< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

44/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الثاني: امکانیات المسجد /دلالة الروايات: القسم الاول من الطائفة الاولی

 

کما قلنا من قبل أن رجحان تعلم مطلق العلم يحتاج الى دليل يدل عليه.

أما الاستدلال علی رجحانه بکتاب الله عزوجل فالحق أن لسان الكتاب في فضل تعلم مطلق العلم؛ هو لسان الاطلاق؛ لكنه بحسب الانطباق على مورد الآيات في كتاب الله عزوجل لايمكن التمسك باطلاقها، بل لابد من القول باختصاصها بعلم الدين.

كما قال السيد الطباطبايي& في تفسيره (الميزان):

«وقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[1] ؛ العلم وعدمه مطلقان لكن المراد بهما بحسب ما ينطبق على مورد الآية العلم بالله وعدمه فإن ذلك هو الذي يكمل به الإنسان وينتفع بحقيقة معنى الكلمة ويتضرر بعدمه، وغيره من العلم كالمال ينتفع به في الحياة الدنيا ويفنى بفنائها»[2] .

وأما الاستدلال بالروايات والنصوص على رجحان تعلم العلم أو رجحان تعلم العلم الديني فكثيره جدا بل هي طوايف.

الاولی: الاخبار التي تدل علی الزام الناس بتعلم العلم.

الثانية: الاخبار التي تدل علی فضل العلم وفضل تعلمه.

الثالثة: الاخبار التي تدل علی فضل مقام العلماء وعظمتهم.

اما الطائفة الاولی فهي کذلک تنقسم الی ثلاثة اقسام:

القسم الاول: الاخبار التي وردت بالفاظ الوجوب والفرض.

القسم الثاني: الاخبار التي وردت بلفظ الامر او ما شابهه وتبين لنا وجوب التعلم.

القسم الثالث: الاخبار الناهية عن ترک التعلم.

ففي المباحث الماضية قد تعرضنا للقسم الأول من الطائفة الاولي فقط من جهة السند وبقي البحث فيها حول دلالتها علي المطلوب وعدم دلالتها.

وهنا نبدأ بالبحث حول دلالة الروايات.

لاشك في أن دلالة هذه الروايات ليست واضحة ولا تدل علي المطلوب.

بل الأقوال الكثيرة موجودة فيها كما أشار اليه البعض.

يقول الغزالي في كتابه «احياء العلوم»:

«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلَبُ العلم فريضة على كل مسلم" وقال أيضاً صلی‌الله عليه وسلم: "اطلبوا العلم ولو بالصين" واختلف الناس في العلم الذي هو فرض على كل مسلم فتفرقوا فيه أكثر من عشرين فرقة ولا نطيل بنقل التفصيل ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده فقال المتكلمون هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله سبحانه وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه إذ به تعرف الْعِبَادَاتُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَمَا يُحَرَّمُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وما يحل وعنوا به ما يحتاج إليه الآحاد دون الوقائع النادرة وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها وقال المتصوفة المراد به هذا العلم فقال بعضهم هو علم العبد بحاله ومقامه من الله عز وجل.

وقال بعضهم: "هو العلم بالإخلاص وآفات النفوس وتمييز لمّة الملك من لمة الشيطان".

وقال بعضهم: "هو علم الباطن وذلك يجب على أقوام مخصوصين هم أهل ذلك، وصرفوا اللفظ عن عمومه"»[3] .

بناء على ذلك أن الروايات من حيث الدلالة واضحة الدلالة.

لماذا؟

لأن المفردة التي كانت مشتركة بين جميع الروايات والنصوص هي عبارة عن مفردة (العلم) في (طلب العلم فريضة) وفي مقام الدلالة لابد من الالتفات والفحص عن معني هذه المفردة وهي العلم؟

لا شك في أن هذه المفردة هي التي وردت في القرآن الكريم والأخبار واستعملت في ثلاثة معاني.

يعني اذا وردت مفردة (العلم) بشكل مطلق ولم يقيد بقيد توضيحي ولا احترازي،

يحتمل فيها ثلاثة معاني:

الأول: مطلق العلم.

الثاني: علم الدين. اي المعارف الدينية.

الثالث: العلم الذي اقترن بالعمل.

فبعد هذه المقدمة يجب أن نبحث عن مراد المعصوم من استعمال مفردة العلم؟

بناء على الاحتمال الأول فتدل على رجحان تعلم مطلق العلم؛ يعني اذا وردت مفردة العلم في حديث (طلب العلم فريضة)؛ يعني تدل على أنه يجب عليك واجبا تعيينيا تعلم مطلق العلم أيا كان العلم من العلم الديني وغيره.

سؤال: هل يمكن القول بهذا؟ يعني هل يمكن القول بوجوب عيني تعلم مطلق العلوم على الانسان المسلم؟

كيف يمكن القول بهذا في حين أن هذا تكليف بما لا يطاق! لأن الانسان المسلم لا يقدر علي تعلم جميع العلوم ومطلق العلم! والتكليف لابد وأن يكون مقدورا للمكلف واذا كان خارجا عن قدرة المكلف فمستحيل ولايصدر من حكيم.

بناء على ذلك لا يكن القول بالاحتمال الأول فريضة العلم الا على القول بالتصرف في معني الفريضة ودلالتها، أو التصرف في دلالة مفردة العلم.

يعني لو نريد الخروج من هذه المعضلة فيجب القول بأن (الفريضة) التي وردت في الحديث استعملت بمعنى الرجحان أي الاستحباب لا الوجوب.

يعني نتصرف في معنى الفريضة ونفهم منه الاستحباب.

ولكنه من الواضح عدم صحة القول بهذا الاحتمال وعدم امكان القول به، لأن الفريضة ظاهر في الوجوب العيني وانصرافه عن المعنى الظاهر من دون وجود قرينة تكلف وتعسف!


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo