< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقصد الاول، الاوامر /اشكالية لزوم عدم الجدية أو التفكيك بين المراد والإرادة ودفعها

 

إشكال ودفع[1]

 

خلاصة الدرس

هذا هو الدليل الثالث الذي أورده المحقق المدقق الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني "رحمه الله" في كفاية الأصول وهو الدليل الثالث الذي استدل به الأشاعرة على التغاير بين الإرادة والطلب الحقيقيين وهو الدليل الرابع الذي أورده المحقق الرشتي الميرزا حبيب الله في كتابه بدائع الأفكار خلاصة هذا الدليل إن الله "عز وجل" كلف الكفار بالإيمان وكلف العاصين بالطاعة بالإتيان بالصلاة والصيام والحج وغيرها من الطاعات فهنا يوجد احتمالان لا ثالث بينهما وعلى كلا الاحتمالين يوجد محذور:

الاحتمال الأول أن تكون إرادة الله للإيمان والطاعة إرادة جدية حقيقية

الاحتمال الثاني أن لا تكون إرادة الله جدية وحقيقية بل تكون إرادة صورية

إن قلت إن إرادة الله للإيمان من الكافر وللطاعة من العاصي إنما هي إرادة صورية شكلية وليست إرادة حقيقية فإنه يلزم من ذلك عدم صحة عقاب الكافر على عدم إيمانه وعدم صحة عقاب العاصي على عدم طاعته لأن إرادة الله "عز وجل" للطاعة من العاصي شكلية صورية وليست جدية كما أن إرادة الله للإيمان من الكافر إرادة شكلية صورية وليست جدية فإن التزمنا أن إرادة الله إرادة غير جدية غير حقيقية يلزم عدم صحة عقاب الكافر والعاصي وإن التزمنا أن إرادة الله حقيقية وجدية يلزم التفكيك بين الإرادة والمراد فإن الله "عز وجل" أراد الطاعة من العاصي ولكن المراد الذي أراده لم يقع من العاصي كما أن إرادة الله للإيمان من الكافر انفكت عن وقوع المراد وهو حصول الإيمان من الكافر وإرادة الله غير قابلة للانفكاك ﴿إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون﴾[2] إذن إن التزمت أن إرادة الله إرادة حقيقية إرادة جدية يلزم التفكيك بين الإرادة والمراد فإن الله يريد وقوع الطاعة من العاصي ويريد وقوع الإيمان من الكافر ولكن المراد لم يتحقق في الخارج لأن الكافر لم يؤمن والعاصي لم يطع ولم يصلي ولم يصم.

وطبعا إذا تأملنا سنجد أن هذا الإشكال يرد سواء قلنا بالمغايرة بين الإرادة والطلب كما عليه الأشاعرة وسواء قلنا بالاتحاد بين الإرادة والطلب الحقيقيين كما عليه العدلية وهم المعتزلة والشيعة الإمامية فعلى كلا المبنيين يرد هذا المحذور وهذا الإشكال وهو إن إرادة الله للطاعة من العاصي والإيمان من الكافر إما إرادة حقيقية أو إرادة غير حقيقية إذا كانت الإرادة حقيقية لزم التفكيك بين الإرادة والمراد وإذا كانت الإرادة غير حقيقية يلزم عدم صحة عقاب الكافر على عدم إيمانه والعاصي على عدم طاعته.

والجواب بأن نختار الشق الأول وهو إن إرادة الله إرادة حقيقية جدية وليست إرادة غير حقيقية وليست إرادة شكلية وصورية حتى يلزم عدم صحة العقاب لكن المراد من الإرادة هنا في باب الطاعة وباب الإيمان الإرادة التشريعية لا الإرادة التكوينية والإرادة التي لا يعقل فيها التفكيك بين المريد والمراد إنما هي الإرادة التكوينية ﴿إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون﴾[3] أي فعل الله المباشر فإذا قال كن حجرا انقلب الإنسان حجرا، يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم تنقلب النار إلى برد وسلام على إبراهيم الخليل وأما الإرادة التشريعية فيعقل الانفكاك فيها بين الإرادة والمراد بل في الغالب يحصل التفكيك، الخمر حرام والناس تشرب خمر لا تقرب الزنا والناس تزني الربا حرام والناس ترابي إذن يعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في الإرادة التشريعية لأن متعلقها فعل البشر فعل الناس ولا يعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في الإرادة التكوينية لأنها تتعلق بفعل الله المباشر جواب الإشكال نلتزم بالشق الأول وهو إن إرادة الله للإيمان من الكافر والطاعة من العاصي إرادة حقيقية وليست إرادة شكلية لكن هذه الإرادة إرادة تشريعية وليست إرادة تكوينية ويعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في الإرادة التشريعية ولا يعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في الإرادة التكوينية ثم يشير إلى مطلب وليته لم يشر إليه لأنه يطرح إشكالين ويجيب على الإشكال الثاني بجواب مفاده أو قد يفهم منه الجبر ثم يقول الآخوند "رحمه الله" إن اتفقت الإرادة التشريعية والإرادة التكوينية وقعت الطاعة لأن الله "عز وجل" يريد الإيمان والطاعة تشريعا وتكوينا وأما إن اختلفت الإرادة التشريعية مع الإرادة التكوينية وقعت المعصية والكفر لأن الإرادة التشريعية ليست على وفق الكفر والمعصية الله "عز وجل" الإرادة التشريعية إرادته التشريعية إنما تكون على طبق الإيمان والطاعة لا على طبق الكفر والمعصية لكن الإرادة التكوينية تكون موافقة للكفر والمعصية لأن الكافر والعاصي لا يستطيع أن يكفر وأن يعصي من دون إرادة الله.

ثم بعد ذلك يتطرق الآخوند "رحمه الله" إلى شبهة الجبر ويردها قائلا عندنا كفر وإيمان وعندنا معصية وطاعة أربع صفات متقابلة الكفر والإيمان والمعصية والطاعة إذا قلنا إن الكفر والإيمان والمعصية والطاعة لا تحصل بدون إرادة الله لا تحصل بدون قدرة الله بطل الثواب والعقاب وبطل التكليف لأن الطاعة من الله فلا يستحق الثواب والمعصية من الله فلا يستحق العقاب ولأن الإيمان من الله فلا يستحق الثواب ولأن الكفر من الله فلا يستحق العقاب والنار.

والجواب إرادة الله "عز وجل" لم تتعلق بذات الفعل فقط وإنما تعلقت إرادة الله بالفعل بما هو تحت اختيار المكلف بما هو صادر باختيار المكلف فالله "عز وجل" لا يريد الإيمان بما هو فعل فقط وإنما يريد الإيمان بما هو فعل صادر باختيار المكلف ولا يريد الكفر بما هو فعل فقط وإنما إرادة الله تتعلق بالكفر بما هو فعل صادر عن إرادة المكلف واختيار المكلف وهكذا تتعلق إرادة الله "عز وجل" باختيار الطاعة أو اختيار المعصية فلا تتعلق إرادة الله بالطاعة والمعصية بما هما فعلان فقط وفقط بل هما فعلان صادران باختيار المكلف فإذن يصح العقاب على الكفر والمعصية لأنهما فعلان صدرا باختيار المكلف ويصح الثواب على الإيمان والطاعة لأنهما قد صدرا باختيار وإرادة المكلف إذن إرادة الله التكوينية ليس متعلقها الأفعال فقط الاعتقادات فقط بل الفعل أو الاعتقاد بما هو صادر باختيار الإنسان بما هو صادر باختيار المكلف فارتفع الإشكال.

هذا الجواب هو جواب للفلاسفة وقد ذكره العلامة الطباطبائي في ثلاثة من كتبه وهي بداية الحكمة ونهاية الحكمة وأصول الفلسفة والمذهب الواقعي كما ذكرها المحقق السبزواري في منظومته الفلسفية فقال الفلاسفة هناك إن إرادة الله التكوينية لا تتعلق بالمعتقد أو الفعل بما هما مجرد عقيدة وفعل بل بما هما عقيدة أو فعل صادران من الإنسان باختياره صادران من المكلف باختياره.

طبعا الفعل غير العقيدة العقيدة تشير إلى أمر جوانحي أمر قلبي الفعل يشير إلى أمر جوارحي خارجي قو على خدمتك جوارحي كما في دعاء كميل لأن الركوع والسجود والقيام هذه أمور جوارحية خارجية واشدد على العزيمة جوانحي العزيمة أمر قلبي جوانحي.

أشكل الأشاعرة قالوا إن لن تلتزموا بمغايرة الإرادة والطلب نسأل هذا السؤال هل إرادة الله حقيقية أو غير حقيقية إن قلتم إنها إرادة حقيقية لزم التفكيك بين الإرادة والمراد وإن قلتم إن إرادة الله ليست حقيقية يلزم عدم صحة العقوبة ثم أجاب صاحب الكفاية نلتزم باختيار الشق الأول وهو اختيار الإرادة الحقيقية ولكن نقول هذه الإرادة هي إرادة الله التشريعية وليست إرادة الله التكوينية ويعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في إرادة الله التشريعية ولا يعقل التفكيك بين الإرادة والمراد في إرادة الله التكوينية ثم يختم ويقول إن اتفقت الإرادة التشريعية مع الإرادة التكوينية وقعت الطاعة والإيمان خارجا وإن اختلفت الإرادة التشريعية مع الإرادة التكوينية وقع الكفر والمعصية خارجا هذا تمام الكلام في مطلب الدرس.

ثم يأتي بالإشكال الأول إن قلت إن الطاعة والمعصية والإيمان والكفر قد تعلقا بالإرادة التكوينية لله "عز وجل" فحينئذ يلزم عدم صحة العقاب والثواب لأن الطاعة والمعصية من الله والإيمان والكفر من الله فلا يعقل استحقاق الثواب والعقاب لأن الإنسان مجبر على الطاعة والمعصية والكفر والإيمان.

والجواب هذا الكلام يتم لو قلنا إن الإرادة علقت بذات الكفر فقط لا بالكفر بما هو صادر عن اختيار المكلف والصحيح إن إرادة الله التكوينية لا تتعلق بذات العقائد والأفكار فقط بل بالعقائد والأفعال بما هي صادرة عن اختيار المكلف فيصح العقاب والثواب.

 

تطبيق العبارة

إشكال ودفع

أما الإشكال فهو أنه ـ أن الشأن ـ يلزم بناء على اتحاد الطلب والإرادة الذي يقول به العدلية وهم الشيعة الإمامية والمعتزلة قلنا هذا اللازم يلزم بناء على اتحاد الإرادة والطلب ويلزم أيضا بناء على تغاير الإرادة والطب الذي يقول به الأشاعرة يلزم في تكليف الكفار بالإيمان بل مطلق أهل العصيان يعني بل يلزم في تكليف مطلق أهل العصيان يعني العاصين من المسلمين، تكليفهم في العمل بالأركان يعني العمل بالجوارح يعني العمل بالصلاة والصيام والحج يريد أن يقول يلزم في تكليف الكفار بالإيمان ويلزم في تكليف أهل المعصية بالطاعة في العمل بالأركان يعني الطاعة يلزم أحد محذورين

الشق الأول إما أن لا يكون هناك تكليف جدي يعني إما أن لا يكون تكليف جدي موجود يعني ما موجودة إرادة جدية لله "عز وجل" في التكليف إن لم يكن هناك إرادة يعني إن لم يكن هناك إرادة حقيقية يعني إن لم توجد إرادة حقيقية للإيمان أو الطاعة حيث إنه لا يكون حينئذ يعني حين ئذ لم يكن هناك إرادة يلزم أن لا يكون حينئذ طلب حقيقي يعني لا يوجد طلب حقيقي إذا لم تكن هناك إرادة حقيقية واعتباره يعني واعتبار الطلب الحقيقي في الطلب الجدي ربما يكون من البديهي.

لو قال في الطلب الجدي لو قال في التكليف الجدي لكان أفضل واعتباره يعني الطلب الحقيقي يعني الإرادة الحقيقية يعني واعتبار الطلب والإرادة الحقيقية في التكليف الجدي ربما يكون من البديهي يعني من الأمور البديهية لكي يكون التكليف جدي لابد أن يكون طلبه جديا إرادته جديا الله "عز وجل" لما يكلفك بالصلاة لابد أن يكون هناك طلب حقيقي بالصلاة وإرادة حقيقية بالصلاة هذا الشق الأول.

وإذا لم يكن هناك تكليف حقيقي لا يعقل الثواب والعقاب لا يستحق المكلف الثواب والعقاب.

الشق الثاني وإن كان هناك إرادة يعني إرادة حقيقية فكيف تتخلف عن المراد يعني فيلزم تخلف الإرادة عن المراد وإن كان هناك إرادة فكيف تتخلف عن المراد إذا أردنا أن نصيغها مثل ما سبق يكون هكذا وإما أن تتخلف الإرادة عن المراد الحقيقي إن كان هناك إرادة حقيقية توجب كون التكليف جديا الآن يقول ولا تكاد تتخلف يعني ولا يعقل تخلف الإرادة عن المراد ولا تكاد تتخلف يعني ولا تتخلف الإرادة عن المراد إذا أراد الله شيئا يقول له كن فيكون هنا إذا أراد الله شيئا يقول له كن فيكون هذا ناظر إلى الإرادة التكوينية لذلك قال ولا تكاد تتخلف الإرادة عن المراد صحيح في الإرادة التكوينية لا تتخلف الإرادة عن المراد والجواب إن هذه الإرادة إرادة تشريعية يعقل فيها لتخلف لذلك يجيب

يقول وأما الدفع ـ دفع هذا الإشكال ـ فهو أن استحالة التخلف يعني استحالة تخلف الإرادة عن المراد إنما تكون في الإرادة يعني في خصوص الإرادة التكوينية.

سؤال تقدم فيما سبق قلنا إن لفظ الإرادة ولفظ الطلب لفظان لمعنى واحد وهو الشوق الأكيد فهل إرادة الله يراد بها الشوق الأكيد؟ الشوق الأكيد هذا إلى إرادة الناس وأما إرادة الله فلا يقال لها شوق وإنما يقال علم الله بالنظام الأصلح إذن إرادة الله التكوينية يعني علم الله بأن هذا الفعل أصلح للإنسان إرادة الله التشريعية يعني علم الله بأن هذا التشريع أصلح وأكمل للإنسان إذن إرادة الإنسان يقال لها شوق أكيد وأما إرادة الله فمرجع أغلب الصفات إلى علم الله كما درسنا في علم الكلام إرادة الله يعني علم الله إرادة الله التشريعية يعني علم الله "عز وجل" بأن هذا النظام هو النظام الأكمل للإنسان والأصلح له إرادة الله التكوينية يعني علم الله بأن هذا الخلق وهذا الفعل هو الأصلح للإنسان لذلك وأما الدفع فهو أن استحالة التخلف ـ الإرادة عن المراد ـ إنما تكون في الإرادة التكوينية يعني إرادة الله التكوينية وهي العلم يعني علم الله بالنظام ـ نظام الخلق ـ على النحو الكامل التام يعني الله "عز وجل" يعلم أن الخلق بهذا الشكل هو الأفضل والأكمل دون الإرادة التشريعية يعني إرادة الله التشريعية وهي العلم يعني علم الله بالمصلحة في فعل المكلف يعني يعلم الله أن هذا هو الأصلح لفعل المكلف وما لا محيص عنه في التكليف إنما هو هذه الإرادة التشريعية يعني الله "عز وجل" لما يكلف تكون هناك إرادة تكوينية أو إرادة تشريعية؟ الجواب إرادة تشريعية التي يعقل فيها التفكيك بين الإرادة والمراد لا الإرادة التكوينية التي لا يعقل فيها التفكيك بين الإرادة والمراد.

يقول وما لا محيص عنه يعني وما لابد منه في التكليف والذي لابد منه في التكليف ـ في تكليف الله للناس ـ إنما هو وجود هذه الإرادة التشريعية التي يعقل التفكيك فيها بين الإرادة والمراد، لا التكوينية لا الإرادة التشريعية التي لا يعقل فيها التفكيك بين الإرادة والمراد فإذا توافقتا يعني توافقت الإرادة التشريعية والتكوينية لله فلابد من الإطاعة والإيمان يعني لابد من وقوع الإطاعة والإيمان لأن الإرادة التشريعية تتعلق بالإيمان والطاعة يعني الإطاعة من العاصي والإيمان من الكافر وإذا تخالفتا يعني الإرادة التشريعية والإرادة التكوينية فلا محيص يعني فلا بد عن أن يختار يعني الإنسان المكلف الكفر والعصيان لماذا لابد أن يختار العصيان والكفر؟ لأن الإرادة التشريعية إنما هي للطاعة والإيمان ولا يعقل أن تكون الإرادة التشريعية للكفر والفسق والعصيان فإذا حصل مخالفة بين الإرادة التشريعية والتكوينية تكون الإرادة التكوينية في أن يختار المكلف الكفر والعصيان، إذن النتيجة إرادة الله التكوينية قد تتعلق بالكفر والعصيان يعني الإنسان يكون مجبر على الكفر والعصيان.

صاحب الكفاية يجيب يقول يمكن أن تلتزم بالجبر لو قلت إن إرادة الله التكوينية تعلقت بذات الفعل فقط لكننا نلتزم أن إرادة الله تعلقت بالفعل بما هو صادر عن اختيار المكلف فلا جبر

إن قلت إذا كان الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان هذه صفات أربع متقابلة الكفر يقابل الإيمان آخر واحد والعصيان يقابل الإطاعة بإرادته تعالى يعني بإرادة الله التكوينية هذه الإرادة التكوينية التي لا تكاد تتخلف عن المراد يعني التي لا يمكن أن تتخلف عن المراد، إرادة الله التكوينية لا تنفك عن المراد إذن المكلف أصبح مجبرا فلا يصح أن يتعلق بها التكليف، بها يعني بهذه الصفات الأربع يعني الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان، فلا يصح أن يتعلق بها التكليف لكونها يعني لكون هذه الصفات الأربعة الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان، خارجة عن الاختيار يعني عن اختيار المكلف بل هي بإرادة الله التكوينية فهي خارجة عن اختيار المكلف، المعتبر فيه عقلا يعني في التكليف يعني العقل يحكم أن التكليف يشترط فيه الاختيار

قلت إنما يخرج بذلك يعني إنما يخرج هذه الصفات الأربع الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان بذلك يعني بتعلق إرادة الله التكوينية بها إنما يخرج بذلك يعني إنما يخرج الفعل بتعلق الإرادة التكوينية لله بالفعل يخرج عن الاختيار يريد أن يقول إرادة الله لا تتعلق بالفعل فقط بل تتعلق بالفعل الذي هو مسبوق باختيار المكلف، إذن فعل المكلف واختيار المكلف له مقدمات.

سؤال فعل المكلف وإرادة المكلف اختياري أو لا؟ نعم باختياره مقدمات فعل المكلف هل هي اختيارية أو لا؟ ليست اختيارية مقدمات موجودة في الخارج إذن الذي هو اختياري إنما هو فعل المكلف وإرادة المكلف لا مقدمات فعل المكلف لكن عبارة صاحب الكفاية توهن إن المقدمات اختيارية.

قلت إنما يخرج ـ الفعل ـ بذلك ـ بإرادة الله التكوينية ـ عن الاختيار يعني عن اختيار المكلف، لو لم يكن تعلق الإرادة يعني إرادة الله التكوينية، بها بهذه الأمور الأربعة الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان، مسبوقا في نسخة مسبوقة يعني هذه الإرادة يعني إرادة الله مسبوقة لو لم يكن تعلق الإرادة بها، يعني إرادة الإنسان تعلقت بهذه الأفعال الأربعة الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان مسبوقة هذه الإرادة ـ إرادة الإنسان ـ بمقدماتها الاختيارية يعني بمقدمات الإرادة الاختيارية ولو قال مسبوقة بمقدمات الفعل الاختياري لكان أنسب.

قلت إنما يخرج الفعل بذلك ـ بالإرادة التكوينية لله ـ عن الاختيار لو لم يكن تعلق الإرادة يعني إرادة الإنسان بها بهذه الأفعال الأربعة الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان، مسبوقا يعني حال كونها مسبوقة يعني حال كون إرادة الإنسان مسبوقة بمقدماتها الاختيارية لو قال بمقدماتها ـ بمقدمات الإرادة ـ التي هذه الإرادة اختيارية لا أن المقدمات هي اختيارية.

في حقائق الأصول للسيد محسن الحكيم[4] الجزء الأول صفحة 154 كان الأولى أن يقول هكذا بمقدماتها الموجبة لكونها اختيارية إذ مقدمات الفعل ليست اختيارية بل نفس الفعل اختياري وإلا فلابد من صدورها بالاختيار يعني فلابد من صدورها ـ الأمور الأربعة الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان ـ بالاختيار يعني باختيار المكلف وإلا لزم تخلف إرادته يعني إرادة الله "عز وجل" عن مراده ـ عن مراد الله "عز وجل" ـ تعالى عن ذلك علوا كبيرا يعني إن قلنا إن هذه الأفعال تصدر بدون إرادة الله التكوينية بدون اختياريه التكويني يلزم أن تصدر هذه الأفعال بدون إرادته يعني صار تفكيك بين الإرادة والمراد يعني الله "عز وجل" شاء تكوينا أن تقع الطاعة فوقع الكفر شاء تكوينا أن يقع الإيمان فوقع الكفر الله "عز وجل" إذا يريد ﴿إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون﴾[5] إذن وإلا فلابد من صدورها يعني لابد من صدور هذه الذي هو الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان، بالاختيار يعني باختيار الله تكوينا، وإلا يعني لو لم تصدر باختيار الله تكوينا هذه الأربعة لزم تخلف إرادته ـ إرادة الله ـ عن مراده تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

الآن يأتي بإشكال ثان وهذا الإشكال الذي جوابه فيه مشكلة الدور.

في جوابك على الإشكال الأول قلت إن الله يعاقب ويثيب على الفعل لا بما هو فعل فقط وإنما هو يعاقب على الفعل بما هو صادر عن اختيار المكلف.

سؤال اختيار المكلف من أين حصل؟ هل حصل من نفسه أو من غيره؟

سؤال فعل الإنسان ممكن أو واجب؟ ممكن والممكن لابد أن يرجع إلى الواجب فإذن إرادة الإنسان واختياره التكويني أمر ممكن لابد أن يرجع إلى إرادة الله التي هي أمر واجب فانتهى الفعل والترك إلى إرادة الله ومشيئته الأزلية.

أجبتم في جواب الإشكال الأول إن الله "عز وجل" تتعلق إرادته التكوينية ليس بالفعل فقط وإنما بالفعل بما هو صادر عن اختيار المكلف، سؤال اختيار المكلف أمر ممكن أو واجب؟ ممكن والممكن لابد أن يرجع إلى الواجب والواجب هو إرادة الله فرجعت إرادة المكلف الممكن إلى إرادة الله الواجبة وبالتالي لا يستحق العقاب ولا يستحق الثواب لأن مرجعه في عمله وفي معصيته وطاعته إلى إرادة الله وفعل الله.

صاحب الكفاية يجيب يقول الله "عز وجل" يثيب ويعاقب ليس على الاستحقاق أن هذا يستحق الثواب وهذا يستحق العقاب لا لأن المؤمن والمطيع يستحق الثواب والكافر والعاصي يستحق العقاب الله "عز وجل" يثيب ويعاقب على الإرادة، إرادة المكلف لها منشأ، ما هو هذا المنشأ؟ شقاء الإنسان الذاتي أو سعادة الإنسان الذاتية يعني هناك لازم ذاتي واللازم الذاتي لا يعلم مثلا الله "عز وجل" خلق الأربعة والزوجية تلازم الأربعة هل يصح أن تقول لما خلق الله الزوجية للأربعة لا يصح يكفي أن تستدل على أن الله خلق الأربعة وأما الزوجية فهي لازم ذاتي للأربعة واللازم الذاتي لا يعلل، الله "عز وجل" خلق الإنسان وثبتت الإنسانية للإنسان هل يصح أن تقول لما اثبت الله الإنسان للإنسان يقولون الذاتي لا يعلل والمراد بأن الذاتي لا يعلل ليس بمعنى أن الذاتي لا علة له الذاتي إذا ممكن لابد له من علة كل الممكنات فقيرة تحتاج إلى الغني الذي فيض عليها الوجود فإذن الذاتي إذا كان ممكنا لابد له من علة لكن إذا ثبتت علة أصل وجوده لا معنى للسؤال عن علة ثبوت لازمه يعني ما دام ثبت أن الله "عز وجل" خلق المشمشة لا معنى للسؤال عن علة خلق المشمشية للمشمشة لأن جوابها يعلم من خلق المشمشة إذا عرفت لماذا خلق الله الإنسان لكي يعبده لا معنى للسؤال عن علة خلق الإنسانية للإنسان فقولهم الذاتي لا يعلل ليس بمعنى الذاتي لا علة له وإنما بمعنى أنه بعد معرفة أصل علة وجود الذاتي لا معنى للسؤال عن علة ثبوت اللازم له.

لكن صاحب الكفاية يفهم من كلامه هنا أن الشقي شقي في بطن أمه والسعيد سعيد في بطن أمه بمعنى الذاتي لا يعلا يعني الذاتي لا تسأل عن علته.

طبعا جواب صاحب الكفاية فيه اشتباه وهو أنه إذا رجعنا إلى ظاهر الآيات والروايات نجد الله "عز وجل" يثيب على الاستحقاق ويعاقب على الاستحقاق ولاحظ جواب شبهة الجبر هناك حيثيتان أصل الوجود ونحو الوجود ونحو الفعل مثلا لو الآن أنت صعدت في سيارة وهذه السيارة ما فيها بنزين أنا إذا ادفعها تمشي ما أدفعها ما تمشي أنت من دون دفعي هل تستطيع أن تحرك السيارة؟ لا، إذا أنا دفعتها حركة السيارة إلى اليمين أو الشمال أو الأمام تستند إليك إذن حركة السيارة تستند إلى شيئين في أصل وجودها تستند إلى الله في كيفية حركتها تستند إلى المكلف والمكلف يستحق العقاب أو الثواب على كيفية صدور الفعل منه.

مثال آخر يذكره السيد الخوئي في أبحاثه الأصولية والتفسيرية في تفسير البيان يقول لو افترضنا إنسان يده مشلولة لا يستطيع أن يحرك يده وصنع جهاز إذا وضع على اليد يستطيع أن يحرك يده هذا الإنسان إذا وضعوا الجهاز على أيده وحركه وقتل واحد يستحق العقاب أو لا؟ نعم هنا القتل استند إلى شيئين إلى الجهاز في أصل إفادة القدرة على الحركة وإلى إرادة واختيار هذا المريض لأنه اختار القتل وهكذا لو وضع الجهاز على يده وتصدق يستحق الثواب الله "عز وجل" هنا بمثابة هذا الجهاز الذي يفيض أصل القدرة أصل وجود الحركة لكن كيفية الحركة يستند إلى إرادة المكلف إذن الله "عز وجل" يثيب على الاستحقاق لكنه يفيض أصل القدرة على الفعل أما كيفية الفعل هذا ما يستند إلى إرادة المكلف وبنحو إرادة المكلف يستحق العقاب الثواب أو العقاب من دون حاجة إلى هذا الجواب.

إن قلت إن الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين ـ الكفر والعصيان ـ بإرادتهما يعني بإرادة الكافر للكفر والعاصي للمعصية إلا أنهما يعني إرادة الكفر وإرادة المعصية، منتهيان إلى ما لا بالاختيار يعني إرادة الله التكوينية إرادة الله الأزلية، الآن يشير يقول كيف وقد سبقتهما يعني وقد سبقت إرادة الإنسان للكفر وإرادة الإنسان للمعصية سبقتهما الإرادة الأزلية والمشية الإلهية ومعه يعني ومع سبق الإرادة الإلهية لإرادة الإنسان كيف يصح المؤاخذة يعني العقاب على ما يكون يعني على الشيء الذي يكون بالأخرة يعني في النهاية بلا اختيار يعني بلا اختيار للإنسان وإنما هو باختيار الله.

قلت العقاب إنما يستتبع الكفر يعني العقاب من توابع ولوازم الكفر والعصيان التابعين للاختيار يعني لاختيار المكلف، الناشئ هذا اختيار المكلف عن مقدماته ـ عن مقدمات الاختيار، مقدمات الاختيار الناشئة عن شقاوتهما يعني شقاوة الكافر و العاصي، الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما لخصوص ذات الشقي وذات الكافر فإن السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه[6] والناس معادن كمعادن الذهب والفضة[7] كما في الخبر.

إذا تراجع الروايات وتراجع في منتهى الدراية شرح المروج وأيضا الشيخ الإيرواني أورد هذه الروايات بمعنى إن الله علم عن هذا الإنسان وهو في بطن أمه أنه سيرتكب المعاصي فهو شقي وهو في بطن أمه، إن الله علم أن هذا الإنسان وهو في بطن أمه سيقوم بالصالحة فهو سعيد وهو في بطن أمه لا أن الشقاوة والسعادة ذاتيين له والناس معادن كمعادن الذهب والفضة يعني الناس مراتب مثل ما الذهب والفضة مرتبتان الناس على مراتب

كما في الخبر والذاتي لا يعلل يعني لا تطلب علته بعد معرفة علة أصل وجوده فانقطع سؤال أنه لِمَ جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا فإن السعيد سعيد بنفسه بذاته والشقي شقي كذلك بذاته هذا غير صحيح شقي وسعيد بفعله وإنما أوجدهم الله تعالى قلم اينجا رسيد سر بشكست يعني إلى هنا وصل القلم وانكسر رأسه هذا كناية عن أنه لا تسأل لأن السؤال لا معنى له هذا شطر بيت شعر بالفارسي، قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الأفهام ومن الله الرشد والهداية وبه الاعتصام، لمراجعة تفصيل الكلام والرد عليه في شبهة الجبر يراجع منتهى الدراية وشرح الايرواني، وهم ودفع يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo