< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقصد الاول، الاوامر /الدليل الأول والثاني لمذهب الأشاعرة

 

قال الشيخ الآخوند الخراساني "رحمه الله" وبالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الجهة الرابعة من الفصل الأول من الأوامر الفصل الأول في مادة الأمر والجهة الرابعة في أن مادة الأمر موضوعة للطلب الإنشائي لا الطلب الحقيقي والنفسي ثم تطرق صاحب الكفاية "رحمه الله" إلى ما ذهب إليه الاشاعرة من تغاير الإرادة مع الطلب وبين أن مذهب العدلية وهم الشيعة الإمامية والمعتزلة هو الاتحاد والعينية أي أن الإرادة هي عين الطلب والطلب هو عين الإرادة خلافا للأشاعرة الذين ذهبوا إلى المغايرة فقالوا إن الإرادة مغايرة للطلب.

ووضح الشيخ الآخوند "رحمه الله" الفارق بين طلبين الأول هو الطلب النفسي الحقيقي وهو الإرادة النفسية الحقيقية وفرّق بين الطلب والإرادة النفسية وبين الثاني وهو الأمر والطلب الإنشائي الإيقاعي فقال إن الإرادة النفسية والحقيقية هي عين الطلب النفسي والحقيقي كما أن الأمر الإنشائي هو عين الطلب الإنشائي إذن يوجد اتحاد عيني بين الأمر الإنشائي والطلب الإنشائي ويوجد من جهة أخرى اتحاد عيني بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي ويوجد تغاير بين الطلبين والإرادتين أي بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي ويوجد تغاير بين الإرادة النفسية وبين الإرادة الإنشائية.

واستدل صاحب الكفاية "رحمه الله" على دعوى الاتحاد والعينية بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان فقال إن الإرادة لفظ والطلب لفظ وكلاهما له معنا واحد وهو الشوق الأكيد وإذا رجعنا إلى النفس نجد أن النفس لا يوجد فيها إلا الإرادة ومبادئ الإرادة أي مقدمات الإرادة وهي أربعة أولا تصور الشيء، ثانيا تصور فائدة الشيء، ثالثا التصديق بفائدة الشيء، رابعا الميل والهيجان نحو الشيء فإذا توفرت مقدمات الإرادة الأربع وهي تصور الشيء وتصور فائدته والتصديق بفائدته والميل والهيجان نحو الشيء تتحقق الإرادة فإذا تحققت الإرادة تحققت نتيجة الإرادة، وما هي نتيجة الإرادة؟ الجزم بدفع ورفع جميع الموانع التي قد تمنع من تحقق الشيء فالعطشان إذا تيقن أنه على بعد يوجد ماء ولا يوجد سراب تحركت الإرادة فيجزم بضرورة التحرك وضرورة إزالة جميع الموانع والعقبات التي قد تحول دون الوصول إلى الماء، هذا التحرك نحو المطلوب إما أن يكون بالمباشرة وإما أن يكون بواسطة الغير فإما أن يسعى بنفسه ويحرك رجليه نحو الماء وإما أن يأمر عبده أو يأمر شخصا آخر لكي يجلب له الماء وهذا هو الفارق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية الإرادة التكوينية هي عبارة عن السعي نحو المطلوب مباشرة، السعي نحو المطلوب بالنفس وأما الإرادة التشريعية فهي عبارة عن السعي نحو المطلوب بواسطة الغير لا بالمباشرة فإذا ركض نحو الماء فإنه يكون قد حرك إرادته التكوينية لأنه سعى نحو الماء بنفسه مباشرة وأما إذا لم يتحرك نحو المقصود بنفسه مباشرة وإنما بإرادة الغير وبواسطة الغير بأن أمر غيره بجلب الماء فحينئذ تكون الإرادة التشريعية، إذن تشترك الإرادتان التكوينية والتشريعية في شيء وتختلفان في شيء تشتركان في السعي نحو المطلوب ونحو المقصود وتختلفان في أن الإرادة التكوينية سعي نحو المطلوب بالنفس مباشرة والإرادة التشريعية هي عبارة عن سعي نحو الشيء من غير مباشرة وإنما بواسطة الغير، إذن نحن ندرك بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان أن داخل النفس لا يوجد شيء آخر غير الإرادة يعني في النفس يوجد إرادة فقط ولا يوجد طلب مغاير للإرادة فدعوى الأشاعرة أنه يوجد إرادة نفسية وطلب نفسي والإرادة النفسية تختلف عن الطلب النفسي فذهبوا إلى وجود الكلام النفسي فقالوا إن الله "عز وجل" له كلامان له كلام في نفسه وله كلام غير الكلام النفسي صاحب الكفاية "رحمه الله" يقول لو رجعنا إلى النفس لوجدنا أن داخل النفس لا توجد إلا الإرادة ومقدمات ومبادئ الإرادة ولا يوجد شيء آخر غير الإرادة ومقدماتها يطلق عليه الطلب فالإرادة النفسية هي الطلب النفسي والطلب النفسي هو عين الإرادة النفسية، الإرادة الحقيقية هي نفس الطلب الحقيقي والطلب الحقيقي هو عين الطلب النفسي.

ثم يوسع الدائرة صاحب الكفاية يقول هذا الكلام ليس مختصا بخصوص مادة الأمر ومادة الطلب بل هذا يشمل جميع كلام وكلمات الإنسان لأن كلام الإنسان إما خبر وإما إنشاء، الإنشاء مثل التمني، الترجي، الاستفهام، الدعاء إذا رجعنا إلى قعر النفس نجد أن داخل النفس لا يوجد إلا تمني الشيء، ترجي الشيء السؤال والاستفهام عن الشيء التعجب من الشيء ولا يوجد داخل النفس التعجب من الشيء وطلب الشيء، السؤال عن الشيء والاستفهام وطلب الشيء لا يوجد داخل النفس اثنينية ترجي الشيء وطلب الشيء التعجب من الشيء وطلب الشيء، لا توجد اثنينية داخل النفس هذا بالنسبة إلى الإنشاء.

وهكذا بالنسبة إلى الإخبار فإنه في الخبر إما تثبت النسبة أو ما تثبت النسبة، يعني إما يصدق الخبر فتثبت النسبة أو يكذب الخبر فلا تثبت النسبة ولا ثالث في البين ففي قرارت النفس إما تثبت النسبة فيثبت العلم وإما نجهل ثبوت النسبة فيثبت عدم العلم ولا ثالث في البين إما أن يعلم بالشيء وإما أن يجهل بالشيء ولا يوجد شيء آخر، إذن لا يقال إن داخل النفس يوجد طلب الشيء وإرادة الشيء والإرادة يعبر عنها بالكلام النفسي والطلب يعبر عنه بالطلب النفسي ويقال إن الطلب النفسي يغاير الإرادة النفسية الحقيقية التي هي الكلام النفسي هذا لا دليل عليه، هذا إلى هنا في مقام بيان كلام صاحب الكفاية "رحمه الله".

خلاصة الأمر يقول صاحب الكفاية يوجد اتحاد بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي هذا أولا وثانيا يوجد اتحاد بين الطلب الإنشائي والأمر الإنشائي، وثالثا يوجد تغاير بين الأمر والطلب الإنشائي من جهة وبين الإرادة والطلب الحقيقي من جهة أخرى وأما دعوى أن الإرادة الحقيقية تغاير الطلب الحقيقي فغير صحيح لأن في داخل النفس لا توجد إلا الإرادة ومقدمات الإرادة ولا يوجد شيء آخر غير الإرادة ومقدماتها يطلق عليه الطلب إذن الطلب هو عين الإرادة والإرادة هي عين الطلب وهذه العينية في الإرادة والطلب النفسيين الحقيقيين كما هي موجودة في الإرادة النفسية موجودة في سائر الكلام من خبر وإنشاء فإنه في داخل النفس لا يفرق بين الاستفهام والترجي والتمني والدعاء وبين الطلب النفسي والطلب الحقيقي فإنه في داخل النفس لا يوجد كلام نفسي وإنما توجد الإرادة النفسية الإرادة الحقيقية فقط وهي عين الطلب الحقيقي، إذن في داخل النفس لا يوجد إلا الإرادة ومقدمات الإرادة، مقدمات الإرادة أربعة إذا تحققت تحققت الإرادة إذا تحققت الإرادة تتحقق نتيجة الإرادة وهي الجزم بدفع الموانئ.

إذا نرجع إلى كلام صاحب الكفاية سنجد اشتباهين أو ملاحظتين:

الملاحظة الأولى هي أن صاحب الكفاية لم يذكر المقدمات الأربع وإنما ذكر مقدمات ثلاث وحذف المقدمة الثانية فذكر المقدمة الأولى وهي خطور الشيء أو تصور الشيء ولم يذكر المقدمة الثانية وهي تصور فائدة الشيء ونجد أيضا إن صاحب الكفاية قدم المقدمة الرابعة على الثالثة فقدم الميل والهيجان الذي هو المقدمة الرابعة على المقدمة الثالثة وهي التصديق بفائدة الشيء إذن المقدمات الأربع ترتيبها هكذا تصور الشيء أولا وتصور فائدة الشيء ثانيا والتصديق بفائدة الشيء ثالثا والميل والهيجان نحو الشيء رابعا إذا تحققت المبادئ الأربعة تحققت الإرادة إذا تحققت الإرادة تحققت نتيجة الإرادة الجزم بضرورة إزالة الموانع والعقبات.

الملاحظة الثانية أو الاشتباه الثاني صاحب الكفاية جعل الإرادة هي نفس الجزم والحال إن الجزم بإزالة العقبات هو نتيجة للإرادة لا أن الجزم بإزالة العقبات والموانع هو نفس الإرادة.

 

تطبيق العبارة

يقول صاحب الكفاية فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد يعني بين الطلب والنفسي والإرادة النفسية ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به ـ بالشيء حقيقة ـ كفاية فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس يكون هو الطلب يعني تكون هي الطلب يعني في داخل النفس لا توجد إرادة نفسية وطلب نفسي كما يقول الأشاعرة، غيرها هذه زائدة لعلها من سهو النساخ، سوى ما هو مقدمة إلا ما هو مقدمة فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى إلا ما هو مقدمة تحققها يعني تحقق الإرادة عند خطور الشيء هذه المقدمة الأولى يعني تصور الشيء والميل وهيجان الرغبة إليه هذه هي المقدمة الرابعة والتصديق بفائدته يعني بفائدة الشيء هذه هي المقدمة الثالثة، المقدمة الثانية لم يذكرها وهي تصور فائدة الشيء وهو الجزم وهو يعني ما هو مقدمة، ما هو مقدمة تحققها هو الجزم، ما هو مقدمة تحقق الإرادة هو الجزم من قال إن الجزم هو مقدمة تحقق الإرادة الجزم نتيجة للإرادة الجزم ليس هو عين الإرادة والجزم ليس هو قبل الإرادة إذن تتحقق المبادئ الأربعة تصور الشيء تصور فائدة الشيء التصديق بفائدة الشيء الميل والهيجان نحو الشيء فتثبت الإرادة إذا ثبتت الإرادة تثبت نتيجة الإرادة وهي الجزم بدفع ما يوجب توقفه ـ توقف الإنسان ـ عن طلبه يعني طلب الشيء لأجلها يعني لأجل فائدته إذن هناك موانع يزيل هذه الموانع حتى يصل إلى جني الثمرة.

وبالجملة لا يكاد يكون يعني لا يكون غير الصفات المعروفة والإرادة يعني مبادئ الإرادة الأربعة، لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة ألف ولام عهدية يعني تعود إلى خطور الشيء والميل وهيجان الرغبة إليه والتصديق بفائدته يعني يريد أن يقول لا يوجد في النفس إلا الإرادة ومقدمات الإرادة التي هي الصفات المعروفة التي ذكرها آنفا وبالجملة لا يكاد يكون يعني لا يوجد، غير الصفات المعروفة وهي مبادئ الإرادة مقدمات الإرادة، والإرادة يعني في النفس يوجد الإرادة زائد مقدمات الإرادة، لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك صفة أخرى، لا يكاد يكون هناك صفة هذه اسم يكون تصير العبارة هكذا لا يكاد يكون هناك صفة أخرى غير الصفات المعروفة والإرادة إذن غير ليست اسم يكون اسم يكون هناك صفة أخرى.

يريد أن يقول لا توجد صفة أخرى وهي الطلب غير الإرادة ومقدماتها.

وبالجملة لا يكاد يكون هناك صفة أخرى قائمة بها يعني قائمة بالنفس يكون هو الطلب غير الصفات المعروفة والإرادة هكذا العبارة تكون أسهل وأسلسل.

وبالجملة لا يكاد يكون (غير الصفات المعروفة والإرادة) هذه جملة معترضة هناك صفة، يصير هكذا وبالجملة لا يكاد يكون هناك يعني توجد صفة أخرى قائمة بها يعني بالنفس يكون هو الطلب يعني تكون هي الطلب يعني الطلب النفسي وبعبارة مختصرة لا يوجد طلب حقيقي في النفس غير الإرادة الحقيقية ومقدماتها فلا محيص عن اتحاد الإرادة والطلب يعني الحقيقيين، هذه العبارة فلا محيص وردت في حقائق الأصول للسيد الحكيم ومنتهى الدراية للسيد المروج في نسخة أخرى فلا محيص إلا عن اتحاد الإرادة والطلب، هنا فلا محيص عن اتحاد يعني لابد من القول باتحاد الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي خلافا للأشاعرة وأن يكون ذلك الشوق المؤكد يعني الموجود في النفس هذا الشوق المؤكد المستتبع يعني الذي يتطلب لتحريك العضلات في إرادة فعله يعني فعل الشيء بالمباشرة، هذه في إرادة فعل الشيء بالمباشرة يشير إلى الإرادة التكوينية أو المستتبع ـ ذلك الشوق ـ لأمر عبيده به يعني لئن يأمر المشتاق عبيده بالشيء يعني بالإتيان بالشيء فيما لو أراده يعني فيما لو أراد الشيء لا كذلك يعني لا بالمباشرة يعني فيما لو أراد الشيء بواسطة الغير واسطة عبيده هذا إشارة إلى الإرادة التشريعية يريد أن يقول إن أردت الشيء وطلبته بالمباشرة فهذه إرادة تكوينية وإن أردت الشيء وطلبته بغير مباشرة فهذه إرادة تشريعية.

لا كذلك نغلق القوس الآن نعيد العبارة من دون ما بين الجملتين المعترضتين بين الشرطتين، وأن يكون ذلك الشوق المؤكد مسما بالطلب والإرادة يعني ذلك الشوق الأكيد الموجود في النفس يسمى ويطلق عليه اسم الطلب واسم الإرادة يعني الطلب الحقيقي والإرادة الحقيقية الطلب النفسي والإرادة النفسية كما يعبر به تارة يعني كما يعبر بالطلب تارة وبها أخرى يعني ويعبر بها بالإرادة تارة أخرى كما لا يخفى، يعني كما هو واضح.

إلى هنا قال في قعر النفس لا توجد إلا الإرادة ومقدماتها ولا يوجد طلب حقيقي يقول هذا الكلام ليس مختص بالأمر والطلب ليس مختصا بالإرادة الحقيقية بل يشمل كل كلام خارجي في الخارج إما خبر وإما إنشاء وفي الداخل توجد إرادة ولا يقال إن في الداخل كما توجد إرادة للتعجب يوجد طلب للتعجب كما توجد إرادة للاستفهام يوجد طلب للاستفهام كما توجد إرادة للدعاء يوجد طلب للدعاء بل إرادة الدعاء هي عين طلب الدعاء وطلب الدعاء متحد مع إرادة الدعاء.

وهكذا إرادة التعجب هي عين طلب التعجب وطلب التعجب هو عين إرادة التعجب، يقول وكذا الحال يعني يوجد اتحاد عيني ولا يوجد طلب نفسي غير الإرادة النفسية في سائر الصيغ الإنشائية مثل الاستفهام التمني التعجب الدعاء والجمل الخبرية، الجملة الخبرية إما ايجابية إثبات وإما سلبية نفي، فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة يريد أن يقول لا يكون يعني لا يكون في النفس لا يوجد في النفس غير الصفات يعني شيء آخر يقال له الطلب، غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس، ما هي الصفات المعروفة القائمة بالنفس؟ يبين من بيانية من الترجي والتمني والعلم إلى غير ذلك مثل الدعاء الترجي والتمني إنشاء العلم هذا خبر إلى غير ذلك يعني من صيغ الإنشاء والإخبار مثل الدعاء والسؤال.

وكذا الحال في سائر الصيغ الإنشائية والجمل الخبرية فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس ... صفة أخرى فإنه لا يكون يعني لا يوجد صفة أخرى غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس، لا يوجد صفة أخرى يعني غير الإرادة يعني لا يوجد طلب حقيقي لا تقول إرادة التمني وطلب التمني، إرادة العلم وطلب العلم، كانت قائمة بالنفس هذه الصفة الأخرى وقد دل اللفظ عليها يعني وقد دل اللفظ الإنشائي عليها يعني على الصفة الأخرى التي كانت قائمة بالنفس كما قيل هذا بيت الشعر إلى الأخطل كما نقل عنه الرازي في المحصول[2] الجزء الثاني صفحة 24 وأيضا نقل عنه غير الرازي مثل المولى عبد الرزاق اللاهيجي في كتابه شوارق الإلهام[3] النسخة الحجرية صفحة 590.

إلى هنا بينا مراد صاحب الكفاية ثم يشرع صاحب الكفاية في بيان أدلة الأشاعرة استدل الأشاعرة بثلاثة أدلة، ذكر هنا صاحب الكفاية الدليلين الأوليين وأما الدليل الثالث فذكره تحت عنوان دفع وهم وهو ما سنذكره في الدرس القادم.

الدليل الأول قول الأخطل يقول إن الكلام لفي الفؤاد وإنما /// جعل اللسان على الفؤاد دليلان، الشاهد إن الكلام لفي الفؤاد يعني لفي القلب يعني يوجد كلام فؤادي يعني يوجد حديث قلبي يعني يوجد كلام نفسي وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلان يعني يوجد كلام لفظي لساني إذن بيت الأخطل يشير إلى وجود كلامين الكلام الأول كلام نفسي، الكلام الثاني كلام لفظي.

ولوهن هذا الدليل الأول لم يذكره صاحب الكفاية على أنه دليل وإن استدل الأشاعرة به ولم يرد عليه ولكننا نرد عليه بملاحظتين:

الملاحظة الأولى شعر الأخطل ليس آية ولا رواية ولا يصلح أن يشكل دليل فليس بحجة علينا وليس بحجة على الأشاعرة.

الملاحظة الثانية بيت الأخطل يؤيد مطلبنا وينصرنا وليس علينا بل هو لنا إذ أنه يشير إلى فارق بين الأمر النفسي والأمر الإنشائي بين الطلب النفسي وبين الطلب الإنشائي بين الإرادة النفسية الحقيقية وبين الإرادة الإنشائية الإيقاعية وهذا عين ما يراه الشيعة الإمامية فكلام الأخطل لا يفرق بين الإرادة والطلب النفسيين وإنما يفرق بين الإرادة النفسية وبين الإرادة اللفظية يفرق بين الطلب النفسي وبين الطلب الإنشائي يفرق بين الطلب الحقيقي وبين الطلب الإنشائي، كلام الأخطل يصلح دليلا فيما لو فرق بين الإرادة النفسية والطلب النفسي لو فرق بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي إذن الدليل الأول لا يمكن المساعدة عليه.

قال كما قيل إن الكلام لفي الفؤاد، إن الكلام لفي الفؤاد هذا إشارة الكلام النفسي قالوا وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلان، اللسان دليل يعني هذا الأمر الإنشائي هذا يؤيد كلامنا فرق بين الإرادة النفسية والإرادة الإنشائية بين الطلب الحقيقي وبين الطلب الإنشائي هذا عين مدعى الشيعة الإمامية وأما مدعى الأشاعرة فهو أن الإرادة النفسية غير الطلب النفسي هذه دعوى الأشاعرة وأما دعوى الإمامية الإرادة النفسية هي عين الطلب النفسي إذن الدليل الأول لا يمكن المساعدة عليه.

الدليل الثاني استدلوا بالأوامر الامتحانية والأوامر الاعتذارية مثل لو كان المولى لا يريد الماء ولكن يريد أن يختبر عبده أو زوجته هل هي مطيعة أو لا فقال يا عبدي يا زوجتي أحضري لي كوبا من الماء هنا لا توجد إرادة نفسية هو لا يريد الماء وهو مرتوي لكن يريد أن يختبر عبده أن يختبر أمته أن يختبر زوجته أن يختبر صديقه فإذا العبد جاء بالماء اثبت أنه عبد ناجح وعبد مطيع والزوجة أثبتت أنها زوجة مطيعة وأيضا الأوامر الاعتذارية، ما المراد بالأوامر الاعتذارية ليس المراد بالأوامر الاعتذارية الأمر الذي فيه اعتذار لا الأوامر الاعتذارية يعني الأوامر التي تثبت الحجة كما لو أراد العبد أن يصرح عبده لكنه لا يصرح عبده من دون حجة ومن دون عذر أو أراد المولى أن يعاقب عبده فكيف يعاقبه من دون ذنب فيأمره يا عبدي اذهب إلى الدكان واحظر كذا وهو يعرف العبد هذا عيار ما يذهب أو عنده عداوة مع صاحب الدكان لا يذهب إليه فيرفض العبد فيعاقب المولى عبده لوجود عذر هنا المولى حينما قال اذهب إلى الدكان الفلاني هو كان نفسيا يريد عنده حاجة في الدكان الفلاني؟ ما عنده لكن الأمر الاعتذاري فقال الأشاعرة هنا يوجد أمر إنشائي أمر خارجي أمر إيقاعي ولا يوجد أمر نفسي ولا توجد إرادة نفسية.

وفيه هذا الدليل لنا لا علينا إذ أنه يفرق بين الإرادة النفسية والإرادة الإنشائية الخارجية وهذا عين ما ندعيه بينما مدعى الأشاعرة هو أن الإرادة النفسية هي عين الطلب النفسي والطلب النفسي هو عين الإرادة النفسية هذا هو مدعى الشيعة الإمامية وأما مدعى الأشاعرة أن الإرادة النفسية تغاير الطلب النفسي وأن الطلب الحقيقي يغاير الإرادة الحقيقية إذن هذا المثال الأوامر الاختبارية الأوامر الاعتذارية هذه تثبت مدعى الشيعة الإمامية وهو وجود مغايرة بين الإرادة النفسية الحقيقية من جهة وبين الأوامر والإرادة الإنشائية الخارجية من جهة أخرى، هذا هو عين مدعى الشيعة الإمامية ولا يثبت يعني هذا الدليل لا يدل على مدعاهم لأن مدعاهم أن الإرادة الحقيقية مغايرة لطلب الحقيقي وأن الإرادة النفسية مغايرة للطلب النفسي بينما الشيعة الإمامية يرون الاتحاد والعينية، إذن نحن نلتزم بالانفكاك والفارق بين الإرادة الخارجية وبين الإرادة النفسية.

قال صاحب الكفاية "رحمه الله" وقد أنقدح بما حققناه من وجود اتحاد بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي من جهة ومغايرة بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي من جهة أخرى هذا التحقيق وقد أنقدح يعني اتضح بما حققناه ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة يعني على المغايرة بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي، على المغايرة من الخلل يعني اتضح الخلل في قولهم بالمغايرة وقد أنقدح بما حققناه ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة بالأمر يعني الأشاعرة استدلوا على المغايرة بالأمر مع عدم الإرادة يعني الأمر الإنشائي للاختبار أو الاعتذار مع عدم الإرادة يعني مع عدم الإرادة النفسية عدم الإرادة الحقيقية كما في صورتي الاختبار والاعتذار يعني كالأمر في صورتي الاختبار والاعتذار يعني الأمر الصادر للاختبار والأمر الصادر لطلب العذر والحجة للمؤاخذة والعقوبة.

وقد أنقدح بما حققناه ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة من الخلل يعني يوجد خلل وهو أن المغايرة بين الطلب الإنشائي والطلب النفسي لا أن المغايرة بين الطلب النفسي والإرادة النفسية فإنه ـ فإن الشأن ـ كما لا إرادة حقيقة في الصورتين يعني كما لا توجد إرادة حقيقية فإنه كما لا إرادة حقيقة في الصورتين يعني كما لا توجد إرادة نفسية وحقيقية في الصورتين يعني في صورة الاختبار وصورة الاعتذار عند الاختبار والاعتذار إرادة نفسية إرادة حقيقية ما موجودة لا طلب كذلك فيهما يعني أيضا لا طلب يعني لا يوجد طلب يعني لا يوجد طلب حقيقي، لا يوجد طلب كذلك يعني حقيقة فيهما يعني في الاختبار والاعتذار والذي يكون فيهما يعني في صورتي الاختبار والاعتذار إنما هو الطلب الإنشائي الإيقاعي يعني الإنشاء الذي هو إيقاع، والذي يكون فيهما ـ في الاختبار والاعتذار ـ إنما هو الطلب الإنشائي الإيقاعي الذي هو مدلول يعني الذي يستفاد من الصيغة أو المادة يعني صيغة الأمر أو مادة الأمر، ولم يكن بيّنا ولا مبينا في الاستدلال مغايرته، مغايرته اسم يكن، يعني مغايرة الطلب الإنشائي الإيقاعي مع الإرادة الإنشائية، يريد أن يقول أنتم في استدلالكم لم تقولوا إن الطلب الإنشائي مغاير للإرادة الإنشائية يقول صاحب الكفاية الطلب الإنشائي هو عين الإرادة الإنشائية والطلب الحقيقي هو عين الإرادة الحقيقية والتغاير موجود بين الطلب الإنشائي وبين الطلب الحقيقي.

والذي يكون فيهما إنما هو الطلب الإنشائي الإيقاعي الذي هو مدلول يعني الذي هو مستفاد، من مدلول الصيغة ـ صيغة الأمر ـ أو المادة ـ مادة الأمر ـ ولم يكن بينا ولا مبينا مغايرته يعني مغايرة الطلب الإنشائي الإيقاعي مع الإرادة الإنشائية يعني الإرادة الإنشائية هي عين الطلب الإنشائي.

وبالجملة الذي يتكفله الدليل يعني الذي يدل عليه الدليل ليس إلا الانفكاك بين الإرادة الحقيقية يعني الإرادة النفسية والطلب المنشئ يعني وبين الطلب المنشئ بالصيغة يعني بين الطلب الإنشائي الذي أنشأناه بصيغة الأمر، الكاشف عن مغايرتهما، الكاشف هذه صفة للانفكاك يعني الانفكاك بين الإرادة والطلب يكشف عن مغايرتهما يعني عن مغايرة الإرادة الحقيقية والطلب، وهو يعني الانفكاك مما لا محيص عن الالتزام به يعني لابد أن نلتزم بوجود الانفكاك بين الإرادة الحقيقية والطلب كما عرفت إن عرفت في الدرس السابق لما قال ضرورة أن المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبيض من الأمس، ولكنه لا يضر، ولكنه يعني الانفكاك بين الإرادة الحقيقية والطلب المنشأ بالصيغة هذا الانفكاك بين الإرادة النفسية وبين الطلب الإنشائي لا يضر بدعوى الاتحاد أصلا يعني لا يضر بدعوى الاتحاد بين الإرادة النفسية والطلب النفسي بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي أصلا يعني أبدا لمكان يعني لوجود هذه علة، هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقي والإنشائي كما لا يخفى يعني يوجد تغاير بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي.

في الختام يريد أن يوقع الصلح بين الطرفين يعني بين العدلية وهم الشيعة الإمامية والمعتزلة وبين الأشاعرة يقول المراد بالاتحاد يعني اتحاد الطلب النفسي مع الإرادة النفسية اتحاد الطلب الحقيقي مع الإرادة الحقيقية والمراد بالمغايرة المغايرة بين الطلب الحقيقي وبين الطلب الإنشائي.

ثم يقول فافهم إشارة إلى أن هذا خلاف ظاهر عبائر واستدلالات الأشاعرة، ظاهر استدلالاتهم دعوى الاتحاد والعينية في الحقيقيين النفسيين يعني في الطلب النفسي والإرادة النفسية في الطلب الحقيقي والإرادة الحقيقية.

قال ثم إنه يمكن مما حققناه، ما الذي حققه؟ دعوى الاتحاد بين الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي ودعوى المغايرة بين الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي، ثم إنه يمكن مما حققناه أن يقع الصلح بين الطرفين بين العدلية وبين الأشاعرة ولم يكن نزاع في البين يعني ولا يوجد نزاع في البين بأن يكون المراد بحديث الاتحاد يعني مراد الشيعة الإمامية الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوما ووجودا يعني مفهوم الإرادة نفس مفهوم الطلب النفسي ووجود الإرادة النفسية هو نفس وجود الطلب النفسي، حقيقيا وإنشائيا يعني الإرادة الحقيقية هي عين الطلب الحقيقي والأمر الإنشائي هو عين الطلب الإنشائي ويكون المراد بالمغايرة يعني بين الإرادة والطلب والاثنينية هو اثنينة الإنشاء من الطلب كما هو كثيرا ما يراد من إطلاق لفظه، كما هو يعني الطلب الإنشائي، كثيرا ما يراد من إطلاق لفظه، من إطلاق لفظ الطلب يعني حينما يطلق الطلب في الغالب يراد الطلب الإنشائي لا الطلب النفسي ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو اثنينية الإنشاء من الطلب ... والحقيقي من الإرادة يعني التباين بين الإرادة الحقيقية وبين الطلب الإنشائي هذا هو نفس مراد الشيعية الإمامية كما هو المراد غالبا منها ـ من الإرادة ـ كما هو يعني الإرادة الحقيقية، كما هو يعني الحقيقي من الإرادة، هو المراد غالبا منها يعني من الإرادة حين إطلاقها يعني حين إطلاق الإرادة، فيرجع النزاع لفظيا، هم هكذا يقولون الشيعة الإمامية الإرادة عين الطلب والأشاعرة يقولون الإرادة غير الطلب أين النزاع اللفظي في المراد بالطلب الشيعة الإمامية حينما قالوا الإرادة عين الطلب يقصدون الإرادة الحقيقية عين الطلب الحقيقي الأشاعرة لما قالوا الإرادة غير الطلب يعني الإرادة الحقيقية غير الطلب الإنشائي فنزاع لفظي في لفظ الطلب هل هو الحقيقي أو الإنشائي.

طبعا صاحب هداية المسترشدين الشيخ محمد تقي الأصفهاني[4] في الجزء الأول صفحة 590 أشار إلى أن هذا النزاع لفظي ثم قال إلا أنه بعيد، فافهم لعله إشارة إلى أن ظاهر أدلة الأشاعرة هو إرادة الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي لا إرادة الإرادة الحقيقية والطلب الإنشائي، هذا تمام الكلام في الدليلين، الدليل الثالث دفع وهم يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo