< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/ المقصد الأول في الأوامر /الجهة الأولى في الفصل الأول معنى لفظ الأمر

 

المقصد الأول في الأوامر وفيه فصول، الأول فيما يتعلق بمادة الأمر من الجهات وهي عديدة الأولى.[1]

 

خلاصة الدرس

انتهينا من بيان مقدمات كفاية الأصول الثلاثة عشر وبعد أن أنها صاحب الكفاية "رحمه الله" هذه المقدمات التي ابتدأت بتعريف علم الأصول وانتهت بالمشتق شرع في مقاصد علم الأصول في ثمانية مقاصد، المقصد الأول في الأوامر والمقصد الأخير في تعارض الأدلة.

المقصد الأول الأوامر جمع أمر قال أمير المؤمنين "عليه السلام" في دعاء كميل (وخالفت بعض أوامرك) فلفظ أوامر جمع أمر ويقع الكلام في الأوامر في فصول الفصل الأول ما يتعلق بمادة الأمر وهي لفظ الهمزة والميم والراء أمر ومشتقاتها، أمر يأمر أمراً آمر.

والفصل الثاني كما سيأتي في صيغة الأمر.

أما الفصل الأول وهو الذي يتعلق بمادة الأمر تحدث صاحب الكفاية فيه عن عدة جهات:

الجهة الأولى معاني لفظ الأمر في اللغة والاصطلاح فما هو معنى الأمر في اللغة العربية وما هو معنى الأمر في اصطلاح الفقهاء والأصوليين، إذن يقع الكلام في مقامين المقام الأول معنى مادة الأمر في اللغة والعرف، المقام الثاني معنى مادة الأمر في الاصطلاح أي في اصطلاح الفقهاء والأصوليين، أما بالنسبة إلى المقام الأول وهو معنى مادة الأمر في اللغة والعرف العام فقد ذكر صاحب الكفاية "رحمه الله" سبعة معان لمادة الأمر أولها الطلب وآخرها الغرض ثم بعد ذلك تطرق إلى نكتة هامة قال هذه المعاني السبعة التي ذكرت لمادة الأمر ليست كلها معان لمفهوم الأمر أي ما يفهم من لفظ أمرَ بل بعض هذه المعاني إنما تمثل مصاديق لمادة الأمر وليست هي نفس مفهوم مادة الأمر لذلك نحن في البداية نقرأ هذه المعاني السبعة بأمثلتها كما ذكرها صاحب الكفاية "رحمه الله" ثم بعد ذلك سننظر في هذه المعاني المذكورة السبعة هل هي تصلح كمفهوم لمادة الأمر أو هي تصلح كمصداق لمادة الأمر.

 

تطبيق العبارة

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" المقصد الأول في الأوامر وفيه فصول الفصل الأول فيما يتعلق بمادة الأمر من الجهات وهي عديدة الجهة الأولى معاني لفظ الأمر في اللغة والاصطلاح إنه قد ذكر للفظ الأمر معان متعددة منها سبعة معاني المعنى الأول الطلب كما يقال أمره بكذا أي طلب منه كذا ومنها الشأن هذا المعنى الثاني كما يقال شغله أمر كذا أي شغله شأن كذا.

ومنها الفعل هذا المعنى الثالث كما في قوله تعالى ﴿وما أمر فرعون برشيد﴾[2] أي وما فعل فرعون برشيد ومنها الفعل العجيب هذا المعنى الرابع كما في قوله تعالى ﴿فلما جاء أمرنا﴾[3] أي فلما جاء فعلنا العجيب الخامس ومنها الشيء كما تقول رأيت اليوم أمرا عجيبا أي رأيت اليوم شيئا عجيبا ومنها الحادثة ولم يذكر مثالا يمكن أن تقول هكذا سأخبركم عن أمر الزلزلة البارحة يعني سأخبركم عن حادثة الزلزلة البارحة هذا المعنى السادس، المعنى السابع ومنها الغرض كما تقول جاء زيد لأمر كذا أي جاء زيد لغرض كذا.

قد يقال إن بعض هذه المعاني السبعة إنما يشكل مصداق الأمر ولا يشكل مفهوم الأمر ففي المعنى السابع والأخير وهو الغرض إذا قلت جاء زيد لأمر كذا كأن تقول جاء زيد لأمر البيت أي لغرض البيت فما المراد بغرض البيت فتارة يريد زيدا أن يبيع البيت وتارة يريد زيد أن يشتري البيت وتارة يريد زيد أن يبني البيت وتارة يريد أن يهدم البيت فإذن يوجد مصداق لهذا الغرض جاء زيد لأمر البيت يعني لغرض البيت ما المراد بهذا الغرض هل المراد أنه يريد أن يهدم البيت أو يبني البيت أو يبيع البيت أو يشتري البيت أو يرمم البيت إذن الغرض الذي هو إما بناء البيت أو هدمه أو بيعه أو شراءه إنما يشكل مصداقا وبالتالي الذي يدل على الغرض هو اللام وليس الأمر أنت تقول جاء زيد لأمر البيت جاء زيد لأمر البيت يعني جاء زيد لغرض البيت فالذي يدل على معنى الغرض هو اللام والذي يدل على مصداق هذا الغرض أنه البناء أو الهدم أو الترميم هو لفظ الأمر إذن المعنى السابع وهو الغرض ليس معنى لمفهوم الهمزة والميم والراء ليس معنى لمفهوم الأمر وإنما هو مصداق لمعنى الأمر والذي دل على الغرض إنما هو اللام.

ولكن قد يتأمل في هذا المثال فإن التزمت أن الدال على الغرض هو لفظ اللام فلم تدخل اللام على لفظ الغرض فإذا قلت جاء زيد لأمر البيت يصح أن تقول جاء زيد لغرض البيت فدخلت اللام على الغرض فاللام داخل والغرض مدخول فإذا كانت اللام هي الدالة على الغرض كيف تدخل على الغرض يعني يصير جاء زيد لغرض البيت يصير جاء زيد لغرض غرض البيت من هنا قال الشيخ الآخوند "رحمه الله" فافهم أي تأمل في هذا الأمر.

إلى هنا ناقش الشيخ الآخوند "رحمه الله" في المثال السابع واثبت أن مادة الأمر إنما هي مصداق للغرض وليست معنا للغرض.

قال صاحب الكفاية ولا يخفى أن عد بعضها يعني بعض هذه المعاني السبعة من معانيه يعني معاني لفظ الأمر، من اشتباه يعني إنما هذا العد هو من اشتباه المصداق بالمفهوم يعني خلط بين المصداق والمفهوم، ما هو وجه اشتباه خلط المصداق بالمفهوم؟ يذكر المثال الأول ضرورة أن الأمر في جاء زيد لأمر يعني لأمر ما استعمل في معنى الغرض بل اللام ـ لفظ اللام في قولك جاء زيد لأمر ما ـ هي التي قد دلت على الغرض، بل اللام قد دل على الغرض، نعم يكون مدخوله مصداقه يعني يكون مدخول اللام مصداقه يعني مصداق الغرض فافهم لعله إشارة إلى التشكيك في كون اللام هي الدالة على الغرض إذ كيف تدل على الغرض وتدخل على لفظ الغرض فمن هذا التكرار نستكشف أن اللام لا تدل على الغرض.

حينما قالوا إن الأمر يدل على الفعل العجيب كما في قوله تعالى فلما جاء أمرنا والذي جاء لم يكن أمر الله وإنما تصميم الله فيكون الفعل العجيب مصداق من مصاديق تصميم وإرادة الله فكيف تقول إن من معاني الأمر هو الفعل العجيب بل من مصاديق الأمر الفعل العجيب فلما جاء أمرنا يعني فلما جاء تصميمنا وكان تصميمنا فعلا عجيبا فالفعل العجيب من مصاديق التصميم وهكذا فيما يتعلق بالحادثة والشأن.

وهكذا الحال يعني وهكذا يوجد اشتباه المصداق بالمفهوم في قوله تعالى ﴿فلما جاء أمرنا﴾[4] يكون أمر الله مصداقا للتعجب لا أنه نفس مفهوم التعجب لا مستعملا في مفهومه يعني ولا يكون أمر الله مستعملا في مفهوم التعجب وكذا يعني يوجد اشتباه المصداق بالمفهوم في الحادثة والشأن، الشأن هو المعنى الثاني ومنها الشأن كما يقال شغله أمر كذا تقول فلان لا يفهم في الدرس شغله أمر الزواج فهنا الشأن ليس معنى للأمر النظر هنا إلى المصداق وهو الزواج أو فلان لا تعتب عليه شغله أمر فقد ولده فصار فقد الولد أو الزواج هذا مصداق إلى الشأن وليس مفهوم الشأن إذن لم يوضع مفهوم الشأن كمعنى للأمر دلت لفظ الأمر على مصداق الشأن، ما هو مصداق الشأن؟ فقد الولد الزواج هذا المعنى الثاني.

وأيضا الحادثة التي هي المعنى السادس الشيخ الآخوند لم يذكر مثالا ذكرنا مثال، سأحدثكم عن أمر الزلزلة التي وقعت البارحة، يقول صاحب الكفاية المدعى أن أمر الزلزلة يعني حادثة الزلزلة فصار معنى الحادثة قد وضع للفظ الأمر، الحادثة مفهوم من مصاديق هذا المفهوم الزلزلة سأحدثكم عن أمر الإعصار سأحدثكم عن أمر الزلزال سأحدثكم عن أمر البركان فصار لفظ الأمر ما يدل على معنى الحادثة، معنى الأمر يدل على مصداق الحادثة وهو الزلزال أو البركان أو الإعصار، إذن هذه المعاني وقد ناقش صاحب الكفاية في المعنى الأخير وهو الغرض والمعنى السادس قبل الأخير وهو الحادثة ومعنى الشأن وهو المعنى الثاني ومعنى الفعل العجيب وهو المعنى الرابع أربعة معاني ناقش فيها من السبعة يعني أكثر هذه السبعة خلط بين المفهوم والمصداق إذا أتضح أن أكثر هذه المعاني السبعة خلط بين المفهوم والمصداق سيتضح ما يرد على صاحب الفصول إذ أن صاحب الفصول "رحمه الله" قد حصر معنى لفظ الأمر في خصوص الأول والثاني الأول الطلب والثاني الشأن فكلام صاحب الفصول جيد من جهة وليس بجيد من جهة أخرى أما وجه الجودة فهو أنه حصر معنى مادة الأمر في معنيين فقط وهما الطلب والشأن دون الخمسة الباقية فهذا جيد لأن الخمسة الباقية من باب خلط المصداق بالمفهوم ولكن توجد جهة أخرى ليست جيدة وهو أن المعنى الثاني وهو الشأن هذا ليس معنى لمفهوم مادة الأمر وإنما هو مصداق فإن مادة الأمر تشير إلى مصداق الشأن ولا تشير إلى مفهوم الشأن فمن خلال المناقشات التي ذكرها صاحب الكفاية وبين وجه الخلط بين المصداق والمفهوم في المعنى الثاني وهو الشأن يتضح الإيراد الذي يرد على صاحب الفصول أعلى الله مقامه الشريف ثم يقول صاحب الكفاية "رحمه الله" لا يبعد أن تكون مادة الأمر موضوعة لخصوص المعنى الأول والخامس المعنى الأول الطلب والمعنى الخامس الشيء، رأيت اليوم أمرا عجيبا يعني رأيت اليوم شيئا عجيبا، يقول هذا ليس ببعيد.

وفيه إنما ذكره صاحب الكفاية حتى بالنسبة إلى الأول الطلب والخامس شيئا عجيبا يرد عليه نفس الإشكال، رأيت اليوم شيئا عجيبا، رأيت طائر ألوانه حلوة عجيب فالذي رأيته أنت رأيت مفهوم الشيء العجيب أو مصداق الشيء العجيب؟ رأيت مصداق الشيء العجيب وهكذا بالنسبة إلى الطلب أأمرك بأن تحضر لي الماء هنا إحضار الماء مصداق للطلب أأمرك أن تسجل الدرس أأمرك أن تكتب الدرس هنا مادة الأمر وأأمرك دلت على مفهوم الطلب لو دلت على مصداق الطلب وهو تسجيل أو تصويره أو كتابته بناء على هذا التشكيك صارت كل هذه المعاني السبعة إنما هي معان لمصاديق هذه المعاني يعني صارت مادة الأمر تدل على مصاديق المعاني السبعة لا على مفهوم المعاني السبعة، هذا تمام الكلام في المقام الأول وهو مادة الأمر بحسب اللغة والعرف.

قال صاحب الكفاية وبذلك ظهر ما في دعوى الفصول[5] ، وبذلك يعني وببيان اشتباه المصداق بالمفهوم في معنى الشأن لأنه ناقش في معنى الشأن آخر شيء والشأن وبذلك يعني ببيان الاشتباه والخلط بين المفهوم والمصداق في الشأن ظهر ما في دعوى الفصول يعني ظهر الإيراد والإشكال في دعوى الفصول صفحة 62 من كون لفظ الأمر حقيقة يعني موضوع حقيقة في المعنيين الأولين يعني في خصوص المعنيين الأولين الطلب والشأن ثم يبين رأي صاحب الكفاية، طبعا كلامه في المعنيين الأوليين ناظر إلى الإشكال في خصوص الثاني الشأن ولم يشكل على الأول لذلك هو يرى أن الأول وهو الطلب حقيقة في مفهوم مادة الأمر، ولا يبعد دعوى كونه يعني كون لفظ الأمر حقيقة في الطلب يعني موضوع حقيقة في الطلب في الجملة والشيء.

الطلب في الجملة يعني الطلب في بعض الموارد يعني الطلب في الجملة لا بالجملة يعني الطلب في بعض موارد الطلب لا في جميع موارد الطلب بعض مصاديق الطلب وهي خصوص الطلب الوجوبي الصادر من العالي إلى الداني، اعتبار جهة العلو ستأتي في الجهة الثانية.

هذا بحسب العرف واللغة يعني هذا معنى مادة الأمر بحسب العرف العام واللغة العربية وأما بحسب الاصطلاح من هنا يقع الكلام في معنى مادة الأمر أمر بحسب الاصطلاح في علم الفقه والأصول.

فقد نقل صاحب الفصول "رحمه الله" الاتفاق علماء الفقه والأصول على أنه مادة الأمر موضوعة حقيقة في القول المخصوص وهو صيغة الأمر ومجاز في غيره قول المخصوص يعني مجاز في غير صيغة الأمر صيغة الأمر افعل، ما هو مدلول صيغة أفعل؟ الوجوب، فقالوا مادة الأمر موضوعة في القول المخصوص من هنا يرد هذا الإشكال لفظ الأمر يقبل الاشتقاق أو ما يقبل الاشتقاق، نعم يقبل الاشتقاق، أمر، يأمروا، أمرا أوامر، أمار إلى آخره فلفظ مادة الأمر يقبل الاشتقاق إذا كان لفظ مادة الأمر يقبل الاشتقاق لابد أن يكون معنى مادة الأمر يقبل الاشتقاق أيضا وإلا لم يكن معنى لمادة الأمر ومن الواضح أن الذي يقبل الاشتقاق إنما هو المصدر لأن المصدر يدل على حدث فمثلا لفظ الأمر هذا مصدر هذا المصدر الأمر يقبل الاشتقاق إلى أوامر أمران أمار إلى آخره.

إن قلتم إن مادة الأمر قد وضعت للقول المخصوص أي لصيغة الأمر فهذا يعني أن مادة الأمر اسم لصيغة الأمر والاسم جامد لا يقبل الاشتقاق الذي يقبل الاشتقاق المصدر الفعل أما الاسم جامد غير قابل للاشتقاق فإذا التزمتم أن مادة الأمر قد وضعت في الاصطلاح للقول المخصوص وهو صيغة الأمر فهذا يعني أن مادة الأمر اسم لصيغة الأمر والاسم جامد لا يقبل الاشتقاق إلا إذا قلتم إن الاشتقاق بلحاظ المعنى الآخر للأمر وهو المعنى الأول المعنى اللغوي لأن المعنى اللغوي الطلب هذا مصدر يدل على حدث يشتقق طلبات طلاب، شأن يصير شأنين شؤون شؤونات، إذن إن قلت إن مادة الأمر موضوعة للمعنى الاصطلاحي وهو القول المخصوص وهو صيغة الأمر فهذا يعني أن مادة الأمر اسم لصيغة الأمر والاسم جامد لا يتصرف ولا يشتق منه فكيف تكون مادة الأمر قابلة للاشتقاق ومعنى مادة الأمر غير قابل للاشتقاق، إن قلت إن الذي يقبل الاشتقاق هو المعنى الآخر المعنى الأول المعنى اللغوي قلنا هذا صحيح وهذا يعني أن مادة الأمر موضوعة في الاصطلاح لنفس المعنى اللغوي لكي تقبل الاشتقاق لا للمعنى المدعى اصطلاحا وهو القول المخصوص.

ثم يقول فتدبر لعله إشارة إلى أن الاشتقاق إنما يكون بلحاظ المعنى الأول وهو المعنى اللغوي لا بلحاظ المعنى الثاني وهو المعنى الاصطلاحي لأن المعاني القديمة لغة هي المعاني اللغوية وأما المعاني الاصطلاحية فهي معاني متأخرة فالاشتقاق بلحاظ المعاني القديمة وهي المعاني اللغوية لا بلحاظ المعاني الحديثة وهي المعاني الاصطلاحية.

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" وأما بحسب الاصطلاح يعني وأما معنى مادة الأمر بحسب الاصطلاح في الفقه والأصول فقد نقل وذكر النقل هو صاحب الفصول[6] صفحة 63، فقد نقل الاتفاق والناقل للاتفاق والإجماع هو صاحب الفصول في الفصول الغروية صفحة 63، على أنه يعني على أن مادة الأمر حقيقة يعني وضع اصطلاحا حقيقة في القول المخصوص، ما المراد بالقول المخصوص؟ صيغة الأمر، ومجاز في غيره يعني في غير القول المخصوص يعني مادة الأمر مجاز في غير القول المخصوص.

إشكال ولا يخفى أنه عليه يعني بناء عليه يعني بناء على أن مادة الأمر حقيقة في القول المخصوص لا يمكن منه الاشتقاق يعني لا يمكن الاشتقاق منه يعني من القول المخصوص لماذا لا يمكن الاشتقاق من القول المخصوص لأن القول المخصوص أسم الصيغة اسم والاسم جامد لا يقبل الاشتقاق فإن معناه حينئذ يعني فإن معناه ـ معنى مادة الأمر ـ حينئذ ـ حينئذ يكون معنى مادة الأمر القول المخصوص ـ لا يكون معنى حدثيا بل معنى جامدا وهو الاسم مع أن الاشتقاقات منه ظاهرا يعني مع أن الاشتقاقات ـ اشتقاقات لفظ مادة الأمر وهي أمر أمران أوامر أمار هذه الاشتقاقات منه يعني من القول المخصوص يعني من المعنى الاصطلاحي يعني ظاهر الاشتقاقات أنها بالنسبة إلى المعنى الاصطلاحي لا المعنى اللغوي، مع أن الاشتقاقات منه ظاهرا تكون بذلك المعنى ـ القول المخصوص ـ المصطلح عليه بينهم ـ بين الأصوليين ـ ما هو المعنى المخصوص المصطلح عليه؟ أسم للقول المخصوص يعني اسم لمادة الأمر، لا بالمعنى الآخر يعني الاشتقاقات منه ـ من المعنى المصطلح ـ لا بالمعنى الآخر وهو المعنى الأول المعنى اللغوي فتدبر لعله إشارة إلى أن الاشتقاقات إنما هي بالمعنى الآخر وهو المعنى اللغوي لأنه أقدم واسبق من المعنى الاصطلاحي والاشتقاقات بلحاظ المعنى القديم لا المعنى الحادث.

صاحب الفصول "رحمه الله" جاء بمخرج لهذا القول ولدفع هذا الإشكال إن قلت إن مادة الأمر هي القول المخصوص يلزم أن مادة الأمر تكون قابلة للاشتقاق ومعناها الذي هو الطلب المخصوص لا يكون قابلا للاشتقاق صاحب الفصول يقول نحن نأتي لكم بمعنى قابل للاشتقاق لا نقول إن مادة الأمر هي القول المخصوص نزيد لفظه هي الطلب القول المخصوص والطلب يدل على الحدث والحدث قابل للاشتقاق فارتفع الإشكال.

نعم عبر عن طلب القول المخصوص بالقول المخصوص من باب الاكتفاء عن الدال بالمدلول.

يقول صاحب الفصول ويمكن أن يكون مرادهم ـ مراد الأصوليين ـ به يعني بأن مادة الأمر حقيقة في القول المخصوص، هو الطلب بالقول يعني الطلب بالقول المخصوص ذكره صاحب الفصول في الفصول الغروية صفحة 62 وهذا مطابق للاصطلاح الموافق لمصطلح أهل المعاني في علم البلاغة في المعاني هكذا يقولون ويمكن أن يكون مرادهم به يعني بالقول المخصوص هو الطلب بالقول لا نفسه يعني لا نفس القول المخصوص، تعبيرا عنه يعني تعبير عن الطلب بالقول، بما يدل عليه يعني بما يدل على القول المخصوص.

ويمكن أن يكون مرادهم ـ الأصوليين ـ به يعني بالقول المخصوص هو الطلب بالقول لا نفسه يعني لا نفس القول المخصوص تعبيرا عنه يعني عن الطلب بالقول، بما يدل عليه ما يدل عليه، ما يدل على الطلب بالقول المخصوص، ما الذي يدل عليه؟ القول المخصوص.

يستدرك يقول نقول مرادهم طلب القول المخصوص ولكن في مورد معين نقول مرادهم الطلب إذا صيغة الأمر صدرت من العالي إلى الداني وكانت هذه الصيغة في مقام الطلب لا في مقام مطلق القول أحيانا الملك يتكلم مع خادمه فهذا قول وأحيانا الملك يطلب من خادمه إما طلبا عاما فلتكن كل المدينة متأهبة ضد فيروس كرونا وأما طلبا خاصا حصن قصري ضد فيروس كرونا بالتالي صار الطلب العام أو الطلب الخاص إذا صدر من العالي فهو يدل على الحدث وإن لم يكن قولا خاصا لكن بشرطين:

أولا أن يصدر من العالي

وثانيا أن يصدر على نحو الطلب

أما إذا صدر على نحو القول المخصوص رجعنا إلى أول الكلام.

قال نعم القول المخصوص أي صيغة الأمر إذا أراد العالي بها إذن أول شرط أن يكون عاليا ثانيا يريد بها ـ بصيغة الأمر ـ الطلب لا أنه يريد القول إذا أراد القول رجعنا إلى أول الكلام يكون من مصاديق الأمر يعني يكون طلب العالي من مصاديق الأمر لكنه بما هو طلب مطلق أو طلب مخصوص لا بما هو قول مخصوص يصير طلب العالي مصداق للأمر لا بما هو قول مخصوص يعني صيغة مخصوصة بل بما هو طلب مطلق من العالي أو طلب مخصوص من العالي.

وكيف كان سواء قلت إن مادة الأمر هي عبارة عن القول المخصوص كما عليه المشهور أو قلت إن مادة الأمر هي عبارة عن طلب القول المخصوص يقول الأمر سهل لو ثبت النقل لو ثبت أن معنى مادة الأمر انتقلت من المعنى اللغوي وهو أحد المعاني السبعة إلى المعنى الاصطلاحي الذي هو القول المخصوص كما عليه المشهور أو طلب القول المخصوص كما عليه صاحب الفصول ولا مشاحة في الاصطلاح كل واحد يستطيع أن يصطلح، صاحب الفصول يقول طلب القول المخصوص والمشهور يقولون هو نفس القول المخصوص، المهم ما هو معنى الطلب لغة وعرفا لكي إذا ورد لفظ أمر من دون قرينة نحملها عليه هذا الذي هو مهم تنقيحه.

يقول إذا رجعنا إلى الروايات الشريفة وإذا رجعنا إلى آيات القرآن الكريم نجد أن القرآن والروايات استخدموا المعاني السبعة وهذا أول الكلام من أين إن القرآن استخدم لفظ أمر بالمعاني السبعة وهذا أول الكلام بالتالي إذا استخدم المعاني السبعة توجد عندنا ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول أن تكون المعاني السبعة بنحو الاشتراك اللفظي يعني اللفظ واحد أمر والمعاني متعددة وهي المعاني السبعة مثل لفظ العين، لفظ واحد ومعانيه متعددة، هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني الاشتراك المعنوي يعني مادة الأمر لفظ واحد ومعنى واحد وهو الشيء هذا المعنى الواحد له مصاديق سبعة، هذا اشتراك معنوي مثل معنى الوجود أنا موجود وأنت موجود والطاولة موجودة والله موجود، معنى الوجود بالنسبة لي ولك ولله واحد لكن مصداق الوجود مختلف الله "عز وجل" وجود واجب وأنا وأنت وجود ممكن ولكن لفظ الوجود مشترك معنوي يعني اللفظ الواحد والمعنى واحد بديهي مصداقه مختلف فهنا نقول مادة الأمر لفظ واحد أمر ومعناها واحد وهو الشيء لكن مصدايق الشيء مختلفة إما الطلب كما في المعنى الأول أو الحادثة أو إلى آخره.

الاحتمال الثالث الحقيقة المجاز يعني مادة الأمر حقيقة في الطلب والشأن كما يقول صاحب الفصول ومجاز في الباقي الحادثة وغير ذلك هذه احتمالات ثلاثة فما هو المرجح؟ هل المعاني السبعة بنحو الحقيقة والمجاز يعني بعضها موضوع حقيقة والآخر استعمال مجازا أو بنحو الاشتراك اللفظي يعني اللفظ واحد والمعاني متعددة أو بنحو الاشتراك المعنوي يعني اللفظ الواحد والمعنى الواحد مصاديق المعنى الواحد متعددة.

قال وكيف كان يعني وكيف كان معنى مادة الأمر اصطلاحا هل هو القول المخصوص كما عليه المشهور أو طلب القول المخصوص كما عليه صاحب الفصول فالأمر سهل لو ثبت النقل يعني لو ثبت نقل معنى مادة الأمر من المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي ولا مشاحة في الاصطلاح لا توجد مشكلة في الاصطلاح لكل شخص أن يصطلح له اصطلاحا خاصا وإنما المهم بيان ما هو معناه يعني معنى مادة الأمر معنى لفظ الأمر عرفا ولغة ليحمل عليه لفظ الأمر ليحمل على المعنى اللغوي والعرفي فيما إذا ورد لفظ الأمر بلا قرينة.

وقد استعمل يعني لفظ الأمر في غير واحد من المعاني يعني في أكثر من معنى من المعاني السبعة في الكتاب والسنة ولا حجة على أنه يعني على أن استعمال معنى الأمر في الكتاب والسنة استعمل في هذه المعاني على نحو الاشتراك اللفظي أو الاشتراك المعنوي أو الحقيقة والمجاز ذكر ترجيحان بعضهم قال هي على الحقيقة والمجاز لا الاشتراك اللفظي ولا المعنوي قال لأن المجاز كثير في اللغة العربية بينما الاشتراك المعنوي والاشتراك اللفظي قليل فيحمل على الغالب وعلى الأكثر وفيه أمران:

الأول الطرف المقابل أيضا كثير يعني كما أن الحقيقة والمجاز كثير ثانيا الاشتراك اللفظي والمعنوي أيضا كثير.

الإشكال الثاني من قال إن الأكثرية هي ملاك للترجيح لو سلمنا إن الحقيقة والمجاز أكثر من الاشتراك اللفظي أو المعنوي من قال إن الأكثرية هي التي توجب التقديم، النتيجة إذا ما صار عندنا مرجح يرجح أن هذه المعاني السبعة مشتركة لفظيا أو مشتركة معنويا أو حقيقة أو مجاز نرجع إلى الأصل العملي لأنه لا يوجد عندنا أصل لفظي نرجع إلى الأصل العملي في المسألة إلا إذا استطعنا الاستظهار، يقول صاحب الكفاية ويبدو أن معنى الطلب هو الظاهر والمنسبق من مادة الأمر ويقول يكفي الانسباق حتى لو لم تعرف منشأ الانسباق فيكفي أنه ينسبق إلى ذهنك الشريف معنى الطلب بمجرد أن تقرأ أسماء وأجراس سمعك مادة الأمر، النتيجة النهائية صار مادة الأمر حقيقة في اللغة والاصطلاح في الطلب.

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" وما ذكر في الترجيح من كون المجاز أكثر عند تعارض هذه الأحوال، تعارض المجاز والاشتراك اللفظي والمعنوي هذه الأحوال الثلاثة الاشتراك اللفظي والمعنوي الحقيقة أو المجاز لو سلم يعني لو سلم كملاك إن الأكثرية هي في المجاز ولم يعارض بمثله، هذا الإشكال الأول لو سلم يعني لو سلمنا أن الحقيقة والمجاز أكثر من الاشتراك اللفظي والمعنوي يعني على أننا لا نسلم.

الإشكال الثاني ولم يعارض بمثله يعني قلنا إن الاشتراك اللفظي والمعنوي أيضا كثير فلا دليل على الترجيح به يعني الترجيح بالأكثرية هذا الإشكال الثاني، لا دليل على أن الأكثرية هي ملاك في الترجيح، فلابد مع التعارض ـ تعارض أن هذه المعاني هل هي بنحو الحقيقة أو المجاز أو اشتراك لفظي أو معنوي ـ لابد من الرجوع إلى الأصل في مقام العمل يعني الأصل العملي.

نعم هذا استدراك، الأصل أصيل حيث لا دليل إذا يوجد ظهور وهذا دليل لفظي فإليه نصير نعم لو علم ظهوره ـ لفظ الأمر ـ في أحد معانيه ـ أحد معاني الأمر وهو خصوص الطلب ـ ولو احتمل أنه ـ أن هذا المعنى أحد هذه المعاني وهو الطلب ـ كان للانسباق من الإطلاق يعني من إطلاق لفظ الأمر إذا أطلب لفظ الأمر ينسبق إلى الذهن معنى الطلب فليحمل عليه يعني فليحمل لفظ الأمر عليه يعني على أحد المعاني وهو الطلب، وإن لم يعلم أنه يعني لفظ الأمر حقيقة فيه يعني في الطلب في أحد هذه المعاني بالخصوص أو حقيقة فيما يعمه يعني ما يشمله يعني يصير لفظ الأمر ظاهر في الطلب وفي غيره كالشم كما عليه صاحب الفصول.

كما لا يبعد أن يكون كذلك، اسم يكون لفظ الأمر كذلك يعني حقيقة في أحد معانيه بالخصوص في المعنى الأول، المعنى الأول خصوص الطلب، كما لا يبعد أن يكون كذلك في المعنى الأول يعني في الطلب هذا تمام الكلام في الجهة الأولى وهي طويلة واتضح أن مادة الأمر حقيقة في الطلب لغة واصطلاحا، الجهة الثانية هل يعتبر العلو أو لا يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo