الله عالم في الخارج يوجد شيء واحد هو الذات الإلهية وهو العلم يعني يوجد اتحاد عيني بين عين الذات وعين الصفة ولكن يوجد ما يصحح حمل لفظ عالم على الذات الإلهية وهو التغاير المفهومي فمفهوم الذات الإلهية غير مفهوم لفظ عالم ومفهوم حي وقادر وحكيم يختلف عن مفهوم الذات الإلهية وبما أنه لكي يصح الحمل لابد من وجود جهة اتحاد وجهة تغاير فهذا الشرط أيضا موجود في حمل الصفات الإلهية على الذات الإلهية إذ يوجد جهة الاتحاد وهو الخارج ويوجد جهة افتراق واختلاف وتغاير وهي الجانب المفهومي.

يقول صاحب الكفاية لكي يصح الحمل لابد من قيام المبدأ بالذات ولابد من تلبس المبدأ بالذات غاية ما في الأمر إن التلبس على أنحاء، التلبس إما أن يكون بنحو الحلول كقولنا ميت، حي وإما بنحو الصدور كقولنا ضارب، قاتل، يعني صدر منه الضرب أو القتل وإما بنحو الوقوع عليه كقولنا مقتول وإما بنحو المفعول فيه كقولنا مقتل فإذن هناك أنحاء للتلبس أنحاء للقيام ومن أنحاء القيام والتلبس الاتحاد العيني فالإتحاد العيني مصداق من مصاديق القيام والتلبس.

إشكال قد يقال إن العرف لا يفهم ذلك أنه يوجد قيام وهذا القيام له أنحاء ومن أنحاءه التلبس العيني والاتحاد العيني فالعرف لا يفهم ولا يتصور الاتحاد العيني وجوابه متى نرجع إلى العرف، نرجع إلى العرف في تحديد المفاهيم لا تعيين مصاديق المفاهيم فإذا استخدم الشارع المقدس مفهوما ولم يضع ضابطة لذلك المفهوم فإننا نرجع في تشخيص تلك الضابطة إلى العرف، مثلا الغناء حرام فالموضوع هو الغناء فتارة يضع الشارع ضابطة للغناء فلا نرجع إلى العرف كما لو قال الشارع المراد من الغناء هو ما يناسب مجالس أهل اللهو والطرب أو المراد من الغناء الصوت المطرب وتارة لا يعين الشارع المقدس مفهوم الغناء قال الغناء حرام والشارع يخاطب العرف فإذن مراد الشارع من الغناء المعنى العرفي للغناء فنرجع إلى العرف لتشخيص الغناء يعني لتشخيص مفهوم الغناء ولو افترضنا أن العرف شخص موضوع الغناء وقال الغناء هو الصوت المشتمل على الترجيع، الترديد الخاص وتحدث فلان وشككنا هل صوته يصدق عليه غناء أو لا فحينئذ لا نرجع إلى العرف نحن نرجع إلى العرف في تحديد المفهوم لا في تشخيص مصداق المفهوم فلو جاءنا مورد وهذا المورد بالدقة العقلية يشكل مصداقا لذلك المفهوم لكن العرف لا يلتفت إليه ففي هذه الحالة تثبت المصداقية، إذن الخلاصة نحن نرجع إلى العرف في تحديد المفاهيم التي لم يحددها الشارع وأما في تشخيص مصاديق المفاهيم فإننا لا نرجع إلى العرف يكفي حكم العقل في هذا المورد وكلامنا من هذا القبيل نحن نقول يشترط في صحة الحمل قيام المبدأ بالذات بأي نحو من أنحاء القيام والتلبس هذه هي الضابطة والتلبس له مصاديق من مصاديقه نحو الصدور نحو الحلول نحو المفعول فيه المفعول به، الاتحاد العيني، العقل هو الذي يحكم بهذا المصداق فلو لم يلتفت إليه العرف فلا يوجد إشكال ومنه يتضح أنما ذهب إليه صاحب الفصول "رضوان الله عليه" ليس بصحيح إذ أن صاحب الفصول "أعلى الله مقامه الشريف" ذهب إلى النقل والتجوز فعندما تقول الله عالم يقول لفظ عالم المستخدم في قولك الله عالم غير لفظ عالم يعني معناه، معناه يختلف عن قولك زيد عالم لأن لفظ عالم المحمول على زيد وعبيد نقل معناها في حملها على الذات الإلهية لذلك لا يصح أن تحمل لفظ عالم المحمولة على الذات الإلهية لا يصح أن تحملها على زيد وعبيد وسائر الممكنات لأن معناها منقول ومعناها مختلف.

صاحب الكفاية يناقش يقول لو قلت الله عالم فما المراد بالعالم؟ يذكر محذورين لا يمكن الالتزام بهما المحذور المحذور الأول يقول لو قلت الله عالم إما عالم بمعنى الذي تنكشف له الأمور أو ما يقابل هذا المعنى لان الأمور تعرف بأضطادها يعني الذي لا تنكشف عنه الأمور وهو الجاهل فيقع المحذور الأول نسبة الجهل إلى الله "عز وجل" لأنك إن قلت إن المراد بالعالم هو الذي تنكشف له الأمور هذا نفس معنى عالم الذي يحمل على زيد وعبيد وإن قلت إن المراد بالعالم ما يقابل هذا المعنى وهو الجاهل بالأمور يلزم نسبة الجهل إلى الله تعالى عنه علوا كبيرا إذن هذا المحذور الأول إن التزمت أن المراد بالعالم ما تنكشف له الأمور أو ما يقابله وهو الجاهل بهذه الأمور.

المحذور الثاني أو تلتزم بمحذور آخر غير المعنى الأول تلتزم بمعنى آخر غير معنى من تنكشف له الأمور أو ما يقابله يلزم من ذلك أن يكون لفظ عالم لقلقة لسان ما هو المعنى الآخر؟ نحن لا نعقل معنى آخر غير أحد هذين الضدين إما عالم بمعنى من تنكشف له الأمور أو الذي لا تنكشف له الأمور إذا أردت معنى ثالث غير هذين المعنيين هذا المعنى لا نفقهه ولم نشخصه اذكره لنا فالقول به عبارة عن لقلقة لسان يعني تقول الله عالم الله قادر الله حي، يقول لك يعني الحياة مثل الحي؟ كلا معنى آخر القدرة كلا معنى آخر، العلم معنى آخر صارت كل أسماء الله الحسنى لقلقة لسان وهذا ليس بصحيح.

والعجب العجاب أن صاحب الفصول قال بسبب النقل ما يصح حمل هذه المشتقات المحمولة على الذات الإلهية لا يصح حملها على سائر الممكنات مما عدى الذات الإلهية مع أنه لا وجه لحصول النقل، النتيجة النهائية القول قول المشهور المؤيد المنصور من اشتراط قيام المبدأ بالذات مطلقا يعني في الواجب والممكن معا بالنسبة إلى الذات الإلهية وبالنسبة إلى غيرها من سائر الممكنات غاية ما في الأمر أن القيام والتلبس له أنحاء في الممكنات وله نحو واحد في الواجب وهو خصوص الاتحاد العيني.

 

تطبيق العبارة

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" ففي صفاته ـ صفات الله ـ الجارية عليه يعني المحمولة عليه مثل عالم قادر حكيم، يكون المبدأ مثل مبدأ العلم والحكمة مغايرا له ـ مغايرا لله تعالى ـ لكن مغايرا له مفهوما، مفهوم الله غير مفهوم العدل غير مفهوم العلم والحكمة وقائما به عينا يعني ويكون المبدأ قائما به بالذات الإلهية عينا يعني من ناحية العين الخارجية يوجد اتحاد وقيام لكنه هذا القيام بنحو من القيام، لكنه بنحو من القيام، ما هو هذا النحو؟ الاتحاد العيني يعني في الخارج عين واحدة هي الذات وهي الصفة وليس بالقيام الاثنيني كما في سائر الممكنات لذلك يقول لا بأن يكون هناك اثنينية، اثنينية يعني بين الذات وبين الصفة، وكان ما بحذائه غير الذات يعني وكان ما بحذائه تعالى ما بحذائه يعني ما يقابله من الصفات يعني ما يقابل الله من الصفات، غير الذات هذه الاثنينية يعني عندنا في الخارج ذات وعندنا ما يقابلها وهو الصفات، هذا غير صحيح بل بنحو الاتحاد والعينية يعني الاتحاد بين الذات والصفة والعينية يعني الصفة عين الذات والذات عين الصفة وكان ما بحذائه يعني وكانت الصفة التي بحذائه يعني بحذاء الله يعني مقابل الله، عين الذات يعني الذات هي عين الصفة والصفة عين الذات، إلى هنا قرر المطلب ثم يجيب على إشكال قد يقال العرف لا يلتفت إلى هذا النحو من التلبس والقيام وهو الاتحاد العيني يقول لا يضر أن لا يلتفت إليه لذلك دفع دخل مقدر.

وعدم اطلاع العرف على مثل هذا التلبس ـ التلبس بنحو الاتحاد العيني ـ من الأمور الخفية هذا النحو من التلبس من الأمور التي تخفى على العرف، يقول لا يضر هذا خبر وعدم اطلاع ومبتدأ، لا يضر بصدقها عليه تعالى، بصدقها الهاء تعود على صفاته الجارية عليه يعني صفات الله، لا يضر بصدقها ـ بصدق الصفات الإلهية ـ عليه تعالى يعني انطباقها عليه على نحو الحقيقة يعني تصدق عليه حقيقة يعني بنحو الاستعمال الحقيقي لا بنحو الاستعمال المجازي والنقل كما ذهب إلى ذلك صاحب الفصول "رحمه الله" إذا كان لها يعني للصفات مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة يعني ينطبق على الله انطباقا حقيقيا، ولو يعني حتى لو كان الانطباق بتأمل وتعمل من العقل، ما هو التأمل والتأمل العقلي هنا؟ الاتحاد العيني لأن العقل يقول إذا هناك في الخارج اثنينية ذات وصفات يلزم التركيب، التركيب يعني الاحتياج يكون المركب يحتاج إلى كلا الجزأين والله "عز وجل" منزه عن الحاجة ولو بتأمل من العقل والعرف إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم يعني المفاهيم التي لم يعينها الشارع وإلا لو عينها الشارع ما نرجع إلى العرف يصير موضوع مستنبط العرف يصير مرجعا في تعيين المفاهيم غير المستنبطة هناك مواضيع مستنبطة.

والعرف إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم، المفاهيم غير المستنبطة لا في تطبيقها ـ تطبيق المفاهيم على مصاديقها ـ وبالجملة يكون مثل العالم والعادل وغيرهما مثل القادر من الصفات الجارية عليه تعالى يعني المحمولة عليه تعالى وعلى غيره ـ على غير الله ـ يعني من سائر الممكنات يعني الصفات تحمل على الواجب والممكن بمعنى واحد لا بمعنيين كما يقول صاحب الفصول "رحمه الله".

جارية عليهما يعني محمولة عليهما يعني عليه تعالى وعلى غيره يعني على الواجب والممكن معا، محمولة عليهما بمفهوم واحد ومعنا فارد يعني لا بمفهومين كما يقول صاحب الفصول وإن اختلفا يعني الصفات الجارية على الله والصفات الجارية على غيره، وإن اختلفا فيما يعتبر يعني ما يشترط في الجري يعني في الحمل من الاتحاد وكيفية التلبس بالمبدأ، يعني لكي يصح الحمل يشترط الاتحاد في جهة والتلبس بالمبدأ، ما هو كيفية التلبس؟ الله عالم كيف تلبس الله بالعلم؟ نحو الاتحاد والعينية الله عين العلم والعلم عين الله في قولك زيد عالم كيف تلبس زيد بالعلم؟ بالحلول حل العلم في زيد.

وهكذا مثلا تقول الله عادل زيد عادل، كيف تلبس زيد بالعدل؟ بنحو الصدور، زيد يصدر منه العدل، كيف تلبس الله بالعدل في قولك الله عادل؟ بالاتحاد والعينية الله هو العدل والعدل هو الله لذلك يقول وكيفية تلبس الذات بالمبدأ

حيث إنه يعني التلبس بنحو العينية فيه تعالى يعني تلبس المبدأ بالذات قيام المبدأ بالذات بنحو العينية في الله تعالى وبنحو الحلول أو الصدور في غيره يعني في غير الله من سائر الممكنات هو اللفظ واحد والمعنى واحد، تقول الله قادر، نحو التلبس في الذات الإلهية، الإتحاد والعينية الذات عين القدرة والقدرة عين الذات ولكن نحو التلبس في الممكنات زيد قادر يعني تصدر منه القدرة بنحو الصدور وهكذا تقول الله حي هنا بنحو الاتحاد والعينية، زيد حي يعني حلت فيه الحياة بنحو الحلول حيث إنه بنحو العينية فيه تعالى وبنحو الحلول مثل زيد حي زيد عالم أو الصدور مثل زيد ضارب زيد قاتل في غيره في غير الذات الإلهية

فلا وجه لما التزم به في الفصول الشيخ محمد حسين الغروي في الفصول الغروية[2] صفحة 62 من الطبعة الحجرية، ما التزم به من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعاني يعني الآن حينما تقول زيد عالم، عالم بمعنى تنكشف له الحقائق لكن لما تقول الله عالم، عالم ليس بمعنى تنكشف له الحقائق بمعنى آخر نقل المعنى صار لفظان متحدان في اللفظ مختلفان في المعنى صاحب الكفاية يقول لفظان متفقان في اللفظ ومتفقان في المعنى ومختلفان في نحو القيام والتلبس.

يقول فلا وجه لما التزم به في الفصول من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعاني كما لا يخفى كيف ولو كانت بغير معانيها يعني ولو كانت الصفات المحمولة على الله بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة اللسان وألفاظ بلا معنى فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى، لماذا قال مفاهيم عامة؟ يعني تعم الواجب والممكن تقول عالم قادر حي قيوم تعم الواجب الله "عز وجل" وتعم الممكن مفهوم عام هذا فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم يعني ما هو هذا المعنى الذي هو غير عام يعني معنى خاص بالله تقول الله قادر ليس بالمعنى العام للقدرة الذي يطلق على زيد وعبيد بل بمعنى خاص، الله عالم الله حي ليس بمعنى العلم والحياة التي تحمل على زيد وعبيد نقول لا نفقه هذا المعنى الخاص غير العام فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلا بما يقابلها يعني بما يقابل هذه المفاهيم لأن الأمور تعرف بأضدادها ما هو العدل؟ خلاف الظلم، ما هي الشجاعة؟ خلاف الجبن، ما هو العلم؟ خلاف الجهل ففي مثل ما إذا قلنا إنه تعالى عالم إما أن نعني أنه ـ أن الله "عز وجل" ـ من ينكشف لديه الشيء فهو ذاك المعنى من ينكشف لديه الشيء ذاك المعنى العام، لماذا قال ذلك المعنى العام؟ يعني المعنى الذي يعم الواجب والممكن يصير عالم بمعنى من ينكشف له الشيء يحمل على الواجب وعلى الممكن.

أو أنه مصداق لما يقابل ذلك المعنى يعني الذي لم ينكشف له يعني الجاهل فتعالى عن ذلك علوا كبيرا يعني فتعالى الله عن ذلك يعني عن من لم ينكشف لديه الشيء تعالى الله عن مصداق ما يقابل معنى من ينكشف لديه الشيء يعني يصير الجاهل بانكشاف الشيء الله "عز وجل" يتعالى عن الجهل ننزه عن الجهل فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، هذا هو المحذور الأول، ما هو المحذور الأول؟ يلزم نسبة الجهل إلى الله.

المحذور الثاني إذا قلت ليس المراد المعنى العام من ينكشف له الشيء وليس المراد ما يقابله وهو الجهل المراد معنى ثالث معنى آخر نقول هذا لا نعرف هذا المعنى تصير لقلقة لسان.

وإما أن لا نعني شيئا يعني لا المعنى العام ولا ما يقابله فتكون كما قلناه يعني فتكون أسماء الله صفات الله تكون كما قلنا من كونها ـ كون هذه الصفات ـ صرفا لقلقة يعني لقلقة خالصة وكونها بلا معنى يعني كون الصفات بلا معنى كما لا يخفى

والعجب أنه صاحب الفصول جعل ذلك علة، ذلك يعني نقل المعاني الصفات التي حملت على الله، جعل ذلك يعني جعل نقل هذه المعاني التي تحمل على الذات الإلهية، جعل ذلك ـ النقل ـ علة لعدم صدقها ـ صدق الصفات الإلهية ـ في حق غيره ـ في حق غير الله ـ وهو كما ترى يعني لا دليل عليه لا يوجد دليل على أن الصفة التي تحمل على الله معناها غير معنى الصفة التي تحمل على غير الله من سائر الممكنات لذلك قال وهو كما ترى يعني لا دليل عليه لا دليل على هذا النقل الذي أدعاه صاحب الفصول "رحمه الله".

وبالتأمل فيما ذكرنا اشتراط قيام الذات بالمبدأ وهذا القيام له أنحاء مختلفة يعني اشتراط القيام بأنحائه المختلفة وبالتأمل فيما ذكرنا ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين الجانب الأول من أنكر اشتراط القيام، الجانب الثاني صاحب الفصول الذي قال بالنقل، كيف ظهر الخلل؟ نرجع كلامهم الجانب الأول من أنكر القيام وهذا ما ذكره في بداية القول الخامس وقد استدل من قال بعدم الاعتبار بصدق الضارب والمؤلم مع قيام الضرب والألم بالمضروب والمؤلم بالفتح، كيف اتضح جوابه؟ نقول في لفظ ضارب ومؤلم يوجد قيام للضرب والألم بالذات ولكن هذا القيام بنحو الصدور لا بنحو الحلول والوقوع أنت اشتبهت أتصور قلت الضرب والألم يقع على المضروب والمؤلم هذا صحيح ولكن نحو قيام الضرب والألم بالذات التي صدر منها الضرب والألم إنما هو بنحو الصدور إذن قيام موجود غاية ما في الأمر بنحو الصدور إذن لا تنكر مطلق القيام ولذلك من حمل كلامهم هم أنكروا القيام بنحو الحلول لم ينكروا مطلق القيام، القيام بنحو الحلول قالوا في قولك ضارب ومؤلم فإن الضرب والألم لا يحل بالضارب والمؤلم وإنما يحل ويقع على المضروب والمؤلم إذن هم لم ينكروا مطلق القيام وإنما أنكروا حصة خاصة من القيام وهي خصوص القيام بنحو الصدور، هذا الجانب الأول جانب من أنكر القيام.

الجانب الثاني جانب صاحب الفصول الذي سلم بالقيام ولكن قال بالنسبة إلى الذات الإلهية الصفات التي تحمل عليها معناها منقول عن معنى الصفات التي تحمل على سائر الممكنات، جوابه أيضا اتضح أولا لا دليل على النقل، ثانيا معنى القيام في كليهما واحد يعني اللفظ واحد عالم والمعنى واحد من ينكشف له الأمور غاية ما في الأمر نحو القيام مختلف، قال وبالتأمل فيما ذكرنا يعني من اشتراط القيام بانحاءه المختلفة في صحة الحمل، ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين إشكال على عبارة صاحب الكفاية، الجانب الأول من أنكر القيام استدل ذكر استدلاله الجانب الثاني صاحب الفصول ما ذكر استدلاله هو ذكر رأيه لذلك تعبير صاحب الكفاية فيه تأمل.

والمحاكمة بين الطرفين يعني نستطيع أن نحاكم كلا القولين ونخرج منهما بقول واحد هو القول الذي ذهب إليه صاحب الكفاية فهو القول المؤيد المنصور يعني نرجع كلا الرأيين إلى رأي صاحب الكفاية.

الرأي الأول واضح إرجاعه من أنكر القيام رأسا هو لم ينكر القيام رأسا وإنما أنكر القيام بنحو خاص وهو خصوص القيام بنحو الصدور فإذن هو من أنصار كلام ورأي صاحب الكفاية حينما قال ضارب ومؤلم لا يحل الضرب والألم بالضارب والمؤلم وإنما يحل بالمضروب والمؤلم إذن هذا واضح هو لا ينكر أصل القيام هو ينكر حصة خاصة من القيام، القيام بنحو الصدور فإذن هذا القول إذا نحاكمه هو من أنصار صاحب الكفاية يمكن إرجاعه إلى كلام صاحب الكفاية.

كلام صاحب الفصول "رحمه الله" الذي قال يوجد نقل في المعنى يعني معناهما مختلف هو يريد أن يقول أنه في الخارج لا توجد اثنينية ذات إلهية وصفة في الخارج يوجد شيء واحد ففرارا ولدفع الاثنينية تمسك بنقل المعنى قال معنى آخر يريد أن يشير إلى هذا المعنى الآخر، ما هو المعنى الى الآخر؟ هو العينية فعبر عن نحو خاص من التلبس وهو التلبس الاتحاد العيني عبر عنه بأنه معنى آخر والحال إنه ليس معنى آخر للفظ العلم وإنما نحو تلبس آخر لذلك قال والمحاكمة بين الطرفين فتأمل لعله إشارة إلى ضعف هذه المحاكمة بين الطرفين إذ أنه من الواضح أن صاحب الفصول يرى تعدد المعاني لا معنى واحد بل هذه الأقوال مبنية على ما هو ظاهرها ولا تحتاج إلى هذا التأويل لذلك ذهب الأشاعرة إلى أن الصفات خارجية ولم يكتفوا بالتغاير المفهومي لذلك حملوا كلام الله الذي هو قديم حملوا على الكلام النفسي وهذا بحث في علم الكلام، لماذا حملوا كلام الله على الكلام النفسي؟ لأن نفس الذات الإلهية قديمة والكلام يصير قديم بخلاف كلام الله الحادث هذا تمام الكلام في الأمر الخامس.

إلى هنا في الأمر الرابع ذكر صاحب الكفاية اشتراط المغايرة بين الذات وبين المبدأ الذي يحمل على الذات، الأمر الرابع ذكر اشتراط قيام المبدأ بالذات لكي يصح الحمل، في الأمر الخامس هنا بعد أن سلمنا أنه يشترط أن يقوم المشتق بالذات هل نشترط أن يقوم قياما حقيقيا أم يكفي أن يقوم ولو كان قياما مجازيا مثلا حينما تقول الماء جار، جاري هذا مشتق اسم فاعل هنا نسبة الجريان إلى الماء حقيقية حقيقة الماء يجري تارة تقول جرى الميزاب يعني جرى الماء في الميزاب فجرى الميزاب فهل الميزاب يجري؟ الميزاب ثابت هنا تقول الماء جار هذا إسناد حقيقي، الميزاب جار هذا إسناد مجازي بواسطة في العروض، ما هي الواسطة؟ الماء، الماء هي التي أوجبت نسبة الجريان إلى الميزاب وهكذا تقول زيد متحرك، فعلا هو متحرك وأحيانا تقول جرت السفينة تحركت السفينة فتحرك الجالس في السفينة إذن عندنا عبارتين زيد متحرك حقيقة الجالس في السفينة متحرك هذا إسناد هنا أسندت الحركة إلى الجالس مع أن الجالس ليس بمتحرك حقيقة وإنما يتحرك بواسطة السفينة السفينة واسطة في عروض الحركة على الجالس.

صاحب الكفاية "رحمه الله" يقول نحن كلامنا عن التجوز في الكلمة لا التجوز في الإسناد المهم الكلمة تستعملها استعمال حقيقي ولا تستعملها استعمالا مجازيا والحقيقة والمجاز في الكلمة يختلف عن الحقيقة والمجاز في الإسناد وبالتالي ما دام المشتق وهو لفظ جار متحرك قد استعمل استعمالا حقيقيا بالنسبة إلى الكلمة فلا مانع من هذا الاستعمال الحقيقي للكلمة كلمة متحرك وجار في الإسناد الحقيقي الماء جار السفينة متحركة وفي الإسناد المجازي الميزاب جار وجالس السفينة متحرك خلافا لصاحب الفصول الذي يظهر منه بل قد صرح أنه لابد أن يكون الإسناد حقيقيا لا مجازيا ولعل صاحب الفصول "رحمه الله" قد خلط بين المجاز في الكلمة والمجاز في الإسناد بين الاستعمال الحقيقي للكلمة وبين الاستعمال الحقيقي في الإسناد وبحثنا في حقيقة ومجازية الكلمة لا في حقيقة ومجازية الإسناد، إذن الأمر السادس معقود لبيان أن المدار على الاستعمال الحقيقي للكلمة ولا يضر أن يكون الإسناد حقيقيا أو مجازيا.

السادس الظاهر أنه لا يعتبر يعني لا يشترط في صدق المشتق مثل جار وجريه ـ جري المشتق على الذات ـ حقيقة المهم يجري حقيقة استعمال حقيقي في الكلمة لا يشترط التلبس بالمبدأ حقيقة، يبين ما المراد بالتلبس بالمبدأ حقيقة، وبلا واسطة في العروض ما هي الواسطة في عروض الجريان؟ الماء، ما هو الواسطة في عروض التحرك؟ السفينة في مثال جرى الميزاب وفي مثال تحرك الجالس في السفينة كما في الماء الجاري الماء الجاري هو واسطة العروض، بل يكفي التلبس به يعني بالمبدأ ولو مجازا ومع هذه الواسطة كما في الميزاب الجاري فإسناد الجريان إلى الميزاب وإن كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز إلا أنه ـ المجاز ـ في الإسناد لا في الكلمة يعني وليس المجاز في الكلمة فالمشتق في مثل المثال وهو جار هذا مشتق بما هو مشتق يعني لفظ جار استعملته بمعنى واحد في قولك الماء جار هذا إسناد حقيقي وفي قولك الميزاب جار معناه واحد وهكذا في قولك السفينة متحركة معنى واحد المتحركة والجالس في السفينة متحرك أيضا معناه واحد.

يقول فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق جار قد استعمل في معناه الحقيقي وإن كان مبدأه ـ مبدأ هذا المشتق وهو الجريان ـ مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي ولا منافاة بينهما أصلا يعني لا منافاة بين الإسناد المجازي والاستعمال الحقيقي للكلمة كما لا يخفى ولكن ظاهر الفصول بل صريحه إذا نرجع إلى الفصول صفحة 62 هذا نصه وإنما قلنا من دون واسطة في المقام احترازا عن القائم بواسطة.

ولكن ظاهر الفصول بل صريحه[3] اعتبار واشتراط الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة وكأنه الاعتبار إسناد الحقيقي في صدق المشتق من صاحب الفصول كان من باب الخلط بين المجاز في الإسناد والمجاز في الكلمة، نحن كلامنا أن يكون الاستعمال حقيقي يعني الكلمة ليست مستعملة مجازا بل مستعملة حقيقة، قد انتهى ها هنا محل الكلام بين الأعلام، ها هنا يعني في بحث المشتق محل لكلام بين الأعلام، محل المناقشة بين العلماء والحمد لله وهو خير ختام.

هذه المقدمات الثلاثة عشر أكثرها لا نحتاج إليه في الاستنباط الفقهي نعم بعضها قد يستفاد منه في مباحث أخرى مثلا بحث المشتق قد يستفاد منه في علم الكلام وبحث الأسماء والصفات الإلهية ونحو قيامها بالذات الإلهية، أكثر هذه المباحث ليس لها ثمرة عملية لذلك السيد الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه دروس في علم الأصول في حلقاته الثلاث حذف بحث الحقيقة الشرعية وبحث المشتق وبحث الصحيح والأعم لأنها ليست من المباحث العملية أما المقاصد الثمانية التي تبدأ بالأوامر وتنتهي بتعارض الأدلة كلها مباحث عملية في علم الأصول يعني البحث الأصولي سيبدأ من الدرس القادم، المقصد الأول في الأوامر يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo