< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقصد الاول في الاوامر / الجهة الثانية والثالثة فيما يتعلق بمادة الأمر

 

الجهة الثانية الظاهر اعتبار العلو في معنى الأمر فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمران.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الفصل الأول من الأوامر عقد الآخوند الخراساني "رحمه الله" الفصل الأول من الأوامر لبحث مادة الأمر والفصل الثاني سيبحثه في صيغة الأمر.

الفصل الأول فيه أربع جهات انتهينا من الجهة الأولى في الدرس السابق وهي تبحث عن معنى مادة الأمر لغة واصطلاحا واتضح أن مادة الأمر موضوعة لغة واصطلاحا لمعنى الطلب اليوم في الجهة الثانية نتطرق إلى اعتبار واشتراط العلو أو الاستعلاء فقد ذهبا بعضهم إلى اشتراط أحد الأمرين إما العلو وإما الاستعلاء في صدق الأمر فلو صدر الطلب من الداني أو المساوي فلا يقال له أمر وهذا يبحث في البلاغة العربية فهناك يقال إن الطلب إذا صدر من العالي إلى الداني فهو أمر وإذا صدر من الداني إلى العالي فهو دعاء وإذا صدر الطلب من المساوي إلى المساوي فهو التماس، إذن يشترط في صدق عنوان الأمر أن يكون الطلب قد صدر من العالي لا المساوي والداني من هنا وقع بحث لو كان الطرف ليس عاريا وإنما هو مساو أو دان سافل لكنه استعلى كما لو استعلى الصديق على صديقه أو استعلى الولد على والده وطلب منه طلبا على نحو العلو مع أنه ليس بعال فهل يصدق على طلبه في صورة الاستعلاء أنه أمر أو لا؟

ذهب البعض إلى أنه يعتبر ويشترط أحد الأمرين إما العلو وإما الاستعلاء لكن صاحب الكفاية "رحمه الله" يرد هذا الرأي ويقول يشترط العلو دون الاستعلاء والدليل على ذلك أن أهل اللغة ينفون سمة الأمر في الطلب الصادر من الداني ولو كان مستعليا فلو كان الولد قد أمر أباه فلا يقال في العرف إن هذا أمر وإن صدر من الولد في مقام الاستعلاء على أبيه والتنكر لأبيه إذن يكفي في نفي اشتراط الاستعلاء صحة سلب عنوان الأمر عن طلب السافل ولكن قد يستدل على كفاية الاستعلاء بصورة ما إذا صدر الطلب من الولد إلى الوالد أي من السافل إلى العالي فقال له يا أبتي أمرك أن تقوم بكذا فإننا نجد العرف يوبخون هذا الولد ويقولون له لِمَ أمرت أباك فيطلقون عنوان الأمر على طلب الولد إذن توجد قرينتان الأولى توبيخ العرف العام للولد السافل لأمره أباه فهم قد وبخوه على أمره.

القرينة الثانية أطلقوا لفظ الأمر على طلبه فقالوا لِمَ أمرت أباك مما يعني أن عنوان الأمر يصدق على طلب السافل والداني.

وفيه أولا إن توبيخ العرف للولد ليس لأمره أباه بل لاستعلائه وتكبره لأبيه، وثانيا حينما قال العرف لِمَ أمرت أباك فأطلق عنوان الأمر على طلب الولد السافل إنما هو من باب الجري على مقتضى ما أدعاه الولد فإن الولد قال أأمرك فوبخه العرف وقالوا له لِمَ أمرت أباك فأطلق العرف اللغوي العام عنوان الأمر لا لأنه أمر حقيقي لا لأن أهل اللغة يرون أنه أمر حقيقي وإنما جريا على مقتضى ادعاءه جريا على مقتضى استعلاءه وما يدعيه من أهلية لإصدار الأوامر.

النتيجة النهائية يشترط في صدق عنوان الأمر أن يكون الطلب قد صدر من العالي ولم يذكر صاحب الكفاية الدليل على اشتراط العلو وإنما أرسله إرسال المسلمات ولم يذكر دليله نعم جاء بالدليل على نفي اشتراط الاستعلاء لكنه لم يأتي بالدليل على اشتراط العلو.

 

تطبيق العبارة

الجهة الثانية وهي في اعتبار العلو في الأمر

الظاهر اعتبار العلو في معنى الأمر فلا يكون الطلب من السافل أو المساوي أمرا بل الطلب من السافل دعاء والطلب من المساوي التماس ولو أطلق عليه يعني ولو أطلق الأمر عليه يعني على الطلب من السافل أو من المساوي كان بنحو من العناية يعني كان بنحو من المجاز يعني استعمال اللفظ في غير ما وضع له، لفظ الأمر وضع لخصوص الطلب الصادر من العالي فلو استعمل لفظ الأمر في الطلب الصادر من السافل أو من المساوي فهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له فهو استعمال مجازي.

كما أن الظاهر عدم اعتبار الاستعلاء يعني في معنى الأمر فيكون الطلب من العالي يعني الطلب الصادر من العالي أمرا ولو كان يعني العالي مستخفضا لجناحه يعني لو كان متواضعا خافض الجناح يعني حتى لو صدر الأمر من الملك وهو في حالة تواضع مثلا ملك وعنده صديق يقول له التمس منك أرجوك أن تفعل كذا هذا أمر صادر من العالي وإن كان صدر منه في حال خفض الجناح لصديقه.

وأما احتمال اعتبار أحدهما يعني العالي أو الاستعلاء في معنى الأمر فضعيف هنا لم يذكر وجه الضعف وجه الضعف يذكره في آخر كلمة.

وكيف كان ففي صحة سلب الأمر عن طلب السافل ولو كان مستعليا كفاية إذن هنا وجه الضعف بينه في هذه العبارة، ما هو وجه الضعف في اعتبار أحد الأمرين؟ وجه الضعف من جهة كفاية الاستعلاء، يمكن سلب عنوان الأمر عن الطلب الصادر في صورة الاستعلاء وهذا يكفي في عدم كفاية الاستعلاء في صدق عنوان الأمر.

وِأما احتمال اعتبار أحدهما العلو أو الاستعلاء فضعيف الآن يرد دفع دخل مقدر يعني قد يستدل على كفاية الاستعلاء فيما إذا صدر الطلب من السافل إلى العالي بنحو الاستعلاء فإن العرف يوبخه ويقول للولد لما أمرت أباك ويقال للموظف لِمَ أمرت مسئولك لِمَ أمرت رئيسك؟ الجواب التوبيخ ليس على الأمر وإنما التوبيخ على الاستعلاء على الأب والرئيس هذا أولا وثانيا حينما قالوا لِمَ أمرت هذا جريا على مقتضى استعلاءه هو عبر قال أأمرك.

قال وتقبيح الطالب يعني وتقبيح العرف للطالب السافل ـ الداني ـ من العالي يعني هو طلبه من العالي، المستعلي عليه وتوبيخه يعني وتوبيخ العرف للسافل، بمثل إنك لِمَ تأمره لِمَ تأمر أباك لِمَ تأمر مسئولك ورئيسك إنما هو على استعلاءه يعني إنما التوبيخ على استعلاءه يعني على استعلاء السافل لا على أمره إنما هو على استعلاءه لا على أمره يعني لا على أمر السافل، حقيقة بعد استعلاءه يعني لا يصدق عنوان الأمر حقيقة على السافل بعد استعلاءه وإنما يكون إطلاق الأمر على طلبه ـ طلب السافل ـ يعني العرف أطلق عنوان الأمر على طلب السافل بحسب يعني بلحاظ ما هو قضية استعلاءه ـ السافل ـ يعني ما هو مقتضى استعلاء السافل هو قال أأمرك فجريا على مقتضى استعلاءه وكيف كان ففي صحة سلب الأمر عن طلب السافل يعني يصح أن تسلب عنوان الأمر عن طلب السافل ولو كان مستعليا الواو وصلية، حتى لو كان مستعليا كفاية يعني كفاية في عدم اعتبار الاستعلاء في صدق عنوان الأمر، هذا تمام الكلام في الجهة الأولى واتضح أنه يشترط العلو ولا يكفي الاستعلاء.

الجهة الثالثة هل الأمر حقيقة في الوجوب أو حقيقة في الأعم من الوجوب والاستحباب وبعبارة أخرى الأمر يدل على الطلب ولكن هل يدل على خصوص الطلب الوجوبي أو يدل على مطلق الطلب الأعم من الطلب الوجوبي والطلب الاستحبابي.

صاحب الكفاية "رحمه الله" يرى كما عليه مشهور الأصوليين إن مادة الأمر وأيضا صيغة الأمر كما سيأتي تدلان على خصوص الطلب الوجوبي لا الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب واستدل صاحب الكفاية "رحمه الله" على دعوى الوجوب بدليلين وجاء بثلاث مؤيدات لكنه جعل المؤيدات الثلاثة بين الدليل الأول والدليل الثاني.

الدليل الأول التبادر والتبادر علامة الحقيقة فإذا سمعنا لفظ الأمر تبادر إلى ذهننا الوجوب وينسبق إلى ذهننا معنى الوجوب والتبادر من حاق اللفظ علامة الحقيقة.

الدليل الثاني صحة التوبيخ والمؤاخذة على المخالفة فإذا أمر المولى عبده ولم يقم العبد بما أمر به المولى صح للمولى أن يوبخه أن يعاقبه ولو كان الأمر يصدق على الطلب الاستحبابي لما صح توبيخ العبد ولما صح عقاب العبد بل قال العبد لم أقم لأنك قلت أمرك والأمر يدل على الأعم من الاستحباب والوجوب ففي قوله تعالى معاتبا وموبخا إبليس وما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك لم يحتج إبليس قائلا أنت أمرتني والأمر لا يختص بالوجوب بل يشمل الواجب والمستحب وأنا توهمت أنه مستحب، إذن الدليل الثاني على أن مادة الأمر موضوعة لخصوص الطلب الوجوبي دون الطلب الاستحبابي صحة المؤاخذة والمعاقبة على مخالفة الأمر هذان دليلان الدليل الأول التبادر الدليل الثاني صحة المؤاخذة والمعاقبة.

وأما المؤيدات الثلاثة، المؤيد الأول قوله "عز وجل" ﴿فليحضر الذين يخالفون عن أمره الله﴾[2] "عز وجل" يحظر عن مخالفة أمره تبارك وتعالى يعني لا تجوز مخالفة الأمر.

المؤيد الثاني قوله "صلى الله عليه وآله" (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)[3] يعني لو أمرهم بالسواك لشق عليهم إذا أمرهم بالسواك وشق عليهم يعني ألزمهم فظاهر لفظ الأمر هنا الوجوب.

المؤيد الثالث قضية بريرة ومغيث، بريرة أمة وزوجها مغيث أيضا عبد أسود فاشترت عائشة زوج النبي "صلى الله عليه وآله" بريرة فأعتقتها فأخبرها النبي "صلى الله عليه وآله" أنها مخيرة في البقاء مع زوجها إذ أنها أصبحت حرة وزوجها لا يزال عبدا فالحرة تختار في نكاحها إما أن تبقى على زوجها وإما أن تلغي ذلك الزواج تفسخ ذلك الزواج وتنكح زوجا آخر فرفضته فخرج مغيث يمشي في الطرقات باكيا ودموعه قد بلت لحيته وجاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يبكي ودموعه على لحيته فكلمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لها (ارجعي إلى زوجك فإنه أبو ولدك قالت أتأمرني يا رسول الله قال لا إنما أنا شافع وفي رواية إنما أنا شفيع، فقالت فلا حاجة لي فيه)[4] في بعض الروايات التفت النبي "صلى الله عليه وآله" إلى عمه العباس قال (يا عباس أرأيت حبا وعشقا كعشق مغيث لبريرة ورأيت كرها ككره بريرة لمغيث)[5] الشاهد هنا أتأمرني يا رسول الله؟ قال لا يعني توجب علي تلزمني قال لا.

هذه الثلاثة لماذا عدها صاحب الكفاية مؤيدات ولم يجعلها أدلة مع أن دلالتها واضحة؟ الجواب هذه المؤيدات الثلاثة استعمل فيها لفظ الأمر في الوجوب ولكن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز واستعمال الأمر أعم من الوجوب والاستحباب فقد يقال إن هذه الموارد الثلاثة استعمل فيها لفظ الأمر في خصوص الوجوب لكنه لا يوجب تعيين أن تكون لفظة الأمر موضوعة لخصوص الوجوب فقد تكون لفظة الأمر موضوعة للأعم من الوجوب والاستحباب لكن في هذه الموارد الثلاثة استعملت في خصوص الوجوب فمجرد الاستعمال لا يعين الوضع لذلك اعتبرها مؤيد.

 

تطبيق العبارة

الجهة الثالثة لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب يعني صاحب الكفاية يرى أن لفظ الأمر قد وضع حقيقة في خصوص الوجوب دون الاستحباب، الدليل الأول لانسباقه ـ الوجوب ـ عنه عند إطلاقه ـ عند إطلاق لفظ الأمر ـ ويؤيده المؤيد الأول قوله تعالى ﴿فليحضر الذين يخالفون عن أمره الله﴾[6] الشاهد عن أمره لو كان الأمر مستحبا لما أوجب التحذير عن مخالفته إذن لفظ الأمر يدل على الوجوب الذي يوجب التحذير عن مخالفته المؤيد الثاني وقوله "صلى الله عليه وآله" (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)[7] يعني لأوجبت عليهم السواك يعني تنظيف الأسنان وقوله "صلى الله عليه وآله" لبريرة بعد قولها أتأمرني يا رسول الله قال لا بل إنما أنا شافع[8] وفي نسخة أنا شفيع يمكن مراجعة مستدرك الوسائل[9] جزء 15 صفحة 32 الباب 36 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 وأيضا السيد المروج في منتهى الدراية[10] الجزء الأول صفحة 421 و422 أورد هذه الرواية كذلك الشيخ الايرواني في كتابه كفاية الأصول في أسلوبها الثاني.

إلى غير يعني إلى غير ذلك من المؤيدات، الدليل الثاني وصحة الاحتجاج، لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب لانسباقه عنه عند إطلاقه وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفة أمره ـ الهاء تعود على المولى ـ وتوبيخه ـ توبيخ العبد ـ على مجرد مخالفته يعني مخالفة أمر المولى كما في قوله تعالى ﴿ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك﴾[11] .

إلى هنا ذكر صاحب الكفاية "أعلى الله مقامه الشريف" دليلين وثلاثة مؤيدات على أن مادة الأمر موضوعة لخصوص الوجوب دون الاستحباب ثم بعد ذلك يتطرق إلى ثلاثة أدلة أقيمت على أن مادة الأمر قد وضعت للأعم من الوجوب والاستحباب أي أن مادة الأمر قد وضعت لمطلق الطلب سواء كان بنحو الوجوب أو الاستحباب ويرد هذه الأدلة الثلاثة:

الدليل الأول صحة التقسيم فإن الطلب يقسم إلى قسمين وجوب واستحباب فمن صحة تقسيم الطلب إلى طلب وجوبي وطلب استحبابي نستكشف أن المراد بالطلب مطلق الطلب وأن المراد بالأمر مطلق الطلب الاستحبابي والوجوبي إذن صحة تقسيم الأمر إلى وجوب واستحباب قرينة على أن المراد بالأمر ما يعم ويشمل الوجوب والاستحباب.

وفيه إن الأمر الذي قسّم إلى وجوب واستحباب لوحظ فيه المعنى الأعم وهذا لا يعني أن كل أمر ينقسم إلى وجوب واستحباب يجب أن نفرق بين دعويين الدعوى الأولى إن كل أمر يشمل الوجوب والاستحباب وهذا هو المدعى، والدعوى الثانية إن الأمر قد يقسم إلى وجوب وإلى استحباب فكل من قسم الأمر إلى وجوب واستحباب لاحظ في الأمر الذي سيقسمه لاحظ المعنى العام ولم يلحظ المعنى الخاص للأمر إذن من قسم الأمر إلى وجوب واستحباب كان في مقام لحاظ الأمر العام والمعنى العام وهذا لا يشكل دليلا على أن مادة الأمر تشمل الوجوب والاستحباب، إذن الدليل الأول ليس بتام.

الدليل الثاني صحة الاستعمال تقول الوجوب أمر والاستحباب أمر فصحة استعمال مادة الأمر ولفظ الأمر في الاستحباب يكشف عن أن مادة الأمر كما تشمل الوجوب تشمل الاستحباب أيضا.

الجواب الاستعمال أعمل من الحقيقة والمجاز أفلا يصح استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع فهل يقال إن الرجل الشجاع معنى للأسد؟ الجواب الرجل الشجاع معنى مجازي للأسد وليس معنى حقيقيا للأسد المعنى الحقيقي الحيوان المفترس قد يقال هنا نفس الشيء مادة الأمر قد وضعت حقيقة للوجوب واستعملت استعمالا مجازيا في الاستحباب فالاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز وبحثنا في الاستعمال الحقيقي دون الاستعمال المجازي إذن الدليل الثاني ليس بتام.

وتقسيمه الآن يشرع في بيان أدلة القول بوضع الأمر لمطلق الطلب الوجوبي والاستحبابي.

الدليل الأول وتقسيمه ـ الأمر ـ إلى الإيجاب والاستحباب يعني صحة تقسيم الأمر إلى الإيجاب والاستحباب إنما يكون قرينة هذا التقسيم على إرادة يعني قصد المعنى الأعم منه يعني من الأمر المعنى الأعم من الأمر يعني المعنى الأعم من المعنى الحقيقي والمعنى المجازي في مقام تقسيمه يعني حينما أرادوا تقسيم الأمر لاحظوا المعنى العام الأعم من الحقيقي والمجازي.

الدليل الثاني وصحة الاستعمال في معنا أعم يعني وصحة استعمال لفظ الأمر في معنا أعم وهو المعنى الشامل للوجوب والاستحباب معا وصحة الاستعمال في معنى يعني وصحة استعمال الأمر في الاستحباب، أعم من كونه يعني أعم من كون الاستعمال على نحو الحقيقة كما لا يخفى يعني قد يكون استعمالا حقيقيا وقد يكون استعمالا مجازيا أي أنه قد يكون استعمال مادة الأمر في الاستحباب استعمالا مجازيا وهذا أعم من الحقيقة والمجاز.

هنا في صحة الاستعمال يوجد توجيه وتخريج هذا مذكور في مبادئ الوصول[12] صفحة 93 وفي المعالم صفحة 50 تحت عنوان حجة القائلين بأنه للقدر المشترك.

الاستدلال هكذا أولا إن استعمال لفظ الأمر في الوجوب والاستحباب ثابت هذا واضح لفظ الأمر يطلق على الواجب ويطلق على المستحب، ثانيا يدور الأمر بين استعمال لفظ الأمر في القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب وهو كلي الطلب يعني مشترك معنوي وبين الاشتراك اللفظي والحقيقة والمجاز يعني تقول استعمال لفظ الأمر في الوجوب استعمال حقيقي واستعمال لفظ الأمر في الاستحباب استعمال مجازي هذا احتمال ويوجد احتمال آخر وجود اشتراك لفظي يصير لفظ الأمر من معناه الوجوب ومن معناه الاستحباب مثل لفظ العين لفظ واحد وهو لفظ العين لكن له سبعين معنى عين جارية وعين بآصرة وعين ذهب وفضة إلى آخره، هنا أيضا نقول لفظ الأمر له عدة معاني المعنى الأول الوجوب المعنى الثاني الاستحباب الخلاصة صار لفظ الأمر يدور بين ثلاثة أشياء بين الاشتراك اللفظي وبين الحقيقة والمجاز وبين المشترك المعنوي يعني لفظ الأمر وضع للقدر المشترك بين الوجوب والاستحباب وهو الطلب وإذا رجعنا إلى لغة العرب سنجد أن استعمال الكلمات في المشترك المعنوي أكثر من المشترك اللفظي والحقيقة والمجاز إذن يتعين أن يكون لفظ الأمر القدر المشترك وهو عنوان الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب.

فيدور الأمر بين المشترك المعنوي وبين المشترك اللفظي والحقيقة والمجاز، نقول هكذا في اللغة العربية المشترك المعنوي أكثر من المشترك اللفظي والحقيقة والمجاز فيثبت أن لفظ الأمر وضع لمطلق الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب.

صاحب الكفاية يقول هذا الكلام تقدم وقلنا أولا من قال إن المشترك المعنوي أكثر من المشترك اللفظي والحقيقة والمجاز، هذا أول الكلام أيضا الحقيقة والمجاز والمشترك اللفظي كثير في اللغة العربية ثانيا ومن قال لو سلمنا أنه أكثر من قال إن الأكثرية ملاك للترجيح وأن الأكثرية حجة إذن هذا الدليل عليل، إذن لا يثبت أن لفظ الأمر موضوع للأعم من الوجوب والاستحباب.

قال وأما ما أفيد من أن الاستعمال فيهما ثابت الاستعمال يعني استعمال لفظ الأمر فيهما في الإيجاب والاستحباب، ثابت يعني ثابت في اللغة العربية فلو لم يكن موضوعا اسم يكن فلو لم يكن لفظ الأمر موضوعا للقدر المشترك بينهما ـ بين الإيجاب والاستحباب ـ ما هو القدر المشترك عنوان الطلب يعني على سبيل الاشتراك المعنوي مشترك معنوي يعني هذا يثبت الاشتراك المعنوي إذا ثبت الاشتراك المعنوي ثبت المطلب أن لفظ الأمر موضوع للطلب الأعم من الوجوب والاستحباب.

فلو لم يكن موضوعا للقدر المشترك بينهما يعني إذا لم يثبت المشترك المعنوي لزم الاشتراك أو المجاز يعني لزم الاشتراك اللفظي أو المجاز يعني يدور الأمر بين كونه مشتركا لفظيا أو دائرا بين الحقيقة والمجاز الاستعمال الوجوبي حقيقة والاستعمال الاستحبابي مجاز.

صاحب الكفاية يقول وأما ما أفيد فهو غير مفيد لما مرت الإشارة إليه في الجهة الأولى وفي تعارض الأحوال فراجع، في الجهة الأولى أخذناها في الدرس السابق تصير صفحة 91 أول سطر وما ذكر في الترجيح عند تعارض هذه الأحوال لو سلم ولم يعارض بمثله فلا دليل على الترجيح به وفي تعارض الأحوال يعني في الأمر الثامن من المقدمة يصير صفحة 38، الأمر الثامن في أحوال اللفظ يقول وأما إذا دار الأمر بينها يعني بين الاشتراك اللفظي والمعنوي والحقيقة والمجاز فالأصوليون وإن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوها إلا أنها استحسانية لا اعتبار بها إلا إذا كانت موجبة لظهور اللفظ في المعنى لعدم مساعدة دليل على اعتبارها بدون ذلك كما لا يخفى.

بقي الدليل الثالث الدليل الثالث مكون من مقدمتين نقرأ المقدمتين، قال والاستدلال بأن فعل المندوب طاعة هذه المقدمة الأولى صحيحة فعل المندوب طاعة هذا مسلم إذا واحد يفعل المستحب يصوم هذا طاعة، وكل طاعة فهو فعل المأمور به هذه التي فيها نقاش كل طاعة فهي فعل المأمور به؟ كلا، فعل المأمور به المأمور به إذا نعتبره الوجوب يصير الوجوب جزء من الطاعة وليس هو كل الطاعة يعني فعل المأمور به الوجوبي طاعة وفعل الاستحباب الذي هو غير مأمور به طاعة أيضا فإذن حينما قلت فعل المأمور به ماذا تقصد بالمأمور به؟ هل تقصد خصوص الوجوب إذا تقصد خصوص الوجوب هذه الكبرى الكلية ما تصدق وكل طاعة فهي فعل المأمور به هذه ما تصدق يصير بعض الطاعة فعل المأمور به بعض الطاعة فعل الواجب إذا قصدت بالمأمور به مطلقا الواجب والمستحب صار هذا استعمال مجازي الاستعمال في الوجوب استعمال حقيقي والاستعمال في المستحب استعمال مجازي هذا خارج عن محل بحثنا محل بحثنا المراد بالمأمور خصوص الاستعمال الحقيقي لا الأعم من الحقيقي والمجازي إذن المقدمة الثانية من الدليل الثالث غير تامة.

وكل طاعة فهو فعل المأمور به يقول والاستدلال بأن فعل المندوب فيه ما لا يخفى من منع الكبرى قوله وكل طاعة يعني منع المقدمة الثانية من منع الكبرى لو أريد من المأمور به معناه الحقيقي وهو الوجوب يعني لو أريد المعنى الحقيقي فقط وهو الوجوب الكبرى ما تصح هل يصح أن تقول كل طاعة فهي فعل المأمور به الواجب؟ لا يصير يصير بعض الطاعة فعل المأمور به الواجب وإلا يعني لو لم يرد من المأمور به معناه الحقيقي بل أريد المعنى المجازي فيشمل المستحب يقول لا يفيد المدعى لان كلامنا في المعنى الحقيقي لا المعنى المجازي.

قال فيه ما لا يخفى من منع الكبرى لو أريد من المأمور به معناه يعني معنى المأمور به الحقيقي وهو خصوص الطلب الوجوبي وإلا يعني لو لم يرد من المأمور به معناه الحقيقي بل أريد معناه المجازي فهذا لا يفيد المدعى، ما هو المدعى؟ أن مادة الأمر موضوعة للأعم من الوجوبي والاستحباب، موضوعة يعني حقيقة لا الأعم من الحقيقة والمجاز، هذا تمام الكلام في الجهة الثالثة الجهة الرابعة والأخيرة من الفصل الأول مادة الأمر يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo