< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

44/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/ الباب الثاني: امكانيات المسجد /اتخاذ المسجد مجلساً للحوار

 

مما ينبغي الحديث حوله في باب امكانيات المسجد الحضاري عبارة عن الحديث والبحث حول امكانية جعل المسجد مجلسا ومركزا للحوار في المجتمع الانساني أم لا؟ يعني هل يمكن أن نستفيد من المسجد لنشر ثقافة الحوار في المجتمع او لا؟

ولا شك في أهمية هذا المبحث في امكانيات المسجد، لأن للحوار بين الاديان والمذاهب والرسالات السماوية وأصحاب المقالات والفرق دورا واسعا وکبيرا في العقيدة والأخلاق والسياسة والاجتماع والتاريخ، حتی ان القرآن الکريم قد صرح بالحوار بين الاديان بشکل واضح وبين اسلوبا صحيحا لهذه الطريقه المعروفه.

وقبل ذلك لابد من الالتفات الى أن القرأن الكريم بدأ بالدعوة والتبليغ من خلال الحوار الصحيح.

{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[1] .

وهذه الآية المباركة توكد على الدعوة الى سبيل الرب وهو الدين الذي يودي الوصل الى القرب من الله عزوجل؛ ومضافا الى ذلك تبين الأصول الحاكمة على الدعوة والتلبيغ من الحكمة والموعظة الحسنة والجدال الأحسن.

ففي ذلك قال العلامة الطباطبائي& في تفسير الميزان :

«قوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[2] ؛ إلى آخر الآية لا شك في أنه يستفاد من الآية أن هذه الثلاثة الحكمة والموعظة والمجادلة من طرق التكليم والمفاوضة فقد أمر بالدعوة بأحد هذه الأمور فهي من أنحاء الدعوة وطرقها وإن كان الجدال لا يعد دعوة بمعناها الأخص. وقد فسرت الحكمة ـ كما في المفردات[3] ـ بإصابة الحق بالعلم والعقل. والموعظة كما عن الخليل[4] ـ بأنه التذكير بالخير فيما يرق له القلب. والجدال ـ كما في المفردات[5] ـ بالمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة. والتأمل في هذه المعاني يعطي أن المراد بالحكمة ـ والله أعلم ـ الحجة التي تنتج الحق الذي لا مرية فيه ولا وهن ولا إبهام. والموعظة هو البيان الذي تلين به النفس ويرق له القلب، لما فيه من صلاح حال السامع من الغبر والعبر وجميل الثناء ومحمود الأثر ونحو ذلك. والجدال هو الحجة التي تستعمل لفتل الخصم عما يصر عليه وينازع فيه من غير أن يريد به ظهور الحق بالمؤاخذة عليه من طريق ما يتسلمه هو والناس أو يتسلمه هو وحده في قوله أو حجته. فينطبق ما ذكره تعالى من الحكمة والموعظة والجدال بالترتيب على ما اصطلحوا عليه في فن الميزان بالبرهان والخطابة والجدل. غير أنه سبحانه قيد الموعظة بالحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ففيه دلالة على أن من الموعظة ما ليست بحسنة ومن الجدال ما هو أحسن وما ليس بأحسن ولا حسن والله تعالى يأمر من الموعظة بالموعظة الحسنة ومن الجدال بأحسنه»[6] .


[3] - ر.ک: مفردات ألفاظ القرآن، ص249.
[4] - ر.ک: کتاب العین، ج2، ص228.
[5] - ر.ک: مفردات ألفاظ القرآن، ص189.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo