< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

44/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/ الباب الثاني: امكانيات المسجد / اتخاذ المسجد مجلساً للحوار

 

كما قلنا في الدرس الماضي مما ينبغي الحديث حوله في امكانيات المسجد، هو الحديث حول امكانية المسجد في جعله مجلسا ومركزا للحوار الاسلامي.

لأن الحوار مما أكد عليه الاسلام والقرآن في دعوة الناس الى الله وقال:

{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[1] .

ومن خلال هذه الأية قد بين أصولا وقواعد كلية حاكمة علي الحوار هي الحكمة والموعظة الحسنة والجدال الأحسن.

الحكمة قد فسرت بالبرهان.

وفسر أهل اللغة الموعظة وقال:

«وَعْظ: النُّصْح وَالتَّذْكِير بِمَا يُقَوِّمُ الْأَخْلاقَ وَالأَعْمَالَ»[2] .

ففي تاج العروس: «الوَعْظُ: النُّصْحُ وَالتَّذْكِيرُ بالعَوَاقِبِ»[3] .

«(الْوَاعِظ) من ينصح وَيذكر وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر»[4] .

«وَعَظَ الفَقِيهُ النَّاسَ: ذَكَّرَهُمْ بِمَا يَحْمِلُهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَيَجْعَلُهُمْ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيُصْلِحُونَ مِنْ سِيرَتِهِمْ، أَرْشَدَهُمْ»[5] .

وأما الجدال فقد ورد عن الشيخ الطوسي& في تفسيره:

«{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[6] ؛ وحقيقة المجادلة المقابلة بما يقبل الخصم من مذهبه بالحجة أو شبهه ... والفرق بين الجدال والحجاج: ان المطلوب بالحجاج ظهور الحجة، والمطلوب بالجدال الرجوع عن المذهب. والمراء مذموم لأنه مخاصمة في الحق بعد ظهور الحق كمري الضرع بعد دروره، وليس كذلك الجدال. وفي الآية دلالة على حسن الجدال في الدين، لأنه لو لم يكن حسناً لما استعمله نوح مع قومه، لأن الأنبياء لا يفعلون إلا ما يحسن فعله»[7] .

وكذلك بدأ عزوجل ببشارة الأشخاص الذين يهتمون باستماع قول القائلين ثم يتبعون أحسنها بعد الاستماع والتأمل وقال:

{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ[8] ‌*‌ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}[9] .

وهذه أيضا توكد على ضرروة الحوار بين أصحاب الفكر في المجتمع، لأن لازم الاستماع واتباع أحسن الأقول، وجود الحوار فيما بين أفراد وأصحاب القول، كي يستطيع الانسان للاستماع واتباع الأحسن.

فالحوار مما يوكد عليه القرآن الكريم في الآيات العديدة.

بناء على ذلك أن الحوار موضوع قرآني أكد عليه في القرآن الكريم، والمساجد كذلك بني لأجل القرآن وكمابينا في محله أن المساجد أنما بينت للقرآن كما روي عن رسول الله|: «إِنَّمَا نُصِبَتِ الْمَسَاجِدُ لِلْقُرْآن‌»[10] .

ومن الواضح أنه اذا قلنا بأن المساجد بنيت للقرآن يستلزم الاهتمام بالقرآن والأمور القرآنية في المساجد، لأن الأهتمام بالأمور القرآنيه تعتبر من أبعاد هوية المساجد.

ومما يدل على أهمية الحوار في المسجد متا ورد عن رسول اللّه|: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا لِيَتَعَلَّمَ خَيْراً أَوْ لِيُعَلِّمَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مُعْتَمِرٍ تَامِّ الْعُمْرَةِ وَمَنْ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا لِيَتَعَلَّمَ خَيْراً أَوْ لِيُعَلِّمَهُ فَلَهُ أَجْرُ حَاجٍّ تَامِّ الْحِجَّة»[11] .

وروي عن رسول الله|: «مَن جاءَ مَسجِدي هذا لَم يَأتِهِ إلّا لِخَيرٍ يَتَعَلَّمُهُ أو يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنزِلَةِ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللّهِ، ومَن جاءَ لِغَيرِ ذلِكَ فَهُوَ بِمَنزِلَةِ الرَّجُلِ يَنظُرُ إلى مَتاعِ غَيرِهِ»[12] .

ومن الواضح أن مجيء الناس الى المسجد للتعلم وأو للتعليم في الحقيقة تاكيد على الاهتمام بالحوار بين المعلم والمتعلم ف يالمسجد.

ولاشك أن الحواى ينقسم الى أقسام: منها الحوار بين المعلم والمتعلم.


[2] - معجم الغني (عبدالغني أبوالعزم)، در سایت معاجم به آدرس، www.maajim.com/dictionary/وعظ.
[5] - معجم الغني (عبدالغني أبوالعزم)، در سایت معاجم به آدرس، www.maajim.com/dictionary/وعظ.
[6] - هود: 11/32.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo