< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث کفایة الاصول

41/08/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كفاية الاصول/المقصد الاول، الاوامر /المبحث الثاني والثالث فيما يتعلق بصيغة الأمر

 

المبحث الثاني في أن الصيغة حقيقة في الوجوب أو في الندب أو في المشترك بينهما وجوه بل أقوال.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الفصل الثاني من الأوامر وهو يبحث ما يتعلق بصيغة الأمر وفيه عشر مباحث أخذنا المبحث الأول وهو معاني صيغة الأمر وانتهينا إلى هذه النتيجة إن صيغة الأمر موضوعة للطلب الإنشائي والإيقاعي لكن بداعي البعث والتحريك وقد تختلف هذه الدواعي اليوم نشرع في المبحث الثاني وهو أن صيغة الأمر الموضوعة لإنشاء الطلب هي لإنشاء أي طلب هل الطلب الوجوبي بخصوصه أو الطلب الاستحبابي بخصوصه أو للأعم من الطلب الوجوبي والطلب الاستحبابي أي الاشتراك اللفظي أو للاشتراك المعنوي هذه أربعة احتمالات،

الاحتمال الأول أن تكون صيغة الفعل أفعل صيغة الأمر موضوعة لخصوص الوجوب،

الاحتمال الثاني أن صيغة الأمر موضوعة لخصوص الاستحباب،

الاحتمال الثالث أن تكون صيغة الأمر موضوعة للاشتراك اللفظي أي أن صيغة الأمر لها لفظان لفظ وجود ولفظ الاستحباب ولهما معنى واحد فالأمر يعم كليهما الوجوب والاستحباب.

الاحتمال الرابع أن تكون صيغة الأمر موضوعة للمشترك المعنوي للوجوب والاستحباب يعني هناك معنى مشترك بين الوجوب والاستحباب قد وضعت له صيغة الأمر، ما هو هذا المعنى المشترك؟ عنوان الطلب، الطلب الأعم من اللزوم كالوجوب أو غير اللزوم كالاستحباب هذا هو الفارق بين المشترك اللفظي والمشترك المعنوي، المشترك المعنوي يعني يوجد معنى مشترك بين الوجوب والاستحباب وهو الطلب وقد وضعت صيغة الأمر للدلالة على مطلق الطلب بخلاف المشترك اللفظي يعني عنوان الوجوب وعنوان الاستحباب هذان العنوان لا نأخذ الجامع بينهما ولكنهما يدلان على معنى واحد.

صاحب الكفاية "رحمه الله" يقول الصحيح من هذه الأقوال هو خصوص القول الأول أي أن صيغة الأمر تدل على الوجوب وموضوعة للوجوب ويستدل بدليل ومؤيد أما الدليل فهو الوجدان والتبادر والتبادر علامة الحقيقة فإذا أطلق لفظ الأمر من دون قرينة فإنه يتبادر وينسبق إلى أذهاننا الوجوب إذا لم توجد قرينة تدل على الاستحباب إذن الدليل على أن صيغة الأمر موضوعة للوجوب هو التبادر.

وأما المؤيد فهو عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الاستحباب والندب فلو أمر المولى عبده وقال أفعل كذا وخالف العبد ولم يأتي بالفعل الذي أمره مولاه مع إقرار هذا العبد أنه لا توجد قرينة حالية ولا مقالية تدل على إرادة الاستحباب ففي هذه الحالة لا يصح للعبد أن يعتذر إلى مولاه قائلا اسمح لي ظاهر صيغة الأمر أفعل هو الاستحباب لا الوجوب مع عدم وجود قرينة على الاستحباب فإن العرف العام لا يرى أن اعتذار العبد في المخالفة اعتذار صحيح ويصح للمولى أن يعاقب هذا العبد، هذا تمام الكلام في الذكر الدليل والمؤيد ثم بعد ذلك يناقش الشيخ الآخوند الخراساني صاحب المعالم في دعواه الآن نقرر هذه العبارة ثم بعد ذلك نقرر كلام صاحب المعالم ومناقشة المحقق الآخوند الخراساني له.

 

تطبيق العبارة

المبحث الثاني

مفاد المبحث الثاني أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب يعني موضوعة للوجوب، المبحث الثاني في أن الصيغة ـ صيغة الأمر ـ حقيقة في الوجوب يعني موضوعة للوجوب هذا الاحتمال الأول أو في الندب هذا الاحتمال الثاني أو فيهما يعني في الوجوب والندب بنحو الاشتراك اللفظي يعني صيغة الأمر موضوعة للفظ الوجوب وللفظ الاستحباب هذا مشترك لفظي الاحتمال الرابع أو في المشترك بينهما بين الوجوب يعني حقيقة أو حقيقة في المشترك بينهما يعني بين الوجوب والاستحباب وهو عنوان الطلب، عنوان الطلب مشترك بين الوجوب والاستحباب هذا اشتراك معنوي، وجوه يعني وجوه أربعة بل أقوال أربعة

صاحب الكفاية يرجح القول الأول يقول لا يبعد تبادر الوجوب عند استعمالها استعمال صيغة الأمر عند استعمالها بلا قرينة يعني من دون وجود قرينة تدل على إرادة الاستحباب أو الأعم من الوجوب والاستحباب ويؤيده يعني ويؤيد أن صيغة الأمر تدل على الوجوب حقيقة في الوجوب عدم صحة الاعتذار يعني عدم صحة اعتذار العبد لمولاه عند المخالفة يعني عند مخالفة أمر المولى باحتمال إرادة الندب يعني بحجة وعلة أن المولى نحتمل أنه أراد وقصد الاستحباب والندب مع الاعتراف يعني مع اعتراف العبد بعدم دلالته والأصح أن يقول بعد دلالتها أو يقول بعدم دلالته يعني بعدم دلالة الأمر، بعدم دلالتها يعني دلالة صيغة الأمر عليه يعني على الندب بحال أو مقال يعني بقرينة حالية أو قرينة مقامية أحيانا القرينة حالية مثلا يقول المولى وهو يبتسم أفعل كذا يظهر من حاله أنه لا يريد جدا فواضح أن هذه قرينة حالية توجب سلب ظهور صيغة أفعل في الوجوب أو قرينة مقالية أعمل كذا ولك الخيار في الترك.

صاحب المعالم "رحمه الله" قال لو رجعنا إلى اللغة والعرف لوجدنا إن صيغة الأمر تدل على الوجوب فهذا واضح في اللغة العربية إن صيغة الأمر تدل على الوجوب ولكن لو رجعنا إلى استعمالات القرآن الكريم أولا والسنة الشريفة ثانيا وغيرهما ثالثا وهو الاستعمالات العادية لوجدنا أن أكثر الاستخدامات لصيغة الأمر في الاستحباب لا الوجوب وبالتالي صار هذا الاستعمال من الاستعمالات المجازية وهذا الاستعمال المجازي قد يوجب النقل، نقل صيغة الأمر من وضعها في الوجوب إلى وضعها في الاستحباب فإما أن يحصل النقل وإما أن يحصل الحمل يعني بمقتضى شهرة هذا المجاز يحمل اللفظ على المجاز المشهوري وهو الاستحباب ولا يحمل على المعنى الحقيقي وهو الوجوب إذن كثرة استعمال صيغة الأمر في الوجوب إما أن يوجب نقل وضع صيغة الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ولا أقل إما أن نقول إنه يوجب حمل صيغة الأمر على الاستحباب لأن الاستحباب هو المعنى المشهوري لصيغة الأمر لكن لو رجعنا إلى المعالم سنجد أن الشيخ حسن بن الشهيد الثاني صاحب كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين لم يدعي نقل صيغة الأمر إلى الوجوب ولم يدعي حمل صيغة نقلها إلى الاستحباب أو حملها على الاستحباب ولكن ذكر هذا الإشكال الشيخ الآخوند صاحب الكفاية "رحمه الله" يرد على الشيخ حسن صاحب المعالم بثلاثة ردود بثلاث مناقشات:

المناقشة الأولى كما أن استعمال صيغة الأمر في الاستحباب كثير كذلك استعمال صيغة الأمر في الوجوب أيضا كثير فلا يتحقق المجاز المشهوري فكما أن استعمال الصيغة في الندب كثير أيضا استعمال صيغة الأمر في الوجوب أيضا كثير.

المناقشة الثانية تنزلنا وسلمنا إن استعمال صيغة الأمر في الاستحباب أكثر من استعمال صيغة الأمر في الوجوب لكن استعمالها في الاستحباب مصحوب بقرينة تدل على الاستحباب فإذا استعملت صيغة الأمر في المعنى المجازي بقرينة فحينئذ كثرة الاستعمال لا توجب النقل ولا توجب الحمل على المعنى المجازي المشهوري بل إننا نحملها ببركة القرينة المصاحبة لها إذن في هذه الحالة لا يأتي مورد الخلاف في المجاز المشهوري لأنه في المجاز المشهوري إما أن يقولوا بترجيح المجاز المشهوري على المعنى الحقيقي وإما أن يتوقفوا وعندما يتقفوا يلتمس هل توجد قرينة تدل على الوجوب أو تدل على الاستحباب إذن مبنيان في المجاز المشهوري يعني إذا استعملت لفظة في معنى مجازي مشهور وبكثرة ولم يحصل نقل يوجد مبنيان المبنى الأول ترجيح المعنى المجازي المشهوري على المعنى الحقيقي، المبنى الثاني التوقف وتلمس القرائن.

سؤال متى تصل النوبة إلى المبنيين إلى المجاز المشهوري الترجيح أو التوقف؟ الجواب إذا لم توجد قرينة وإما إذا وجدت قرينة مصاحبة للمعنى فيحمل المعنى على المعنى الذي دلت عليه القرينة.

المناقشة الثالثة تفريع على المناقشة الثانية، الرد بالنقض بالعموم إذ اشتهرت هذه المقولة ما من عام إلا وقد خص فالعموم مستخدم حقيقة في العموم ومجازا في الخصوص ولكن كثيرا ما يستخدم العام في الخاص كثيرا ما يذكر اللفظ العام ولا يراد به العام وإنما يراد به الخاص لدلالة قرينة على الخاص فكثرة استعمال العموم في الخصوص لا توجب عدم جواز استعمال العموم في العموم ولا توجب نقل العموم من معناه العام إلى معناه الخاص لأن استخدام العام في الخاص ودلالة العام على الخاص ليس من حق العام بل ببركة القرينة المصاحبة للفظ العام التي دلت على الخصوص، إذن كما أنه في العموم كثر استعمال العموم في الخصوص وكثرة الاستخدام لم تمنع من استعمال العموم في العموم كذلك صيغة الأمر كثر استعمالها في الندب ولكن كثرة استعمال صيغة الأمر في الندب لم تمنع من استعمال صيغة الأمر في الوجوب التي هي موضوعة له لأن دلالة صيغة الأمر على الاستحباب إنما هو ببركة القرينة المصاحبة لصيغة الأمر لا من حق صيغة الأمر إنصافا هذا الرد النقضي يوجب الإسكات.

وكثرة الاستعمال فيه يعني في الندب الاستعمال العهدية وكثرة الاستعمال يعني وكثرة استعمال صيغة الأمر فيه يعني في الندب والاستحباب في الكتاب والسنة وغيرهما غير الكتاب والسنة كالاستعمالات العادية كثيرا ما نستخدم صيغة الأمر في الاستحباب أحضر الشاي هو ما يريد الشاي على نحو الوجوب على نحو الرجحان والاستحباب، لا توجب يعني لا توجب كثرة الاستعمال في الكتاب والسنة وغيرهما نقله إليه، نقله يعني نقل اللفظ إليه يعني إلى الندب أو حمله عليه يعني أو حمل اللفظ عليه يعني على الندب ولو قال لا توجب نقلها يعني نقل صيغة الأمر فهنا لا توجب نقله إليه يعني لا توجب نقل لفظ صيغة الأمر إليه يعني إلى الندب هذا إذا قلنا بالمنقول هذا في المنقول أو حمله عليه يعني لا توجب حمل لفظ صيغة الأمر عليه على الندب هذا في المجاز المشهوري لو قلنا إن صيغة الأمر لها معنى مجازي مشهور وهو الندب، نقله إليه إذا ادعينا النقل نقل صيغة الأمر من معنى الوجوب إلى معنى الاستحباب أو حمله عليه هنا لا ندعي وجود نقل تبقى صيغة الأمر دالة على الوجوب ولكن صيغة فعل الأمر لها مجاز مشهور تحمل عليه هنا أو حمله عليه يعني حمل صيغة الأمر على الندب لأنه معنى مجازي مشهور لثلاث مناقشات:

المناقشة الأول لكثرة استعماله في الوجوب أيضا يعني لكثرة استعمال لفظ صيغة الأمر في الوجوب أيضا، أيضا يعني كما يستعمل لفظ صيغة الأمر في الاستحباب.

المناقشة الثانية مع أن الاستعمال يعني استعمال صيغة الأمر في الندب وإن كثر فيه يعني وإن كثر في الندب إلا أنه يعني إلا أن استعمال صيغة الأمر في الندب كان مع القرينة المصحوبة يعني كان مع القرينة الدالة على الندب المصاحبة لصيغة الأمر ليرجح أو يتوقف، ليرجح يعني ليرجح المعنى المجازي المشهوري هذا المبنى الأول أو يتوقف يعني أو يتوقف لا يحمل اللفظ لا على المعنى الحقيقي ولا على المجاز المشهوري بل يبحث عن وجود قرينة هل توجد قرينة تدل على المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي المشهور، على الخلاف في المجاز يعني على الخلاف في المبنى في بحث المجاز أن المجاز المشهور في مورده هل يحصل توقف أو ترجيح للمجاز المشهور طبعا مع عدم وجود قرينة.

على الخلاف في المجاز المشهور كيف يريد أن يقول كيف يعني هذا استفهام إنكاري يعني كيف تحمل صيغة الأمر على المجاز المشهور ولا تستعمل صيغة الأمر في الوجوب بل يقال إن صيغة الأمر محمولة على المجاز المشهوري يأتي بالدليل الثالث المناقشة الثالثة النقض، وقد كثر استعمال العام في الخاص حتى قيل ما من عام إلا وقد خص ولم ينثلم به يعني بكثرة استعمال العام في الخاص، ظهوره يعني ظهور العام في العموم بل يحمل عليه يعني بل يحمل اللفظ العام عليه يعني على المعنى العام ما لم تقم قرينة بالخصوص يعني قرينة خاصة على إرادة الخصوص يعني على إرادة المعنى الخاص لا المعنى العام، هذا تمام الكلام في المبحث الثاني.

المبحث الثالث يقول الشيخ القوجاني "رحمه الله" في حاشيته على كفاية الأصول[2] يقول الأولى تأخير هذا المبحث عن المبحث الرابع لأن المبحث الرابع يقوم لو سلمنا أن صيغة الأمر ليست موضوعة للوجوب لكن هل هي ظاهرة في الوجوب أو لا ثم يتفرع على ذلك إذا أثبتنا أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب يتفرع هذا البحث الثاني وهو هل الجملة الخبرية في مقام الطلب تدل على الوجوب أو لا؟ تراجع كفاية الأصول مع حاشية القوجاني صفحة 59.

تارة يقول المولى اغتسل، توضأ، اعد يستخدم صيغة فعل الأمر تارة يستخدم جملة خبرية يغتسل، يعيد، يقضي، يتوضأ فهل صيغة الجملة الخبرية ظاهرة في الوجوب أو لا قد يقال إن صيغة الجملة الخبرية ليست ظاهرة في الوجوب لتعدد المجازات فيها قد تستخدم في الوجوب قد تستخدم في الاستحباب قد تستخدم في الأعم من الوجوب والاستحباب وهو الطلب، كيف هي مجازات؟ الجملة الخبرية الأصل فيها أنها تستخدم في الإخبار لا الإنشاء فإذا استخدمت في الإنشاء نقول هل هو إنشاء الوجوب أو إنشاء الاستحباب أو إنشاء الأعم من الوجوب والاستحباب وهو الطلب إذن تعددت المجازات في الجملة الخبرية ولا موجب لتعين أحد هذه المجازات يعني لا يوجد دليل يدل على أن الجملة الخبرية لم تستعمل استعمالا حقيقيا في الإخبار وإنما استعملت استعمالا مجازيا في الإنشاء ولكن لا دليل على إنشاء الوجوب بخصوصه أو الاستحباب بخصوصه أو الأعم منهما بخصوصه إذن مجازية استعمال الجملة الخبرية في الإخبار ليس أقوى من مجازية استعمال الجملة الخبرية في الإنشاء لأنه يوجد مبنى أنه إذا تعددت المجازات وكان أحد المجازات أقوى أو أشهر قدم الأقوى والأشهر فهنا الدعوى لا يوجد مجاز أقوى ولا يوجد مجاز أشهر ولا تقل إن استعمال الجملة الخبرية في الوجوب أقوى من استعمال الجملة الخبرية في الاستحباب أو في الأعم منهما وهو الطلب فإذا تعذر حمل الجملة الخبرية على الوجوب في هذه الحالة لا نستفيد الوجوب من الجملة الخبرية.

الشيخ الآخوند إنصافا في هذا المبحث أبدع كثيرا، الشيخ الآخوند يقول الصحيح إن الجملة الخبرية موضوعة للوجوب وبشكل آكد لأن الجملة الخبرية تقول لابد من وقوعه يعني هو وقع وأنا الآن أخبرك بعد وقوعه كأنما هذا الطلب لابد من وقوعه.

نكرر المطلب الذي ذكره في النقطة الأولى في المبحث الأول في الإيقاع، هناك صاحب الكفاية قال إن صيغة الأمر ليست موضوعة للطلب الحقيقي بل موضوعة للطلب الإنشائي لكن الدواعي تختلف فقد تستخدم صيغة الأمر في الطلب الإنشائي بداعي البعث والتحريم وقد تستخدمها بداعي الدعاء أو التهديد أو التمني أو الترجي أو الاستفهام وما شاكل ذلك ثم في الإيقاظ عد هذا المعنى من صيغة الأمر إلى الصيغ الإنشائية كصيغ التمني والترجي والاستفهام فقال إن صيغة الاستفهام ليست موضوعة للاستفهام الحقيقي بل موضوعة للاستفهام الإنشائي ولكن الدواعي مختلفة فإن استخدمت صيغة الاستفهام للاستفهام الإنشائي بداعي الاستفهام حقيقة دلت على الاستفهام وإن استعملت صيغة الاستفهام في إنشاء الاستفهام أي الاستفهام الإنشائي الإيقاعي لكن بداعي الاستهزاء دلت على الاستهزاء وهذا لا يعني أن الاستعمال مجازي الاستعمال حقيقي استعملت صيغة الاستفهام في الاستفهام لا أنها استعملت في التهديد والاستهزاء والتهكم.

الشيخ الآخوند يقول هنا الكلام هو الكلام ذهب المشهور إلى أن الجملة الخبرية في مقام الطلب قد استعملت في الإنشاء يعني في إنشاء الطلب فيصير الاستعمال استعمال مجازي لا حقيقي لأن الخبر وضع للإخبار لا الإنشاء فإذا استعملت الجملة الخبرية لا في الإخبار وإنما في إنشاء الطلب صار الاستعمال استعمالا مجازيا لأن الاستعمال الحقيقي استعمال الشيء فيما وضع له وهو استعمال الجملة الخبرية في الإخبار الحقيقي والاستعمال المجازي هو عبارة عن استعمال الشيء في غير ما وضع له وهو استعمال الجملة الخبرية في غير الإخبار الحقيقي الذي وضعت له وإنما تستعمل في إنشاء الطلب هذا مبنى المشهور.

صاحب الكفاية يقول نحن أولا لا نرى إن صيغة الجملة الخبرية قد استعملت في إنشاء الطلب فالاستعمال هنا ليس مجازيا وثانيا لا نرى أن الجملة الخبرية قد استعملت في الإخبار الحقيقي لأنه هنا لا يراد الإخبار بل يراد الإنشاء وثالثا بل نرى إن الجملة الخبرية قد استعملت حقيقة في إنشاء الإخبار في الإخبار الإنشائي في الإخبار الإيقاعي لكن بداعي إنشاء الطلب بغرض إنشاء الطلب فإذا استعملت الجملة الخبرية في الإخبار بداعي الإخبار كان الاستعمال استعمالا حقيقيا وكانت الدلالة هي الإخبار وإذا استعملت الجملة الخبرية في إنشاء الإخبار لكن بداعي الطلب كان أيضا الاستعمال استعمالا حقيقيا لأن الجملة الخبرية قد استعملت في إنشاء الإخبار لكن الداعي اختلف ليس الداعي هو الإخبار الحقيقي بل الداعي هو التحريك والطلب والبعث، إذن يقول صاحب الكفاية نحن نخالف المشهور الذي نذهب إلى أن الجملة الخبرية في مقام الطلب قد استخدمت في غير معناها الموضوع له فهي لم تستعمل في الإخبار الحقيقي بل استخدمت في إنشاء الطلب بل نقول إن الجملة الخبرية لم تستعمل في إنشاء الطلب كما يقول المشهور ولم تستعمل في الإخبار الحقيقي بل استخدمت في الإخبار الإيقاعي والإنشائي يعني نريد أن نوقع هذا الإخبار ولكن هذا الإخبار بأي داع، إن كان بداعي الإخبار أفادت الخبر وإن كان بداعي الإنشاء والتحريك والبعث أفادت الوجوب.

الخلاصة يقول صاحب الكفاية إن الجملة الخبرية ليست موضوعة للخبر الحقيقي وكذلك الجملة الخبرية في مقام الطلب لم تستعمل في المعنى المجازي وهو إنشاء الطلب بل الجملة الخبرية في مقام الطلب قد استعملت في معناها الحقيقي، ما هو معناها الحقيقي والوضعي؟ لا تقل الإخبار الحقيقي بل قل إنشاء الإخبار هنا إنشاء الإخبار أو إيقاع الإخبار أو الإخبار الوقوعي بأي غرض وبأي داع إن كان بداعي الإخبار صار الخبر يفيد الإخبار إن كان بداعي الطلب صار يدل على الوجوب، كيف يدل على الوجوب؟ لأنه إذا كانت بداعي التحريك أيهما أقرب إلى التحريك التحريك بنحو اللازم أو التحريك بنحو غير لازم؟ التحريك بنحو لازم هذا هو الأقرب، يعني إذا كان استعمال الجملة الخبرية في الإخبار بداعي وبغرض البعث والتحريك فالأقرب إلى عنوان البعث والتحريك هو الوجوب إلى الاستحباب لأنه في الاستحباب قد لا يتحرك وقد لا ينبعث لكن في اللزوم والوجوب لابد أن يتحرك لابد أن ينبعث بل بشكل آكد كأنما هو لابد من وقوعه.

المبحث الثالث هل الجملة الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب والبعث مثل يغتسل ويتوضأ ويعيد ظاهرة في الوجوب أو لا إذا ليست ظاهرة في الوجوب لماذا ليست ظاهرة في الوجوب؟ يأتي بالعلة لتعدد المجازات فيها، ما هي المجازات المتعددة؟ الوجوب أو الاستحباب أو الأعم منهما وهو الطلب قد تقول ظاهرة في الوجوب لأن الوجوب هو أقوى هذه المجازات وأقربها فيقدم يجيب دفع دخل مقدر وليس الوجوب بأقواها يعني بأقوى المجازات بعد تعذر حملها يعني حمل الجملة الخبرية في مقام الطلب على معناها يعني على معنى الجملة الخبرية، ما هو معنى الجملة الخبرية؟ الإخبار الحقيقي بناء على المبنى المشهور، على معناها الحقيقي؟ ما هو المعنى الحقيقي؟ من الإخبار بثبوت النسبة من بيانية يبين إن المراد بالمعنى الحقيقي الإخبار بثبوت النسبة والحكاية يعني والإخبار عن وقوعها عن وقوع هذه النسبة.

صاحب الكفاية يرجح يقول الظاهر الأول يعني الجملة الخبرية في مقام الطلب ظاهرة في الوجوب بل تكون أظهر من الصيغة يعني بل تكون الجملة الخبرية في مقام الطلب أظهر في الوجوب من الصيغة من صيغة فعل الأمر ثم يشير إلى هذا المطلب الجملة الخبرية في مقام الطلب لم تستخدم في الإنشاء بل استخدم في الإخبار لكن داعي الإخبار هو التحريك.

يقول ولكنه لا يخفى أنه ـ أن الشأن ـ ليست الجملة الخبرية الواقعة في ذلك المقام أي مقام الطلب ليست مستعملة في غير معناها يعني في غير معنى الجملة الخبرية، ما هو معنى الجملة الخبرية؟ الإخبار وهذا ما يقول به المشهور، المشهور يقولون الجملة الخبرية في مقام الطلب هي مستعملة في غير معناها وهو الإنشاء فيصير الاستعمال مجازي، بل تكون مستعملة فيه يعني بل تكون الجملة الخبرية في مقام الطلب مستعملة فيه يعني مستعملة في معناها الإخبار لكن لا تقل الإخبار الحقيقي لأن الإخبار الحقيقي هو الإخبار بداعي الإخبار لكن الجملة الخبرية في مقام الطلب هو الإخبار بداعي الإعلام الإخبار بداعي التحريك والإخبار بداعي الطلب،

قال إلا أنه ليس بداعي الإعلام يعني إلا أن الجملة الخبرية في مقام الطلب قد استعملت في معناها وهو الإخبار لكن ليس بداعي الإخبار بل بداعي البحث والتحريك، بل بداعي البعث بنحو آكد يعني بل بداعي الطلب الأكيد بل بداعي التحريك اللازم حيث إنه أخبر بوقوع مطلوبه، حيث إنه يعني إن المتكلم المخبر، أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه يعني هو استعمل الإخبار بداعي وغرض الطلب حيث إنه ـ المتكلم ـ أخبر بوقوع مطلوبه يعني أخبر أن ما يطلبه قد وقع لكن في مقام طلبه يعني بغرض طلبه يعني بداعي طلب تحققه ـ طلب تحقق مطلوبه ـ إظهارا يعني من أجل إظهار بأنه ـ بأن المتكلم ـ لا يرضى إلا بوقوعه يعني إلا بوقوع مطلوبه، هذه الحيثية أنه لا يرضى إلا بوقوع مطلوبه هذه تدل على الوجوب بشكل أكيد يعني كأنما الشيء وقع والآن يخبر عن وقوعه يعني لا تسأل عنه هذا مفروغ عنه.

فيكون يعني فيكون استعمال الجملة الخبرية في الإخبار بداعي البعث آكد في البعث من الصيغة يعني من صيغة فعل الأمر يعني آكد في الوجوب من صيغة فعل الأمر كما هو الحال في الصيغ الإنشائية مثل الاستفهام قلنا صيغة الاستفهام ليست موضوعة للاستفهام حقيقة بل موضوعة للاستفهام بدواعيه المختلفة فإن استعمل الاستفهام بداعي الاستفهام صار الاستفهام حقيقيا وإن استعملت في الاستفهام بداعي التهديد هذا أيضا استعمال حقيقي لأنه استعمل الاستفهام في الاستفهام هنا نفس الشيء لا تقل في الجملة الخبرية قد استعملت في الإخبار حقيقة الإخبار الحقيقي يعني استعماله في الإخبار بداعي الإخبار والإعلام هذا غير صحيح بل قل الجملة الخبرية استعملت في الإخبار وهذا معنى حقيقي استعمال الجملة الخبرية في الإخبار له دواعي الداعي الأول داعي الإخبار هذا يفيد الإخبار الحقيقي الداعي الثاني داعي الطلب هذا يفيد أن الجملة الخبرية في مقام الطلب تفيد الوجوب الأكيد.

كما هو الحال في الصيغ الإنشائية مثل الاستفهام والتمني والترجي على ما عرفت من أنها ـ الصيغ الإنشائية ـ أبدا يعني دائما تستعمل في معانيها الإيقاعية يعني تستعمل في الاستفهام الإيقاعي التمني الإيقاعي الترجي الإيقاعي ولا تقل الاستفهام الحقيقي والتمني الحقيقي والترجي الحقيقي، الترجي الحقيقي هذا داعي من الدواعي لكن بدواعي أخر قد تستخدم صيغة الاستفهام في الاستفهام الإيقاعي الإنشائي بداعي آخر بداعي التهكم بداعي التهديد بداعي التعجيز كما أمر، مر في الإيقاظ من الفصل الأول إيقاظ لا يخفى أن ما ذكرناه في صيغة الأمر جار في سائر الصيغ الإنشائية مضى في إيقاظ المبحث الأول.

إشكال قد يقال يلزم الكذب أنت تخبر عن شيء ولا يقع، الله "عز وجل" أو النبي لما يقول يعيد هذا المكلف ما أعاد، يصلي هذا المكلف ما صلى، يصوم هذا المكلف ما صام فيلزم أن هذا الإخبار إخبار كاذب لأنك تخبر عن شيء لم يقع.

جواب الشيخ صاحب الكفاية يجيب يقول يلزم الكذب إذا أتي بالإخبار بداعي الإخبار والإعلام أما إذا أتي بالإخبار بداعي الطلب لا يلزم الكذب حتى لو لم يقع الشيء الله "عز وجل" أو النبي لما يقول يعيد يصلي يصوم هو أخبر بالصيام ووقوع الإعادة والصلاة لا بداعي الإخبار والإعلام بل بداعي إيقاع الإعادة وإيقاع الصيام وإيقاع الصلاة فإذا لم يصلي لا يلزم الكذب، يلزم الكذب إذا جاء بالإخبار بداعي الإخبار وأما إذا جاء بالإخبار بداعي الطلب لا يلزم الكذب.

يقول هذا له موارد في الكنايات تقول زيد كثير الرماد، المراد بكثير الرماد يعني من كثرة ما يأتون له الضيوف حوافر الخيول تجعل دائما الرماد مرتفع أو كثير الرماد بمعنى أن شعلة النار دائما مشتعلة لأنه يشوي ويطبخ لضيوفه يمكن هذا الذي نقول بحقه كثير الرماد أصلا لا عنده نار ولا خيول، مثل الآن في زماننا هذا لا رماد موجود الشوارع مبلطة بالإسفلت ولا يوجد نار في الطريق حتى يبين ولا يلزم الكذب لأنك أخبر بكثرة الرماد لا بداعي الإخبار بكثرة الرماد بل بداعي الإخبار بالكرم وقد تحقق.

وهكذا تقول زيد مهزول الفصيل ـ أبن الناقة ـ إذا أنت دائما حليب الناقة تعطيه للضيوف ولدها الفصيل يصير هزيل ضعيف فقالوا فلان مهزول الفصيل يعني هذا فصيل الناقة ما يشرب حليب من أمه فصار ضعيف لأن حليب أمه يذهب إلى الضيوف هذا كناية عن الكرم، تقول فلان مهزول الفصيل هو أصلا ما عنده ناقة ورغم ذلك لا يلزم الكذب لأن الإخبار بهزالة الفصيل لا يراد به هذا المعنى الحقيقي لا يراد به الإخبار بداعي الإخبار بل يراد به الإخبار بداعي الإخبار بالكرم.

قال لا يقال كيف يعني كيف يلزم الكذب من استعمال الجملة الخبرية في مقام الطلب إذا لم يقع ولم يأتي المطلوب منه بما طلب منه لا يقال كيف ويلزم الكذب كثيرا لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج، كثرة عدم وقوع المطلوب كذلك يعني إذا استعملت الجملة الخبرية في مقام الطلب في الخارج فإن الكثير ممن استعملت في حقهم الجملة الخبرية لا يأتون بالمطلوب تعالى الله وأوليائه عن ذلك يعني عن الكذب الكثير علوا كبيرا فإنه يقال إنما يلزم الكذب إذا أتي بها يعني بالجملة الخبرية في مقام الطلب بداعي الإخبار والإعلام لا لداعي البعث والتحريك كيف يعني كيف يلزم الكذب، كيف تقول إنه يلزم الكذب وإلا يلزم الكذب في غالب الكنايات فمثلا زيد كثير الرماد أو مهزول الفصيل لا يكون كذبا إذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رماد أو فصيل أصلا وإنما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ فإنه مقال بمقتضى الحال، هذه مقال بمقتضى الحال هذا سر البلاغة يقولون الطلب الوجوبي المدلول من الجملة الخبرية ابلغ من صيغة فعل الأمر، ما هو وجه البلاغة؟ يقول فإنه يعني الجملة الخبرية في مقام الطلب مقال بمقتضى الحال هذا هو تعريفهم للبلاغة موافقة الكلام لمقتضى الحال.

يقول صاحب الكفاية إما أن نلتزم أن الجملة الخبرية موضوعة للإخبار والإخبار له دواعي ومن الدواعي الطلب بناء على هذا المبنى مبنى صاحب الكفاية تصير الجملة الخبرية موضوعة للإخبار وله دواعي من هذه الدواعي الطلب فيصير الاستعمال حقيقي لا مجازي وإذا أنكرت قد واحد يقول لا نحن نلتزم الجملة الخبرية موضوعة للإخبار الحقيقي لا لمطلق الإخبار والإخبار قد يكون في الوجوب وقد يكون في الاستحباب، صاحب الكفاية يقول نتمسك بمقدمات الحكمة لحمل الجملة الخبرية على الطلب الوجوبي لأن المتكلم في مقام بيان تمام مراده ولم يأتي بقرينة تدل على الاستحباب إذا لم يأتي تدل على الاستحباب إذن أراد الوجوب إذن استفادة الوجوب إما من النكتة التي ذكرها صاحب الكفاية وإما من مقدمات الحكمة.

مع أنه إذا أتي بها ـ الجملة الخبرية ـ في مقام البيان الجملة الخبرية في مقام الطلب إذا أتي بها في مقام البيان يعني كان المتكلم في مقام البيان، فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها ـ لحمل الجملة الخبرية ـ على الوجوب فإن تلك النكتة وهو أن الجملة الخبرية تستخدم في الإخبار بدواعي مختلفة لا في خصوص الإخبار الحقيقي فإن تلك النكتة إن لم تكن موجبة لظهورها فيه يعني ظهور الجملة الخبرية في مقام الطلب فيه ـ في الوجوب ـ فلا أقل من كونها ـ كون تلك النكتة ـ موجبة لتعيينه يعني تعيين الوجوب من بين محتملات ما هو بصدده، ما هي المحتملات؟ الاستحباب، إما وجوب وإما استحباب والاحتمال الثالث الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب، فإن شدة مناسبة الإخبار بالوقوع مع الوجوب هذه الشدة موجبة لتعين إرادته ـ إرادة الوجوب ـ إذا كان يعني المتكلم بصدد البيان مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره يعني على غير الوجوب يعني لم ينصب قرينة خاصة على الاستحباب فافهم لعله إشارة إلى دقة المطلب ودقة المطلب الذي ذكره صاحب الكفاية وهو أن الجملة الخبرية لم تستخدم في الإنشاء كما قال المشهور ولم تستخدم في الإخبار الحقيقي بل استخدمت في الإخبار بدواعي مختلفة، هذا تمام الكلام في المبحث الثاني والثالث المبحث الرابع يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo