< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقصد الاول، الاوامر /الجهة الرابعة في كون الأمر موضوعاً للطلب الانشائي

 

الجهة الرابعة الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقي.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الفصل الأول من الاوأمر وقد تطرق فيه صاحب الكفاية "رحمه الله" إلى أربع جهات ففي الجهة الأولى تطرق إلى أن مادة الأمر أو لفظ الأمر موضوع للطلب لغة واصطلاحا وفي الجهة الرابعة يطرح هذا السؤال مادة الأمر هل هي موضوعة للطلب الحقيقي أو الطلب الإنشائي يجيب الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" قائلا إن مادة الأمر موضوعة لخصوص الطلب الإنشائي دون الطلب الحقيقي بيان ذلك في التوضيح التالي.

ينقسم الطلب إلى قسمين طلب حقيقي وطلب إنشائي الطلب الحقيقي كطلب النفس للماء عند العطش وكطلب الجائع للطعام عند الجوع وطلب النفس للنوم عند التعب فالمراد بالطلب الحقيقي طلب النفس الداخلي التكويني وأما الطلب الإنشائي فهو عبارة عن المبرز لطلب النفس بلفظ وغيره كما لو قال شخص لآخر اسقني ماء أعطني طعاما افرش لي فراشا لكي أنام فإن هذه الأوأمر عبارة عن أوأمر إنشائية وطلبات إنشائية تبرز وتظهر الطلب الداخلي بقوالب لفظية إذن يوجد طلبان طلب نفسي داخلي يقال له الطلب الحقيقي وطلب إنشائي يبرز ويكشف عن الطلب الداخلي وهذان الطلبان قد يجتمعان وقد يفترقان فالنسبة بينهما هي نسبة العموم والخصوص من وجه فقد يكون الإنسان عطشانا ويقول أعطني ماء فهنا اجتمع الطلب الحقيقي للنفس والطلب الإنشائي المبرز بقوله أعطني ماء وقد يكون عطشانا ولكن لعزة نفسه لا يطلب الماء فهنا قد تحقق الطلب الحقيقي للماء ولم يتحقق الطلب الإنشائي وقد يطلب الماء قائلا اسقني ماء مع أنه ليس بعطشان فهنا افترق الطلب الإنشائي عن الطلب الحقيقي، إذن اتضح أولا الفارق بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي.

النقطة الثانية الطلب الإنشائي يقال له أمر اسقني ماء أمرك بجلب الماء أعطني طعاما أأمرك بجلب الطعام فالأمر الإنشائي هو عبارة عن الطلب الإنشائي بخلاف الطلب النفسي فإنه عبارة عن الإرادة النفسانية فالنفس إذا أرادت الماء طلبته وإذا أرادت الطعام طلبته إذن عندنا إرادة وطلب نفساني داخلي وعندنا أمر وطلب إنشائي خارجي فتكون النتيجة إن لفظ الأمر موضوع لخصوص الطلب الإنشائي لا الطلب النفساني والعكس بالعكس إن الإرادة موضوعة للطلب النفساني لا الطلب الإنشائي إذن يوجد تقابل بين الطلب والإرادة الطلب هو عبارة عن الطلب الإنشائي الخراجي والإرادة هي عبارة عن الطلب الداخلي النفساني.

النقطة الثالثة قد نتنزل ونقول إن الأمر ليس موضوعا للطلب الإنشائي كما قلنا في النقطة الثانية كما أن الإرادة ليست موضوعة لخصوص الطلب النفسي الداخلي فالإرادة إرادتان إرادة نفسية وإرادة إنشائية خارجية كما أن الطلب طلبان طلب داخلي نفسي وطلب خارجي إنشائي إذن عنوان الطلب ليس مختصا بخصوص الطلب الإنشائي بل يعم الطلب النفسي كما أن عنوان الأمر لا يختص بخصوص الطلب الإنشائي بل يشمل الأوامر النفسانية ويشمل الطلب النفسي لكن عنوان الأمر وكذلك عنوان الطلب ينصرف لخصوص الطلب الإنشائي نظرا لكثرة الاستعمال فإن لفظ الأمر ولفظ الطلب يكثر استعمالهما في خصوص الطلب الإنشائي دون الطلب النفسي مع أن لفظ الأمر ولفظ الطلب من ناحية الوضع اللغوي مطلقان أي يشملان الطلب الإنشائي الخارجي والطلب النفسي الداخلي لكن يوجد انصراف في هذا الإطلاق فلفظ الأمر ولفظ الطلب ينصرفان إلى خصوص الطلب الإنشائي.

والعكس بالعكس في مقابلهما وهو لفظ الإرادة فإن لفظ الإرادة مطلق يشمل كلا الطلبين الطلب النفسي والطلب الإنشائي فهناك إرادة نفسية وإرادة إنشائية إلا أن لفظ الإرادة ينصرف إلى خصوص الإرادة النفسية دون الإرادة الإنشائية والموجب والمقتضي للانصراف هو كثرة الاستعمال، نتيجة النقطة الثالثة يوجد تقابل بين الإرادة والطلب بين الإرادة والأمر فكلاهما مطلق يعني الأمر والطلب والإرادة يشملان كلا القسمين الطلب الإنشائي والطلب النفسي ولكن لفظ الأمر ولفظ الطلب ينصرف إلى خصوص الطلب الإنشائي ولفظ الإرادة ينصرف إلى خصوص الإرادة النفسية إذن يوجد تقابل بين الإرادة النفسية وبين الطلب الإنشائي يوجد تقابل بين الإرادة النفسية والطلب النفسي وبين الأمر الإنشائي.

الفرق بين النقطة الثانية والنقطة الثالثة هو الفارق في النقطة الثالثة هناك دعوى أن لفظ الأمر والطلب مطلق يشمل كلا الطلبين الإنشائي والنفسي لكنه ينصرف إلى الإنشائي كما أن لفظ الإرادة مطلق يشمل كلا الطلبين النفسي والإنشائي لكنه ينصرف إلى خصوص الطلب النفسي.

وأما في النقطة الثانية هناك دعوى الوضع والاختصاص، النقطة الثانية نقول الأمر والطلب موضوع لخصوص الطلب الإنشائي دون الطلب النفسي ما يشمل الطلب النفسي الأمر والطلب ما يشمل الطلب النفسي وإنما يختص بخصوص الطلب الإنشائي كما أن الإرادة تختص بخصوص الإرادة النفسية ولا تشمل الإرادة والطلب الإنشائي.

ومن هنا بناء على النقطة الثانية نقول لفظ الطلب إما أن يأتي مطلقا من دون قيد وإما أن يأتي بقيد كقيد الإنشاء، سؤال الطلب مطلقا موضوع لأي شيء والطلب المقيد بالإنشاء موضوع لأي شيء؟

الجواب لفظ الأمر موضوع للطلب الإنشائي لا لمطلق الطلب كما أن لفظ الإرادة موضوع لمطلق الطلب لا للطب المقيد بالإنشاء.

سؤال ما هو موضوع الإرادة؟ مطلق الطلب يعني ما هو مصداق الإرادة مطلق الطلب.

سؤال ما هو موضوع الأمر؟ ما هو مصداق الأمر؟ الجواب الطلب الإنشائي لا مطلق الطلب، النتيجة النهائية في علم الأصول لفظ الأمر ونحن ندرس مادة الأمر موضوع لخصوص الطلب الإنشائي دون الطلب النفسي ولا أقل من التنزّل بأن نقول لفظ الأمر منصرف إلى خصوص الطلب الإنشائي لا لمطلق الطلب بخلاف لفظ الإرادة فإنه مختص بخصوص الطلب النفسي دون الطلب الخارجي أو الإنشائي أو لا أقل من التنزّل بأن نقول إن لفظ الإرادة مطلق يشمل الطلب النفسي والطلب الإنشائي لكنه ينصرف بسبب كثرة الاستعمال إلى خصوص الطلب النفسي وإذا أردنا التدقيق والتحقيق فالإرادة ليست طلبا لأن الطلب عبارة عن السعي نحو المطلوب السعي نحو المقصود وبمجرد أن يريد الإنسان داخليا الماء فهذا لا يعني أنه سعى نحو المطلوب ونحو الماء فمن هنا يقال إن الطلب موضوع للأمر يعني الأمر موضوعه الطلب الإنشائي وأما الإرادة فليست بطلب يعني ليست بطلب إنشائي، إلى هنا نحن في علم الأصول ثم صاحب الكفاية يتطرق إلى مطلب عقائدي إذ ذهبت الاشاعرة إلى المغايرة بين الإرادة والطلب فقالت الإرادة شيء والطلب شيء آخر خلافا للعدلية وهم يطلق لفظ العدلية على فرقتين المعتزلة والشيعة الإمامية لأنهم يرون أن العدل أصل من أصول الدين إذن ذهبت العدلية إلى أن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة وذهبت الأشاعرة إلى أن الإرادة مغايرة للطلب والطلب معنى آخر مغاير للإرادة.

يا صاحب الكفاية والعجب العجاب أن بعض الفحول من علمائنا كصاحب الحاشية وهو التقي المجلسي حاشيته على معالم الدين وملاذ المجتهدين التقي الأصفهاني عنده كتاب هداية المسترشدين هذا هداية المسترشدين هو حاشية على معالم الدين للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني فإذا قالوا الحاشية معروف مو حاشية ملة عبد الله في المنطق الحاشية في الأصول ينصرف إلى كتاب هداية المسترشدين للشيخ محمد تقي الأصفهاني أخ صاحب الفصول والمحقق الخوانساري في رسالته في مقدمة الواجب كما نقل عنه المحقق الرشتي في بدائع الأفكار ذهب هذان العلمان المحقق الأصفهاني في هداية المسترشدين والمحقق الخوانساري في مقدمة الواجب ذهبا إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من أن الإرادة هي مغايرة للطلب والطلب مغاير للإرادة خلافا للمشهور بين الإمامية من أن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة.

صاحب الكفاية يشير إلى المطلب ويوجه كلاهما.

صاحب الكفاية يقول الإرادة النفسية هي عين الطلب النفسي والطلب النفسي هو عين الإرادة النفسية وكذلك الأمر الإنشائي هو عين الطلب الإنشائي والطلب الإنشائي هو عين الأمر الإنشائي لكن الأمر والطلب الإنشائي في مقابل الإرادة والطلب النفسي فحينما قالت الإمامية إن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة، كان مرادهم من الإرادة الإرادة النفسية، الإرادة الداخلية لا الإرادة الإنشائية فإن الإرادة الإنشائية هي عين الطلب الإنشائي والطلب الإنشائي هو عين الإرادة الإنشائية، إذن عندنا إرادتنا متقابلتان وطلبان متقابلان الإرادة الإنشائية في مقابل الإرادة النفسية والطلب الإنشائي في مقابل الطلب النفساني ولا يصح أن نقول إن الإرادة النفسية هي عين الإرادة الإنشائية ولا يصح أن نقول إن الطلب النفسي هو عين الطلب الإنشائي فالإمامية حينما قالوا إن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة مقصودهم الإرادة الداخلية الإرادة النفسية لأن لفظ الإرادة ظاهر في الإرادة النفسية لا الإرادة الإنشائية كما أن لفظ الأمر ظاهر في الأمر الإنشائي لا الأمر النفساني ولكن يوجد توجيه لما ذهب إليه صاحب الهداية المسترشدين والمحقق الخوانساري إذ أنهما ذهبا إلى التغاير نقول لعلهما قد ذهبا إلى التغاير نظرا للانصراف لأننا قلنا الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة لكن الإرادة لو تنزلنا هي تشمل مطلق الطلب، الطلب النفسي والطلب الإنشائي وكذلك الأمر يشمل الطلب النفسي والطلب الإنشائي لكنه ينصرف إلى خصوص الطلب الإنشائي فحينما ذهب العلمان إلى وجود مغايرة فكلاهما بالنظر إل الانصراف يعني لفظ الأمر والطلب ينصرف إلى الطلب الإنشائي ولفظ الإرادة ينصرف إلى الإرادة النفسية وهناك تغاير بين الإرادة النفسية وبين الطلب الإنشائي.

ذهبت الإمامية إلى أن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة ومرادهم من الإرادة خصوص الإرادة النفسية وذهبت الأصفهاني والمحقق الخوانساري إلى التغاير بين الإرادة والطلب والجواب إنهما التزما بالمغايرة بالنظر إلى الانصراف يعني لفظ الأمر ينصرف إلى الطلب الإنشائي ولفظ الإرادة ينصرف إلى الإرادة النفسية ولا شك يوجد تغاير بين الإرادة النفسية وبين الإرادة الإنشائية يوجد تغاير بين الإرادة النفسية وبين الأمر والطلب الإنشائي.

شيخنا يا صاحب الكفاية الآن أنت تدعي دعوى المشهور وهي إن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة يقول نعم يقول الإرادة والطلب لفظان لمعنى واحد وهو الشوق الأكيد يعني العطشان عنده شوق أكيد لشرب الماء هذا الشوق الأكيد إما نصطلح عليه مصطلح إرادة شرب الماء وإما نصطلح عليه طلب شرب الماء بناء على هذا يلزم وجود ترادف بين لفظ الإرادة والطلب، لفظ الإرادة والطلب مفردتان لمعنى واحد وهو الشوق الأكيد.

إلى هنا صورنا كيفية الاتحاد العيني كيف تكون الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة يبقى الكلام في الدليل، ما هو الدليل؟ الجواب الوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان لأن كلامنا عن الطلب والإرادة النفسية لا الطلب والإرادة الإنشائية فلو بحثنا في غور النفس لم نجد إلا شيئين الأول الإرادة والشوق الأكيد، الثاني مقدمات الإرادة يعني هناك إرادة وهناك مقدمات لهذه الإرادة، ما هي المقدمات؟ يذكر صاحب الكفاية "رحمه الله" أربع أو خمس مقدمات.

المقدمة الأولى خطور الشيء يعني تصور الشيء يتصور الماء إذا هو عطشان يتصور الماء.

المقدمة الثانية يتصور الفائدة من الماء أن هناك فائدة رفع عطشه من هذا الماء أو لا ربما يقول هذا ليس ماء هذا ماء مضاف هذا بنزين.

المقدمة الثالثة التصديق بتصور الفائدة يعني فعلا يأتي يشم الماء رأى السائل فعلا أن هذا ماء وليس ببنزين.

إذن أول مقدمة تصور الشيء ثاني مقدمة تصور فائدة الشيء، ثالث مقدمة التصديق بفائدة الشيء، رابع مقدمة الميل والهيجان نحو ذلك الشيء مثلا شخص جائع من بعيد وجد شيء توهمه طعاما قبل ما تصير عنده إرادة نحو ذلك الطعام أو ذلك الشيء أولا يتصور ذلك الشيء فعلا ذلك طعام أو حجر ثانيا يتصور الفائدة من ذلك الشيء هذا الطعام انتهت مدته أو له صلاحية، ثالثا التصديق بفائدة ذلك الشيء يبحث وفعلا إذا وجد أنه يوجد تاريخ لهذا الطعام.

المقدمة الرابعة الميل والهيجان نحو ذلك الشيء ويلتهم الطعام إذا تحققت المقدمات الأربع تصور الشيء أولا، تصور فائدة الشيء ثانيا، التصديق بفائدة الشيء ثالثا الميل والهيجان نحو ذلك الشيء يتحقق الجزم إذا يجزم يسعى لإزالة الموانع هل يوجد مانع للذهاب إلى الماء أو الطعام توجد ثعبان يوجد أسد يعمل على قتله أو الاختباء عنه حتى يصل إلى ذلك الطعام، إذن في داخل النفس لا يوجد إلا الإرادة ومقدمات الإرادة ولا يوجد إنشاء في داخل النفس الإنسانية يوجد الإرادة والطلب النفساني وقبل تحقق الإرادة والطلب النفساني توجد مقدمات أربع تصور الشيء ثم تصور فائدة الشيء ثم التصديق بفائدة الشيء ثم الميل والهيجان نحو ذلك الشيء فيتحقق الجزم، الجزم نتيجة المقدمات إذا تحقق الجزم تحركت الإرادة تحركت عضلات الإنسان أو الحيوان، إذن في داخل النفس لا يوجد إلا الإرادة ومقدمات الإرادة.

بحثنا في الأوامر الجهة الرابعة إن الأوامر موضوعة لخصوص الطلب الإنشائي دون الطلب النفسي انتهى بحث الأصول ثم يعرج صاحب الكفاية هل الإرادة هي عين الطلب أو لا؟ يقول ذهب المشهور إلى أن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة خلافا للاشاعرة من أهل السنة وقد خالف من علمائنا المحقق الأصفهاني والمحقق الخوانساري ونقول لعل خلافهما تمسكا بدعوى الانصراف إذ أن لفظ الأمر ينصرف إلى خصوص الطلب الإنشائي ولفظ الإرادة ينصرف إلى خصوص الطلب النفساني ويوجد مغايرة بين المنصرفين وهما الطلب الإنشائي والطلب النفساني.

ثم يصور دعوى العينية كيف تكون الإرادة هي عين الطلب التصوير هكذا الإرادة والطلب لفظان لشيء واحد وهو الشوق الأكيد ثم يصور الدليل ما هو الدليل؟ الوجدان إذ أننا ندرك بالوجدان في داخلنا أنه يوجد في قعر النفس إلا الإرادة ومقدمات الإرادة الأربع.

اتضح أن الأمر ظاهر في الطلب الإنشائي وإن الأمر ليس موضوع لمطلق الطلب بل موضوع للطلب المقيد بالإنشاء فالأمر مصداق للطلب الإنشائي وليس مصداقا لمطلق الطلب الإرادة مصداق لمطلق الطلب.

 

تطبيق العبارة

الجهة الرابعة الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر، هو يريد أن يبحث لفظ الأمر ما هو معنى الأمر؟ الطلب، يريد أن يقول ليس المراد بالطلب الذي هو معنى الأمر مطلق الطلب بل المراد خصوص الطلب المقيد بالإنشاء فإن مطلق الطلب هو قد وضع للإرادة وفرق بين الإرادة والأمر.

الجهة الرابعة الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقي بل الطلب الإنشائي الذي يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعي يعني بلحاظ المصداق، إيراد لفظ الحمل الشائع الصناعي في غير محله لأن الحمل يبحث عن الوجود تقول الإنسان ناطق يعني أنت تبحث عن وجود الإنسان فحملت الناطقية على الإنسان إذن الحمل يبحث عن عالم الوجود فيقسمون حمل شائع صناعي بلحاظ المصداق وحمل ذاتي أولي بلحاظ المفهوم إذن الحمل ناظر إلى الوجود بحثنا في الوضع الوضع ناظر إلى المفاهيم وليس ناظرا إلى الوجود، لذلك السيد محمد المروج الجزائري في منتهى الدراية[2] الجزء الأول صفحة 379 يشير إلى هذه النكتة ويمكن مراجعة كتاب حقائق الأصول للسيد محسن الحكيم[3] الجزء الأول صفحة 145 يقول السيد الجزائري الأولى تبديل قوله بالحمل الشائع الصناعي بقوله طلبا مطلقا لا إنشائيا يعني يقول الذي يكون طلبا مطلقا لا إنشائيا من دون حاجة إلى حمل الشائع الصناعي وذلك لأن الموضوع في الحمل الشائع هو المصداق لا المفهوم كما في زيد إنسان ونحوه وباب الوضع القائم بالمفاهيم اجنبي عن الوجود المتقوم بها الحمل ولا ينبغي خلط أحدهما بالآخر، خلط الحمل بالمفاهيم.

الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطلب الحقيقي الذي يكون طلبا، إذا نريد نعدلها بعبارة أسهل الذي يكون مصداقا للطلب المطلق بالحمل الشائع الصناعي وليس مصداق للطلب الإنشائي.

الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر ليس هو الطب الحقيقي بل الطلب الإنشائي يعني بل الأمر هو الطلب الإنشائي الذي لا يكون بهذا الحمل ـ الطلب الإنشائي ـ طلبا مطلقا لا يكون طلبا مطلقا لان الطلب المطلق هو الإرادة بل طلبا إنشائيا يعني بل يكون الأمر طلبا إنشائيا سواء انشأ بصيغة افعل أو انشأ بمادة الطلب اطلب منك أو بمادة الأمر أأمرك أو بغيرها يعني بغير مادة الأمر مثل الجملة الاسمية في مقام الطلب.

إلى هنا بين النقطة الأولى التي اشرنا إليها في النقطة الثانية، ما هي النقطة الأولى؟ إن الأمر موضوع لخصوص الطلب الإنشائي وإن الإرادة موضوعة لخصوص الطلب النفسي مطلق الطلب الآن يشير إلى النقطة الثانية التي أشرت إليها نقطة ثالثة وهو التنزل ودعوى الانصراف يعني لفظ الأمر ولفظ الطلب مطلقان يشملان الطلب الإنشائي والطلب النفسي لكن ينصرفان إلى خصوص الطلب الإنشائي كما أن لفظ الإرادة مطلق يشمل الإرادة النفسية والإرادة الإنشائية لكن تنصرف الإرادة إلى خصوص الإرادة النفسية دون الإرادة الإنشائية.

يقول ولو أبيت إلا عن كونه يعني كون الأمر موضوعا للطلب يعني موضعا لمطلق الطلب صار لفظ الأمر موضوع لمطلق الطلب يعني يشمل الطلب الإنشائي والطلب النفسي، فلا أقل من كونه يعني كون الأمر منصرفا إلى الإنشائي منه ـ من الطلب ـ عند إطلاقه يعني عند إطلاق الأمر يعني عندما يكون لفظ الأمر مطلقا فإنه وإن كان يشمل الطلب الإنشائي والنفساني معا لكنه ينصرف إلى خصوص الطلب الإنشائي، ما هو الموجب للانصراف؟ كثرة الاستعمال يعني في اللغة العربية عادة يستعمل لفظ الطلب ولفظ الأمر في خصوص الطلب الإنشائي دون الطلب النفسي وكذا العكس بالنسبة إلى الإرادة، الإرادة وإن شملت الطلب النفسي والطلب الإنشائي لكن الإرادة تنصرف إلى خصوص الطلب النفسي.

يقول ولو أبيت إلا عن كونه ـ الأمر ـ موضوعا للطب ـ مطلق الطلب ـ فلا أقل من كونه منصرفا إلى الإنشاء منه يعني من الطلب عند إطلاقه ـ عند إطلاق الأمر ـ كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا يعني لفظ الطلب ولفظ الأمر سيان في كونهما يشملان كلا القسمين من الطلب الطلب الإنشائي والطلب النفسي وأيضا هما سيان في انصرافهما انصراف لفظ الأمر ولفظ الطلب إلى خصوص الطلب الإنشائي، وذلك يعني الانصراف يعني انصراف لفظ الأمر ولفظ الطلب إلى خصوص الطلب الإنشائي لكثرة يعني بسبب كثرة الاستعمال يعني استعمال لفظ الأمر واستعمال لفظ الطلب، في الطلب الإنشائي، كما أن الأمر في لفظ يعني كما أن الشأن والحال في لفظ الإرادة وليس الأمر يعني مادة لفظ الأمر كما أن الأمر يعني كما أن الحال والشأن في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب لأن لفظ الطلب ينصرف إلى الطلب الإنشائي لفظ الإرادة ينصرف إلى الطب النفسي المقابل للطلب الإنشائي، والمنصرف عنها يعني واللفظ الإرادة المنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقية كما أن الأمر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب والمنصرف عنها ـ عن لفظ الإرادة ـ عند إطلاقها ـ عند إطلاق الإرادة ـ هو الإرادة يعني الإرادة النفسية دون الإرادة الإنشائية واختلافهما في ذلك الآن يبرر اختلاف المحقق الخوانساري والمحقق الأصفهاني.

واختلافهما يعني اختلاف الإرادة والطلب في ذلك يعني في الانصراف الإرادة تنصرف إلى الإرادة الحقيقية النفسية والأمر ينصرف إلى الطلب الإنشائي، الجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الاشاعرة من المغايرة بين الطلب والإرادة، بعض أصحابنا من؟ المحقق الشيخ محمد تقي الأصفهاني في هداية المسترشدين[4] الجزء الأول صفحة 589 والمحقق الخوانساري في رسالته في مقدمة الواجب نقل عنه ذلك المحقق الرشتي في بدائع الأفكار[5] صفحة 256.

الأشاعرة ذهبوا إلى المغايرة بين الطلب والإرادة يمكن مراجعة شرح المواقف للإيجي[6] الجزء الثامن صفحة 94، شرح التجريد تعليقة القوشجي صفحة 246 ونقد المحصل صفحة 170هذه مصادر ثلاثة مهمة كلامية للاشاعرة.

خلافا لقاطبة أهل الحق ـ الشيعة الإمامية ـ يمكن مراجعة مفاتيح الأصول[7] صفحة 109 المحقق السبزواري، هداية المسترشدين[8] الجزء الأول صفحة 582 والفصول[9] لأخيه الشيخ محمد حسين الأصفهاني صفحة 68، والمعتزلة يمكن مراجعة كلام الرازي نقل عنهم الرازي في كتاب المحصول[10] الجزء الثاني صفحة 19، من اتحادهما يعني اتحاد الطلب والإرادة.

ثم يقول صاحب الكفاية فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما هو الحق في المقام، هذه الفقرة كلها يمكن حذفها زائدة، وإن حققناه في بعض فوائدنا الشيخ صاحب الكفاية عنده تعليقة على رسائل الشيخ الأنصاري اسمها فوائد الأصول في التعلية على فرائد الأصول مطبوع بشكل مستقل، فوائد الأصول[11] من صفحة 287 إلى صفحة 290.

وإن حققنا في بعض فوائدنا هذا رسالة في الطلب والإرادة، إلا أن الحوالة يعني الإحالة على فوائد الأصول حاشية الرسائل للآخوند لما لم تكون عن المحذور خالية يعني الإحالة عليها فيها محذور لعل كتاب الفوائد ما كان حاضر عنده أو لحظة الكتابة ما كان حاضر عنده فيشير إلى الموضع، والإعادة بلا فائدة ولا إفادة، هذه العبارة غير منسجمة في نسخة أخرى بعض الطبعة والإعادة ليست بلا فائدة وإفادة يعني الإعادة لا تخلو من فائدة التكرار ما ذكره الآخوند في حاشيته على الرسائل يذكره في الكفاية، كان المناسب التعرض ها هنا أيضا يعني في الكفاية.

الآن يتكلم في التصوير التصوير الإرادة والطلب هما لفظان لمعنا واحد وهو الشوق الأكيد، قال فأعلم أن الحق كما عليه أهله ـ الشيعة الإمامية ـ وافقا للمعتزلة وخلافا للاشاعرة هو اتحاد الطلب والإرادة الطلب والإرادة النفسيين، بمعنى أن لفظيهما الطلب والإرادة موضوعان بإزاء يعني مقابل مفهوم واحد وما بإزاء احدهما ـ الطلب والإرادة في الخارج يكون بإزاء الآخر بإزاء أحدهما الآخر الطلب أو الإرادة، يريد أن يقول ما هو مطابق الإرادة هو مطابق الطلب وما هو مطالب الطلب هو مطابق الإرادة يعني ما ينطبق عليه أنه إرادة ينطبق عليه أنه طلب هكذا وما هو بإزاء أحدهما يعني والذي ينطبق عليه أحدهما إما الطلب أو الإرادة في الخارج يكون بإزاء الآخر يعني يكون منطبقا للآخر الطلب أو الإرادة والطلب المنشأ بلفظه أو بغيره بغير لفظه، الطلب قد ينشأ بغير اللفظ كالإشارة مثلا هو عين الإرادة الإنشائية يعني الإرادة الإنشائية هي الطلب الإنشائي والطلب الإنشائي هو عين الإرادة الإنشائية.

وبالجملة هما متحدان الآن يريد أن يستدل عليهما بالوجدان، هما ـ الطلب والإرادة ـ متحدان مفهوما وإنشاء وخارجا وذهنا لا أن الطلب الإنشائي الذي هو المنصرف إليه ـ إلى الطلب الإنشائي ـ إطلاقه يعني إطلاق الأمر كما عرفت، عرفت من البداية لما قال أن الطلب الذي يكون هو معنى الأمر بل الطلب الإنشائي.

وبالجملة هما متحدان مفهوما وإنشاء وخارجا وذهنا لا أن الطلب الإنشائي الذي هو ـ الطلب الإنشائي ـ المنصرف إليه إطلاقه ـ إطلاق الأمر ـ كما عرفت متحد مع الإرادة الحقيقية يعني الإرادة النفسية التي ينصرف إليها ـ إلى الإرادة النفسية ـ إطلاقها ـ إطلاق الإرادة ـ يريد أن يقول الإرادة النفسية لا تنطبق مع الأمر الإنشائي بينهما مغايرة ضرورة أن المغايرة بينهما يعني بين الطلب الإنشائي والإرادة الحقيقية النفسية أظهر من الشمس وأبين من الأمس فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد أن الإرادة والأمر لفظان لمعنى واحد وهو الشوق الأكيد ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به ـ بالشيء ـ حقيقة كفاية يكفي الوجدان فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس لا يجد صفة أخرى قائمة بها يعني بالنفس يكون هو الطلب غيرها سوى يعني إلا ما هو مقدمة تحققها يعني مقدمة تحقق الإرادة عند خطور الشيء يعني تصور الشيء هذه المقدمة الأولى ثاني مقدمة تصور فائدة الشيء لم يذكرها ثالث مقدمة التصديق بفائدة الشيء رابع مقدمة قال والميل وهيجان الرغبة إليه ـ إلى الشيء ـ والتصديق بفائدته يعني بفائدة الشيء إذن هذا والتصديق بفائدة المفروض يقدمها على الميل وصاحب الكفاية ذكر ثلاث مقدمات الأولى خطور الشيء يعني تصور الشيء الثاني ما ذكره وهو تصور فائدة الشيء، الثالث ذكره لكن أخره وهو التصديق بفائدته هذه المقدمة الثالثة المقدمة الرابعة قدمها على الثالثة وهي والميل وهيجان الرغبة إليه، فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة وهو الجزم بدفع ما يوجب يعني ما يقتضي توقفه ـ توقف الإنسان ـ عن طلبه لأجلها ـ لأجل هذه الإرادة فإن الجائع أو العطشان إذا جزم بوجود الفائدة وأن الموجود أمامه ماء وليس بسراب فإنه في هذه الحالة يدفع كل ما يقتضي أن يمنعه من شرب الماء وبالجملة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo